رواية سارقة الهوي
الفصل الخامس والثلاثون 35
بقلم مني السيد
كان حامد يقف بجوار شهيرة وهي تستقبل منى ومارية ويهمس في أذنها بخفة:
-" انتي ايه اللي خلاكي تجيبي منى بس ما كلها كام يوم ونتيجة التحاليل تطلع"
-" مش قادرة اصبر يا حامد مش قادرة اتخيل ان دي ممكن تكون بنتي واني بشوفها كل يوم ومش قادرة اخدها ف حضني ولازم اعرف منى دي خطفاها ولا متبنياها ولا ايه"
في هذا الوقت كانت منى قد اقتربت للحد الدي تستطيع فيه سماع الحديث فتوقف كلاهما بنصف ابتسامة مترقبة.
أقللت منى على شوشو تقبلها :
-" ازيك يا مدام شوشو عاملة ايه انا جبتلك معايا كيكة كنت عملاها امبارح هتاكلي صوابعك وراها"
-" ميرسي اوي تسلم ايدك بس تعبتي نفسك ليه كده !"
-" ولا تعب ولا حاجة الطبخ دا لعبتي"
ابتسم كلاهما ثم تحدثت مارية موجهة الحديث لحامد:
-" معاد الفحص بتاعنا يا حامد بيه يالا بينا بقا عشان منمن هاتفضل تتكلم عن الطبخ وتجوعنا"
ضحك حامد وشعرت انه ينظر إليها نظرة مختلفة نظرة تفحص بينما شهيرة نظراتها معلقة بها كأنها لن تحيد بنظرها عنها للأبد. هزت كتفيها وتبعت حامد إلى غرفته لتبدأ في الكشف عليه وممارسة طقوسه العلاجية اليومية.
وتبعت منى شوشو إلى حجرة المعيشة حيث التلفاز وكل المسليات وبادرت بالحديث:
-" ياريت تقعدوا معانا النهاردة لحد بالليل اهو نقعد نتسلى ونتفرج على فيلم وناكل لب وسوداني بقا ونهيص"
-" ياريت والله بس مينفعش لازم نروح قبل يوسف ما يجي أصله بيجي تعبان اوي يا حبيبي"
-" خلاص يبقا لما مارية تخلص نجيبها ونقعد ناكل لب وسوداني دلوقتي بدل بالليل اكيد بتحبهم صح؟!
-" اه اه طبعا امال ايه دي بتحب كل المكسرات والشيكولاتات "
أكدت شهيرة مرة أخرى :
-" السوداني والمكسرات بتحبهم ؟!"
-" ايوة ايوة دي بتزلطهم زلط كده"
تململت شهيرة في جلستها بعدم ارتياح ( معنى كده ان منى متعرفش ان مريم عندها حساسية فول سوداني !!! يبقا متعرفهاش من زمان !! انا كده احترت اكتر؟؟؟!!!"
انتزعها من أفكارها رنين الهاتف الداخلي ليجيبها الحارس الخارجي للبوابة الرئيسية:
-" ايوة يا فندم فيه واحد طالبة تقابل حضرتك ضروري وبتقول موضوع شخصي وضروري جدا"
-" مين دي بالظبط مقالتش اسمها ايه؟!"
-" بتقول اسمها نهال فخري"
اعتصرت شهيرة سماعة الهاتف بيدها ولأول مرة تظهر تعابيرها جلية دون أن تستطيع إخفائها او التحكم فيها. وازدادت أنفاسها سرعة مع علو وهبوط صدرها وارتعاشة يدها مما جعل منى تسألها:
-" ايه فيه حاجة يا شهيرة هانم"
كانت شهيرة مازالت لا تستطيع التحكم في ارتجاف جسدها أو صوتها الذي بات ضعيف وكأنما انهدمت دارها فوقها وهي تخرج مشعثة محاولة الوقوف على قدميها بصعوبة:
-" ابدا دي ضيفة غير متوقعة بالمرة"
-" طيب اسيبك بقا لضيفتك هاروح اقعد ف الجنينة شوية"
منعتها شهيرة وهي تجيب الحارس وتسمح لها بالدخول بعد ان لملمت شتات نفسها:
-" لا لا دا انتي لازم تكوني موجودة مع الضيفة دي بالذات دي جت في وقتها"
عقدت منى حاجبيها كيف يكون لها أن تجلس مع تلك الضيفة الغريبة ولكنها هزت كتفيها على أمل أن تكون تلك الضيفة لها يد في القضية وتستطيع منى معرفة بعض المعلومات التي تساعد بها يوسف ومارية!!
