رواية سارقة الهوي الفصل السابع والثلاثون 37بقلم مني السيد

        

رواية سارقة الهوي

الفصل السابع والثلاثون 37

بقلم مني السيد



خرج سامي مطأطئ الرأس وهو ينظر ليوسف بأسى ثم تحدث أخيرآ قائلا:

-" ممكن نخرج من اي باب جانبي بلاش من البوابة الرئيسية مش عاوزهم يشوفوني وانا كده!!"

أشار يوسف لأحد الضباط الذي بدوره أبلغ القوة بالأسفل بالتوجه لأحد الأبواب الجانبية للمشفى. 

تنفس يوسف الصعداء لشعوره بقرب نهاية تلك القضية التي غيرت كل حياته وهي الآن تجثم على صدره فلا يعرف يمينًا من يسارًا!!

توجه يوسف إلى كلا من نهال وشهيرة اللتان كانتا تقف كنمرتان مستعدتان للانقضاض على بعضهما البعض !! إلا أن شهيرة يبدو عليها القوة ورباطة الجأش أكثر من نهال بمراحل بالرغم من أن وجود سامي قد اعطى بعض القوة لنهال إلا أنها لم تضاهي قوة شهيرة بعد !!

جلس يوسف بإرهاق وهو ينفث قائلًا:

 -" ممكن تفهموني بقا اللي حصل بالتفصيل الممل لو سمحتم؟!"

ارتعدت نهال متسائلة:

-" هو .. هو فين سامي؟!"

 أجاب يوسف بمنتهى البساطة :

-" مشي!!"

-" مشي راح فين وسابني كده !!"

همهمت شهيرة بقهقة هازئة من بين شفتيها التي لم تكلف نفسها لفتحهما حتى لترشقها ببعض الكلمات الساخرة واكتفت بنظراتها النارية المحتقرة لها !!

فقاطع يوسف تلك النظرات بسؤاله:

-" لو سمحتم انا عاوز افهم اللي حصل لمارية دا حصلها لييييييه وبالتفصيل "

 تنهدت شهيرة بألم ثم ابتدأت الحديث :

-" انا وسامي كنا متجوزين وخلفنا مريم اللي هي مارية هي اسمها الحقيقي مريم مش مارية على فكرة" هز يوسف رأسه متعجبًا ومتعجلًا ليسمع باقي القصة فأردفت شهيرة وهي ترمق نهال بنظرة جانبية:

-" نهال كانت صاحبتي وعلى فكرة نهال تبقا أخت حامد جوزي دلوقتي وأم خالد اللي سابته وهو طفل مراهق !! واكتشفت ان صاحبتي وعشرة عمري بتخوني مع جوزي أو جوزي بيخوني معاها سميها زي ما انت عاوز. مش هنا المشكلة!! المشكلة اني لما اكتشفت وواجهته قلب عليا الترابيزة واني انا المقصرة وبلا بلا بلا وطلقني ادام بنتي وهي واقفة بتعيط وبعدها بفترة طلب يشوفها وكأي أم سوية اديتله البنت تقضي يوم معاه ومن يومها مشوفتهاش !!! والباقي بقا مدام نهال هي اللي تحكيه لأني معنديش علم بيه لحد دلوقتي !!"

وأشار كلاهما إلى نهال لتبدأ بالحديث !!

فركت نهال بيديها كثيرا قبل أن تستطع التحدث ثم بالنهاية تلكأت قائلة :

-" انا ... انا وسامي اتجوزنا على طول وحضرنا ورقنا عشان نسافر ايطاليا وفي اخر لحظة بلغني اننا هناخد مريم معانا وانه هو جهزلها ورقها هي كمان .. في الاول رفضت عشان ميحرمهاش من أمها لكن بعد كده خوفت لا يفتكر اني مش عاوزاها فوافقت وطبعا انا كنت حد مألوف بالنسبة لها ف مقبلناش مشكلة كبيرة في الموضوع دا ولما سافرنا على ايطاليا فهمناها ان .. ان ... ان مامتها بقت عند ربنا وجتلنا فرصة السفر لامريكا بعدها بسنة وسافرنا على طول وبعدها سامي غير اسم عيلته وغير اسم مريم لمارية  وكده كده احنا كلنا كنا بنناديها مرمر من وهي صغيرة!!"

