أخر الاخبار

رواية نفق الجحيم الفصل الثالث والرابع بقلم ريناد يوسف

رواية نفق الجحيم 

الفصل الثالث والرابع 

بقلم ريناد يوسف

النهارده اول يوم ينزل كرار الشغل وقام الصبح بدري على صوت اخوه عزت المزعج وهو بيصحيه بفرحه واضحه فنبرة صوته:

- قوم ياحيلتها.. قوم النهارده اول يوم ليك فعالم الرجوله.

فاق كرار من نومه وهو عينفخ ويفش ورمي الغطى من فوقه، وقام وهو عيستغفر ربنا، واتلفت حواليه ومن الشباك القزاز اللي عيطل على حوش البيت شاف الدنيا لساها مغبشه، والصبح مصبحش زين! .. غمض عنيه ونفخ بغلب ودخل عالحمام، اتشطف وراح عالموطبخ وشاف امه ومرت عمه واخواته البنات التنين وبنات عمه التنين واقفين على الكوانين وعيعملوا الفطور!

صبح عليهم وجاتله امه جري، حبته على خده وفضلت توصيه يطول باله على ابوه النهارده ويتحمل رزالة اخوه عزت ويعدي يومه علي خير؛ لغاية ماربنا يعدلها. ووعدته انه مش هيطول في شغل الحفر، هما كام يوم بس على عقل ابوه؛ وبعدها هترجع الامور تاني على هواه وكيف مايحب. 

هزلها كرار دماغه بموافقه مرغم عليها، وراح علي اوضته لبس خلجات يناسبوا الشغل، وطلع لقي ابوه وعمه وعيال عمه التنين، واخواته التنين، وجدته وجده كلهم قاعدين على الطبالي، والحريم عتجيب في الوكل وتحط قدامهم ويتحركوا بنشاط كيف خلية نحل فايقه الصبح نشيطه! . 

وكل ديه عيحصل فوكت كرار كان فاكر ان الناس كلها فيه عتكون نايمه زي حلاته!.. اتاري يومهم عيبتدي بدرى قوي ويومه هو بالنسبالهم يتحسب نص يوم بس! 

راح كرار ناحيتهم وهو باصص لعزت اخوه اللي من اول ماعيونهم اتلاقت وهو عيحاول يخفي إبتسامته عن الكل بس الشماته باينه فعنيه وكرار واعيها زين.


توفيق اول ماشاف كرار قرب ووقف جار الطبليه بص بعيد عنه بزعل وقاله:

تعالا قنبر إهنه واتريق يومك طويل وفي الموقع مفيش وكل.. مهتاكلش غير بعد ماتخلص شغل وتعاود، ومهتلقاش غير الميه تقربع فيها لما تتغمي لو شربتها على معده خاليه. 


حوريه جات من الموطبخ ماسكه فيدها طبق كحروت مسلوق ومدحرجاه في السمن البلدي عاملاه مخصوص لكرار عشان عيحبه وحطته قدامه وطبطبت علي ضهره وهي عتقوله:

كل ياحبيبي واسمع حديت ابوك انت طالع على شقى وتعب. 

خلصت حديتها واتعدلت من ميلانها وشافت توفيق عيبصلها بغضب، وعرفت انه هيسمعها كلمتين واعرين بسبب طبطبتها علي كرار وحنيتها عليه دوناً عن الكل، واللي توفيق عيكره يشوفها عتعمله  قدامه، ورامي لوم بوظان كرار واللي فيه دا علي جلعها الزايد ليه من يوم ماولدته. 


اتحركت من جارهم قوام، وبمجرد مامشيت، وقبل ماكرار يمد يده علي طبق البيض كان عزت مادد يده ومتلافي منيه اتنين، حط وحده فخشمه مره وحده ووحده قدامه.. وهو عمل اكده وكرار زعق فيه بغيظ وقاله:

-ايه الطفاسه والسَعر اللي إنت فيه ديه يابارد انت. 

وقبل ماعزت يرد رد عليه ابوه:

مالك ياكرار اتنجمت ياك؟ مالوكل كتير قدامك! فيها ايه لما اخوك يتلافه من صحنك حاجه؟ مش هتبطل الانانيه والعفاشه اللي انت فيها داي ولا ايه.. اتعلم تحب اخواتك واللي فيدك متعزهوش عليهم مهما كان قليل وملوش قيمه أو كتير وغالي عليك. 

وحط فبالك ان اللي النهارده فيدك ومش فى يد اخوك، بكره هيكون فى يد اخوك ومش فى يدك.. واللي هتلافيه بيدك هتتلافاه تاني وهيتردلك بالهبابه. 


كرار بغلب: يابوي كل الموال ديه عشان  بيضه! الطبق اهه خليه ياكله كله ياعمي اني معاوزش منيه خالص. 

بس يكون فمعلومك يابوي.. ولدك عزت طول عمره عينه عاللي فيدي وعيحب ياخده حتي لو مش محتاجه.. هو عيحب يقهرني مش اكتر..وبدال ماتكلمني أني عالانانيه والعفاشه.. كلم ولدك على الحكد  والاستكتار والبصه للي مع الغير. 

خلص حديته وقام من ع الوكل وطلع لبره البيت.. واول ماطلع شاف ابو دراع عيجر فمكنة الميه وعيشبكها فالحمار عشان يوديها عالمسقى ويروي الارض. 


كرار :صباح الخير يازفت انت كمان. 

ابو دراع: واه؟! 

كرار: مالك ياد؟ 

- ماليش.. بس هو ايه اللي هيوحصول النهارده قايم بدري؟.. ولا منمتش من عشيه ولا ايه؟ 

كرار: له نمت ياخوي وشبعت نوم.. انت ناسي اني هنزل معاهم الشغل من النهارده ولا ايه آني مش قايلك من عشيه! 


- ههههههههه والله والفرخ هيكبر ويبقي راجل ودراعه هيجيب الخير. 

كرار بعصبيه: هتعملي كيف عزت ياخي انت التاني، مش كفايه عليا تقطيمه ليا من عشيه وبصاته المليانه شماته عالصبح ولؤمه اللي سد نفسي وكدرني!


ابو دراع كشر واختفت ضحكته ورد عليه: وليه يكدرك عزت الكلب؟

هملهولي اني النهارده هخليه يحرم يقولك نص كلمه ولا عينه تترفع فعينك، وبدال ماهو اللي فرحان فيك هقلبلك اني كفة الميزان واخليه يتدس منك عشان متتمقلتش عليه.

جرجرهولي بس إنت النهارده فاخر النهار عالساحه وقوله ابو دراع هينازل النهارده وهمل الباقي عليا.

دا ماعاش اللي يكايدك واني على وش الدنيا، هو نسا اننا متخاويين بالدم واللي يزعل اخوي يبقي جنى على روحه ولا ايه؟ 

كرار: عزت معينساش حاجه واصل بس هو اللي مغشم حاله ومستضعفني. 


أبو دراع:

ماقولنا لا عاش ولا كان.. علي العموم النهاردة نعرفوة مقامه ونوروه مين الضعيف فيكم. 


اتبسم كرار وقرب من  ابو دراع وحضنه وهمسله جار ودنه: كفو ياأخ مجابتهوش امي.. كفوا يا سند كرار وحامي ضهره. 

قالها وبعد عن حضنه وابو دراع طبطب علي دراعه وقاله: 

روح ياخوي واشتغل وبينله انك ارجل منيه واشد واقوى..ووري ابوك والكل ان كرار راجل ماهوش مدلدل ولا ني ولا بجم كيف ماالكل عينعته.. واني هوريه إنك مش هفيه ليه يتشمت فيك.. صوح هو اخوك.. بس آني اخوك اللي هبقي معاك علي اخوك، وولد عمك، وع الغريب، وكل اللي يأذيك. 

قالها واتحرك من قدام كرار بعد ماضرب الحمار عشان يمشي وهو شال خرطوم المكنه علي كتفه ومشى وراه. 


اتجمعوا الشباب كلهم بره البيت  بعد ماخلصوا فطور وتوفيق علي راسهم وطلعوا بالعربيه الفورد بتاعتهم كلهم سوا محشورين فيها حشر.. صفوت وسلام نزلوا على الطريق عالموقع القديم اللي كانوا واخدين فيه شغل قبل سابق عشان يشوفوا تشطيباته وصلت لحد فين،

وكرار وعزت ومعروف كملوا عالموقع بتاع النفق مع أبوهم وعمهم نعيم. 


بعد ساعات من الشغل.. 

كرار وهو عيمسح عرق أول نوبه يعرف إنه عينزل فعز الشتا:

ايه الحر ديه وايه الشمس اللي فعز الشتا داي وأيه التعب ديه؟

عزت بضحكه: عشان تشوف الرجال عتعمل ايه وانت قاعد في البيت نايم في الضل، ويوم ماتطلع من البيت تطلع تتمشي ساعة العصاري وتتشاكل مع خلق الله.. شوف الفلوس اللي عتصرفها عتاجي منين وكيف.


رد عليه كرار بغضب من كل التعب اللي حاسس بيه 

:أنت تخرس خالص ومسمعش حسك ولا نَفسك حتي.. أصلاً إنت سبب كل المشاكل اللي فحياتي.. ياخي حل عني عاد وطلعني من دماغك مش فيه معاك اخ تاني غيري أسمه صفوت، سايبه وماسك فخُناقي انا ليه؟


عزت: الاخ التاني معيعملش حاجه تفور الدم ولا تخليني افتح خشمي عليه حتي.. اصلاً محدش غيرك فوِلد بيت كارم عيغلط.


