رواية سارقة الهوي
الفصل الثامن والثلاثون 38
بقلم مني السيد
كانت مارية تشحذ أنفاسها من بين جنبات صدرها المثقل بأحداث لم تقو على فهمها بعد !! وتساءلت وكأنها تحدث نفسها لا الطبيب :
-" يعني انا ممكن دلوقتي اخرج وامشي!!"
-" ايوة يا آنسة مريم انتي بقيتي كويسة وصحتك تمام تقدري تروحي اي وقت وانا هاخرج أبلغهم برا بده"
استوقفته مارية بلهفة :
-" لا يا دكتور متبلغش حد انا هاخرج لوحدي "
-" ازاي بس لازم حد معاكي يوصلك!!"
-" هو مش حضرتك بتقول ان انا تمام خلاص من فضلك اديني التحاليل وانا هبقا اراجعها لما افوق شوية بس انا لازم اخرج لوحدي لو سمحت "
-" خلاص اللي يريحك بس هاجيبلك شوية ورق تمضي عليه قبل ما تخرجي خاص بالاجراءات بس مش اكتر"
-" اوكيه تمام ولو سمحت انا عاوزة تيلفوني !! "
-" حاضر هاخلي الممرضة تجيبهولك مع بقية حاجتك وهدومك "
ارتدت مارية ملابسها بسرعة وقررت الخروج بأقصى سرعة متوجهة إلى حاتم باشا شخصيًا وهي تجاهد حتى تخرج دون أن يكتشفها أحد!!
***********
خارج المكتب كانت مارية تنتظر الإذن بالدخول بعد أن عرّفت عن نفسها وسُمِح لها بالدخول بعد دقائق معدودة
-" مساء الخير يافندم انا عارفة اني بتعدى حدودي لكن مفيش في ايدي حاجة اعملها غير اني آجي لحضرتك، أولا لأني مش عارفة انا مقبوض عليا ولا ايه ؟!! ثانيًا عشان افهم ايه الموضوع بالظبط!!"
تنهد مدير المخابرات استعدادًا لوقع الكلمات التي سيقولها عليها :
-" مبدئيًا انتي مش مقبوض عليكي ولا حاجة ، دا كان إجراء من ضمن العملية بتاعتنا وتم على خير الحمد لله"
رفعت مارية إحدى حاجبيها مستنكرة :
-" وهو مش المفروض اني اكون على علم بالإجراءات دي ولا ايه"
-" مش كل حاجة كل حد بيعرفها!!"
-" يعني .... يعني يوسف كان عارف انه بيقبض عليا بجد ولا مش عارف؟؟؟!"
-" هو انتي مشغلش بالك اني بقولك ان المهمة تمت على خير خلاص مجاش في بالك تسألي مين أعضاء العصابة المتورطين هنا في مصر ومين رؤساء الشبكة دي"
هزت رأسها بعدم استيعاب وكأن الأمر لا يعنيها، ثم قالت أخيرا وهي تزفر بنفاذ صبر:
-" اكيد الظابط رأفت دا منهم وكمان ايمن صاحبه دا وأكيد كمان انا مش هعرف الرؤساء اللي ف امريكا انا كل شغلي كان هنا !!!"
-" لا للأسف انتي تعرفيهم !! وتعرفيهم معرفة قوية كمان !!"
عقدت حاجبيها محاولة الفهم :
-" اعرفهم ازاي انا اصلا علاقتي في امريكا محدودة جدا هما زمايلي في المستشفي ودول علاقتي بيهم سطحية وشوية معارف من بعيد وحتى مليش قرايب غير ابويا و..."
ترددت قليلا قبل أن تتحدث عن نهال ثم أكملت :
-" ومراته"
فتح مدير المخابرات يديه على المكتب وكأنما وصلت للب الموضوع وهي مازالت غير مدركه لما يريد أن يقول تحديدًا:
-" مش فاهمة بردو قصد حضرتك مين بالظبط"
-" انا عارف ان الموضوع صعب عليكي من الناحيتين "
-" ناحيتين ايه بالظبط انا مش فاهمة حاجة حضرتك تقصد ايه أو مين بالظبط؟!"