ثم اتجهت بأنظارها لشهيرة وأردفت : 

-" بس والله والله العظيم انا ربتها احسن تربية وربتها زي ما تكون بنتي تمام لا زي ايه هي  بنتي فعلا وسلوتي الوحيدة بعد ما اكتشفت ان سامي محبش ولا هيعرف يحب غيرك"

نهرتها شهيرة بحدتها المعهودة:

-" كانت  زي بنتك ..... ثم انا ميهمنيش الكلام دا كله بلا حب بلا زفت ومتفتكريش انك بتمني عليا انك ربتي بنتي لان انا كمان ربيت ابنك بعد ما والده اتوفى وحامد صمم انه ياخده، متتصوريش كنت بتعذب اد ايه وانا بحضن ابن الست اللي خطفت بنتي بس كنت بقول هو ملوش ذنب كنت بحضر معاه بطولاته وأفراحه وأحزانه وكل مناسبة من دول وانا بفكر ف بنتي يا ترى عاملة ايه وبتلاقي اوقات سعيدة زي خالد ولا رامينها وبتتعذب من بعدها عني زي ما انا بتعذب بالظبط. بتلاقي حد معاها ولا بتعدي أحلى أوقات عمرها لوحدها !! كل لحظة نجاح لخالد كل دمعة نزلت من عينه كنت ببقا واقفة معاه وجنبه وانا قلبي بيتقطع على بنتي اللي معرفلهاش طريق كل سنة كنت بروح ايطاليا ادور في السجلات والوشوش كنت بدور في مواقع التواصل الاجتماعي لحد ما عيني تورم واتكفي انام واحلم بيها. 

العذاب اللي انا شوفته في بعدها عني مش هيعوضه انك اهتميتي بيها ولا حبيتيها ولا لا مش هيعوضه غير انها تفوق وتشوفني واحضنها وتحضني مش هيعوضه غير اني اسمع منها كلمة ماما لاول مرة من ٢٠ سنة ، انا لما شكيت فيها كنت خايفة اصدق انها بنتي كنت خايفة يكون الوهم أثر عليا لدرجة اني بقيت اتخيل اي حد اسمه مريم تبقا بنتي، بس الشبه اللي كل اللي يعرفوني وانا صغيرة قالوا عليه ولاحظوه والحسنة اللي جنب عينيها، حساسية الفول السوداني ، الاغنية اللي كنت بغنيها لها وهي صغيرة وعلى طول اسمعها بتدندنها طول الوقت ، كل دا كان فوق احتمالي لحد ما حامد اقترح عليا اننا نعمل تحليل عشان نقطع الشك باليقين ونستريح من العذاب دا وقبل ما نتيجة التحليل تطلع الست نهال شرفت وخليتها تسمع وتجيلها الصدمة دي"

كان يوسف يستمع وهو عاقدا حاجبيه ومشبكًا يديه أمام فمه والألم يعتصر قلبه. هل تحملت مارية كل هذا العذاب؟؟ هل سمعت بأذنيها خيانة من كانت أقرب الناس إليها؟؟ هل تهدمت حياتها في لحظات قليلة !! كل ثوابتها في الحياة تغيرت في لمح البصر فزوجة والدها خائنة وأمها لازالت على قيد الحياة!! وهو..... هو من ساعد في القبض عليها بنفسه !!! يالا الألم ؟؟ اعتصر أصابع يده كما يشعر بقلبه يعتصر أوردته داخل جسده !! ذبحه مجرد سماع القصة فما باله بمن عاشتها !! ثم وأنها بعد كل ذلك ستفيق لتجد والدها أكبر تاجر آثار !! والدها هو من شاركت بنفسها  في تلك العملية من البداية للقبض عليه !! انه يؤمن الآن تمام الإيمان ببرائتها لا يمكن لتلك الرقيقة أن تكون بارعة التمثيل هكذا !! لقد زاره الشك لوهلة ولكنه كان يعلم من صميم قلبه أن حبيبته لا يمكن أن تكون بتلك البشاعة والخداع !!

