رواية حسناء أنارت دربي
الفصل الرابع 4
بقلم جوهرة الجنة
بعد مرور سنتين، وفي غرفة حسناء كانت تجلس فوق مقعد أمام المرآة تتجهز لحفل خطوبتها لتغمض عينيها و تتذكر ما حدث في الأيام الماضية.
فلاش باك
في غرفة ذات طابع أنثوي بسيط نائمة فتاة في الرابعة و العشرين من عمرها و هي تضم الوسادة بين يديها. كانت فتاة ذات جمال طبيعي ببشرتها البيضاء و شفتيها المكتنزتين و شعرها الأسود الطويل الذي يصل طوله إلى ركبتها، و بينما هي في عالمها الخاص شعرت بأحد يهزها بخفة، ففتحت عينيها العسلية التي تسحر ناظرها، و وقعت على سيدة في أواخر الأربعينات تشبهها كثيرا، و التي لم تكن سوى والدتها فاطمة.
فاطمة : هيا حسناء استيقظي.
حسناء : لقد استيقظت يا أمي..صباح الخير.
فاطمة :صباح الخير.. هيا قومي إغسلي وجهك و إلحقي بي.
حسناء :حسنا.
خرجت فاطمة تاركة حسناء التي اتجهت للحمام، و غسلت وجهها و فمها و توضأت لتصلي فرضها، ثم خرجت متجهة للمطبخ فوجدت والدتها تحضر الإفطار فساعدتها على ذلك.
فاطمة : اذهبي نادي والدك و أيقظي أخاك.
حسناء :حسنا.
اتجهت حسناء لغرفة والديها، و طرقت الباب و ما إن أذن لها والدها بالدخول، فتحت الباب وجدت رجلا في الخمسينات من عمره بدأت بعض الخصلات البيضاء تكتسح شعر رأسه و لحيته بعينين عسليتين ورثتهما عنه و بشرة سمراء قليلا و كان يشتغل على ملف عندما قاطعته.
حسناء :صباح الخير أبي... الإفطار جاهز.
عبد الله : أنا آت.
خرجت حسناء و اتجهت لغرفة أخيها طارقة الباب و عندما لم يأتيها رد فتحته و دخلت لتجد أخاها ذو السادسة عشر من عمره لا زال نائما فهزته بلطف.
حسناء: يوسف.. يوسف هيا إستيقظ.
يوسف: أريد أن أنام قليلا.
حسناء :عندما تعود من المدرسة يمكنك أن تنام و لكن الآن عليك أن تستيقظ و إلا تأخرت.
فتح يوسف عينيه و قال: صباح الخير.
حسناء :صباح الخير.
خرجت حسناء من غرفته، و إتجهت لطاولة الإفطار ليلحق بها يوسف بعد دقائق، و يتناولوا طعامهم في هدوء.
فاطمة :عبد الله علمت أنك كنت جالسا بالأمس مع شاب في المقهى.
نظر عبد الله لإبنه ذو السادسة عشر من عمره، وقال: وبالتأكيد يوسف هو من أخبرك.
يوسف :أقسم لك يا والدي أنها سألتني هل رأيتك وأخبرتها أنك تجلس مع شاب في المقهى لا غير.
عبد الله ببرود :كلامه صحيح لقد كان الشاب يريد مني أن أعطيه موعدا لكي يتقدم لحسناء.
وقعت الصدمة على رؤوسهم لدرجة اختنقت حسناء باللقمة التي أكلتها، فناولتها والدتها كأس ماء.
فاطمة :ولكن من يكون هذا الشاب.
عبد الله :فؤاد إبن مصطفى فارس.
فاطمة بصدمة :ماذا فؤاد لكنه كبير وأيضا..
قاطعها عبد الله قائلا بحزم: لا أريد أي نقاش في الموضوع،لقد أعطيت الكلمة للشاب وسيأتي رفقة عائلته بعد غد يتقدم لحسناء.
