رواية ليلة شتوية الفصل الثاني 2بقلم منى عبدالعزيز

 


رواية ليلة شتوية. 

الفصل الثاني 2

 بقلم منى عبدالعزيز


جرالك ايه يا عبدالله؟ ايه ال شاغل دماغك عمال تفكر فيه؟ 

ياترى كم واحد زيي؟ عايش نفس ظروفى؟ ياترى كم واحد فيهم مستنى الموت ويا ترى لو مت؟ حد هيحس بيا؟ حد هيدور عليا ؟ 

انتفض  من مجلسه فزعًا محدثا نفسه.

انا لازم اشوف حل ؟ ا بس عمل ايه بس  ولا في ايديا ايه اعمله؟ 

نهر نفسه بصوت عالى.

اعمل حاجه تفيدك وتفيد غيرك.

_ مش عارف  بس أبدأ بايه وازاى .

خلاص كده مفيش نوم  خطى خارج  غرفته، ويغلق الباب خلفه يجلس بإهمال أمام التلفاز ينتقل بين قنواته بإهمال.

يلفت انتباهه حديث دائر ببرنامج امامه.

وقف فرحا: لاقيتها.

يلتقط هاتفه من على الطاولة أمامه يتصل على أحدهم. 

_ايه الإجراءات ال اعملها علشان افتح دار مسنين يا اسامة. 

اسامه بتثاؤب: بتصحينى الساعه ٢ باليل علشان تقولى دار مسنين روح نام يا عبدالله عندى محكمة الصبح. 


 بإصرار وعزيمة وابتسامة حالمة على وجهه. 


اسمع الكلام.  واعمله لاجيلك دلوقت. 

_ يا بنى انت فى ايه بالظبط ايه طلع الموضوع ده  في دماغك .

الإجراءات ايه يا اسامه؟

 اسامة… شؤون قانونية ومعاينة مكان و مصاريف و  رخصة من الصحة حاجات كتير.

 عبدالله… الميزانية مفتوحة وخلص الموضوع على اسرع وقت والصحة والشئون الاجتماعية سيبها عليا انا هخلص اهم حاجه جهز انت الأوراق.

بكرة الساعة عشرة اجى اخدهم منك.

عشرة ايه ده انا عندى محكمة ومش هخلص قبل أربعة.

_ اتصرف يا اسامه الموضوع ده حياة او موت بالنسبالى.

هخلى محامى من عندى يخلصها لك.

انت يا اسامة مش عايز تلاكيك.

أغلق الهاتف واحضر أوراق وقلم، 

لم ينم طوال الليل ممسكا بورقة وقلم يدون به ملاحظاته بما يريد ، يحدث نفسه " يا ترى نختار الاسم ايه"

تذكر صوت فيروز واغنيته المفضلة ليبتسم وهو يخطو.

دار ليالى شتوية لكبار السن اممم همسات ليله شتوية لكبار السن  ايوه هي دى، لا لا بلاش كبار السن دى الفكرة مش لكبار السن مش هينفع ده هيعوز حد يراعيه وانا معنديش الإمكانيات ديه،  انا عايزة للناس الوحدانية ال حالهم زى حالى، يقدروا يخدموا نفسهم بنفسهم من غير مساعدة حد بمبدأ help your self

طب وهعمله نظام ايه؟ هيبقى ليه مقابل؟

لا انا مش عايز حاجه هما كل واحد يصرف على نفسه، ملزوم عن أكله وشربه.

ليدون" أقامة بدون مقابل"

ايه تانى يا عبدالله ايه تانى يا عبدالله..

خلاص لما اشوف اسامه ابقى اشوف فى ايه تانى. 

طب والعدد والسن .

أخذ يفكر لينطق : البيت دورين كل دور فى اربع اوض نوم ، في اوض فيها سرير واوضه سريرين كده عايزين كم ١٠، ١٥ بس ١٥ كتير فبلاش نحدد العدد ، خلى العدد مفتوح دلوقت لحد ما نشوف هيحصل ايه؟

ارتمى على الفراش بسعادة اندهش لها، مالك يا عبدالله؟ انت ليه فرحان كده؟ فى نفس الوقت خايف ومتاخد، فيك ايه؟ 

معقولة الوحده تكون عملت فيا كده؟ فرحان ان هيبقى فى ناس معاك هتاخد بحسك،  بعد مالكل فاتك لوحدك.

