أخر الاخبار

رواية نفق الجحيم الفصل الحادي عشر والثاني عشر بقلم ريناد يوسف

رواية نفق الجحيم 

الفصل الحادي عشر والثاني عشر 

بقلم ريناد يوسف

توفيق: كرار إنت رحت ليه الموقع عشية إمبارح؟

كرار سمع سؤال أبوه وحس إن حد رماه من فوق جبل عالي هبده عالارض مره وحده..

توفيق باصص لملامح كرار بتفحص، وبمجرد ماشاف لونه إتخطف ساب العيش من يده وشبك صوابع اديه فبعض وإستني بترقب يشوف كرار هيقول أيه.. ولما ملقاش رد من كرار وشاف عنيه عتتنقل مابين الكل عرف إنه مش خالي وإنه صوح راح الموقع وعمل نصيبه.


توفيق بحس عالي:

انطوق قول رحت الموقع ليه عشيه وعميلت أيه.. هتقول إنت ولا اقول اني.


كرار إبتدت اديه يرجفوا وحتي شفايفه، وجسمه تلج كأنه قاعد فوسط لوح تلج عريان.. وكل القاعدين بطلوا وكل وبصوا لكرار بإستغراب لحالته، وكل واحد عيسأل روحه نفس السؤال اللي سأله توفيق لكرار.. ياتري راح ليه الموقع؟ 


عديله لتوفيق : بطل زعيق هبابه ياتوفيق هينزلك البواسير يافقرى.


أما حوريه والحريم فطلعوا جرى من الموطبخ علي حس توفيق ووقفوا قدام باب الموطبخ، وحتي العيال اللي كانوا عيلعبوا فالحوش جارهم وقفوا عن اللعب وبصوا علي سيدهم اللي عيزعق! 


وكرار بقي يتلفت حواليه بخوف وعينه جات على امه بصلها بإستجاد، وهي راحت عليه قوام ملبيه لإستجاده، ووقفت جاره وحطت يدها على كتفه وردت هي على توفيق:

مالك ياتوفيق عتزعق في الواد العيان إكده ليه!؟ 

توفيق بصلها بغضب وقالها بتحذير صريح ميقبلش الجدل:

إخفي من قدامي دلوك عشان ميبقالكش في الطيب اللي هياخده ولدك دلوك نصيب.. وحق لا إله الا الله ياحوريه لو سمعت حسك فالساعادي لأكون مخلص عليكي(بطل. قه) وحده ومكومك فنص الحوش إهنه. 

بلعت حوريه ريقها بخوف وبهداوه بعدت يدها عن كتف كرار، وبمجرد ماعيملت إكده كرار حس إنه بقي ضهره عريان للريح وإتسحبت منيه كل الحمايه.. 


قام توفيق ووقف على حيله بعد ماحس إن فيه نايبه كبيره مستنياه من تحت راس كرار، وخصوصي لما كرار قام مره وحده ورمح علي بره بكل سرعته على آخر مصدر حمايه ليه، واللي متوكد إن هو الوحيد اللي هيقف معاه قدام ابوه ومهيتخلاش عنه. 

توفيق بمجرد ماكرار جري من قدامه بخوف كيف الفيران وقف مع روحه يربط الاحداث اللي جرت، وحالة الراجل وكلامه وخوف كرار والخاتم، والموضوع مخدش منيه غير ثواني وكان فاهم كل حاجه، وفوراً راح على اوضة أمه جاب

(البن.دقيه) و إتحرك ورا كرار علي بره وباقي العيله كلها جريت  وراه. 


أما كرار فراح علي بيت أبو دراع ملقهوش قاعد، فدخل يدور عليه في الجنينه وسط الشجر كيف المجذوب وعارف إنه اكيد هيلقاه هناك. 

وبالفعل أبو دراع كان عيلف وسط الشجر وينضف الحشايش الناميه تحت الشجر البكارى، وأول ماسمع وراه خشوله واعره فأوراق الشجر الناشفه اللي عالارض، وقف عشان يشوف أيه اللي وراه فاتفاجأ بكرار عيتضرب فيه. 

أبو دراع بإستغرب:

كرار! مالك فيك إيه وعتجري من إيه؟ 

كرار بخوف وانفاس مقطوعه: دسني، دسني يابو دراع قوام أبوي جاي وراي وهيموتني. 

وقبل ماأبو دراع يسأله عن حاجه كان واعي عمه توفيق جاي عليهم وماسك البن.دقيه فيده، واخوه نعيم ماشي قباله وعيكلم فيه، وواضح إنه عيهديه، وكمان باقي اهل البيت كلهم جايين وراه


وابو دراع بص لكرار بلوم؛ ١عشان إتوكد من اللي شايفه إنه عمل عمله النوبادي أكبر من أي عمله عملها قبل سابق. 


أما حدا بيت عبد الصمد.. 


دهب : صابر طلع ومعاودش تاني ياعبصمد. 

- ولا هيعاود ياحوريه وكل الحق معاه.. مفيش راجل يقبلها على روحه ياناس.. مفيش واحد ياكل حتتة لحمه من ورا خشم الكلاب. 

دهب: والله لو عاشق صوح وواد أصول كان عيملها ومهمهوش.. لكن صابر طلع أي كلام. 

وعبد الصمد بص لشام اللي إبتدت تفتح عينها علي كلامهم وطلع تنهيدة بحسره على حالها شقت صدره شق. 

أما شام فبصت للسقف من غير ولا كلمه والدموع سالو من عنيها، وحاسه بوجع فجسمها فوق إحتمالها.. بس وجع الجسم مياجيش حاجه قدام وجع القلب والروح اللي كانت حاسه بيهم في اللحظه داي.. خلاص بقت تتشبه بحتتة لحمه ساقطه من خشم كلاب! خلاص بين يوم وليله حياتها كلها إتدمرت ومبقاش ليها اي قيمه ولا عازه مع اي حد؟ 


وفي الاثناء داي دخلت بسيمه من الباب وهي ماسكه فيدها كباية حليب دافيه، وإتقدمت بيها علي شام ووقفت جارها وقالتلها بأمر:

قومي إشربي ياشام عشان تطيبي وتقدري تتكلمي وخشمك يونطوق، وتقوليلنا مين اللي عيمل فيكي إكده.. مين اللي استضعف بنات عبصمد إكمنهم ولايا حداهمش اخ راجل يحامى علي عرضه  وابوهم راجل كبير ومهدود الحيل.. بس واللي رفع السما وبسط الارض وغلاوتك عند اختك ياشام مبقاش اني بت عبد الصمد لو مخدتلك حقك تالت ومتلت. 


