أخر الاخبار

رواية حسناء أنارت دربي الفصل التاسع 9بقلم جوهرة الجنة

      

رواية حسناء أنارت دربي  

الفصل التاسع 9

بقلم جوهرة الجنة


ظلت حسناء تتوسد صدر فؤاد إلى أن رن هاتفها، فاستقامت بسرعة لتئن من ألم ظهرها ثم أجابت عندما وجدت المتصلة ابنة عمتها.


حسناء: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


ظهر صوت ليلى مخنوقا حينما قالت: وعليكم السلام، حسناء أنا أمام منزلك.


حسناء: حقا، سأنزل حالا.


قامت حسناء تعدل حجابها ليقول فؤاد: إلى أين.


حسناء: ابنة عمتي ليلى في الأسفل ويبدو أن لديه مشكل ما فصوتها لم يعجبني.


فؤاد: وأنت ما بك..لماذا أنيت عندما قمت.


حسناء: شعرت بألم طفيف في ظهري فقط.


فؤاد: لأنك أجهدت في العمل هذا واضح، كان عليك أن تهتمي بصحتك يا حسناء.


حسناء بابتسامة: أنا بخير لا تقلق وأستأذن منك الأن ليلى تنتظرني في الأسفل.


اكتفى فؤاد بإيماءة صغيرة، وهو يرمقها بشك متأكد أنها تتألم لكنها تخفي ألمها كالمعتاد. أما حسناء فنزلت للأسفل، وحاولت تجاهل الألم الذي تشعر به، وفتحت الباب مستقبلة ليلى التي ارتمت في حضنها مباشرة تبكي.


حسناء: ليلى ما بك حبيبتي، أنت تخيفيني.


ليلى: لماذا أنا منبوذة وسط عائلتي، لما لا يهتم أحد بي.


تفهمت حسناء حالتها وأدخلتها لصالة الجلوس، وظلت تربت على رأسها، وترتل عليها بعض الأيات من القرأن الكريم، وتركتها تعبر عن مكنونات قلبها بكل حرية ودون مقاطعة.


ليلى: تعبت من لا مبالاة أمي، وتمييز أبي لأختي علي..أشعر أنني وحيدة في ذلك البيت رغم وجودهم..أمي تحب المال والخروج رفقة صديقاتها، وأبي يحب أختي ويقضي معها أوقات فراغه، وأختي تقضي وقتها في التزين والعناية بنفسها والتخطيط للزواج برجل غني، وأنا أبقى في الجانب أكتفي بالمشاهدة منذ صغري.


حسناء: لماذا لا تحاولي أن تتقربي منهم أنت، وصارحيهم بما تشعرين وفي ذلك الوقت حددي إن كانوا يحبوكِ أم لا.


ليلى بتوجس: وماذا إن لم يكونوا يحبوني ماذا سأفعل.


حسناء بابتسامة: في ذلك الوقت ستجديني بجانبك فأنا أحبك، وحتى إن ابتعدت أنا فهناك من يحبك أكثر منا جميعا، والأقرب منك هو الله عز وجل..الله الوحيد القادر على طمأنتك، تقربك من الله هو من سيجعلك مقتنعة بما لديك وتحمديه دائما عليها.


ليلى: وما الذي لدي لأقتنع به.


حسناء: لديك عائلة، لديك أم وأب وأخت يرغب الكثيرون في الحصول عليهم... بينما أنت تشتكين من عدم اهتمامهم بك هناك أشخاص يتمنون أن يجدوا عائلة ويكتفوا بمشاهدتهم من بعيد فقط ليشعروا بطعم العائلة، لدى يجب عليك شكر الله على نعمه وتقربي منه يا ليلى فلا الحياة خالدة ولا نحن خالدين لدى أسرعي لرحمة ربك قبل فوات الأوان.


صمتت ليلى قليلا تفكر في كلامها، وتعيد تحليله لتقول بعد صمت طويل: أنت محقة، يجب أن أتقرب من الله، أنا حقا قصرت كثيرا في أمور ديني وحان الوقت لأتغير.