اتجاهل كرار عزت وهجومه عليه ومرضيش يزود معاه في الكلام لأنه عارف ان عزت لو لقي منيه رد مش هيبطل رط خالص، وهو فالساعادي مفهوش أي طاقه لكتر الحديت أو المجادله.. لكنه واصل الشغل بقلب من نار ودراع من حديد ميتناسبوش ابداً مع واحد اول مره يندلي الشغل، ولا اول مره فحياته يسوق مُعدة تقيله! 

وكل ديه تحت عيون عزت اللي قاعد ومراقب كل حركة عيعملها كرار بعيون صقر متابع فريسته ومستنيلها لحظة ضعف يهجم عليها فيها ويسمعه مالا اذن تحب السمع ولا نفسُ تطيق. 


وأخيراً خُلص اليوم.. واللي اتعلم فيه كرار اساسيات السواقه كلها والحفر، وعلي آخر اليوم كان سايق الجرافه كنه سواق بقاله شهور عيتعلم مش أول نوبته في السواقه، 

ودا كان انجاز بالنسباله وبالنسبه للكل ومحدش كان متوقع منيه النتيجه داي من أول يوم واصل..

لا ابوه ولا اخواته وعمه ولا حتى العمال.. لكنه داس علي روحه وجه علي نفسه واشتغل الشغل دا كله عشان يغير صورته فعيون الكل كيف ماوصاه ابو دراع ،وكمان عشان ميديش الفرصه لعزت انه يشمت فيه ويتشفي ويفرد قلوعه عليه قدام الناس بمعرفته وخبرته ويعامله كانه عيل صغير وهو وصي عليه وعيعلمه. 


اتشطف كرار واستعد  للرحيل مع الناس بعد أصعب يوم مر عليه فحياته، حس فيه أن حتي روحه تعبت مش بس جسمه، وركبوا العربيه اللي جم فيها وحودوا علي الباقيين في الموقع التاني خدوهم وعاودوا للبيت، ومفضلش في المواقع غير الغفيرين اللي عيبيتوا يحرسوا المعدات بالليل. 


وبمجرد وصول كرار للبيت راح على خليله اللي كان قاعد علي المصطبه قدام داره  واللي بمجرد ماشاف كرار ابتسم ودارى ابتسامته قوام، لكن كرار كان شافها بوضوح. 

قعد جاره وملامحه اتألمت بمجرد ماقعد من التعب، وبص لابو دراع وقاله:

عتفصخ بضبك ليه ياد إنت؟ ولا متفصخش ليه! قاعد ياخوي مرتاح في السهرايه انت وغيرك طِلعت روحه النهاردة في الشغل. 


رد عليه ابو دراع وهو عيرجع بضهره لورا عالحيطه ويسند دماغه على اديه اللي شبكهم فبعض وعيبص للشجر الجديد اللي قلمه كله النهاردة، والجنينه المرويه كلها، ورد عليه بهدوء:

اللي عتقول عليه قاعد مرتاح ديه عمل شغل النهاردة لا انت ولا عشره معاك تقدروا تخلصوه فيوم واحد.. بس انت معاك حق فأني صوح مرتاح. مرتاح واني شايف الشجر مروي وشبعان ميه وبالل ريقه.. مرتاح واني مقلم شجراتي ومنضفهم ومخليهم كيف العرسان عيتمايلوا بخفه مع نسايم الهوا، بعد ماخفيت حمولهم اللي ملهاش عازه، وشلت فروعهم الميته الناشفه.. مرتاح واني حاسس اني عامل اللي عليا ومواراييش ايوتها حاجه. 


كرار بص علي الشجر والجنينه وشاف ان كلام أبو دراع مظبوط وانه صوح عمل شغل كتير النهاردة.. لكنها مش غريبه عليه لأنه دايماً عيشتغل شغل عشر رجاله من غير مايحس بأيوتها تعب، 

ودايماً ابوه توفيق يعرض عليه انه يجيبله عيلين يساعدوه في شغل الجنينه وتقليم الشجر حتي لكنه معيرضاش ويقوله الجنينه ممحتاجاش غيري، ووكت مااقصر ولا اغلب فيها هقولك تجيبلي اللي يساعدني. 

رد عليه كرار بجملته المعتادة اللي دايماً يقولهاله هو وكل شباب البلد: 

يابوي انت ممسوس قلنهالك الف مره وعرفنا اللي فيك خلاص. 

إبتسم أبو دراع أبتسامة رضى ورد عليه: ولا ممسوس ولا حاجه.. هذا من فضل ربي. 

قالها وبص لكرار اللي وقف فجأة وهو عيقول: آاااخ اقوم ادخل اتسبح واغير خلجاتي قبل ماحيلي يحط والتعب بتاع النهاردة يحل عليا ومقدرش اقوم من موطرحي.. اوبقي تعالى اتغدى معاي بعد قيمة ساعه اكده مش هاكل معاهم وهستناك.. 

بس تاجي بروحك اني لا هطلعلك ولا هنادم عليك، لا فيا حيل ولا جباير. 


خلص حديته واتحرك من قدام ابو دراع علي البيت اللي كانت امه واقفاله علي بابه وبمجرد وصوله ليها استقبلته بالحضن وهي عتقوله:

يعطيك الف عافيه ياغالي.. تعبت يانن عيني باين على وشك ياقلب امك.. خش اتسبح غرفتلك ميه حاميه من الاذان ودخلتهالك لحمام اوضتك ومحضرالك غيارك جوا .. 

اخواتك وعيال عمك قعدوا عالوكل لقفانين من الجوع اول مادخلوا انت اتخلفت عنهم ليه ياغالي؟ 

رد عليها كرار وهو ماشي بعد مابعد عن حضنها: قعدت مع ابو دراع هبابه استهوى.. حضريلنا الوكل اني وهو عبال مااتسبح هموت من جوعي يام كرار. 


حوريه: يخسى الجوع ياضي عيني.. حالا هحميلك الوكل انت والمخفي من عيوني. 


خلصت كلامها وراحت علي الموطبخ قوام 

ودخل كرار اخد حمامه وطلع لقي ابو دراع قاعد مستنيه في الحوش بتاع البيت، وكان ابوه توفيق قاعد واخوه صفوت وواد عمه سلام وعمه نعيم  وعيتحاسبوا علي آخر مقاوله قبضوا تمنها. 

وشوية وطلعت امه بصينية الوكل اللي شافها كرار وفرك اديه بحماس ومن اول ماتحطت قدامه نزل عالوكل بشفعه وجوع كأنه مكلش بقاله اسبوع بحاله!


ابوه بصله واتنسم خشمه بإبتسامه، وكل اللي كانوا قاعدين بصوله بإستغراب لأن كرار معروف عنه ان وكلته ضعيفه وعمره ماكل بالشكل ديه؟! 

أما أبو دراع فكان الوحيد اللي شفقان على كرار من بعد امه وصعبان عليه تعبه فأول يوم شغل ليه، الا انه كان فرحان ليه عشان خلاص هيسيب طريق البلطجه والسرمحه وافتعال المشاكل ويشتغل ويبقي راجل كد المسئوليه. 

خلصوا الرجاله حسبتهم  وشربو شايهم وكل واحد راح يعمل مصلحه شكل.. اللي طلع من البيت واللي دخل اوضته يرتاح وتوفيق ففضل قاعد مع ابوه وامه هبابه يتسامر معاهم قبل مايطلع يشوط عالارض ويشق عليها.

أما كرار فبعد ماخلص غداه هو وابو دراع فطلع معاه يمشي رجليه وضهره اللي اتحنطوا من القعده علي كرسي الجرافه طول النهار، 

وفضلوا يتمشوا في البلد، لغاية ماكرار جرجره بالمشي يم البحيره.. وقعدوا جار المعديه اللي عتربط البلد بالبر التاني، واللي فيه البندر، واي حد من أهل البلد  محتاج حاجه من البندر لازمن يعدي عالمعديه عشان يوصل.

وديه معناته أن المكان مزحوم دايماً بالناس اللي رايحه وجايه.

ابو دراع بطبيعته معيحبش التجمعات ابداً ولا عيهوي القعده فمكان مزحوم بالخلق، لكنه ميقدرش يسيب كرار يقعد فمكان زي ديه لحاله؛ 

عشان هو خابر إن الهدف من جية كرار للمكان ديه هو الفرجه على بنات البلد اللي رايحه وجايه عالبندر مع اهلها..

وممكن أي حد دمه حامي علي عرضه وميرضاش ببصة كرار لعرضه يمسكه  ويضربه كيف ماحوصل كتير قبل سابق..واخر مره عشيه لما اتعارك معاه واد العمدة. 

وبرغم إنه خابر زين إن الغلط عيكون راكب كرار من ساسه لراسه.. وعينصحه كتير يبطل العادة العفشه اللي فيه داي..الا ان كرار فالنقطه دي بالذات معيسمعش غير كلام نفسه الأماره بالسوء. 

وكالعادة أبو دراع معيقدرش يسيبه ياخد جزاة غلطه، وعيدافع عنه فكل الاحوال سواء ظالم.. او ظالم برضك.. وحاسس ان حمايته واجبه عليه. 