أخرجته شهيرة من دوامة أفكاره قائلة :

-" يعني الدكتور سمح لسامي انه يدخل لها اكيد هيسمحلنا احنا كمان ولا ايه رأيك يا يوسف ؟!

-" اكيد أكيد انا هاطلع اسأله وانزل ابلغكم على طول "

هزت كلتاهما رأسها بلهفة وأمل ولكن سرعان ما طأطأت نهال رأسها بأي وجه ستراها بأي وجه ستتحدث معها حتى وإن لم تكن تسمعها ؟؟! ولكن لابد أن تطمئن عليها بنفسها ولتختفي بعدها من حياتها للأبد !!

في طريقه للأعلى رن جرس هاتف يوسف ليجد المتصل هو حاتم باشا مرة أخرى :

-" الو ايوة يا فندم !!"

-" ايوة يا يوسف الله ينور عليك سامي وصل لمقر التحقيق خلاص والتسجيل اللي انت سجلته ليه وهو بيعترف كمان وصلني "

-" دا واجبي يا فندم واللي المفروض عليا عملته"

-" تمام انا دلوقتي اتأكدت أن ايًا كان المطلوب منك هتعمله حتى لو على حساب حاجات مهمة عندك !!"

استغرب يوسف حديث مدير المخابرات وشعر ان هناك امرًا آخر يريد أن يطلبه منه وبالطبع هذا الأمر متعلق بمارية !! توجس قليلا ثم قال:

-" حضرتك تؤمر بحاجة معينة !!"

-" لا لا في الوقت الحالي لا .. هي نهال هتدخل تزور البنت دلوقتي مش كده !!"

-" ليه مش عارف نهال ولا شهيرة الاول !"

-" صحيح هي شهيرة ايه اللي مقعدها عندك كل الوقت دا هي كمان حبت البنت ولا ايه مش عوايدها يعني دي ست جامدة "

-" دا موضوع طويل جدا يافندم ولو ليه علاقة بالقضية هبقا اشرحه لحضرتك" -" طيب تمام خلي نهال هي اللي تدخلها الاول طيب عشان ننتهي م الموضوع دا"

عقد يوسف حاجبيه غير فاهم :

-" ودا هيفرق ف ايه حضرتك"

-" لا لا ابدا يالا بس ربنا معاك!"

أغلق الهاتف وهو يعرف أن هناك أمرًا ما في رأس مدير المخابرات. ترى أيشك أن نهال هي الأخرى لها علاقة بالأمر لا لا يمكن ذلك فهي لن تضحي بكل شئ وتحضر إلى مصر لتكشف حقيقتها لمارية بتلك السهولة !!

بالأخير ذهب للطبيب الذي أخبره بدوره أن السيدتان يستطيعان زيارتها ولكن لمدة قصرة جدا دقائق معدودة. 

-" الدكتور قال تقدروا تزوروها دلوقتي بس لمدة دقايق قليلة "

نظرت كلتاهما للأخرى وكأنما تنتظران أن تبدأ كل منهما بالزيارة ولكنهما لم ينبسا ببنت شفة. 

-" هااا مين هيدخل الاول اتفضلي انتي يا مدام نهال "

بكلمات متبعثرة وخطوات متعثرة أجابت نهال:

-" هه .. طيب .. اوكيه .. هادخل ... هادخلها انا"

وقفت شهيرة كالمشدوهة ولأول مرة يراها يوسف تفرك يديها في ارتباك !!