حسناء: وفقك الله يا حبيبتي وأنار طريقك.


ظلت ليلى قليلا مع حسناء وطلبت منها أن ترافقها لشراء بعض الأغراض فصعدت لتستأذن من فؤاد الذي قال: أنا أيضا كنت سأخرج رفقة صديقي وليد، ما رأيك أن أوصلكما إلى المركز التجاري وأنتظركم في المقهى حتى تنتهيان.


حسناء: وماذا عن صديقك.


فؤاد: سألتقي به في مقهى المركز.


حسناء: حسنا كما تريد ولكن سنأخذ معنا جواد.


فؤاد: بكل تأكيد.


غيرت حسناء ثيابها وثياب جواد وغير فؤاد هو الأخر ثيابه لينزلوا ويستقلوا السيارة حيث كان فؤاد وحسناء في الأمام وليلى وجواد في الخلف.


صفت السيارة أمام المركز التجاري، لينزلوا جميعا وتحمل جواد إلا أن فؤاد حمله عنها وأخبرها أنه سيعتني به بدلا عنها، لتناوله لها ودخلت رفقة ليلى للمركز.


مرت ساعتين انتهت الفتيات من شراء كل مستلزماتهم حيث اشترت ليلى ملابس محجبة بعد أن قررت التغير ثم اتجهوا للمقهى حيث وجدوا فؤاد ووليد جالسان بجانب بعضيهما وجلست الفتيات أمامهم بعد أن ألقوا السلام.


فؤاد :هل اشتريتم ما يلزمكم.


حسناء :أجل، ناولني جواد قليلا.


أعطاها جواد لتضمه لصدرها، ومنذ جلوسها لم تنظر لوليد حيث غضت بصرها على عكسه الذي كان يراقبها بدهشة، فهو لم يصدق بعد أن فتاة صغيرة مثلها قبلت الزواج برجل يكبرها بعشر سنوات، وأيضا تقبلت إبنه وزادت دهشته حينما لاحظ حنانها على جواد.


همس وليد في أذن فؤاد قائلا :لا زلت لا أصدق أن فتاة مثل هذه قبلت الزواج بك ووافقت على ابنك، فأنا لم يسبق لي رؤيتها وكنت أعتقد أنها أكبر منها أو على الأقل سيئة المظهر.


فؤاد بحدة: وليد التي تتحدث عنها زوجتي وشرفي ولا يحق لأي أحد الاقتراب منها أو قول شيء في حقها ولولا أنك صديقي لكانت لدي ردة فعل أخرى.


وليد: أنا أعتذر يا صديقي، لم أقصد ما فهمته فقط استغربت من الموضوع.


اكتفى فؤاد بإيماءة صغيرة وظلت ملامحه جامدة، ورغم علمه أن صديقه لم ينوي شيئا سيئا إلا أن غيرته على أهل بيته وخاصة زوجته هي من تحكمت به، فالرجل الحقيقي لا يسمح لأحد بالتلاعب بشرفه حتى لو كان بالمزاح.


رفع نظراته لحسناء التي كانت تنظر له عاقدة حاجبيها من حالته الغريبة ليقول: هل نستطيع العودة الآن.


حسناء :أجل بالتأكيد.


ليلى :شكرا لك سيد فؤاد على مراقبتك لنا.. استأذن منكم الآن.


فؤاد :لا انتظري سنوصلك معنا.


ليلى: لا أريد أن أتعبكم معي.


حسناء :لا يوجد أي تعب، تعالي معنا فأنا لن أسمح بذهابك بمفردك.


استسلمت ليلى ورافقتهما بعد أن ودعوا وليد الذي عاد هو الآخر لمنزله حيث وجد زوجته ضبت أغراضها، وكانت على وشك المغادرة ليودعها ثم اتجه لغرفته ليستريح قليلا.


في سيارة فؤاد كان الهدوء يعم المكان بعد أن أوصلوا ليلى لتقول حسناء :فؤاد هل حدث شيء ما.


فؤاد :لا.