**********************
كانت مارية تمارس الفحص اليومي لحامد فخري والتفتت لترى شخصا مألوفًا ينزل من سيارة أمام البوابة الداخلية اقتربت قليلا لتتأكد وهي تتمتم .....
-" يالهوي دي ماما....."
-" بتقولي حاجة يا مريم؟!"
-" هه لا لا ابدا بعد اذنك انا لازم انزل دلوقتي"
-" بس احنا لسه مخلصناش !!
-" هرجع تاني .. أكيد هرجع تاني!!"
هرولت بسرعة إلى الدرج لتستطيع اللحاق بزوجة والدها قبل أن تقابل شهيرة ولكن سبق السيف العزل وانغلق باب المكتب ورائها ومارية تقف مرتجفة حائرة كيف عرفت نهال بوجودها هاهنا؟ وما الذي جاء بها ؟ بعد لحظات من التردد قررت مارية أن تنزل الدرج وتواجه ما يحدث بالداخل فهي في جميع الحالات خاسرة !!!
اقتربت بخطى حثيثة وهي تفكر في زوجة والدها وما الذي جاء بها إلى هنا وهل ستنهدم كل جهودها هي ويوسف.... يوسف؟؟!! ماذا سيفعل بها اذا كانت هي وزوجة والدها السبب في انهيار الخطة بأكملها وفي تلك اللحظة تذكرت منى.. ياللهول منى بالداخل سينهدم العالم فوق رأسهما معا !! اخذت نفسا عميقًا وخطت خطوة مترددة نحو الباب وقبل أن تضع يدها على المقبض تفاجأت بصراخ شهيرة الهيستيري:
-" افهمك؟؟! افهم ايه ولا ايه يا نهال ؟ افهم انك كنتي اعز اصحابي ورغم كده خونتيني مع جوزي " حاولت نهال مقاطعتها :
-" محصلش بينا اللي انتي متخيلاه"
-" نظرتك لجوزي خيانة، ضحكتك لجوزي خيانة، احساسك بجوزي خيانة، انا مش بلوم عليه لانه زيه زي اي راجل لكن انتي .. انتي صاحبة عمري تعملي فيا كده لا وكمان تاخديه هو وبنتي وتهربي من مصر"
تسمرت يدا مارية وشعرت بضربة مزدوجة في صدرها وعقلها تكاد من قوتها تفتتهما. ماذا يعني ذلك؟! لم يكن لديها الوقت للفهم لان شهيرة أردفت:
-" ٢٠ سنة ٢٠ سنة وانا بالف حوالين نفسي وكل سنة اروح ايطاليا وادور عليها. كل سنة زي اول سنة قلبي بيتحرق عليها كأنك لسه واخدها وماشية بيها دلوقتي حالا"
حاولت نهال التحدث بصوت انخنق بعبراتها:
-" مش انا اللي صممت اخدها"
-" هههههههههههه لا يا شيخة قلبك طيب حقيقي"
-" صدقيني والله انا ربيتها كأنها بنتي بالظبط ومتنسيش ان انا كمان اتحرمت من خالد ابني زيك بالظبط"
-" خالد انتي اللي اخترتي تسيبه لكن انتو خطفتو بنتي مني، وبعدين ما انا كمان ربيت خالد زي ابني بالظبط مع انه ابنك"
قالت جملتها الأخيرة باحتقار واضح
-" انا بس كل اللي طالباه منك انك متقوليش لمارية اني اخدتها منك ارجوكي مش عاوزة صورتي تتهز ف عينيها بعد العمر دا كله"
-" مارية ؟؟ انتو سميتوها مارية؟!! عشان كده مكنتش بلاقيها وتلاقي سامي هو كمان غير اسمه مش كده"
طأطأت نهال رأسها في خنوع لتثبت صحة كلام شهيرة حقا.