غادر عبد الله البيت متجها لمحله، وترك خلفه حسناء جامدة مكانها من شدة الصدمة، فهي تعلم مدى عناد والدها الذي ورثته عنه.
فاطمة :لا تقلقي يا ابنتي سأحاول منعه ولن أسمح له بتزويجك.
حسناء بهدوء :لا داعي لفعل شيء فوالدي قرر ولن يغير قراره حتى لو تحدثت معه، إذن لا تجربي وأنا متأكدة أن الله يختبرني وسيرزقني بالخير ويجازيني على صبري على كل شيء فلما أعترض على رغبته.
فاطمة: والنعم بالله ولكن يا ابنتي إنه أكبر منك بحوالي عشر سنوات.
حسناء بابتسامة :العمر ليس مقياسا للنضج أو العقل وسأصلي صلاة الاستخارة وإن كان مقدر علي أن أتزوجه فلا أنا ولا أي شخص يستطيع الوقوف أمام القدر، أستأذن منكم الان لقد شبعت.
إتجهت حسناء لغرفتها وأغلقت الباب لتدخل بعدها للحمام توضأت ثم ارتدت أسدالها تصلي بين يدي الله القادر على بث الراحة في قلبها.
على بعد أمتار قليلة، يوجد بيت السيد مصطفى الذي كان جالسا على طاولة الإفطار تحيط به عائلته المكونة من زوجته عائشة و أبنائه الخمس و زوجاتهم و أحفاده و إبنته الوحيدة حيث رزق بإبنه البكر جمال الذي تزوج بفتاة إسمها زينب و أنجب إبنه أنس البالغ من العمر السادسة عشر و فتاة ليلى عمرها إثنا عشرة سنة، ثم إبنته نادية التي توفى، ثم فؤاد الذي تزوج قبل سنتين و رزق بطفل أسماه هيثم الذي حرم من والدته خلال الولادة، و أخر إبن هو حمزة المتزوج من وردة قبل شهور قليلة.
مصطفى :فؤاد ماذا فعلت مع السيد عبد الله.
فؤاد :لقد تحدثت معه بالأمس و إتفق معي أن يتصل بي بعد يومين و يعلمني برأيه و أيضا ليأخذ رأي إبنته.
زينب: لا أعتقد أن الفتاة ستوافق.
عائشة :و لما لا توافق على إبني.. فؤاد رجل لا يعيبه شيء.
زينب: أنا لم أقصد أن فؤاد به عيب ما و لكن الفتاة في ريعان شبابها هل ستوافق على رجل أرمل و لديه طفل أيضا.
عائشة :و هذا قدره و لا يحق لا لك و لا لأي شخص أن يعاقبه أو يختار قراره على هذا الأساس.. إن كانت هذه الفتاة غير موافقة على حفيدي و أن إبني أرمل فأنا لا أتشرف بها من الأساس.
زينب: و لكن خالتي.
قاطعها صوت مصطفى الذي قال بحزم: جمال علم زوجتك ألا تتدخل فيما لا يخصها.
جمال: أنا أعتذر يا والدي على تماديها لن يتكرر الأمر مجددا.
كادت زينب أن تعارض على كلامه لكن عندما رأت نظرته المتوعدة و المحذرة، سكتت خوفا على نفسها رغم يقينها أن ما فعلته لن يمر ه لها مرور الكرام.
فؤاد :أستأذن منكم سأذهب لعملي.
عائشة باعتراض :لكنك يا إبني لم تتناول الكثير.
فؤاد بابتسامة صغيرة :شبعت الحمد لله.
خرج فؤاد و إستقل سيارته متجها لفندقه الذي كان حلمه منذ الصغر، و لم يرتح إلا حينما حققه. بعد نصف ساعة من القيادة وصل أمام الفندق الذي كان مصمما باللونين الأبيض و الذهبي، فركن سيارته في المرآب ثم إستقل المصعد متجها لمكتبه.
