أخر الاخبار

رواية نفق الجحيم الفصل السابع والثلاثون والثامن والثلاثون بقلم ريناد يوسف

رواية نفق الجحيم

 الفصل السابع والثلاثون والثامن والثلاثون

 بقلم ريناد يوسف

حدا عبد الصمد فبيته


دهب: قلبي واكلنى على شام وروحي مرقرقه عليها. 


عبد الصمد بحسره:


ومين سمعك يادهب داني بقيت احلم بيها فمنامي من كتر مامشتاقلها. 


دهب: طيب مافيش حد كبير نسوقوه على جوزها يختشى منيه ويتلاوم ويخلينا نروحوا نزورها مره وحده بس؟ 


ياناس عايزه اطمن عليها وعلى احوالها وعلى صحتها واشوف الحبل عامل ايه فيها.. ياناس بتي ياناس دا القطيعه داي مترضيش ربنا، منه لله جوزها ربنا ينتقم منيه ويدوقه وجع الاشتياق يارب. 


أما حدا بيت المقاول 


أبو دراع:


خليك يابوى إنت اني رايح ابطل المكنه


مخلوف بإصرار:


له قولتلك اني رايح ابطلها حط إنت براد الشاي عالدمسه واعملى كباية شاى لما اعاود القاها جاهزه. 


أبو دراع:


حاضر يابوي من عيوني. 


بصله مخلوف وابتسم وقاله:


تسلم عيونك ياولدي.. روح ربنا يرضى عليك زي مامراضي قلبي ويرزقك راحة البال كيف مامريحني ياأصيل ياواد الأصيله. 


أبو دراع بضحكه: أيه يابوي الرضى ديه كله، وكمان جايب في سيرة أمي ومفتكرها النهارده يعني؟ 


مخلوف:


عمري فيوم مانسيتها عشان اتفكرها، أمك دايماً ساكنه بالي ومتربعه فقلبي ياواد الغاليه. 


أبو دراع: ربنا يرحمها ويغفرلها 


مخلوف: ربنا يرحمها ويرحمنا جميعاً ياولدي كلنا بحاجة الرحمه. 


خلص كلامه وراح على المكنه، وبمجرد ماوصلها ميل عليها عشان يبطلها، راحت الطاره بتاعتها اللي عتلف لاهفه اطراف التلفيحه اللي كان حاططها مخلوف حوالين رقبته، وفثواني كانت واخده رقابته بوشه عالطاره وهو من حلاوة الروح عمال يهبش بأديه ويحاول يبطل المكنه ويوقفها، لكن للأسف معرفش والمكنه موقفتش غير وتقل دماغه وجسمه موقفينها وهو قاطع النفس ومخنوق،والروح طالعه عند اللي خالقها.. 


عمل ابو دراع الشاي وصبه وقاعد مستني ابوه، ومن شويه كتار سامع المكنه بطلت وأبوه عوق! 


وكل ديه مفكره عيشوط عالميه وصلت لحد فين، وكملت للآخر ولا له،


 ولما الغياب طال اكتر من المعقول والشاى برد، قام ابو دراع يشوف خبر إيه وإيه سر العويق، وأول حاجه دخل يشوف أبوه في الجنينه، ولما ملقيهش راح حدا المسقى يشوفه، ومد الخطى وهو واعي أبوه مميل على المكنه ودافن وشه فيها، وكل فكره إنه عيعمر حاجه خربت فيها، لكنه لما وصل حداه وشافه زين إتسمر موطرحه لثواني، وبعد مااستوعب شوف عينه صرخ صرخه من قلبه وصلت لجوف السما، وجرى على أبوه يشوف لو فيه الروح، لكنه بمجرد ماقطع التلفيحه وبعد أبوه عن المكنه وبص فوش، عرف إنه فارق وهمله في الدنيا لحاله من غير مايمهد لغيابه، ولا يديله انذار بالرحيل، وأصعب انواع الفراق على بني آدم هو اللي عياجي علي غفله. 


البيت كله دخل فحالة حداد على مخلوف، وموته صحى ذكريات موت توفيق حدا عديله ونعيم؛ 


لأنهم كانوا عارفين معزة مخلوف عند توفيق، وإتعاد فقلوبهم الحزن من تاني، أما أبو دراع فكان حاله يصعب على الكافر وهو قاعد وسط الناس عيمثل القوة، ومن جواه عيبكي وخايف كيف طفل فقد آهله وتاه من بيته، وواقف وسط الطريق وحده، لا عارف حد ولا عارف هو فين ولا يروح فين.. وديه حال اللي عيبص يلاقي روحه صفي في الدنيا لحاله من غير أهل. 


أما عن حال الحريم في البيت فاطول ٣ ايام النصبه متحزمين وشايلين الموطبخ والطبيخ كله، وحتي طبيخ الرجاله نظراً لديق الحال بقوا يطبخوه هما ومجابوش طباخ كيف نصبة ابوهم، وطبعاً ديه ضاعف الحمل على شام وخلاها تتوجع، وفآخر يوم في النصبه بعد مااتفض العزا عاودوا الرجاله للبيت، وكل واحد راح على أوضته، وأبو دراع عاود للبيت بتاعه وكانت أول دخله ليه من بعد موت أبوه، وبمجرد دخوله حس بإنه داخل بلد مهجوره كل سكانها ماتوا وسابوها، وإن كل اللي باقي منهم بس شراطين قماش من خلجات صحابها وخفوفهم وأماكن قعادهم الفاضيه وذكريات محفوره عالحياطان. 


أما كرار فالنهارده العصريه اتسحب من العزا وسرق ساعه راح فيها لشوقيه وقابلها خلسه ورا بيتهم كيف العادة، وإتحدت معاها شويه واتطمن عليها، وهي اتدلعت عليه بالكلام شويتين ولهلبت نار الشوق فقلبه وبعدها هملته وعاودت لبيتهم، وهو عاود لبيته وطول الطريق يتخيل في اليوم اللي شوقيه هتاجي فيه على بيته وتكون حلاله ويقرب منها بإرادته، وبرغبه خاليه من أي غل وحقد ووجع  وتنتهي بإنتقام كيف ماكان يجرا مع شام،


 وعلى سيرة شام خياله راحلها غصب، وحس بمشاعر رغبه اتحركت ناحيتها، وقال لروحه.. إن مره وحده يروحلها فيها مش هتأثر وأكيد مش هتحبل من مره يعني، وبالنسبه لوعده لشوقيه يوبقي ينفذهولها بعدين، بعد المره داي، وكمان قال لروحه بإنها هتكون أشبه بليلة وداع يودعها فيها وتكون آخر مره تجمعهم. 


وبالفعل بعد ماخلص العزا بالليل رجع عالبيت وراح على أوضته وغير خلجاته، وراح على اوضة سته عديله خبط عالباب وعديله جاوبته :


مين.. مين اللي عيخبط؟ 


همام بجديه: اني ياستي، صحي البت اللي جارك داي قوليلها تقوم تعملي كباية شاي راسي واجعاني. 


عديله مردتش عليه وشام اللي كانت لساها ماراحت في النوم زين اتعدلت وقلبها اتهبش ومسكت فيد ستها عديله بخوف، وعديله طبطبت علي يدها تطمنها وقالتلها:


تخافيشي مهيعملش حاجه، هو اصلاً زاهدك من زمان، مش هياجي فظرف كيف ديه ويشتهيكي، قومي اعمليله كباية الشاي وانا صاحيه اهه مهنامش وهملي باب الاوضه مفتوح عشان لو نادمتي علي اسمعك من اول حس. 


استسلمت شام وقامت وسلمت امرها لله، وراحت على الموطبخ عشان تعمل لكرار الشاي، وهي فطريقها مرت من قدام باب أوضته، وملتفتتش ولا بصت عاللي جواها، 


واللي كان قاعد ومتربصلها كيف الديب، واللي لو شافت عيونه وبصتهم كانت هربت منه وراحت اتدست فباط ستها كيف ارنب خايف من الموت. 


حطت الكنكه على الكانون بعد ماقلبت الجمر، وقعدت قباله ع المصطبه لحد مايفور، ومن تعب اليوم والطبيخ والربكه حست بتعب جسمها ومالت عالحيطه لورا، واتجخت تسند ضهرها وتريحه هبابه، وحطت يدها على بطنها بحركه لا اراديه للحمايه، ومن غير ماتحس عينها غفلت. 


كرار فضل مستني هبابه كتار، ولما عوقت شام اتسائل عن السبب؟ وخصوصي أن الوكت اللي خدته ديه كتير على كباية شاي! 


فقام بنفسه يشوفها ويستعجلها، وبمجرد مادخل الموطبخ وشافها مجخيه وسابله عنيها ومستسلمه للنوم قرب منيها بخطوات هاديه، وحس إن بدنه فار كيف فوران الشاي اللي كان عيهدور ويفور على الجمر، 


وكل ديه وهو عيتطلع لوشها، لكنه وقف موطرحه اول مانزل عيونه وشاف بطنها البارزه بطريقه مش طبيعيه! 