فأردفت شهيرة وكأنها تلقي ضرباتها على قدر آلامها طوال تلك السنين:
-" امال هي عرفت منين ان اسمها مريم وجاتلي هنا اصلا ليه يعني هي عارفة اني امها ولا لا؟!
ثم اتجهت بأنظارها نحو منى الجالسة بترقب واضطراب لا تدري ماذا تجيب!!!
-" ما تتفضلي يا مدام منى تجاوبينا على السؤال واضح اوي انك لسه عارفة مريم من قريب !! مريم تعرف ان انا أمها ولا لا؟؟!"
تلعثمت منى في محاولة لترتيب أفكارها أو تضيع الوقت لعل الله ينقذها من حيث لا تدري:
-"م... مارية م... متعرفش ...حاجة"
انتفضت منى واقفة وهي تشير صارخة بفزع نحو الشرفة :
-" مارية ..... مارية"
لم تفهم كلتاهما ماذا تعني منى واعتقدتا انها لازالت على اضطربها ولكنهما نظرا إلى حيث تشير ليجدا مارية تعدو بهيستيريا نحو البوابة الرئيسية.
انتقلت كلا من شهيرة ونهال أمام الشرفة وكأنهما لا يسعهما التفكير ولكن شهيرة استدركت نفسها حين رأت مارية تعدو خارج البوابة الرئيسية وهي تلهث. لتنطلق شهيرة ممسكة بالهاتف متصلة بالأمن الخارجي وهي تصرخ في هلع:
-" الحقوها ..... وقفوا مريم .... اوعوا تخلوها تمشي ارجوكم"
كانت نبرتها على غير عادتها الآمرة فقد كانت نبرتها تلك المرة باكية مترجية وهي تشعر انها تفقد ابنتها للمرة الثانية ولكن هذه المرة أمام عينيها!!!
ليجيبها حارس الامن :
-" دي ركبت تاكسي حالا يا فندم ومشيت"
-" اتصرف خد عربية من العربيات والحقها بسرعة"
-" طب هي عملت حاجة يا فندم ولا..."
-" انت هتقعد تحكي معايا بقولك روح الحقها" خرجت السيدات الثلاث من غرفة المكتب ليجدوا دعاء تقف مندهشة وشهيرة تقترب منها بعينان من نار وتسألها :
-" ايه اللي حصل"
-" م..م .. معرفش يا هانم هي كانت واقفة متسمرة ادام باب المكتب وبعدها طلعت تجري زي المجنونة"
وهنا تدخلت منى :
-" طب بلاش نضيع وقت في الكلام ويالا نلحقها نفهمها، هي متعرفش اماكن كتير في مصر اكيد هتكون روحت ع البيت "
-" طب يالا يالا بينا نروح البيت يالا"
كانت شهيرة تدفعهم دفعًا نحو سيارتها وهي تصرخ في السائق ليظهر بسرعة وتبلغه بوجهتهم.
تحدثت منى بترقب:
-" انا هاتصل بيوسف عشان لو هو قريب من البيت يلحقها قبلنا"
هزت شهيرة رأسها بشدة ونهال تفرك في يديها وتشعر أنها هدمت المعبد فوق رأسها هي أولًا!!
-" الو ايوة يا يوسف انت فين؟!"
-" ايوة يا ماما فيه ايه مارية عمالة تتصل وانتي عمالة تتصلي انا ف مشوار مهم يا ماما فيه ايه ؟!"
-" مارية يا يوسف روح الحقها في البيت بسرعة"
-" مش هينفع يا ماما انا ف اجتماع مهم بخصوص قضيتنا، هو حصل ايه بالظبط؟!"
