رواية سارقة الهوي الفصل السادس والثلاثون 36بقلم مني السيد

         

رواية سارقة الهوي

الفصل السادس والثلاثون 36

بقلم مني السيد



تعلقت عيناها بوجه يوسف الجامد وتحجرت الدموع في مآقيها. شعرت بتثاقل ضربات قلبها وكأن جسدها أنّ بحمل ذلك النابض الذي لا يهدأ، وكأنما يريد أن يستسلم ليتوقف عن النبض كما استسلم عقلها وترك خيوط تحكمه في جسدها لتنهار أرضا. ومن بين غياهب عقلها تستشعر يده تتشبث بذراعها أكثر لتبتسم ابتسامة واهنة وكأن آخر ما تريد من هذه الحياة هي يده المتشبثة بها، وتنسد أذناها عن ذاك العالم البشع من حولها لتسمع اسمها من بين شفتيه يناديها بفزع لتغلق عينيها في استسلام فقد لمسته وسمعته وهذا يكفي!!

-" مارية مارية قومي يا مارية نتكلم طيب مارية ردي عليا مارياااااا"

حملها بسرعة وهرول بها إلى الخارج وهو يصرخ في الضابط ومن معه -" -"عربية الاسعاف فييييين"

اخبره الضابط بمكان وقوف عربة الاسعاف كما هو متعارف وجودها في كل المداهمات. ما إن رآها يوسف حتى أسرع بها إليها وهو يلهث لا من جريه المتسارع ولكن من خوفه ولهفته على من يحملها بين ضلوعه الهادرة. تسارعت أنفاسه وضاق صدره بطريقة خرجت عن سيطرته. 

                   ******************** 

خلف باب حجرتها في المشفى كان يوسف يقف أكتافه متهدلة، شعره أشعث، لون وجهه أصفر كما الرمال وكأنما كان تائها في الصحراء ولم يعد بعد. لم يصمت هاتفه عن الرنين ولم يتخلى يوسف عن تجاهل ذلك الرنين. ولكنه أجاب بالنهاية ليجد والدته تحدثه بفزع :

-" ايه يا يوسف انت فين مش عادتك تسيبني ارن بالطريقة دي مبتردش ليه يابني؟ عرفت حاجة عن مارية؟"

باقتضاب واهن أجاب :

-" احنا في المستشفى يا ماما"

صرخت منى لا اراديا:

-" مستشفى!! فيييييه ايه ماااالك ايه اللي جرالك مستشفى ايه رد عليا"

-" انا كويس يا ماما مارية هي اللي... "

ثم أخبرها باسم المستشفى وأغلق الهاتف وهو لا يعلم بم يفكر وكيف يشعر !! يسيطر عليه شعور واحد فقط ألا وهو ' الخوف من فقدها ' !!

سمعت كلا من شهيرة ونهال صوت منى وهي تصرخ ' مستشفى' فالتفتت كلتاهما إليها بقلق وترقب وتجرأت شهيرة على السؤال بتردد:

-" م... مين اللي في .. المستشفى يا منى"

اغمضت منى عينيها وتنهدت بحزن وهي تتمتم :

-" مارية... اقصد مريم"

انخلع قلب كلا من شهيرة ونهال من صدرهما والتزما الصمت وكأنما ابتلعتا لسانهما، وقلبيهما يدق بعنف وأفكارهما لا تتوقف عن الدوران في دوامة لانهائية. 

استمر رنين هاتف يوسف الذي لم يكن حتى ينظر إليه ليعرف من المتصل ولكنه نظر هذه المرة فهو للتو قد أغلق مع والدته ليجد حاتم باشا بنفسه يتصل به ويحدثه غاضبًا:

-" ايه يا يوسف انت مبتردش ليه انا كنت هبعتلك حد من العساكر اللي تحت المستشفى يجيبك ليا "

-" انا آسف يافندم اعذرني بس ...."

قاطعه غاضبًا مرة اخرى :

-" بلا بس بلا بتاع انا عاوز افهم البنت دي عملالك ايه بالظبط انت حبيتها ولا فاكرها اختك بجد ولا ايه؟"

-" يافندم ..."