قري منها اكتر عشان يشوفها زين، واتصعق وهو عيحط يده بالراحه علي بطنها يتأكد من شكه، ولقيها ناشفه كيف الحجر! 


وحاجه فبطنها اتحركت تحت يده خلته نفض يده من فوق بطنها نفض واتحرك لورا خطوتين يحاول يستوعب اللي شايفه قدام عنيه ديه وحسس عليه بيده! ولما عقله وقف عن الاستيعاب والفهم راح على شام ومسكها من دراعها نتله وصحاها بفزعه وخلاها صرخت من الخوف، وقومها وقفها قدامه وقالها وهو جازز علي سنانه:


حبله من مين يافاجره يابت الكلب؟ مين اللي سلمتيه شرفي ولعبتي معاه لعب من ورايا؟ عزت مش إكده؟ 


عزت اللي كنتي معاه في الموطبخ قبل سابق ولمل تعكشتوا انتي صرختي بالكدب وهو قال فيه حنش ووكلتوهالنا كلنا واولهم اني؟! 


شام كانت عترجف من الخوف وسنانها عيصكوا فبعض ومعارفاشي تنطوق من الخوف، وكل اللي طالع عليها تهز دماغها برفض ومقادراشي تنطوق ولا حسها راضي يطلع..حتي وهي عتسمع شتايم همام واتهاماته، وكل اللي عاملاه إنها حاطه يدها على بطنها بخوف.. واخر ماكرار قال كل كلام الغضب اللي ينفع يتقال واللي مينفعش.. رفع يده ونزل بيها عليها بكف بكل حيله خلاها صرخت اخيراً:


- ستاااااااي الحقيناااااي 


وهي حسها طلع وصرخت وهو اتجنن بزيادة ورماها عالأرض وبرجله وابتد يدفس فبطنها بعنف وهو عيلعن فيها، وعفاريت الدنيا شايفها قدام عنيه عتتنطط،


 وعلى صرختها جاتلها عديله جري وأول مالقت كرار عيضروبها ويعيد اللي عيمله فيها من ٦ شهور ونجت منيه بفضل ربنا، وصرخت عديله وقالت بوووه من نص قلبها واترمت عليها تحميها كيف المره اللي فاتت، 


لكنها اتأخرت للاسف.. وكانت شام خدت من الضرب اللي خلى بطنها قررت تتخلص من الحمل اللي فيها، وأمر الله نفذ وجبروت كرار طغى.. وصرخت بألم وهي حاسه بحاجه دافيه نزلت عليها ووجع ميحتملش فبطنها وضهرها، واللي على اثره صرخت بكل قوتها وهي ماسكه فى ستها بخوف:


الحقيني ياستي همووووت 


وعديله كانت مستمره في في الصراخ وعلى صراخها صحي البيت كله، 


واتجمعوا في الموطبخ يشوفوا خبر ايه؟ ولما عديله لقيتهم واقفين يتفرجوا استنجدت بنعيم وقالتله ينجد البنيه من يد كرار معاها، ونعيم خلى معروف وسلام مسكوه وقيدوا حركته وبعدوه عن شام، وصفوت زعقت فيه عديله وهي واعيه بركة دم عامت فيها شام في الدقيقه وقالتله يروح قوام يجيب الدايه، وعدويه هي والبنات قالتلهم ياجوا ينقلوا شام معاها لأوضتها. 


وكل اللي خد أمر منهم نفذه وهما مش فاهمين حاجه، وخصوصي عزت اللي كان واقف وسامع شتايمه من خشم كرار وهو مفاهمشي سببها! 


أما حوريه فكانت تقريباً عارفه سبب اللي عيعمله كرار، واتوكدت شكوكها حوالين حبل شام، وكل اللي عيملته إنها وقفت تتفرج عاللي عيجرا من غير ماتتحدت، بس اللي كانت مستغرباله كلام كرار إنه ملمسش شام ولا قرب ناحيتها من ساعة ماسقطت المره اللي فاتت! 


وإن اللي فبطنها عيل زنى وتاهم فيه اخوه عزت! 


فبصت لعزت بلوم ولسه هتسأله زعق بعلوا حسه قدام الكل يبرئ روحه وقال:


والله العظيم ماحصل ولا قربت منها ولا لمستها، ولا اعرف عنها وعن اللي فبطنها حاجه واحلف على كتاب الله. 


نقلوا الحريم شام لأوضة عديله والرجاله ماسكين كرار بالعافيه، وصفوت راح يجيب الدايه على كلام سته، وأبو دراع كان سامع الهيصه والصراخ وقاعد فموطرحه ساكن مقامش ولا راح يشوف فيه إيه؛ 


عشان الحس اللي علي بالصراخ الاول كان حس شام، وطول ماحس شام علي يوبقي كرار عيعمل فيها حاجه، وهو دلوك مهيتدخلش فمشاكل أهل البيت عيعملوها مع بعض، وقرر إنه هينفذ وصية ابوه ليه بانه يبعد عن مشاكلهم وميقفش لحد فيهم، ويهمل ديابه تاكل كلابها وهو يراعي وكل عيشه، ويحافظ على الموطرح اللي آويه ويقعد جار اللي ليه تحت التراب، واللي لو هملهم مفيش حد هيقف على قبرهم ولا يقرالهم فاتحه ولا يترحم عليهم ويطلعلهم صدقه تخفف عنهم. 


فغمض عنيه وسد ودانه بمزاجه وربع اديه فوق صدره وسكت. 


شويه وعاود صفوت ومعاه الدايه، ودخلها على أوضة سته عديله، وبعد هبابه من دخولها طلعت عديله من الأوضه هي وفكريه وطاروا علي الموطبخ يحموا ميه بامر منها، وقام وراهم كرار وسألهم بغضب:


الدايه قالت إيه؟ مات اللي فبطن الفاجره ولا ادخل اكمل عليه وعليها؟ 


عدويه بتوتر:


البنيه ولاده ياكرار وشكلها هتموت، رايحه من الدنيا خالص، اسكت ياولدي بالله عليك وخلينا نشوفوا ايه هيجرالها المسكينه، والله حرام عليك اللي عتعمله فيها ديه كل هبابه والتانيه. 


كرار كان يسمع ومش مستوعب كلام مرت عمه، وبص لفكريه وأمرها بأمر ميقبلش الجدال:


خشي يافكريه نادميلي الدايه من جوه قوام..قوااام.


فكريه بصت لأمها ورجعت بصت لكرار واتحركت فوراً على اوضة عديله، وطلعت ومعاها الدايه، اللي بمجرد ماكرار شافها مسكها من طرف شالها وشدها معاه على أوضته وقفل الباب عليهم وبصلها وقالها:


طمنيني العيل مات ولا لساه عايش؟ 


الدايه بإستغراب: باذن الله يكون عايش ياولدي بلا مقاطعه بس إنت قول يارب. 


كرار بحرقه:


يارب يموت هو وامه.. وإن نزل حي اني جايبك عشان ابشرك بخير كتير لو سمعتي كلامي ونفذتيه. 


الدايه بصاله ومستغربه ومفاهماشي حاجه.. لكن كرار وضحلها.. (اخنقيه) وإكتمي انفاسه واني هنغنغك بالفلوس.. وبعد ماتخلصي من العيل إعملي حاجه فأمه تخليها متخلفش تاني واصل ولا بطنها تشيل. 


الدايه بخوف: إيوه بس الكل قاعد وملفلفينها كيف القطاطين وعنيهم مغفلانشي عنها! 


وخصوصي ستك عديله عينها عتطل قبل عيني ويدها عتتمد قبل يدي! 


كرار: مليشي صالح. اتصرفي لو عتحبي الفلوس، وخدي القرشينات دول مقدم، واكتر منهم بمراحل لما تطلعي تبشريني إنك عميلتي اللي قولتلك عليه.


قال كلامه ومد يده فجيبه طلع كل الفلوس اللي فيه ومدهملها وهو ماسكهم من اطرافهم؛ عشان يدها وهي عتتلافاهم متلمسش يده من كتر ماقرفان منها،


 وهي شافت الفلوس وعيونها لمعوا بالطمع، وخطفتهم من يده خطف وهي عتطمنه وتقوله:


بص اني هعمل كل اللي يقدرني عليه ربنا ومش هقصر فحاجه.. بس اللي أوعدك بيه إنها متخلفش تاني واصل، داي سهله علي..


انما العيل معارفاشي عاد، بس هتوانى عليها ومش هسحبه منيها قوام وحتي لو جه يطلع هدفسه لجوه تاني لغاية مايتخنق، غير إكده لو طلع براها مهقدرشي امد يدي عليه قدام الكل. 


الا هي عليها كام شهر؟ 


كرار بحيره: والله ماعارف بس ممكن ٦.


الدايه بإبتسامه:


له إطمن مازال ٦ يوبقي مهيعيشش العيل لحاله.. واد ال٦ سقط ميقعدشي.. سلام هروح اشوف شغلي واطلع اطمنك.. بس إنت شخلل جيبك وجهزلي المعلوم. 