جوابه المختصر أكد لحسناء أنه حدث شيء ما لتقول: لكن حالتك تتبث العكس وأيضا حاجبيك المعقودين وهدوءك الغريب يدل على حدوث شيء ما.


تحدث فؤاد بحدة وصوت عال قليلا قائلا : قلت لك لا فما الذي تفهميه، لم يحدث شيء يكفيك إصرارا على الموضوع. 

صمتت حسناء غير قادرة على الإجابة فهو لأول مرة يصرخ عليها، خاصة أنها لم تفعل شيئا وأيضا تفاديا لغضبه كي لا يفزع جواد من نومه.


وصلوا أمام المنزل لتنزل وتأخذ جواد ثم دخلت دون أن تنطق بكلمة أما فؤاد فظل في السيارة قليلا يفكر في ردة فعله وكيف صرخ عليها.


فؤاد بغضب من نفسه: غبي.. أنا شخص غبي، كيف صرخت عليها رغم أنها لم تخطأ في شيء، اللعنة على غضبي الذي يجعلني أعمى، أستغفر الله العلي العظيم.. أستغفر الله العلي العظيم.


ترجل فؤاد من سيارته، ليتزامن نزوله مع توقف سيارة والديه أمامه يليها نزولهما.


فؤاد :السلام عليكم.


الوالدين :وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.


مصطفى :عدت اليوم مبكرا أم ماذا.


فؤاد :عدت في وقت الغداء ثم رافقت زوجتي للمركز التجاري وعدنا للتو.


دخلوا جميعا حيث كان فؤاد يضم أمه لصدره، ووالده يراقبهما بابتسامة يحمد الله على رزقه بأبناء مطيعين ثم قال بمرح: أنت أيها الولد ابتعد من زوجتي واذهب لزوجتك.


فؤاد بمرح مماثل: من تقول عنها زوجتك هي أمي في الأصل، يعني أنا أولى منك بها.


رأته حسناء وهو يضحك ويشاكس والديه ليتسلل الحزن إلى قلبها إلا أنها أبت أن تظهر ذلك أمام أحد فرسمت ابتسامة مزيفة على وجهها.


عائشة :هل نظف المنزل أم أنه تهيأ لي فقط.


فؤاد بمرح:وما فائدة زوجات أولادك إن لم ينظفوا منزلك.


شعرت حسناء أنه يقلل منهم، فهي في حالة من الحزن، وكعادة جميع النساء عندما يكونون حزينات يبدأن في تكبير أي كلمة قيلت في حقهن، وهذا بالضبط ما حدث مع حسناء التي استقبلت مرح فؤاد بحساسية كبيرة.


حسناء :الحمد لله على سلامتكم.


مصطفى :شكرا لك إبنتي.


جلست حسناء في أريكة رفقة عائشة وهي تحمل جواد النائم، بينما جلس فؤاد ووالده في الأريكة المقابلة، وتحولت ملامحه للهدوء بعدما رأى حسناء.


عائشة :يبدو أن فكرة التنظيف فكرتك، أليس كذلك. 


حسناء :لماذا قلت أنها فكرتي ولم تقولي أنها فكرة نادية أو زينب أو وردة. 


عائشة :بكل بساطة لأن نادية إبنتي وأعلم أنها لن تقترح تنظيف المنزل، أما زينب فهي تكره التنظيف من الأساس لدى من المستحيل أن تقترح هذه الفكرة، وبخصوص وردة فهي تعبت من كثرة العمل الذي تتركه زينب على عاتقها دوما متحججة بتعبها أو إنشغالها بأبنائها، لدى لم يتبقى سواك ليقترح الفكرة. 


حسناء :صحيح يا أمي أنا من اقترحت الفكرة والجميع وافق. 


عائشة :هل حدث شيء ما في غيابنا. 


فؤاد باستغراب :لم يحدث شيء، لماذا تسألين. 


عائشة :لأن حالتكما غريبة ولستما على طبيعتكما. 


فؤاد :في الحقيقة... 


قاطعته حسناء قائلة بابتسامة :لم يحدث شيء يا أمي، وإن قدر الله وحدث مشكل ما سنحاول حله بيننا، وإذا لم نستطع وقتها أعدك أننا سنلجأ لكما. 