-" مفيش افندم انا مانع الحراسة تطلعلها لحد ما اكلمك ارضاءًا ليك "

-" يافندم موقف حضرتك دا على راسي بس استأذن حضرتك بلاش حراسة هي كده كده ف غيبوبة ومش هتتحرك من مكانها واصلا كان واضح انها متعرفش حاجة عن الموبايل لانه كانه متخيط في الشنطة نفسها يعني صعب تكون هي اللي عملت كده"

-" احنا مش في تحليلك دا دلوقتي احنا في قضية وليها تحريات وورق وقوانين لازم تتنفذ والحراسة دي يا سيدي اعتبرها لحمايتها لان لو هي فعلا بريئة و حد عرف ان الموبايل والساعة كمان كانوا معاها مش بعيد يحاولوا يقتلوها "

-" يافندم انا مش هسيب المكان هنا نهائي يعني انا هحميها بنفسي بس ارجوك بلاش بوليس ع الباب ولو ضروري يبقا حد بلبس مدني"

-" خلاص يا يوسف هاعملك اللي انت عاوزه "

سكت مدير المخابرات لبرهة ثم اردف :

-" طيب فيه حاجة كمان كنت عاوزك فيها "

تنهد يوسف :

-" اتفضل يا فندم"

-" انا سمعت ان مرات ابوها وصلت مصر مش كده!"

-" ايوة دا صحيح!"

-" طيب انا عاوزك تخليها توصل خبر تعبها دا لوالدها كمان عاوزه يجي يزورها هو كده كده هنا في مصر بس مش عاوزه يعرف ان احنا قبضنا عليها ولا حاجة"

-" تمام يافندم حاضر انا هاتصرف بس ايه السبب ؟؟"

-" هتعرف كل حاجة في وقتها يا يوسف"

                                  **************


مع وصول أمهاتها الثلاثة كان الطبيب يخرج من حجرتها بوجه جامد لا ينبئ عن الخبر الذي سيقوله:

 أسرعت السيدات إلى يوسف الذي بدوره أسرع إلى الطبيب قائلا:

-" ها يا دكتور مالها؟؟؟؟!"

أجاب الطبيب بعملية:

-" هي وظائفها الحيوية كلها كويسة وتمام وحتى اللي مكانش مظبوط احنا ظبطناه وكله تمام"

هز يوسف رأسه وابتسم يوسف ابتسامة مترقبة لانه يشعر ان الحديث لم يكتمل بعد. 

صح شعوره حين أردف الطبيب:

-" بس للأسف هي في غيبوبة نتيجة تعرضها لانهيار وضغط عصبي شديد!! وهنضطر ننقلها عناية مركزة"

نزلت كلمات الطبيب كالصاعقة على جميع الموجودين مع شعور كل فرد فيهم بأنه السبب فيما حدث لها. 

انهارت شهيرة القوية أرضًا وهي تنتحب ودموعها تنهمر كسيل لا يوقفه شئ :

-" اااااااااه ...... يا مريم ....ملحقتش اخدها في حضني... ملحقتش اقولهااا ..... ملحقتش بعد انتظار العمر دا كله "

حاولت منى إيقافها على قدميها ولكنها لم تستطع فحاولت تهدئتها قائلة:

-" انتي بتتكلمي كده ليه مارية هتقوم وهتبقا كويسة وهتحضنيها وتقوليلها وتسمعي منها كل اللي اتحرمتوا منه انتو الاتنين، خلي ايمانك قوي وادعيلها تقوم بالسلامة"

نظرت شهيرة بغل إلى نهال التي كانت تقف محدقة إلى اللاشي بنظرة بلهاء ودموعها تنحدر على خديها في صمت لترسم خطين كقضيبي القطار وكأنما مر هذا القطار على وجهها وهي لا تبالي ولكنها تتمتم في هيستيريا :

-" انا السبب .. انا السبب .. انا اللي ضيعتها بأيدي ..انا اللي قتلتها انا "

صرخ يوسف بعنف هز ارجاء المستشفى :

-" بس بقا انتو بتتكلموا كده ليه هي مامتش عشان تتكلموا كده ومعندهاش حاجة اصلا انتو سمعتوا الدكتور قال معندهاش حاجة هتقوم وتبقا كويسة وهتسامحنا كلنا"

أسرعت إحدى الممرضات نحوهم ناهرة :

-" مينفعش كده يا جماعة احنا في مستشفى اتفضلوا استريحوا تحت في الكافيتيريا"

رفض الجميع كل محاولات الممرضة بإبعادهم عن المكان في انتظار خروجها من الغرفة نحو العناية المركزة !!

انفتح باب الغرفة التي تقبع فيها مارية بهدوء مميت وعلقت الممرضة المقابض حتى لا ينغلق وظهر فراش المرضى بثقله البغيض لتطل هي فوقه ببشرتها الشاحبة التي تماثل شحوب أغطيتها البيضاء. ووجها الملائكي النائم وكأنما وجدت ملاذها في النوم بل والاستسلام له بكامل ارادتها !!