جلس على مقعده و عقله يفكر في كلام زينب و هو يعلم أن كلامها صحيح لكن أمل صغير في موافقة حسناء عليه جعلته يرتاح ليقطع تفكيره صوت طرقات على الباب يليها دخول مساعدته الشخصية.
المساعدة :صباح الخير سيدي.
فؤاد: صباح الخير.
المساعدة :هذا ملف يضم المصاريف التي تم صرفها الشهر الماضي و عدد الحجوزات و المبالغ التي ربحها الفندق و هذه لائحة المأكولات و المشروبات لهذا الأسبوع يمكنك مراجعتها و إذا أردت أن نغير بها شيئا أخبرني.
فؤاد :حسنا شكرا لك.
مضى يومين قضتهما حسناء تصلي صلاة الاستخارة فشعرت براحة كبيرة و طمأنينة تسيطر على كيانها و في صباح اليوم الموعود، ساعدت حسناء والدتها في ترتيب المنزل ثم استحمت، و ارتدت فستانا فضفاضا باللون البرتقالي الفاتح إضافة إلى حجاب أزرق زادها نورا، و لم تضع أي مستحضرات تجميل لتدخل عليها والدتها، و تجدها جالسة فوق السرير.
فاطمة: هل تجهزت يا ابنتي.
حسناء: أجل أمي.
فاطمة: ألم تضعي مستحضرات التجميل.
حسناء: لا يا أمي، أنت تعلمين أني لا أحبها إضافة إلى أن الشاب المتقدم لي لا زال محرما علي حتى يتم عقد قراننا و لا يصح أن أتزين له أو لغيره إلا في حالة كان زوجي.
فاطمة بابتسامة: تبارك الله في عقلك الكبير، أدعو الله أن ينير طريقك.
حسناء: أمين يا رب.
فاطمة: سمعت طرقا على الباب لا بد أنهم وصلوا.
خرجت فاطمة من غرفة حسناء، لتجد يوسف فتح الباب للتو رفقة والده، فدخل فؤاد و والديه رفقة أخيه الأكبر و زوجته، و ألقوا التحية عليها ثم جلسوا في هدوء إلا زينب التي كانت عينيها تدور في كل مكان دون توقف كأنها تقيمه.
زينب بهمس: منزل لا بأس به.
جمال: ستصمتي و إلا تأكدي أنني لن أتحمل كثيرا و أفعل ما لا يحمد عقباه.
صمتت زينب بعد أن تذكرت تهديده لها قبل يومين بالطلاق إن فعلت شيئا سيئا في هذا اليوم، خاصة أنها لا تفوت فرصة إلا و قللت من قيمة من تقابلهم.
مصطفى :مرحبا سيد عبد الله كيف حالك.
عبد الله :بخير الحمد لله و لكن أفضل أن نتحدث دون هذه الرسميات.
مصطفى :كما تريد... أظن من الأفضل أن ندخل صلب الموضوع مباشرة.
عبد الله :أكيد تفضل.
مصطفى: كما تعرف إبني فؤاد يملك فندقا ذو سمعة جيدة الحمد لله و نحن جئنا اليوم لنطلب يد إبنتك حسناء لإبننا فؤاد بعد موافقتكم.
عبد الله: من جانبي أنا موافق و إبنتي أيضا موافقة.
مصطفى: أفضل أن أسمع موافقتها منها شخصيا.
عبد الله: و هذا حقك، يوسف إذهب و نادي أختك.
يوسف: حسنا أبي.
خرج يوسف و ذهب لغرفة حسناء، و طرق الباب ثم دخل بعد أن أذنت له بذلك ليخبرها بإنتظار الجميع لها، و ذهب معها مساعدا إياها في حمل أطباق الضيافة حيث حملت هي صينية الشاي، و تركت طبق الحلوى ليوسف الذي حمله و دخل به مما جعل عائلة فؤاد يستغربون ذلك، ففي نظرهم الرجل لا يساعد في أعمال البيت و الذي أصبح حال الكثير من الرجال في الوقت الحالي.
