رواية سارقة الهوي الفصل الرابع 4بقلم مني السيد

             

رواية سارقة الهوي

الفصل الرابع 4

بقلم مني السيد



أمضت مارية يوم الجمعة مع أحبائها ككل أسبوع وفي اليوم التالي تذكرت موعدها مع السيدة اللطيفة في المتجر وهي تضرب رأسها بيدها

_" ياااااه دنا كنت هانسى المعاد دا خاااالص بس بطني فكرتني امممم والله حاسة بطعم الكابوريا ف لساني" 

ونهضت مسرعة تنظر ف الساعة وترتدي ملابسها بسرعة فقد تأخرت للغاية ولكنها ستحاول الإسراع وتستقل الموتوسيكل فالسيارة ستشغلها كثيرا!!

كانت تدلف إلى بوابة الماركت الكبير وهي تلهث فهي تعلم أنها تأخرت كثيرا وأخذت تبحث عن المكان المتفق عليه واخيرا وجدته ولكن وياللأسف لم تكن السيدة اللطيفة موجودة. فكرت مارية وهي آسفة على ما حدث 

_(ياترى هي جت ومشيت ولا نسيت ومجتش من أصله) 

تهدلت كتفا مارية وهي تشعر بالخيبة حين شعرت بمن يضع يده على إحدى كتفيها 

_" دا انتي مواعيدك بايظة خالص" 

التفتت مارية بسرعة والفرحة تظهر جلية على وجهها 

_" ااااها انا آسفة جدا والله اني خليتك تستني كل دا معلش forgive me"

أسرعت منى بالقول وهي تضحك

_"لا بقولك ايه انا مش عاوزة اسمع ولا كلمة انجليزي . عربي وبس اتفقنا؟؟!"

قهقهت مارية قائلة :

" حسنا يا عزيزتي سأتحدث العربية طوال الوقت" 

ضحكت منى وهي تشعر بحب تلك الفتاة ينغرس في قلبها غرسا 

_" يابنتي بقولك مصري مصري مش ترجمة أنيس عبيد" 

_" مين أنيس عبيد دا يا ...." وبعد لحظة تفكير أردفت مارية

_" هو صحيح تحبي اقولك يا ايه يعني اقولك اسمك منى كده عادي ولا طنط وكده زي المصريين؟" 

_" اللي يريحك يا حبيبتي اللي تحبي تقوليه قوليه "

_" خلاص انا هقولك يامنمن ايه رأيك واهي تبقا حل وسط" 

ربتت منى على كتفها في حنو 

_" حلوة منك يا مارية يا قمر انتي" ثم أردفت 

_" يالا بقا بسرعة عشان الكابوريا بتنادي وتقول كلونييييي" ضحكت مارية ملئ فيها وتوجهتا للخارج وتوقفت منى أمام سيارتها فتحدثت مارية 

_" بصي انا جيت بالموتوسيكل بتاعي اركبي انتي عربيتك وانا هاجي وراكي على طول "

أجابت منى :

_ " اوكيه" 

حذرتها مارية بأصبعها وهي تضحك

_" لاااا كده عمو أنيس عبده يزعل منك"

_" عبده مين بس يا بنتي اسمه عبيد انتي غيرتي التراث خالص"

وانطلقت منى بسيارتها ومارية بموتورها إلى أن وصلتا إلى منزل منى وضربات قلب مارية ترجف حين تعرفت على المنزل على الفور . فهي قد تسلقت سياج هذا المنزل منذ أيام قليلة!! 

وبهدوء حاولت التحكم في نبرات صوتها المرتعدة 

_" انتي قولتيلي أن عندك ابن مش كده وحتى قولتيلي الناس بينادوه ب...."

_" چو...

كانت مارية تتمنى ألا تلفظ منى هذا الاسم ولكن تلك اللكمة التي تلقتها من قلبها لصدرها أكدت لها أن ما سمعته حقيقيا.

أستطردت منى 

_" بس هو اسمه يوسف حبيبي ، محدش بيقوله يوسف غيري. ويا خسارة مش هيبقى موجود النهاردة عشان عنده شغل. كان نفسي اعرفك عليه اوي"

هدّأت مارية من روعها حين علمت أنه ليس بالداخل وحاولت الثبات وابتسمت ابتسامة مرتجفة وهي تدلف إلى داخل المنزل الذي كانت تعبث في حديقته منذ بضعة أيام ودفعها فضولها للدخول. 