وعبد الصمد رد عليها من غير مايبصلها:

إيوه إطلعي انتي خدي حقها عشان تعاوديلي زيها وبدال ماوحده يبقوا تنين وشيل طين فوق الطين ياعبصمد. 


شام لفت وشها ببطئ علي بسيمه وملامحها خدت وضع البكا، وبسيمه حطت كباية الحليب علي الكوميدينو وقعدت جار اختها علي السرير، وبهداوه رفعت دماغها ومسكتها عدلتها نص قعده وسندتها عليها وقلبها إتقطع وهي سامعه انين أختها اللي محاملاش حتى القعده، وجابتلها كباية اللبن وقربتها علي خشمها، ورفعت الكبايه عشان شام تشرب منها، لكن شام مفتحتش خشمها ولا رضيت تشرب، وبسيمه برضوا مياستش، وفضلت حاطه الكبايه علي خشم شام بإصرار، لغاية ماشام تعبت وحست إنها مش هتتخلص من بسيمه غير لما تشرب، وبالفعل شربت. 

لكنها مقدرتش تشرب اكتر من بوقين تلاته وبعدها هزت دماغها برفض..وبسيمه مرضتش تضغط عليها اكتر. 

ركنت الكبايه جارها ونومت شام مره تانيه، وطلعت بره الأوضه؛ عشان تعاود المره داي بصينية وكل لأبوها وامها، وحتي ليها ولبشاير اختها كمان. 


بسيمه بأمر:

يلا كله هياكل ومحدش يقول حاجه الوكل مليهش صالح بالحزن، لا الجوع هيخلي اللي إتكسر يتصلح ولا الشبع هيزيد الطين بله.. دلوك وكت لازمن كل واحد فينا يكون بحيله.. والحيل مهياجيش مع قلة الوكل ديه هيروح بذيادة. 

مد يدك يابو شام وكل عشان تقوم تشوف مين اللي عيمل فعرضك إكده وكلنا هندورا عليه معاك. 

عبد الصمد بصلها ومردش عليها وشاح بوشه الناحيه التانيه، وهي قعدت جاره وغمست لقمه صغيره ومدتهاله قدام خشمه، ونفس اللي عيملته مع شام عيملته معاه ومع امها ووكلتهم غصب، أما بشاير فكانت عامله كيف الاطرش في الزفه مفاهماش حاجه.. وكل اللي فاهماه إن شام عضها ديب والكل زعلان عليها، ولما لقيتهم كلوا كلت زيهم. 

خلصوا وكل وشالت بسيمه الصينيه ولساها هتروح للحوش هي وبشاير يشيلو الظاطه اللي إتأخروا فشيلها النهارده سمعت حس محاسن أم صابر عتنادم عليهم. 

دعتها بسيمه للدخول وقوام بعتت بشاير  خبرت أبوها عبد الصمد بوجودها، وهو هب واقف هو ومرته وطلعولها، وكلهم أمل إن صابر يكون قالهم شام بيها شوية تعب وعشان إكده جات تزورها.


دهب: اهلا ياام صابر تعالي ياخيتي اقعدي واقفه ليه؟ 

محاسن بدون مقدمات وبملامح جامده: له يادهب الكلمتين اللي جايه اقولهم ممستاهلينش قعده.. اني جايه اقولكم إن كل حاجه قسمه ونصيب وبتكم متلزمناش. 

خلصت كلامها ولفت ومشت طوالي من غير ماتسمع منهم اي كلمه. 

عبد الصمد بص لدهب مرته يأكدلها اللي كان عيقولهولها قبل شويه بكلام ام صابر، 

ودهب دموعها نزلوا ومسحتهم قوام.. واتبسمت بأمل وهي واعيه محاسن وقفت علي باب الدار ولفت عليهم، وأتهيألها إنها هترجع فكلامها، لكن أبهى صوره للخذلان إتجسدت قدام عنيها وهي سامعه محاسن عتقولها:

وصوح قبل ماانسى يادهب.. كمان محروسه بت خالي اللي كانت فاتحتك فإنها هتاخد بسيمه لولدها بعد ماصابر يتجوز شام، عتقولك إنها صرفت نظر عن الموضوع خلاص.. خلصت كلامها وطلعت وردت الباب وراها. 

والحسره كلبشت فقلب عبد الصمد بعد ماسمع كلامها وهو واعي بناته العار طالهم كلهم، وقعد على حيله وفضل يشيل في العاوين من قدام الكانون ويحط على راسه ويندب حظه وحظهم ويقول:


ليه ياصابر.. ليه تفشي السر وتفضح عرضي وسط الناس ليه.. لما انك مش هتقدر تستره مكانش فضحته.. كنت قولتلي بيني وبينك معاوزهاش ومكنتش صعدتها لحد من ناسك.

ياسيرتك اللي بقت علي كل لسان ياعبصمد.. يافضيحتك اللي اتفضحتها على آخر الزمن ياعبصمد.. ياريتي مت ولا شفت اليوم ديه يارب. 


اما شام فكانت سامعه كل حاجه من جوا وقلبها عيتعصر عصر، وسامعه فودانها كل كلام صابر الحلو اللي كان يقولهولها وإنه عيحبها وميقدرش يستغنى عنها، وحاجات كتير إكتشفت لتوها إنها طلعت كلها كدب فكدب. 


قعدت بسيمه جار ابوها عالارض ومسكت اديه اللي عيشيلوا في الرماد بتاع الكانون ويرفعوا فوق راسه وقالتله:

أمانه عليك يابوي ماتعمل إكده فروحك.. قوم ياعبصمد وشوف مين اللي شيلك الطين على راسك وقوب راسه قَب وخليه يعرف إن الله حق.. قوم إحنا ٣ ولايا مليناش غيرك لو جرتلك حاجه الديابه مش هتستني جوف الليل ولا الخلوه عشان تنهش فلحمنا.. هتنشه فعز النهار ر والشمس طالعه وعلى عين الكل. 