راودتهم أسئلة على تصرف يوسف، لكنهم أبوا السؤال خاصة عندما دخلت حسناء بوجه تكتسيه حمرة الخجل و الحياء البادي على ملامحها، و وضعت تلك الصينية على الطاولة ثم قامت بحركة أدهشتهم حينما قبلت يد مصطفى.
حسناء ببسمة خفيفة: السلام عليكم و رحمة الله و بركاته عمي.
مصطفى: و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته، فليحفظك الله يا ابنتي.
قامت بنفس الحركة مع عائشة، لترتسم ابتسامة صغيرة على وجهها الذي إعتاد على الملامح القاسية ثم صافحت زينب، و اكتفت برمي السلام على كل من فؤاد و جمال دون أن ترفع عينيها من الأرض، و جلست بعدها بجانب والدتها.
مصطفى بابتسامة: أنت تعلمين يا ابنتي سبب زيارتنا هذه و قد وافق والدك على طلبنا و أخبرنا بموافقتك أيضا لكني أردت أن أسمع رأيك منك.
شعر حسناء بتوتر يجتاحها فذكرت الله ثم قالت بابتسامة خجولة: الرأي الأول و الأخير يعود لأبي.
عبد الله: في نظري فلنقل مبروك عليكم.
فؤاد بابتسامة: شكرا يا عمي، هل أستطيع الحديث مع حسناء بمفردنا.
كانت حسناء ستعارض لولا أن قال والدها: رافقيه يا ابنتي للشرفة.
هزت حسناء رأسها بالموافقة، و ذهبوا للشرفة ثم جلسوا على مقعدين متقابلين، و عيون عبد الله عليهم حيث كانت الشرفة خاصة بتلك الغرفة.
فؤاد: كنت ستعترضين على كلامي ألا تريدي التحدث معي.
حسناء: الموضوع ليس كما فهمت، كل ما في الأمر أنه لا يجوز أن نبقى معا في مكان مغلق.
فؤاد بابتسامة: حسنا فهمت الأن، أظن أن والدك أخبرك عني.
حسناء: أجل.
فؤاد: و رغم هذا يجب أن تعلمي أشياءا أخرى مثل أنني لا أحب الأغاني.
حسناء: لا تقلق من هذه الناحية أنا أعلم جيدا أن الأغاني محرمة في ديننا لدى لا أحبها.
فؤاد: هذا يعني أن الزفاف سيكون بدون موسيقى.
حسناء: أنا في الأصل أرغب في زفاف إسلامي.
فؤاد: و لكن من حقك أن تسعدي مثل جميع الفتيات، أقصد إذا أردت أن نقوم بزفاف به موسيقى و هذا لن يؤثر علي.
رفعت حسناء عينيها لعينيه لثواني ثم أنزلتها قائلة: قراري ليس بسبب كرهك للأغاني و إنما كوني أعلم بأمور ديننا و أفضل أن أقوم بزفاف إسلامي على أن أخذ ذنوبا بسبب إنصاتي للموسيقى و جعل الجميع يرقص أمام الملأ.
رفعت حسناء عينيها لعينيه لثواني ثم أنزلتها قائلة: قراري ليس بسبب كرهك للأغاني و إنما كوني أعلم بأمور ديننا و أفضل أن أقوم بزفاف إسلامي على أن أخذ ذنوبا بسبب إنصاتي للموسيقى و جعل الجميع يرقص أمام الملأ.
فؤاد بابتسامة: حسنا كما تريدين، حان دورك الأن أخبريني عن نفسك.
حسناء: إسمي حسناء ،أبلغ من العمر عشرين سنة، حاصلة على شهادة البكالوريا.
فؤاد: ما هي هواياتك.
حسناء: قراءة الكتب و الروايات و الطبخ.
فؤاد: ألا تجدي مللا في القراءة.
حسناء: بالعكس أجد راحة و هناءا كما أنه بفضلها تزداد معلوماتي و أصبح مثقفة و أكثر دراية بما يدور حولي.