التف الجميع حول فراشها المتحرك ينظرون لها ولمست شهيرة يدها بحذر وهي تختبر شعور أمومتها مرة أخرى ليحترق قلبها وجعا على ابنتها وكأنما لمست خيطًا من نار!!

وصلت مارية لحجرة العناية المركزة وانغلق الباب خلفها بحزم. شعر يوسف بكثرة الابواب التي تنغلق بينهما.

دائما هناك باب مقفل بينها وبينه، إلا أن هذا أسوأهم!!

هرولت شهيرة إلى الطبيب مترجية :

-" أرجوك أرجوك عاوزة اشوفها عاوزة اكلمها واقولها حاجات كتير اوي ارجوك دخلني ليها "

-" انا آسف والله يا مدام بس صعب ممكن بكرة نحاول" ثم تساءل وهو ينظر في وجوه الموجودين :

-" هي فين مامتها ؟!"

ليرد ثلاثتهم بلهفة :

-" أنا"

هز الطبيب رأسه متعجبا ثم أردف :

-" زي ما قولت لحضراتكم النهاردة كده كده مش هينفع تشوفوها فالأفضل انكم تروحوا تستريحوا وتيجوا بكرة بإذن الله. 

هز الجميع رأسه بالرفض القاطع فهز الطبيب كتفيه قائلا : 

-"طيب ممكن تنتظروا تحت لو حبيتوا انما هنا ممنوع الانتظار نهائي"

بعد جلوسهم لساعات في مكان الانتظار التفتت نهال إلى يوسف قائلة وهي تشير إلى والدته النائمة على المقعد :

-" خد مامتك وروح انت يا يوسف منى اصلا تعبانة وغلط عليها كده"

هز رأسه رافضا بعنف فتدخلت شهيرة :

-" فعلا يا يوسف انت لازم تاخد مامتك تستريح ومتقلقش لو احتجناك اكيد هنكلمك"

بهدوء وبصوت متحشرج قال :

-" هي محتاجاني !"

كان صوته ينم عن مدى الألم الذي يشعر به فاغمضت كلتاهما عيناها ثم أردفت شهيرة : 

-" طب على الأقل روّح مامتك تستريح ف البيت الطريقة دي غلط عليها"

هز رأسه موافقا :

-" خلاص تمام انا هاطلع اتطمن فوق على مارية وبعدها هاروّح ماما وهارجع على طول تحبوا اجيبلكم حاجة من برا وانا جاي "

 شكرتاه واشارت كلتاهما بالنفي. 

صعد ليطمئن على وجود الحراسة بالزي المدني ثم ذهب ليفيق والدته بهدوء وقام بأخذها للمنزل ثم عاد مسرعًا آخذًا مكانه في الانتظار وما أكثر ما يؤلم هذا الانتظار !!!

كانت نظراته تنتقل بين نهال وشهيرة وتلك الأخيرة ترمق نهال بنظرات نارية من حين لآخر ودار بخلده الكلمات التي انهارت بها شهيرة امام باب غرفة مارية ولماذا انهارت أصلا تلك السيدة القوية التي لا تنحني ابدًا .. بالتأكيد والدته تعلم ولكنها كانت في حالة يرثى لها وهو يوصلها لبيتهم وهو أيضا لم يكن في حالة تسمح له بالكلام فلم تسنح لهما الفرصة ليتحادثا. 

وضع يده تحت ذقنه متسائلًا:

-" هو انتو وصلتو امتى يا مدام نهال؟؟!"

-" انا .. احنا وصلنا النهاردة .. لسه النهاردة"

-" طب هو فيه حاجة حصلت يعني قولتوها ليها هي اللي خلتها سابت البيت وجريت كده؟!

كادت نهال تتفحم من قذائف نظرات شهيرة التي ترمقها بها والتي لم تفت يوسف بالمرة ثم أردف :

-" وازاي والدها يسيبها كده من غير ما يجي يشوف ايه اللي حصلها ؟!"

تلعثمت نهال وهي تتمتم:

-" ممم .. ماهو.. اصل "

تدخلت شهيرة بعنف :

-" طبعا الباشا ميعرفش مش كده اتصلي بيه خليه يجي يشوف بنته المرمية في المستشفى بسبب عملته"

بنظرات خائفة مترددة حاولت نهال التحدث إلا أن شهيرة دفعتها دفعا لتهاتفه بحزمها وقوتها المعهودتان :

-" يالا اتصلي كلمييييه"

رفعت نهال هاتفها لتتصل بزوجها على وجل :

-" ا.. الو .. ايوة يا سامي ا.. انا هنا في مصر .. اسمع بس اسمع ... مارية تعبانة في المستشفى "

اغلقت الهاتف ووجهها يضاهي الرمان في حمرته القاتمة وهي تقول :

-" هايجي اكيد هايجي"

رمقتها شهيرة بنظرة جانبية محتقرة ثم وضعت يدها فوق فمها وكأنها تمنع نفسها من حديث ليس هذا وقته او مكانه.