وهزت رأسها نفيًا :

-" انا مش هادخل مش هادخل!!"

تعجب يوسف قائلًا :

-" ازاي يعني مش هتطمني عليها ؟!"

-" لا مش قادرة مش هقدر ادخل لا!!"

نفث يوسف أنفاسه وهو يشعر بثقل الحمل عليها فربت على كتفيها بهدوء قائلًا:

-" طيب خلاص اهدي ولما تحسي انك قادرة تدخليلها أنا هاكلم الدكتور يدخلك"

اقتربت منه شهيرة تلتمس أمانًا او اطمئنانا هي في أشد الحاجة إليه !!

استغرب يوسف موقفها ولكنه ربت عليها بشدة أكثر يطمئنها فتساءلت شهيرة فجأة:

-" طيب هي لو مكانتش تعرف ان انا امها امال هي جات عندي ليه وليه غيرت اسمها لمريم!!"

نظرت ليوسف باستفسار يشوبه الاتهام فأجاب :

-" دا موضوع كبير اوي اوي هتعرفيه الايام الجاية اما بالنسبة لاسمها فمريم دا كان اسم اختي الله يرحمها وماما فضلت تناديها بيه"

-" ايوة يعني انتو تبقو لها ايه صحابها يعني ولا شغل ولا ايه بالظبط انا مش فاهمة عقلي هيشت"

أجلسها يوسف برفق وهو يهدئ من روعها :

-" اهدي بس وهتعرفي كل حاجة ف وقتها دلوقتي تفكري في صحة بنتك وبس"

هزت رأسه موافقة وهي تقول :

-" عندك حق .. بنتي ... بنتي وصحة بنتي "

وكأنما لم تألف تلك الكلمة بعد ظلت ترددها تطمئن بها قلبها المشتعل !!

                        *********************

من بين دموعها تمتمت نهال:

-" مارية .... مرمر ... قومي يا حبيبتي قومي كلميني وبعدها لو مش عاوزة تبصي ف وشي تاني انا موافقة ... خليني ابص ف عينك يمكن لاخر مرة واشبع منك يابنتي ... ايوة بنتي وانتي عارفة انك بنتي مهما اي حد قال ، انتي بنتي ... بنتي اللي ربيتها وحبيتها بنتي اللي حاولت بكل الطرق اني اكون قريبة ليها وانا عارفة اني منجحتش انا عارفة انك حبتيني لكن مكنتش أم كاملة بالنسبة ليكي ... لما كنت بحضنك كنت بحس انك .. انك بتمسكي فيا وكأني تمثال .. كأني مثال لحاجة انتي عاوزاها بس مش موجودة فيا !!! يعلم ربنا يا مارية انا اد ايه حبيتك واد ايه حاولت واد ايه ندمانة اني اخدتك من امك ووالله والله كنت بحاول اقنع سامي الف مرة انه يرجعك او حتى يقولك الحقيقة بس انا وهو كنا خايفين .. خايفين من رد فعلك .. خايفين لا تسيبينا ... عارفة يا مرمر سامي على اد ما عمره بينلك ولا حسسك انه بيحبك بس صدقيني بيحبك اوي وبيموت فيكي كمان انتي بس كنتي بتفكريه بامك وجمالها .. كنتي بتفكريه بعملته اللي ندم عليها بقية عمره .. عملته دي اللي هي انا !!! انا مش طالبة اي حاجة من الدنيا خلاص يا مارية غير انك تقومي بالسلامة ولو مش عاوزة تشوفيني تاني انا موافقة المهم اتطمن عليكي انك بخير ومبسوطة مع امك الحقيقية ومع يوسف الواد بيحبك اوي على فكرة مفقوس وباين عليه .. قومي بقا يا مارية عشان خاطري!!"

انتفضت نهال حين ربتت الممرضة على كتفها قائلة :

-" الدكتور بيقول كفاية كده عشان صحة المريضة !!

