أخر الاخبار

رواية صفعات القدر الحانية (الجزء الثاني)من انبض بقلب حبيبي الفصل الواحد والعشرون 21بقلم شوشو محمد

 

رواية صفعات القدر الحانية(الجزء الثاني)من انبض بقلب حبيبي 

الفصل الواحد والعشرون 21 

بقلم شوشو محمد



واخيراً وليس اخراً…… 

لمع العشق بحروف من نور ،… نور اضأ ظلمة الفراق… رسم بتعاويذه الساحرة طريق النهاية… ليسير ا معاً بشغف… 

دقائق تفصله على أن تكون مِلكة يغمرها بدفء احضانه ويوشمها بقبلاته… ..

جاء ياسين بالمأذون… ليستقبلة سيف بلهفة كبيرة… متعجلًا بالقول  

-يلا ياسيدنا… .

حدجه الشيخ بنظرات خبيرة ليهتف بتحزلق 

-أمامك العمر فلتتمهل… 

رفع ياسين حاجبيه ساخراً 

-بالتأكيد… لكن اترك الفصحى الآن واعقد قران هذا المخبول… ولنتناقش فيما بعد… 

رفع الشيخ نظارته قليلاً يشمل ياسين بنظرة استخفاف… ليلوي ياسين فمة بشك 

-اظنك عبد المنعم مدبولي متخفياً…

 زمجر سيف بإستياء… ليهتف بصبر نافذ 

-خلصونا وبلاش فقرة اديني عقلك دلوقت .

نادى سيف والد هنا ووالدتها وعمرو… ليحضرو ..بدأ الشيخ في عمله ليرفع رأسه قائلا 

-نريد موافقة العروس… 

هتف سيف بتعجل 

-موافقة ..موافقة ..

اعتراض الشيخ بإمتعاض 

-فليأخذ والدها رأيها بنفسه… 

لكم سيف ياسين موبخاً وقد طفا غضبه 

-أنت جايبه من فين ..؟

أجاب اسين وهو يشملة بنظرة عميقه فيما أنامله  تفرك ذقنه وقد بدأ عليه التفكير 

-من سينما علي بابا .

أمسك عمرو بالدفتر وذهب لأخته… دخل بخطوات بطيئة ..انحنى ناحيتها بإبتسامة هامساً

-هنا موافقة تتجوزي سيف ...؟

طفرت الدموع من عينيها بغزارة ..لتُجيب بصوت مخنوق متردد 

-هو أنا هخف ياعمرو… .؟ ولا هظلمه للمره التانية. 

اغمض عمرو عينيه متمالكاً نفسه مسيطراً على شعور بالكآبه يملئ وجدانه ...يربت عليها قائلا بحنان 

-هتخفي ياحبيبتي وتقومي بالسلامة ،… ..صمت عمرو قليلاً بتأثر.. ليهمس بحشرجة ألم امتزجت بمشاكسته

-ولو اعترضتي أنتِ هو مش هيسيبك… دا قالبها جنان بره… 

ابتسمت هنا برقة وقد لمست محاولات عمرو للتخفيف عنها ،ليأتيها صوته محمل بعاطفة وعيون تلتمع بعشق أن الآوان ليفرج عنه 

-بالضبط ..مش هسيبك… 

التحمت النظرات لتبني بينهم جسراً يعبر من خلاله العشق… ليعيد عمرو سؤاله بشقاوة وهو يُنقل نظراته بينهم 

-ها… ..موافقة ولا نطرده ..؟

هزت هنا رأسها وهي مازالت تتشدق بإبتسامته ..ونظراته الولهه ..فيقرب منها الدفتر قائلا 

-امضي ياهنا ..

بأنامل مرتعشه خطت صك ملكيتها له لأبد العمر .

ليغمزها سيف خفيه ويغادر… .

هتف الشيخ بتعجب 

-لما الزواج فالمشفى… ؟

اجابه ياسين متفكهاً وهو يقلد اسماعيل ياسين 

-لنكبح جموح الشيطان ياأخويا… .يَعف الله هذا الفتى التقي من الرزيلة .

