أخر الاخبار

رواية غيوم ومطر الفصل الخامس عشر 15بقلم داليا الكومي

 

رواية غيوم ومطر 

الفصل الخامس عشر 15

بقلم داليا الكومي


15- لوعة الحب 

مستوصف شعبي خيري في منطقه شعبيه هو كل ما استاطعت فاطمه تحقيقه ...فريده ضحكت بسخريه وهى تواصل تقدمها عبر ازقة الحاره الضيقه .. لقرابة الساعه وهى تبحث عن مستوصف غراب الخيري واخيرا وبعد جهود مضنيه تمكنت من ايجاده فالمبنى المتهالك غطى علي اسم المستوصف بأحجار نصف مهدمه ورطوبه اكلت الاسم من شدة ملوحتها.. الحقاره لا تفيد في معظم الاحيان وهاهى فاطمه تثبت ذلك نشئت وضيعه وظلت وضيعه وستموت وضيعه...تدنى سعر الكشف في ذلك المستوصف يجعل الاقبال عليه شديد ...ربما فاطمه تعاين عشرات وعشرات الاطفال يوميا وفي النهايه لا تجنى سوى القليل بعد ساعات من الشقاء... صعدت الدرجات القليله المتهدمه حالها كحال الواجهه القديمه لتجد نفسها امام موظفة استقبال تحصل النقود من المرضي ...عندما شاهدتها سألتها بروتنيه ..- هتقطعى كشف ايه ؟

فريده هزت رأسها بالنفي وقالت ...- مش هكشف ..ممكن اقابل دكتوره فاطمه ...انا عاوزه اقابلها لسبب شخصى وخاص ..الموظفه اشارت في حركه تدل علي الامتعاض وقالت ...- اول باب علي اليمين .. لما الكشف اللي عندها يخرج ادخلي ..انا مش سكرتيره لحضرتها .. حتى موظفة الاستقبال لا تطيق فاطمه ...سبحان الله كيف كانت عمياء بالكامل عن سيائتها العديده ...كيف سمحت لها بغسل دماغها بتلك الطريقه اكثر ما المها انها اعتبرتها صديقه.... والخيانه طعنتها في ظهرها لكن فعلا ليس كل من يصاحبك يستحق لقب صديق... 

انتظرت خروج المريض بالداخل بلهفه ولولا اخلاقيات المهنه التى اقسمت بالحفاظ عليها لكانت اقتحمت الغرفه وضربت بخصوصية المريض عرض الحائط لكن القليل من الصبر بعد يا فريده... وما ان لمحت باب غرفتها يفتح حتى دخلت فورا حتى قبل ان يخرج اهل الطفل الذي تعاينه فاطمه..فمخزون صبرها نفذ الان...

دخولها المفاجىء جعل فاطمه تقفز من خلف مكتبها وتنظر الي فريده ببلاهه ... اما فريده فلم تنتظر ان يصبحا بمفردهما قبل ان تصبح بها بغضب ..- ليه عملتى كده يا واطيه ...؟ فاطمه تجاوزت صدمتها بسرعه تحسد عليها ..ابتسمت ابتسامه صفراء وقالت ..- من ساعة ما شفت عمر في مناقشتك وانا عرفت انها مسأله وقت لحد ما تعرفي ... فريده هزت رأسها بعدم تصديق.... - انتى مصنوعه من ايه ؟؟ جنسك ايه بالظبط ..؟ ده كل اللي عندك تقوليه... لو الحقد يتجسد في انسان من لحم ودم لكانت فرده علمت شكله الان .. بفحيح اشبه بالحيه فاطمه اجابتها بغل صريح لم تحاول ان تخفيه... غل كشف عن ترسبيات وعقد سنوات ...- انتى اللي كنتى غبيه انا معملتش اي حاجه .. سألتى نفسك ليه معرفتش اعمل اي حاجه مع شهد ؟ شهد كانت قويه ومقتنعه بإختيارها ..مفرقش معاها انى اقولها شوفي شبكة فريده او شقتها... حبها لباسم كان مغطيها وكانت مستعده تقف جنبه وتسنده وتصبر علي قلة الفلوس لانها كانت بتحبه بجد لكن انتى كنتى ضعيفه ومن جواكى مكنتيش مقتنعه بعمر ... سلمتى ودانك ليه وحكتيلي علي ادق اسرارك حتى علاقتك الزوجيه وانا بس قلتلك الكلام اللي انتى كنتى حابه تسمعيه...وانا بقي كملت الباقى وخلصته منك بصراحه هو خساره فيكى... 