-" يا دكتورة مارية والدك هو العقل المدبر للعملية دي وعمليات كتير قبلها وهو اعترف ودلوقتي موجود في سراي النيابة بيحققوا معاه"
رمشت بعينيها عدة مرات وكأنما ترفض دخول تلك المعلومات عبر عقلها :
-" انت بتقول ايييييه؟؟! .... بابا ... با.. ازاااي يعني ؟؟ طب ال list ( الكشف) اللي كان موجود فيه اسماء الناس اللي كان في الساعة موجود فيه اسم بابا يعني؟؟ انت بتقول ايييييه؟!" ازاااي الكلام دا؟؟؟!!!!!
تحدث حاتم باشا بحزم قائلا :
-" اتمنى انك تهدي شوية وتراجعي اللي حصل بعقلك وتشوفي الموبايل اللي لقيناه في شنطتك دا لقيناه ازاي، وازاي باباكي كان دايما يسأل على الشنطة دي باستمرار وانتي هترتبي كل حاجة في دماغك صح"
-" الشنطة!! والموبايل !! بابا؟؟؟! انتو .. انتو كنتو بتراقبوا تيلفوني ومكالماتي؟!
-" دا شئ مفروغ منه يا دكتورة !!"
-" يعني بابا اسمه في ال list؟؟
-" أول اسم"
لم تقو على النهوض ولكنها شعرت انها بالفعل سقطت .. سقطت في بئر عميق مظلم ضيق تفوح منه رائحة العطن والتراب المبلل تحاول التشبث بأي شئ حولها تمسك به ولكن جسدها يتهاوى دون ارادتها في ذاك البئر الذي يكاد يتهالك فيشاركها الإنهيار ويقبرها داخله !!
بعد عدة دقائق من الصمت استجمعت مارية نفسها وأفكارها ثم سألت سؤالها الأخير :
-" مسموح ليا إني اسافر؟!"
-" اكيد مينفعش تسافري قبل ما القضية تتقفل تماما وتشهدي فيها بنفسك وتتقفل نهائيًا"
-" اشهد!! على والدي!!"
لم تنتظر إجابته ونهضت بروية كطيف شبح يمشي على الماء!!!
**********************
كان أول ما استقر عليه عقلها حين بدأ يعمل أنها ولابد أن تذهب لتأخذ أشيائها من بيت يوسف ... يوسف !!! ... هل علم كل ذلك!! هل علم بأمر والدها !! ........... ووالدتيها !!
ما هذا الذي تكابده ؟! يكاد عقلها يصرخ داخل جمجمتها ( لا أقوى على كل ذلك لم أعد اتحمل!!)
ولكنها قررت التصرف بسرعة قبل أن يكتشف أحد انها خرجت بمفردها و يعود الجميع للمنزل !!
في حجرتها بمنزل يوسف ظلت تنظر للجدران وتتذكر حين وقف يوسف هاهنا ينظر لها في حنان .. وها هنا حين قال لها في مرة (ياحبيبتي) ، وها هنا حين ضمها إليه، وها هنا حين ظلت تفكر به.... وها هنا وها هنا !!!!
نظرت لباب الحجرة... ذاك الباب الذي كانت تشعر أنه سدا منيعا يفصل بينهما ، لكن هيهات.. فالآن تَحُول بينهما كل الأبواب وكل السدود التي صارت كجبل صامد لا يبدو أنه سينهار!!!
حاولت لملمة آخر أشيائها بسرعة ولكنها سمعت صوت باب الشقة يُغلق وصوته المحبب يقول:
-" انا مش عارف المجنونة دي ازاي تخرج لوحدها كده، حتى لو كانت مش تعبانة ازاي تسيبنا من غير ولا كلمة كده؟!"
-" معلش با يوسف اعذرها هي دلوقتي اكيد اعصابها تعبانة تلاقيها هتروح اي فندق شوية وبعدين تكلمنا"
-" وانا مش هاستنى لحد ما تكلمنا ومش هاستنى حد يساعدني اني الاقيها انا هنزل ادور عليها بنفسي "
ومن خلف الجدران ايضا سمعت والدته تهرول خلفه :
-" استنى هنا يا يوسف تدور فين !! وبعدين كفاية اللي هي فيه دلوقتي وموضوع مامتها ونهال اللي اكتشفته دا والله أعلم كمان عرفت موضوع ابوها ولا لا يعني هتلاقيها مش طايقة تبص ف وش حد!"