-" لو كنت رديت عليها كنت عرفت كل حاجة ع العموم لما اشوفك ابقا افهمك بقا"
أغلقت منى الهاتف بسرعة وهي لا تعلم بم تخبرهم :
-" ان شاء الله هنوصلها ان شاء الله هي متعرفش تروح اي حتة لوحدها متقلقوش"
*******************
في مكتب مدير المخابرات
-" يااااه يا يوسف يعني الساعة معاك طول الوقت دا وانت مش حاسس؟'!
-" منا قولت لحضرتك يا فندم مارية قلعتها لسيادة السفير وهي بتنقذه وشالتها ونسيت الموضوع دا خالص ولاني انا كمان مقولتلهاش اننا بندور على الساعة دي فللاسف ملقينهاش الا بالصدفة لما كنت بدور على حاجة وهي افتكرت ساعتها واستنيت حضرتك لحد ما رجعت من السفر عشان حضرتك عارف الموضوع دا سري اد ايه"
هز مدير المخابرات رأسه ليوسف ثم سمعا طرقات على الباب فأذن بالدخول للضابط الذي كان يحمل مظروفًا صغيرًا مقفل بإحكام وسلمه لحاتم باشا الذي فتح المطروف من فور خروج الضابط ثم عقد حاجبيه ليتساءل يوسف:
-" فيه ايه يافندم مقدروش يحددوا موقع التيلفون عن طريق الساعة الذكية ولا ايه؟"
بترقب تحدث مدير المخابرات ببطء:
-" لا يا يوسف لقوه!!"
هز يوسف رأسه منتظرا أيا لإكمال جملته فاستطرد قائلًا:
-" العنوان اللي فيه التيلفون ..... في بيتك يا يوسف" عقد يوسف حاجبيه مستفهما:
-" في بيتي ازاي يعني يا فندم ؟!"
-" زي الناس !! انا اللي محتاج افهم بقا دلوقتي حالا الكلام دا يعني ايه، انا وانت متأكدين كويس ان التيلفون دا كان مع العصابة ازاي وصل بيتك يا يوسف وازاي انت متعرفش حاجة عن الموضوع دا ؟؟؟؟؟"
هب يوسف واقفًا :
-" ساعة واحدة يافندم والتيلفون هيكون عندك"
استوقفه مدير المخابرات بحزم:
-" واللي معاه التيلفون كمان هيكون عندي"
فرك يوسف أصابعه وقبل ان يجيب سمع كلاهما طرقات متعجلة على الباب وبعد الاذن دلف ذات الضابط وهو يتحدث بتوتر:
-" التيلفون بيتحرك يا فندم لأول مرة من ٤شهور تقريبا"
حاتم :
-" معنى كده ان اللي واخده عرف اننا وصلناله ولا ايه؟!"
-" لا يا فندم ماظنش انه عرف لاننا لسه لغاية دلوقتي قادرين نوصله ونتتبعه عن طريق الساعة لو اللي واخده عارف اننا وصلنا اكيد كان هيلغي ارتباط الساعة بالموبايل على طول"
-" طب خليك وراه وشوف هيوصل لحد فين وانت يا يوسف تعالى اقعد هنا لحد ما نشوف هيوصل لفين معنى كده ان التيلفون اتحرك من البيت مش كده؟!"
هز يوسف رأسه مصدومًا ثم استأذن ليحادث والدته بالخارج مرة اخرى
-" ايوة يا ماما هو فيه ايه مارية راحت البيت دلوقتي ليه ومشيت منه ليه؟ فيه ايه فهميني!!"
-" دا موضوع طويل اوي يا يوسف هو انت روحت البيت لحقت؟!"
-" لا يا ماما انا مروحتش ومش هاروح دلوقتي خالص"
-" امال انت عرفت منين انها..."