البجاحه لها ناسها كما يقولون.... 

بقوه لم تكن تعرف انها تملكها ...لا اراديا صفعت فاطمه ومزقت شفتها السفلي ...اخبرتها غاضبه.... - ده شبه اللي انا اخدته من عمر بسببك حقيره وهتفضلي طول عمرك حقيره ومن اصل واطى ... ربما فريده افرغت شحنتها في الصفعه ولكن هل تلك الصفعه تكفي ...؟ تلك الحيه تستحق الحرق حيه ولن يكون عقابا كافيا لها ...اما الحيه فمسحت خيط الدم الذى سال علي ذقنها بظهر يدها ولم يبدو عليها الالم بل وابتسمت بحقد وهى تقول ...- طبعا اصل واطى امال انت فاكره ايه ؟ والكف اللي اخدته منك ده مبيأثرش فيه ..جتتى نحست زى ما بيقولوا انتى العبيطه الوحيده في الدنيا ...ساذجه وهايفه وغبيه وضيعتى حب كنت ادفع عمري كله والاقي حتى ربعه.... 

شوفي نفسك كويس في المرايا يا فريده انتى عاديه جدا انا احلي منك بكتير واستحق جوزك اكتر منك ...لكنه للاسف كان معمى بحبك فقررت انى اخليكى في الوحل معايا ما انا مش هضيع لوحدى ..ايوه انا بأغير منك وبكرهك وحتى اخترت تخصص الاطفال زيك عشان احاول اوصلك .. لكن انت محترمه حتى وانتى مطلقه وحصلتى وظيفه في الجامعه...ايوه انا بأكرهك من كل قلبي ..واتمنى انك تموتى بحسرتك... 

قلبها الاسود اخاف فريده للغايه وقلب الطاوله ...غضبها الذى كانت تغذيه لايام تحول لخوف جمد جسدها ...كيف يمكن لبشري ان يمتلك كل ذلك الغل بداخله ...انها رضعت السواد مع حليب امها ... هزت رأسها بعدم تصديق وهى تسألها .. - ليه ؟؟ انا كنت فاكراكى صاحبتى... 

الاحساس السوى الوحيد الذى تمتلكه فاطمه هو المراره لذلك استخدمتها جيدا وهى تقول .. - صاحبتك ؟ تفتكري كنتى هتوافقى علي الصداقه المزعومه لو كنت لسه فاطمه القديمه ...فاطمه في اول شهر من الكليه .. اكيد شفتينى ومكلفتيش نفسك حتى تسلمى عليه ...لبس قديم مهري وشراب مقطوع وصوابع خارجه من قطع جزمتى القديمه ...ويمكن مكنتيش بتشوفينى لانى كنت بروح يوم واحد في الاسبوع لحد ما اقدر اوفر خمسه جنيه ادفعها في المواصلات.... 

فريده قاطعتها بقرف ...- متبرريش لنفسك الخيانه والغدر ...كلنا تعبنا في حياتنا واتعرضنا لازمات ماديه ..لكن مين فينا عمل اللي انتى عملتيه ؟؟ ابتسامتها الصفراء تحولت لابتسامة سخريه واضحه .. - ازمات ؟؟؟ انتى صدقتى نفسك ولا ايه ؟؟؟ انتى مع اول ازمه لاقيتى اللي يدفع عمره ويمرمغ كرامته تحت رجليكى واتنازل عن جزء من جسمه عشان يتجوزك ومش بس كده ده دللك وشالك في عنيه ... اما انا عشان يدوب احصل هدمه كويسه بعت كرامتى وشرفي وبقيت ... بقيت رخيصه ببيع وقتى بالساعه للي يدفع وفي الاخر بيرميلي الفلوس علي الارض وهو ماشي ولازم اركع ادامه زى الكلب وانا بلمهم من علي الارض ...وممكن يضربنى بيهم بدل ما ينهش لحمى عادى اي تنفيث والسلام.. عرفتى ليه يا فريده انا بأكرهك..؟ 