-" ماهو عشان كده يا ماما لازم الاقيها انتي مش شايفة الدنيا عمالة تعمل فيها ايه!!"
-" انا معاك يا يوسف ان موقفها صعب ويهد جبل لكن انت محتاج تفهم ان اللي ف دماغك دا مبقاش ينفع خلاص!!"
قبضت مارية على حقيبتها بقوة كقبضة قلبها في صدرها وهي تترقب الكلمات القادمة من منى !!
-" قصدك ايه يا ماما؟!"
-" قصدي يا يوسف ان مارية مبقتش تنفعك خلاص وجودها ف حياتك هيخسرك شغلك اللي فضلت تبني فيه سنين وسنين وتتغرب من هنا لهنا عشان توصل للي انت فيه دلوقتي دا!! دا غير كمان ان اكيد بعد العملية دي انت هتترقى مش بعيد تكون قنصل ولا سفير وانت عارف القنصل والسفير لازم سجل عيلته كلها يبقا عامل ازاي اظن فهمتني!!"
تهدلت كتفا مارية وكأن كلمات منى كانت هي القشة التي قصمت ظهر البعير!! وزادت أحمالها وأوجاعها وجعًا آخر!!
لم تعد تشعر بشئ فقط فراغ ... فراغ في عقلها ونفسها ... فقط قلبها الملئ بحب كل من خذلوها !!
تحدث يوسف بحزم:
-" الكلام دا مش وقته خالص يا ماما انا لازم اكون جنبها دلوقتي احنا الاتنين لازم نكون جنبها دي ملهاش غيرنا انا هنزل ادور عليها لحد ما اجيبها ولو جت هنا بلغيني على طول"
وسمعته مارية يصفق الباب خلفه.
ظلت مترددة أتخرج لتقف أمام منى الحبيبة بعد كلماتها الصادمة !! أم تظل قابعة في مكانها إلى أن تجد الفرصة وتتلصص خارجة !!
استجمعت شجاعتها وقررت الخروج فعلى كل حال يبدو من الهدوء المخيم على المكان أن منى دلفت إلى حجرتها !
فتحت مقبض الباب بحذر وهي تتمسك بآخر حقيبة لها في هذا المنزل الحبيب وكأنها آخر عهدها بهذا المنزل تودع كل ركن منه وكأنما تريد أن تلمس الحوائط والأثاث حقا بيديها !!
ما إن خرجت مارية حتى وجدت منى تجلس على إحدى المقاعد وهي تمسك رأسها المنحني بكلتا يديها وانتبهت لها الأخيرة على الفور حين انفتح باب حجرتها وتحدثت بصدمة ودموعها مازالت على خديها :
-" م.. مارية .. انتي كنتي هنا ؟؟"
هزت مارية رأسها بوهن وملامحها يغلفها البرود الكاذب وكأنما فرغ وجهها من التعابير ايضا !!
أردفت منى بأسف واضح:
-" مارية أنا عارفة اللي انتي فيه والله بس اصل ... "
رفعت مارية إحدى يديها امام وجه منى لتتوقف عن التبرير وكأنما ترفع عنها الحرج وهي تقول:
-" انا متفهمة احساسك يا منى وعارفة ان عندك حق انا مش زعلانة "
-" يا مارية انا حقيقي آسفة مكنتش اتمنى انك تسمعي كلامي دا انتي عارفة انا بحبك أد ايه لكن .. "
-" عارفة يامنى انتي بتحبيني اد ايه ! لكن أكيد مش أد يوسف وانا مقدرش ألومك على حاجة زي دي"
صمتت قليلا لتبتلع الغصة في حلقها :
-" ربنا يوفقه "
ثم استدارت مسرعة نحو الباب فاستوقفتها منى منادية بلهفة حزينة:
-" مارية"
التفتت الأخيرة ببطء كمن غُرزت في صدره سكين ولا يستطيع التحرك بهذا الجرح الدامي.
أسرعت إليها منى تحتضنها بدموع صادقة :
-" سامحيني يامارية ارجوكي سامحيني "
ربتت مارية على ظهر منى بجمود ؛ وبيد واحدة فقط ولم تتخلى يدها الأخرى عن حقيبتها وكأن تلك الحقيبة هي الشئ الوحيد الذي لها في الحياة ... فلا أب... لا أم... ولا صديقة كمنى ... ولا حتى يوسف!!!!