خلصت كلامها وطلعت وكرار معرفش يجيب فلوس تاني من فين يديهالها وهو اداها اخر فلوس معاه، وأمه دايماً تقول مفيش، واخواته ممعاهمش، فملقيش حل غير إنه يروح لأبوا دراع يجيب منه مع ان الظرف مش مناسب بس مابيده حيله دلوك.. 


وفعلا راح لابو دراع وطلب منيه مبلغ من الفلوس، وابو دراع طلع من الفلوس اللي معاه واداله اللي طلبه من سكات، من غير مايساله فيه إيه، ولا طالب الفلوس ليه؟ ورجع نام تاني ولا كإن فيه حاجه. 


وعاود كرار للبيت وقعد وسط الرجاله ينتظر الخبر اللي هيبرد ناره. 


اما حدا شام في الأوضه


شام رايحه فدنيا تانيه ومفيش غير الانين على لسانها وعتنادم بحس خافت على ابوها وامها، وملامحها تنقبض مع كل وجعة مخاض تلفح ضهرها وبطنها.. والدايه ساكته مراضياشي تساعدها وبس عتتفرج عليها، وعديله لما شافت وضع الدايه شكت فيها وقومتها من قدام شام وقعدت هي، وبصت لبدور اللي كانت واقفه من بعيد عتتفرج واختارتها هي من بين الكل لمهمه متوكده إنها الوحيده اللي هتبرع فيها من بين الكل:


عديله:


بدور.. قربي من شام وأول مااديكي الإشاره تعضيها فودنها عضه جامده بس اوعي تتقطع ودنها فخاشمك اقطع خبرك. 


بدور اول ماستها عديله قالتلها إكده راحت قوام على شام وكشفت ودنها وميلت عليها وهتطبق فيها على طول عديله صرخت فيها:


مش دلوك قولتلك لما اشاورلك ياحزينه.. اهبل وولوه ياك؟ 


بدور رجعت وشها لورا لكنها بقيت متحفزه وبمجرد ماعديله شافت الم الوجعه على ملامح شام، شاورت لبدور وبدور طبقت فودن شام طبقة كلب مسعور خلتها صرخت من قعف راسها، 


ومع صرختها دحمت بقوه والدحمه خلت راس العيل تاقت، وأول ماتاقت عديله مسكته من رقبته وشدته بالهداوه لغاية ماطلعت الكتاف وبعدها سحبت الروح من الروح وشافتها بنيه كيف مااتوقعت وطبطبت على ضهرها كام مره لما لقيتها ساكته وقاطعه النفس وقالت اكيد خسرت من الضرب، 


ومع اخر ضربه ضربتهالها بقوة طلع من البت صرخه عتعلن عن وصولها للدنيا وتوسعلها موطرح فيها.. ومن بعد أول صرخه اتوالت الصرخات، وفضلت البت تقادش بأديها كانها عتتعارك مع حد! 


وعديله إبتسمت عليها وهي كد نواية البلحه ومساكتاشي لا من بكا ولا من ترفيص.. كأنها عارفه روحها إنها جايه لساحة حرب ونازله عليها مستعده. 


اما الدايه فكانت باصه للبت فيد عديله وواخدها العجب عشان اللي شايفاه قدامها ميقولش إن البت داي بت سته ولا حتي سبعه! 


اللي يشوف عافيتها وحسها يقول إنها بت ٩ شهور كاملين مكملين بس إنها قليلة وزن! 


قطعت عديله للبت الحبل السري وعتلفها بحتتة قماشه عشان سباعيه مهتتحملش البرد وملتهيه فيها، وفجأة افتكرت حاجه ورفعت عنيها ولقيت بدور لساها طابقه فودن شام مسابتهاشي وشام عتفرفط ومقادراشي تحوشها من ودنها! 


صرخت عديله فيها بعلوا حسها:


ماتسيبيها خلاص يافقريه وتبعدي عنها.. ايه كلب وبركوه على رمه؟! 


بدور بعدت عن شام وشام حطت يدها علي ودنها بألم، ودموعها نازلين من الوجع اللي حاسه بيه من كل حته فجسمها.. بس اللي مهون عليها الوجع الحس الصغير المسرسع اللي من ساعة مااتفتح في البكا مسكتش، كأنها عتعارك لأمها مع اللي وجعوها وكانوا السبب في نزولها من بطنها قبل اوانها! 


اما الدايه فشافت عديله خمت البت فباطها وملقيتلهاش مجال عشان تاخدها منها وتبص فيها حتي، وشافت إن البت فلتت منها خلاص، 


بس مش هتخلي الشق  التاني من الاتفاق يفلت منها، فزاحت عديله عن شام بحجة إنها هتنضفها زين، وبمجرد مااتملكت فيها عيملت اللي خلى شام صرخت صرخة وجع كملت عالباقي من حيلها، وعديله صرخت في الدايه:


عميلتيلها ايه.. عميلتي ايه ياخيتي خليتيها اتوجعت إكده؟ 


الدايه ببجاحه: عميلت إيه يعني عنضفها! بس هي اللي جتتها طايبه وممتحملاشي.. بس خلاص اني خلصت اهه.. هاتي يابت منك ليها الميه الدافيه وصبولي اشطفها وساعدوني نغيرولها خلجاتها.. كبي تعالي إنتي ياكحله الميه الدافيه فوق بطنها خليها تنزل اللي فيها وتفوق. 


بدور سمعت كلمة كحله من الدايه وبرقتلها وكلمتها من بين سنانها:


عتقولي على مين كحله؟ 


الدايه بخوف:


يابتي مقصديش اللي فهمتيه.. قصدي كحيلة العين ام كحله.. هو مش انتي مكحله ولا عنيكي سود وحلوين لحالهم؟ 


بدور ملامحها لانت واتبسمت برضى وردت عليها بدلع:


له متكحله ربناني. 


الدايه: ياصلاة الزين ياصلاة الزين.. ايوه يابوي بيت المقاول حريمه قمرات ١٤ اومال ايه.. يلا عاد صبي ميه خلينا نخلصوا. 


أما شام فغمضت عنيها واستسلمت للميه الدافيه اللي عتتصب علي جسمها البايد من الوجع، وحست إنها عايزه تنام كتير متصحاش غير بعد ماتشبع راحه ويروح منها كل الوجع، وبالفعل ديه اللي عملته. 


اما الدايه فطلعت لكرار ووقفت قدام الكل ومدت يدها ليه وقالتله:


هات الحلاوة يابوا البنيه.. تضحك عليا وتقولي ٦ شهور وهي مكمله شهورها ونازله تردح ردح! 


كرار بإستغراب:


مكمله شهورها كيف؟ 


الدايه: والله كيف ماعقولك البت نازله كامله مكمله واديك سامع حسها مقلقل البيت قلقيل.. وميلت عليه وهمستله:


مقدرتش عالبت بس قدرت علي امها.. هات المعلوم قوام.


كرار مد يده فجيبه وطلع الفلوس اللي جابهم من ابو دراع ومدهملها بس رجع يده بيهم تاني وقالها:


 القرشينات اهم بس إنتي متوكده إنك عميلتي اللازم؟


الدايه:عيب عليك ياسيد الناس ديه شغلي.. كل اللي أمرتني بيه حوصول، ولو لقيت غير إكده أني اهه قاعده هروح فين.


كرار: على العموم ديه هيبان، ولو حصل وبطنها شالت عيال تاني طلوع روحك هيكون على يدي.


الدايه: مهتشيلش..ولا هتضني تاني واني قاعده وإنت قاعد وهفكرك بعد سنين لو كنا من الحيين.. اني قلبتلها بيت الولد خالص. 


خلصت كلامها ومدت يدها خطفت الفلوس من كرار وهملت البيت وعاودت مع سلام اللي راح معاها يوصلها.. 


وكرار راح وقف قدام الأوضه وطل على شام وبص للبت اللي فحجر سته.. 


وإتنفى من جواه شكه فعزت أخوه، لكن إتولد جواه شك تاني بإن البت داي بت زنى، 


بس بناءً على كلام الدايه مش بت حد من همام والسيد كمان، واتربعت في عقله فكرة إن شام حبله بيها من قبلهم، وجالها الاغتصاب حجه تلم بيها عارها وتداري فضيحتها..وبرضك فى الاخر لبسته العمه وشيلته شيله مش شيلته..


والأهم. من ديه دلوك شوقيه اللي قالها إنه سقط شام وإنه معيقربش لمها هيقولها كيف دلوك إن شام ولدت ويطلع كداب قدامها فكل حاجه قالها ووعد بيها.. وطبعاً لا هي ولا غيرها ولا حد عاقل هيصدق إن شام كانت حبله طول الوقت ومحدش كان عارف ولا حاسس.


ونفس حال كرار كان حال كل اللي في البيت، واللي سمعوا كلام الدايه وشافوا بعينهم البت وسمعوا حسها العالي! 


وحوريه والحريم كلهم كانت واخداهم الهوله وهيتجننوا؛ إنهم طول الوكت كانوا شايفين شام، ورايحه جايه قبالهم ولا وحده فيهم لا حظت عليها شى ولا بان عليها حبل! 