                     ************************

 تسللت أشعة الشمس نحو وجه شهيرة التي انتفضت من مكانها تسأل بلهفة :

-" مريم ... مريم فاقت"

كان يوسف جالسًا متكئا ويضع أصابعه يسند بها وجهه المتعب اجابها بصوت مبحوح:

-" لا للاسف لسه"

أفاقت نهال على صوت رنين هاتفها المتواصل :

-" دا سامي"

صرخت معتدلة وهي تجيب :

-" الو ايوة يا سامي احنا في مستشفى ..... مارية ف غيبوبة يا سامي في غيبوبة!!

أغلقت الهاتف وهي تمسك برأسها قائلة :

-" سامي جاي دلوقتي "

لم تعرها شهيرة انتباها وكأن الأمر لا يعنيها. فهب يوسف واقفًا :

-" طيب انا هاروح اجيب قهوة وفطار لينا كلنا حد عاوز حاجة معينة؟!"

هزت كلتاهما رأسها بالنفي فخرج يوسف للخارج وفتح هاتفه متصلًا بحاتم باشا ليبلغه بوصول والد مارية فأخبره الأخير:

-" تمام فيه قوة هتكون عندك في خلال ١٥ دقيقة بالظبط لو جه قبل كده حاول تعطله لحد ما القوة تيجي"

-" قوة!!! ليه يا فندم ؟!"

-" انا مكنتش عاوز اقولك يا يوسف بس انت لازم تعرف خلاص ، احنا فتحنا التيلفون ووصلنا للفولدر اللي فيه الاسماء، ابو مارية هو نفسه صاحب الليلة دي كلها يا يوسف"

اغمض يوسف عينيه غير مصدق وهو يشد في شعيراته الناعمة :

-" ا.. ازاي ؟؟ طب ومارية؟!"

-" انا معنديش اي معلومات عن مارية مش عارف اذا كانت معاه ولا لا اسمها مش موجود في اي حاجة لكن متقلقش كله هيبان واسرع مما تتخيل"

أغلق يوسف الهاتف وعادت الدنيا لتدور به هل يمكن ان تكون مارية جزء من ذلك كله ولكن اذا كانت كذاك كيف سلمته الساعة !! هي لم تسلمه الساعة هو من وجدها !! ولكن كان بإمكانها الانكار أو الإدعاء بأن هذه الساعة ملك لها خاصة وأنها هي ايضا تملك ايفون!!! كاد رأسه ينفجر، لكنه هرول حين وجد والد مارية يدلف إلى داخل المستشفى ليتسمر الأخير أمام نهال وشهيرة اللتان وقفتا كلٍ بطريقتها ؛ فنهال تقف بحذر واضطراب ويظهر الخوف عليها جليا من رد فعل زوجها. وها هي شهيرة تنهض بإباء وهي تنظر له باحتقار واضح. 

وجه كلامه لنهال أولا:

-" انتي ايه اللي جابك هنا انتي اللي بوظتي كل حاجة هما الاتنين مكنوش يعرفوا بعض وانتي اللي جيتي خربتيها زي عادتك"

تدخلت شهيرة في الحديث بثقة :

-" انا كنت عارفة. وكمان عملت تحليل DNA لمريم الموضوع كان مسألة وقت بس انها تعرف بس المدام كتر خيرها خربتها زي ما انت بتقول "

تبدلت نظرات سامي الحانقة لنهال إلى نظرات حنين لشهيرة !! كل ذلك ويوسف يقف محاولًا تعطيل سامي على قدر الإمكان ونظراته متعلقة بخارج المستشفى لحضور القوة 

تدخل يوسف تلك المرة فكل هذه الالغاز التي يقولونها فوق احتماله :

-" ممكن افهم هو فيه ايه بالظبط و دي ان ايه اييييه وحضرتك جيتي ليه اصلا وعرفتي منين ان مارية هنا"

وجه حديثه بالأخير إلى نهال التي ارتبكت على الفور ولم تستطع الرد فتدخل والد مارية قائلًا:

-" تسمحلي انا اسألك مارية جت هنا ازاي وليه وانت ايه علاقتك باللي بيحصل دا كله؟!"

-" حضرتك لو حابب تعرف أجوبة الأسئلة دي كلها فياريت حضرتك تتفضل معايا برا "

رفع سامي إحدى حاجبيه بتعجرف ثم أشار ليوسف بالخروج خارج المستشفى. 

