أخر الاخبار

رواية حسناء أنارت دربي الفصل الثامن عشر 18بقلم جوهرة الجنة

        

رواية حسناء أنارت دربي  

الفصل الثامن عشر 18

بقلم جوهرة الجنة


مر شهر على وفاة السيد عبد الله، الذي كان الجميع يشهد بحسن أخلاقه، ومنهم من سعد كونه مات في يوم ذو قيمة عالية كيوم الجمعة كما أنه مات ساجدا، وكم من سخص يتمنى لو كان مكانه ومات وهو راضٍ عن نفسه، كما لا زال الكثير يتذكر لحظات دفنه، والعدد الهائل من الأشخاص الذين صلوا عليه ودعوا معه، فحتى من كانوا لا يعرفونه دعوا معه بعد أن علموا من الأخرين مدى نبله.


أما حسناء فتلقت صدمة كبيرة حينما علمت بموت والدها، لتصبح بالفعل يتيمة الأبوين، حتى أنها أرعبت الأقارب منها، بعدما رأوا حالة الهدوء التي انتابتها، فهي اكتفت بدمعة واحدة حينما تلقت الخبر، ومنذ ذلك اليوم لم تبكي، رغم أن الجميع حاولوا جعلها تبكي خوفا أن تكون دخلت في حالة صدمة، إلا أنها استعانت بالدعاء والصلاة والقرآن ليخفف عنها ويزيد من قوتها ويضاعف صبرها.


في يوم جديد، اجتمع كل من حسناء وفؤاد وخديجة وزوجها وبناتها في منزل السيد عبد الله بعد أن أخبرهم المحامي من قبل أن عبد الله طلب منه فتح الوصية بعد شهر من موته ليقول: السيد عبد الله رحمه الله كتب كل أملاكه بإسم ابنته حسناء إلا ثلاث أراضي كتبها بإسم جواد فارس.


صدم الجميع من محتوى الوصية فهم توقعوا أن الأملاك ستقسم بين حسناء وخديجة ولكن الواقع صدمهم، حتى فؤاد دهش من كونه كتب تلك الأراضي بإسم إبنه، أما خديجة فهاجت رافضة لكل ما سمعته.


خديجة: هذا مستحيل، أنا أخته وأولى بأملاكه.. أنت تكذب، تلك الوصية لا بد أنها مزورة.


أخرج المحامي ظرفا ناوله لخديجة قائلا: السيد عبد الله ترك لك هذا.


أخذت خديجة الظرف بلهفة معتقدة أنه ربما يكون وضع لها المال في حساب البنك، إلا أنها صدمت حينما وجدت رسالة مكتوبة بخط يده، فبدأت تقرأها بصوت عالي نسبيا من شدة غضبها ودون أن تنتبه من الأصل لدرجة صوتها.


خديجة: السلام عليكم، أختي خديجة أنا أعلم أنك غاضبة في هذه الأثناء، وكل تفكيرك يدور في نفس الدائرة...هل بعد كل شيء فعلته لم أستفد شيئا..أجل أنت لم تستفيدي شيئا.. أنا منذ البداية أعلم أنك تتقربين مني فقط من أجل المال ورغم ذلك كنت مستعدا للتضحية بنفسي من أجلك لكني وبعد أن اكتشفت ذلك السر الذي تخفيه عن الجميع، ربما أصبحت تخفينه حتى عن نفسك، فبالتأكيد لن أسمح لك بأخذ حق ابنتي، وليكن في علمك أن ذلك الدواء الذي أخذته قبل أشهر وقررت جعل حسناء تتناوله كي تحرم من الإنجاب لم يكن الدواء الحقيقي فقد استبدلته بالسكر ويمكنك تناوله أنت أيضا.. والأن إلى اللقاء يوم الحساب بإذن الله.