كفكفت نهال دموعها ثم نظرت نظرة أخيرة لمارية الراقدة في هدوء على غير عادتها الشقية  ثم ربتت على يدها برفق حتى لا تنزع عنها تلك الأنابيب البغيضة ثم استدارت خارجة بسرعة. 

نظرت شهيرة لانهيار نهال بخوف وفزع وأسرعت إلبها :

-" بنتي مالها ؟؟ بنتي كويسة جرالها ايه قوليلي !!!!"

-" ملهاش يا شهيرة هي زي ما هي ربنا يطمننا عليها يارب"

تنفست شهيرة الصعداء ونظراتها الهلعة مازالت معلقة بنهال وبكائها وهي تفكر ماذا لو دخلت إليها هي الأخرى كيف سيكون حالها اذا كان هذا حال نهال لدى رؤيتها !! لا لا لن تستطيع الدخول لا يمكنها ذلك ابدا !!

أشار إليها يوسف هل ستدخل فهزت رأسها رافضة بشدة وهي تغمض عينيها وكأنها بإغماض عينيها تهرب من هذا الموقف العصيب !!

ازدرد يوسف لعابه وهو يشجع نفسه بالدخول إليها ليواجهها بفعلته الشنعاء بشكه فيها ولو للحظات قليلة ترى هل سيستطيع أن يصمد في تلك المواجهة حتى لو كانت هي لا تعي ما يحدث ولا تستطيع إجابته بما يختلج به صدرها !!!

بعد أن تم تعقيمه دلف لحجرة العناية المركزة بخطوات مثقلة بذنبه وهو يتطلع لرؤية ملاكه النائم ويطمئن عليها !! 

فور أن دخل ورآها شعر بغصة في حلقه تلاحقها عصرة في قلبه. اغمض عينيه يستمد القوة من جديد ثم اقترب منها ملامسا يدها في خفة :

-" طبعا دلوقتي المفروض اني اول ما المسك تفوقي مش الافلام بتقول كده .. الافلام القديمة اللي انتي بتحبيها وحفظاها .. ولا هتستني لما تسمعي مني الكلمة اللي نفسك فيها !! انا آسف يا مارية .. صدقيني آسف اني شكيت فيكي ولو لحظة واحدة بس غصب عني والله يا حبيبتي .. ايوة حبيبتي ودي تاني مرة اقولهالك لكن انا مش هقولك الكلمة اللي انتي عارفاها غير لما تفوقي غير لما تبقا عيني في عينك وايدي ف ايدك وقلبي بينبض ف قلبك .. انا عارف ان كل دا هيحصل عشان انتي هتقومي وهتسامحيني عارفة ليه عشان انتي كمان جواكي نفس الكلمة اللي انا مقولتهاش !! هتقوليهالي يا مارية وانا هافضل اقولهالك طول العمر لحد ما تزهقي منها ومني بس قومي عشان خاطر كل الناس اللي بيحبوكي برا دول قومي"

تخيل يوسف أن عيناها بدأت ترمشان فرف بجفنيه مرات عديدة وكأنه يتحقق مما رآه للتو فاقترب منها أكثر وتشبثت يده بيدها أكثر:

-" مارية انتي بتفوقي بجد لاااا دا انتي تقومي تعملي فيلم من اللي بتحبيهم بقا مارية انتي بتلمسيني ولا انا بيتهيألي مارية ... مارية"

هرعت إليه الممرضة وهي تقول :

-" الدكتور بيقول لازم حضرتك تخرج حالا لو سمحت"

تحدث يوسف من بين دموعه :

-" دي رمشت بعنيها رمشت انا شوفتها وايدها اتحركت في ايدي لمستني انا متأكد"

وجد يوسف الطبيب أمامه فجأة وقد اصفر وجهه وهو يقول في عصبية :

-" لو سمحت اخرج برا دلوقتي لو سمحت "