واثناء ماأبو دراع  قاعد يتحدت مع كرار شافه تاه منيه وراح لدنيا تانيه، وعيونه لمعت وهو باصص بعيد.. التفت ابو دراع موطرح ماعيبص كرار وعرف ايه اللي خد عقله لما شاف شوقيه بت العمده جايه مع امها علي المعديه من جيهة البندر ومعاهم اخوها اللي اتعارك مع كرار امبارح وأبو دراع ضربه، ولساه وشه شوارع من ضرب امبارح. 


أبو دراع شاف وش واد العمدة اللي اتطعن بالغضب أول ماوعيه هو وكرار وشاف عين كرار لساها متعلقه بأخته بعد كل اللي حوصول عشيه..

  فقام ومسك يد كرار  وحاول يقومه وياخده بعيد ويبعده عن الموطرح كله.. لكن كرار اتسمر موطرحه ومرضيش يتزحزح شبر واحد.. واهنه ابو دراع مكانش قدامه غير أنه يقف قبال كرار وواد العمده ويوحي بملامحه الحادة وحركات جسمه أنه مستعد يخوض معركه كيف بتاعة امبارح واكتر لو فكر أنه ياجي يم كرار أو يحتك بيه. 

فما كان من ولد العمده بعد اللي داقه على يد أبو دراع امبارح الا انه ينزل من هو وامه واخته ويمشيوا فطريقهم من سكات من غير شوشره؛ وخصوصاً وانهم اليومين دول عيروحو البندر يشتروا جهاز اخته اللي هتتجوز قريب من واد عمها ومعاوزش بعراكه مع كرار كل هبابه تطلع عليها كلمه تمس شرفها وتتلغي جوازتها. 

لكنه ضمر لكرار علقة موت علي بصته لعرضه وعلى الكتله اللي خدها علي يد أبو دراع، وحلف لهيعطيهاله مهما كلفه الامر ومهما طال الوكت. 

بس عشان ديه يوحصول لازمن يتحقق شرطين.. 

اولهم أن أخته تكون اتجوزت واد عمها وانتهي امر خوفه عليها، وتانيهم ان كرار يكون لحاله من غير ابو دراع. 

لكن دلوك هيفضل كاظم غيظه منيه ومن أبو دراع غصب عنه، ومهما طالت الايام هتفضل نار الكتله اللي خدها امبارح قدام عيون الكل قايده بين ضلوعه وخصوصاً وهو واد العمده وكعبه كان عالي علي كل اقرانه، وإمبارح إتكسرت عينه قدام الكل، وفوق دول ودول اتضرب وهو على حق وعيدافع عن عرضه ومخدش لا حق ولا باطل.. ومش هتطفى النار غير بنار متلها تقيد فبدن كرار وقلبه لما تفحمهم. 


ابو دراع بعد مامشي واد العمده:

يلا ياكرار بزياداك قوم عاود عالبيت وهاتلي عزت عالساحه، واني هقول للكل ان فيه نزال والم الشباب كلهم.

النهارده لازمن اكسر عين عزت الخبيثه اللي عيبصلك بيها بغل طول ماانت قباله، واعلمه ان اللي فى حمى ابو دراع محدش يقربله حتي بالبصه. 

اتبسم كرار وبحماس رد عليه:

تصدق كنت ناسي الموضوع ديه خالص!


ابو دراع: بس اني معنساش حاجه تخصك ياكرار.. وأنت معذور ولازمن تنسي اصلك هتفتكر ايه ولا أيه.. عقلك ديه هيفكر فكام حاجه ياولداه.

فهم كرار قصد ابو دراع وضحك وهمله وراح عالبيت  يجيب اخوه عشان يسلمه لابو دراع يأدبهوله ويحطله حد لغله  وغيرته منيه وشماته الدايمه. 


وانطلت الكدبه علي عزت اللي راح مع كرار قوام بس عرف ان ابو دراع هينازل،

وأكيد نزال لابو دراع ميتفوتش.. ووصل عزت علي الساحه،

وابو دراع كان مجمع اغلب الشباب وواقف وسط الساحه كيف اسد جعان مستني الفريسه اللي هيهجم عليها.


والكل واقف ومترقب يشوف الخصم اللي اتجراء النوبادي واتحدي ابو دراع وطلبه لنزال؛ وخصوصاً ان من فتره بعيده محدش عملها بعد ماشباب البلد كلها والبلاد اللي حواليها اتأكدوا ان ابو دراع محدش يقدر يغلبه واصل..وان لقب ابو دراع مجاش من فراغ، 

واتسمى بيه عن جداره..وديه لأن دراعه عمره مااترفع علي حد الا ورجع غالب، ولا يوم ابو دراع باتله حق بره ونام الليل قبل ماياخده..وكمان عشان اتعرف عن ابو دراع انه ممسوس وإن فيه قوه مش عند حد كيف قوة شمشون الجبار. 


الكل بيتلفت عشان يطلع واحد من بين الصفوف ويقول لأبو دراع اني منازل، 

وكلهم شوق يعرفوا مين ديه الجاهل باللي هيجراله من ابو دراع ومخايفش من بطش يده!

مع ان الكل متوكد ان مفيش حد فالنواحي كلها ميعرفش ابو دراع وآخرة نزاله! 

بس الترقب طال ومحدش ظهر.. وقطع صوت الصمت ابو دراع وهو عيبص لعزت بعيون كلها تحدي ويقول للكل بحسه العالي وعينه متعلقه بعزت:

اليوم النزال بيني وبين عزت واد عمي توفيق.. عزت بقاله مده حاسس روحه بقي عفي وعيتعافى علي خلق الله، والنهاردة جاي عشان يوريني ويوريكم كد ايه هو عفي.. وان قوته فبدنه مش بس فلسانه.. اصل قوي اللسان لازمن يكون عفي البدن.. عشان لو غلط فحد بلسانه وهو مش كده هيبقي جاب لروحه ورطه ياعالم هيطلع منها كيف. 

عزت كان عيسمع حديت ابو دراع وقلبه ابتدا يغوص بين ضلوعه من الخوف، ومش مصدق اللي عيسمعه! وجوفه جف من الورطه اللي اتوكد إنه اتحط فيها.. وفهم الخطه اللي اترسمت عليه من كرار وابو دراع، واللي بيها ابو دراع هيكسره لكرار. 


بص عزت حواليه بإستنجاد عشان حد يلحقه بأي طريقه من الورطه داي، لكن للأسف ملقيش. 

وشاف روحه وسط الناس واتقال علي لسانه إنه طلب ينازل.. ولو انسحب يكون جاب لروحه العار وسط الكل وبقي مضحكة كل الشباب فى مجالسهم لشهور قدام 

فاتقدم بخطوات مهزوزه ووقف وسط حلقة الحاوي اللي كانت معموله من الشباب، وشمر كمام الجلابيه بحركة شجاعه كدابه، وابتدا يدور حوالين أبو دراع وعيمثل الثبات لكن من جواه عيترعش من الخوف، وعيتشاهد في سره وعيسأل حاله ياتري أيه اللي هيتكسر فيا النهاردة، دراع ولا رجل ولا ريشه من رياش صدرى؟ 


ومفيش ثواني وكان هاجم عليه ابو دراع وكان مكومه فالارض وبارك عليه وهاتك ياضرب من اللي تحبه عين المظلوم لظَلامه. 

أما كرار فكان واقف عيتفرج والضحكه شاقه حلقه وهو شايف أبو دراع عيسفف اخوه التراب وعيتمني من كل قلبه انه يزيده من الضرب لحد ما يبرد نار قلبه منيه ولا كنه اخوه ولا يعرفه.


أما فبيت عبد الصمد. 

-بسيمه.. بشاير.. ادخلوا الحوش لموا الظاطه وطلعوها فوق السطوح وقرصوها جله عشان تنشف.. وانتي ياست شام تعالي اقعدي قدام الكانون واغلي خلجات ابوكي البيض دول، وزهريهم وانشريهم، واني داخله انعسلي هبابه.. بس اوعاكي الزهره تزيد ولا تبقع فالملافح وتضحكي الناس علي ابوكي. 


شام بإعتراض:

له يمه مهقعدش قدام كوانين.. أني معتحملش هوج النار ولا ريحة الدخان وانتي خابره ديه زين. 


دهب: ايوه ولحدت ميته يعني هتفضلي إكده؟ فهميني طيب هتقولي ايه لأهل جوزك ولا لجوزك لما حد يقولك اطبخي ولا اعملي حاجه عالكانون؟فكرك هتقدري تتجلعي وتقولي له وأيوه كيف دلوك ولا ايه؟ 

شام: وكتها يحلها الحلال يمه.. عارفه اني هعمل غصب عني ومهقدرش اقول له.

بس مادام وكت الغصبانيه مجاش يبقي همليني ارتاح من المكتوب لحدت ماياجي.. ولوكتها فرج ورحمه. 

هزت دهب دماغها بقلة حيله وهملت شام وراحت علي الحوش ورا بناتها وقالت لبسيمه تغلي خلجات ابوها وتنشرهم بعد ماتخلص قريص الجله مع اختها..

وعاودت ولقت شام واقفه وعتتلفت شمال ويمين وعرفت انها عتدور علي طرحتها عشان تطلع.. فزعقت فيها بعلوا صوتها خلتها فطت من موطرحها برجفه:

عتدوري علي ايه انتي.. تلاقيكي عايزه تطلعي على إكده! 