عبد الصمد بوجع: وهو اني كنت نفعتكم فأيه واني حي يابتي، ولا حوشت عنكم ايه.. اني طلعت زيي زي عدمي.. طلعت خيال مقاته ميخوفش حتي زرزور. 


أما دهب فقعدت بعيد وابتدت تنوح علي حال بناتها وجوزها اللي عيموت قصاد عينها ومش عارفه تصبره بكلمه ولا تهون عليه، وهي واعيه حالته وعارفه إن كلام الدنيا كلياته ولا هيغير فحالة حد فيهم حاجه. 

دخلت بشاير على شام فغفله من القاعدين بره وقربت منها، وحبت جبينها بحنان، وقعدت جارها ومسكت يدها وقالتلها:


تعرفي ياشام اني عحبك قوي.. عحبك اكتر من البت بسيمه الرديه اللي عتضروبي وتفضل تزغد فيا واحنا لحالنا لما مااسمعش كلامها ولا تقولي علي حاجه واتأخر فيها..

إنتي طيبه وحنينه قوي ياشام..اني معارفاشي ليه ابوكي عيشيل الطين ولا ليه صابر سابك وكل ديه عشان عضة ديب.. بس اللي اعرفه إني هموت وراكي لو جرتلك حاجه وموتي واتلفتت حواليا ملقتكيش.. 

وريني يختي عضة الديب داي فين وواعره كد أيه؛ عشان اطمن عليكي إنك مهتموتيش وهتطيبي وهتعاودي تتنططي كيف القرود من تاني.. والله لو اشوف الديب اللي عيمل فيكي إكده

لأد. بحه وأشويه وأوكله للبت بسيمه بالغصب. 

بصتلها شام وحاولت تتبسملها لكنها مقدرتش، وغمضت عنيها بألم وكل اللي جه قدام عنيها.. صورة الخاتم أبو فص اوحمر، والكلام العفش اللي كانت عتسمعه من الكلاب التلاته، والوجع اللي كانت حاسه بيه ساعتها، واللي لساها حاسه بيه.. وابتدا جسمها يتنفض كيف اللي إتعرضت لتيار كهربا. 

وبشاير أول ماشافت حالتها داي صرخت وجريت علي بره تنادم حد فيهم عشان يشوفها. 

وراحتلها امها وبسيمه والتلاته فضلوا يضموا فيها ويلكلكوا بالغطا ويهدوها وكل فكرهم إنها بردانه،او حاسه بوجع، ميعرفوش إن اللي حاسه بيه إحساس اكبر واقوي من أي إحساس في الدنيا بالوجع أو البرد.. إحساس الغصب. 


أما عبد الصمد ففضل قاعد فموطرحه وإبتدا يفكر هيعمل إيه، واللي اهتداله وقرر إنه ينفذه فوراً إنه راح بحالته داي علي بيت جلال ابو صابر جيرانه،

ووقع فعرضهم إنهم يكتموا عالخبر اللي سمعوه، وإنهم ميفضحهوش وسط الناس، وعاتب صابر عشان فتش سره، 

وكان مستني من صابر وابوه وامه حق الجيره والعشره والعيش والملح يتردوله فصورة وعد منهم بالستر وكلمه تطيب الخاطر.. لكن اللي حوصول إنهم أول من مسك كرباج الذل وإبتدوا يضربوه بيه، ويحملوه هو مسئولية اللي حصل لبته، ويأنبوا ضميره من غير ماتاخدهم بحالته شفقه ولا رحمه، وحتي صابر كان من ضمن الجُلاد.

وعاود عبد الصمد من حداهم وهو حاسس إن الدنيا خلاص ضلمت فعنيه وانه عيطلع في الروح ومسألة وكت وقلبه هيقف من كتر الوجع اللي جواه. 


أما حدا بيت المقاول.. 

توفيق وصل حدا كرار وابو دراع ورفع الس. لاح عليه وقاله بأمر: 

كل حاجه كنت تعميلها كنت اعديها واقول هينه وبكره يكبر ويعقل ويبطل الطيش بتاعه ديه.. لكن يوصل بيك الحال لأعراض الناس وشرفها ياكلب!؟ 

أبو دراع فضل يتلفت علي كل الواقفين ومفاهمش حاجه ولا عارف إيه اللي عيجرا! لكنه وقف مابين توفيق وكرار، وخلي كرار وراه وبوز البند. قيه بقي متوجه على صدره هو وقال لتوفيق:


بالهداوه ياعم، كل حاجه تتحل بالهداوة.. قولي بس فلاول كرار عيمل ايه وبالله عليك ومتعملش حاجه فساعة غضب راعيها الشيطان. 

توفيق بعصبيه: أبو دراع.. اللي عيمله صاحبك النوبادي لا ينفع فيه هداوة ولا الشوطان ليه دخل فيه.. عشان الشوطان نفسه هو اللي واقف وراك.. صاحبك هتك عرض ياابو دراع.

الكل سمع الكلمه وكل واحد عبر عن صدمته بحركه مختلفه، وأبو دراع لف وبص لكرار اللي كان عيتنفض ويصب عرق فعز الشتا ،وعرف إن كلام ابوه مظبوط، وخصوصي لما ربط بقعة الدم اللي شافها على جلابيته الصبح باللي عيقوله ابوه.. وبهدوء أبو دراع إتحرك من قدام كرار، ووقف علي جنب وشبك اديه ورا ضهره، وخد نفس جامد وبص قدامه بملامح متجهمه..

وداي اول نوبه أبو دراع يعملها ويهمل كرار فمواجهة خطر أو وجع.. لكن اللي عيمله النوبادي أبو دراع متقبلهوش أبداً، وكانت صدمته فكرار صاحب عمره اكبر من صدمة الكل. 

أما كرار فبحركة ابو دراع وتخَليه عنه لأول مره فحياته.. حس إنه فرصته في الحياة إنتهت، وإنه ميت على أيد ابوه ميت لا محاله لأن العمله اللي عيملها متوكد إنها فعرف أبوه ملهاش غير عقاب واحد.. وهو اللي هيعمله دلوك. 