نظر سريعا لساعته يستمع لصوت آذان الفجر، تثاوب وهو يفرد عضلات جسده يقوم من مجلسه توضأ وادى فرضه وذهب لفراشة يغوص بنوم عميق آفاق منه على دق البواب على الباب جالبا له الإفطار.

قام بفزع هى الساعة كام؟

الساعة ٩

خلاص خليه ليك انا خارج.

معقولة يا بيه الساعة دى

قاما سريعا وسط ذهول البواب جهز حاله وارتدى ملابسه وخرج قاد سيارته وتوجه الى منزل محامية الخاص وصديقة اسامه، بعد دقائق ترجل من سيارته وصعد الدرج ودق على الباب آتاه صوت اسامة. 

ـ أيوة أيوة ياللي على الباب ثانية واحدة. 

فتح اسامة الباب وفتح عينه بذهول: معقولة  عبدالله  الساعة دي. 

عبدالله:  هو في ايه سيد البواب يقلي السعادي وانت كمان. 

أسامه:  عنده حق انت ليك تلات سنين مخرجتش غير كام مرة تقبض معاشك وترجع البيت متخرجش منه. 

عبدالله:  وكنت اخرج اروح فين  وأهو جه الوقت اللي هخرج  عشانه، عملت لي ايه.  

أسامة:   في ايه!؟  

عبدالله: في موضوع دار المسنين. 

اسامة: انت بتكلم جد.! 

عبدالله: هو الكلام ده في هزار. 

أسامة: اهدى خالص فهمني بس ايه الموضوع  ومتمسك بيه ليه كده. 

عبدالله:  في الطريق  هحكيلك كل حاجه. 

خرجوا سويا  وصعدوا سيارة عبدالله  وقاد السيارة وبعد عشر دقايق وصلوا المكتب  

اسامة: فهمني الموضوع  . 

عبدالله:  انا تعبت من الوحده تعبت من انتظار اتصال واحد من الولاد يطمن عليا،  تعبت يا اسامة من انتظار الموت كل يوم والتاني، بخاف أنام  أموت ومحدش يحس بيا. 

اسامة: انت بس زعلان من وقت ابراهيم الله يرحمه  مات. 

عبدالله: متفكرنيش كل ما افتكر انه مات وبعد اسبوعين اكتشفوا وفاته  ببقى هتجنن. 

أسامة: الله يرحمه مش معنى ابراهيم نات بالشكل ده يبقى تتوقع ان ممكن  يحصلك كده. 

عبدالله:  كل شئ جايز عشان كده فكرت في موضوع الدار ده واهو ألقى حد يونسني ويأخذ بحسي، ولو موت ألقى حد يبلغ  الأولاد. 

أسامة:  ليه يابني التشائم ده. ربنا يديك طولة العمر. 

عبدالله:  لا مش عايز طولة العمر دي  انا  انسان راضي  بقضاء الله و ماشي بمبدأ  الاعمار بيد الله وكل  يوم بدعى 

لو كانت الحياة خير فربنا يحيني وان كانت ش*ر يعجل بموتي،  اللي انا شايفه  الحياة بقت صعبة ومملة. 

أسامة:  إستغفر ربك يا عبدالله  الحديث الشريف قال. 

لا يَتَمَنَّيَنَّ أحدُكم الموتَ لِضُرٍّ نزل به ، فإن كان لا بُدَّ مُتَمَنِّيًا ، فلْيَقُلْ «اللهم أَحْيِنِي ما كانت الحياةُ خيرًا لي ، وتَوَفَّنِي إذا كانت الوفاةُ خيرًا لي»  وانت الحمدلله عايش كويس عندك معاشك  وبيتك  ومشروع  بيدخلك  دخل ثابت  يعنى معندكش حاجه  تضرك او تتعبك  لسه شباب. 

ـ


 عبدالله  كل كلامك صح   بس هى العيشة اللي عايشها دى تعتبر عيشة،  اربعة وعشرين ساعة.، لوحدي  مفيش واحد فيهم يرفع السماعة  ويتصل عليا تخيل مابشوفش وشهم غير لما يحتاجوا فلوس  لو قلت مرة معيش الدنيا  تتقلب ويشك ان اديت لواحد منهم،  مبيعزرونيش ويقولوا بابا بـ يشتري كل أكلة جاهز ومصاريف زايدة  والعلاج، عارف أوقات اتعمد اقولهم  كده عشان  اللي يطلب يفضل رايح جاي عليا  كام يوم. 

