رواية الشر الأبدي الفصل الثاني 2بقلم هنا عادل

 


رواية الشر الأبدي

الفصل الثاني 2

بقلم هنا عادل 


المنظر اللى شوفته خلاني فتحت عنيا على اخرها وانا بحاول اركز هل اللى انا شايفاه ده صح ولا لاء؟ لكن هما كلهم كانوا بيتكلموا ولهفة العريس الغريبة بالنسبالي والاستعجال اللى تقريبا بقيت خايفة منه بعد ما كنت زعلانة على رفض الناس ليا خلوني مش عارفة انا صاحية ولا نايمة..بس الغريب ان اللى شوفتها دي اول ما لقيتني بصيت لها بتركيز ابتديت ترجع بضهرها لورا وتطلع على بوابة بيتنا وهي بتمد ايديها وكأنها عايزة تخنقني...منظرها كان بشع وكل حاجة كانت مكتفاني من اني اتكلم وكأنها فعلا خنقاني للدرجة اللى تمنعني بيها من الكلام، شكلها البشع كل ما كانت بتبعد عني كل ما كان بيبقى اوحش ومرعب اكتر..العين البيضا الميتة دي مع كل خطوة بترجعها كانت بتنزف دم بيتحول لونه كل ما يسيل على وشها للأسود..ومع اخر خطوة ليها ووصولها لبوابة الشارع حسيت ان الدنيا كلها بتلف بيا واول ما جيت اقف وقعت من طولي، ودي اول مرة تحصل ليا، مش قادرة احكيلكم ايه اللى حصل خلال فترة الاغماء دي لأني مش عارفة لكن اللى كنت عارفاه اني لما فوقت وكانوا كلهم موجودين حواليا حتى العريس كنت ناسية ايه اللى حصل، كنت مكسوفة جدا وانا مش فاهمة ايه اللى جرالي وصلني اني اقع من طولي وسط الناس كده، ومن جوايا بقول لنفسي:

- كده اكيد هيفتكر اني مريضة علشان كده بترفض.

لكن كلهم كانوا قلقانين عليا حتى هو رغم انه ميعرفنيش، بس لقيت بابا بيتكلم:

- ايه يافيروز يا حبيبتي؟ جرالك ايه؟ ما انتي كنتى زى الوردة.

ماما:

- الحمد لله يا علي انها فاقت، هي مش بتنام كويس الفترة دي.

كرم:

- المهم اننا اطمنا عليها، بس هي عندها اي مشكلة صحية يعني ضغط مثلا او سكر؟

رد بابا وهو حاسس ان السؤال ده وراه رفض:

- لاء الحمد لله أحنا معندناش حد فى العيلة خالص عنده ضغط ولا سكر، هو بس شوية اجهاد، معلش بقى كنا عايزين الترحيب يكون احسن من كده.

كل ده كان بيحصل حواليا وانا برضو مكسوفة ومش عارفة المفروض اتصرف ازاي، لكن كرم رد باخر رد كنت متوقعاه:

- طيب انا عارف ان اللى حصل ده هيخلي مالوقت مش مناسب لأي كلام كنا جايين علشانه، بس لو ممكن نيجي بكرة نقرأ الفاتحة وخير البر عاجله، بس خلوها تنام كويس بقى علشان تستحمل غلاستي.

قالها وهو بيضحك وامي وابويا بيبصوا لبعض وانا نفسي مستغربة اللى بيحصل، كانوا قاعدين حواليا وانا كمان بعد ما فوقت كنت قاعدة معاهم لكن سرحانة فى اللى بيحصل، تقدروا تقولوا متكلمتش بكلمة واحدة، حتى الست المخيفة دي انا نسيت اني شوفتها، فضلت قاعدة بتفرج وبتابع الموقف والفرحة اللى ظاهرة على بابا وماما وعلى اخواتي كمان برغم انهم مش بيشغلوا بالهم بحوار الجواز والرفض والقبول ده، هما عارفين ان ده نصيب وانا برفض ناس وفيه ناس كمان من حقها ترفض، لكن رغم كده فرحتهم كانت باينة، لكن انا مكنتش قادرة احكم على كرم ده ولا على تسرعه واستعجاله فى الارتباط من بنت هو ميعرفش حتى طبقة صوتها عاملة ازاي، أستأذنوا ومشوا وفضلت في البيت انا واهلي، اخواتي بعد ما اطمنوا عليا كل واحد فيهم راح يشوف هو وراه ايه، لكن بابا وماما طبعا مش هيعدوا كل اللي حصل ده بسهولة كده، فكانت الكلمة الاولى لماما:

- كده يا فيروز؟ مش عارفة تمسكي نفسك شوية بدل ما العريس يفكرك مريضة ولا مصدقتيش نفسك من الفرحة؟

بابا:

- هو مش معقول هتكون قاصدةي عني يا كوثر، لكن هو التوقيت بصراحة كان مُحرج يا فيروز.