مايزي وانجري عبي الزيره والعلاوي من الطلمبه عشان ميتهم تروق من العكار وتصفي.. او روحي قرصي جله مع اخواتك البنات..اكنسي الحوش وتربي تحت البهايم.. اعمليلك حاجه نافعه بدال الفطفطه بتاعتك داي.. مش ابوكي قالك تتقربي علي كل حاجه وتتعلميها؟ 

شام: 

ابوي قال اتعلمي مش اشقي.. يعني اعرف اللي معرفهوش.. واني عباية الزيار متعلماها، وكمان قريص الجله وكنس الاحواش عارفاه ومعاوزش علام.. 

يبقي سيبيني يادهوبه عاد اطلع وادخل كيف مايحلالي قبل مااتجوز واتحبس واتنشق علي شوفة الشوارع بتاعة البلد  والمشي فيها نشوق. 

خلصت كلامها وطلعت رامحه من قدام امها مدتلهاش اي فرصه انها تعترض علي كلامها ولا ادتها فرصه تتكلم من اساسه. 


وأول ماطلعت من الباب ضحكت بفرحه وهي واعيه القطر جاي من بعيد وكانت هترفع اديها عشان تشاورله لكن فلحظة لقت صابر طالع من العدم وواقف قدامها ومانع عنها بجسمه شوفة القطر، ومهما حاولت انها تميل يمين وشمال عشان تشوفه كان يميل معاها ويحجب عنها الرؤيه، كيف عزول واقف بين حبيبه وحبيبها!

لكن بعملته داي هو حجب الصورة بس محجبش الصوت، ولا قدر يمنع صفارات القطر المتتالية اللي كأنها صفارات الحبيب اللي واقف تحت بيت حبيبته وعيصفرلها عشان تطلله ويشوفها. 

نفق الجحيم

البارت الرابع 4

ممنوع نقل الروايه لاي مدونه بدون إذني


بعد مامشي القطر شام بصت لصابر بزعل وقالتله بعتب:

اكده تخلي القطر يفوت ومتفرجش عليه ياصابر؟ 

صابر بغضب:ياشام خلي حداكي هبابة دم.. كيف يعني ابقي اني واقف قبال عنيكي اللي تندب فيهم رصاصه دول، وتهمليني وتبصي عالقطر؟ فيه ايه القطر احسن مني اني عايز أعرف؟

صابر خلص جملته وفضل باصص لشام بعتب مستني منها إجابه لسؤاله، لكن اللي لقاه من شام ضحكه طويله أولها كان حُر وآخرها كتمت صوتها بطرف طرحتها عشان الضحكة كانت طالعه من القلب وعترن بصوت عالي. 

فضل صابر مستنيها تخلص ضحك وترد عليه، لكن شام كانت كل ماتنهي الضحك.. تعيد الضحكه من تانى، 

لغاية ماصابر يأس أنها تخلص ضحك واتسند علي الحيطه وربع اديه وكتم ابتسامته وفضل يتطلعلها بعيون كلها محبه وفرحه ورغبه، وخصوصاً وهو شايف وشها اللي اضحي كيف حباية طماطم مستويه من كتر الضحك وخدودها يتولع منهم كعب بوص من شدة الحمار واللمعه.. وفي اللحظه داي كل اللي اتمناه أنه يضمها ويلمس خدودها اللي كيف مايكونوا عيقدحوا شرار، والشرار اتبتر علي جسمه وولع فكامل جتته نار معادش متحملها. 

أما شام فبعد ماخلصت ضحكها اخيراً همستله بدلع : عتغير عليا من قطر ياصابر! عتحط روحك قبال حتتة حديده؟ 

رد عليها صابر وهو عيتفحص نار خدودها اللي بدت تهدا وتخمد:

ايوه ياشام عغير عليكي من حتتة حديده.. عغير عليكي من الهوا اللي عيلف حواليكي ويطير طروف ربطة راسك ويلاعبك. وايوه عقارن حالي بحتتة حديدة عشان انتي معتوعيش عيونك. عتلمع كيف وانتي عتبصي على حتتة الحديده داي بعشق معوعاهوش ليا فعنيكي وانتي عتبصيلي! 

انتي معتشوفيش حالك عتبقي عامله كيف والقطر معدي قدامك ياشام؟


شام ملامحها خدت وضع الجديه وهي واعيه صابر عيتكلم جد وباين عليه انه متألم صوح من محبتها للقطر فقربت عليه وقالتله بحنان:

بس اني معحبش حد ولا حاجه في الدنيا كدك ياصابر.. ولا حتي القطر.. أنت عشقي من يوم ماوعيت عالدنيا وحب صباي ولحد شيبتي محدش هياخد موطرحك في القلب، ولا هيقربه حتي.. الظاهر أنك مخابرش اللي ليك فقلب شام كد ايه ياواد عم جلال. 

اتبسم صابر ولانت ملامحه وغمض عيونه وزفر براحه ممزوجه بشوق ورد عليها وهو مغمض:

بسك ياشام من حديتك الحلو ديه قلب صابر الغلبان هيقدر على ايه ولا ايه.. هيقدر علي وشك اللي عينقط حُسن ولا علي لسانك اللي عينقط شهد ولا علي قدك اللي عينقط غوايه! 

بزياداكي وروحي شوفي كنتي رايحه وين ولا جايه من وين ولا قوليلي اني كنت هعمل ايه.. طوشتيني يابت عبصمد وخليتيني لا عارف حالي رايح ولا جاي!؟ 

روحي ياشام واعملي حسابك اني هلم الناس واعمل قعدة واقرا فاتحتك، ويمكن اكتب عليكي بالمره واسكن داركم ليل نهار، لحدت مااخدك فبيتي بعد الست شهور اللي حاسسهم ست سنين بحالهم..روحي ياشام من قدامي دلوك اكرملك واحسنلي.


ضحكت شام وبصتله بطرف عينها بصه خلت قلبه يرجف وروحه ترفرف مشتهيه ضمه وعقله وقف عن الادراك كيف ماعيعمل كل مايشوفها. 

واتحركت من قباله قبل مايفقد عقله ويتصرف قدام الناس تصرف لا يحمد عقباه.

أما هو ففضل باصصلها وهي ماشيه قدامه وكل شويه تلتفت ليه وتضحك بكسوف وتداري ضحكتها بطرف طرحتها وتدور وشها تاني.. وهمس لروحه بقلة صبر:

آه ياشوق لو تقف قبالي راجل لراجل كنت فطستك بين اديا وريحت كل القلوب من نارك. 

قالها واتنهد واتحرك من موطرحه، لكنه وقف يتفكر كان طالع من بيتهم ولا كان بره وراددله قبل مايشوف سلابة عقله وقلبه!؟ 


أما عند أبو دراع فساحة المعركة.. 

ابو دراع وطي على عزت وساله بصوت خافت: هاه ياعزت عينك ولسانك هيتطاولوا علي اللي فى حما ابو دراع نوبه تانيه؟ 

عزت رفع يده اللي عترجف ومسح الدم اللي علي طرف خشمه وبص فيه وهز دماغه لابو دراع بنفي وغمض عنيه وهو حاسس ان كرامته اتبعترت كيف حبات عقد لولي تحت رجلين كرار دلوعة امه، واللي فرط عقد كرامته أبو دراع اللي لولاه كان عزت هيعرف يربي كرار رباية صوح.. وعلي كد الناس اللي كانت متجمعه كلها عزت مكانش واعي من بينهم غير اخوه كرار وابتسامته اللي من الودن للودن، وفرحته وشماته فيه.

وعاهد روحه أن الشماته فالأذيه دين، ورد الاذي وكسرة النفس قصاص وهياخده من كرار ولو بعد حين وبأي طريقه. 

أبو دراع وعي عزت هز دماغه وقام وقف ونهي النزال، وشال عزت علي كتفه ومشي بيه يعاودة علي البيت وكرار ماشي وراهم، وواعي قطرة دم عتنقط كل كام خطوة من خشم عزت علي ضهر ابو دراع وجلابيته، وأهه عتطلع منه بين الحين والحين، 

ومن وسط نشوته وفرحته بكسرة اخوع مفكرش ابداً ان قطرات الدم داي ماهي الا قطرات من خزان كراهي اتعبى جوه عزت من ناحيته لما فاض واتدلدق. 

وصل أبو دراع للبيت بعزت شايله ورماه علي الدكه جار جده كارم، وجدته عديله اول ماشافته وشافت وشه اللي ملامحه مش باينه من الدم ندبت علي صدرها بفجعه وبصوت عالي قالت:

بووووه ياتوفيق عليك وعلي حظك فعيالك اللي كل يوم واحد يرجف قلبك، يامن الخوف، يامن الكيد والغيظ.. مين ضربه ديه كمان وشلفطه شلفيط إكده؟ عميلت ايه يامقندل انت قولي..كانت تتكلم وتهز بأديها التنين فعزت وف الاخر ضريته علي وشه بقلم خلته أن من الوجع بحس عالي.. 