فغر الجميع فاهه من الصدمة، لتشتد قبضة يد فؤاد وهو ينوي الهجوم على خديجة، لولا يد حسناء المرتجفة التي وضعت فوق يده لتنتقل له برودتها ويرى ملامحها الشاحبة، ليفزع من فكرة أنه أصابها مكروه.


فؤاد: حسناء ما بك أجيبيني..بماذا تشعرين.


همست حسناء بصعوبة: لا أستطيع التنفس، أشعر بنفسي أختنق.


فزع فؤاد أكثر ليحملها ويتجه للخارج سريعا، ولحقت به ليلى التي رمقت والدتها بنظرة خذلان خاصة حينما سمعتها تهمس: علها تموت وتريحني.


وضع فؤاد حسناء في الخلف وبجانبها ليلى التي فتحت حجابها، وهي تحاول أن تجعلها تهدأ وتتنفس، إلا أنها فقدت الوعي وسط الطريق، ليزيد فؤاد من سرعته ويصلوا للمستشفى في أسرع وقت، حيث تم إدخالها لغرفة الفحص ونظرا لطلب فؤاد كان من بداخل الغرفة نساء فقط.


ظل فؤاد مشوشا، مشغول البال حول حالة بينما ليلى أخبرت وليد بما حدث، ليحضر سريعا ويقف بجانب صديقه.


فؤاد :ما بهم تأخروا هكذا.. هل من الممكن أن تكون حالة حسناء سيئة.


وليد: إهدأ يا فؤاد، ستكون بخير إن شاء الله فقط ادعي معها.


فؤاد :يا رب إحفظها لنا يا رب أنت عالم بمكنونات قلوبنا فحقق رغبتي يا رب.


ظلوا ينتظرون لما يقارب النصف ساعة، قبل أن تخرج الطبيبة ويسرع فؤاد ناحيتها قائلا :كيف هي حالتها.


الطبيبة :هل أنت زوجها.


فؤاد :أجل إنه أنا.


الطبيبة :أريد أن أعلم إن كانت تعرضت لضغط نفسي خلال الفترة الماضية.


فؤاد :في الحقيقة فقدت والديها وأخيها في فترة قصيرة، لكنها كانت قوية واستطاعت التغلب على كل ما حدث. 


الطبيبة: هي لم تتغلب وتعتاد على ما حدث، هي في الحقيقة حاولت أن تعتاد وتتصرف كأن شيئا لم يحدث كي تجعل عقلها لا يفكر كثيرا فيما حدث، لكن على ما يبدو أن أحدا ذكرها فيما حدث وضغط عليها لتسوء حالتها لهذه الدرجة خاصة أنها في مرحلة حساسة من الحمل.


عقد فؤاد حاجبيه متسائلا :عن أي حمل تتحدثين.


الطبيبة :على ما يبدو أنك لا تعلم أن زوجتك حامل في الشهر الثاني.


إحساس فؤاد في هذه اللحظة، هو إحساس شخص سيجرب الأبوة لأول مرة. يشعر فؤاد في هذه اللحظة بنفس شعوره يوم اكتشافه أنه سيرزق بجواد، و ها هو اليوم سيرزق بإبن أخر سيكون سندا له في الكبر.


فؤاد لم يشعر بنفسه، وهو شارد إلا حينما وضع وليد يده فوق كتفه قائلا: مبارك عليك يا أخي.


اكتفى فؤاد بإيماءة ثم قال موجها حديثه للطبيبة: وماذا عن حسناء، كيف حالها. 


الطبيبة: هي الأن نائمة وستستيقظ بعد قليل ويمكن لك رؤيتها. 


غادرت الطبيبة وتركت خلفها فؤاد يشكر الله على لطفه ورزقه، فبعد موت عائلة حسناء ها هو لا يعوضهم بذلك الطفل، الطفل الذي سيزيد نورا لحياتهما. 


مرت الدقائق لتخرج الممرضة وتخبره باستيقاظ حسناء، فدخل فؤاد فورا تاركا ليلى تجلس رفقة وليد، تقص عليه ما فعلته والدتها. 