أسامة بتأثر:  عندك حق يا عبدالله، على العموم  ثواني هطلب قهوة على ما اعمل كام اتصال على ما تشرب قهوتك أكون خلصت  بعد اذنك خمس دقايق وراجع.

بعد وقت دخل اسامة المكتب وعلى وجهه ابتسامة  وقبل عبدالله  ما يكلم قاله اسمع يا سيدي.

  ـ أنا كلمت زميل ليا شغال في الشئون الإجتماعية  وقالي على الشروط والأحكام والإجراءات المطلوبةوتقريبا كلها عندك واللي ناقص نعمله. 

عبدالله  بفرحه طيب قولي هي ايه  . 

اسامه:  الشروط والأحكام

- الجنسية مصرية، وجود شقة أو مبنى مستقل ويفضل أن يكون فى الأدوار الأول، عدم وجود دور مسنين كافية بالمنطقة المراد إقامة الدار بها.

عبدالله  :  الحمد لله كل ده متوفر ومعايا العقود للفيلا وانا مصري ابن مصري ومفيش دور مسنين في الحى كله، كمل باقي الإجراءات انا عاوز اخلص باقرب وقت. 

أسامة  :  عجبني اوي  حماسك ده من سنين مشفتكش بالشكل ده،  اسمع يا سيدى  كلها سهله بإذن الله  بس كام شرط كده هنشتغل عليهم هم اللى هياخدوا وقت، وبردة كلمت حد يساعدنا  في أول شروط. 

عبدالله بفرحه: اللي هم ايه. 

اجراءات الحصول على الخدمة 

- تقديم طلب للإدارة الإجتماعية التابع لها السكن، هم هيعملوا   بحث إجتماعى من قبل الإدارة الإجتماعية

- عرض الطلب على اللجنة العمومية بالجمعية بحضور ممثل من وزارة التضامن الإجتماعى للبت بالموافقة من عدمه، وبرده ده غير ادينا لما يفهموا وجهة نظرك هيوافقوا بإذن الله،  وانا كتبت كل المستندات المطلوبة خد اهي اقراهم وانا كلفت محامي  ينهي بعض الإجراءات والباقي هنخلص انا وانت. 


1 عبدالله  -  طلب من الجمعية المشهرة لدى وزارة التضامن الإجتماعى موجه لمدير عام الإدارة الإجتماعية التابع لها المقر المراد ترخيصه. 

أسامة:  اعتبره حصل انا كلمت  سحر اختى وان شاء الله  اول حاجه هنعملها النهاردة  هتقدم الطلب 


2  -  صورة محضر مجلس الإدارة بالموافقة على الترخيص. 

برده سحر هتخلص 


3  -  عقد إيجار أو تمليك موثق من الشهر العقارى،  معايا العقد أهو. 


4  -  موافقة الدفاع المدني والحى والإسكان. 

اسامه:  هياخد كام مشوار والمحامي هيخلصهم  بعد ما يأخذ الأوراق من سحر. 


5  -  تقرير الاستشاري الهندسي بالحى… وده لزمته ايه. 

أسامة:  سلامة المبني  مهم  لحماية المسنين. 


6  -  المستندات الخاصة بالجهاز الوظيفي بالدار ( المؤهل الدراسى – صحيفة الحالة الجنائية – صورة بطاقة الرقم القومى – الخبرات السابقة ) دول بقي خاص بالادارة والعاملين بالدار، زي طباخ والمشرف التمريض طبيب. 

ـ بس انا مش هشغل حد الدار نظام ساعد نفسك بنفسك. 

اسامه: ننهي الإجراءات وبعدين نشوف نظام help yourself ساعد نفسك بنفسك ده بعدين. 

 - صورة من لائحة النظام الأساسى للجمعية أو المؤسسة. 

اسامة:  وده على سحر. 

عبدالله: دول مسهلنها ومصعبنها بنفس الوقت. 

اسامه: انا قلت كده، لو تسمع كلامي الجواز أسهل وأوفر. 

عبدالله: هههه ضحكتني يا اسامة بقي عاوزني اتجوز وانا في السن ده  أنا معملتهاش وانا لسه في عز شبابي  اعملها دلوقتي وأنا في السن ده. 

