أخر الاخبار

رواية نفق الجحيم الفصل التاسع والعشرون الثلاثون بقلم ريناد يوسف

رواية نفق الجحيم 

الفصل التاسع والعشرون الثلاثون 

بقلم ريناد يوسف 

حزن خيم على بيت المقاول، كسرة ضهر ووجع مابعده وجع، توهه الكل حس بيها بعد ما كبيرهم وسندهم واللي معيخطوش خطوه من غير شوره وبدون إذنه فاتهم علي غفله بدون مقدمات. 


عديله إنزوت فأوضتها واتلفلفت بحزنها وفوق منه لحافها القطن ونامت طريحة الفراش ببدن وقلب موجوعين، وقطعت الزاد وحتي الكلام ومفيش غير دموعها عيوصفوا وجع قلبها. 


حوريه وباقي حريم البيت قضوا سبوع بكايين ندابين نعايين لغاية ماحسهم راح وصوتهم مبقاش طالع، 


أما الرجاله فقضوا الاسبوع كله في المندره يستقبلوا المعازي اللي متقطعتش ولا قلت وكل يوم يزيدوا، وفآخر اليوم السابع يتفاجأ الكل بالشيخ جاهين داخل عليهم المندره مع ولده حكيم. 


والكل بطلِتهم قام وقف إحتراماً وإستقبالاً ليهم، وبما فيهم كرار اللي قام متغصب ووقف في إستقبالهم زيه زي الباقيين، لكنه إتصدم وهو واعي ورا منهم عبد الصمد داخل. 


دخلوا التلاته وقدموا التعازي وقعدوا بعدها، ونعيم أمر أبو دراع يجيبلهم الضيافه، وقال لسلام يدخل البيت ينبه على أحسن غدا، 


وبعدها قعد جار الشيخ جاهين، اللي أول ماأهل البلد كلهم عرفوا بوجوده فمندرة المقاول جم رمح عشان يقعدوا معاه ويتباركوا بمجلسه الطيب. 


أما جاهين فأول ماشاف الناس إتجمعت إبتدا يكلمهم عن الموت والحيا ويخطب فيهم عن الصبر والجلد في الإبتلائات، وإن الانسان هيتحاسب على كل كلمه قالها فوكت حزنه، وكل كفر بقضاء الله وقدرة متمثل فى الصراخ والندب واللطم والعديد، وصبغ العمه للرجاله وشق الهدوم. 


وإن كل ديه بدع ماانزل الله بها من سلطان، وإن الحزن الحقاني عيكون في القلب ومعيتخطاش دموع العين بالهِدا. 


الكل سمع الخطبه، وبعد ماخلص الشيخ جاهين طلب من الكل يستغفروا عن كل ذنب إرتكبوه بعلم أو بجهاله، ويطلبوا السماح من رب العالمين، وإن كل واحد فيهم ينبه علي أهل بيته يكفوا عن حزن الجاهليه عند المواتم، ويعرفهم إن كل اللي عيعملوه فى العزا حرام، وقالهم إن اللي مش هيبلغ الرساله بعد مااتآمن عليها يعتبر كاتم علم وحسابه عند ربه كبير..وإنه منع فبلده والبلاد القريبه مهنة الندابه وخلي كل الحريم اللي عتشتغلها بطلتها لحرمانيتها وحرمانية الفلوس اللي عتاجي منها. 


والناس كلها أمنت على كلامه ووعدته بالتبليغ، وبعدها الكل إنصرف ومفضلش غير قله قليله مع الشيخ جاهين من اصحاب النزاعات والمشاكل والاستشارات الدينيه اللي إستغلوا الفرصه ووجود الشيخ جاهين فى حل مشاكلهم. 


أما كرار فكان طول الوكت عينه على عبد الصمد وعيبصله بنظره معناها إيه اللي جابك إهنه مره تانيه؟ 


وزي ما هو عينه كانت على عبد الصمد، حكيم هو كمان عينه كانت عليه ومراقب كل حركه منه، 


وفهم العداوة اللي بينه وبين عبد الصمد، واللي كانت مخليه عبد الصمد طول القعده حاطط عنيه في الارض ومدنقر راسه مرفعهاش، 


وصعب علي حكيم كسرته قدام عيل صغير من دور عياله وخصوصي إن هبد الصمد من اول ماسمع الخبر حزن علي  المقاول توفيق يمكن أكتر من عياله واخوه عليه،


 وجاي معاهم طول الطريق يبكي علي خبر موته اللي سمعه منهم، لما عدوا عليه يشوفوه عرف بالخبر وراح يعزي ولا لساه مسمعش زيهم. 


وفعلا لقوه معارفش والخبر نزل عليه كيف الصاعقه وفاجعته فموت توفيق كانت كبيره. 


قام حكيم من موطرحه وراح قعد جار عبد الصمد وميل عليه وسأله بهمس:


هو ايه ياعم اللي بينك وبين جوز بتك مخليه يبصلك إكده بعيون عتطق شرار؟ 


رد عليه عبد الصمد بخجل:


مفيش حاجه بيني وبينه ياولدي، وحتي اللي بيني وبينه قطَعُه لما حرج عليا اخطي بيتهم تاني، ولا اشوف اللي ليا جواه واطمن عليها،


 وطلعني بسواد الوش قدام الكل، وديه حوصول في اليوم اللي المقاول مات فيه من قهرته عاللى جرا لضيوفه فبيته علي يد ولسان ولده. 


فهم حكيم الموضوع، وفهم إن كرار عايز يقطع عن شام رجل حبايبها عشان يستفرد بيها، واستني حكيم لما الناس كلها مشت والمندره فضيت الا منهم ومن أهل بيت المقاول، فجلى صوته وهو عيقول بحس عالى:


بعد إذن كل الحاضرين، اني عمي عبد الصمد خولني بالنيابه عنيه بتولي مهمة زيارة المحروسه بته بداله والاطمئنان عليها بين كل حين وحين، 


وكمان غير طلب عمي عبد الصمد مني، المحروسه جات البيت ديه بناءً علي حكم أبوي حَكمُه، 


وأبوي عيحرص إنه يتأكد إنه مظلمش حد بأي حكم حكمه حتي بعد تنفيذة، والحديت ديه محدش يملك حق الإعتراض عليه. 


قال كلامه وبص لكرار بتحدي وكرار قام وقف على حيله ورد عليه بتحدي أكبر:


اللي إنت عتقوله ديه لا ورد في شرع ولا فدين، إللي عاوز تروح وتاجي عليها داي لا هي من محارمك ولا تربطك بيها صلة قرابه وشوفتك ليها حرام.. عاوزها بالدين اللي عتتكلم بيه اهي جبتهالك من ناحية الدين.