كان البيت دافئا مريحا ليس دفئا حسيا ولكن معنويا أيضا. شعرت بالراحة فور دخولها إليه 

وأسرعت منى تقول

_" بصي اعتبري البيت بيتك انا هادخل اغير هدومي وندخل ع المطبخ على طول ماشي؟

أغمضت مارية عينيها وهي تهز رأسها مؤكدة لمنى

_" لا متقلقيش انا already اعتبرته بيتي خلاص" 

رفعت منى صوتها وهي تصعد للطابق العلوي

-" هاااا هاقول لعمو أنيس" 

ضحكت مارية من قلبها 

_" لا لا خلاص حرمت يا باشا"

أخذت مارية تتجول في المنزل وهي ترى صورا كثيرة لمنى وابنها 'يوسف' وأمسكت إحدى تلك الصور بيدها وهي تتأملهما ....

منى اللطيفة تحتضن ابنها بحنو وهو يضحك من قلبه ويلف يده حولها كطفل مازال متعلقا بأمه.

_" شوفتي يوسف حبيبي قمر ازاي؟"

ارتبكت مارية فهو بالفعل وسيم ولكن هيبته ووقاره يشكلان لها عائق نفسي تجاهه، ومعرفته بما تفعل يشكل عائقا أكبر.... قاطعت منى أفكارها وهي تقول

_"بقولك ايه انتي مش هينفع تعملي الاكل وتاكلي باللبس دا هتبقا ريحتك فظيعة ومامتك هاتففش انك اكلتي كابوريا على طول" 

فكرت مارية وهي لم تستطع فهم كلمة (تقفش) ولكنها فهمت معناها من سياق الكلام ثم تحدثت:

_" أيوة بس انا مش معايا لبس تاني"

_" تعالي معايا ادورلك في دولابي على حاجة تيجي مقاسك بس انتي رفيعة اوي مظنش هلاقي بس نجرب" 

دلفت مارية إلى حجرة منى وهي ترى صور يوسف مرة أخرى إلى جانب الكومود وهذه المرة صورة رائعة بحق لم تستطع مارية إشاحة النظر عنها مستغلة إنشغال منى في البحث عن ملابس تناسبها. وتحدثت منى بأمل

_" هه أخيرا لقيت حاجة بصي هي قديمة شوية بس دي ارفع مقاس ممكن تلاقيه عندي" 

ضحكت مارية وهي تنظر للملابس التي بيدها _" طب ايه رأيك أنها هتبقا تحفة عليا كأني لابسة over size عادي"

_" هاعديلك اوفر سايز دي ومش هنحسبها, انا هاسيبك تغيري وابقي حصليني ع المطبخ"

اومأت لها مارية وأغلقت الباب خلفها وسرحت انظارها نحو الصورة مرة أخرى وكالعادة ودون أن تستطيع المقاومة التقطت الصورة بسرعة ودستها في حقيبتها. واستنشقت نفسا عميقا ككل مرة تفعل فيها ذلك!!!

نزلت مارية الدرج بحماس لتلحق بمنى وتساعدها في عمل الطعام وهي تشعر بالذنب أنه حتى منى لم تسلم من يدها وهي في داخل بيتها!! كم تتمنى لو تتخلص من ذلك الهوس الذي لا تستطيع مقاومته .

بدأتا في تحضير الطعام وتحدثت مارية 

_" دي وليمة يا منمن مش أكلة كابوريا ايه دا كله!! سمك وجمبري انا مقدرش ع الكلام دا"

_" قولتلك قبل كده أن احنا اسكندرانية يعني لازم نعزموكي على أكلة سمك محترمة يا شابة" قالت جملتها الأخيرة بطريقة ريّا وسكينة وهي توسع عينيها وتمسك بالسكينة في يدها. ضحكت مارية من قلبها 

_" بصي يا منمن انا اكيد عارفة حكاية ريّا وسكينة وشوفت الافلام عليهم بس بجد اديكي اوسكار في تمثيلها انا خوفت بجد" وأخذت تصفق لها بيدها في إعجاب وهي تضحك من قلبها!!

بعد أن انتهت من الطعام نهضت مارية وهي تساعد منى في التنظيف

_" انا ممكن اقعد سنتين ماكلش تاني ياااه دحنا بقالنا اكتر من ساعة عمالين ناكل" 

أجابتها منى 

_" بالهنا والشفا يا حبيبتي المهم يكون الأكل عجبك"

_"يعني قاعدة آكل من كل صنف شوية بقالي ساعة وتقولي عجبك دنا هاقدم على لجوء عندك هنا " 

قهقهت منى : 

_" ياريت والله يا مارية انا زي ما انتي شايفة طول الوقت قاعدة لوحدي"

_" خلاص يا منمن هبقا اعدي عليكي من وقت التاني كل شوية ،ايه رأيك" 

_" ياريت بجد يا مارية ايه رأيك تعدي السبت الجاي ؟؟!" 