عقد الشيخ حاجبيه قائلا 

-تبدو فتى ناضجاً تستوعب الامور .

اجابه ياسين بإبتسامة 

-اصبت ياشيخ… .لكن ركز فنحن نريد الخلاص… هز الشيخ رأسه موافقاً وهو يتمم الاجراءات 

-معك حق ..

نهض ياسين واحضر اثنين من اطباء المشفى كشهود… 

انتهى المأذون وغادر… تحت همزات ولمزات الممرضات الفضولية… أما هو فهرول وكأنه كان مسجوناً وتم الأفراج عنه… 

استل وردة من الممر ودخل بها… اقترب من فراشها هامساً وهو يغرس الورده داخل خصلاتها بجانب أذنها 

-مبرووووك ياقلب سيف… خلاص بقيتي مراتي ومفيش أبعد تاني ولاطلقني ..ولو حصل هعلقك… 

ضحكت بسعادة تمنع دموعها بقوة ..لينحني طابعاً قبلة على جبينها… فترتعش وتطلق تنهيدة تأثر… طالت القبلة حتى ظنت انه يريد حفرها… ليبتعد قليلاً يهمس بحرارة 

-البوسه دي مؤقتاً بس ،… بعد كده أنتِ عارفه ....بقا… انهى كلماته بغمزة أخرى ..

لتبتسم بينما دموعها تنهمر على خديها كلؤلؤ منثور… مد طارف أنامله وقد تاهت نظراته الحزينة 

-حبيبي بيعيط ليه… ؟

اشاحت تحاول السيطره على انهيارها تهمس بصوت مخنوق مرتجف 

-كان… ..كان نفسي نرجع بس وأنا مش كده… همس بحدة طفيفة وقد وخزه قلبه حزناً عليها

-مش كده أيه… ماأنتِ زي الفل اهو بكرة تقومي بالسلامه… وتبقي زي الفل .

همست بخيبة وهي تتعمق النظر لملامحه المتشنجه 

-تفتكر… 

رسم ابتسامة واسعة على فمه ليهبط بكفه ويتخلل اناملها قائلا بيقين 

-خلي ثقتك فالله كبيرة… .وبعدين كفاية أنك جنبي… .وضع جبهته على جبهتها هامساً بإنفعال 

-ارتاحي ياحبيبتي… 

قط حديثهم دخول ياسين صانعاً ضجه وجلبه قوية 

-البسكوتة… ياهلا… 

ابتعد سيف عن هنا ليقترب ياسين قائلا وهو يدس قطعتي شيكولا بفمه 

-حمدالله على السلامة يابسكوتة…… ناولها علبة الشيكولا قائلا 

-محبتش أدخل بأيدي فاضيه 

عقد سيف حاجه متسائلاً بفضول 

-منين دي ياياسين… 

جلس ياسين مستفيضاً بمتعه… اصل وأنا داخل غلطت وروحت قسم الولاده… من حسن حظي واحد كان داخل ببلالين وشيكولا… سألني 

-أم عزيز فين… ؟

انا بقا سلمت عليه ورحبت بيه وقولتله أنا ابن خالة أم عزيز… طبعا اداني الي فأيده… أنا فكيت بيهم وهو فضل يدور على أم عزيز

ضرب سيف جبهته بخيبة أمل ،ثم رفع رأسه للسماء قائلا 

-اللهم لا اسألك رد القضاء ولكني اسألك اللطف فيه. 

تناولت منه هنا وهي تحاول الأعتدال لكنها تألمت .ليسارع سيف بإسنادها ..وحين اقترب منها وامتزجت الانفاس خصها بإبتسامة وهمس شتعل

-بحبك… 

ابتسمت له بحب ،وتناولت الشيكولا من ياسين… الذي غادر قائلا 

-عن أذنكم اروح ادور على ابو عزيز… 

ضحك الاثنان على تندر ياسين وفكاهته التي يُحسن بها الاجواء…. 