اسامه: وفيها ايه لأول ولآخر واحد هيعملها انت لسه صغير ياعبدالله وصحتك كويسه يعني ممكن تخلف كمان انت بس اللي ناسي نفسك. 

عبداللهّ: كل ده مقدور عليه والحمدلله قادر ماديا لكن انا نسيت الموضوع ده  مش عايز اظلم الست اللي اتجوزها ولا مستعد اخسر ولادي. 

اسامه: ولادك ولادك هم فين دول وتفتكر لما تعمل الفيلا دار مسنين هيسكتوا. 

عبدالله: عارف مش هيسكتوا بس عامل حسابي كل اللي عليك تعملي عقود تنازل منهم للدار انا هتمن الفيلا واحسب نصيب كل واحد فيهم قد ايه وأدفعه ليهم. 

أسامة: تورثهم وانت عايش. 

عبدالله:  تفتكر انا عايش،  في الحالتين هم كل اللي يهمهم  الفلوس وطالما هياخدوا قد بعض مش هيكلموا و هيوافقوا اهو هيخلصوا مني.  

عدي شهر وعبدالله واسامة كل يوم شغالين على الأوراق وعبدالله  جهز الفيلا وعمل إعلانات  وكتب شروطه واستلم الموافقات والتراخيص واليوم اول يوم استقبال لأول نزيل وافق على شروط عبدالله  . 

عبدالله  اهلا بيك في همسات ليلة شتوية انا عبدالله  المشد  صاحب الدار. 

مد يده يصافح الواقف امامه. 

الشخص:  دكتور عادل خليل إستاذ جراحة وطب العيون في القصر العيني سابقًا. 

عبدالله: اهلا بحضرتك  اتشرفت بيك اتفضل اقعد  على ما المساعد يدخل شنطك لاوضتك تقدر تملى البيانات  دي. 

عادل:  اوك  بس ليا شرط انا عايز أوضة منفصلة مش يكون فيها نزيل. 

عبدالله:  تحت أمرك تقدر بعد ما تنهي كتابة البيانات  تختار الأوضة اللي تعجبك. 

انهى دكتور عادل  اوراقة واختار أوضة منفصلة واتصاحب على عبدالله وفي يوم وهم بالجنينة قاعدين مع بعض بيشربوا قهوة وبيتكلموا عن حياتهم. 

عادل:  أنا ترملت من  ست سنين  زوجتى الله يرحمها كانت نعم الزوجة  عانتني في حياتي اتفرغت لأولادنا وأنا عوضتها  بتركها شغلها  مع اني كنت رافض تسيبه  وكنت بديها راتبها كامل  تعمل اللي تحبه بيه كل شهر لتلاتين سنة  حتى لما خرجت معاش وتفرغت لعيادتي الخاصة  ما وقفتش، كنا زي اي زوجين  بنتفق وبنختلف  ربينا أولادنا  بما يرضي الله  كبروا وتزوجوا واللي هاجر و بقاله تلات سنين أو أكتر منزلش مصر،  بيتصل عليا  كل كام شهر يطمنى وخلاص ويكتفي  كل يوم صباح الخير يابابا وبليل تصبح على خير،  ولادي التانين  اتنين دكاترة واحد نساء وواحد اطفال وبي تحججوا  بشغلهم  وكل كام اسبوع لما يفتكروني ويعدوا عليا، لما تعبت  من الوحده  قلت اتزوج  حد يقصر عليا الليل والوحدة الفظيعة وخصوصًا  انا قليل ما أنزل العيادة بنتي وجوزها  حولها لمركز ومبقتش انزل كل مرة انزل فيها بيحصل مشكلة لدرجة بنتي قالتلي  انا بضيع تعبها هى وزوجها،  قلت على ايه  اقعد في بيتي أفضل، تعبت كل يوم والتاني  اشحت منهم الزيارة لو فكرت ازور واحد فيهم  واقعد مع ولاده شوية  يحصل مشكلة  ويقولوا انا ببوظ نظام أولادهم حتى أحفادي مقدرش اتعامل معهم،  قلت هتجوز لأول مرة من ست سنين يتجمعوا  الأربعة بما فيهم  ابني المسافر  ورفضوا رفض قاطع  وبنتي قالتها مباشر غي سنك ده تجوز واحدة تضحك عليك وتأخد اللي حيلتك وابني الكبير يقولي والمصيبة تجيب عيل منعرفش، اصله من فصلة عشان الورث، كل واحد فيهم قال اعتراضة  مقدروش وضعى وحاجتي  لونيس لما اتعب ألقي حد جنبي  يساعدني ادخل الحمام  مين فيهم فاضي يجي يزورني  لما يخدوا بالهم مني وانا مريض،  سبتلهم البيت والورث وكل ما أملك يوزعوه على نفسهم  وجيت على هنا اول  ما قريت الاعلان  في الفيس، اديني ليا اسبوع هنا حد فيهم فكر يسأل عليا او يزورني او حتى يطمن على المكان اللي أنا فيه. 