حكيم: لو تعرف الدين متمنعهاش عن ناسها ولا تمنعهم عنها، هو الدين برضك قال إكده؟ 


كرار: ايوه قال لما يكون الراجل عيخشي على مرته ضرر من شوفة ناسها والاختلاط بيهم. 


جاهين بهدوء: اقعد بس ياولدي واني هفهمك إنت فاهم النقطه الاخيره داي غلط، اقعد هفهمك القصد منها. 


كرار: مقاعدش ومفاهمش، ومرتي محدش هيشوفها ولا هتشوف حد، 


ولا هتخطى بره عتبة الدار وزيها زي باقي حريم بيتنا، وإسأل عننا في البلد لو كنا عنطلعوا حريم بره عتبة الدار، واللي عيسري عليهم يسري عليها غصب عنها وعن الجميع، وديه آخر كلام حداي، ومن حكم فاللي ليه ماظلم. 


خلص حديته واتحرك قوام مغادر المندره وهمل عمه وعيال عمه واخواته خجلانين من اللي قاله للشيخ حكيم وولده، وطلعهم بسواد الوش قدام ضيوفهم لتاني مره، وخصوصاً لما الشيخ جاهين اصر إنه يمشي من غير مايتغدي ولا ياخد ضيافته الكامله من بيت المقاول، وداي عيبه كبيره قوي فحقهم وخصوصي إن الشيخ جاهين مش اي حد. 


عاود كرار للبيت وكانت اول مره يعاودله من أسبوع، ودخل قوام على أوضته من غير مايبص لحد، وبمجرد مااختلى بروحه دفن وشه بين أديه وسمح لدموعه اللي ليها أسبوع عتكابر بالنزول في الخلوه بعيد عن عيون الناس، وفضل يهمس لنفسه:


إستفدت إيه لما مت غضبان مني وانا هفضل غضبان منك وممسامحكش واصل، إيه اللي استفدته بجفاك علي غير إني كل ماهفتكرك وتاجي سيرتك قدامي هلعنك فسري الف مره بدال ماادعيلك، كان يجرى إيه لو تعلمني غلطي بالهداوه وتقولي متعملهوشي تاني وتكون رحيم عليا في عقابك،


 روح ياشيخ ربنا مايرحمك ولا يسامحك زي مارحمتنيش وإنت عايش. 


خلص حديث النفس وكمل بكى لحد ماشبع وحس إنه فرغ كل الكبت والوجع اللي جواه.. ولأول مره واحد يبكي على موت أبوه وجع منه مش زعل عليه!


اما حوريه فكانت قاعده فأوضتها وواخده جلابية توفيق اللي كان لابسها آخر مره قبل موته فباطها وعتشم فيها وتهمس من بين دموعها:


طول عمري كنت شايفه فعنيك عدم الرضى عني ولا عن أي حاجه أقولها ولا اعملها ياتوفيق، 


بس برضك كنت محتميه بيك وعايشه على حسك ومتقويه بيك، 


وحاسه دلوك إن ضهري بقي عريان من بعدك ياغالي، كيف هقضي ايامي ولياليا من غيرك ومين هياخد بحسي وآخد بحسه، مشيت بدري قوي ياتوفيق وسبتني قبل الاوان، 


واني اللي كنت عقول هتسند عليك فكبري وهشيخ واني مطمنه بوجودك جارى ياواد عمي، خليت بيا والله ياحبة القلب ونن العين. 


بعدت الجلابيه عن وشها وبصت للباب اللي سمعت حد عيطقر عليه وبحس مبحوح يادوب طالع قالت:


ادخل ياللي عالباب. 


وإتفتح الباب ودخلت منه نعمه شايله صينية وكل صغيره واتقدمت علي امها وهي عتقولها:


جبتلك الوكل ياغاليه عشان تاكليلك لقمه تتقوتي بيها. 


ردت عليها حوريه بضعف:


وفين النفس اللي تاكل يانعمه، ماراح ابوكي وخد النفس والحيل ومعاه، خدي الوكل ديه نزليه تاني واني اول ماهجوع ونفسي تطلب وكل، هقول لوحده فيكم تجيبلي، أو حتي هنزل اني تحت آكل. 


ردت عليها نعمه وهي مستمره في التقدم برغم كلام امها لحد ماوصلت حداها وحطت الصينيه علي السرير وقعدت جارها وقالتلها:


يمه الجوع معيرجعش اللي راح، والحي لازمن يصلب طوله.. أمانه عليكي يمه كليلك لقمه الدنيا مهتوقفش ودلوك ولا بعدين هتاكلي، يوبقي تاكلي دلوك طالما الأمر محتوم وهيوحصول دلوك ولا بعدين. 


بصتلها حوريه وكانت هترد عليها لكن نعمه سبقتها وهي عتغمس لقمه وتقربها ناحية خشمها وتقولها:


خلاص عاد متكسفيش يدي أمانه عليكي، كلي يمه وقومي البيت من بعد أبوي مليهش عازه، ومن غيرك هيوبقي خراب، وديه مش هيرضي أبوي في رقدته ولا هيريحه، وانتي خابره.. ابوي طول عمره يلم فينا متبعشكيناش إنتي يمه ببعدك عننا وتفرقينا،


داحنا من يوم اللي حوصول وكل وحده لازمه غرفتها ومفيش وحده عتطلع ولا تنزل غير للضروره، والوكل كل واحد بقي ياكل لحاله.. بقي هو ديه بيت المقاول اللي اللقمه كله عيتلم عليها، والوكل بالميعاد، والوشوش لازمن تتقابل ٣ مرات في اليوم على الاقل؟! 


نزلت عنيها حوريه للأرض بقهر وفتحت خشمها للقمه اللي مداهالها نعمه، وكلتها من سكات وهي حاسه إن كل كلامها صوح، وإنها لازمن تلحق تمسك طرف السبحه اللي عاش ابوي توفيق يلضم فيها قبل ماحباتها تفرط وتتفرق وكل حبايه تروح فناحيه بعيد عن أختها، وشافت إن داي رسالتها وأمانتها اللي مهتفرطش فيها لحدت ماتروح لتوفيق فدار الحق. 


كلت حوريه اللي قدرت عليه على كد نفسها وبعدها خدت نعمه الوكل ونزلت بيه وهي مرتاحه عشان قدرت تقوت أمها، وراحت بالصينيه علي الموطبخ، وهناك لقيت شام واقفه في الموطبخ حتحضر فصينيه زيها هي كمان. 


نعمه:


إيه مودياها لجوزك داي ولا فين؟ 


شام: له مودياها لستي عديله هغديها مكلتش حاجه من الصبح. 