عاد سيف يتخلل أناملها بكف والآخرى يضم بها كفيهما… مقرباً كفها المغمور بين كفيه يقبله بحب… همست بترقب 

-امتى هترجع المدرسه ..؟

-لما ترجع معايا مراتي وتنورها وتكون جنبي ..

نطقها بتمهل وهو يداعب اظافرها الظاهره من بين كفيه ،لتهمس بخيبة وحزن تراقص بمقلتيها

-ولو مرجعتش… ؟ 

ازاح بأحدى كفيه خصلاتها وهو يُجيب بثقة وكأنه أمر مفروغ منه 

-هنرجع سوا… مش هدخل من غيرها ..تراهني… .؟

ضيق عينيه منتظراً اجابتها ،لتهمس بإبتسامة مشرقة 

-اراهن بس بأيه ..؟

اجاب وقد لمعت عينيه بشقاوة ،مشيراً لشفتيه بعبث 

-بوسه فالمدرسه وفالصف ..

شهقت مستنكرة ،لما يقوله ،ليرفع هو حاجبه قائلا بتحدي وهو يقلب شفتيه 

-مش أد الرهان بلاش… 

تعمقت عقدة جبينها لتُجيبه بروح متحدية شقية 

-لا أده… .موافقة… 

في قرارة نفسها تعلم أنه الخاسر ،فاليأس يتملكها خانقاً أنفاسها لكنها تتشدق بأمل زائف يرسمه لها بحنانه… 

دخلت الممرضه مُعلنه عن اقتراب موعد الجراحه… نظرة استنجاد اطلقتها ليهز رأسه محفزاً بإبتسامة مرسومة خلف قناع قلقه المستعر بداخله… 

تنهدت بإستسلام وارتخت عضلاتها المتشنجه ..

********************

بعد مرور أسبوع… .

اضناه البحث عنها ،… اختفت ولم يعد لها مكان… وأثناء سيره من أمام شقة فادية… اجفله صوت حركة بالداخل لتلتمع عيناها بالفكرة ويسارع بالطرق على بابها متوسماً ..

كيف لم يخطر على باله قط أن تكون موجوده بجانبه ..يالغبائه ..تعمد الطرق بحدة 

لينفتح الباب فيطلق تنهيدة راحة سرعان ما تبدلت لخيبة ،وقفت أمامه فادية شامخة تعقد ذراعيها أمام صدرها وابتسامة ساخره تتعلق بزوايا فمها المزموم بغضب.. 

هتفت بخشونة وقد اوكلت لعينيها إزدارائه وتحقيره 

-نعم… .

ابتلع أدهم ريقة بتوجس فيما كانت عيناه تتهرب من نظرات فادية ..اجاب بتلعث وهو يتطلع خلفها بإهتمام 

-رقية هنا… ؟

اطلقت فادية ضحكة عالية تثير بها حنقة وتُخرجه بها عن طوره ،لتتبدل ملامحه لإمتعاض ونفور واضح فتهدأ ضحكات فادية هاتفه بفحيح متشفي 

-هنا من أسبوع ياأدهم… 

مسح وجهه بكفه ،أخذاً نفساً عميق ليردف بهدوء زائف 

-ممكن أشوفها… ؟

هزت رأسها وهي تحدجه بنظرات لاتُفسر هامسة بفيحيح 

-مالكش كلام معاها ..

اعتلى الغضب ملامحه وتوحشت نظراته المستكينه… ليردف بحدة 

-لوسمحتي يادكتورة… لازم نتكلم… 

اومأت فادية واشارت له ليدخل لكنها ماإن اغلقت حتى انتفضت ثائرة 

-تتكلم فأيه… .أنت ياأدهم تعمل كده… 

اشتعلت عيناه بغضب ليحاول اخراسها 

-دكتورة… 

التوئ فمها بسخرية مقيته… لتشهر سبابتها قائلة 

-سبق وحذرتك… وقولتلك هتشوف وش تاني لفادية لو رقية حصلها حاجه .

صرخ بثورة :

-انا ورقية احرار… رجاءاً متدخليش وتفرضي سلطتك عليها .