عبدالله  شرد  قبل شهر لما جمع اولاده  وعرفهم بموضوع الدار واعتراضهم في الأول وتغير موقفهم بعد ما وزع عليهم نصبهم بالتساوي بين ثلاثتهم. 

عادل:  سؤال دايما  بسألة لنفسي هو احنا ربينا ولادنا غلط  ولا قصرنا في ايه خلهم طالعين بالجحود ده. 

التفوا للخلف على صوت أحدهم. 

ـ احنا مربناش غلط ولا حاجه  الحياة بقت صعبة وكل واحد عاوز يلحق يأخد نصيبة منها على حساب اولويات  وواجبات اتربينا عليها،  وتعاملهم وتأثرهم  بناس تانيه في حياتهم اتربوا تربية غير وعاشوا بطريقة غير اتغلغلوا جواهم وأثروا عليهم ومش هنفي  اننا علينا عامل كبير  بردة لأننا  قبلنا في الأول وتنزلنا عن بعض حقوقنا كانت نتيجته اتنازلوا عنا  . 


وقف عبدالله وعادل  يرحبوا بالمتحدث. 

عبدالله:  عبدالله  مدير الدار. 

عادل: دكتور عادل. 

الشخص:  حسين أبو إبراهيم. 

نظر عبدالله له ولملابسه  جلباب  و طاقية من الخيوط بيضاء على رأسه   وحقيبة ملابس يحملها بيدة. 

عبدالله: أهلا بيك يا حج حسين. 

حسين:  اهلا بيك يا إستاذ، عبدالله. 

عبدالله: اتفضل ياحج اقعد. 

حسين:  قبل ما اقعد اناشفت اعلان الدار جيت على طول من غير ما اتصل اخدت اول قطر وعلى هنا، هيتفع تستضفوني معاكم ولا اروح ادور على دار تانية. 

عبدالله: ايه واللي هيقل نفعه  ياحج  اتفضل بس استريح بالاول وبعدين ندخل نخلص الإجراءات واهو تتعرف عليا انا ودكتور عادل. 

حسين:  متشكر اوي يا استاذ عبدالله. 

عادل:  منين يا حج حسين. 

حسين:  من الارياف بلد على طريق اسكندرية  . 

عبدالله: أهلا بيك ياحج نورتنا. 

عادل: معلش ياحج سؤال ملح عليا لو مفهاش، تطفل. 

حسين: اتفضل. 

عادل: انت في بلد ريفي يعنى تجمعات واهل ومناسبات. 

حسين:  انا  فاهم قصدك  بس هقولك كلمتين  الزمن اتغير معتش زى الاول لا الاهل بقوا أهل ولا العيال بقوا عيال والجيران بقوا بيقفلوا على حالهم، الفرق الوحيد عنكم الكل بيدخل في اللي ملهوش فيه معتش حد بيكبر لحد كل واحد بيقول يلا نفسي الابن بقي ماشي وراء مراته  والبنت مغلوبة على أمرها  لاعارفه تراضي زوجها وأهلة وتخدم عيالها ولا تراضي ابوها وتشق عليه تغسلة هدمة أو تعمله لقمه. 


عادل: ياااااه ده طلع وباء. 

عبدالله:  واحنا اللي كنا بنحسد  سكان الريف ونقول دول غير المدينه. 

حسين:  كل قاعدة وليها شو*از  يا دكتور  وكل مكان فيه وفيه عندك  أنا وأخويا أنا اهو قدامك  جيت ادور على مأوه 

بعد ما فاض بيا واخويا الله يباركله  زوجته وحريم ولاده شيلينه على كفوف الراحه، مش عشان هو كويس وانا لاء ولا عشان هو ربي اولاده وانا لاء الفرق ظروف  حصلت  خلت وضعي بالشكل ده وزى م   ، كل بيت مقفول على اللي جواه محدش عارف اللي فيه  أكيد في مشاكل وغيرة ستات بس فيه راجل حاكم  صح راجل عنده أهله ااهم من نفسه ماشي بمبدأ كما تدين تدان. 