وعلي حسه طلعت أمه من الموطبخ هي ومرت عمه والبنات يشوفوا فيه أيه وليه ستهم عتولول؟ 

وأول ماحوريه شافت ولدها وحالته رمحت عليه وهي عتصرخ بخوف:

يامرك ياحوريه المطفطف.. مالك ياعزت.. ماله اخوك ياكرار ايه اللي عيمل فيه إكده؟ 

رد عليها أبو دراع وهو عيعدل فقب جلابيته بزهوا:

مالهوش دا طلب ينازلني في الساحه قدام الكل واني نازلته وعطيته اللي فيه النصيب وعلمته ميناطحش اللي اعفي منيه مره تانيه.. خديه يام صفوت سبحيه وهوني عليه وقوليله متتعافاش مع حد إنت مش كده نوبه تانيه. 

حوريه سمعت كلام أبو دراع وصرخت بغضب:

يعني إنت اللي عميلت فيه إكده! تتكسر اديك انشاله وتعدم عفيتك اللي اتعافيت بيها علي ولدي.

أني قلة اصل زي اللي حداك داي ياواد مخلوف عمري ماشفت ولا هشوف فحياتي.. يبقي لحم كتافك من خيرنا وتاكل من مالنا وتتعافى علينا؟! 

صوح صدقوا اللي قالوا اللي اختشوا ماتوا يابوى.. اني بس ياجي توفيق وهخليه يشوفله صرفه معاك وياني ياانت وابوك فيها. 

أبو دراع كان هيرد بس سبقه كرار وهو عيقول لامه بحس عالي زلزل المكان:

أمااااه.. الا أبو دراع قولتلك.. كام مره نبهت عليكي وقولتلك اوعاكي تحدتيه إكده مره تانيه كام مره؟ 

حوريه بحس عالي وصراخ:

امال عايزني احدته كيف ياسي كرار؟ انت مواعيش الردى عامل فأخوك ايه قبال عينك ولا ايه؟ ياولدي دا المثل عيقولك اني واخوي عالغريب.. وإنت عتعين الغريب علي أذي اخوك كيف؟ ديه بدال ماتمسك فيه وتخلص منيه كل ضربه ضربها لاخوك بغل وقلب اسود وهوعامل حاله عينازله ويلعب معاه! 

كرار:ديه نزال واللي مش كد الدح ميعرعرش. 

رد عليها عزت بصوت تعبان: عتعاتبي فمين يام كرار وولدك هو اللي مسلمني ليه بيده.. عتعاتبي فاللي رسم الخطه ولا اللي نفذها.. ولدك والخدام طابخينها مع بعض ووكلوهالي. 


اتحركت حوريه ناحية ابو دراع وابتدت تضروب فيه باديها التنين وبكل قوتها علي ضهره وهي عتقوله:

له.. كرار مليهش صالح ديه الحنش ديه، هو اللي عيخطط وينفذ ومخلي ولدي فيده كيف الشخليله.. إنت غرضك ايه من اللي عتعمله ديه فهمني؟ 

امشي غور إطلع من اهنه ياقليل الاصل.. امشي غور من قدام وشي.. طول عمرك ديحلاب وداخل للمهبل ديه من حتتة الصحوبيه والاخوه ومفهمه انك حبيب وعتعمل كل حاجه لموصلحته، وانت حنش معشش فعبه، عترفع راسك تلدغ بيها كل اللي حواليه من سكات وتضمها تاني فعبه.. 

وعارفه ومتوكده انه هياجي اليوم اللي هتلدغه فيه هو كمان، بس بعد ماتكون خليته يصفي لحاله، لا أهل ولا حبايب ولا خلان.. هيكون مفيش غيرك انت وبس ملفوف حوالين رقابته وفي الوكت المناسب هتخنقه وتموته.. كيفك كيف ابوك بالظبط.. نسل حناشه وخد بيتنا وكر ليه. 

فضلت تتكلم وتضروب فأبو دراع ومع كل ضربه تزيحه ناحية الباب خطوة لغاية مابقي عالباب واخر مره زاحته بكل قوتها بره الباب وقفلته وراه. 

أما ابو دراع فمكانش همه كلامها ولا كان هيحطه فباله ولا يتأثر بيه لولا ماشافها واقفه علي باب الموطبخ وشايفه الموقف وسامعه الكلام اللي اتقال كله.


أتحرك أبو دراع بعصبيه وراح ناحية طلمبة الميه اللي قدام بيتهم وابتدا يدورها بعنف بيد وحده وياخد منها ويغسل فوشه اللي حاسس الصهج عيطلع منه من كتر الإحراج اللي حاسس بيه.


وبعد كام غرفة ميه لقي يد عتمسك معاه دراع الطلمبه وتدوره مكانه، وبص شافه كرار.. شال ايده من الطلمبه واتنهد بديق وبحركه سريعه قلع جلابيته والسديري  اللي تحتها ونعله، وقعد تحت الطلمبه وخد ميتها المتلجه علي جسمه الفاير فعز طوبه والجو تلج  وادين حوريه معلمين علي ضهره وكلامها معلم فروحه. 


كرار : هتعيا ياحزين ويلفحك البرد! 

- دور ياكرار وانت ساكت ابو دراع عفي معيعياش دور. 

كرار بحنيه: حقك عليا آني متزعلش، ماانت خابر أمي وحافظها، وعارف انها معتحبكش من الباب للطاق، ومتعود علي حديتها الماسخ ومعتاخدش عليها.. صعدتها ليه للقلب النوبادي يابو اخوه؟! 

-عشان النوبادي مكانش الكلام بيني وبينها وبينك بس ياكرار.. كان الكلام قدام الكل. 


كرار: قصدك كان قدامها هي.

اقولك يابو دراع اني هحدت أبوي فموضوعك أنت وبدور وافاتحه فاللي عيدور فخُلجك واللي مكمور فقلبك بقاله سنين، وهو عيحبك وهيتوسطلك حدا عمي آني متوكد..

اصلي مش هينفع اشوفك كل هبابه قلبك موجوع إكده وكل ماحد يقولك كلمه قدامها نفسك تنكسر وروحك تدبل. 


-له اوعاك تعملها.. عالاقل دلوك..اوعاك تقطع الشعره اللي متأمل بيها أن الظروف هتتحسن ويجد جديد من عند ربنا يقربها مني.. لكن دلوك لا الوكت ولا الظروف ولا النفوس مناسبه للكلام دلوك ياكرار. 


اتنهد كرار وقفل الموضوع؛ عشان عارف ان أبو دراع عيركبه الهم كل مايفاتحه فيه، وغير الحديت بضحكه وهو عيقول لأبو دراع:

بس يد أمي تقيله والله عملت اللي مقدرش عزت يعمله وعلمت علي ضهرك كف كف وصباع صباع هههههه

أبو دراع: لولا انها امك كان زماني مبلعها كفوف اديها، بس قيمتها انت وابوك. 

خلص كلامه وقام وقف ولبس نعله وراح علي بيته وهو عاري الصدر وبردان الروح وكرامته متزفزفه من القهر.


أما كرار فعاود للبيت من تاني وبص لعزت وإبتسم بشماته وهو واعي أخته فكريه عتطبب فجروحه، وأمه وسته قاعدين يولولو عليه وعاللي جراله،ودخل أوضته ونام علي سريره بتعب بعد يوم طويل اتكلل بنجاحه في الشغل، وبفرحته فعزت أخوه اللي مهيقدرش من اليوم وطالع يتشمت فيه ولا يدايقه تاني. 

غمض عنيه وراح في النوم والكلام ديه كان المغربيه.. وصحي بعدها علي حس نعمه اخته وهي عتصحيه وتقوله:

كرار.. ياكرار قوم كلم أبوك عايزك بره بالعَجل قوم. 

فتح كرار عنيه وفرك وشه وقام وهو مستعد للكلام اللي هيسمعه من أبوه واللي مش هيكون هين بالمره. 

طلع من أوضته وبص في الحوش شاف الكل متجمع وعزت قاعد وسطهم ومدنقر راسه في الأرض بإنكسار، وابوه عامل كيف البركان المكتوم وحَمار الغضب كاسي ملامحه.. بلع ريقه واتقدم عليهم.. 

كرار: السلام عليكم 

توفيق: لا سلام ولا رحمه تنزل عليك ياشيخ. 

كرار اتطلع لكل الوشوش وشافها محقونه بالغضب ومفيش حد فيهم رافع عيونه من الارض ولا عيبصله بيهم.. فاتقدم خطوتين وبصوت يادوبك طالع قال:

أبوي اسمع مني.. وقبل مايكمل توفيق قاطعه بضربه من عكازه عالارض وقاله:

معاوزش لا اسمع منك ولا اشوف وشك قبالي، واخفى من قدامي دلوك عشان حسابي مش معاك انت.. قالها وقام وقف علي حيله وبخطوات سريعه راح على بيت مخلوف وولده. 

خبط على الباب خبطتين جامدين بالعكاز وابو دراع رد عليه، وقبل مايفتحله الباب كان كرار واقف جاره قدام الباب وعيقوله:

جاي لابو دراع ليه؟ أبو دراع مليهش ذنب ولدك اللي طلب ينازله هو ماله. 


توفيق بص لكرار بغضب وقاله:

أيوه صوح حديتك مظبوط.. أبو دراع محداهوش ذنب.. الذنب كله حداك إنت وإنت اللي لازمن تتأدب.. قالها ومسك عكازه بأديه التنين ورفعه في الهوا ونزل بيه علي دماغ كرار فتحهاله وكل ديه فأقل من ثانيه.