فؤاد: يبدو أنك قررت غزو قلبي أيتها الحسناء.
اكتست الحمرة وجنتي حسناء ثم أسرعت تستئذنه، و اتجهت نحو العائلة و هو خلفها يبتسم على تصرفاتها.
مصطفى: على ما يبدو أن الأولاد اتفقوا.
فؤاد: أجل يا والدي و تستطيعون تحديد موعد الخطوبة في الوقت الذي ترغبونه.
مصطفى: من رأيي بعد أسبوعين موعد مناسب أم ما رأيك يا عبد الله.
عبد الله: أتفق معك.
مصطفى: إذن على بركة الله فؤاد سيبحث عن قاعة مناسبة للحفل و أنتم اعزموا من ترغبون في حضوره.
حسناء: أعتذر منكم لكني أفضل أن يكون الحفل بسيطا و يحضره المقربين فقط.
زينب بخبث: ولكن يا أختي من حقك أن تقومي بحفل خطوبة كبير و تستمتعي به أم أنك لا تريدين الحفل كونك ستتزوجين من رجل أرمل.
فتح الجميع أعينهم بصدمة خاصة عائلة فؤاد الذين خافوا من أفعال زينب منذ البداية و صمتها الذي دام طويلا لتكسره بسؤالها القاسي و لكن كان لحسناء رأي أخر حينما نظرت لها بابتسامة قائلة: أرمل أو عازب هذا لا يهمني فأنا ليس لدي أي حق في رفض أقدارنا و لكني لا أرغب في حفل كبير لأني أكره الضوضاء و الازدحام إضافة إلى نفوس الحضور التي يكون معظمها مليئ بالحقد و الحسد و يحاولوا جاهدين تخريب الجو فلماذا أسمح لهم بهذا و أنا بيدي أن أقوم بحفل بسيط به أقرب الناس إلينا فقط و الجو يصبح مليئا بالحب و التفاهم.
ابتسم الجميع على جوابها، خاصة فؤاد الذي ارتاح بعد أن علم أن زواجه السابق لن يؤثر على علاقتهم. أما زينب فوصلتها رسالة حسناء جيدا عندما تحدثت عن النفوس المليئة بالحسد، و علمت أنها تتحدث عليها، و تحاول إيقاظها لكنها لم تتقبل كلامها، و توعدت لها بداخلها بالكثير.
مصطفى: و كما قالت حسناء حفل صغير يسوده الحب أفضل من حفل كبير يسوده الحقد و الحسد.
عائشة: إذا كانت هذه رغبتك يا ابنتي فنحن موافقين.
استمرت الجلسة لوقت أطول، و اتفقوا على التجهيزات اللازمة لتمر المدة المحددة بسرعة وسط التحضيرات و شراء اللوازم كما أن حسناء و فؤاد لم يتحدثوا بمفردهم مطلقا إلا إذا كان معهم يوسف أو إبن جمال.
استيقظت حسناء من بحر الذكريات على دخول والدتها التي سمت الله عندما رأتها.
فاطمة :بسم الله ما شاء الله، أدعو الله أن يحفظك من العين ولكن لماذا لم تضعي شيئا من مستحضرات التجميل.
حسناء :لأنه حرام ولا يصح أن يراني أحد متزينة سوى والدي وأخي وزوجي مستقبلا.
فاطمة :حسنا يا ابنتي كما تريدين، هيا بنا ننزل الان والدك ينتظرك في الخارج.
أومأت لها حسناء بالإيجاب تذكر الله في داخلها، لتفتح والدتها الباب وتجد والدها واقف في إنتظارها لتمسك بيده وتنزل برفقته للأسفل حيث توجد عائلة فؤاد وعمتها رفقة بناتها اللواتي كن في قمة زينتهم.
زينب :وصلت عروستنا أخيرا.
استدار الجميع ناحية السلم لتطل عليهم حسناء بطلتها الهادئة دون المبالغة في ملابسها و عينيها تنظر في الأرض.