انعقد حاجباه  وهو لا يفهم شيئًا لماذا اضطرب الطبيب إلى هذا الحد بالرغم من انه يجب أن يطمئن او حتى يمارس مهنته في احتراف ومهنية هناك شئ يخفيه هذا الطبيب وبمجرد خروجه من الغرفة فوجئ بالضابط الذي كان مكلفًا بالقبض على مارية والذي ما زال مرابضا أسفل المستشفى منذ دخلتها يتوجه للطبيب المعالج ويسر إليه ببعض الاشياء في أذنه وبعدها ظهرت على الطبيب نظرات الارتياح والاطمئنان وهز رأسه مبتسمًا. كانت الممرضة تدفع يوسف دفعا ليخرج بسرعة  ويوسف يخرج متثاقلًا وهو يشاهد هذا المشهد العجيب!!

انتظر يوسف الضابط بالخارج وهو يجز على فكيه حتى كاد يهشم أسنانه بنفسه وفور خروج الضابط أسرع إليه يوسف بتجهم :

-" ممكن افهم فيه ايه ؟؟ وايه اللي بيحصل بالظبط"

أجابه الضابط بهدوء مقيت :

-" معنديش صلاحيات اتكلم مع حضرتك!!" 

صرخ يوسف بحدة:

-" يعني ايه؟؟  انا لازم افهم دلوقتي ايه اللي بيحصل "

-" حاتم بيه هو هيبلغ حضرتك بنفسه "

تركه يوسف والتقط هاتفه بسرعة ليطلب رقم حاتم بأيدي مرتعشة ماذا يعني كل هذا ؟؟!

-"ايوة يا يوسف انا كنت لسه هكلمك "

-" ممكن بعد اذن حضرتك تفهمني ايه اللي بيحصل!"

-" متقلقش يا يوسف كل شئ تحت السيطرة  ومارية بخير وكويسة وهتفوق دلوقتي "

-" ت.. تفوق وحضرتك عرفت ازاي؟!"

-" يا يوسف انا كان لازم اخد اعتراف تاني من سامي غير اللي انت سجلتهوله ساعة ما اعترفلك لاننا بصراحة اعتقدنا انه بيحمي بنته وخلاص كل دا كان عشان اتأكد ان مارية ملهاش علاقة بالموضوع ودا فعلا اللي حصل "

-" يعني ايه مش فاهم!"

-" يعني مارية معندهاش غيبوبة ولا حاجة انا أمرت الدكتور يقول كده ويديها مهدئات ومنومات لحد ما كله يدخلها واخد اعترافاتهم مسجلة "

تنهد يوسف وهو يفرك جبهته :

-" يعني هي كويسة مفيهاش حاجة"

-" لا يوسف مفيهاش حاجة اطمن متقلقش"

وقبل ان يهم بغلق المكالمة سأله يوسف سؤالًا آخر:

-" حضرتك تقصد بكلهم سامي ونهال ولا انا كمان كنت من ضمنهم!!"

-" يوسف ... انت عارف شغلنا مفيهوش هزار وفاهم كل حاجة اكيد!! بس متقلقش التسجيلات كانت مباشرة هنا معانا وكل حاجة تحت السيطرة بفضلك انت ومارية، وصدقني انت ليك مستقبل باهر في  السلك الدبلوماسي  مستنيك يا يوسف وانا بنفسي هأكد على أن دا يحصل، بس من هنا ورايح لازم تفكر في مستقبلك كويس فاهمني يعني لو مارية بالنسبة لك حاجة اكتر من اخت فاعتقد انك لازم تعيد حساباتك انت عارف ان بظروفها الحالية دي لا يمكن ينفع ان يكون فيه بينكم حاجة وانت ادرى الناس بده!!

وأغلق الهاتف وانفتح عقل يوسف على شئٍ لم يكن يحسب له حسابًا!!!!!!!!!


            الفصل الثامن والثلاثون من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا

تعليقات



<>