وليد: ولكن ما ذنبك أنت لتلومي نفسك؟


ليلى: ذنبي أنني ابنتها، أقسم أنني حاولت تغيير نظرتها حول حسناء لكن لم أستطيع. 


وليد: ها أنت قلتيها، حاولت، لكن والدتك لم تستجب، أنت لم تخطئي في شيء بل بالعكس حاولت صلح علاقتهم. 


ليلى :شكرا لك يا وليد، منذ تعرفنا وأنت تقف بجانبي. 


أمسك وليد كف يدها بيد وربت بيده الأخرى  عليها قائلا: لا يوجد شكر بين الأقارب. 


ابتسمت له ليلى سعيدة باهتمامه بها، لكنها غفلت عن شيء مهم، أن تقربها منه وعلاقتهما تحت أي مسمى غير الزواج ليست صحيحة.


داخل الغرفة، جلس فؤاد على حافة السرير ممسكا بكف حسناء، وطبع قبلة عليه قائلا: الحمد لله على سلامتك لقد أرعبتني عليك.


حسناء: لا تقلق أنا بخير الأن.


فؤاد: حسناء لدي خبر مسعد لك.


عقدت حسناء حاجبيها قائلة: حقا ما هو هذا الخبر.


وضع يده على بطنها قائلا ببسمة تزين ثغره: بعد سبعة أشهر ستصبحين أما مجددا.


فتح حسناء عينيها مصدومة مما سمعت، قبل أن تظهر لمعة السعادة في عينيها قائلة: هل أنا حامل.


فؤاد بابتسامة: أجل با حبيبتي أنت حامل.


تلاشت البسمة من وجهها وقالت: ولكن هذا لا يمكن.


عقد فؤاد حاجبيه قائلا: ولكن لماذا لا يمكن.


حسناء: جواد لا زال صغيرا ويحتاج عناية كبيرة، فكيف سأستطيع الاعتناء به وبالطفل الجديد معا.


خرجت قهقهة خافتة من فؤاد قائلا: حقا يا حسناء، اعتقدت أنك ستقولين أن جسمك سيتغير وستسمنين ولن أعود أهتم بك، وتبدئين بالبكاء، لكنك وعلى عكس الجميع حطمت كل توقعاتي.


حسناء بغيظ: أنا أتحدث معك بجدية وأنت تسخر مني، وكيف لا تسخر وأنت مثل جميع الرجال فقط ترغبون في الحصول على أبناء ولا تفكرون بنا نحن النساء اللواتي نتعب في تربيتهم.


فؤاد :وها قد بدأ النكد، يبدو أن حسناء اللطيفة الهادئة ستختفي وستظهر حسناء صاحبة النكد.


أدمعت عيني حسناء قائلة :أنت لا تفهمني يا فؤاد، أنا خائفة.


تحولت ملامح فؤاد سريعا حينما لاحظ تلك الدموع تتلألأ في عينيها، ليمسك وجهها بين يديه قائلا بحنان: اهدئي يا حبيبتي، أنا معك وسأساعدك في تربية أطفالنا، وسنربيهم أحسن تربية وحينما يكبرون سيشيرون لهم الناس ويقولون هؤلاء هم أبناء فؤاد وحسناء ذو التربية الحسنة.


حسناء بابتسامة أمل :حقا سنستطيع تربيتهم على نهج رسول الله صلى الله عليه وسلم.


فؤاد :عليه أفضل الصلاة والسلام، وأجل سنستطيع بإذن الله فكفى بكاءا الأن.


كفكفت حسناء دموعها قائلة: لا أعلم ما حدث لي، بكيت وبالغت في ردة فعلي.


فؤاد :أنت حامل الأن يا حسناء ومن الطبيعي أن يتغير مزاجك كل لحظة، لدى دعواتك معي أنا من سأدفع ضريبة هذا التغير.


حسناء :لقد بدأت تتذمر من الأن، فماذا سيحدث بعد فترة قصيرة وبعد ولادتي.