رجع كرار لورا خطوتين وهو حاطط يده علي دماغه يكتم الد. م اللي سال منها فوراً! وباصص علي ابوه ولساه مش مستوعب اللي ابوه عيمله من شويه، وانه ضربه لأول مره فحياته! وكمان وهو في السن ديه؟ 

ثواني فضل فيهم كرار واقف عيبص لأبوه قبل مايحس بأن الدنيا لفت بيه ويتسند عالحيط بضعف وحاسس انه مش قادر يحافظ علي توازنه.. وفي اللحظه داي ابو دراع فتح الباب وشافه وشاف حالته واتلقاه بين اديه وسنده علي جسمه وبص لتوفيق بغيظ بعد ماشاف الدم اللي غرق وش كرار وخلجاته ولسه هيتكلم لكن قاطعه توفيق:

أيه يابو دراع! هتضروبني اني كمان عليه كيف ماضربت أخوه؟ 

اوعاك تفكر إنك بكده خدمت صاحبك.. له بالعكس دانت خلقتله عداوة كبيره مع حد المفروض يكون معاه كيف الجسد والروح ميفترقوش ولا يتخاصموا.. إنت بيدك عملت هابيل وقابيل جداد يابو دراع، وبيت الضغينه في قلوب الاخوات، بعد ماكانت غيره خفيفه وكانت هتروح وتزول مع مواقف صغيره يظهر فيها رباط الاخوه مابينهم. 

ولعلمك انت ربنا مش هيسامحك عاللي عتعمله ديه وهيحاسبك عليه؛ لانك عتأذي اللي موجهلكش أذي.. واوبقي اقف يوم القيامه قدام ربك ولما يسألك ضربت فولان ليه ولا أذيت علان ليه قوله عيملت اكده عشان خاطر كرار! 

ابقي شوف كرار هينفعك بأيه (يوم يفر المرء من اخيه،وأمه وأبيه، وصاحبته وبنيه،لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه) يعني كرار اللي عتدافع عنه وتلم سيئات فحجرك بالكوم بسببه، هو اول واحد هيفر ويتبري منك وينكر معرفته بيك وصِلته بكل اللي عميلته فدنيتك عشانه. 

خلص كلامه وبص لكرار بسخط ودور وشه ولسه هيتحرك لقي مخلوف وراه شايل ربطة خشب من فروع الشجر الناشفه جامعهم لدفى الليل وواقف ومش فاهم ايه اللي عيجرا! 

وبمجرد ماعينه وعيت لكرار غرقان فدمه شهق ورمي الحطب واتقدم علي كرار اللي ساند دماغه علي صدر ابو دراع وهو عيسأل بخوف:

وه وه.. ماله كرار كفاله الشر ايه اللي سيح دمه إكده! 

رد عليه توفيق وهو مديله ضهره:

ولدك اللي سيح دمه يامخلوف وسيح دم اخوه قبل منه.. ومن أهنه ورايح أبو دراع مليهش صالح بكرار ولدي..لا قعدة سمر تجمعهم، ولا حتي مشوار طريق يلمهم على بعض.. بذيادة لحد اهنه عاد، صحبتهم مهيتجنيش من وراها غير الشرور. 

خلص كلامه وهملهم وطلع بره مرضيش يعاود للبيت من تاني لأن دماغه ممتحملاش كلام حورية مرته؛ اللي خابر زين انها النهارده لا هتهدا ولا هتنام وفرصتها علي ابو دراع ولقيتها.. وللأسف النوبادي لا هيقدر يدافع عنيه ولا يسكتها؛ عشان هو بنفسه عارف ان ابو دراع غلط غلط كبير.. مش عشان ضرب ولده.. لا 

عشان ضربه لصالح اخوه.

يمكن لو كانوا اتعاركوا لاي سبب تاني كان فوتهاله وقال طيش شباب عيتهاوشوا مع بعض.. انما الضرب يكون لخصومة اخ ضد اخوه! داي فيها عداوه واعره قوي. 


ومخلوف بس مشي توفيق من قدامه بص لابو دراع بعتب وقاله:

متجيبهاش البر ياقطب غير لما تهد علي راسك وراس ابوك كل السيرة الحلوه اللي عشت طول السنين ابنيها بين الناس..

مش هتعقل غير واحنا حاملين رحالنا وماشيين من البيت اللي عشت طول عمري فيه، ومن البلد كلها، وانت خابر زين اننا ملناش متوى غير إهنه.. اعقل ياولدي وخليني قاعد فموطرحي اللي كبرت واتجوزت وخلفت وشبت فيه. 


خلص كلامه ونتر اديه بزعل ودخل علي البيت وهو عيبرطم بينه وبين حاله ويهز دماغه بعدم رضى. 

أما ابو دراع فسند كرار ودخله البيت وقعده علي المصطبه اللي من داخل الباب، ودخل يشوفله حاجه يوقف بيها دمه السايح. 


عاود أبو دراع من جوه وفيده تلفيحه بيضه من بتوع ابوه وبرطمان البن، وقعد جار كرار وفتح البرطمان وكب منه فوق جرح كرار وكتمه بيده غير مبالي بألم كرار وبعدها مسك التلفيحه وابتدا يلفها علي الجرح بصنعه وهداوه، وكرار كل شويه يرفع عينه عليه بخجل ويقوله:

حقك علي يااخوي انت اتهزقت من أبوي وابوك واتضربت من أمي واتحرجت قدام بدور وكل ديه بسببي.. آني محقوقلك وحقك على راسي. 

أبو دراع بزهق: قولتلك الف مره ياكرار متاخدش فبالك محصلش حاجه، بطل رط اني متعود علي التهزيق بسببك مهياش اول نوبه يعني. 

كرار: له بس النوبادي العيار زاد عليك حبتين حقك علي متزعلش. 

-يوووه مقولتلك خلاص ياخي متزهقنيش.. قالها وضرب كرار علي دماغه فوق التعويره بالظبط خلاه اتألم. 


مخلوف كان جارهم عيصلي العشا وختم صلاته وبصلهم هما الاتنين واتنهد ولف وشه وابتدا يسبح علي سبحته.. 

وأبو دراع شافه و غمض عنيه وخد نفس عميق وزفره بتعب ومتكلمش.. فتولي المهمه كرار اللي راح قعد قصاد مخلوف وقاله:

أمانه عليك ياعم متزعل من ابو دراع ولا تزعله.. آني السبب فكل اللي جرا واني اللي خليته ضرب عزت. 

مخلوف استغفر ربه ورد عليه بهدوء:

ماهي دي النصيبه ياكرار.. انك انت اللي عتكون السبب في كل حاجه وكل مره، وأبو دراع هو اللي عيتحاسب ويوبقي في الوش ويشيل الشيله بدالك.

ياولدي إنت في لاول ولآخر واد المقاول توفيق، ومهما الناس لامت عليك مهيقدروش يأذوك كرامه لابوك وقيمته ومقامه وسطهم..

إنما إحنا ياولدي فقاره والفقير ضهره عريان وسط الناس وابو مين اللي مايضربه عليه.. واديك بنفسك شوفت أول واحد أبوك لما اتحط ابو دراع وولدة فكفه.. كفة ولدة اللي طبت،

وأول حاجه عميلها إنه قال لابو دراع يبعد عنك، وهو اكتر واحد خابر إن الغلط كله عليك؛ بس شاله من على ولده ورماه عالغريب. 

وآني ولدي مهما عيمل عشانك برضك في الاخر غريب، وبكلمه من أبوك ميبقالوش وجود بينكم.. انتوا رباط دم ومهتتفرقوش مهما حوصول، والداخل مابينكم خسران ياولدى، 

فبالله عليك تسمع كلامي.. ابوك قال لابو دراع يبعد عنك، بس اني عارف ولدي مخه زنخ ومهيبعدش لو حطوا راسه بين شقين رحاية وطحنوه.. برضك اللي فمخه هيفضل فمخه.. فأني هطلبها منك انت.. بعد عن ابو دراع ياكرار، ومتدخلهوش فمشاكلك وعدواتك وبالذات بينك وبين اخواتك.. هملنا عايشين اني وهو إهنه لغاية مااموت واندفن جار أمه فمدافنكم، وبعدها هو حتي لو حد مشاه من إهنه العمر لساه قدامه ويقدر يبنيله معيشه فموطرح تاني.. لكن آني لا هقدر ولا هعرف.. وخلاص ياولدي العمر ماباقيش فيه كتير خليني اعيشهم براحه الله يرضي عليك. 


اتنهد كرار وهز دماغه بتفهم وقام وقف علي حيله وبص لأبو دراع بصه اخيره قبل مايطلع من البيت ويخطي كام خطوه ناحية بيتهم.. لكن وقفه حس ابو دراع وراه وهو عيقوله:

بعتني بكلمتين ياردي! 

لفله كرار وقاله: 

هعمل ايه يعني إنت مسمعتش حديت أبوك؟ 

رد عليه أبو دراع وهو عيتقدم عليه:

له سمعته.. بس وأيه يعني كلمتين ابوي اللي قالهم ماهو طول عمره أبوك عيحذرني من دفاعي عنك، وامك عتحاول تخليني أبعد عنك بكل الطرق، وآني لا عسمع لديه ولا عتبع داي.. تقوم إنت من أول كلمتين تبيع ياهلس! 

كرار: مبايعش والله بس صعب عليا أبوك. 