وفي اللحظه داي إتصرف تصرف الانسان اللي عيواجه الموت ومستعد يعمل أي حاجه عشان يدافع عن حياته، فاترمى تحت رجلين ابوه عالارض ومسك فيهم وبكي بحسه العالي وهو عيقول لأبوه:


مش اني اللي هتكت عرضها الأول يابوي.. والله العظيم مااني ديه همام ومن بعد منيه السيد، واني كنت اخر واحد.. والله مااني اللي خدت شرفها ولا هتكت عرضها.. همام والله هو اللي عيملها. 


هو قال إكده وكل اللي كان مصدوم من الكلام اللي قاله توفيق ومستغربه وعندهم أمل يطلع كدب او سوء فهم، قضت عليه الصدمه تماماً بعد إعتراف كرار.. 


اما نعيم فسمع الكلام ديه وزعق في الحريم بعلوا حسه:

غوروا انتوا عالبيت واقفين إهنه تعملوا ايه، غوروا ياقللات الحيا ياعديمين الربايه.. خلص كلامه والكل فضل واقف علي حاله عشان الصدمه كانت أكبر من خوفهم من أي زعيق يزعقه حد عليهم، 


وتوفيق شاف إن الحريم مسمعوش الحديت فرفع الب.ندقيه فوق للسما وضرب طلقه في الهوا وهو عيقول:


اللي هنزل البندقه والاقيها لساها واقفه قدامي الطلقه الجايه هتسكن نافوخها.. والحريم بعد الطلقه والكلام كلهم جريو علي البيت والخوف مخليهم كيف الراهاوين. 

ووصلوا نص المسافه ولقوا عديله جايه وراهم تمشي بالراحه علي كد حيلها متسنده على عصايتها، وعدوها وهما عيجروا مفيش وحده وقفتلها حتي.. وعديله شافتهم عيرمحوا الرمح ديه ووقفت موطرحها بخوف وهي مقادراش ترمح زيهم وفضلت تزعق عليهم وتشتم فيهم عشان يستنوها ومعارفاشي تكمل ولا تعاود. 


أما توفيق فكان عنده آمل لاخر لحظه إن ولده يقول مش أني، وإن الموضوع فيه غلط.. وإن واد توفيق ميوصلش بيه الحال ابداً لأنه يعمل العمله داي.. لكن للأسف طلع اسواء من السوء وخيب آخر أماله، وبمجرد ماذكر أسامي همام والسيد توفيق عرف فوراً إيه اللي جسره علي إنه يعمل العمله داي. 

بص توفيق لابو دراع وسأله بغضب: 

وإنت لميته هتداري عليه وعلي عمايله، عارف معناها ايه لما يوبقي عامل عمله كيف داي وتسانده فيها وتغطي عليه؟ تبقي إنت كمان متقلش وساخه عنيه. 


أبو دراع كان هينطوق ويدافع عن حاله لكن سبقه كرار لما قال:

ابو دراع ميعرفش حاجه، ابو دراع كان عاملني سهرت معاهم وشربتلي سجارة حشيش وسطلين بوظه بس، اني مقولتلهوش اي حاجه تاني. 


توفيق سمع حديته ديه عن الحشيش والبوظه، وكلامه عليهم وكأنهم حاجه عادي يعملها ووطي (البن.دقيه) حطها على دماغه، وإهنه الكل صرخ وجري علي توفيق ومسكوا البندقيه وخلعوها من يده بالعافيه ونعيم بغضب قاله:

إتجنيت ياتوفيق ياك، عاوز تموتلك راجل؟


توفيق رد عليه بغضب أكبر:

بالله عليك قولي هو فين الراجل ديه يانعيم؟ يابوي اني مخلفتش غير راجلين، وديه حتي مينفعش أحسبه علي حريمي؛ عشان حتي الحريم حداها شرف وكرامه ودين وإيمان اكتر منيه.. ديه كلب سعران ماشي ينهش فاعراض الناس مره بعنيه ومره ببدنه وبعافيته، والنصيبه إنه عيتعافى عالولايا والغلابه.. إنت مشوفتش يانعيم الراجل اللي كان في الموقع الصبح كانت حالته عامله كيف؟ 

شفتش الكسره اللي كسرهاله ولدي يانعيم، شفت. عمته المتمرمته تراب واني عامله مهووس اتاري ولدي اللي صابغله عمته بالعار!

نعيم: بس إهدي وهدي حالك وتعالا نشوفولها حل مع بعض. 

توفيق:

مليهاش حل يانعيم ديه مش توب إتقطع هنرقعوه، ديه شرف كيف عود الكبريت وولدي شطه وحرق بيه حياة وليه وأبوها وعيلتها كلها.

ياخوي الواد ديه كان لازمن يموت من صغره ؛ لانه مليهش عازه، وطول ماعايش وعيكبر نصايبه عتكبر معاه واني معادش فيا حيل ولا قلب يتحمل عمايله الشينه تاني. 

بس تعرفوا.. داي غلطتي أني؛ عشان اني اللي مشديتش عليه كيف إخواته وهملته لأمه تجلعه، واني خابر زين إن جلع الحريم معيطلعش غير عيال نيه.. بس ورحمة اللي ترابه لساه مابرد لأكون مربيك من اول وجديد ومعلمك الادب ياكرار الكلب. 


خلص كلامه وبص جاره لمخلوف وقاله بأمر:هات حبل طويل قوام يامخلوف.. قوام. 

خلص جملته وبص لمخلوف بتاكيد، ومخلوف رمح قوام يجيب الحبل، عشان متوكد إن في اللحظه داي توفيق ناره قايده واللي هيخالفله أمر هتطوله النار هو كمان مع كرار. 

نعيم فمحاوله بائسه: ياولد ابوي قولتلك إهدي وتعالا نشوفولها حل الأمور متتاخدش إكده.. اني عقول إن مادام أبو البنيه معرفش حاجه يوبقي نكفوا عالخبر ماجور ولا من شاف ولا من دري. 


توفيق بغضب: إتقي الله يانعيم إنت معاك ولايه.. ترضاه علي بدور اللي عتقوله ديه،، بذمتك ترضي علي روحك تكون موطرح الراجل الغلبان اللي حالته كانت تقطع القلب الصبح ديه؟ 


نعيم سكت لأنه ملقيش كلام يقوله يرد بيه علي كلام توفيق، ووصل في اللحظه داي مخلوف بالحبل وخده منه توفيق وبص لكرار وقاله بأمر:

قوم ياكلب واقف وضهرك للشجره.. ومن بين الكل نده عاللي متوكد إنه هيساعده فربط كرار من غير تردد:


عزت.. تعالا قَوِم العويل ديه ووقفهولي علي الشجره.. 