عادل:  يعني احنا ولادنا مش رجالة وليهم كلمتهم. 

عبدالله: مش شرط يادكتور في عوامل بتفرق،  طبيعية الشغل

السفر، التربية وتحمل المسئولية  . 

حسين:  والله يا استاذ عبدالله  لا الشغل بيمنع ولا السفر بيمنع ولو على التربية كلنا ربينا أولادنا  بما يرضي الله  . 

عبدالله: عندك حق  انا قصدى ان في ناس بتأخد  دول حجج. 

عادل: عندك حق. 

حسين: زمان  كنا بنشتغل ورادي وبنرجع  نشوف البيت والأرض ناقصهم ايه ونعمله  ونراعي مواشي  وعمرنا ما قصرنا في حق ابويا  وامي  بتصعب عليا نفسي لما اقعد بالشهر محدش يدخل عليا من عيالي وأنا،  كنت بشتغل وردية بليل وأرجع قبل الفجر الدار قبل ما ادخل اوضة نومي اخبط على ابويا اطمنه انى رجعت وايام كنت بستني لما يصحى الفجر  واصلي معه  وبعدين ادخل اوضتي،  اللي بيني وبينه جدار يعني لو دخلت من غير ما اقوله  هيسمع صوتي ويعرف اني جيت،  دلوقتي  كل واحد عنده شقه وبيطلع ويخرج  وبيني وبينه. باب يكسل  يدخل  يطمني عليه. 

عادل:  شكل حكايتك حكايه ياعم حسين. 

حسين:  ان شآء الله  احكيلك  حكايتي. 

عبدالله: إن شآء الله  دلوقتي  خلينا ندخل نجهز الغداء وبعدين نكمل  السهرة هنا الجو دافئ النهاردة وشكلها مش هتمطر. 


عدت الايام وزاد عدد المقيمين ليصبحوا  عشر أفراد  وفي ليلة شديدة  البرودة  الجميع جالسون  يتسامرون منهم من يلعب الشطرنج  وصوت ضحكهم يملئ المكان ومنهم من يلعب بالاوراق ومنهم من  يلقي  نكات  ويضحك الجميع. 

تحدث أحد النزلاء.:  ليه يا استاذ عادل اشتترطت ان الدار للرجالة وبس مع انك لو خلتها ستات ورجالة هتبق القاعده احسن ودمها خفيف بدل ما القاعدة خشنة كده وكلنا شنبات  

لكن الستات تلاقي صينية بسبوسه طبق باتون سليه كب كيك شكولاته  بيتفور حاجه سخنه مش كباية االشاي بتاعت عم حسين اللي نشفت رقنا. 

عادل: يحصلك حاجة  يا مينا لو منكفتش في حسين تقول مولودين فوق روس بعض. 

حسين:  قوله يا دكتور عادل، انا قاعد في آمان الله القيه  بينكشف فيا. 

مينا: دى محبة يا سحس محبه،  ما ردتش عليا يا عبدالله بيه نا تبحبحها كده و تغاض عن موضوع  الستات ده. 

عبدالله:  هم الستات نصنا الحلو ومن غيرهم حياتنا  مقلوبة  واحنا اكبر مثال اهو  من غيرهم  اتبهدلنا وتعبنا وكل واحد  ساب بيته وحاله وماله  لاننا مش طايقين نعيش بعدهم. 

مينا:  عندك حق بس كل قصدى  هنلاقي كلام نقولة اصل الستات دايما تلاقي معهم مواضيع تتكلم فيها. 

عبدالله:  والله كنت احب البي طلبك يا باشمهندس مينا، بس للاسف وجود ستات معانا هنا  صعب اولا احنا هنا عدد الاوض قليل تاني حاجه  هنا نظام help yourself ساعد نفسك بنفسك مفيش مشرفين ولا أمن  وجود ستات بتسئ ليهم بوضعنا ده  واحنا  رجاله الحمد لله بصحتنا ونقدر نتجوز. 