أبو دراع: له وإنت الصادق دانت خفت من أبوك ولقيت ان الضرب واعر ومهتتحملوش.. مع إني ياما كلت ضرب من تحت راسك واتحملت عشانك وبدالك بس إنت سَو. 


كرار اتبسم ورجع لابو دراع وقف قدامه وقاله: معاك حق يابوا الصحاب.. دا حتي عيب عالدم اللي اتخلط ببعضه.. قالها وبص للجرح اللي فبطن إيده واللي أخوه بالظبط فبطن يد أبو دراع والاتنين ابتسموا وقوام حضنوا بعض.. ومكانوش واخدين بالهم للي كان واعيهم من بيته ولا للي كان داخل من البوابه وواعيهم هو كمان، وسواء ديه أو دوكها هما التنين هزوا دماغهم بيأس علي كتلة المشاكل اللي لقت درع قوة من غير عقل تعمل عملتها وتتخبي وراه. 


كرار بعد عن باط ابو دراع وقاله: هنطلعوا النهاردة نسهروا ع القهوة؟ 

أبو دراع: فيك نفس للسهر؟ 

كرار: أيوه اومال ايه.. دا بالذات النهاردة السهر هيحلوا عشان همام والسيد قالولي واني معاود من الشغل انهم اتوحشوني وعايزين يقعدوا معايا هبابه. 


ابو دراع سمع ألاسمين دول وملامحه كلها اتغيرت وهمس بديق:

تاني همام والسيد ياكرار! اني مش قولتلك بلاش التنين دول معرتاحلهمش. 


كرار: والله أني معارف إنت كارههم ليه ياخي دول حتي عيال جدعان وقعدتهم كلها ضحك وميتشبعش منها. 

ابو دراع: بس حشاشين والكل في البلد خابر وريحتهم فايحه واللي عيمشي معاهم عيتوصم بعارهم ويطوله الكلام اللي عيتقال عليهم.. وانت واد توفيق المقاول ومينفعش حد يجيب سيرتك بالعاطل. 

كرار: والله حشاشين نشاشين لحالهم.. أني عقعد جارهم هبابه عالقهوة قدام الناس كلها وعلي عينك ياتاجر.. ومتخافش عشان اني واد توفيق محدش هيقدر يجيب سيرتي واصل.. ويلا جهز حالك للسهر وتقل قلبك إحنا فحمى المقاول ياد. 

يلا سلام هروح اغير خلجاتي عشان نطلعوا. 

أبو دراع : له مفيش طلوع النهارده خليها بكره.. انت النهارده تعبان ومضروب وحالتك حاله.. بكره ابقي اطلع واسهر كيف ماانت عاوز، دلوك ادخل ناملك هبابه عشان وراك شغل الصبح. 

كرار: ماني نايم من المغرب لدلوك ومجاينيش نوم! 

ابو دراع: يوبقي روح غير وتعالى هعملك دمسه ونسهروا اني وإنت في الجنينه نشووا قناديل شامي ونتحدتوا عن خيبتنا. 


كرار : خلاص ماقول بعد قولك.. حضر الدمسه والقناديل واني هغير وجايلك.. وخلي همام والسيد لبكره. 

خلص كلامه وراح ناحية بيتهم وابو دراع شبك اديه ورا ضهره وراح يتمشي حوالين البيت وسط الشجرالصغير وهو عيفكر فاللي خسر كل ماء وجهه النهارده قدامها.. واللي كل مايفتكر الموقف يوبقي عايز يروح علي حوريه مرت عمه توفيق 

ويخ.. نقها لحدت ماروحها تطلع بين أديه


دخل كرار البيت ومكانش فيه غير جده كارم وجدته عديله قاعدين والباقيين كلهم اتفرقوا على مخادعهم. 

كرار: وين أمي ياستي؟ 

عديله بصتله وضربت علي صدرها لما وعيت لدماغه المربوطه والدم اللي علي وشه وخلجاته،ولسه هتسأله أيه جراله اتحرك من قدامها عالموطبخ يدور علي أمه بنفسه وفعلا لقاها في الموطبخ.. 


كرار:امه هاتيلي شويه ميه اتسبح عشان ها...وقبل مايكمل جملته التفتت امه اللي كانت مميله عالكانون وصرخت بعلوا حسها وهي شايفه منظره :

بوووووه ياخلق..مين اللي سيح دمك انت كمان؟ 

كرار: ابوي عشان ولدك عزت. 

حوريه: يامرررك ياحوريه الهي ربنا ياخدك يابو دراع ياللي عيالي دمهم عيتصفي واحد ورا التاني.. مره بيدك ومره بسببك..ربنا يعَدمني شوفتك قبال عيني يابعيد. 

كرار:أممممااه.. قولتلك الا ابو دراع يمممه بطلي دعا عليه عالفاضيه والمليانه، بكفايه سميتي بدنه النهارده بكلامك وخجلتيه قدام الكل وكسرتي نفسه! 

حوريه: الهي يتسم بسم طريشه من إحنشة الجنينه وتطلع روحه قبل مايلقوله طب ولا دوا. 

كرار بعصبيه: يووووه.. انشاله كل اللي تدعيه علي ابو دراع يجي فيا انا ياشيخه. 

حوريه بخوف: واه الشر بره وبعيد عنك ياولدي. 

كرار: لو عتحبي ولدك متدعيش عليه.. عشان هتدعي علي ابو دراع يبقي عتدعي عليا.. ودلوك هتدخليلي بوق ميه اتغسل بيه وغيار اتكفن بيه ولا اقعد بخلجاتي دول وزفارة الدم اللي فيهم للصبح؟ 


حوريه وهي عتتحرك قوام: له ياغالي هوديلك الميه اهه.. روح ياضناي علي اوضتك واني هاجي وراك طوالي.. خلصت  كلامها واتلافت بستله من المكفين علي القفص الجريد وعدلتها وابتدت تصب فيها الميه الحاميه ودخلتها ورا كرار عالحمام بتاعه وطلعتله غيار وهملته يتسبح وطلعت. 


في الاثناء داي كان توفيق عاود من بره وقاعد جار أمه وابوه.. شافته حوريه وسالته بزعل:

حمداله عالسلامه يامقاول.. هتتعشي اجيبلك الوكل؟ الكل اتعشى وراح ينام. 

توفيق: له معاوزش طفح  ولا حاجه واكل وشارب من عيالك لما صايباني تُخمه. 


حوريه: والله عيالي ماليهم صالح ديه أُس النصايب اللي يعملها كل مره وعيالي يقعوا فيها..أني بس مش... وقبل ماتكمل قاطعها توفيق بضربه من عكازه في الارض مصحوبه بزعيقه:

حوريه اقفلي خاشمك واقصوفي الكلام عشان اني ممتحملش رط؛ راسي عامل كيف الطبل.. وتعملي الصالح لو تخشي تنامي وتحرميني طلتك البهيه. 

حوريه بغيظ: إكده ياتوفيق؟ 

توفيق بتأكيد: ايوه اكده ياحوريه. 

حوريه بعند: طيب عند فيك ممشياشي من إهنه ولا هحرمك من طلتي البهيه واصل.. وادي قعده اهي.. وراحت علي الدكه اللي قبالهم وقعدت عليها. 

توفيق هز دماغه بقلة حيله واستغفر ربه وطلع سبحته يسبح بيها.. 

كارم ميل على ولده وهمسله بشفقه: 


حملك تقيل ياتوفيق ياولدي وعيالك نفوسهم مش صافيه لبعض وديه مهيخليهمش يحطوا اديهم فأدين بعض زيك إنت واخوك ولا يبقوا ايد وحده واصل. 

توفيق بتنهيدة: مش مهم يبقوا أيد وحده يابايه.. المهم أن كل واحد فيهم يأمن بطش ايد التاني.. الفراق سُنه ووارد، بس المهم ان الفراق متصحبهوش عداوه.. والأيد لو مش فالايد متبقاش كرباج تجلد. 


كارم: والله ياولدي اني شايف إن الأم هي السبب فأن العيال تتفرق.. مرتك عتفرق بين الاخوات وجلعت واحد وركبته علي راس التنين التانيبن وخلته كيف يوسف وسط باقي عيال يعقوب لما صابتهم الغيره منيه مع أن ابوهم عمره ماأبدي محبته ليوسف قدامهم لكنهم حسوها وابتدا المتكاد بنار الغيره يخطط لأذاه.. اشحال دي اللي عتجاهر بالمحبه وتخص بيها واحد دونا عن الباقيين 

شوف عدويه مرت نعيم اخوك عتعامل كيف ولادها التنين زي بعض، ومعتفرقش حتي في المَحَنه والكلمه الحلوة مابينهم  لاهي ولا ابوهم، 

وشوف كيف لو سلام قال أااخ معروف اول واحد يجري عليه ويقوله بيا ولا بيك ياخوى. 


توفيق نفخ بقلة حيله وبص علي حوريه وهمس بحس واطي: صوح.. معاك حق يابوي، لو صلحت الارض هتصلُح الزرعه.. لكن لو الارض خاشش عليها دم زرعها عيطلع كيف عيالي اكده. 


عديله ميلت علي ولدها وهمستله:

بس خلي بالك عزت خبيث برضك ومش ساهل  وعلى كد إكده كرار قلبه اصفى منيه ومعيحبش الاذي لحد.. 

كرار كل عيبه انه ودني وخفيف وأي حد يقدر يوديه ويجيبه يعني معيحكمش علي عقله، طول عمره ماشي بشور غيره. 