الصدمات تتوالي تباعا ...بشاعة حديثها فاقت توقعاتها ....للاسف سمها القاتل قتلها هى حتى قبل ان يؤذى الاخرين ...فريده اجابتها بصدمه ...- ياه كل الحقد ده جواكى ؟؟؟ احب اقلك انك مش ضحيه زى ما انتى معتقده .. مش لازم كنتى تدرسي طب ...كنتى اكتفيتى بالثانويه واشتغلتى بشرف اكرملك..وانا متأكده ان عمر مظهرك البسيط ما منعنى عن صداقتك ... يمكن الحقد في عيونك كان ظاهر وقتها وخوفنى منك...انا حاولت اكون صديقه بجد ...ضيعت سنين من عمري معاكى وانتى واحده خسيسه وحقيره وتستاهل كل احتقار وفي الاخر دمرتى حياتى بدم بارد ...مهما تحاولي تبرري لنفسك الرذيله عمري ما هقتنع ...جنيتى ايه في الاخر غير وظيفه بسيطه في مستوصف مجهول ...الوضاعه مش وضاعة الاصل لكن وضاعة الاخلاق ..بعتى نفسك عشان تلبسي كويس وبعتى الصداقه عشان تنتقمى في شخصى من اول راجل بعتى نفسك ليه ؟؟؟

الان اصبحت مخيفه فعلا ...نظراتها زائغه وصوتها يقطر المراره... - تعرفي ايه انتى عن اول راجل في حياتى ؟؟؟ في حياتك الخياليه المثاليه لا يمكن تتخيلي ابدا انه كان دكتور عبد الستار استاذ التشريح ...طبعا مش مصدقه ان الراجل المحترم المهيب اللي كنا بنترعب من صوته شخص حقير شاذ وعدنى انه مش هيلمس عذريتى لكنه نسي انه انتهك عذرية روحى مش عذرية جسمى ...امشي يا فريده من ادامى ...مش عاوزه اشوفك في حياتى تانى ...انا باخد اقصى جرعه من مضادات الاكتئاب هاخد ايه بعد زيارتك ؟؟؟ 

بدأت الصراخ بإنهيار وصوتها دفع بجميع العاملين في المركز للتجمع ... وبعضهم بدأ ينادى علي الدكتور غراب شخصيا للحضور .. الغريب في الامر ان الجميع لم يشعروا بالاشفاق علي فاطمه او وجهوا اي لوم لفريده علي حالة الانهيار التى تسببت بها لفاطمه بل انها حتى سمعت بعض العاملات يتغامزن ويقلن في احتقار...

" اكيد انها سرقت جوزها زى عادتها والمسكينه كانت جايه تواجهها بعملتها السودا ..." 

اخر جمله سمعتها قبل مغادرتها كانت من رجل كبير في السن وجه كلامه الي فاطمه قائلا ...- دكتوره اعتبري نفسك مطروده ...تعبنا من الفضايح ... الله يسترها علي بناتنا... 

************** 

فاطمه ايضا جنت من زرعته بيديها ..ربما مواجهتها معها امس جعلتها تشعر بالقليل من الراحه وحققت جزء من انتقامها ..لا هى لا ترغب في الانتقام فما الفائده بعدما خسرت عمر ...فقط فاطمه تلقت عقابها العادل عن دنائتها..ربما لو اخبرته عن خطة فاطمه القذره التى فهمتها جيدا فلربما يسامحها ...لكن لتكون صادقه مع نفسها هما تطلقا من قبل السم الذي بخته في اذان عمر ...تطلقا لانها لم تحبه كما ينبغي ..كما يستحق..هى اعطت فاطمه السلاح الذي قتلتها به عندما اخبرتها عن ادق اسرار حياتها بحجة الفضفضه ...وفاطمه كانت استاذه في استخراج المعلومات منها وخصوصا تلك المتعلقه بعلاقتهما الزوجيه ..هى تعلم الان انها كانت مخطئه في ثقتها فيها ...هى كانت تظن طالما انها لاتحكى التفاصيل فذلك يجعلها بعيده عن اثم افشاء اسرار العلاقه الزوجيه ولكن فاطمه استخدمت اي شيء استاطعت استخدامه مثل معرفتها انها تدللت علي عمر امس او مشاجرتهما بسبب انها كانت مشغوله ولم تسمح له بلمسها ...هى الملامه الوحيده علي خسارتها وعمر مازال كما هو ...ربما اكتسب الكثير من القسوه لكنه مازال واضح وصريح ويكره الكذب ...