حسين: الا يا بشمهندس مينا  كلنا حكينا حكايتنا  انت  من يوم ماجيت  مقلتلناش  حكايتك  ايه. 

مينا بحزن ودموعه تسيل على وجنتاه مع حديثه :  حكايتي متفرقش عنكم يا حسين ياخويا بس انا ينطبق عليا مثل يا مربي غير ولدك يا باني في غير ملكك. 

حسين: وحياتك  واللي ربا ابنه زى اللي بنى في ملك غيره أو بمعنى أدق  باني لغيره. 

مينا: بس في الاول والاخر ابنك شايل اسمك لكن انا اتجوزت حب عمري  بعد سنين طويلة  رافض اتجوز غيرها  بعد أهلها ما جوزها  بالأجبار واحد قربهم  بعد موته  قبلتها صدفة  وعرفت بموت زوجها  اتقدمت ليها  وبقيت أب لولدها التلاته وخصوصًا بعد ما عرفت  انى مش هبقى أب رغم كده فرحت ان الرب عوضنى بولاد حببتي  مريم  ربتهم  كأني والدهم  فسح ولبس وافضل مدارس دروس الأحد  انا بوديهم واجبهم  اذاكر ليهم  اشتراك في أشهر نوادى  سنه وراء سنه  اتخرجوا  جوزتهم  التلاته واتنين هجروا  وفجأة مريم تعبت وعرفناه آنها  مريضة كنسر،  ابنها الكبير بعت اخدها  كندا  ولما صممت اسافر معها  قالي  ماينفعش  اروح معها ويستضفني في بيته  لان مراته مش هتبقي براحتها  لان مفيش قرابة تربطنا ببعض،  الاول مكنتش متأثر بكلامه كل اللي يهمني هي مريم وصحتها  اقنعتها تسافر ليه  وتتعالج وانا هنتظرها وكل فترة هسافر ازورها، شهر وراء شهر انقطعت اخبرهم  اتصل مرة يرد وعشرة لاء اخر ما زهقت من عمايلهم  سافرت كندا تخيل يا حسين  اروح القيها ميته ليها اكتر من شهر ومخبين عليا وحجتهم خافوا عليا من الصدمة ومخفوش  عليا لما عرفت رجعت مصر وأنا  بموت مقدرتش أرجع الشقة  وذكريات مريم وصورها بكل ركن، عشت فترة في أوتيل تعبت فيها ودخلت مستشفي مفيش حد يسأل عليا ولا حد رفع سماعة التليفون عليا، لما رجعت الفندق لقيتهم نقلوا حاجتي وشالوها بالامانات  كانوا فكرني موت ومنتظرين حد من الورثه يسأل على متعلقاتي، وقتها حسيت قد ايه الانسان ملوش  قيمة وقررت اهاجر عند اخواتي باستراليا  وانا بطريقي  للسفارة  قريت  اسم الدار شدني الاسم  بدل ما اروح  السفارة جيت هنا الدار واتعرفت عليكم وبقيتوا أهلى واصحابي.

حسين: اخواتك يا مينا ياخويا والله وجعت قلبي وانا اللي كنت فاكر محدش موجوع قدى صدق المثل اللي يقول  اللي يشوف بلاوى لناس تهون عليه بلوته. 

مينا:  والعزرا ما نقص نكد انا عهدت نفسي اعيش  الايام اللي باقية من عمري سعيد وفرحان  .

عبدالله: عندك حق يا مينا  خلينا  ننبسط ونعيش الايام الباقية في عبادة  وتقرب لربنا ونأخد بحس بعض.

عادل:   عندك حق ياعبدالله بيه احنا نشجع بعض نعمل وقت للرياضة  ووقت للقراية  وورد يومي  نتابع فيه بعضنا لحد مانختم القرآن، وكمان نخرج مع بعض لاماكن سياحية نعمل رحالات  عشان مانملش ونزهق بسرعة من قعدتنا بالدار.


حسين:  ياريت تعفوني انا من الرحله انا هنزل البلد اطمن على ولادي وبناتي   واطمن على البيت وارجع.

عبدالله:  يااه ياعم حسين انت هتروح تزورهم بردة، دا انت طول قاعدتك هنا مفيش واحد اتصل عليك، على ما اعتقد اخوك كل  كام يوم يطمن عليك وخلاص. 


              الفصل الثالث والأخير من هنا 

                 لقراءة باقي الفصول من هنا 


تعليقات



<>