وبالفعل عزت نفذ الأمر فوراً وثواني وكان مثبت كرار علي الشجره وأبوه ربطه بالحبل وقرط عليه على مرأى من عيون الكل، ومحدش قدر يتحدت، وبعد ماخلص بص لصفوت وقاله بأمر:


صفوت خد سلام وتروحوا تجيبولي أُس البلا همام والسيد وابهاتهم معاهم، 

ولو مرضوش ياجوا تكروهم بالعافيه كر، ولو ملقيتوهمش تدوروا عليهم وتجمعوهم لو مدسوسين فقمقم.. مسافة الطريق وعايزهم قدامي. 

خلص كلمته ووطي علي فرع شجر عفي كان عالارض اتلافاه، وطبعاً كان معروف هيعمل بيه أيه، وكرار شاف الفرع فيد ابوه وابتدا يصرخ بخوف ويستنجد بكل واحد من الواقفين بدوره ويندهه بإسمه؛عشان يحوش عنه أبوه، 

والنصيب الاكبر من التوسل كان لأبو دراع اللي بين كل اسم والتاني كان ينطق إسمه ويقوله الحقني ياخوي.. لكن أبو دراع ولأول مره يحس إن كرار عيمل العمله اللي ملهاش حداه دفاع ولا تنفع معاها شفاعه، فقال لصفوت :

صفوت إستني أني رايح معاكم اجيب العيال دول، أصلي نفسي اجيبهم بزفه تليق بيهم وباللي عيملوه.. داني نادرها. 

قالها وإتحرك اول واحد فيهم وهمل كرار لمصيره اللي يستحقه. 

وبمجرد ماخطي كام خطوه سمع صوت خبطة الفرع على جسم كرار اللي صرخ من قعف راسه، لكن برضوا حتى الصرخه موقفتهوش ولا اثرت فيه، وكمل مشي وهو عيقول لروحه.. 

إن كرار فعلا ميستاهلش غير المعامله داي، وإن الضربه اللي اداهاله الصبح وندم عليها لو حكموه علي كرار فاللحظه داي هيديه الف ضربه وضربه اوعر منها، وبرضك مش هيشفى غليله منيه ولا من اللي عيمله. 


أما توفيق ففضل يضروب فيه مرحمهوش ولا رحم صراخه ولا كان سامع للي عيتوسلوا فيه عشان يسيبه بعد ماقطع النفس تحت يده، غير لما دراعه وجعه من الضرب ومبقاش قادر يرفعه عشان يضروب بيه تاني. 


اما حوريه فامن أول مادخلت البيت وهي عتولول وتنوح على ولدها، وقلبها عيرجف من خوفها عليه من ابوه، ومهديتش وبالها اطمن غير ومعروف داخل من الباب بتاع البيت عليهم بالبندقيه ووداها على اوضة سته موطرحها.. وكتها بس عرفت إن ولدها نفد من الموت على يد ابوه، ومهما كان اللي هيعمله فيه بعد إكده هين ويلاقوا عليه مادام حسه في الدنيا باقي. 


خلص توفيق ض.رب فكرار وهمله وقعد بعيد عنه بس عينه عليه، وجار منيه قعد نعيم ومخلوف، والتنين عايزين يهونوا عليه ويهدوه لكنهم مش عارفين يقولوله ايه.. ولا يصبروه بأيه علي كرار وعمايله،  واللي هما التنين عارفين إن أبوه علي حق فكل اللي عيعمله فيه، وإنه قليل عليه كمان. 

شويه ووصل صفوت بالعربيه الفورد هو وسلام وابو دراع زانق همام والسيد في الكرسي الوراني ونازل فيهم دكيم وضرب بواني فوشهم لما ورم سداغهم التنين، ودخلوا بيهم علي الجنيه، وبمجرد ماهمام والسيد شافوا كرار مربوط في الشجره واللي حاصل فيه.. بلعوا ريقهم بخوف، وقلبهم وقع فرجليهم، واتوكدوا إن كرار فشى السر الكبير، بعد ماكانوا فاكرين إنهم متجرجرين عشان شربوا كرار معاهم حشيش بس.. 

وقفوا التنين قدام توفيق اللي بص للسيد وقاله بإتهام صريح:

سيد مادام إنت اللي بديت وخدت شرف البت كيف ماقال كرار توبقي العمله عملتك لحالك وإنت اللي تشيل الليله وحدك، وهشيع لناس البت ياجوا يشوفوا شغلهم معاك دلوك.. البت طلعت بت ناس ومن عيله كبيره قوي وناسها طاحناهم النار عليها وقالبين البلد قلب من عشيه بالسلاح علي اللي هتك عرضهم. 

وإهنه السيد صرخ بحسه كله.. والله همام اللي عميلها وهو اللى جاب البت للنفق وهو اللي خد شرفها اول واحد اني كنت التاني، والله العظيم همام. 

وبس سمع توفيق الحديت إتوكد من إن ولده عيقول الحق وإن همام هو اللي بدا بالبت فعلاً. 

توفيق بص لهمام وقاله: يعني إنت الشجيع اللي فيهم ياخسيس.. إنت اللي خطفت وهتكت ومن قبلها جرجرت الرجلين للشرب والسكر والعربده.. يعني إنت راس الحيه. 

همام بنفي: له مش اني لحالي كلنا مع بعض.. ومتفرقش الأول من التاني من التالت.. الصحن مش مهم مين اللي عياكل فيه قبل مين المهم إن كله داق وكل، ومش عدل إن اللي كل اول لقمه يتقال عليه هو اللي خلص الصحن لحاله. 


توفيق: له وعتعرف تلعب لسانك بالحديت كمان! صوح إنك واد فاجر. 

خلص جملته وبص لبوابة البيت ولقي ابو همام وابو السيد جايين لحالهم ووشهم مخطوف بعد ماالجماعه جابوا عيالهم قدامهم فالعربيه كيف المقبوض عليهم وهما ملقوش موطرح فالعربيه فجم وراهم مشي أو بمعنى اصح جري. 