_" هحاول بس لسه مش عارفة ظروفي ايه، انا هطلع فوق اغسل وشي واغير هدومي عشان الوقت هيتأخر اوي كده" 

_" طيب يا حبيبتي اتفضلي" 

صعدت مارية للغرفة العلوية تبدل ملابسها وانشغلت منى بوضع الصحون في غسالة الاطباق وسمعت يوسف يغلق الباب ويناديها بخفة 

_" ماما يا ماما انتي فين يا حبيبتي" اعتدلت منى حتى يراها يوسف عبر المطبخ المفتوح على باقي أرجاء المنزل

_" انا هنا يا حبيبي في المطبخ"

_" اممممم شامم ريحة اسكندرية من هنا ،امال فين ضيفتك اللذيذة مشيت ولا ايه" 

_" لا يا حبيبي بتغير هدومها ف اوضتي" رفع يوسف حاجبيه دهشة واستند على المنضدة العالية بكوعه ليقف نصف وقفة

_" وكمان دخلتيها اوضتك لا لا انا مش مصدق دانتو اخدتو على بعض خالص بقا" 

_" أيوة فعلا هي بنت حبوبة اوي دلوقتي تشوفها" لم تكد منى تنهي جملتها حتى التفت الاثنان ناحية الدرج على صوت وقع خطوات مارية التي تنزل بسرعة وخفة كطفلة صغيرة تلهو، ولكنها توقفت في منتصف الدرج حين رأته.....

واعتدل هو واقفا يشعر أن قلبه أسقط ضربه من ضرباته حين رآها ولا يعلم سببا لذلك.. أم تراه سيعلم؟!!

ارتبكت مارية وحاولت الحفاظ على هدوئها فلا مفر تلك المرة من رؤيته ولابد أن يتعرف عليها تلك المرة أو قد يحالفها الحظ ولا يتذكرها أبدا!!!

مد لها يوسف يدها مصافحا 

_" هاي ازيك يا..."

أسرعت منى تجيب 

_" مارية اسمها مارية" 

ردد يوسف مرة أخرى 

_" مارية !! يعني مش ميلسا مثلا" 

عقدت الأم حاجبيها وهي لا تفهم شيئا في حين ارتجفت أوصال مارية لقد تذكرها بالفعل من الحفلة ترى هل يتذكرها من قبل ذلك ؟؟! 

ومن بين نظراتهما التي تأكل بعضها، يوسف بنظراته التي ترشقها كالأسهم ومارية بنظراتها كالقطة المتحفزة. تدخلت منى تقطع حبل تلك النظرات الغريبة 

_" هو انتو شوفتوا بعض قبل كده؟؟!"

أجاب يوسف بثقة 

" يعني تقدري تقولي شوفتها على مراحل مش كلها على بعضها مرة واحدة زي دلوقتي كده "

كانت أعصاب مارية بدأت في الانهيار بالرغم من ثبات وجمود شكلها الخارجي فأسرعت تتخلص من هذا التوتر

_' أنا آسفة جدا بس لازم امشي الوقت اتأخر وفرصة سعيدة مستر يوسف"

أومأ لها يوسف بابتسامة جانبية وهو يهز رأسه ببطء ويشير لها إلى الباب الذي ما إن رأته مارية أسرعت تهرول إليه وتفتحه ناسية حقيبتها وما تحتويه !!

بعد أن تأكد من خروجها التفت إلى والدته وقال بحزم : 

_" البنت دي متجيش هنا تاني" 

نظرت إليه والدته بعدم تصديق 

_" ايه اللي انت بتقوله دا يا يوسف البنت كويسة ولطيفة جدا وانا حبيتها انت ازاي تقول كده" 

_" انا عارف أنا بقولك ايه ، من فضلك يا ماما متخليهاش تيجي هنا تاني" قالها وتوجه ناحية حقيبتها التي نسيتها يفتحها 

_" لاااا انت اتجننت خالص كل دا عشان فاكرني هاجوزهالك ؟!! خلاص مش هخليك تشوفها تاني وملكش دعوة بيها خالص بس سيبها تيجي انا ما صدقت لقيت حد كويس اتعرف عليه وبعدين ايه اللي انت بتعمله دا عيب اوي كده انت ازاي تفتش ف شنتطها كده؟"

انتفخت اوداجه حين رأي صورته في حقيبتها وتأكد من أنها تلك السارقة الهزيلة التي جعلته يشعر كالأحمق فأخرج هويتها بسرعة يتأكد من اسمها ومعلوماتها وهو يرفع صوته بشدة هذه المرة 

_" انا قولت البنت دي متجيش هنا تاني يعني متجيش هنا تاني" 

وقبل أن تجيب والدته أو تعترض سمع الأثنان رنين جرس الباب وكلاهما يعلم من الطارق أو بالأحرى الطارقة !!!!


                  الفصل الخامس من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا 

تعليقات



<>