واتوكدت حوريه إن عديله اللي كانت عتخططلها وترسملها وإن هي راس الحيه الكبيره. 


وشويه شويه انفض الكل من أوضة عديله وكل واحد راح على أوضته وهما حاسين إن بيتهم من بعد موت كبيرهم بقي كيف السيرك، محدش عارف مين عيلعب فوق الحبل ومين عيتنطط تحت منيه ويتشقلب، بس المهم إن الكل عيلعب. 


أما عديله فنومت البت فباط شام بعد مالكلكتها زين وراحت على الموطبخ عملتلها بِسله من كل نوع حبوب، ومعاهم حطت لقمه ناشفه، ولمتهم كلهم فحتتة قماشه وربطتهم، 


وعملت كباية يانسون للبت وراحت تشربهالها؛ عشان تسد جوعها وتسكت حسها اللي عامل قلبان. 


وراحت بيهم على الأوضه، وشالت البت وابتدت تشربها اليانسون بالمعلقه، والبت تشرب قوام ومش صابره، وعديله ضحكت على منظرها وهمستلها بفرحه:


والله ياجدتي باين عليكي طالعه غجريه وانتي اللي هتجيبي حق أمك الغلبانه داي وتعدلي ميل بختها.. 


وبعد ساعات الليل ماانقضت وفاقت شام من غفوة زينه أول مره تغفاها وتحس بالراحه داي كلها، وكانت طول الوقت فيها تتنقل من حضن أمها لحضن ابوها لحضن شام وبشاير خياتها، وحست بالراحه من كتر ماكل واحد فيهم ضمها بحنان وطبطب عليها بكل محبه، ومسح على قلبها بكلامه الحلو. 


وعديله بمجرد مافتحت شام عنيها ابتسمتلها وقالتلها:


قومي ياشامه وشوفي ربنا عطاكي إيه.. شوفي العنيده اللي ماسكه في الدنيا ومتبته فيها مهما اتعمل فيها ومهما شافت من وجع وقسوة.. قومي خدي بتك فحضنك واتعلمي القوة والصبر من حتتة لحمه كد كف يدك. 


إتعدلت شام بالعافيه، وبمجرد ماقعدت على حيلها حست بوجع فبطنها شديد، لكنها اتجاهلته بمجرد ماعديله حطت فحجرها اللي خلت قلبها رفرف عليها، وعيونها مسحت ملامحها وطولها وشكلها، وقوام رفعتها وخدتها فحضنها وشمت فيها ريحة الجبر والفرحه.. وسمعت ستها عديله وهي عتسألها:


 هتسميها إيه؟ 


سكتت شام شويه ومع فتحة ممدوح لباب البيت، دخلت منيه نسمة هوا من نسايم الربيع اللي هل وبانت بشايره، والنسمه وصلت لحدت شام.. فتبسمت شام وهي عتبص لبتها ودعتلها ربنا انه يبعتلها ايام حلوه وسنين متحمله بالسعادة ونصيب يختلف عن نصيبها.. 


وقربتها لوشها وحبتها فخدها الترف وهمستلها فودنها.. جيتي وجبتي الربيع بقدومك.. وعشان على وشك هبت النسايم العليله هسميكي ربيعه.. وهتكوني الربيع اللي يخلي حياتي تحلى وروحي أوراقها الدبلانه تخضر، والشجرة اللى نشفت من قسوة الايام هترجع لها قيمه بعد مااتفتحت علي غصنها أجمل ورده وسط بركة وحل.


ثواني وممدوح كان واخد باله من شام وانها شايله عيل صغير!


جري عليها ووقف جارها وسالها بفضول:


جبتي منين نونو؟ 


ردت عليه سته عديله:


جابته من بطنها يامندوح، داي بت عمك. كرار، ولدتها شام عشيه. 


ممدوح: وريهاني


شام ابتسمت وكشفتله وشها وهو شهق وحط اديه على خشمه بصدمه وبعدها بص لشام وقالها:


داي حمره كيف الطماطمايه! وحلوه قوي وخشمها صغير خالص.. اسمها ايه؟ 


شام: اسمها ربيعه


ممدوح بإبتسامه وهو عيتطلع فيها بتركيز:


اني هتجوزها البت داي حدش هيتجوزها غيري وهقول لعمي كرار.


قال كلامه وجري على بره وطلع للجنينه يدور على عمه كرار اللي مكانش قاعد فأوضته، 


ولما ملقيهش سأل عليه أبو دراع، وأبو دراع لما لقاه عيسأل عليه بلهفه سأله عن السبب؟


 وممدوح قاله أنه عايزه عشان يخطب منيه بته، وقاله إن كرار خلف بت حلوة قوي، وهمل ابو دراع مستعجب من اللي سمعه من ممدوح، لكنه فكر روحه إن البيت ديه بقي بيت العجايب.. 


وإستعجب علي حال الدنيا اللي بس سقطت من عليها روح اتولدت عليها روح تانيه.. كأن الارواح عتسلم لبعضها، وغمض عنيه وهو عيترحم عاللي مات ويتمنى العمر الطويل للي إتولد. 


والي هنا نصل الي نهاية الجزء الأول والذي لم يكن إلا تمهيداً لقصتنا، واحداثنا الدسمه المليئة بمشاعر مختلفه، وارجوا أن اكون قد توفقت في نقل ولو جزء بسيط من معاناة إمرأة في زمن الجهل، او فلنقل معاناة أمة كاملة في زمن الجهل.. واتمني أن أكون سبباً في دعاوت صادقة خرجت من القلوب وصعدت لعنان السماء تطلب الصفح والعوض والجبر الجميل لصاحبة المعاناة.. وارجوا منكم المعذرة لتوقفي فأنا فعلا بحاجة الي إستراحة وأعادة جمع شتات افكاري إستعداداً لجزء قادم اقوي بأذن الله..وارجوا عدم إستعجالي فأنا أود إنهائها اكثر منكم.. إعطوني وقتي وأعدكم بشيئ مميز.. 

 رواية نفق الجحيم الكاتبه ريناد يوسف


رواية نفق الجحيم الكاتبه ريناد يوسف


رواية نفق الجحيم الكاتبه ريناد يوسف


نفق الجحيم ٣٨


وصل كرار لعند سراية الشيخ جاهين، ونزل وطلب الدخول، وبمجرد مادخل حكيم وقف بتحفز كيف اسد شاف عدوة، لكنه قعد تاني لما افتكر إن كرار دايس عتبته، وإنه لا من الرجوله ولا من الادب والذوق إنه يهين حد فمطرحه، ولا يعاتب ولا يحاسب حتي، لأن من داس عتبتك جاب الحق عليك.


اتقدم كرار ورمى السلام عالكل، والكل رده والشيخ جاهين إبتسمله بود وهو عيرد عليه بعدهم كلهم:


يااهلاً بأهل السلام، عليكم السلام والرحمه والهداية، تعالى ياولدى اقعد نورت الديوان وشرفتنا.. ضيافة الضيف قوام يابشندي. 


كرار بتعالى: انا لا جاي اقعد ولا اتضايف، ولا يهمني إنكم توروني كرم الضيافه وتعملوا حالكم عتردوا الاساءه بالمعروف وانكم احسن مني. 


اني كل الحكايه إني جايلك بخبر، همام والسيد شركاتي في الذنب والعمله وصلوا البلد، وجاي اقولك عشان تعاقبهم نفس العقاب اللي خليت ابوي يعاقبهوني، ١٠٠ جلده قدام كل الناس.


وعشان نتساوو في الوجع الجلد ميكونش على ادين ابهاتهم، لان مفيش أب فقساوة ابوى وهينزل الكورباج على جسم ولده بنفس القوة اللي كان عيضروبني بيها أبوي، باقي الابهات كلها عتحب عيالها مفيش حد كره ضناه غيره هو.. عايزهم يحسوا بنفس الوجع اللي حسيت بيه من غير نقصان. 


هز جاهين دماغه ليه بتفهم ورد عليه:


متقلقش الشيخ جاهين عادل وكفة ميزان عدله وحكمه متميلش واصل. 


عاود على بلدك وخد حكيم وبشندي وإتنين غفرا ووريهم بيت العيلين دول، ولو عايز تعاود معاهم عشان تشوف العقاب بعينك عاود، مش عايز تعاود خليك والخبر هيوصلك وهتعرف إنهم خدوا نايبهم زيهم زيك بالظبط. 


كرار بنبرة غل:


له السمع ميكيفنيش ولا يبرد ناري، الشوف بس هو اللي هيخمد النيران القايده فقلبي منهم هما التنين. 


خلص كلمتينه وطلع ركب الطرومبيل بتاعه وتبعوه حكيم وبشندي واتنين غفر وركبوا معاه، 


وطول الطريق من بلد حكيم لحد بلد كرار محدش فيهم كلم التاني ولا نطق بكلمه وحده، وبشندي عشان عارف الحكايه كان مستني كلمه وحده بس من كرار لحكيم وكان متحلفله يعاوده على بلدهم كركره من رجليه،لكن كرار نفد من وعيد بشندي بسكوته. 