هنا جاءه صوت رقية المنهك ليردعه بحده 

-أدهم… .

مشطها أدهم بنظرات ملتاعه يخفي بمهاره شوقاً كاد ينضح من مقلتيه لكن غروره تحكم به وسيطر عليه… ليقترب ويقيد مرفقها ناهراً

-كنتِ فين ياهانم… وازاي تسيبي بيتك .

اقتربت منه فادية ونفضت ذراعه قائلة بقسوة 

-ابعد ايدك عنها…..

ارتمت رقية بأحضان فادية تبكي سوء حظها بمن أحبته… لتباغته فادية بإعتراف فالصميم

-أنت مغرور ياأدهم متسلط… فاهم الحب تحكم وسيطرة استغليت حبها اسوأ استغلال ..بأنانيه وكبر… ودلوقت جاي تدور عليها… ؟

دار يضغط خصلاته بقوة كلماته وشعاراته الغنا تهرب منه ،… .لينطلق همس الآخرى حاسماً بمراره 

-طلقني ياأدهم… 

فغر فمه بذهول ،صدمته أكبر من أن يستوعبها ..لقد ظنها خاتماً بأصبعه حبها له يقتل تمردها… 

ليوجهه كلامه لفادية مؤنباً

-أنتِ السبب أكيد مليتي دماغها… .

ضحكت فادية بإستهزاء مردفة 

-أنت مصدق نفسك… ..مليت ايه ياابني وبتاع أيه ماتدور فدفاترك وشوف نفسك عملت أيه … .أضافت بإستهجان ونبره متوشحه بالذهول 

-أنا لغاية دلوقت مش مصدقة الي حكيتهولي… ولا مصدقة أنك أنت الي قدامي الصحفي النشيط القلم والفكر الحر… .

اردفت فاديه وهي تمط شفتيها وكأنها تبصق كلماته 

-صحيح المظاهر خداعة… وأنت شعارات بس ياأدهم… أنت راجل شرقي متسلط بجداره… عايز تعيش الدور تتحب ومتحبش… يتقدملك الولاء وأنت تمنع كرمك وعطاياك وقت ماتحب أنت وبمزاجك… .وحقيقي الصيدة ضعيفة ومكسورة وأفضل حاله لإرضاخها وفرض العقد عليها… .

ارتد جسد أدهم للخلف تتسع عيناه بدهشة من كلماتها التي اطلقتها كرصاص… صُنع من الحقيقة… 

تابعت فادية بمرارة 

-وللاسف استغليت فرحة علشان تطلع… وتوصل لمنصبك الحالي..مع إن كان ممكن تسلك طرق صحيحة ..لكن أنت بتحب السهل ياأدهم… ومفيش مانع من فرض سلطتك على أنثى واختبار جاذبيتك للستات حواليك .

تمتم أدهم دون وعي 

-بس أنا بحب رقية… 

اجابته فادية وهي تهز رأسها… 

-متأخر وللاسف… دا طبعك حتى لو حبيت مش هتتغير دا طبع ياابني .… عايز الكل يدور ففلكك… بكلمة يبعد وبإشارة يقرب… 

ظل جامداً يتلبسه الذهول ينظر لرقية الصامتة بترقب حائر لكنها كانت تتجاهلة ببراعة… 

أشارت له فادية وقد تلمست انهيار رقية الوشيك الحدوث 

-لو سمحت اتفضل دلوقت… وانتظر ردي ياأدهم .

قالتها متحدية بعيون تلمع بقوة وإصرار… ليتجه أدهم ناحية الباب بتثاقل بعدما خاب أمله في رد رقية… 

اغلقت خلفه واتجهت تحتضن رقية ناحية الحجرة… وضعتها على الفراش ودثرتها… .لتهتف بجدية وقرار نافذ 

-كفاية كده ياروكا… كفاية انهزامية وضعف… الف مره نبهتك وقولتلك الاعاقه هنا… واشارت لذهنها… مش فالجسم… .الاعاقة إعاقة افكار ومعتقدات… إنتِ قوية ومتسمحيش لحد يكسرك… كفاية إستسلام… ربنا اداكي عقل وذكاء حرام تدفنيهم فوحل الأعاقة… 

انهارت رقية بالبكاء… لتحتضنها فادية بحنان معتذرة 

-مش قصدي أجرحك… بس شايفة دماغك وصلتك لفين… 

اجابت رقية من بين نشيجها بنبرة مختنقه 

-أنا تعبانه… .