قاطعها قائلًا:
-" مش وقته دلوقتي يا ماما لو سمعتي اي خبر او معلومة عنها تقوليلي ماشي"
-" حاضر يا يوسف حاضر هاطمنك"
زفر يوسف وهو يشعر بسكين حاد ينغرز في صدره !!
مارية !! تلك البريئة الحالمة ذات العيون التي تجعله يتيه لا يعلم مكانه أو زمانه تكون هي نفسها احد اطراف العصابة التي يبحث عنها بنفسه !! وتواترت الاحداث أمامه ( وجودها في مكان الحادث ، لهفتها للمجيئ إلى مصر، تآلف الضابط الخائن معها وكأنه يحول التودد إليها بما أنهما سويا في نفس الكفة، وجود الساعة معها ثم الهاتف الذي يفترض ان يحدد مكان تواجد رئيس تلك العصابة أو حتى أحد افرادها!!!! ) كل ذلك جعل عقله يكاد ينفجر. لا يريد ان يصدق او يربط تلك الاحداث ببعضها البعض ولكن كل الشواهد تشير بإدانتها وكذبها وتمثيلها هل كان حبها له هو الآخر جزء من تلك التمثيلية المقززة!!"
دلف الضابط مرة أخرى ودلف وراءه يوسف ليخبرهم الضابط أن الهاتف قد تحدد موقعه في إحدى الفنادق الشهيرة. فسأله حاتم باشا:
-" هو انتو متقدروش تطلعوا الفولدر اللي فيه الاسماء بتاعت ولاد ال.. دول "
-" هو احنا نقدر يافندم بس دا هيستدعي اننا نفتح التيلفون ودي مغامرة لان لو التيلفون اتفتح ممكن اللي معاه التيلفون يمسح كل حاجة عليه قبل ما نلحق ننسخه عندنا هنا"
حرك مدير المخابرات سبابته امام فمه وهو يفكر بعمق:
-" مقدمناش حل تاني انا خايف البنت دي تعمل اي حاجة في التيلفون"
-" يافندم الايفون دا مرتبط بالقمر الصناعي عشان كده احنا بنعرف نوصله حتى لو مقفول وبقول لحضرتك انه ماتفتحش ولا اتحرك من مكانه من حوالي ٤ شهور و١٣ يوم بالظبط فمظنش ان اللي معاه التيلفون هيفتحه دلوقتي يعني متقلقش يافندم احنا كلنا هنا خبراء وان شاء الله هنوصل للمعلومات كلها"
يوسف: -" ثانية واحدة احنا وصلنا هنا بالظبط من ٤ شهور و ٩ ايام يعني التيلفون كان مقفول من قبل ما نوصل هنا اصلا "
الضابط -" ايوة دا صحيح التيلفون كان مفتوح من ٥ ايام قبل تاريخ وصولكم وكمان الموقع كان في امريكا في عدة مناطق ممكن اجيب لحضرتك قائمة بالمناطق دي "
يوسف -" اه ياريت "
اخذ الضابط الاذن بفعل ذلك بإشارة من حاتم باشا ثم أدى التحية وانصرف.
-" هي كده ممكن تكون متعرفش حاجة عن التيلفون على فكرة لان لو التيلفون والساعة كانوا معاها كل الوقت دا كانت تقدر بكل سهولة تفتحهم وتمسح الفولدر من عليهم نهائي وحضرتك عارف اي حاجة بتتمسح من الايفون عمرها ما هترجع تاني"
-" قصدك تقول اننا لو لقينا الفولدر تبقا هي بريئة يعني!! مش شايف ان مشاعرك متحكمة فيك زيادة عن اللزوم ولا ايه وتفسر بأيه وجودهم معاها من أصله؟!!"
زادت حدة صوت مدير المخابرات في جملته الأخيرة وهو ينظر ليوسف بغضب لمجرد تفكيره في هذا.