فؤاد :سأنتظر لوجهك وأتمعن في عينيك التي مزجت بين القهوة والعسل لأستعيد تركيزي ونشاطي.


تسللت حمرة الخجل لوجنتي حسناء و ارتسمت بسمة صافية على وجهها ليقول فؤاد: وكأن تفاصيل الجمال أبت إلا أن تجتمع في بسمتك. 


شعرت حسناء بوجهها يكاد يحترق من شدة الخجل فقالت مغيرة الموضوع :أين هي ليلى.


تغيرت ملامح فؤاد للجدية ليقول: هي في الخارج مع صديقي وليد. 


حسناء :هل تستطيع أن تناديها يا فؤاد وتتركنا بمفردنا.


فؤاد :حسنا لكن أرجوك لا تتعبي نفسك.


حسناء بابتسامة :لا تقلق سأعتني بنفسي وبإبني.


ابتسم لها فؤاد وخرج ليجد ليلى ووليد يتحدثان فقال فؤاد :ليلى ،حسناء تنتظرك.


شعرت ليلى بالتوتر لكن نظرات وليد لها طمأنتها في حين فؤاد الذي إنتبه لنظرات صديقه لم يطمئن، وإنما ظهر على وجهه القلق مما يفكر فيه.


دخلت ليلى للغرفة لتجد حسناء تضع يديها على بطنها، وعلى وجهها ابتسامة سعيدة فقالت :حسناء.


كلمة واحدة هي من استطاعت النطق بها، فهي تشعر بالذنب كما لو أنها من فعلت كل شيء يضر حسناء ليس والدتها، لتقول حسناء :اقتربي مني.


تحركت ليلى بخطوات متعثرة خاصة حينما إنمحت الإبتسامة من وجه حسناء لتقف بجانب سريرها، فأمسكت حسناء بدورها يد ليلى ووضعتها على بطنها قائلة: ألن ترحبي بإبن أختك الأول.


نزلت دمعة من عين ليلى قائلة: أنا أعتذر نيابة عن أمي، أنا أسفة حقا.


اعتدلت حسناء في جلستها وجذبت ليلى لتجلس على حافة السرير ورفعت رأسها ناظرة لعينيها مباشرة وقالت: أنظري إلي جيدا يا ليلى، وتذكري كلامي لأنني لا أريد أن أكرره مرة أخرى.. أنت لا ذنب لك في أفعال أحد، لا أمك ولا أختك.


ليلى بحزن: لكنها أمي.


حسناء :أعلم أنها أمك لذلك أقول لك أنه لا ذنب لك في أفعالها ولا يجب أن تستائي منها، أو تدعي مجالا لمشاعر سيئة كهذه أن تسيطر على قلبك، أما بخصوص أفعالها معي فلا دخل لك فيها وأي شيء ستفعله مستقبلا أو ستقوله لي لا تحملي نفسك ذنبه لأنني الوحيدة التي يجب أن أعاتبها إذا أردت أما أنت فعليك أن تحترميها وتكوني بارة بها مهما فعلت أو قالت إلا في حالة طلبت ينافي قواعد الإسلام.


حضنتها ليلى قائلة بامتنان :شكرا لك، شكرا كونك أختا لي.


    في الخارج كان وليد غافلا عن نظرات فؤاد الغريبة له، إلا حينما شعر بأعين تراقبه فرفع رأسه ليجد صديقه ينظر له.


وليد بمرح: ما بك يا صديقي تنظر لي كأنني ارتكبت جرما.


فؤاد :كيف علمت أنني في المستشفى.


أجابه وليد بكل سلاسة قائلا :كنت أحادث ليلى وهي التي أخبرتني، ولكن لماذا تسأل.


فؤاد :من أين لك برقم ليلى ومتى تعرفت عليها في الأصل.