وصلوا حد توفيق وشافوا عيالهم مضروبين وخدودهم وارمه وشافوا كرار مربوط فالشجره وقلوبهم وقعت فرجليهم، وعرفوا إن عيالهم راعيين النصايب عملوا نصيبه جديده، واتوكدوا لما توفيق قالهم عاللي حوصول..وبس توفيق خلص كلامه ألتنين مسكوا ولادهم ضرب، وخصوصي لما خوفهم توفيق من عيلة البت وقالهم إنها عيله كبيره وهياجوا ياخدوا بتار اللي إتعمل فبتهم. 

وحكم توفيق إن همام يتجوز البت طالما هو اللي بدا بيها وهو اللي خطفها. 

وهمام سمع الحديت ديه وجن جنونه. 

نفق الجحيم الفصل ١٢

***************


همام سمع حديت توفيق وإتجنن وفضل يزعق بعلوا حسه:


-لا والله لايمكن ديه يوحصول، ايوه عايز تبعد التهمه عن ولدك وتلزقها فينا احنا؛ اكمننا غلابه وحدناش اللي يسندنا زيك.. له والله مايحصول ولا يكون.


توفيق بغضب: 


يعني ايه حديتك ديه ياد إنت؟


همام: 


يعني اني مهتجوزش وحده وطأوها معاي اتنين، بالك لو وحدي كان ماشي وكنت خدتها، إنما اني اكون الخروف اللي يشيل الليله وتلبسوني الصايعه اللي عتطلع فنصاص الليالي لحالها داي والله مايمكن.


توفيق قرب منيه ومسكه من قب جلابيه وبغضب مكتوم قاله:


والصايعه داي لقتوها بت ولا ملقتوهاش؟


شفت شرفها بعينك ولا مشفتهوش؟


همام ببرود:


كنت سكران ومشفتش حاجه.


توفيق:هحلفك علي كتاب ربنا! 


همام :احلف ومالو. 


توفيق همله وبص للسيد وقال لخلف: هات كتاب الله ياخلف من بيتك.. وقلع الانجاس دول وحطهم تحت الطرمبه؛ خليهم يطهروا عشان يحطوا يدهم عليه ويحلفو إنهم مشافوش شرف البنيه.


السيد رد عليه قوام:


له يابوي شفناه شفناه ودمها غرق الدنيا كمان والله


همام زعق فيه:


ديه جرح ياخايب من الغشوميه اللى كنا فيها.. اسكت إنت مفاهمش حاجه احنا كنا سكرانين مدريانينش.


توفيق خبط اديه فبعض، وبعدم استيعاب رد عليه:


يعني إنت مش مكفيك ضيعت حياتها اللي جايه.. كمان عايز تضيع سنين عمرها اللي فاتت، وتطلع البنيه مش زينه عشان بس تطلع من المغرز اللي إنت فيه؟! 


همام بثقه:


اني مش فمغارز ولا عتبلى على حد، البنيه اللي عتقول عليها داي لو شريفه متطلعش فنصاص الليالي، ولو معاها رجاله وناس كيف ماعتقول ميطلعوش بناتهم لحالهم في الليل وهما يقعدوا نايمين كيف الحريم في البيوت. 


ولما تاجي تخوف حد خوفه بكدبه تتصدق.


توفيق رد عليه بكف علي وشه وهو عيقوله: يعني اني كداب ياكلب؟


وهو ضربه بقلم وأبوه طبق عليه بالتاني وقاله:


ايا قليل الربايه عتغلط فالاكبر منك يافردة المركوب! وكمان فالمقاول بذات نفسه، اني والله بايني معرفتش اربي.


خلف بسخريه: باينك!


توفيق: نهاية الكلام يابو همام ولدك هيتجوز البت.


ابو همام : يابوي واني موافق.


همام: واني والله ماتنطبق سماكم علي ارضكم مموافق.


توفيق: وتكسر كلام ابوك؟


همام: واكسر رقبته لو غصبني اخد وحده بت ليل. 


توفيق بنفاذ صبر وقلة حيله: اتجوزها واني اديك


 الفلوس اللي إنت عايزها.


همام: ولا مالك كله، ولا مال قارون، اني صوح


 ممعايش فلوس بس مش هفيه ولا مدلدل.


وفر فلوسك يامقاول اني مهتجوزش حد.. حداك


 اتنين غيري اهم إنت حر جوزها لاي حد فيهم.


توفيق: طيب وتلاته بالله العظيم ماحد هيتجوزها غيرك.


همام بإبتسامة مكر: هنشوفو. 


وبعد كر وفر فى الكلام، ومناهده، وشد وسحب، الكل وافق على إن همام هو اللي يتجوز البت، وإن توفيق يتكلف بالجوازه كلها من اولها لأخرها، ماعدا همام هو الوحيد اللي مكانش راضي. 


وروحوا همام والسيد مع أبهاتهم على بيوتهم على وعد إن بكره هيروح همام وابوه والمقاول لبيت الراجل عشان همام يتجوز بته ويصلح غلطته. 


وبعدها طلع توفيق من البيت بعد مااتوعد للي


 هيفك كرار بالعذاب على يده، وحكم عليه إنه يبات الليل كله وهو مربوط في الشجره في البرد؛ 


عشان يتربى ويدوق هبابه من العذاب اللي دوقه لغيره. 


أما كرار فإبتدا يفوق وحس بإن جسمه إتكسر تكسير من ضرب ابوه فيه، وبقي مش حامل الصليل اللي فعضمه من الوجع.. وبص شمال ويمين ملقاش حد حواليه، وكان المغرب خلاص والدنيا إبتدت تضلم تحت الشجر المغوف،


وحس برعشة برد عتسري فكل جسمه فوق وجعه وخوفه.. وشويه وسمع صوت خطوات جايه من وراه.. وثواني وكان ظاهر قدامه ابو دراع حامل كومة حطب ناشف على كتافه، ورماهم بالقرب من كرار ومشي ناحية بيته.. 


ومهما نده عليه كرار مكانش يرد عليه كأنه مش سامعه. 


اما حوريه.. 


فكانت شفقانه علي كرار ولدها من البرد والوجع، ونفسها تجري عليه وتاخده فحضنها، لكنها عارفه إنها لو عيملت إكده هتوبقي جنت على روحها مع توفيق.. فسكتت وصبرت على وجع قلبها عليه. 