ربتت فادية على ظهرها قائلة وقد قست نظراتها 

-متخافيش هاخدلك حقك… .وهرجعهولك راكع ..بعد مايتأدب… 

**************

رأها تخطو ناحية القسم الخاص بالنساء خمارها يغطي جسدها تحمل بين راحتيها مصحف تحضنه وكأنها تستمد منه القوة…… عرف من علي أن تواظب على حضور الدروس الدينية بكثرة… وتلتحق بمجموعات تحفيظ القراءن الكريم… 

انبهار ملأ قلبه قبل عينيه وهو يسرد على مخيلته حديث علي عن حفظها واهتمامها بعلوم الدين… .غض بصره بإستحياء… خوفاً منها وعليها ،منها ومن تأثيرها عليه الذي يشبه تعويذه سحرية… وعليها من حديث الناس وتراهات الألسنه التي لاترحم… تأوه بألم… أما آن الآوان لينفك ذلك السحر… .يكاد يجن… ويبتعد أميال ولا يزيد البعد التعويذة إلا قوة… 

شعر ببعض الخجل من نفسه ،لم يكن ضعيفاً هكذا من قبل… شيطان يؤثر عليه بطريقة لم يعهدها… وهو الذي لم ينظر لإمرأة قط من قبل ..تملكته تلك الجنية حد الحسرة ..

نهر نفسه كعادته وجلد ذاته بسياط الندم… استغفر الله ودخل المسجد ليتوضأ من جديد ويبدأ تحفيظ الأطفال… 

وبعد دقائق جاء قاسم للمنزل مستأذناً لتأذن له رحمة ببشاشه… فيشير قاسم لرجل آخر فيدخلا معاً ،تعقد رحمة حاجبيها بحيرة… ليردف قاسم 

-الأستاذ جيلكم فموضوع مهم… 

تلبست الحيرة رحمة ،لتنضم إليهم ياسمين ليست بأقل حيره من والدتها… 

فتح الرجل حقيبته واخرج رزمة من الأوراق قائلا بكدية 

-أنا محامي المرحوم… 

ترحم عليه الجميع… ليضيف الرجل بعملية

-المرحوم،كتب كل مايملك لزوجتة ياسمين… 

فغرت ياسمين فمها بذهول وقد انطبعت على وجهها ملامح البلاهه… أما رحمة فأبتسمت بينما تتراقص الدموع في مقلتيها ،وقاسم لم يكن أقلهم دهشة… بل استعرت بجانب دهشته نيران… لقد فعل راجي لياسمين الكثير . ....وهذا أخرهم وضع شقى عمره بين راحتيها العابثة… 

تحدث المحامي كثيراً لكن كل واحدا منهم يهيم في فضاء فكره متخبطاً ،… .لينهي المحامي حديثة بوصية غريبة حد التفكهه والتندر 

-المكتبة مناصفة بين ياسمين وقاسم ..

المكتبة قديمة مليئة بالكتب العريقة والكثيرة والثمينة جمعها راجي واشترى كتبها بالغالي والنفيس… تُعد ثروة كبيرة… 

استنكرت ياسمين الوصية الأخيرة فهي لم ترد في كل ذلك إلا تلك المكتبة… فكيف تتقاسمها مع ابن عمها… 

غادر المحامي وتركهم كأن على رؤسهم الطير ..لتهتف ياسمين بتحدي 

-المكتبة بتعتي… ومش هقسمها مع حد ولو حابب تأخد فلوس بدال نصيبك نتفق .

ابتسمع قاسم بإستمتاع وهو يراقب زمجرتها العنيفة ونظراتها الشرسة وكأنه تذود عن اطفالها كقطة ....لكنه ولسبب لايدريه هتف ببرود 

-آسف مش هبيع وحقي عايزه .