وليد: تعرفت عليها حينما التقيت بك في المركز التجاري في إحدى لقاءاتنا، والتقيت بها مجددا في إحدى الحدائق ومنذ ذلك الوقت ونحن نتحدث.


فؤاد :وهل ترى الموضوع بكل هذه البساطة؟ ويا ترى ما نوع العلاقة بينكما؟


وليد :ما بك يا فؤاد تتعامل معي كأني أقوم بذنب كبير، ما المشكل في حديثي معها ومصادقتها.


فؤاد :المشكلة أنك رجل متزوج، ولن أستغرب إن كانت ليلى لا تعرف هذا الموضوع من الأصل.


وليد: كلامك صحيح، هي لا تعرف شيئا وليس من الضروري أن تعلم لأنني وبكل بساطة رفعت دعوة الطلاق على صوفيا وخلال مدة قصيرة وسأصبح حرا. 


فؤاد :أنت رفعت دعوة الطلاق لكنك لم تتطلق بعد، فلا تجعل ليلى تتعلق بك وتصطدم خي الأخرى بالواقع. 


وليد :لماذا ستتعلق بي ونحن مجرد أصدقاء، أنت تقول كلاما لا يتقبله العقل يا فؤاد. 


فؤاد بحدة :وليد إما أن تخبر ليلى بما يخصك أو أنا سأخبرها، فلن أسمح لشيطانك أن يدمر حياة شخص لا ذنب له في أخطاء الأخرين. 


في منزل السيد عبد الله، نظر كل من إبراهيم و رانيا لخديجة التي كانت غاضبة و مصدومة مما حدث ليقول إبراهيم: هل جننت يا خديجة، ما هذا الذي فعلتيه. 


خديجة :أصمت، لا أريد أن أسمع شيئا، يكفي أنني الان خسرت كل شيء بسبب حسناء الحقيرة، فلا تجعلني أتغابى وأفعل شيئا لا يرضي أحدكم. 


إبراهيم بسخرية :وكأنك لم تتغابي ويفتضح أمرك، أنت يا خديجة خسرت أمام إبنة أخيك بجدارة، وبينما أنت كنت تخططين لتدمير حياتها كانت هي مكتفية بمشاهدة أفعالك لتخسري دون أن تقوم بأدنى جهد. 


عضت خديجة شفتيها من شدة الغيظ، لتأخذ أحد الكؤوس الموجودة أمامها وتلقيه أرضا لينكسر ويتفتت، ثم خرجت من المنزل غاضبة وهي تتذكر ما خططت له وفر علمها بخطبة حسناء. 


فلاش باك 


في أحد الأيام كانت خديجة جالسة رفقة بناتها، كل واحدة تعبث في هاتفها قبل أن تقول ليلى بابتسامة :يوجد لدي خبر مفرح لكم. 


رانيا بسخرية :ماذا، هل ربحت في اليانصيب. 


ليلى :بل تمت خطبة إبنة خالي حسناء. 


استقامت خديجة سريعا مصدومة من هذا الخبر، واتصلت بأخيها فورا لتتأكد من الخبر ورغم أنها حذرته من اكتشاف عائلة العريس ماضي حسناء إلا أنه هدأها بإخبارها أن العريس كان متزوجا من قبل ولديه إبن لكن بعد حضورها لحفل الخطوبة وتعرفت على فؤاد قررت أن تبعد حسناء عنه. 


خرجت خديجة من منزلها بعد يومين من خطوبة حسناء، ولم تنتبه لعبد الله الذي أتى صدفة لزيارتها، ولاحظ تصرفاتها الغريبة ليلحق بها ويجدها تدخل عند طبيب النساء، فكاد يعود للخلف لكن ولأول مرة يفعل شيئا عكس مبادئه، فأسرع يراقب خديجة التي دخلت عند الطبيب في وقت استراحة الغداء وقد كانت العيادة فارغة ليجد الباب مفتوح قليلا، فأنصت للحوار الدائر بين أخته والطبيب. 


خديجة :السلام عليكم. 