اما باقي اهل البيت فكانوا كلهم بلا استثناء مش مصدقين لا اللي سمعوه، ولا اللي شافوه لحد اللحظه اللي هما فيها، ولا عقلهم مستوعب كبار وصغيرين إن حد من بيت المقاول توفيق اللي الكل عيحلف بحياته يطلع منيه الفعل الشين ديه، وكل اتنين ماسكين بعض طول الوكت ونازلين ودوده في الموضوع ديه. 


اما حدا كرار فبعد شويه عاود ابو دراع من بيته وعلى كتفه فرشه وغطا وفيده قفه صغيره وحطهم كلهم بالقرب من كرار، وراح جاب ليفة نخل وشوية عفش وقرب الخشبات من كرار على كد مايقدر وولع فيهم.


 وراح على الفرشه فرشها وقعد عليها وإبتدا يراعي النار عشان تولع زين.. وشويه بشويه إبتدا يتولد الدفى ويحس بيه كرار، اللي إتبسم وهو باصص لابو دراع اللي برغم إنه عارف زعله منيه في الساعه داي عامل فقلبه ايه، لكنه برضوا برغم زعله لساه حنين عليه، وعيعمل معاه اللي محدش من ناسه اللي من لحمه ودمه إتجراء يعمله خوفاً من المقاول. 


شويه وقام أبو دراع بعد مافتح القفه وطلع منها وكل وجه ناحية كرار، وقرب الوكل من خشمه عشان ياكل منه.. بس وهو شايح بوشه للناحيه التانيه بعيد عنه. 


قطم كرار من العيش قطمه والتانيه والتالته، وبعدها همس لأبو دراع بندم:


والله العظيم ندمان وعارف إني غلطت غلطه متتغفرش بس غصب عني.. ديه السكران محدش عيحاسبه عاللي عيعمله ولا يقوله فسكره ياخي.. أمانه عليك يابو دراع الا إنت متتخلاش عني.. داني اخوك اللي عاهدته هتقف معاه وهتحميه من الدنيا كلها ولا نسيت؟ 


وما كان من ابو دراع بعد ماسمع كلام كرار الا إنه بعد عنه وراح رجع الوكل للقفه وغطاها، ونام عالفرشه واتغطى وحط يده تحت دماغه وفضل باصص للنار، وعينه ابداً مرفعهاش على كرار ولا كان عاوز يشوف شكله؛ عشان متاخدهوش بيه أي شفقه ولا رحمه. 


وإنقضت أول ساعات الليل وتوفيق قاعد في المندره لحاله عيأنب روحه علي سوء تربيته لكرار وتقصيره معاه، وكيف إنه هيتسأل عنيه يوم يُسأل كل راعٍ عن رعيته، وخوفه من إنه يومها مش هيوبقي عارف يقول لربه أيه، ولا يبرر غفلته عن ولده بأيه، مخلي قلبه عيرجف من الخوف. 


وبعد ليل طويل عالكل والكل قاعد سهران والعيون مزارهاش النوم، فاحت روايح الفجر وطل نهار جديد.. وعاود توفيق للبيت، وخدته الخطاوي لعمله الاسود المتجسد فكرار ولده يشوف حد كسر كلامه وفكه، ولا لساه كيف ماهو على ربطة إيده. 


ووقف من بعيد وهو واعيه لساه مربوط ونايم وهو واقف، وواعي النار قايده جار منيه وابو دراع قاعد قباله، ولف توفيق وهملهم بعد مااتنهد بقلة حيله وغلب، وهمس لروحه وهو ماشي:


ربنا اداك كل النعم ياولدي بس إنت جاحد.. إداك الصحه والغنى والصاحب الزين اللي الناس عتتمنى حد بنص محبته يكون فحياتها..بس الطبع العفش غلاب، وإنت ديل كلب وعمرك ياولدي ماهتتعدل لو عشت لحالك وسط قبيلة ملايكه.. هتشوف برضك الغلط فين وتعمله. 


دخل توفيق البيت وشاف اللمضه الجاز بتاعة امه قايده وعاليه وأوضتها منوره، وكمان حوريه مرته اول ماالباب بتاع البيت زيق نزلت قوام علي السلم، كيف ماتكون كانت واقفه عليه مستنيه.. وتوفيق أول ماشاف وشها بصلها بغضب خلاها وقفت موطرحها عالسلم مكملتش نزول، وراح هو على اوضة أمه.. عشان في الساعه داي مكانش طايق يبص فوش حوريه؛ لأنه خابر زين إنها أوس الخراب كله، وكل الغلط مولود من بطن أفعالها. 


قعد توفيق جار أمه وبكل كُبره وشيب شعره وسنه الكبير.. نام على رجلها كيف عيل صغير عيهروب من غضب الدنيا ويتخبى فأمه عشان تحميه منيها. 


فضلت عديله تقراله قرآن وتصبره وتهون عليه لغاية ماأذن الفجر وقام توفيق ودخل حمام امه عشان يتوضى ويصلي، ولقي حوريه عتدخل الأوضه عليهم وهى محمياله الميه وموديهاله الحمام كيف كل يوم،


 وعاودت للموطبخ تعمل في الفطور اللي مش عارفه مين هياكله النهارده، ولا مين هيلقاله نفس للوكل من اصله. 


وشويه وإبتدا البيت كله يصحى واحد ورا التاني فمعادهم المعتاد.. لكن الوشوش مكانتش صاحيه تضحك ومرتاحه كيف كل يوم. 


الكل إتجمع علي وجبة الفطور، وكيف ماحسبتها حوريه لقتها، وولا واحد فيهم مد يده على لقمة وحطها فخاشمه، والكل مشربش غير الشاي السادة وقاموا حامدين ربهم وهملوا الوكل كيف ماهو وزي مااتحط اتشال. 


نعيم: هاه ياخوي هتعمل إيه النهارده


توفيق: هعمل اللي إتفقنا عليه يانعيم، هاخد همام وابوه واروح لبيت الراجل اللي مش عارف هعرفه كيف واسأل عليه مين وبأنهي إسم! وهنطلبوا البت للجواز ونستروه ونستروا عرضه. 