استنكرت ياسمين قوله فسارعت بإستهزاء

-وده ازاي إن شاء الله… وهتتقسم ازاي… ؟

اتكأ قاسم متابعاً وعيونه تشتعل بشقاوة فرضتها عليه تلك الغاضبة 

-ادخل اشوفها واختار… 

هتفت به معترضة وقد تحفزت خلاياها 

-نعم… .!؟… .لا مستحيل ...

اجاب قاسم وهو ينهض قائلا ببساطة وهو ينفض عن قميصه غبار وهمي 

-براحتك… .وأنا كمان مستحيل… واظن في ورق ..؟

ضربت ياسمين قدميها بالأرض قائلة 

-شايفة ياماما… ؟

ابتسمت رحمة وهي تنظر لقاسم بإعجاب اختلط بسعادتها

-اهدو ياأولاد… .

صمتت ياسمين لفترة قصيرة لتسارع بالقول راضخة مماأثار عجب قاسم 

-طيب خلاص نقسمها بس بكره تمام علشان مش فاضية دلوقت .

اومأ قاسم برأسه موافقاً وغادر بعدها وجميع الأفكار تدور برأسه… 

بتنمر وتوعد اندفعت ياسمين للحجرة متمتمه بإنتصار 

-ماشي ياابن عمي العزيز لما نشوف .

**************

دخل الشرطي صائحاً بخوف 

-الحقنا ياباشا… 

انتفض بدر معنفاً الشرطي 

-في ايه… .؟

اجابه الشرطي بتلعثم وتردد 

-المسجون الي اسمه شريف ..

عقد بدر حاجبية متسائلا بريبة 

-ماله… .

اجابه الشرطي وقد ارتسم الذهول على محياه 

-مبيتحركش 

اخذ بدر سلاحه واتجه ناحية الزنزانه… أمراً بفتحها… ليقترب من شريف جاثياً على ركبتيه ليكتشف انه فقد حياته ..وصعدت روحه لربها 

-مات… .

تفحصه بدر بدقة عله يكتشف السبب لكنه لم يفلح… ليغادر بعدها متخذاً الاجراءات اللازمه .

**********

وقفت أمام مرأتها تلف حجابها بعشوائية… تتفحص ملابسها المحتشمة بدقة ،… .

اسقطت الحبوب الحمل بنجاح… تخلصت من جنين لاذنب له إلا أنه من أم مثلها… ستُطوق بذنبه… لكنها ستسلك طريقاً آخر… ملئ بالعثرات لكنه الأصح فيمن سلكتهم من قبل… .

اعمل والدها تنهار… بسبب نومته بالمشفى… لتقرر بصدق أن تنزل هي للعمل وتتابع ..ستتعلم وتكافح… تخلق منها شخصاً آخر… 

انتهت من تعديل ملابسها الفضفاضه وانتهى معها حبل افكارها لقرار 

ستطمر كل معالم انوثتها ،… فما عادت إلا روح باهتة لأنثى ..… ستكافح مع والدها وتساعده علها تستطيع التكفير عن اخطائها وذنوبها… .

ربما هو مخطئ أيضاً لكن عقابه وصله… إنكسار وخزي سيتبعانه طوال العمر… 

امسكت حقيبتها وغادرت الشقة متطلعة لشمس جديدة تشرق في حياتها.. 

وبعيداً… جداً جلس هو يفكر… .لقد هرب وترك لهم الخزي… من ظنوه ضعيفاً ولقبوه بالأهبل… صفعهم بقسوة وانتقم لكرامته الذبيحه… .

ربما اخطأ لكن وماهو الصحيح بهذه الحياه… .الجميع استغله اسوأ استغلال بدءاً من اعمامه حتى خاله الذي ظنه يوماً والداً له… .