نعمه: وجوزك؟ 


شام: ماله جوزي؟ 


نعمه: مشفتيهش لو جعان توديله لقمه ياكلها؟! 


شام بعدم مبالاة:


لو جعان هيقول هو هيستحي يعني؟ 


نعمه: عيب تتكلمي عن جوزك إكده، وعيب كمان تستنيه لما يقرصه الجوع ويطلب بخاشمه، إنتي إكده توبقي مره ليكيشي عازه وعمر جوزك ماهيحبك. 


بصتلها شام ولسه هترد عليها وتقولها آخر همي محبته، بس قاطعتها بدور وهي عترد علي نعمه:


وهي من ميته كان ليها عازه ولا كانت مره من أصله، ولا كرار شايفها بعينه حتي، إنتي معتشوفيهش عيتطلعلها كيف وهو قرفان منها طول الوكت؟ اللي كيف داي يانعمه عمرها ماهتكون مره ولا تتحسب على الحريم واصل. 


نعمه: واني ععلمها عشان إكده. 


بدور:مهتتعلمش وفري جِهدك، هي بس همليها متكوله على حلاتها وحاسبه إن جمالها هيشفعلها ويكفي عن كل حاجه، متعرفش إن الراجل اهم حاجه عنديه شطارة المره ومراعاتها ليه ولطلباته ومحاديتها لبيته، وإن الجمال عيعوزه ساعه وحده في اليوم والمداريه عيطلبها باقي اليوم كله. 


شام بصت للتنين وهملتهم يغنوا ويردوا علي بعض، ورفعت الصينيه وطلعت بيها من الموطبخ على اوضة ستها عديله، وهملت بدور تتحرق بنارها عشان معرفتش تكيدها بكلامها الماسخ. 


أما حدا صفوت وعمه نعيم وسلام ومعروف وعزت في المندره:


نعيم:


هنعملوا إيه ياولاد في المشاريع كلها اللي خدها توفيق قبل مايموت وهنلاحقوا عليها كيف؟ 


سلام: تقال علينا والله يابوي أني عقول نعتذروا عن مشروع، او حتي نسلموه لمقاول تاني من الباطن بسعر اقل من العطا بهبابه وإحنا ناخدوا الفرق أولي بيه. وبكفايه علينا تنين. 


معروف رد عليه مؤيد:


والله فكره زينه قوي ياسلام و بكده منخسروشي كتير. 


نعيم:


إيه رأيك ياصفوت فكلام عيال عمك؟ وإنت ياعزت إيه قولك؟ 


صفوت بحيره:


معارفشي والله ياعمي، هما التلات مشاريع تقال قوي علينا وهيضلعونا ضلع ويهدوا حيلنا في الشغل ٣ شهور عالقليله من غير يوم راحه. 


عزت: طيب مانتحاملوا على روحنا ونشتغلوهم خساره. 


سلام: وليه التعب الزايد ديه ياواد عمي، المرحوم لما خدهم كان غرضه يجيب من ارباحهم طرومبيل جديد ويجوزك ويعاود دهبات الحريم، وإحنا ولا حاجه من داي هنقدروا نعملوها غير بعد ثانوية عمي، يعني الضغطه والتعب مليهمش عازه، إحنا نخلصوا مشروعين والتالت يشتغله حد غيرنا من الباطن، ونبقوا ناخدوا شغل تاني براحتنا الشغل معيخلصش. 


صفوت بتفكير: والله كلامك عين العقل ياسلام، ولا إيه رأيك إنت ياعمي؟ 


نعيم:


عمك مليهش رأي ياصفوت، متسالنيش عن حاجه بخصوص الشغل من اليوم وطالع، إنت الكبير وإنت اللي تاخد موطرح أبوك وإنت اللي تشوف وتفصل، واللي تشوفه في الموصلحه إعمله بعد المشوره بينك وبين خواتك وعيال عمك، وتبلغوني باللي رسيتوا عليه واني معاكم فيه، الشغل إنتوا اللي عتشتغلوه بيدكم يعني إنتوا ادري اذا كان هتقدروا ولا متقدروش. 


خلصت قعدتهم ومناقشتهم، وبصوا حواليهم ولقوا المندره فاضيه من بعد مامشي الشيخ جاهين وولده ومحدش جاي من الناس، فقاموا كلهم وعاودا البيت يشوفوا إيه احواله، وكل واحد يريح ففرشته هبابه بدال الدكك القاسيه اللي نعنعت ضلوعهم من النومه عليها. 


أما أبو دراع فراح عالجنينه وخد مكنة الري عشان يرويها، وهمل ابوه راقد ففرشته حزن علي توفيق صاحبه ورفيقه، واللي موته قلب عليه المواجع وفكره بموت مرته وأم ولده، وجدد حزنه عليها من تاني. 


أما حدا عديله، دخلت عليها شام الأوضه وحطت الوكل جارها وقربت عليها وقالتلها وهي عتحاول تعدلها بحنيه:


أني مكلتش حاجه من الصبحيه وحاسه روحي هقع من طولي، وانتي مكلتيش حاجه بقالك ايام وعايشه علي كباية حلبه ولا كباية ايسون وديه مينفعشي ياستي انتي عتموتي روحك إكده! 


عديله بحس يادوبك طالع:


هو فين بس الموت يابنيتي، الموت معياخدش غير الزين واللي ليه عازه، انما اللي زي حلاتي الموت عيهمله وينساه.. وكملت ببكي.. ياريتني كنت اني اللي موت وإنت اللي قعدت ياولدي لشبابك وبيتك وعيالك، إيه عازتي اني في الدنيا لما اني اقعد وهو يفارق ويموت؟ 


شام: متقوليش إكده ياخاله داي اعمار وكل حي عيفارق بس يخلص أجله، لا بالعمر ولا بالسنين هي. 


هزت دماغعا عديله بأسي وهي عترد عليها:


كنت عتمني من ربنا يومي يكون قبل يومهم وهما اللي يشيعوني مش اني اللي اتلوع على فراقهم، اني فراقي كان هيوبقي هين عليهم، لكن الضنا فراقه عيهد الحيل يابنيتي. 


سكتت شام وهي مش عارفه ترد عليها بأيه وهي ذات نفسها موت توفيق مأثر فيها وحزينه عليه وعلي غيبته اللي هتخلي كرار يتفرعن أكتر ماهو متفرعن وخلاص مبقاش ليه رداد ولا رادع. وهي مبقاش ليها من بعده في البيت ديه بعد ربنا غير الجده عديله واللي حالتها متبشرش بخير واصل.. ومن خوفها لتجرالها حاجه هي كمان وتفوتها لحالها عملت المستحيل عشان توكلها لقمتين وهي كمان كلت معاها لقمتين وبعدها قعدوا كل وحده تصبر في التانيه. 