رديت انا بهدوء وانا بطبيعتي جدا، وناسية اللى حصل اصلا:

- والله يا بابا مش عارفة بالظبط ايه اللى حصل ولا فاكرة انا ازاي وقعت كده، لكن اكيد مش زى ما حضرتك بتقولي يا ماما، مش لدرجة اني اقع من طولي لما عريس يوافق عليا، انا مش قليلة على فكرة وعارفة قيمة نفسي كويس اوي، واصلا انا لسه موافقتش عليه انا متكلمتش معاه اصلا.

كوثر بتوتر:

- موااااافقتيش! يعني ايه الكلام ده يا فيروز؟ ماله الراجل ده بسم الله ماشاء الله شاب زي الفل يفرح، دين واصل ومال وعلام، هتعوزي ايه تاني؟

فيروز:

- ياماما انا متكلمتش معاه كلمة واحدة، ولا اعرفه ولا يعرفني، اومال القاعدة بتاعت النهاردة دي كان ايه سببها؟ 

بابا:

- طيب شوفي يا فيروزتي انتي ارتاحي دلوقتي، والصبح نقعد مع بعض نتكلم، ومتقلقيش لو مش عايزة براحتك انا مش هغصبك على حاجة وانتي عارفة كده كويس.

كوثر:

- ايه اللى بتقوله...

بابا بمقاطعة:

- خلاص يا كوثر، نسيبها بس تطلع تنام دلوقتي والصبح يحلها ربنا، بنتي اهم من اي حاجة.

طبعا انا عارفة ان ماما مش بتتكلم غير من رغبتها فى انها تفرح بيا وان انا كمان افرح زى البنات، طلعت اوضتي وانا حاسة بحاجات كتير متلخبطة، مش عارفة هو المفروض افرح لان فعلا كرم كان ماشاء الله عليه وسيم واسلوبه راقي وباين عليه انه على خُلُق واعتقد انه يستاهل ياخد فرصة اننا نعرف بعض يمكن فعلا يكون فيه نصيب، ولا عارفة المفروض اخاف واقلق من موافقته السهلة دي؟ المهم اني دخلت اوضتي غيرت هدومي واتوضيت وصليت وروحت فى النوم...شوفتها مع اني كنت نسيت شكلها، لكن لقيتها قدامي وكأنها مش فى الحلم، ابشع مخلوق ممكن يتوصف، مرعبة ومخيفة وبتستمتع بأنها تكون مصدر رعب لهدفها، كانت واقفة بتضحك ببشاعة وهي شايفاني عيني هتطلع من مكانها من الخوف والخنقة اللى منعاني من اني اصرخ، ممكن تقولوا جاثوم مثلا؟ بس لاء، كنت حاساها معايا فعلا فى الاوضة مش مجرد كابوس خاصة لما قالتلي:

- مش هتعيشي يا فيروز، مش هتعيشي..

الصوت اللى اتقال بيه الكلام كان خارج منها وكأنها بتنفخ فى النار، حرفيا كل حرف اتنطق برغم بشاعة الصوت الا انه كمان كان خارج بسخونية رهيبة حاوطتني، كنت خايفة ومرعوبة وانا بحاول اسأل:

- أأأنت..أنتي..ميي.ن؟

برغم ان عنيها كلها بيضا الا ان اللى يشوفها يحس انها بصاله في عنيه، كانت بصالي حرفيا بتركيز وثابته جدا، وابتسمت أبتسامة كشفت عن ان اسنانها كلها مش موجودة وقالت:

- أنا اللى هنهي حياتك.