هو استمر بالتظاهر فقط حتى يمر فرح رشا بسلام ...انه يفكر في الجميع ما عداها فلو علموا ان الطلاق مسألة وقت فربما تتأثر رشا ووالدتها وهو لا يريد ذلك ..لاول مره منذ سنوات يجتمعون علي مائده واحده من بعد طلاقها وسفر عمر ثم سفر محمد 

اليوم والدتها اعدت وليمه ودعت اليها عمر وعائلته وعمر وعائلته وبالطبع شريفه رأس العائله ...ارادت اسعاد ابنائها بوجود احبابهم ...فعمر وعمر من اجل فريده ورشا ونور من اجل محمد ..نعم هى بالتأكيد تعلم فحبهما واضح منذ سنوات ولا يخفي علي احد...وكعادة والدتها عندما تعد وليمه حولت المنزل لخلية نحل واستيقظت باكرا لتبدأ في اعداد اصناف المحاشي والصوانى والطيور ...كانت تحتفل بسعاده فلا شيء يسعد الام اكثر من سعادة ابنائها ... وفريده نهضت باكرا لتساعدها ..تذكرت اكلات عمر المفضله وتذكرت انه اخبرها انه لم يعد يحب اي شيء من الماضى حتى هى شخصيا .. واليوم حتى رشا الدلوعه لاول مره في حياتها تبادر بدخول المطبخ و تبدأ في المساعده..عجيب امر الحب كم يبدل الطباع والامزجه ويحول من النقيض الي النقيض تماما في لمح البصر .. شعرت ان والدتها تعبت فهى لساعات تقف علي رجولها لذلك امرتها بلطف بدخول غرفتها ..- ماما ارتاحى وانا هكمل خلاص ما فيش غير التسويه..انا هقوم باللازم..ثم جذبتها من يدها بلطف وارقدتها علي فراشها وشغلت لها مكيف الهواء واظلمت الغرفه كى ترتاح قليلا...

في طريق عودتها لا حظت ان رشا تهتم بالتنظيف اكثر من اي يوم وهى ترقص وتغنى ...ضحكت من قلبها وتمنت لها السعاده ...واكملت طريقها للاهتمام بطبيخها ...حالة النشاط ما زالت تنتاب رشا فبعد ان انهت التنظيف وعطرت المنزل اتجهت لتساعد فريده في المطبخ لكن فريده طردتها بلطف واخبرتها ان تذهب لغرفتها للاستعداد..انها تستمتع برؤية المحبين ومراقبتهم ... ان كانت لا تستطيع ان تكون سعيده اذن فلتحاول اسعاد من حولها ...عودة محمد اعادت البهجه الي المنزل واحمد كما هو دائما يحاول ان يرد الجميل للجميع ..يقدر جيدا النعمه التى هو فيها الان فكليته تعمل بكفاءة تامه وجسده تأقلم عليها واصبح يعيش بحريه ...الحمد لله ...

مع اشعالها للفرن الكهربائي وفرن الغاز الحراره في المطبخ اصبحت لا تطاق ...العرق اصبح يسيل علي جبتها وشعرها ابتل بالكامل ... وجهها احمر من نقص الاوكسجين وقميصها التصق بجسدها لكنها تحاملت واكملت عملها ...علي الاقل مساعدة الاخرين تمنحها راحه فوريه ... تشعرها انها حيه مجددا بعدما طغى الجليد علي حياتها ...في وسط انهماكها في الطبخ لم تلاحظ عمر وهو يقف عند باب المطبخ يراقبها وهى تعمل بهمه ...التفتت علي غفله لتجده يراقبها فهوى قلبها بعنف في قدميها ... 