استطردت منى بصدق :
-" طب ممكن تطمنيني عليكي وتقوليلي انتي رايحة فين ؟؟"
ابتسمت مارية ابتسامة باهتة:
-" حقيقي يا منى انا مش عارفة انا هاروح فين دلوقتي وبصراحة انا شايفة أنه من الأفضل محدش يعرف لمصلحتي و...."
ترددت قليلا ثم أردفت:
-" ولمصلحت... كم"
ثم فتحت الباب بسرعة وفرت قبل أن ينغرز السكين في قلبها أكثر من ذلك !!
*******************************
كان يوسف يبحث في كل الأماكن والفنادق التي يتوقع أن تنزل بها مارية بعد أن أجرى اتصالا مع حاتم بيه وعلم بزيارة مارية له مما زاد الأمر سوءًا هي الآن بحاجته أكثر من أي وقت مضى !! هي الآن بحاجة لصدره ليستقبلها فيه بترحاب .. بحاجة ليديه تمسد لها شعرها وتطمئنها انه معها وأنه لها !!!
*******************************
قبل أن تخطو مارية آخر خطواتها نحو باب البناية فوجئت بنادين بضفائرها الكستنائية الجميلة تخرج من باب شقتها الأرضية وهي تشهق بلهفة حقيقية :
-" مريم يا حبيبتييييي الف سلامة عليكي يا قلبي عرفت انك كنتي تعبانة في المستشفى طمنيني عليكي عاملة ايه"
ابتسمت مارية ابتسامة شاحبة وهي تفكر ( عجبا كل واحد يناديها باسم مختلف هي لم تعد تعلم من هي وبم تشعر لكنها تشعر انها حتى نادين ستفتقدها بتلك الضفائر الكستنائية الطويلة)
-" انا الحمد لله كويسة يا نادين متقلقيش"
-" وايه الشنطة دي انتي رايحة على فين؟!"
قضمت مارية شفتيها هي حقًا لا تدري إجابة هذا السؤال!!
جذبتها نادين من يدها بيد وباليد الأخرى مدت يدها تحاول أخذ حقيبتها منها ومارية متشبثة بحقيبتها كتشبث الغريق بقشته الأخيرة.
-" طب تعالي بس تعالي نقعد جوا ونتكلم شوية تعالي بابا مسافر والله مفيش حد جوا متقلقيش"
-" استسلمت مارية لجذب نادين لها وكأنها لا تقوى حتى على المقاومة أو الرفض لم تعد بها القوة حتى لذلك!!
**************************
كانت شهيرة تصرخ بهيستيريا:
-" يعني ايه مش لاقيها ؟؟؟؟ يعني اييييييه ؟؟؟ انت مش بتقول متعرفش تروح حتة غير بيتكم اللي كنتو قاعدين فيه!!! طب دورت عليها في الفندق اللي كان فيه حاجاتها أكيد هتروح تاخدها !!"
يوسف على الهاتف وهو يعتصر جبهته بنفاذ أمل -" لا للاسف حاجاتها اتسلمت للبوليس كلها لازم تروح تستلمها من القسم وبردو هي مراحتش تعمل كده!!
-" يعني ياربي أول ما الاقيها تضيع مني تاني ؟! طب يعني هي عرفت اني أمها مجاتليش ليييييه !! يعني هي مش عايزاني طيب ؟؟ طب انا عملتلها ايه "
وانهارت في البكاء لأول مرة في حياتها منذ ما يقرب من عشرين عامًا. أغلق يوسف الهاتف وهو يتألم لأجل حال شهيرة ويتألم مرة أخرى من أجل مارية !! كيف حالها الآن؟! هل تبكي؟! أم تظل صامتة تقاوم كعادتها حين تغضب!! أوهل هي غاضبة حقًا أم حزينة !! تبًا لكل ذلك يريد أن يحتضنها الآن ويجعلها تبلل صدره بدموعها حتى تستريح!!!!!!
**********************
لم تسترح نادين كعادتها وظلت تتحدث وتسأل حتى فاضت مارية بكل ما فيها وقصت لنادين قصتها من يوم الحفلة حتى ذاك اليوم الذي اصطدمت في بجدار خرساني في كل أهلها!!