أما حكيم وهو معاود هو وابوه وعبد الصمد في القطر كان طول الطريق ينفخ ويفش من الغيظ من كرار، وأبوه بصله وطبطب علي رجله بحنيه وقاله:


هدي خُلقك ياولدي هبابه النفخ والفش والغيظ معيحلش ولا يربط. 


رد عليه حكيم بعصبيه: 


وإيه اللي يحل ويربط مع البني آدم ديه يابوي؟ 


جاهين: مفيش مع اللي كيف كرار حل ولا ربط ياولدي، هي فيه ناس إكده عقلها عيقفل علي حاجات ومعيتفتحش ولا يقبل تفاهم فيها واللي فدماغه عيكون هو الصح وبس من وجهة نظره، وأي حاجه تانيه عتكون غلط. 


رد عليه عبد الصمد بغلب وقلة حيله:


يعني خلاص على إكده بتي مهشوفهلش تاني ولا اعرف حاجه عنيها ولا عيني تنضر طولها مره تانيه؟ 


طيب اعرفها كيف رايقه ولا عيانه، مرتاحه ولا تعبانه، عايشه ولا.. وقطم الكلمه مكملهاش واتخنق بدموعه ونكس عيونه للارض وحسبن في سره عاللي كان السبب واللي منه الاذيه كلها واللي حطه وحط بته في الوضع ديه، وفي الاخر إستغفر ربه ورمي الموضوع كله عالنصيب والمكتوب. 


جن الليل والكل عرف طريق نومته وشام دخلت تجيبلها غيار من أوضة كرار بعد ماخلصت المواعين اللي في الموطبخ واللي بقت كلها عليها من يوم موت توفيق ومحدش عيمد يده يغسل ماعون معاها، وبمجرد مافتحت الباب ودخلت شافت كرار نايم علي السرير وحاطط يد تحت راسه ويد على عنيه، ومن أول ماراحت علي الصندوق وفتحته ومدت يدها تاخدلها جلابيه غامقه سمعت كرار عيقولها بأمر:


هملي اللي فيدك واقفلي الباب وإنجري تعالي إهنه جاري عالسرير. 


اتنفضت يد شام اللي محمله علي الصندوق وحست بمغصه فبطنها وغمضت عنيها وهي عتتمني الموت ياجي ينجدها قبل اللي هيعمله كرار فيها، ولفت عليه وفي محاوله يائسه قالتله:


بس أبوك لساه ميت وناره مبردتش وميصوحش! 


وإهنه كرار إتعدل قوام ونزل من علي السرير وفثانيه بقي واقف قبالها وبدون مقدمات رفع يده وهوى علي وشها بكف بحيله كله وهو عيقولها:


وإنتي اللي هتقوليلي اللي يصوح واللي ميصوحش يابت الكلب انتي؟ عايزه تفهميني إن أبوي يهمك اكتر مني وإنك عارفه العيب واني معرفهوش؟ 


ايوه ماهي قالتهالي أختك الفاجر قبل منك،  صوح صدق اللي قال  ال*** تلهيك واللي فيها تجيبه فيك. همي خلصي واللي أمرك بيه يتنفذ في التو واللحظه من غير أي إعتراض ولا كلمه تطلع من خاشمك الخايس ديه. 


إتقدمت شام بخطوات مهزوزه من السرير وهي حاسه إنها عتنساق لسكرات الموت، وقبل ماتوصل السرير نفسها غمت عليها وميلت جار السرير وإستفرغت، وديه خلى كرار يرجع لورا بقرف وهو عيقولها: 


إيه القرف ديه جاكي الطين عليكي وعاللي خلفوكي فساعه واحده، غوري وقفتي نفسي جاكي غاره تغورك. 


وشام سمعت كلام كرار وطلعت من الأوضه تجري بكل سرعتها كيف المسجون اللي فتحوله باب السجن وقالوله أهروب لو مسكناك هنعدموك. 


وقوام دخلت أوضة ستها عديله وقفلت الباب وراها وحطت يدها علي صدرها وفضلت تاخد نفسها بالعافيه وحالتها حاله، وعديله شافتها ومدتلها إديها تحثها عشان تاجيلها لأنها مش قادره تنزل من فوق السرير و تروحلها وتاخدها فحضنها، وطبعاً إستنتجت إن كرار هو السبب فحالتها مفيش حد غيره. 


راحت شام عليها وقعدت جارها وعديله مسكت يدها وإبتدت تمسدلها علي ضهرها بحنيه وهي عتقولها:


هودى يابنيتي هودى، إيه بس وداكي الأوضه حداه ماكنتي قعدتي بخلجاتك ولا كنتي لبستي أي حاجه من حداي؟ 


خلاص ياشامه إنتي لازمن تتجنبي كرار على كد ماتقدري اليومين الجايين دول عشان تحافظي على اللي ربنا عطهولك. 


شام بصتلها وهي مفاهماش حاجه، فتبسمت عديله وهي عتقولها:


انتي حبله ياشام وبطنك شايله عوض ربنا ليكي، ولازمن يابنيتي تحافظي على روحك وعليه. 


وفي اللحظه دي كان كرار واقف قدام باب الأوضه كان جاي ياخد شام تشيل القرف بتاعها من الأوضه بتاعته، عشان يعرف ينام فيها، وسمع كل كلام سته عديله، وفتح الباب مره وحده ووقف قدام التنين وبحس عيرعد قالهم:


هي مين اللي حبله وحبله كيف انطقوا؟ 


أما في الدور الفوقاني فقامت حوريه عشان تشقر علي عيال صفوت وتطل عليهم لما سمعت حسهم عيتناكفوا مع بعض وخصوصي إن ليها يومين مشافتهمش، وفطريقها عدت علي أوضة نعيم وسمعت حسه وهو عيرد على سلام ويقوله:


إنت عتقول إيه ياسلام ياولدي؟ 


سلام:


عقول ليه يابوي تظلمني وتقل بيا وتضيع حقي كيف ماضيعت حقك وخليت اخوك. كبير عليك وجاي تعيدها تاني وتكبر صفوت ولده علينا، ليه يابوي إيه اللي زايده صفوت ولا إيه اللي عيزايد بيه علينا في الشغل ماإيدنا بيده وكتفنا بكتفه وخطوتنا اني ومعروف سابقه خطاويهم. ولو عالسن اني اكبر منيه بسنه يعني المفروض اني اللي اكون الكل في الكل مش هو. 


رد عليه نعيم بهدوء:


مكنتش هتقدر عليها ياولدي، المسئوليه شيلها مش هين وعتاخد من الحيل والعقل وحتي العمر واديك شفت عمك مات صغير من كتر شيل الهم، أني متحملتهاش قبلك ومحبيتلكش التعب لا إنت ولا اخوك. 