توقعت منظرها تماما ولم تحتاج الي مرآه لتعلم منها مدى بشاعة مظهرها الحالي.. نظرت الي نفسها بإحراج وارادت الهرب فورا الي غرفتها لتختفي بمظهرها المشين هذا لكن عند مرورها عند الباب عمر امسك بكتفيها ومنعها من المغادره ...اخيرا نظرته تبدلته ولهجته ايضا ...اراد ان يخرج صوته ساخرا مهينا كعادته في الفتره الاخيره لكن رغما عنه صوته صدر هامس متعجب وربما معجب ...- فريده انتى بتطبخى ..؟ مش عادتك ..

فشل تماما ان يكون ساخر فهيئتها الشبيهه بالكتكوت المبتل اثارت اعجابه فريده المتعجرفه تتحمل الحراره وتقف علي قدميها لساعات من اجل اعداد الطعام للاخرين ..

خفضت عيونها ارضا وهى تقول بهمس اكثر من همسه ..- ايوه من سنين وانا بأساعد ماما في شغل البيت ...وعن اذنك ...محتاجه ابدل هدومى ...

عمر اخيرا سقطت كل دفاعاته قال بنبره حانيه...- اقولك حاجه ...؟ انتى والعرق مغرق جسمك وشعرك من حرارة المطبخ وشكلك اشبه بالكتكوت الغرقان احسن عندى ميت مره من شكلك وانتى خارجه من صالون تجميل ...في نظري كنتى دايما جميله ومش محتاجه اي تجميل وجمالك كان بيجننى كمان .. لكن دلوقتى انا حاسس انك حيه ..بنى ادم من لحم ودم بيساعد وبيتحر وبيتفاعل مع الناس.. بيجوع وبيعطش وبيهتم باللي بيحبهم مش لعبه بلاستك دايما الحركه عندها بحساب... فجأه امسك بيديها يتفحصهما... اكمل ... - ايديكى الناعمه دى ممكن تسعد بمجرد لمسة طبطبه او مساج او حتى غدوه زى النهارده نظرة تقدير من عيونك لحد تعب عشانك كانت كافيه تعبر عن امتنانك.. في الوقت اللي انا جاي ومحتاج افتكر عيوبك عشان اقدر اكرهك الاقيكى بتحيرينى يا فريده 

اجابته بألم ...- عمر انا اتغيرت.. انسي فريده القديمه ادينى فرصه اثبتلك..

سألها وهو مازال يتمسك بكفوفها ..- حقيقي اتغيرتى يا فريده ..؟ 

اومئت برأسها ولم تجر علي النطق...عمر الان يبدو اقرب الي الاستسلام لو فقط تخبره عن فاطمه ..في البدايه لم تكن تعلم التفاصيل لذلك اجلت مواجهته اما الان فهى تعلم ما حدث بقدر كافي لكشف الحقيقه ... - عمر لو سمحت في موضوع حابه اتكلم معاك فيه ..او بمعنى اصح توضيح لازم ..كلامها قاطعته رشا بدخولها المتعجل ...وجهها اصبح بلون الطماطم الناضجه عندما شاهدت عمر يتمسك بيديها وهى تهمس له وهو منفصل عن الواقع ويحملق في عيونها بهيام...اقتحامها لخلوتهما جعل عمر يترك كفوفها مضطر و يقول بصوت هامس .. - هنتكلم بعدين ...


******************* 


اه من لوعة الحب والفراق ..ان كان اشتياقى اليك يوصف لكتبت حتى يجف حبر كل قلم علي وجه الارض...وان كنت قد نسيت حبى فدموع عيونى ستصنع بحرا جديدا يضاف الي خارطة الكون وسيكون قبري هو باطن الارض التى سوف تحتضننى لتبرد من الم صدري ... 