لم يكن يوماً بتلك القسوة لكن صفعات الناس عديمة الرحمة قد تجعل منك يوماً وحشاً…  

الوحش بداخلنا لايصنعه إلا هم بقسوتهم وغرورهم… .فيكونو هم أول من يلتهمهم… لاتلومو… من قسى قلبه وتغير حاله… فلربما أنتم لاتعلمون مامر به… .وحوله لذلك الوحش 

انتشله صوت رخيم من بحور افكاره 

-رامي… ماذا بك ..؟

هز رامي رأسه مجيباً بإبتسامة مهتزه 

-لا شئ مستر باولو… 

مستر باولو ممول لدى خاله أُعجب بذكائه ،لطالما عبر له عن مساعدته إن احتاجها يوماً… لتسنح أخيراً الفرصة ويطلب منه مغادرة مصر… فيرحب باولو بالأمر ويسارع لمساعدته…… بسرية تامه… وينجح اخيراً رامي في الهرب… 

عاد رامي لعمله بنشاط… نافضاً عن رأسه تلك الأفكار السوداويه… .فلا وقت لها الآن فليصنع نفسه وبعدها ربما يوماً يستعين ببعضها للأنتقام

***************

جلس نعيم بجانب نيرمين المنكمشه… يتأملها بملامح صلبه… لاتخلو من الحنان الذي يجاهد لطمره…. حدثها بصوت خشن قوي 

-بصي يابتي… أنا عارف الي حصلك مش ذنبك ....كمان احنا غلطنا أكبر منك… سبناكي بعيد عننا وهملناكي مع جدك… بس ملحوقة… .الي هقولهولك تسمعية والي عنطلبه هتنفذيه اياً كان… 

ظلت نيرمين جامده الملامح تهتز بخوف وحدقتان متوسعتان برعب… .لم تبد أي رد فعل 

ليضيف نعيم بقوة وتهديد صريح ليرعبها 

-حل وسط بدل القتل… .احنا صعايده ودمنا حامي والي حُصل ده فيه موتك… 

زاد انكماشها وتجلى الرعب من عينيها بوضوح ..اشفق له نعيم ورق قلبه… 

ليمد يده يتلمس خصلاتها قائلا بهدوء 

-أحنا ناس نعرف ربنا… .وعارفين أنه مش ذنبك يابتي… بس عاداتنا وتقاليدنا ممنهاش مهرب… علشان كده مفيش غير حل واحد… 

سكن جسدها وتعلقت بنظراته مترقبة ،ليضيف نعيم بنبره حانية حازمة 

-عتتجوزي… .

هزت رأسها مستنكرة للفكرة الهلع يلفها ويغطي عينيها سواد لاتتبين من خلاله إلا ذكرى بشعه ،انتُهكت فيها براءتها… ووشمت بظلم أبدي ..

اجفلها نعيم بحدة وقسوة 

-ده قرار نهائي… مفيش عليه اعتراض… عتتجوزي ولدي… وتعيشي معانا… هو مسافر وبيزورنا كل حين 

انهمرت دموعها بخضوع مرير ،تتجرع مرارة الظلم مراراً وتكراراً… لتقفز لمخيلتها جملة واحده 

-هل يضر الشاة سلخها بعد ذبحها .

لقد ماتت بالفعل… .وآن الآوان لتكتب شهادة وفاتها… 

طبع نعيم قبلة تعكس طباعه الحانية ،عكس مايظهره من جفاء وقسوة وغادر بعدها… 

في الطرف الآخر كان يصرخ هو 

-اتجوز بتوكيل ازاي يعني وليه… ؟

هدأته والدته بعطف 

-اهدأ يارحيم ياولدي… .

ليأتيه صوت والده النافذ المطاع 

-الي خبرتك بيه يتسمع يارحيم وأنت عارف أن كلامي مفهوش رجعه ولا عايز يقولو نعيم معرفش يربي ولا عارف يتحكم فولده .

اجابه رحيم بطاعة وهو يكتم زفرة حانقة 

-حاضر يابوي… .بكره هعمل التوكيل وابعته ....بس أعرف ليه كل ده… ؟

اجابه والده بحسم وهو يضرب بعصاه اعتراضاً وقد قَربت منه زوجته الهاتف 

-من غير ليه… .ولا هتراجعني ياواد… 

مسح رحيم وجهه بكفه ليعاود الهتاف بنبرة ميته 

-خلاص يابوي… .الي تشوفه .