رد عليه سلام بعصبيه:


وليه تحكم علينا يابوي ماكنت تسيبنا نجربوا يمكن نطلعوا أهل ليها ونقدروا ونسدوا، ليه تظلمنا يابوي ليه. 


نعيم: مش ظلم ياولدي دي محبه وخوف والله. 


سلام نفخ بقلة حيله وهو عيحاول يهدي نفسه:


طيب يابوي خلاص اللي حوصول حوصول، بس من إهنه ورايح مليكش صالح باللي هعمله ولا تعترض عليه وهملني اشوف موصلحتي عاد. 


نعيم:


موصلحتك كيف يعني؟ 


سلام:


موصلحتي يابوي فأني هاخد من الفلوس بتاعة المشاريع وهندلى ادفع مقدم معدت حفر ولودر واجيبهم بالقسط واشغل عليهم حد واول حاجه هعملها بيهم هشتغل المشروع اللي إتفقنا هندوه لمقاول من الباطن، ومن بعدها هاخد شغل لروحي واشتغله بمعداتي وابقي كبير نفسي ومش هشتغل تحت رحمة حد تاني، حتي لو الحد ديه واد عمي، وأول مالمشروعين يخلصوا وناخدوا من مكسبهم حق دهب حريمنا هاخده واكمل بيه سداد المعدات ولو إتبقت حاجه بسيطه أمرها هيوبقي هين..


خلاص يابوي الزمن اللي جاي ديه زمن يلا نفسي، ولو إنت وعمي الله يرحمه كنتوا ماشيين مع بعض بما يرضى الله منضمنوش دلوك النفوس هي هي ولا متغيره وفيها خبث. 


سكت نعيم بعد كلام سلام ولده مردش، وحوريه ضربت على صدرها وهي فاتحه خاشمها بصدمه وممصدقاش اللي ودانها عتسمعه

رواية نفق الجحيم الثلاثون ريناد يوسف


حوريه سمعت حديت سلام مع ابوه وبدال ماكانت رايحه اوضة عيال ولدها عاودت تاني لأوضتها، وفضلت تلف فيها وهي حاسه إن حريقه شبت بين ضلوعها من اللي سمعته.. يعني إيه؟


يعني عيال نعيم ناوين يلعبوا بديلهم من ورا عيالها وياخدوا منيهم الشغل والفلوس! ويحوزوا لنفسهم ويسحبوا البساط من تحت رجلين عيالها وحده وحده؟! 


خلاص مات توفيق وبانت النوايا وكل واحد عيقول يلا نفسي؟ فضلت تفكر هتعمل إيه، وهتقول إيه وإن أي حاجه هتقولها دلوك هتتحسب عليها هي وتبان هي اللي عايزه تفرق، 


وخصوصي إن سلام وابوه مطلعتش منهم حاجه قبل سابق تدل على طمعهم ولا ندالتهم، 


وعيالها زيهم زي أبوهم لا يمكن يصدقوا فعمهم وعيال عمهم واصل، ومش بعيد بعد كلامها اللى كانوا ناويين يعملوه في الدرا يعملوه عيني عينك قدام الكل، وتوبقي حجتهم إن مرت عمهم هي اللي قدمت الشينه وذمت فيهم وتهمتهم بالباطل.


فرست على أسلم حل يخرب عليهم كل تخطيطهم وفنفس الوكت يحفظ حق عيالها وتعبهم.


بس قررت إنها تستني لغاية ماالليل يقسم وتنفذ اللي عزمت عليه.


بص حوصول اللي مخلاهاش تستني لنص الليل عشان تنزل، 


لما سمعت صوت صراخ وزعيق ملى البيت ورجه رج، فرمحت هي وكل ناس البيت يشوفوا فيه إيه؟! 


وبمجرد نزولهم شافوا كرار فأوضة عديله ماسك شام منومها فى الارض ونازل ضرب فيها باديه ورجليه فبطنها وضهرها وهي تصرخ وهو يزعق فيها بعلوا حسه ويقولها:


حبلتي ميته ومن مين، اللي فبطنك ديه واد همام ولا السيد اللي سبقوني ليكي؟ 


ولا واد حد قبلهم انطوقي.. اصلك لو حطتيلي الف عقل فوق عقلي مهتحبليشي في النوبتين اللي قربتلك فيهم. 


ولا هيبان عليكي الحبل والوحم وإنتي يادوبك الشهر مقفلاه.. اني خواتي البنته مكانوش عيتوحموا ولا يعرفوا روحهم حبالىَ غير في الشهر التاني او التالت، وانتي تلاقيكي حبله من بدري، وحتى لو مش من بدري يوبقي اللي فبطنك ديه واد حد من التنين ياهمام ياالسيد..أني عارف إنك مش مظبوطه من ساعة ماشفتك فنصاص الليالي ماشيه بطولك فبلدك يافاجره، وطبعاً كيف مالبسوكي ليا ووقعتى فزوري عايزاني ألبس عيل غيري مش إكده؟ 


بس له والله مايوحصول ولا يكون. 


وفضل يضروب فيها وعديله تصرخ عليه بكل حيلها وهي عتتسند وتحاول تروحلها وتقوله:


حرام عليك ياظالم داي كانت حايضه فاول يوم جات فيه للبيت بزياداك ظلم.. 


اتكلمي ياحوريه وقوليله هاي هيموت البت فيده إنجديها حرام عليكي. 


طيب وقف نشوفوها حبله صوح ولا له محدش متوكد ولا عارف لسه. 


ردت عليها حوريه وهي عتطلع وتبعد عن الأوضه:


اني لا شفت ولا ريت هشهد واقول حاجه مشفتهاشي.


ردت عليها عديله وهي عتترمي بجسمها علي شام تحميها من ضرب كرار هبابه:


طول عمرك شيطانه خرسه عند الحق، وولدك راضع منك الشيطنه.. ربنا عليكم إنتي وهو، 


تعالىَ يانعيم حوش وإرفع الظلم ياولدي اللي كان عياخد حمى الغلبانه مات وهملها فيد الظلام. 


إتقدم نعيم وهو عيقول لكرار:


بزياداك ياكرار البنيه هتموت فيدك.. حرام عليك ياولدي متظلومش، ستك عتقول البنيه جات حايضه عيب عليك اللي عتقوله ديه. 


رد عليه كرار بعصبيه وصوت شق سكون الليل شق:


عمااااى.. اطلع إنت من الموضوع ديه متتدخلش لا إنت ولا أي حد تاني، الموضوع ديه بتاعي ويخصني أني وبس، وإن كان على ستي هي لا شافت حيض ولا محيضش هي عتقول إكده وخلاص عشان تخلص الفاجر داي من يدي. 