وصلوا البلد وقوام راح بيهم كرار علي بيت السيد الأول، وديه لقيوه قاعد بره باب بيتهم جار أبوه فنزلوا مسكوه بمنتهي السهوله، وحطوه جوا الطرومبيل وحكيم قال لابوه إنه واخده ينفذ فيه الحكم وهو لازمن يكون موجود عشان الحكم يتنفذ بيده كيف ماحكم ابوه وابو السيد قاله امين. 


وبعدها راحوا على بيت همام وخبطوا عالباب، وبمجرد ماأبوه فتح الباب وشاف حكيم قباله عرف إن وكت الحساب حان، وإن ولده مطلوب عشان يوفى حق ربنا، ومع ذلك قلبه وجعه عليه وعاللي هيجراله، وبتسليم للأمر قال لحكيم:


دقيقتين هدخل اجيبه من جوه اصله نايم. 


وفعلاً دخل ودقايق وكان طالعلهم وهمام وراه طالع بنومه وعيلبس فطاقيته ويساله:


مين ديه بس اللي عايزني يابوي، يعني مكانش قادر يستني ولا تقولوله نايم تعالاله كمان هبابه؟ 


لكنه بمجرد ماوصل الباب وشاف مناظر اللي واقفين قدامه ووعي السيد في الطرومبيل وواحد كامشه، وكمان كرار واقف وسطهم، وعنيه عتطق شرار، راح النوم من عيونه، وفهم إن فيه حاجه كبيره مستنياه، وإن شهور الهروب كلها كانت من غير فايده، واتلفت حواليه عشان يلقاله مهرب من قدامهم، لكنه ملحقش يفكر قبل مابشندي يهجم عليه يمسكه من دراعه ويجره معاه عالطرومبيل وجسمه عيرجوف كيف البهيمه اللي سايقينها عالمـ.دبح


وركبوا كلهم الطرومبيل محشورين فوق بعضهم وأبو السيد وابو همام حصلوهم في القطر، وطول طريق الرجوع همام وكرار عيونهم عتحكي كلام بالكوم، بس اللسان مااتحركش ولا نطق، ومن اهم الكلام اللي فهمه همام من عيون كرار اللي كانت عتنطق بالوعيد، إنه ليه معاه حساب واعر قوي، ودين لازمن يندفع، وإنه هيحاسبه على كل كبيره وصغيره، ومش هيفوتله حاجه، بس ميته عاد الله اعلم. 


اما السيد فكان طول الطريق يتلفت حواليه ويرجف من الخوف لان هيبة الغفرا وبشندي وحكيم وجمودهم يقول إنهم واخدينه لقضى واعر قوي، ولعن روحه الف مره عشان لغى عقله ومشى ورا همام كيف البهيمه وعيمل عمله شكله هيقعد يدفع فحسابها العمر كله، وكل مره يدفع الحساب وجع أكتر من المره اللي قبلها، كيف مايكون الغلط اللي عيمله كل مادا وعيربىَ وتزيد فوايده. 


وصلوا اخيراً لمندرة الشيخ جاهين، وبمجرد مانزلوا من الطرومبيل لقوا عروستين خشب منصوبين قدام باب المندره، وناس كتير متجمعه فحلقة حاوي حواليهم، وبمجرد ماالتنين رجليهم حطت عالارض، جاهين ادى أمره للغفرا بربط التنين عالعرسان، وقبلها تجريد نصهم الفوقاني من الهدوم، وبالفعل الغفرا إبتدوا يعملوا إكده فوراً. 


همام طول الوكت كان جامد وعيبص بعنيه عالكل بشموخ وعزة نفس مانعاه من الانهيار حتي فأكتر المواقف ذل ومهانه، 


لكن السيد كلمة انهيار كانت قليله على وصف الحاله اللي هو فيها، لأنه كان عيرجف كيف ورقة شجر فمواجهة ريح شراقي، ودموعه نازله من غير كِبر ولا متلاوم من الناس، وطول الوكت عمال يدعى على همام وصُحبته بعلوا حسه. 


إتربطوا التنين وفضلوا قبال عيون الناس متنشرين كيف الغسيل عالحبال، ومستنيين القصاص،


 لغاية ماوصلوا ابهاتهم، وبمجرد ماوصلوا الشيخ جاهين شاور لبشندي، وبشندي فهمه ودخل المندره وجاب منها كورباجه، وطلب من الحاضرين اللي معاه كورباج عفي فيهم يجيبه،


 وطبعاً ألف من تطوع وجرى علي بيته يجيب كورباج، ومن بين الكرابيج اللي جات كلها بشندي نقى اقواهم وأشدهم واختاره. 


وجاهين وجه كلامه لابو همام وابو السيد يأمرهم بحزم:


يلا كل واحد فيكم يتلافى كورباج ونفذوا حكم ربنا بيدكم وربوا اللي عجزتوا عن ربايته من صغركم. 


ابو همام مد يده ومسك كورباج وإتقدم ناحية ولده وبصله هبابه وافتكر ارضه اللي خسرها والناس اللي كلت وشه بسببه وغيابه عن البيت وقلقه وقهرته عليه، ورفع يده بالكورباج في الهوا ونزل بيه علي ضهر همام خلاه صرخ من الألم، وعلي صرخته وصوت لسعة الكورباج صرخ السيد بخوف وبكى بحسه العالي.. 


اما ابو السيد فمدله بشندي الكورباج وهزه قدام وشه عشان يمد يده عليه ويمسكه، لكن يده اللي اتمدت كانت عترجف رجفه قوية خلت الكورباج وقع منها بمجرد مامسكه، وبص للشيخ جاهين وقاله بأسف:


سامحني ياشيخ، لا يدي ولا قلبي مطاوعيني أجلد حته من كبدي.. اعفيني منها وخلي غيري يتولى المهمه واني حتي في الموطرح مهقعدشي عشان مهتحملشي، بس أول ماتخلصوا نادموني آخده.. خلص كلامه وجرى من المكان كله، وحركته داي والدموع اللي شافها كرار فعيونه، ورقة قلبه على ولده، خلوا كرار يفتكر يوم جلده، ويفتكر القسوه اللي كانت فعيون أبوه عليه، وكيف كمل المية جلده كلهم بيده، وقلبه مارقش ولا رأف بحاله واصل، كيف مايكون عدوة ولقى فرصته عليه. 


أما ابو همام، فهما يادوبك ٥ جلدات ويده في الساته وقفت في الهوا، ونزلها تاني وهو واعي جسم ولده اتفتح جروح من الكورباج والدم سال منه، ومنظره خلى قلب أبوه رق عليه، وبص للشيخ جاهين وبرجاء قاله:


واني مقادرشي تاني ياشيخ سامحني، يدي إنصاعت لقلبي ومقادراشي تأذي اللي اتلقته وهو لساه جاي على الدنيا وربى عليها اكتر من إكده. 


إتفهم جاهين رق التنين علي عيالهم وأمر اتنين من الغفر يتولوا مهمة الجلد، وديه خلى نار كرار تزيد أكتر، ومن نص قلبه وروحه دعى على أبوه إن ربنا يجازيه على قساوة قلبه، قلبه اللي عمره ماحبه ولا إعتبره ولده ولاشاف منيه رأفه ولا شفقه كيف اللي عيكنها كل أب لولده. 


وبرغم إن التنين اتجلدوا قبال عنيه وفرفطوا فرفيط من الوجع، إلا إن ديه برضوا مشفاش غليله كيف ماكان هيشفى لو الجلد كان تم بيد ابو كل واحد فيهم كيف ماحوصول معاه. 


خلص الجلد واتفضت اللمه وجاهين شيع لابو همام وابو السيد ودعاهم لمندرته وخلى الغفر يدخلوا همام والسيد فيها، وقدم واجب الضيافه ليهم، وبرغم إنه عارف إن محدش فيهم هيدوق الزاد، لكن الواجب لازمن يتعمل والاصول متعديش عليه. 


وفعلا كيف مالوكل اتحط اتشال ومحدش داق حاجه، غير بس جاهين اللي كل لقمتين عيش بتمر، وديه خلى الكل إتعجب عليه؛ عشان ساب وليمه طيبه من كل شكل ونوع، وكَل الوكل ديه كيف مايكون زاهد متقشف عايش فجوف جبل! 


اما كرار فركب طرومبيله وروح وهو حاسس روحه بركان غضب عيفور ويكبكب، وأول ماوصل البيت دخل يدور على شام كيف الديب المسعور، وكانت نايمه فأوضة عديله، اللي من اول ماشافته داخل بزعابيبه وعيتلفت يمين  وشمال عرفت إنه ناوي لشامه عالشرور، فزعقت بعلوا حسها وهي عامله حالها موعيتهوش وقالت:


ياورده، يانعمه يافكريه، وحده منكم يابنته تعمل كباية شاي بلمونه للقزينه شامه كنها مسمومه عتستفرغ عمال على بطال غرقت الموطرح والفرشه، وبطنها عتكركب ومعتلحقش تروح الكابينيه عتهرهر علي روحها الحزينه الحقوها هتموت..