نعيم هز راسه بموافقه وكمل شرب الشاي وحط الكبايه قدامه وقاله:


طيب هتروحوا كيف، هتروحوا بالقطر؟ 


توفيق: له قطر ايه هنروحوا بالطرومبيل انتوا اللي هتروحوا بالقطر إحنا خطابه ولازمن ندخلوا عالراجل باللي يشرح قلبه هبابه وينور عينه قدام الناس.. وصيلي أبو دراع ياصفوت او حتي قول لمخلوف أبوه وهمل ابو دراع.. قوله ياجيب كام صندوق فاكهه من اللي طارح في الجنينه ويحطهم في الطرومبيل علي ماياجي همام وابوه..خلص كلامه وصفوت قام ينفذ. 


وبعد ماقال لمخلوف عاللي عاوزه أبوه عاود وراح مع اخوه وعيال عمه وعمه على محطة القطر عشان يركبوا ويروحوا الموقع. 


أما حد بيت شام.. 


شام صابحه متنشنشه هبابه واحسن شويه من إمبارح، وقدرت النهارده تتعدل وتقعد علي حيلها بمساعدة بسيمه، وعبد الصمد ودهب لساهم على نفس حالهم.. ومن عشيه بيتهم مفضيش من الناس اللي رايحه وجايه، منهم اللي يسأل علي عبد الصمد ويشوفه مطلعش لغيطه ليه من إمبارح، ومنهم اللي جايين لشام اللي ممتعوداش تغيب عن الشارع والقعده معاهم ويعدي يوم بحاله ميشوفوهاش.. وكان عذر الكل إن شام مصخنه ومحمومه حُمه واعره، وعبد الصمد خايف عليها وقاعد جارها. 


شام لبسيمه بحس يادوب طالع وزور مجروح من البكا والصراخ بتوع اول عشيه: 


سنديني طلعيني عالسطوح يابسيمه عايزه اشوف حاجه. 


بسيمه بصتلها بشفقه وقالتلها:


له ياشام إنتي لساكي مرضانه مهتتحمليش الطلوع اني ماصدقت إنك بطلتي نزف النهارده.. احسن جرحك ينزف تاني ياخيتي.. وبعدين انسي السطوح خلاص معادش فيه حاجه منها نفع يتطل عليها من ع السطوح. 


بسيمه كانت تتحدت وهي عارفه أختها شام عايزه تطلع السطوح ليه، وكانت خايفه عليها من خيبة الأمل فاللي لساها مشعبطه فيه قلبها.. ولكن لما شافت شام مصممه وعتحاول تقف لحالها، ساعدتها وخدتها عشان توريها بعينها وبقلبها إن اللي متعشمه فيه خساره فيه العشم. 


طلعت بسيمه بشام خطوه خطوه، وابوها وامها شافوها والتنين بصوا للارض لأنهم مش متحملين يشوفوا بتهم في الحاله داي.. وشام شافت عيونهم هربت عشان متبصلهاش وقلبها إتعصر، وخصوصي من ابوها اللي كانت دايما عتوعى صورتها فعنيه وهما عيلمعوا بالفرحه كل مايشوفوها. 


ووحده وحده طلعت شام للسطح مع بسيمه،، ووقفت وبصت للشباك اللي قلبها عيقولها إن صابر واقف وراه وشايفها، وحلفت لو طل منيه لهتبكيله بدال الدموع دم؛ لحدت مايحن عليها ويرحم حالها ويمكن قلبه بشوفتها يتفكر المحبه. 


وكيف ماعيقولوا قلب العاشق دليله، وفعلا صابر طلع واقف في الشباك وشايفها، لكنها شافته لما زيق الشباك حاجه بسيطه وبص من وراه كأنه مقاعدش، وكد أيه صعبت عليها نفسها من اللي عيدس روحه منها، بعد ماكان عيعد الوكت بالدقيقه عشان يتجمعوا سوا فأوضه وحده وتحت سقف واحد. 


وطالت الوقفه، وطال الجفا، وتعبت شام وصابر محنش ولا خدته بيها أى شفقه من اللي كانت متأمله فيها.. واخيراً قفل شباكه خالص فوشها كانه راجع حاله طول الوكت ديه، وشاف إن القرار اللي خده كان الصواب، ومع قفلة شباكه حست شام إن ابواب الدنيا إتقفلت كلها فوشها.. فهمت بالنزول مع بسيمه،، ويادوبها خطوه اللي إتحركتها.. ووقفت لما سمعة صفارة حبيبها.. 


لفت عشان تشوفه كيف كل مره، لكنها مكانتش حاسه بأي فرحه بيه كيف كل مره، مع إنه النوبادي كان عيصفر كتير كأنه حبيب عاتب على غياب حبيبته عنه طول النهار إمبارح، وإنه إتشغل باله عليها،، ووصل قبال البيت والصفارات زادت.. وشام إتبسمت غصب عنها لأبو قلب حديد اللي طلع أحن عليها من اللي بين ضلوعه قلب لحم ودم بالكدب. 


اما عند عبد الصمد ودهب.. 


دهب: مقولتليش ياعبصمد عاللي نويته وواعياك طول الليل عتقلبه فراسك؟ 


عبد الصمد رد عليها من بين شروده:


هعمل اللي عيتعمل في الظرف ديه يادهب ومفيش بديل عنيه.. يالتُقاله والبحر ياالقطر. 


وإهنه دهب سمعت الكلام وضربت على صدرها وهي عتصرخ بعلوا حسها وتقول:


بتتتتتااااااااي.. 


أما حدا توفيق.. 


خد بعضه وخد الطرومبيل وراح علي بيت همام لما لقاه عوق عليه هو وأبوه، وأول ماوصل البيت ونادم على ابو همام بعلوا حسه، طلعله أبو همام والغريبه إن ابو السيد كمان كان معاه، والتنين كان باين على وشهم الخزي وقلب توفيق وقع فرجليه وعرف إللي حوصول من مناظرهم، وإن النمرود اللي إسمه همام نفذ وعيده.. وإتوكد من ديه لما أبو همام قاله إن همام والسيد خدوا خلجاتهم وطفشوا وإنهم صحيو الصبح ملاقوهمش..

         الفصل الثالث عشر من هنا

لقراءة باقي الفصول اصغط هنا

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close