ردت عليه عديله بتاكيد:


له والله العظيم اني عقول الحق، البنيه كانت حايضه واحلف علي كتاب الله. 


كرار بعصبيه: شفتيهاااا بعييينك.. شفتي الحيض بعينك ولا ريتي منيه علامه ولا عتتحدتي وتحلفي علي كلامها ياستي انطوقي؟ 


عديله: مشفتش بعيني اني مش كد شهادة شوف العين، بس عارفه إنها معتكدبشي، هي قالتلي وامها وخياتها كانوا عارفين وقالوا قدامي.. هي هتكدب ليه يعني؟ 


كرار رد عليها وهو عيسحب شام من شعرها من تحتها:


يوبقي تقفلي خاشمك وتسيبيني أعمل الصالح مادام منضرتيش بعينك..ورجع يضروب فيها ومحدش قادر يقربله ولا يحوش عنها وخصوصي وهما شايفينه فحاله أول نوبه يشوفوه فيها، 


وعقلهم تايه بين تصديقه وتصديق اللي عتقوله ستهم عديله، لكنهم كلهم ميالين بعقلهم لكلام كرار لأنه الاقرب للصوح، وإنها ممكن متكونش حبله منيه.. وخصوصي إنها مقالتش قدام حد إنها حايضه اول ماجات البيت، ولا حد شاف منيها علامه! 


ومع صراخ عديله وصراخ شام ومنظرها وهي عتنضرب عزت ماتحملش وطلع رامح عالوحيد اللي هيقدر يخلص شام من يد كرار قبل مايموتها.


وثواني وكان واقف يخبط على باب بيت ابو دراع.. واللي طلعله مفزوع بنومه ولما شافه سأله بخوف:


عزت! فيه إيه ياعزت؟ 


رد عليه عزت وهو عيسحبه من يده ويتحرك بيه:


الحق ياابو دراع مفيش وكت للسوئلات صاحبك هيموت مرته ومحدش قادر يغيتها منيه. 


أبو دراع سمع كلام عزت وكان قرب علي البيت، وسمع بوضوح صراخ شام، وصراخ عديله بحسها المبحوح، ووقف ثواني قدام الباب متردد وحدود عهده مانعاه،


 لكن انسانيته نقضت العهد وهو سامع كرار هيموت شام فيده صوح، والكل واقف يتفرج عليه، مفيش بس غير سته عديله عتهابر معاه، 


وحتي هي مش راحم ضعفها وكل ماتقرب من شام يزيحها بكل حيله بعيد عنها.. وكل اللي نعيم عامله إنه عيحاول يمسك امه عشان متروحش لشام ولا تحوش عنها خوفاً عليها من كرار. 


دخل أبو دراع وشق الواقفين بدراعاته ووسعهم عن طريقه، ودخل كيف اسد غاضب على كرار، ورفعه عن شام وقام راميه بعيد عنها بكل حيله خلاه اتوجع  وصرخ من الخبطه، 


وقوام ابو دراع سحب اللحاف من فوق السرير ورماه على شام اللي كان شعرها ولحمها متكشفين قدام رجالة البيت كلهم، وكرار عيضروب فيها ولا مهتم للحمه اللي عراه للعيون تتطلع فيه. 


هو عيمل إكده وعديله رفعت اديها ودعتله من كل قلبها:


روح ياولدي ربنا يستر عرضك ويراضي قلبك كيف ماسترت الوليه وحُشت عنيها الديب المسعور اللي محدش قادر يحوش نيابه اللي عتنهش فلحمها من الصبح. 


كرار عيحاول يتعدل وهو واعي أبو دراع رايح عليه وعيونه عترمي شرر، وقاله بتحذير:


ابو دراع لو مديت يدك عليا مره تانيه تعتبر كل اللي بينا إنتهي وتنسى إن ليك صاحب إسمه كرار. 


رد عليه أبو دراع وهو عيسحبه ويوقفه قدامه بعنف:


ومين قالك إن كرار الواقف قدامي ديه تشرفني صُحبته ولا معرفته؟ 


إنت كل مادا ومعرفتك تعر متشرفش ولا تنفع.


إنت خلاص مشيت فطريق الطُغيان ومبقيتش شايف حد قدامك ولا عامل قيمه لحد، واحد موطرحك موت ابوه بحسرته المفروض ينكسر ويقعد الباقي من عمره يطلب السماح من ربه عشان يغفرلك موتتة أبوه وهو غضبان عليه،


 إنما إنت عميلت كيف فرعون كل مادا تزيد فرعنه وإنت ملاقيش حد يردك عن عمايل السو.


 بس ويمين الله ياكرار من اليوم وطالع لو مديت يدك علي الغلبانه داي ولا عميلت فيها حاجه عفشه لأكون خصيمك وخصمك واسففك التراب بالحفنه..واوعاك تفكر إنك لما منعت ناسها عنها إنها خلاص وقعت تحت رحمتك ومحدش هيحوشها منك وهتخليها تحت رجلك ياعديم الرحمه.. اني من الساعادي حاميها وسندها وموطرح ابوها وراجل يوبقي اللي يمد يده عليها فوجودي ولا من وراي. 


ودلوك هم إطلع من الأوضه داي ومرتك لما تتعلم تتعامل معاها كيف البني آدمين اوبقي تعالالها. 


رد عليه كرار بعصبيه وهو عيفلت منيه ويروح على شام تاني بكل مافيه من قهر وغيظ:


هضربها ياابو دراع وقدام عينك ولا عايزك ولا عايز صُحبتك من اليوم وطالع،


 وبت الكلب داي بالذات محدش هيتدخل بيني وبينها ولا يحوشني عنها، وإن كان ابوي مات بحسرته مني كيف ماعتقول فحسرته كانت علي الفاجر اللي جابهالي وعلي ناسها، واللي يتحسر عالفواجر وناسهم وياجي معاهم على ولده يستاهل الموت الف مره. قال كلامه ديه وبكل حيله ضرب شام فبطنعا برجله خلاها صرخت، ولسه هيتني الضربه عليها أبو دراع لحقه وشده بعيد عنها،


 لكن اللحاف اللي كان فوقها إتشد مع رجل كرار، وبمجرد مااتكشف اللحاف الكل شاف خيط دم سايل علي رجلها، وديه خلي كرار يحس بالراحه لانه إتخلص من واد الحرام اللي فبطنها، لكنه خلي أبو دراع جن جنونه ومسكه جره بره الاوضه وقفل بابها يداري بيه شام عن عيون الناس، ونزل فكرار ضرب لما عدمه العافيه.