وبأسلوب الصدمة ألقى يوسف كلماته بلا هوادة:

-" بنتك متهمة بتهريب المومياء اللي كانت في الموكب وكمان متهمة بالضلوع في قتل السفير المصري في واشنطن وجاية هنا مقبوض عليها لحيازتها تيلفون السفير معاها واذا كنت مش مصدقني اطلع العناية هتلاقي عساكر لابسين زي مدني عشان يمنعوها اذا حاولت الهرب وكمان يساعدوا في القبض على بقية العصابة اللي بنتك ممشياها" 

كانت كلماته تذبحه هو شخصيًا وهو يرمي بها في وجه هذا الكائن الذي يحتقره كثيرًا ولا يعلم ماذا فعل بابنته أجعلها شريكة له في جرائمه أم أنه ظلمها فقط بكونه أبيها !!

صرخ الأخير :

-" لا لا مارية ملهاش دعوة مارية... لا كفاية اللي انا عملته فيها، متشلش جرايمي كمان ارجوك... انا .. انا اللي هربت وانا اللي اديت الامر بقتل السفير عشان المعلومات اللي كانت على تيلفونه ولو لقيتوا الساعة بتاعته هتفتحوا التيلفون وهتلاقوا اسمي في اول القائمة اللي على تيلفون السفير لكن بنتي ملهاش دخل ملهاش دخل كفاية اللي انا عملته فيها أرجوك كفاية !!"

-" يعني انت معترف بكل جرايمك دي !!"

-" ايوة معترف ومستعد اسلم نفسي كمان بس بنتي لا كفاية اللي عملته فيها طول السنين دي وحرمتها من أمها مجنيش عليها وعلى مستقبلها واسلمها لحبل المشنقة بنفسي لا "

ربت يوسف على ظهره وهو يشير إلى القوة التي حضرت بكامل عتادها :

-" اثبت بقا انك اد الكلام اللي بتقوله دا "

نظر له سامي بفزع ثم إلى القوة بحيرة، ثم طأطأ راسه في استسلام ونظر ليوسف مستسمحًا بخنوع :

-" طب ممكن بس اشوفها محتاج اقولها كلمتين حتى لو مش هتسمعني، ارجوك دا طلب انساني ارجوك"

هز يوسف رأسه قائلا:

-" انا هحاول مع سيادة الظابط بس هتطلع بحراسة وتنزل بحراسة"

أجابه بامتنان :

-" موافق موافق"

بعد استئذان الضابط والطبيب كان سامي يخطو خطوات وئيدة نحو غرفة مارية وبجانبه يوسف واثنين من الحرس. 

انفتحت البوابة الرئيسية للعناية المركزة واستنشق سامي نفسًا عميقًا وكأنما سيهوى بنفسه إلى قاع البحر الآن ......

دلف إلى غرفة ابنته وهو لأول مرة يتلهف لرؤيتها !!

مريم ... !! اسمحيلي اناديكي باسمك الحقيقي يابنتي اسمك اللي انا غيرته من سنين عشان أمك متوصلكيش لكن دلوقتي مش قادر اقولك غير اسمك الحقيقي، مش قادر اقف في وشك واقولك كل الحقايق دي، مش قادر اقولك اني خطفتك من امك في عز احتياجك ليها، مش قادر اقولك اني مكنتش بقدر ابص في وشك لسببين اولهم اني كنت بخجل من نفسي وتانيهم اني كنت دايما بشوف امك في كل ملامحك امك حب عمري اللي انا خونتها !!!

انا يا مريم فضلت ندمان طول عمري ع اللي عملته مع امك وندمي دا خلاني لا اعرف احب نهال ولا حتى ابين حبي ليكي ..... بس انا بحبك يابنتي بحبك يا مريم ، وبعتذرلك عن كل لحظة فرقتك فيها عن امك، بعتذرلك عن اللي هتعرفيه عني بعد ما تفوقي، وهتفوقي يا مريم يا حبيبتي هتفوقي عشان انتي قوية !! انتي اقوى حتى مني انا يا مريم، اقوى من ضعفي، وخيانتي، ومن قوتي المزعومة. وفي الاخر يا حبيبتي بعتذرلك عن اني انا ابوكي !!! اتمنى يجي يوم وتعرفي تسامحيني.. وصدقيني مش هأذيكي تاني مش هاتعبك تاني مش هاخليكي تتحملي نتيجة اخطائي تاني ابدًا بس انتي تسامحيني !!!


            الفصل السابع والثلاثون من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا

تعليقات



<>