ثم أردف :
-" ع العموم هنشوف هنشوف كل شئ هيبان دلوقتي " ثم رفع سماعة الهاتف وهو يعطي الأمر بحزم:
-" حضر قوة خاصة هنتحرك بعد ١٠ دقايق"
ثم أشار ليوسف :
-" انت هتروح مع سيادة العقيد ابو الوفا بنفسك"
هز يوسف رأسه وهو يغمض عينيه لايستطيع تخيل هذا الموقف الذي وضع فيه وكيف سيواجه نفسه او يواجهها !!!
بعد ١٠ دقائق بالثانية كانت القوة تتمركز حول الفندق بسلاسة وآخرون يقومون بتأمين الدور الذي تتواجد به مارية، وآخرون يرافقون العقيد ويوسف أمام باب غرفتها بالضبط".
طرقات قوية حازمة ارعدت مارية وأخرجتها من شتاتها وبكائها الحاد. نهضت بتثاقل وهي تعتقد انها خدمة الغرف ثم اندهشت لتجد يوسف أمامها ينظر لها نظرات غريبة !! هل علم ما حدث هل روت له منى كل شئ!! هل جاء ليأخذ بيدها ويرافقها في ذلك الموقف العصيب!! هل سيقول لها في النهاية انه يحبها وانه سيكون معها للنهاية بغض النظر عن ابنة من تكون !!!
كان يوسف متسمرًا أمام الباب منتظرا أن يرى وجها غير الذي يتوقعه وأن يكون كل ذلك مجرد خطأ او تصادف، كان يشعر أنه سيرى الآن الوجه الآخر لمارية المهربة مارية الشيطانة ولكن هاله ما رأى حين فتحت الباب بتلك العينان المتورمتان وذلك الانف الحمر وتلك الشفتان القرمزيتان المنتفختان من أثر البكاء. شعر بقلبه يرق لها ويذوب لمنظرها المتألم هكذا هل عساها ندمت على ما فعلت وقررت الاعتراف له بالحقيقة ولكن بعد فوات الأوان !!! هل تحبه حقا ولذلك تبكي انها خدعته !!! لم يمنع نفسه من احتضانها حين ألقت بنفسها في صدره العريض وهي تجهش بالبكاء :
-" مش هتصدق يا يوسف اللي حصل بجد مش هتصدق"
-" أنا فعلا مش مصدق يا مارية حقيقي مش مصدق"
رفعت رأسها لتتلاقى عيناها بعيناه مستغربة نبرة صوته ولأول مرة تلحظ هؤلاء الاشخاص الواقفين بجانبه والذي تقدم احدهم وهو يزيحها عن يوسف ويعطي الأمر للباقين:
-" ادخل يابني فتش هنا متسبش فتفوتة لحد ما تلاقوا التيلفون"
نظرت حولها بعدم فهم ثم عادت بنظراتها ليوسف مرة أخرى وهي تقول:
-" تيلفوني اهو يا يوسف هما عاوزينه ليه؟"
مازالت تدعي البراءة!! ابتسم يوسف هازئًا ولم يجبها فسألت الضابط الذي أمر بالتفتيش :
-" حضرتك مين وتيلفون ايه دا اللي عاوزينه؟!"
لم يجبها الضابط هو الآخر ثم أخيرًا أخرج أحد الافراد هاتف حديث للغاية من جيب سري في حقيبة سفرها التي أتت بها من الولايات المتحدة والذي اضطر إلى تمزيقها ليصل إليه مسلمًا أياه للشخص الذي أمر بالتفتيش.
نظرت ليوسف عله يفسر لها ما يحدث، ولكن الضابط لم يدع لها فرصة للسؤال وهو يشير لأعوانه إليها
فمنعهم يوسف قائلًا: -" محدش يلمسها انا اللي هاخدها بنفسي" ثم أمسك ذراعها بقوة متحاشيًا النظر في عينيها.
نظرت له ومازال احمرار وجهها الملائكي لم يفارقها :
-" تاخدني فين يا يوسف هو فيه ايه؟؟ فهمني"
أجابها الضابط باستهزاء من احكام تمثيلها عليهما :
-" انتي مقبوض عليكي يا آنسة"