كل ديه كان يحصول قدام ناس البيت اللي كانوا متابعينه بمنتهي البرود كأنهم. اصنام أو ناس محداهاش صنف الإحساس ومشاعرها متبلده! 


مفيش من بينهم حد إتأثر وزعل عاللي جرا لشام غير بس عزت، اللي كان شايف إن وحده بالجمال ديه حرام تتعذب كل العذاب ديه وتنضرب الضرب ديه وتتذل وتنهان، وبدور وباقي حريم البيت مرتاحين ومتستتين وعاملين حالهم حريم، والحريم اللي تنحسب حريم صوح يحصول فيهم إكده! 


أما حوريه فبعد ماشافت كرار وهو عيضروب فشام وبعد كلامها مع عديله هملتهم وطلعت على اوضتها وهي عتفكر في الأهم والابدي، وقفلت الباب علي روحها وراحت يم الخزنه ووقفت قدامها وحطت اديها التنين عليها بتملك. 


أما عديله فبعد مااتقفل الباب عليها وعلي شام قعدت جارها تفوقها وهي شايفاها رايحه فدنيا تانيه، وبكت وهي عتشد خلجاتها تغطي رجليها من البرد وشافت الدم اللي عليهم، وبحسره فضلت تدعي على كرار إن ربنا ينتقم منه شر إنتقام، ويخلص تار الغلبانه داي من حباب عنيه. وفضلت تدعى لابوا دراع اللي خلصها من يده وأتكتبلها عمر جديد بفضله. 


وقامت بضعف تنادم على عدويه ولا بتها ورده تساعدها يرفعوا شام من الأرض عالسرير ويغيرولها خلجاتها. 


اما شام فكانت بتأن وهي هتناجي ربها فسرها إنه يرحمها من العذاب والوجع اللي كل ماتنجى منيه وتقول خلاص مفيش اقوي ولا اشد منه، تشوف الاشد والأقوي علي يد كرار. 


جاتلها عدويه وساعدتها وغيرتلها خلجاتها وطول ماكانت عتغيرلها كانت عتتصعب عليها وعلي الزراق اللي فجسمها من ضرب كرار، وعلي شعرها اللي إتقطع كله فيده وملى ارضيه الأوضه، بس للاسف أكتر من الصعبنه والشفقه المكتومه مكانتش تقدر تعملها حاجه؛ لانها لا كد قلبة حوريه اختها عليها، ولا فيه حد حداهم عينفع يتدخل بين الراجل ومرته مهما عيمل فيها كيف مامتعودين. 


وطلعت عدويه بعدها من الاوضه وهملت شام مع عديله اللي نامت جارها وخدتها فحضنها وفضلت تقرا عليها قرآن وترقيها من شر حاسدٍ اذا حسد؛ لانها حست إن كل اللي عيجرالها ديه حسد وعين شافت جمالها مصلتش. 


عدى الليل وجه الصبح وشام إبتدا الوعي يرجعلها وفتحت عنيها وحاولت تتعدل وأننت من وجع جسمها، وعلى صوت انينها صحيت عديله وإتعدلت وهي عتقولها بخوف:


إسم الله عليكي يابنيتي، إيه ياشامه حاسه بيه ياحبة عيني؟ 


ردت عليها شام وهي عتتعدل فقعدتها:


جسمي ياستي جسمي كله مكسر تكسير وحاسه إني دايخه والدنيا مغبشه قدام عنيا وخصوصي عيني الشمال . 


بصت عديله فوشها زين وشهقت وهي شايفه عينها الشمال وارمه وكاسيها الحمار، وضربت على صدرها وشهقت قبل ماتقولها:


الله يكون بعونها عينك اللي شايفه غُباش عاللي فيها ديه.. داي واخده سدحه من المخفي بعدلها مخلياها وارمه وحمره كيف ضُغنة الدم.. تتكسر إيده اللي ضرب بيها قادر ياكريم. 


إتنهدت شام ونزلت شويه شويه من علي السرير وراحت عالحمام، وعديله شفقت عليها وخافت تتشطف بميه ساقعه فعز السقعه، راحت طالعه عالموطبخ وخلت ورده تجيبلها منيه بستلة ميه حاميه ودخلتهالها وطلعت، وعديله راحت أوضتها هي وكرار جابتلها غيار، وحمدت ربها إنها ملقتش بوز الأخص في الأوضه ولقتها فاضيه.. فخدتلها غيار وفوسط الصندوق شافت صرة الدهب بتاع شام راحت واخداها هي كمان ولفاها وسط غيار شام وراحت بيها على أوضتها، وهي داخله إتخبطت فحوريه اللي كانت طالعه من الأوضه متسربعه وعتعدل فخلجاتها، فسألتها عديله بإستغراب:


كنتي عتعملي إيه فأوضتي ياحوريه؟ 


ردت عليها حوريه بحده:


كنت ععمل إيه يعني كنت داخله اشقر عليكي وعالبلوه اللي اتبلينا بيها، واشوفكم هتفطروا اجيبلكم فطور ولا ليكمش نفس.. الحق عليا يعني؟ 


ردت عليها عديله بزعيق:


غوري محدش عاوز من وشك قطاع الخميره ديه وكل ولا شرب، وبعدين من ميته نزلت عليكي الحنيه داي؟


ردت عليها حوريه وهي ماشيه:


أول وآخر نوبه ومهتتكررش تاني ولا تزعلي روحك. 


وقفت عديله وراها هبابه، وبعدها دخلت الأوضه لافت الغيار لشام، وطلعت تدور فصندوقها وحاجتها بشك دخل قلبها من لغفنة حوريه اللي شافتها متلغفناها وهي طالعه.. بس الغريبه إنها ملقتش حاجه غايبه من صندوقها! وحتي حجلها الفضه اللي شبكها بيه كارم قاعد موطرحه! 


فقعدت وهي عتفكر ياترى إيه حكاية حوريه؟


شويه وطلعت شام من الحمام ورجعت نامت في السرير جار عديله وغمضت عنيها، وعديله سألتها بحنيه:


إيه بانيتي عتنزفي شديد ولا إيه؟ 


ردت عليها شام وهي مغمضه عنيها:


له ياستي مفيش خالص النزيف وقف.. ديه لساه نقطتين دم ونزلوا وراح لحاله.. وكملت بحسره..ملحقتش حتي أفرح بخبر وجوده جوا بطني، ولا أفهم الخبر زين حتي، خدني على خوانه وخسرهوني فثانيه، كيف ماخسرني شرفي وعفتي فثانيه هو واللي كانوا معاه.. مش عارفه هتني أخسر على يده لحد ميته بس.. لحد ميته يارب؟ 


ردت عليها عديله وهي عتطبطب عليها بمواساه:


معليهش يابنيتي ربك حداه العوض عن كل خساره، وعوضه قريب وكبير.. أصبري ياشامه وقولي يارب ومتعاتبيش ربك وتقولي ليه، ربنا ميتسألش ليه ومش ليه يابتي.. ربنا يتقاله احمدك واشكرك علي كل اللي تجيبه وراضيه بقضائك، وتطلبي منيه على كد البلا صبر. 