    

عائشة :حسنا كما تريدين.. أنا سأصعد لغرفتي الآن، أريد أن أرتاح قليلا. 


مصطفى :أنا أيضا آت معك. 


صعدت عائشة ومصطفى لتقول: أترى ماذا فعلت حسناء. 


مصطفى :هل تقصدين التنظيف. 


عائشة :لا، أقصد أن شيئا حدث بينها وبين فؤاد ورغم ذلك رفضت التصريح بهذا، ولم تسمح لأحد بالتدخل في علاقتهما، ولو كانت زوجات أبنائنا الأخرين لاشتكوا سريعا. 


مصطفى :أخبرتك من قبل فؤاد محظوظ حينما امتلك زوجة مثل حسناء، فرغم أنها الأصغر سنا إلا أنها الأكثر حكمة وتعلم كيف تدير حياتها بشكل واع. 


في الأسفل كانت حسناء تتجنب النظر لفؤاد، وتبثت نظراتها على جواد، و عندما شعرت بفؤاد سيتحدث قالت: سأخذ جواد لغرفته ليرتاح أكثر. 


علم فؤاد أنها تتهرب من الحديث معه، فأخذ منها جواد وصعدوا للأعلى، ليتوجه هو لغرفة إبنه ويضعه بها، بينما حسناء اتجهت لغرفتهم، ونزعت ملابسها و توضأت حينما سمعت أذان العصر ثم ارتدت أسدال الصلاة، ليدخل فؤاد ويتجه هو الأخر للحمام يتوضأ، فقامت بتفريش السجادات وجلست في إنتظاره، فحتى لو كانت حزينة على ما فعله إلا أنها ستشاركه الصلاة كما اعتادوا خلال الفترة الماضية. 


أنهوا صلاتهم لتتجه حسناء للسرير تتكأ عليه عندما شعرت بألم ظهرها يزداد ولم تستطع أن تنزع حتى أسدالها. 


فؤاد :حسناء هل أنت بخير. 


اكتفت حسناء بإيماءة صغيرة ليعترض فؤاد قائلا :لا أنت لست بخير، ما الذي تخفيه يا حسناء. 


حسناء بابتسامة حزينة :كأنك تهتم، أنا مجرد خادمة في نظرك. 


ضغط فؤاد على يدها غاضبا وقال: ما هذه التفاهات التي نطقت بها. 


حسناء شعرت بألم في يدها من قوة ضغطها إلا أنها قالت: ما الغريب فيما قلته، أليس هذا كلامك أنت. 


فؤاد :حسناء هل جننت أم ماذا متى قلت أنك خادمة. 


تذكرت حسناء جملته، لتقول بسخرية :ما فائدة زوجات أبنائك إذا لم ينظفوا منزلك.. أنت محق ،ما فائدتنا إن لم نخدم عائلتك ولكن ليكن في علمك أنني أخدمهم لأنهم في مقام عائلتي، أنا أنظف هذا المنزل لأني أعتبره منزلي، وهذا أفعله بكامل إرادتي. 


فؤاد :أنا كنت أمزح فقط ولم أقصد ما فهمتيه. 


ضغطت حسناء بيدها الثانية على بطنها وكتمت ألمها ليخاف فؤاد عليها ويمسح على وجنتها قائلا :حسناء أخبريني هل يؤلمك شيء يا حبيبتي، رجاءا لا تخيفيني عليك. 


تجمدت حسناء في مكانها حينما سمعت ولأول مرة كلمة حبيبتي منه، لتشعر بدقات قلبها ترتفع وتتورد وجنتيها مجددا، وقد نسيت كل ما حدث وصراخه عليها وغابت عن الوعي في هذه اللحظة إلا أن حركة فؤاد أيقظتها حينما نزع عنها الحجاب، وقال: حسناء أنا أعلم أنني مخطأ حينما صرخت عليك، ولكن هذا عيب بي حاولت كثيرا تغييره إلا أنني لا أستطيع، ففي كل مرة أكون غاضبا أغيب عن الوعي ولا أدري ماذا أقول إلا حينما يفوت الأوان. 