توفيق: عارف يامايه كرار واللي بيه، وعشان إكده عايز اعلمه المرجله.. كرار كبر معادش صغير واللي كده فاتح بيت، بس ديه أمه نسونته وخلته بقي بلم من كتر الجلع.

عديله: ايوه هي حوريه السبب فكل حاجه عفشه في البيت ديه،وهي اللي عتخرب كل حاجه.. اضروبها ياتوفيق وكسر علي راسها العكاز بتاعك هي بت حلال وتستاهل..قالتها وبصت علي حوريه وهزتلها دماغها ولعبتلها حواجبها عشان تكيدها. 

ضحك توفيق بخفه وهمس لأمه: طول عمرك عتكرهيها ياعديله وكل السنين داي مقدرتش تخليكي تقبليها. 


عديله وهي عتبص لحوريه بغيظ وتديق عنيها: طب بذمتك داي تتقبل ولا تتبلع ياتوفيق؟ 

ميل عليها توفيق وهمسلها بحس يادوب طالع: لا والله لا تتقبل ولا تتبلع، وعتقف في الزور كيف اللقمه الناشفه.. قال حوريه قال.. الله يرحمك ياعمي عالاسم ويسامحك يابوي عالورطه. 

كارم بحس واطي زيهم: واني مالي ياد! اني غصبتك؟ اني شاورتك انت واخوك علي بنات عمكم وانتوا اللي رضيتوا،،لو كان واحد فيكم مرضيش ورمح كان حد هيقدر يمسكه؟ 

توفيق: النصيب عاد.. بس يعني ليه سميتوا علي اسمي حوريه واديتوا عدويه الغلبانه لنعيم! مكان خد هو حوريه واني خدت عدويه. 

كارم: نعيم غلبان وعدويه واعره كانتش هتنفع معاه، كانت هتقوله هش يركب القوار(بناء صغير مخصص لحفظ الغلال) .. الواعره عايزه الواعر اللي يشكمها، وكل واحد ربنا عيديه شيلته علي كد مايتحمل. 

توفيق بتنهيدة إستسلام: الحمد لله علي كل حال.. قدر الله وماشاء فعل. 


حوريه كانت متابعه الوشوش والخشوم من بعيد ومديقه عنيها وراميه ودنها معاهم وصرخت لما بطلوا كلام بحسها كله :

خليكم كل ماتصفوا مع بعض قطعوا ففروة حوريه وهاتوا وحطوا فوق راسها من غير ماتعملكم حاجه.. وانت ياتوفيق اقعد اسمع لحديت امك اللي عايزه تخرب بيتك وتجرسك بعد ماعيالك بقيوا رجاله وانت بقيت جد ورجلك والقبر.. وعلي موتي ياتوفيق تتجوز ولا تجيب وحده عليا والله اولع فيكم كلكم. 


توفيق رفع حواجبه بإستغراب وبص لأمه يشوف أيه اصل الكلام الجديد ديه وامه غمضتله علي شفتها التحتانيه وعلي عنيها وهمستله بحس واطي: 

مهووسه هناخدوا عليها ماانت خابرها زين.. قوم ياولدي قوم افرط ضهرك علي فرشتك هبابه وريح مخك انت راجل شقيان وتعبان ومفيكش مخ لرط الحريم المهاويس داي. 


وفعلا طاوعها توفيق وقام ركب علي أوضته وهمل حوريه مرته تبرطم وتردح مع حالها.. أو بمعني اصح مع عديله حماتها ومرت عمها. 

أما عديله فهملت حوريه تتحدت مع نفسها ونادمت بعلوا حسها: عدويه.. بت ياعدويه.. انتي يابت ياام سلام. 

عدويه بصتلها من باسطة السلم فوق:

ايوه يامرت عمي عايزه حاجه؟

عديله:

ايوه.. انزلي  يابت هاتي هبابة ميه حاميه لعمك وحطي فيهم هفة ملح عشان ينفع رجليه اللي عيبيت يعوي كيف الكلب من وجعهم. 

كارم بعصبيه:كلب لما ينبش مصارينك يابعيده الملافظ سعد يابومه. 

عديله بضحكة كدابه: هههه مقصديش يابو توفيق داني شفقانه عليك من وجع الليل. 

خلصت كلامها ونزلت عدويه من فوق ودخلت الموطبخ ودقايق وجاتلهم شايله بين اديها قروانه المونيوم فيها مية حاميه بملح وحطتها تحت رجلين عمها كارم اللي نزل رجليه فيها قوام كنه ماصدق لقيها،  وعاودت الموطبخ وهي عتسألهم:

رايحه اغلي بلح لنعيم حد فيكم عايز أعمل حسابه؟ 

كارم: اعمليلي كبايه معاكي، بس متحطيلهاش سكر. 

عدويه: حاضر ياعمي. 

أما عديله فرفعت رجلين منطلونها هبابه وحطت رجليها هي كمان مع كارم في القراوانه. 

كارم وهو عيزيح رجليها برجليه: 

اوعي إكده وبطلي الغيره بتاعتك مش خالطه جحشك فكل حاجه! 

عديله: اسكت ياكارم رجليا عينقحوا عليا في الليل خلي الملح يسحب منهم الرطوبه..وكملت وهي عتزيح فرجليه برجليها: اوعي إكده متبقاش طماع مش عايز تروق وحدك وتاخد العافيه لحالك!


فضلوا يتناقروا مع بعض وحوريه متابعه بعنيها وودانها معاهم وكاظمه غيظها من مرت عمها، وكل تفكيرها انها عتزن فودان ولدها توفيق وعايزه تجوزه عليها واخر مازهقت من القعدة قامت عشان تنام. 

عديله صبرت لما حوريه طلعت نص السلم وعملت حالها عتكلم كارم جوزها وان حوريه مسامعاهاش وقالتله: 

مردش عليك توفيق لسه عالعروسه ياكارم؟ 

حورية سمعت الكلمه وخبطت باديها التنين علي رجليها وغوايشها عملوا صوت وركبت رمح علي توفيق تطين عيشته. 


كارم بعد ماركبت حوريه بص لعديله وقالها:

طول عمرك كيادة يامره انتي. 

عديله: معكيدش غير اللي يستاهل الكيد وإنت خابر... وفسح رجليك هبابه اكده رجليك كيف مراكب الللي واخدين الطشت كله. 

كارم: انتي اللي قنصه وفيكيش رجلين عشان إكده عتشوفي الناس ورجليهم كبار. 

وفضلوا يتناقروا وعدويه سامعاهم من الموطبخ وعتضحك عليهم وطلعت البلح لعمها وركبت. 

أما كرار فطلع لابو دراع كيف ماواعده وقضي السهرة كلها معاه في الجنينه. 


تاني يوم الكل قام وراحوا علي الشغل بعد مافطروا مع بعض كلهم ماعدا عزت اللي مقامش ولا طلع وقالهم إنه تعبان ومهيقدرش يروح الشغل النهارده.. وديه خلي توفيق طول الوكت يبكت فكرار بالكلام وانه هو اللي أذى اخوه وكرار كان يسمع وياكل وهو ساكت. 


بعد مالحريم لموا الوكل وصبنوا مواعين الفطور وقفت حوريه فنص الموطبخ وابتدت توزع الشغل عليهم كيف عادتها:

وردة وفكريه.. ادخلوا عالحوش زمان ابو دراع طلع المواشي وهاتوا الكعوله وطلعوها عالسطح وقرصوها جله يلا.. وانتي يابدور اطلعي هاتي حطب من بره وسجري الكوانين للطبيخ واعملي التقليه، نعمه تطلعي ٦ كيلات غلة قمح من عالسطح وتغربليهم عشان يتطحنوا بكره الدقيق مفاضلش فيه كتير، وانتي ياعدوية تعالي معاي ند.. بحوا البح ونريشوه.. يلا خلصونا عشان لسه ورانا عميل دبداب. 

خلصت كلامها وكل وحده فاللي واقفين راحت علي مهمتها وهي وعدوية راحوا لمهمتهم. 


طلعت بدور للجنينه وفي الوكت ديه أبو دراع كان واقف في الجنينه وعيدور الطلمبه ويغسل فشوية جرجير فيده جايبهم من حوض الجرجير عشان يفطر بيهم هو وابوه.. وأول ماشاف بدور طالعه تاخد حطب رمى الجرجير اللي فيده فحوض الطلمبه وجري عليها وهو واعيها عتلم في الخشب فباطها 

- عنك انتي يابدور أني هوديلك الخشب، احسن تكون طريشه لابده تحت منيه ولا دفان وتلسعك بعد الشر. 

بدور رمت اللي فيدها ورجعت لورا بخوف وهي عتقول:

يامري طريشة ايه ودفان ايه اني عخاف منهم.. خلاص هات انت الحطب واني داخله.. قالت إكده وراحت علي البيت قوام.. وهو فضل مراقبها وهي ماشيه.. لكن مش هو بس اللى كان مراقب.. عزت كمان كان مراقب وشاف عنيه اللي عتاكل بدور وكل وابتسم بفرحه بعد مالقي السبب اللي هيخلص بيه تاره من ابو دراع.. وهو إنه يقول لابوه وعمه علي عشق ابو دراع لبدور ويطربق الدنيا علي راسه. 

           الفصل الخامس من هنا

لقراءة باقي الفصول اصغط هنا

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close