حسناء :السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجميع :وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
عائشة :تعالى يا ابنتي إجلسي بجوار خطيبك.
جلست حسناء في المكان المخصص لها، على بعد سنتيمترات عن فؤاد، فشعرت بالارتباك والخوف الذي يلازم أي فتاة في مثل هذا اليوم.
فؤاد بابتسامة :أنرت الصالة بطلتك هذه.
تسربت حمرة الخجل لوجنتيها و ارتسمت ابتسامة صغيرة على وجهها لتقول دون أن ترفع عينيها في وجهه: شكرا لك.
بدأ الحضور المكون من أفراد العائلة في تبادل الكلام في جو عائلي سعيد، سوى أخت فؤاد التي ظلت في المنزل ترعى إبنه.
أحضرت زينب الخواتم قائلة: حان وقت إرتدائكما الخواتم.
همست حسناء لفؤاد قائلة: أفضل أن تلبسني والدتك الخاتم، فأنا لست محللة لك بعد ولا أريد أن يغضب الله منا في بداية علاقتنا.
ابتسم فؤاد سعيد بأخلاقها، حيث وبدل أن تتجمل بالملابس الضيقة التابعة للموضة قررت التجمل بأخلاقها، فأخبر والدته بطلبها لتنفذه وتلبسها خاتم الخطوبة لتعلو الزغاريد من فاطمة وأخته.
مرت الأيام لتصبح شهر ونصف، حيث تم عقد قران حسناء وفؤاد قبل يومين، وخرجوا رفقة والدتيهم لشراء لوازم العروسة المتبقية.
جلسوا جميعا في أحد مطعم المركز التجاري يستريحوا بعد أن ظلوا يلفون يشترون ما يلزمهم.
فاطمة: حقا ألمتني رجلي من كثرة اللف.
حسناء: أخبرتك يا أمي أن ترتاحي أنت وخالتي عائشة قليلا لكنكما رفضتما.
فاطمة: لا تحاولي ردعي عن ما أريد فعله فألم رجلي لن يمنعني عن شراء ما يلزم إبنتي العروس.
عائشة: فاطمة محقة مهما حدث سنحرص على أن يكون كل شيء في مستوى توقعاتنا، وأيضا لا زال هناك شيء لم نشتريه بعد.
فؤاد باستغراب: اعتقدت أنكم انتهيتم، لم أكن أعلم أنه يلزم شيء أخر.
عائشة: هذا لا يخصكما، أنا وفاطمة من يلزمنا هذا الشيء وسنذهب الأن لإحضاره.
فؤاد: إذن هيا بنا.
عائشة: إلى أين.
فؤاد: سنرافقكما بالتأكيد.
عائشة: إجلس مكانك نحن سنذهب نشتري ما يلزمنا ونعود سريعا.
غادرت النساء لتهمس عائشة لفاطمة قائلة: بدأت أشك إن كان هاذين مخطوبين.
فاطمة: هذا طبيعي فهما لا يتحدثان كثيرا ودائما ما يكون معهما شخص دخيل لدى لا يرتاحوا في الحديث.
عائشة: هيا بنا نحن إذن نلف قليلا وندع لهم مجالا للتحدث.
في الطاولة كانت حسناء تنظر لأثر والدتها ووالدة فؤاد حتى إختفوا وعلامات التعجب ترتسم على وجهها ليوقظها فؤاد من شرودها حينما قال: يبدو أن الأمهات متحمسين لهذا الزواج أكثر.
حسناء بابتسامة: هذه طبيعة الأم تسعى دائما لراحة أبنائها وسعادتهم.
فؤاد: في الحقيقة من الجيد أنهما تركونا بمفردنا كنت أريد أن أحادثك في موضوع مهم.
حسناء: بالتأكيد تفضل.
فؤاد: في الحقيقة كنت أود أن أعلم كيف تقبلت أنه سبق لي وتزوجت وأيضا لدي إبن.
ارتسمت الصدمة على وجه حسناء، فقالت: أنت لديك إبن.