الطبيب :وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، تفضلي يا خديجة. 


خديجة: شكرا على موافقتك لإستيظافي. 


الطبيب: نحن معرفة سنوات يا خديجة، وعندما أخبرتني أنك ترغبين أن يظل الموضوع سريا لم أجد وقتا أفضل من هذا. 


خديجة :أود مساعدتك في موضوع خاص. 


الطبيب: أكيد تفضلي. 


خديجة :أريد أن أعلم إذا كان يوجد نوع حبوب منع الحمل يسبب في العقم. 


الطبيب :هذا ليس صحيح، ولكن لما هذا السؤال. 


خديجة :في الحقيقة لدي صديقة أنجبت الكثير من الأبناء ولم تعد ترغب في الإنجاب. 


الطبيب: وهل تتناول حبوب منع الحمل. 


خديجة :أجل وصف لها الأطباء العديد من الأنواع دون فائدة، حتى أنها فكرت في استئصال الرحم لكنها تخاف العمليات الجراحية، لدى أتيت لأعلم إن كان يوجد دواء لمثل هذه الحالات. 


الطبيب :في الحقيقة يوجد دواء لكن يجب أن تتناوله لفترة محددة بشكل يومي. 


خديجة: حقا هل تستطيع إعطاءه لي. 


الطبيب :للأسف لا أستطيع لأنه ليس لدي الأن كما أنه قد يسبب لي مشاكلا إذا وصفته لشخص وسبب له أثارا جانبية. 


خديجة :رجاءا أحضره لي، فأنا بحاجة ماسة له ولا تخف لن يذكر إسمك من الأساس. 


الطبيب :لأنني أعرفك سأحاول إحضاره لك بعد يومين. 


خديجة بابتسامة: شكرا جزيلا لك، وإذا أحضرته ستأخذ المقابل. 


الطبيب :بعد يومين سيكون لديك الدواء. 


خديجة :حسنا سأذهب الأن قبل أن يأتي أحد و يراني. 


الطبيب :إلى اللقاء. 


تخفى عبد الله وراء أول باب وجده، ليسمعها قالت: لن أدعك يا حسناء ترتاحي طيلة حياتك. 


غادرت هي و خرج عبد الله مصدوما من أفعال أخته التي تزداد سوءا ليذهب لمكتب الطبيب، ودخل دون إذن، فقال الطبيب :من أنت، وكيف تدخل هكذا. 


عبد الله :أقدم لك نفسي، أنا أخ المرأة التي خرجت للتو، وليكن في علمك سمعت كل شيء دار بينكما. 


الطبيب :وماذا سيحدث إن سمعتنا. 


عبد الله :بلاغ بسيط ضدك بإختراق القوانين وإعطاء داوء دون وصفة طبية ودون فحص للمريض سيدمر مسيرتك المهنية بأكملها. 


الطبيب بلع ريقه ثم قال: وماذا تريد مني. 


عبد الله :أنت لن تعطي خديجة ذلك الدواء إنما ستعطيها بدلا منه قنينة دواء مملوءة بالسكر المطحون، هذا هو المطلوب منك. 


الطبيب :حسنا سأفعل ما تريد فقط لا تبلغ عني. 


عبد الله :هذا يعتمد عليك، فإن علمت أنك فعلت شيئا آخر سأبلغ عنك وليكن في علمك لدى دليل على كلامي. 


الطبيب: لا تقلق كل شيء سيحدث كما تريد. 


    غادر عبد الله وهو يزفر غاضب من أخته، لكنه لم يواجهها لأنه يعلم مدى خبثها وأنها قد تفعل شيئا آخر دون علمه، وبعد يومين فعل الطبيب ما اتفق عليه مع عبد الله وأصبحت خديجة تحضر عصير البرتقال يوميا لحسناء وقد وضعت به ذلك السكر معتقدة أنه الدواء.


             الفصل التاسع عشر من هنا 

لقراءة باقي الفصول من هنا

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close