بعدما رن صوته الحانى في اذنها لا يهمها الان لا المكان ولا الزمان ... عمر يقاوم وهى تعلم جيدا انه الان ضعيف ربما اضعف منها لكنها هى المذنبه الوحيده ..هى قتلت حبا لم يكن له شبيه علي وجه الارض ..قتلته بغباء عادات وتقاليد باليه ..مظاهر خادعه تفرق علي اساس سطحى جدا لا يعتد به الا كل تافه ..هى كانت بتلك السطحيه بحيث هدمت منزل اساسه الحب بسبب فارق بسيط في التعليم ..ربما لو لم تكن فاطمه تزن عليها ليل نهار لكانت تقبلت الامر لكنها كانت علي اكمل استعداد لتلقي سمها ..واليوم هى مستعده لدفع المتبقي من عمرها لتري فقط نظره واحده من التى كان يغمرها بها ...ادارت قصيدتها المفضله علي جوالها وبدأت في البكاء ...من لحظات كان تنعم بسعاده لا مثيل لها لمجرد انه خاطبها بلهجه تحمل بعض الود وتمسك بيديها بدون ان يحاول اهانتها ...لكن يداه لمست نوف منذ ايام وستلمسها مجددا ومجددا ..هى لن تتحمل ابدا ..كلمات القصيده تعذبها ... تقتلها ببطء ... " يقول الناس يا عمري بأنك سوف تنساني وتنسى أنني يوما وهبتك نبض وجداني وتعشقُ موجةً أخرى وتهجر دفء شُطآني ويسقط كالمنى إسمي وسوف يتوه عنواني

ترى ستقول ياعمري بأنك كنتَ تهواني؟ حبيبي.. كيف تنساني؟ " 

فاروق جويده لكن رشا لا ذنب لها هى تريد ان لها ان تفرح وان تهنىء بعريسها... تحاملت علي نفسها وجففت دموع وجهها لكن لا توجد قوة علي وجه الارض الان تستطيع ان تجفف من دموع قلبها الملتاع ... ارتدت ملابسها وخرجت لتقديم الطعام فرشا عروس وتستحق ان تخدم وتدلل ....

علي طاولة الطعام ساد جو من الالفه فحتى عمر ابتلع مرارته كما وعدها ومنح رشا ساعات السعاده التى تستحقها بعيدا عن حربهما الدائره وعمر العريس الفخور اعلن بسعاده انه يحتاج الي قسيمة الزواج لانهاء اجراءات سفر رشا معه وتلقائيا عمر الرأس المدبر لكل امور العائله اعلن انه قد اعد العده وبناء علي اتفاق مسبق مع العريس قررا اقامة عقد القران في مسجد الهادى الفخم يوم الخميس القادم مع جلسه عائليه بسيطه في القاعة الملحقة به..رشا قفزت من السعاده ولم تكتم فرحتها ومحمد ونور تبادلا نظرات مفضوحه اما هى فنكست رأسها فلم يتبق من عمر سعادتها سوى ايام ... كعادته يهب الجميع السعاده ...خشت ان يتكرر ما حدث يوم زفاف اسيل فيعلن عمر الحفل المزدوج ويعقد قرانه هو الاخر ... انه يبحث عن سعادته الان وهذا حقه ولا تستطيع لومه ...لكن سعادتها هى اين ستجدها بعدما يتركها ويرحل...

تلكعت عند الباب في توديعه وهو يغادر مع الجميع ..لماذا لا يبقي قليلا فقط لتشبع منه الم يعدها انه سوف يستمع اليها ...؟ وعمر نفسه كان مهزوز وعلي غير عادته ..كان يقاوم وهو يعلم انه علي وشك خسارة الحرب ....الم يقرر ان يطلقها لماذا لم يفعل ..؟ لن يسمح لها بالتسلل تحت جلده مجددا ...لن يسمح ان يجعلها الهواء الذى يتنفسه والماء الذى يحى جفاف عروقه كما كان يفعل .... كرر ذلك مرارا لنفسه طوال فترة وجوده بعد الغذاء حتى مل وحتى قرر الانصراف بدون ان يستمع اليها انه لن يتركها تبرر ولن يفي بوعده ويستمع اليها ... وعلي الرغم من تحذيراته التى ظل يرددها لنفسه .... لكنه تراجع عن فكرة رحيله وعاد الي الداخل وقبض علي ذراعها برفق....قال بجفاف ...- كنتى عاوزه تقوليلي ايه ...؟ اعترف لنفسه انه خسر معركه لكنه لن يخسر الحرب ابدا فهى لا تستحق....