إتنهدت شام بقلة حيله وفضلت مغمضه عنيها وحاسه بجسمها عيصل عليها كله وعضمها عينشر. 


أما كرار فبعد العلقه اللي خدها على يد أبو دراع عشيه طلع من البيت وراح الغرزه وفضل يشرب بوظه براحت راحته، وعلى كيف كيفه لحد مااتسطل ونام في الغرزه، وصحي الصبح بعد طلعة الشمس لحاله، وقعد على حيله وهو حاسس إن راسه عتلوق وإن الصداع عيفرتكها، فخلي الواد اللي شغال في الغرزه يعمله كباية شاي تقيله، وقعد شربها وقام بعدها رجع البيت، ولأول مره يمشي بعد مايعمل الغلط وهو مش خايف من ابوه ولا من عقابه.


 بس كمان كان فيه حته مدايقاه.. وهي إن مفيش حد استفقده ولا سأل عليه ولا شيع حد يشوف هو وين وحصله إيه! 


لا حد من اخواته ولا عيال عمه، ولاحتي أمه، ولا ابو دراع اللي قبل سابق كان بياته بره وعمله كيف داي ممكن يطين عيشته عليها! 


وإتوكد إنه برغم قساوة أبوه الا إنه الوحيد اللي كان استفقده دلوك وحس بغيابه. 


عاود البيت ودخل طوالي حتي وهو واعي ابو دراع قاعد جار دمسة النار عيتدفى ويعمل شاي، بس لا كلمه ولا رمي عليه سلام،


 ولا التاني كلمه ولا حتي سأله كان فين وجاي منين، وكل اللي عيمله إنه رفع كنكة الشاي يصبله كبايه تانيه غير اللي خلصها. 


وبعد مادخل كرار البيت طلع مخلوف وراح على ولده قعد جاره وشاورله عشان يصبله كباية شاي، وبعد ماصبهاله أبو دراع خدها مخلوف وخد منها شفطه وبعدها اتلفت حواليه وقاله وهو عيتطلع عالشجر العالي:


بموت توفيق كل حاجه هتتغير ياابو دراع ياولدي، ومفيش حاجه هتقعد على حالها.. كل حاجه، واولهم النفوس.. اللي كان لامم الكل مات ودلوك كل حي هيروح فطريق غير طريق التاني..وحدش هيعرف حد وداي سنة الحياة.. وديه كان توفيق قاريه وعارفه زين. 


كان يقول عيالي قعدتهم مع بعض جبر ولمتهم غصبانيه.. وإن كل واحد فيهم معيفكرش فغيره ولا حد قلبه عالتاني فيهم. 


وديه اللي هيوحصول بين الاخوات ياولدي.. فمابالك بالغرب عنهم هيعملوا فيهم إيه؟ 


أبو دراع: قصدك إيه يابوي؟ 


مخلوف:


قصدي ياولدي إننا بقينا على كف عفريت في البيت ديه، وإن طلعتنا منيه بقت مرهونه بكلمه تطلع من خشم غضبان، وإننا لا لينا دقه فملك صحابه، ولا لينا غير هلهولتينا ناخدوهم ونفارقوا..


 ومن إليوم ورايح ياولدي اليوم اللي هنقعدوه إهنه هيكون فضل ونعمه من صحاب البيت، عشان الضهر والحبيب والسند واللي كنا متحزمين بيه وقاعدين على حس محبته لينا راح.


 فياريت نكننوا ونمشوا جار الحيط، ونراعوا لقمتنا ونومتنا وليناش صالح بحد ونبعدوا عن المشاكل. 


اني سمعت من معروف اللي جرا عشيه واني نايم ومداريشي بالدنيا. وعرفت كمان إنك ضربت كرار وإن إنت الوحيد اللي اتصدرتله من كل ناس البيت..وجاي اسألك عميلت إكده ليه ياولدي؟ 


يعني قبل سابق كنت كيف البهيمه ترمي روحك في النار عشانه، ولما ربنا نور بصيرتك لساك كيف البهيمه برضك بس بقيت ترمي نفسك فى ناره. 


بعد عن كرار ياابو دراع ومتقلبش المحبه عداوة، عشان ماعداوة اشد من اللي عتاجي من بعد محبه، 


بعد ياولدي واتفرج من بعيد كيف مالكل عيعمل. 


هزله ابو دراع دماغه بتفهم وسكت مقدرش يعترض ولا علي حرف؛ لانه للأسف معاه كل الحق.


بعد ٣ ايام من يوم ضرب كرار لشام..وفي الوقت ديه كانت قاعده مع جدتها عديله فأوضتها نهار وليل معتطلعش.. 


فقامت بعد اذان الفجر وطلعت جري علي الحمام واستفرغت اللي فبطنها وعاودت وهي عتتسند علي كل حاجه تقابلها، وكانت عديله عتصلي وسلمت وشافتها وراحت عليها وقعدت جارها علي السرير وسألتها بإستغراب:


شامه إنتي ليه عتستفرغي من بعد ماسقطتي؟ 


ردت عليها شام وهي عتلف روحها باللحاف من البرد:


معارفاشي ياستي مالي، لساها الدوخه قاعده كيف لاول ولساه لعبان النفس ولساه مِر الصبحيه اللي عستفرغه قاعد كيف ماهو، يمكن عياخد وكت بعد السقوط لولا مايروح. 


ردت عليه عديله وهي عتحط يدها علي بطنها وتتبسم:


له ياشامه له، دانتي لساكي حبله والعيل مخسرش وقاعد فبطنك، الوحم عينتهي بنزول العيل، بس طول مالوحم شغال العيل قاعد. 


ردت عليها شام بإستغراب وهي عتبص علي بطنها موطرح ماعديله حاطه يدها:


واه ياستي عيل إيه اللي يقعد بعد الضرب ديه كله؟ وبعد الدم اللي نزل عليا؟ 


عديله: متتعجبيش يابنيتي اللي ليه عمر متكتلهوش شده.. واللي ربنا كاتبله عيش عالدنيا مفيش مخلوق يقطع عيشه غير رب العالمين.. والظاهر إن ربك بعتلك الجبر قوام قوام. 

   الفصل الحادي والثلاثون من هنا

لقراءة باقي الفصول اصغط هنا

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close