 ياعيني عليكي ياشامه وعاللي نابك تلاقيكي كلتي حاجه مبخوخ فيها يابنيتي. 


شام سمعت كلام ستها عديله وحست إن فيه حاجه مش مظبوطه عتجرا، وبمجرد مالباب إتدفع عليها واتفتح بعنف وتاق منيه كرار وشافته قدامها، قوام مسكت بطنها واتوجعت بحسها العالي، ووطت عالارض في الجانب التاني من من السرير وعملت روحها عتستفرغ بالكدب وفضلت تتبوع، وكرار بصلها وشاف مونظرها واتخيل الترجيع بتاعها وقوام سد الباب عليها وهو عيشتم ويتوعدلها فاقرب فرصه بالحساب العسير. 


اما عديله فبلعت ريقها وهي واعياه طالع من البيت مره تانيه، وجرت علي شام ودخلت عليها الاوضه وبحس واطي قالتلها:


بس خلاص مشى بكفاياكي بويع عالفاضي لتلحلحي العيل من موطرحه.. الحمد لله يابتي إنك طلعتي نبيهه وفهمتي عليا، حاكم كرار كان جاي وناويلك على شر، ولو كان مسكك مكانش هيسيبك لو اتلمت عليه ٣ بلاد. 


شام بإستغراب: وهو إيه اللي فكره بيا ماكان ناسيني، وليه جاي مقلوب القلبه داي؟ 


عديله:


متشغليش بالك تلاقي موضوع الدهبات حارقه وحارق أمه، ولازمن هيقعدولهم شويه كل هبابه يتفكروهم وتقوم قيامتهم، 


بس إنتي اول ماتشوفي خلقته مقلوبه تعملي حالك عيانه وعتموتي واستفرغى حتي بالكدب، كرار قراف قوي وبالذات من الاستفراغ عيكره روحه ويتوف اللقمه من خشمه لما عيشوف حد عيستفرغ. 


ودلوك إلبدي النهارده فالاوضه إهنه ومتبانيش قدامه واصل واني هروح اخلي البنته يعملولك حاجه حاميه تشربيها واقولهم انك بعد الشر اتسممتي ومدروخه؛ عشان محدش ينادم عليكي، ومتنسيش كيف ماقولتلك لما تنامي تناميشي على ضهرك نامى على جنبتك وخلي ضهرك للباب عشان بطنك متيبرزش واتغطي وداري روحك. 


شاه هزت دماغها لستها بالموافقه، وطلعت عالسرير ونامت وعطت قفاها للباب واتغطت،


 وعديله طلعت بضعف تعمل اللي قالتلها عليه. 


اما شام فحطت يدها على بطنها تهدي اللي حركته زادت من اول ماكرار دفع باب الاوضه، ومتعرفش شام ديه نتيجة الخوف اللي حست بيه هي ورجف روحها، ولا البت نفسها خافت من بطش أبوها وحست إنه جاي وناويلهم هما التنين على شر. 


أما كرار فطلع وقعد في الجنينه عالمصطبه اللي قدام بيت ابو دراع، وأبو دراع كان قاعد بعيد هبابه جار الدمسه وعيشوي قناديل ويعمل شاي وعيدندن مع روحه، 


وكأنه ولا شايف كرار بالمره، وكرار فضل يفروك فموطرحه عايز يروح يكلم ابو دراع ويفضفض معاه، ويقوله كد ايه هو مستفقده ومشتاقله وتايه من غيره، لكن عزة نفسه حايله بينه وبين اشتياقه، ومخلياه متردد يروحله ويترمي فباطه. 


ومن وسط فركة يمين وشمال سنط هبابه وركز ورفع كف يده اللي فيه الجرح القديم ورفعه قدام وشه واتأمله وإفتكر كل اللي كان يعمله عشانه أبو دراع ومحبته القديمه وحمايته وحنيته وخوفه، وسأل روحه ياتري ليه كل ديه إتغير وياترى راح وين، وإيه اللي غير النفوس وخلاها تنفر من بعضها إكده، وليه الدم بقى ميه؟ 


وفي اللحظه داي قطع تأمله وتفكيره يد ممدوده قدام وشه بكباية شاي، ومن غير مايرفع عينه على صاحبها عرفه من الخاتم اللي فيده، فاتبسم وغمض عنيه وخد نفس عميق كأن روحه كانت على طرف مناخيره وردت جواه من تاني، ورفع عنيه على ابو دراع وهو عيمد يده ياخد منيه كباية الشاي وبعتب قاله:


يدوم الخير ياصاحبي من يد مااعدمها. 


أبو دراع وهو عيقعد جاره ويمدله قنديل شامي مشوي كان فيده التانيه:


من قلبك معاوزش تعدمها بعد مادوقت ضربها؟ 


كرار وهو عياخد منيه القنديل:


متفكرنيش عاد خليني ناسي. 


ابو دراع رفع القنديل بتاعه علي خاشمه نحت منيه نحته ورد عليه وهو عيمضغها:


يد أبو دراع محدش عيدوقها ويقدر ينساها ولا ينسى ضربتها واصل، متحاولش. 


كرار بصله بطرف عينه ومتكلمش وبدأ ينحت في القنديل بسرعه وغيظ ومنظره خلي أبو دراع سأله وهو عامل حاله إنه مش مديله إنتباه:


هاه قول إيه اللي مخليك قاعد تحوص كيف مره عتطلق من ساعة ماقعدت وحتي وكلك وكل واحد مغلوب؟ 


قول إيه اللي غالبك؟ 


كرار بوجع: همام والسيد عاودوا البلد. 


أبو دراع بلا مبالاه:


وايه يعني مايعاودوا؟! 


كرار وهو جازز علي سنانه:


ياابو دراع عقولك اللي خدوا شرف مرتي قبلي عاودوووا البلد من تااااني. 


أبو دراع: إيوه واخد بالي، طيب ودلوك يعني خايف يقولولك عايزين مرتك نوبه تانيه ولا إيه؟ 


ماخلاص ياكرار زيد بعد عن عبيد وكل واحد فحاله، انساهم وانسى كل اللي جرا، ومرتك اهي محبوسه فبيتك بين اربع حيطان لا حد هيشوفها ولا هي هتشوف حد، وهما إتجنب شوفتهم واي موطرح يقعدوا فيه. 


كرار: وفكرك بإجتنابهم وحبسة مرتي هقطع لسانهم وقولهم اللي هيقولوه لناس البلد؟ ولا فكرك بعد مايتجوزوا إخوات مرتي هيتقطع لسان الناس اللي هيتاكدوا من إن كل كلمه عيقولها همام والسيد صحيحه وإنهم معيكدبوش؟ 


أبو دراع:


له من الناحيه داي اطمن وقطع لسنتهم خليه عليا اني، واني هعرف مااخرسهم وابلع كل واحد فيهم لسانه بالكلام اللي على طرفه. 


إتبسم كرار وبص لأبو دراع بحنين، وحس إنه قاعد دلوك قدام ابو دراع بتاع زمان، سنده وحمايته وحيطته العفيه اللي عيتدارى وراها من كل حاجه عتخوفه، وكان نفسه في اللحظه داي يترمي فحضنه ويقوله إتوحشتك، بس للأسف جمود أبو دراع عليه ممساعدهوشي. 


فترة سكوت عدت عالتنين قطعها ابو دراع وهو عيسأل كرار:


ملقيتوش الفلوس والحجج لسه وعرفتوا اللي خدتهم من ناس البيت وتاوتهم؟ 


كرار بحسره:


له والله ملقينالهمش اثر، وكأن اللي خدهم جني وخفاهم تحت الارض. 


ابو دراع بضحكه:


قصدك جنيه.. جنيه نتايه عتقيه مغفلجه هههههه


كرار: تقصد إيه بكلامك وضحكك ديه، وإشمعنا تاهمها فمره مش فراجل؟ 


ابو دراع رد عليه وهو عيرمي عَصَبِة القنديل بعد ماخلصه:


عشان رجالة البيت محدش فيهم يده طويله ولا ممكن يسرق وطبعه عفش غيرك، 


بس إنت أجبن من إنك تمد يدك على لوشه كيف داي، واللي مد يده قلبه قوي ومعيخافش ولازمن يكون يحسن التدبير والتخطيط؛ عشان يعمل العمله الشينه داي، وعشان صنف حوا معروفين بإن الشطان عيطوع عقلهم كيف العجينه، وإن حوا هي اللي طلعت آدم من الجنه، فمفيش غير حوا اللي عتطلع أدم من كل جنه. 


كرار: كلامك واعر ياابو دراع وعيقول إنك عارف مين اللي خدت الفلوس والحجج! 


ابو دراع وهو عياخد شفطه من كباية شاي كرار يحبس بيها:


اني ولا اعرف ولا ليا صالح، ولا هتدخل مابينكم فمواضيعكم الملغفنه، بعدوني عنكم وخلي ناركم تاكل حطبكم اني مليش دعوه بيكم. 