*****************

انها الدموع مجددا هى كل ما تملك لتقدمه له ...حاولت اخباره عن فاطمه وخستها ...ربما يكون عفاها من ظنونه بالخيانه لكن كيف ستزيل الكلمات رأيها المتدنى فيه والذي كان مترسخ في عقلها وقلبها وهو يعلم ذلك جيدا..وعندما ادركت انها انتهت من توضيح الامور ولم يهتز عمر او يتحرك هربت الي خصوصية غرفتها لتبكى بقهر ...املها الاخير تهدم علي جدار صلب من البرود فاجأها عمر بتقديمه لها ..هل كانت تظن انه بمجرد ان يعلم ان فاطمه كاذبه حقيره سيحتضنها ويملس علي شعرها ويأخذها الي منزله مجددا وكأن شيئا لم يكن ؟ لماذا لا تريد ان تقتنع ان ذنبها اكبر من الاعتذار ..هى هدمت كرامة رجل ولن يسلمها هذا الرجل كرامته مجددا لتعبث بها كيفما تشاء ..ربما لا يزال يحبها انها تشعر بجزء صغير ما زال ينبض في قلبه بحبها . بعروقه النافره عندما يقترب منها وبإشتياقه عندما يتملكها حتى لو لم يعترف لكنه بسبب ما فعلته به يدفن قلبه بيده بل علي استعداد لبتره من صدره والقائه في اقرب سلة مهملات امام عيونها اذا ما شعر انه سيعود عبدا لهواها مجددا ..

اما عمر فقد انصرف غاضبا ...الغضب اعماه بشده ...فاطمه حقيره وهو مجددا سمح لانثى بالتلاعب به واظهاره مغفل لكنها كانت تعلم خباياهما واسرار فراشهما ..كانت تعلم تمنع فريده عنه واخبرته انها كانت ترفض لمسه لها لانه اقل منها ولم تقتنع به زوجا يوما وانها تمنت الزواج بطبيب..وهنا كان يعلم انها لم تكذب في تلك النقطه علي الاقل ..ربما دبرت لفريده مكيده وجعلته يكره رؤيتها لكن فريده من سمحت للحيه بالتمكن والطيور علي اشكالها تقع ...هما في النهايه متماثلتان وفريده تستحق تلك الحيه ان تكون صديقتها ... فريده حيه من نوع اخر مختلف عن فاطمه ... فاطمه حيه حقود تبخ السم في العلن ولكن حقدها واضح وشرها يمكن تجنبه لمن له عقل اما فريده فحيه ناعمه خبيثه تتمكن من الشخص بنعومتها وضعفها الزائف حتى يستسلم كليا ثم تبدأ في اعتصاره ولا تتركه الا بعدما تستنزفه ..والان تريد ان تعيد الكرة مجددا ..ربما اغرتها امواله وهيئته الجديده ...تريده ان يركع مجددا تحت قدميها ويسلم لها قلبه ..لكنه لن يكون ذلك الغبي مجددا في حياته ..لابد وان يقتلع جذور عشقها من قلبه ويطهره منها ..هو قوى وسيفعل ذلك ..لابد وان يفعل ذلك قريبا والا دماره هذه المره علي يدها لن يكون له دواء.. 

لماذا الحب يؤلم هكذا ؟؟ لو فقط نعلم النهايه منذ البدايه لكنا هربنا ونجينا انفسنا لكن للاسف لا نعلم الا عندما يوسمنا الحب بناره ويترك فينا ندوب لا يمحيها حتى الزمن...

************* 

مسجد الهادى الكبير مكان مناسب لعقد قران سريع مع اقامة جلسه عائليه بعده ...رشا فاقت الحدود في جمالها وفستانها الابيض الملائكى وعمر لم يقاوم وتبعها مثل ظلها حتى انتهى الحفل ...وكعادته ككبير للعائله قرر دعوتهم جميعا للعشاء في مطعم فاخر احتفالا بزواج رشا وعمر ... فريده اليوم اختارت فستانا جريئا من الساتان الاحمر اسوة بنوف ...لطالما اعتمدت الالوان الغامقه اما اليوم ارادات ان تتمرد علي كل القيود ...كانت تعلم ان الفستان سيثير غضب عمر لانه ضيق ولونه صارخ ملفت لكنها كانت تريد الشعور بغيرته فهى كل ما قد تحصل عليه...استجابت لشيطان تمردها بالكامل حتى في زينة وجهها فهى لاول مره في حياتها تضع مكياجا قوى وليس ناعم كما اعتادت في المناسبات .. وغضب عمر عندما رأها اثبت لها انها محقه ...ففور رؤيته لها علي باب غرفتها هجم عليها وامسك معصمها بقوه كادت ان تحطمه ادخلها مجددا وقال بغضب ... - ايه الزفت اللي انتى لابساه ده ؟؟ اجابته ببرود متعمد ...- فستان وبعدين وانت مالك مش احنا اتفقنا اخرنا فرح رشا وكل واحد هيروح لحاله ...لو خرجت حتى عريانه انت مالك ...عندك نوف روح اتحكم فيها براحتك...