ظلت نادين صامتة في دهشة وعدم تصديق ثم تحدثت بالأخير قائلة :
-" يا قلبي يا مريم انا مش عارفة اقولك ايه يابنتي مستحملة كل دا لوحدك ازااااي ؟! طب ومامتك الحقيقية ايه ذنبها في كل دا ما تروحيلها يا مريم واقعدي عندها واهو يتلم شملكم بعد العمر دا كله وتشوفي حنان الأم اللي بجد "
كانت نادين تتكلم ودموعها تفر من عينيها متذكرة والدتها رحمة الله عليها ثم أردفت:
-" الأم متتعوضش يا مريم الحقي اللي فاضلك منها وصدقيني دي هتشيلك من ع الارض شيل دي ما صدقت لقيتك يابنتي بعد عذاب سنين"
تحدثت مارية بهدوء
-" مش عاوزة يوسف يوصل لي مش عاوزاه يشوفني مش عاوزاه يعرفلي طريق دا الأحسن ليه يا نادين !"
-" بتحبيه ؟!"
نظرت لها مارية بعيون منفطرة ورمشت قليلا:
-" وهو يوسف ميتحبش؟!"
ابتسمت نادين بخبث :
-" لا الصراحة يتحب "
وسرعان ما انفتحت أهداب مارية المنسدلة لتلقي نظرة نارية لنادين التي أسرعت ضاحكة :
-" متخافيش اوي كده، يوسف دا زي اخويا والله وانتي زي اختي فيه حد يحط عينه على جوز اخته بردو"
لوت مارية إحدى جانبي شفتيها للأعلى فاقتربت منها نادين تضع يدها على كتفيها مطمئنة:
-" والله انا قلبي حاسس انكو هتتجوزوا وتفرحوا وتخلفوا صبيان وبنات بس وحياة أغلى حاجة عندك تخليهم يقولولي ياخالتو اديكي شايفة مقطوعة من شجرة وعاملة زي قرد قطع اهو "
نظرت لها مارية بعدم فهم:
-" قرد ايه اللي قطع ؟!"
-" ياختااااي انتي هتجنينيني ولا صحيح طلعتي امريكانية بقا ليكي حق متفهميش المهم دلوقتي هتعملي ايه ؟!"
-" بصراحة مش عارفة يا نادين انا لو روحت اي فندق يوسف و.. وشهيرة هيعرفوا مكاني"
-" شهيرة دي اللي هي مامتك الحقيقية ؟!"
-" ايوة دي علاقاتها كبيرة جدا وتعرف تجيبني من تحت الأرض "
-" انتي ليه مقولتيش عنها ماما !!"
-" عارفة يا نادين انا مفتكرش اني قولت كلمة ماما دي عشر مرات على بعض دايما كنت بقول لنهال يا نؤنؤ عشان اتفادى اني اقولها يا ماما مع اني كنت بحبها اوي بس دايما كان فيه حاجز بيني وبين كلمة ماما"
-" انتي خايفة !! خايفة تجربي احساس الأمومة اللي طول عمرك اتحرمتي منه !! خايفة ان شهيرة بقوتها وجبروتها متقدرش تديكي الحنان اللي انتي عاوزاه صح"
-" انتي زي ما تكوني بتقولي اللي انا خايفة اقوله لنفسي "
-" انا حاسة بيكي والله يا مريم وعارفة انك متقطعة ما بين حبك ليوسف ومصلحته وما بين وجود مامتك وخوفك من الحكاية الغريبة الجديدة عليكي وكل دا كووووم وموضوع شهادتك على ابوكي دا كوم تاني ربنا يقويكي بجد يابنتي"
تنهدت مارية بأنين مكتوم فاستطردت نادين :
-" اما انا خطرت في بالي حتة فكرة دلوقتي "
انتبهت مارية :
-" ايه يا نادين فكرة ايه ؟!"
-" مش انتي بتقولي مش هتعرفي تقعدي في فندق ولا تسافري ولا حتى تأجري شقة عشان ساعتها هيعرفوا يوصلولك ؟!"
هزت مارية رأسها إيجابا:
-" ايوة يا نادين امال انا بقول ايه من الصبح"
-" طب انا عندي مكان ولا الجن الازرق هيعرف يوصلك فيه وكمان هتقدري تطمني على كل اللي بتحبيهم منه!"
-"ودا فين بقا المكان دا ان شاء الله ؟!"
أجابت نادين بكل بساطة:
-" هنا"