    

حسناء :وما ذنبي إن كنت غاضبا، ما الذي فعلته لتصب غضبك بي.


فؤاد بحزن: ربما ذنبك أنك زوجتي.


تنهدت حسناء وهي تشاهد ملامح الحزن والندم التي ارتسمت على وجهه، وكما تقبلت محاسنه يجب أن تتقبل عيوبه وتسعى للتخفيف منها.


حسناء :زواجي بك ليس ذنب فقط نفسيتي سيئة اليوم.


فؤاد :لماذا هل حدث لك شيء.


ضغطها على بطنها كان إشارة له ليتفهم حالتها، فابتسم وقال: هل ما فهمته صحيح.


لاحظت حسناء إشارته لبطنها بعينيه لتتورد وجنتيها، وترتمي في حضنه كي تتخفى عن نظراته، لينفجر عليها فؤاد بالضحك، وشدد من ضمها يحمد الله أنها ليست غاضبة منه.


فؤاد :حسنا أنت غيري ملابسك وأنا سأحضر لك مشروبا ساخنا.


اقترب منها فؤاد يود تقبيلها في جبينها لتغمض حسناء عينيها تنتظر تلك القبلة إلا أنه ابتعد في أخر لحظة وقال بمرح :ما الذي أفعله أقبلك في جبينك كأنك أمي.


رمقته حسناء بنظرة مغتاظة، ليقبل فؤاد جبينها ووجنتيها ثم قال: سأعود سريعا.


ضحكت حسناء عليه ثم قامت متجهة للحمام لتغير ملابسها، وعادت تتكأ على السرير تضغط على بطنها إلى أن عاد فؤاد مع مشروب ساخن وناوله إياها.


ارتشفت حسناء منه القليل ولتتشنج ملامح وجهها وتقول: مذاقه سيء.


فؤاد :ومنذ متى رأيت دواءا مذاقه حلو.


نظرت حسناء لعينيه لتغيب عن الوعي وتقول: لكن حبك دواء وليس مر.


شعر فؤاد بسعادة عارمة إلا أنه رسم ملامح الخبث قائلا بتلاعب: ومن قال أنني أحبك.


علمت حسناء أنها تحدثت بدون وعيها، لكن وكأي أنثى ترغب في سماع كلمة أحبك من زوجها، والأن وبعد أن كانت تعتقد أنه يحبها صدمها بتلك الحقيقة.


حسناء :أنا أعتذر لم أقصد أن أقول شيئا.


احتست ذلك المشروب بسرعة، ورغم مرارته إلا أنها تحملتها، وتقلبت مولية ظهرها لفؤاد وتغطت، وهي تمثل أنها نائمة بينما مزيج من المشاعر تتداخل في قلبها وأفكار كثيرة تدور داخل عقلها.


نظر فؤاد للكأس الذي شربته بأكمله بدهشة ثم شاهد كيف نامت، ليهز رأسه عليها باستياء كونها صدقت كلامه بكل تلك السهولة، رغم أنها محقة في جزء ما، فهو لم يسبق له أن اعترف أنه يحبها.


فؤاد: حسناء... حسناء، ماذا هل نمت بهذه السرعة.


لم يجد منها أي إجابة ليتحرك من جانبها، ويتجه للخزانة يخرج قطعة من الشوكولاتة، واتجه للسرير يجلس عليه ويمرر أصابعه على وجهها.


سميت بالحسناء لتصفها، هي تلك الفتاة حسناء الوجه والخلق، كل حرف من إسمها يصف مدى جماليتها، فالحاء تدل على حبها وحنوها المميزين، والسين أتت لتبين مدى سموها والنون تصف نعومتها فهي كالنسمة تترك أثرا طيبا في نفسك، أما الألف فأضيفت لتؤكد لي أنك لا تستحقين سوى كلمة أعشقك.


فتحت حسناء عينيها مصدومة من كلماته التي نزلت كالبلسم على نيران قلبها غير مصدقة أن هذا الكلام سمعته من شخص هادئ و جاد مثل فؤاد. 