السباب الخارج الذي اطلقه عمر انبئها انها نجحت تماما في استفزازه ...لقد اعيتها الحيل ولم يتبق امامها الا ان تسبب له الجنون بتصرفاتها الجريئه .. اما انا او انت يا عمر ... وعندما رفض اصطحابها وهى بذلك الشكل واصر علي تبديلها لملابسها تحدته واخبرته انها ستذهب علي كل حال حتى لو طلبت من احمد اصطحابها ... هى تعلم انها ستخسر التحدى بالتأكيد ولكن ستضغط بكل قوتها وتواصل استفزازه وتري النتيجه... اما عمر فبكل برود اغلق باب الغرفه بالمفتاح وجلس علي فراشها بإسترخاء ...نظرة التحدى في عيونه جعلتها تتراجع قليلا فهى ليست علي استعداد للحرب الان ولكن تجمدت في مكانها ولم تشرع في تبديل ملابسها كما امرها...وكانت النتيجه التى نالتها هجوم ضاري عليها ترك فستانها الاحمر ممزق عند قدميها بعدما قطعه عمر الي نصفين ....وقفت مبهوته فلم تتوقع عنف رد فعله ولم تحاول تغطية نفسها امام نظراته التى تحولت الي نظرات رغبه شديده..خلع سترته السوداء الانيقه والقاها علي مقعد طاولة زينتها ثم حملها بخفه بين ذراعيه وهو يقول ..- انتى قررتى تتحدينى ... اتحملي بقي نتيجة افعالك ...

الاحراج الذى تعرضت له لاحقا امام والدتها عندما خرجت بعد فتره الي الحمام وهى مرتديه لملابس المنزل بعدما كانت استعدت للذهاب الي عقد القران كان شديدا جدا وتركها في قمة الاذلال ....في منزلهما كانت لهما الخصوصيه التامه والحمام الملحق بغرفة النوم اصبح نعمه لم تكن تعى اهميتها... اما فى منزل والدتها فالحمام في الخارج ...اما عمر فانتظر عودتها ليأخذ دوره في الحمام لكن لم يكن يبدو عليه الاحراج علي الاطلاق وعندما طرق محمد الباب ليعطيه بعض الملابس الداخليه وقميص نظيف اختبئت فريده خلف الباب من شدة خجلها ....وعمر فتح خزانتها واخرج فستان اصفر محتشم اعطاه لها وقال بلهجه امره ...- ادامك عشر دقايق وهننزل.... 

************ 


ما احلي الفرح !!! الحمد لله الان اطمئن علي رشا وفريده مصيرها بيد مزاج عمر الناري لكنه يعلم جيدا انه يحبها فحب مثل حبه لا يغادر الجسد الا مع طلوع الروح... لقد تحدى عمر من قبل واخبره انه لن يستطيع التفرقة بينه وبين نور مهما فعل ونور اعطته اخر فرصه لاثبات حبه المزعوم لها..ان كان عمر انتقاما لكرامته يدوس علي نور وفريده اذن فهو يجب عليه تطييب جراحهما ..سيتحدى عمر الان ويكسر انفه ذلك الذي يناطح به السحاب ..نور ستكون له مهما فعل عمر والا سيدمر كل شيء في طريقه .. سيتزوجها حتى رغما عن انف عمر لكنه فعلا لا يتمنى ان تصل الامور الي هذه الدرجه ...حانت لحظة المواجهه ..نهض ببطء وركز نظراته علي عمر وهو يقول ...

- مبروك يا عمر ..مبروك يا رشا ..احب انا كمان ابارك لنفسي ..انا طلبت ايد نور من عمر من فتره ومستنى الرد...


          الفصل السادس عشر من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close