كرار اتنهد وخد من يد ابو دراع كباية الشاي وابتدا يشرب فيها، وعقله إبتدا يتنقل بين حريم البيت؛ ويشوف مين اللي تقدر تعملها وتجروء على عمله كيف داي، وتفكيره مراحش غير لوحده بس بعد ما عقله اقنعه إن كل حريم البيت يعرفهم ويعرف طبعهم، وإن يدهم عمرها مااتمدت على فلوس مهما كان كترها.. 


والوحده داي هي شام.. شام اللي إدت دهبها لابوها يفك زنقته ومش بعيد تكون هي اللي سرقت الفلوس والحجج وعطتهمله.


بس رجع يقول لروحه إن ابوها جه ومشي وهو ابوه عايش لسه مماتش، وحتي كانش عمه وواد عمه جابوا الفلوس للبيت لسه! 


وديه نفى في التو واللحظه شك إتولد حوالين شام كان ممكن يكلفها حياتها على يد كرار. 


أما في البيت حدا حوريه والحريم


حوريه: الا هي عديله كانت عتقولكم إيه عااللي متتسماش؟ 


بدور:


كانت عتقول إنها اتسممت، ياكشي يكون بخ فخشمها حنش ويريحنا منيها. 


عدويه:


وه، حرام عليكي يابدور متدعيش عالغافل، هي عملالك ايه يابتي مخليكي حطاها فوق راسك وزاعقه إكده؟ داي كيف ماتكون ضرتك ومكيوده منها مش مرت ولد عمك! 


بدور: عملها بافعالها انشاله، وبعدين إيه ضرتي داي، هو برضك اللي يبصلي آني يبص لوحده من بعدي؟ 


قالت إكده وهي عتعدل فخلجاتها وتعدل فإشاربها على راسها بدلال، وتميل رقابتها شمال ويمين بثقه خلت فكريه ونعمه بصوا على بعض وضحكوا ضحكه مكتومه،


 واختها ورده ردت عليها بعد مالوت خشمها شمال ويمين:


إيوه يابت أبوي أمال إيه، دانتي اللي يبصلك مايشبعلك من حلا ولا يمل من طلتك البهيه، دانتي خراط البنات بعد ماخرطك طسته عربيه فرطته فرط ومخرطش غيرك ولا بدالك الحمد لله إنتي اول خرطه وآخر خرطه. 


خلصت ورده كلامها ونعمه وفكريه مقدروش يكتموا ضحكتهم أكتر من إكده، وضحكوا بحس عالي، وحوريه سمعت ضحكتهم وزعقت فيهم بعلوا حسها:


إاااكتمي منك ليها ابوكم لساه ميت مكملش سنه ياغوازي وانتوا ضحكتكم رنت في البيت؟ 


والله عال، آدي ربايتك ياتوفيق وخلفتك وتعبك ومقامك حداهم. 


البنات كشروا بندم واستسمحوا امهم وإفتكروا إن ابوهم صوح لساه مطبقش سنه وحس ضحكتهم طلع عالى غصب عنهم، وهما التنين بصوا لورده بلوم عشان هي اللي منها السبب، أما ورده فكانت مشغوله عتبعد عن ادين بدور اللي عايزين يطولوها عشان يحاسبوها علي مسخرتها عليها، ومش منتبهالهم ولا منتبهه للومهم. 


حوريه:


يلا وحده فيكم تغور تقول لممدوح ينادم الرجاله عشان يتعشوا، وهموا جهزوا العشا خلينا نخلصوا من فلقة العشا وغسل المواعين وكل وحده تروح موطرحها وتكن، والواحد يفرد ضهره على سريره عاد. 


خلصت كلامها وقعدت قدام الكانون وشردت، وعدويه سألتها بشفقه:


مالك بس يابت ابوي شايله هم الدنيا فوق كتافك ليه، هوني على روحك هبابه. 


حوريه ردت عليها بعد ماخدت نفس جامد:


الفراق نار عتكوي فى الروح كوي ياعدويه والليل طويل من غير وليف، وساعات النهار معتعديش واليوم ماسخ، وانتي مش مستنيه فآخره راجلك يدخل عليكي من باب البيت بطلته وهيبته وحسه اللي يخليكي تحسي بالامان. 


عدويه:


معلهش سنة الحياة ياخيتي، والموت علينا حق. 


حوريه بسرحان: بس الوحده مره ياعدويه يختي ميتمناهاش عدوا لعدوه.. يارب ياعدويه تموتي قبل نعيم. 


عدويه بفزعه:


وه، ليه اموت ليه، بعد الشر علي لساني صغار توفي من خشمك. 


حوريه: يابت ياعبيطه عقولك تموتي قبله بس مش دلوك بعدين بعدين، عشان هو اللي يشيعك لقبرك وهو اللي يعيش وحداني مش انتي وهو اللي يتعب. 


عدويه بإدراك:


إاايوه إيوه فهمت، إذا كان إكده يارب ياخيتي يسمع منك ويجعل يومي قبل يومه. 


خلصوا الحريم العشا، والرجاله اتعشوا وطلعوا على الشغل لوردية الليل، والحريم شالوا الوكل وشطبوا البيت، وكل وحده راحت على موطرحها..وسكلل البيت بالسكوت من بعد ماكان حس الرجاله عيلعلع فيه ليل نهار معيبطلش،


 ومبقاش يتسمع فيه غير حس صراصير الليل وحس الضعاضف، وحس عديله وشام وهما عيتودودوا وعديله تحكي لشام عن كل حاجه كانت عتوحصول في البيت قبل ماتاجي، وعن اللي عيمله توفيق فولده يوم اللي عرف بعملته معاها، وعن اللي قاله كرار، وعن ربطة ابوه ليه في الشجره طول الليل، وعن طلاقه لحوريه مرته، 


وكانت تكسر طولة الوكت والساعات البطيئه والليل الطويل ووحشة الاهل على شام بالحكاوي، وتصبرها لغاية ماربنا ياذن ويتولدلها رفيق من بطنها يواسي ويسلي ويصبر ويملى عليها الدنيا ويهون العيشه. 


أما حدا الشيخ جاهين قبل ساعات في الديوان.. 


جاهين وهو باصص علي همام والسيد اللي نايمين على بطونهم وعيأنوا بوجع وتتسابق آهاتهم:


ودلوك يارجاله إدينا حق ربنا باقي حق المخلوق.. عيالكم. لازمن يكتبوا علي خيات المستوره ويتجوزوهم، البنته وحده فيهم كانوا متكلمين عليها وحلوا كلمتهم بعد عملتكم وحدش جالها من بعدها بقالهم ٥ شهور اهه، 


والتانيه حدش هياجيلها ولا حد هيدق باب بيتهم بعد العمله السوده اللي إتعملت فاختهم. 


أبو السيد:


اللي تشوفه ياشيخ وتامر بيه علي رقابينا سيف. 


ابو همام: اللي تقول عليه يمشي ياشيخ. 


جاهين: طيب نشوفوا عيالكم هيقولوا ايه يمكن ليهم رأي تاني؟ رأيك ايه ياد منك ليه؟ 


السيد بوجع وصوت باكي: اني راضي باللي تقولوا عليه بس متضروبوش تاني بالله عليكم، ايوه اني هتجوز هتجوز. 


جاهين بص لهمام:


وإنت يامعرعر ايه قولك؟ 


همام بغضب مكتوم:


وهو فيه قول هيتقال بعد قولك ياشيخ ولا حد يقدر يخالف؟ 


جاهين لابهاتهم: طيب حيث إكده قولولي سن كل واحد فيهم. 


ابو همام: ولدي طبق ال١٨ وزادوا ٧ شهور 


جاهين: زين يتعقدله. 


ابو السيد:


واني ولدي طبق ال١٧ وزادوا ٥ شهور. 


جاهين: له ديه هيتأجل جوازه ٧ شهور تانيين، ومن إهنه ليومها لو المستوره جالها نصيب غيره تتوكل علي الله وتتجوز، مجالهاش يوبقي الحكم نافذ ويتنفذ. 


ودلوك خدوا عيالكم وروحوا، والنهاردة السبت، الخميس الجاي ياابو همام هيروح حكيم يجيبك إنت وولدك لبيت عبد الصمد؛ عشان تعقدوا عالبينيه، وتجيب فيدك حتتة دهب على حسب مقدرتك وعلى حسب الذوق والاصول، وفي الوكت ديه تكون جهزتلها موطرح فالبيت وجبت خشبك. 


أبو همام بأنصياع:


حاضر ياشيخ اللي تؤمر بيه. 


وقاموا التنين وخدوا عيالهم وروحوا. 


وبالفعل ابو همام إبتدا ينفذ كلام الشيخ ويرش اوضه من أوض البيت بالجير، وشيع جاب سرير وصندوق وحصيرة، واشترى زتونه دهب يقدمها لعروسة همام، 


وكمل كل الشروط، وكل ديه ومرته طول الوكت تعارك وتبرطم عليه وعاللي جايالهم من آخر الدنيا بالنسبالها، ومعارفينش اصلها من فصلها ولا إيه طبعها. 