حاوط فؤاد وجهها قائلا :أعلم أنني لست من النوع الذي يعترف لحبيبته بحبه لها كل يوم، لكن ماذا أفعل فأنا لا أريد أن تزول لذة تلك الكلمة وأتمنى أن تتفهميني.


حمل قطعة الشوكلاتة وناولها لها لتأخذها منه بصمت سيطر عليها، فإتكأ فؤاد بجانبها وضمها له بحيث تتوسد صدره، لتشدد حسناء من حضنه هي الأخرى من حضنها ثم فتحت تلك الشوكولاتة، وتناولت منها القليل وشاركت القليل منها معه.


نامت حسناء في حضن فؤاد قريرة العين ليغمض هو الأخر عينيه بعد أن أرسل رسالة لأخته أن تهتم بإبنه لأن حسناء متعبة قليلا، فوافقت ليغط هو الأخر في نوم عميق.


بعد ساعات صدح أذان المغرب في الأرجاء ليستيقظ فؤاد ويبعد عنه حسناء بهدوء ثم اتجه للحمام توضأ وبعدها ذهب للمسجد الذي لا يبعد كثيرا عن منزلهم. 


في ضواحي حيث يقع منزل السيد جعفر أخ عبد الله، الذي قاطعه منذ سنوات بعد أن اتهم عبد الله أنه أخذ النسبة الأكبر في الورث، رغم أن عبد الله أخذ نصيبه الذي اشتغل عليه منذ صغره إلا أن جعفر قاطعه ولم يسأل عنه طيلة حياته. 


في غرفته كان يتكأ على السرير لتدخل عليه زوجته قائلة :جعفر ماذا سنفعل في هذا المشكل، نحن بحاجة للمال. 


جعفر: اصمتي أيتها المرأة، ألن تدعيني أستريح قليلا منذ الصباح وأنا ابحث عن أحد يعطني هذا المبلغ لكن لا أحد يريد مساعدتي. 


الزوجة بتوتر وخوف :ما رأيك أن تقوم برهن أحد المحلات. 


صرخ جعفر عليها قائلا :هل أنت عاقلة أم لا تملكين عقلا لا أستطيع رهن المحلات. 


الزوجة :أنا فقط أردت أن أجد حلا لهذا الموضوع لا داعي لأن تغضب علي بهذا الشكل. 


جعفر: لو كنت تريدين مساعدتي لحاولت جمع المبلغ اللازم. 


الزوجة :من أين أحضر لك هذا المبلغ ذهبي وقمت ببيعه والورث الذي كان لدي كتبته في إسمك.. صحيح لما لا تبع أرضا من الأراضي التي كتبتها بإسمك. 


تهرب جعفر من الإجابة وظل صامتا لتقول زوجته بنظرة يستحوذ عليها الشك: جعفر ماذا فعلت بالأراضي. 


علم جعفر أنه وقع في مأزق ليقول ببرود :قمت ببيعها منذ فترة. 


الزوجة :ماذا.. وأين المال.


جعفر: في نظرك الماء الذي تضيعيه كل يوم والضوء الذي يشتغل ليل نهار وأثات المنزل الذي غيرته قبل شهرين إضافة إلى تجهيز المحل الجديد، أين سأجد ثمنهم جميعا.


الزوجة :اللعنة عليك يا جعفر، ضحكت علي وأخذت كل أملاكي وأوهمتني أن إخوتي يفكرون في سرقة أملاكي لكن هذا لم يحدث.


صفعها جعفر بقوة إلى أن وقعت أرضا ثم قال بعجرفة: أنت لم تحققي لي حلمي في الحصول على أطفال لهذا من الطبيعي أن أخذ شيئا مقابل بقائك على ذمتي.


اتجه جعفر ناحية الباب ليخرج ثم توقف فجأة واستدار ناحية زوجته التي تتسطح على الأرض وقال ببرود :قبل أن أنسى هذا المنزل أيضا قمت برهنه


                الفصل العاشر من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا 

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close