قالتها واختفيت والغريب اني كملت نوم مصحيتش ولا قومت حتى ادور عليها حواليا فى الاوضة، لكن كنت صاحية فاكراها وفاكرة اني شوفتها، فاكرة ان فيه كلام قالته وانا سمعته منها، فاكرة انها قالتلي اني مش هعيش وهي اللى هتنهي حياتي...لكن ليه؟ وهي مين؟ وليه التوقيت ده بالذات؟ 

كنت من الناس اللى بيتوصفوا بأنهم على فطرتهم جدا، معرفش اي تفكير فى حاجات خبيثة او شريرة، حتى برغم الوصف اللى بوصفه ده انا مفكرتش ابدا فى اي حاجة من اللى ممكن تكون جت فى بالكم، ولا عفريت ولا سحر ولا اعمال ولا حاجة خالص، كنت بس حاسة ان اللى بيحصل ده ممكن بسبب توتري وارتباكي واتعاملت مع الموضوع على انه عادي لدرجة اني قررت محكيش لحد الكابوس اللى شوفته، طلع النهار وأبتدا اليوم وطلعت من اوضتي وكانت ماما وبابا قاعدين فى الصالون مستنيين اني اصحى علشان نشوف ايه اللى هيتم فى اليوم اللى المفروض هتتقرأ فيه فتحتي:

- صباح الخير.

بابا/ماما:

- يا صباح النور.

بابا:

- عاملة ايه يا حبيبتي النهاردة؟

فيروز:

- الحمد لله يا بابا احسن.

ماما:

- نمتي كويس؟

سرحت للحظة كده وكأني كنت عايزة اقول لاء لكن رديت بهدوء:

- أه الحمد لله.

ماما بقلق:

- طيب ايه بقى يابنتي؟ هنعمل ايه فى الناس اللى جايين النهاردة دول؟ استهدي بالله كده واتوكلي عليه خلينا نفرح ونطمن عليكي.

فيروز:

- ياماما انا مرفضتش، بس انا معرفش عنه حاجة، ملحقتش اعرف ولا اسمع عنه اي كلام، يادوب لسه قاعدة وهو اتكلم وحصل اللي حصل قبل ما اسمع باقي كلامه.

بابا كان لسه هيتكلم، لكن ماما اتكلمت بأمل:

- يابنتي الولد زى الفل والله، وبعدين اصله ابوكي عارفه ده عمه صاحب ابوكي من سنين ومع بعض فى الشغل، وبعد قراية الفاتحة اقعدي معاه واتكلمي،و احنا هنبقى موجودين فى الريسيبشن قصادكم فمتقلقيش عنينا هتبقى معاكم بس هتبقى قدامكم فرصة تتكلموا لواحدكم.

بابا:

- من غير ضغط ياكوثر، برضو يا فيروز اللى انتي عايزاه يا حبيبتي هو اللى هيحصل، بس فعلا الولد محترم وابن ناس واخلاقه بيتحلف بيها.

فيروز:

- خلاص يا بابا انا موافقة، لكن لو محسيتش براحة بعد ما اتكلم معاه الموضوع مش هيكمل.

ماما:

- ان شاء الله هتر...

بابا بمقاطعة لكلام ماما:

- اللى فيه الخير ربنا يعمله.

فيروز:

- طيب انا هروح شغلي بقى علشان متأخرش.

ماما:

- وده يوم تروحي فيه الشغل يا فيروز؟

فيروز:

- ياماما ايه اللى هيحصل يعني؟ ده انا الساعة 

 2 بكون فى البيت والناس مش هيكونوا موجودين قبل المغرب، يعني لسه بدري جدا.


ماما:

- علشان تلحقي تجهزي.

فيروز:

- متقلقيش، يلا السلام عليكم بقى.

ردوا عليا السلام وامي كانت عنيها بتلمع اني وافقت على المبدأ، وكأني انا مثلا مش عايزة افرح ولا اكون زى البنات، لكن من جوايا حاسة ان انا نفسي فى حاجة غريبة مش فاهماها، لكن لأني مش عارفة تفسير ليها فأتعاملت على انها عادي مجرد توتر..روحت شغلي وفى طريقي حاسة ان الاصوات اللى فى الشارع مجرد صوت زن، فيه حاجة بتزن فى ودني مشتتة تفكيرى من اول ما خرجت من البيت لحد ما وصلت الشغل، انا مش سلبية على فكرة ولا عبيطة بس انا شايفة ان كل حاجة بتحصل ربنا له ارادة فيها، واكيد اللى انا فيه ده حاجة عادية وربنا مش بيضر حد، علشان كده باخد المواضيع كلها ببساطة حتى لو كانت مريبة، لكن اللى مكنتش عاملة حسابه اني اول ما ادخل اقف قدام الفصل بتاعي اثناء طابور الصباح اشوفها واقفة قدامي بالظبط بأيديها اللى بينقط من بين فراغات صوابعها الدم الاسود وهي بتتمد علشان تخنقني...ومحسش بنفسي مرة تانية غير وزمايلي حواليا بيحاولوا يفوقوني.


             الفصل الثالث من هنا 

لقراءة باقي الفصول من هنا

تعليقات



<>