أما حدا عبد الصمد فبيته تاني يوم 


دخل علي بناته ومرته وقعد جارهم وهو ساكت وعمال يتطلع على بسيمه من أول مادخل من الباب، وسألته دهب بقلق وخوف:


مالك ياعبصمد فيه حاجه حوصلت ولا ايه، سمعت حاجه عن شام؟ حد جابلك خبر عنها، بتي فيها حاجه؟ 


رد عليها عبد الصمد وهو لساه عيتطلع لبسيمه:


اطمني علي شام، شام طول ماسامعينش عنها حاجه عفشه توبقي بخير، بس حضري روحك لفراق تاني، جاني مرسال النهارده من الشيخ جاهين عيقول ان الوادين اللي كانوا مع كرار عاودوا، وقالي اجهز حالي واديكم خبر عشان هيجيبه وياجي الخميس يعقدله علي بسيمه ونزفوهاله،والتاني بعد ٧ شهور يعقد على بشاير. 


دهب سمعت الكلام وضربت على صدرها بقوة وبحسره ردت عليه وهي باصه لبسيمه:


يامررري، يعني راحت التانيه كيف اختها مش إكده؟ ياحزنك يادهب بناتك عيتفرقوا من حواليكي وحده وحده، وهتصفي لحالك، حتي شوفتهم هتحرم عليكي ولا كنك ولدتي وضنيتي ولا ربيتي وتعبتي.. ياقلة حظك يادهب وقلة حظ بناتك. 


عبد الصمد نكس دماغه للارض ومردش عليها ولا على نواحها، لكن اللي رد عليها بسيمه اللي وقفت في نص البيت بشموخ وقالت:


ايه يمه اللي عتعمليه ديه؟ برضك وحده تندب وتنعي وهي سامعه خبر جواز بتها! ديه بدال مازغروتك تجلجل في الدار وتسمع سابع جار؟ 


طب وحياتك مادام استخسرتيها فيا ماحد مزغرتلي غيري. 


خلصت كلامها ورفعت يدها فوق خشمها وضربت زغروته عاليه وطويله طالعه من نص قلبها كأنها صرخه متنكره فهيئة فرح، وفضلت تلف البيت كله وهي عتزغرت، وحتى أوضة ابوها وامها اللي كانت نايمه فيها شام قبل ماتتجوز فتحتها ودخلتها وزغرتت فيها وهي عتبص للسرير موطرح ماكانت شام تنام، 


واتخيلت منظرها وهي منتهيه من الوجع والالم وعتصارع الموت، وافتكرت ابوها وهو عيقول عضها ديب، وعليت زغروتتها غصب عنها كأنها نذير حرب أو صوت ناقوس خطر عيدق معلن عن اقتراب أخد التار. 


وبعد ماخلصت زغريت واتوكدت إن كل الجيران سمعوا صوت الفرح عيصدح فبيت عبد الصمد، مسكت طرحتها ولفتها علي راسها وهي عتقول لامها وابوها:


اني رايحه لبيت البلانه انقي كام حتتة قماش يليقوا بعروسه، واوديهم


- لام وصفي- الخياطه تخيطهملي قوام قوام؛ عشان يلحقوا يجهزوا قبل الخميس واخدهم معاي،


 أصل لو عليكم انتي وابوي مقايمينش من طريق الدخانه، وانتي هتقعدي من اهنه ليومها تنعي، وابوي يقعد جارك يسمع، همي يابت يابشاير تعالي معاي، ولا اقولك خليكي إنتي إهنه طلعيلي الخلجات اللي جوا الصندوق وافرزيهم وشوفي اللي ينفع آخده منهم معاي واللي يتساب، آجي القاكي مخلصه. 


وانتي ياام شام قومي طيبيلي شوية فريك ودشيهم عشان تعمليلي هبابة كشك محمصين اخدهم معاي وادسهم فأوضتي اكل منهم في الليل انتي عارفاني عجوع فنص الليل وهستحي من اولها اقوم اكركب فحلل الناس الغريبه وانقص وكلهم..قومي يادهب جهزي حاجات العرايس وافرحي وفرحيني بتك عروسه. 


خلصت كلامها وجريت على بره قوام وطلعت وقفلت الباب وراها قبل مايتفضح اللي عتحاول تدارى فيه، وقناع القوة يقع من فوق ملامحها قدام الكل ويفضح زيف فرحتها.


راحت فموطرح فاضي وحررت دموعها وطلعت كل التناهيد المحبوسه، وبعد ماحست إنها شالت من فوق قلبها شويه من الوجع نزفوا مع الدموع، لبست قناع القوة والفرحه الكدابه من تاني، وراحت على بيت البلانه، وفضلت تختار من القماشات الحلوة الملونه، وتختار من اقلام البودره السحريه وموارد الكحل، والمكاحل، وكل حاجه لازمه العروسه فجهازها خدتها من عندها، وكل ديه وهي عتحكيلها هي وحريم البلد القاعدين، واللي بيت البلانه معيخلاشي منهم عن راحة شام وجوازتها اللي ولا في الاحلام، وعن عريسها هي كمان وجماله وغناه واصله وفصله، ورسمت للكل صوره وهميه ولونتها، وخلتهم يشوفوا إنها رايحه لجنه مفيش وحده من بنات البلد وصلتها، وخلتهم يحسدوها ويحسدوا شام على حظهم الزين، وع العرسان اللقطه اللي وقعوا عليهم، واللي الفرحه اللي علي وش بسيمه وفنبرة صوتها وفضحكتها الرنانه عتأكدها. 


وعاودت بسيمه لبيتها من تاني وهي محمله بصرر الهدوم والطلبات، وكمان جايبه معاها الحريم  اللي عرضوا يساعدوها ويشيلوا معاها ومع البلانه لحد البيت، ويسألوا دهب لو محتاجه مساعده فخبيز الفرح ويعرضوا عليها مساعدتهم. 


وبمجرد مادخلت شام بالحاجه نزلتها، وقالت لامها بخباثه:


فين يمه الفلوس اللي رمهالي عريسي عالصينيه حطتيها؛ عشان ادفع منها حق الحاجه داي، هو عاطيني فلوس بزيادة وقالي جهازك كلياته عليا متكلفيش ابوكي حاجه. 


بصتلها دهب وسكتت وهي مش فاهمه، بس حس بسيمه العالي خلاها نطقت:


يمه فين الفلوس عقولك الفرحه تولتك ولا إيه؟ 


دهب بعدم فهم: الفلوس جوا يابتي في الصندوق! 


جاوبتها وكانت تقصد فلوس ابوها، لكن بسيمه وصلت الرساله اللي عايزه توصلها للحريم بالمظبوط ومشي الحال. 


وعدت الايام قوام وخلص ابو همام كل المطلوب منه، وبسيمه استعدت لفرحها بكل الاستعدادات وفضلت طول الاسبوع تلم البنته فبيتهم كل عشيه ويغنوا ويطبلوا ويرقصوا وناصبه فرح ولا فرح بت العمده، 


وجه يوم الحنه وعملت ليلة حنه كبيره، وطبخت هي وامها واختها والحبايب وعشوا معازيمهم، 


وكانت ليله اللي يشوفها يقول إنه اصحابها فرحانين عشان ميعرفوش اللي فيها..


وإن فرحتهم مكسوره، وإن غياب شام فيوم كيف ديه كاسر نفوسهم كلهم،


اذن العصر وحضر الشيخ جاهين وحكيم، وحضر همام وابوه، وكذا حد من قرايبهم، وكتبوا الكتاب، ومن بعدها دخل همام البيت بطلب من الشيخ جاهين مع عبد الصمد؛ عشان يلبس عروسته شبكتها، ومن اول مادخل وهو عيتلفت حواليه علي الحريم، وشافت بسيمه عينه اللي زاغت على الحريم من تحت البيشه واتوعدتله تخزقهمله بالهداوة وتخليهم يكرهوا يبصوا لصنف مره، ولغاية ماقرب منها ومد يده بفضول يشوف الوش اللي تحت البيشه إيه شكله؟ وبسيمه اول ما مد يده مسكت البيشه بيدها ثبتتها، وهو طلع الزتونه من جيبه وقالها بهمس:


اكشفي وشك ورقبتك يااسمك ايه البسك الزتونه اني جوزك دلوك متخجليش مني، إسمك بسيمه صوح؟ 


بسيمه التزمت الصمت، وقوام مدت يدها خطفت منيه الزتونه ولبستها لحالها من غير ماتكشف وشها، وبعدها رفعت وشها  من تحت البيشه وردت عليه:


الزتونه اتلبست ومهمتك انتهت خد بعضك واطلع ووكت المشي شيعلي مع ابوي متدخلش إهنه تاني. 


قالت كلامها بحده خلت همام يطلع قوام وهو حاسس بالحرج من الحريم اللي كلهم شافوا كسفته من بت عبد الصمد، واتحلفلها بس يدخل بيها بيته ويتقفل عليهم باب هيعلمها تكلم جوزها كيف قدام الناس، وديه هيكون اول درس ليها والبقيه تاجي تِباع. 

   الفصل التاسع والثلاثون من هنا

لقراءة باقي الفصول اصغط هنا

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close