**************

دخل شقتة بتكاثل ،جلس على اقرب مقعد… الألم ينهشه ،… .نعم لقد أخطأ بحقها… وعليه أن يعتذر… .دفن وجهه بين كفيه لينهض بعدها عازماً على مصارحتها بعشقة لن يتخلى عن حبه… ولن يتركها تبتعد عنه سيدفع ثمن غباءة ولكن وهي بجانبه. ..

اتجه للشقة المجاورة فتح الباب… ليدخل… سيركع تحت قدميها إن تطلب الأمر… فخطأه ليس بالهين… بحث عنها ولم يجدها ..زاغت نظراته… وانقبض قلبة… ليهرع عائدا للصاله… ليجد مغلف يحتل وسط الطاولة …   ناقوس الخطر دق بداخله ،زحام دقاته وسط انفاسه… اتعبه وانهكه .جلس وبداخله الأمل يصارع ليطفو لكن الخيبة تجتثة من جذوره 

فض المغلف ليجد ثلاث ورقات 

-الأولى كُتب عليها بخط عريض قوي قاهر 

(متحاولش تدور عليها… ياأدهم…… لاني هوريك وش فادية الحقيقي ..اه ومتنساش تشوف هديتي ليك… )

فتح الورقة الأخرى طاف على الكلمات ،بسرعة… لتُختتم الورقة بكلمات ذابحه 

(يارب تكون الهدية عجبتك… .مراتك… رقية حامل ياأدهم،… يعني أنت هتبقا أب بس وريني هتشوفه ازاي… ..)

كور أدهم الورقة…. ضارباً الطاولة أمامه بقوة .....دفن وجهه بين كفيه… يتجرع المين الم فراقه عنها وألم معرفته بأنه سيصبح أب ولن يرى طفله… .

من يلوم… ؟ غروره وتسلطة… ؟ أم جبروت فادية والذي في قرارة نفسه يوقن بأحقيته له… ، تأوه بألم وهو يسترجع مافعله معها لقد كسرها مرات ومرات… بل تفنن في ذلك والحجة واهية ومبرره ضعيف… 

عايرها بعلتها ولم إلا هو صاحب العلل… .

امسك الورقة الثالثة وقد جذبته برائحتها ،ليدرك انها منها… .ويالوجعه لم تكن إلا حروف متفرقة وكأنها استكثرت عليه أن تكون كامله 

(ب… .ك… ر… .ه… ك)..بكرهك،… 

غامت عيناه بدموع آبيه ،قاسية كأفعاله… .توخز عينيه ولا تنهمر وتريحه… .طوى الورقة وطوى معها أدهم كرهه هو وكرهته هي… وضعها بجيبها… موضع قلبه… .وهو يهمس 

-مش هسيبك يارقية… ابداً مش هسيبك .

*************

مات زوجها بأزمة قلبية ولن ترتدي السواد… .وإن تحدث الناس عنها فليتحدثو وما الجديد… ماعاد حديثهم يعنيها ولا تراهاتهم تحرك بها ساكناً… ستعيش لفتاتيها ولنفسها فقط وتفعل مايحلو لها وماتشاء… وتباً للأقاويل وليذهب المتلصصون والمتطفلون الى الجحيم… 

اتجهت ناحية التلفاز… اشعلت أغنية شعبية… وصاحت بفتاتيها والحماس يتلبسها 

-يلا ياأميراتي ..

اتجهن إليها ضاحكات صنعن دائره وبدأن الرقص بمهارة ورتابه… تعالت ضحكاتهن الفرحة… تشق عتمة النفوس… 

لن تعيش بعد اليوم إلا لنفسها وفتاتيها… فقط ..لن تبالي بأحد… ولن تهتم لشئ ..ستصنع لنفسها حياة داخل الحياه وتسرق الابتسامات من عبوس الدنيا الخانق… 

التقطت أمل أحدى الوسائد وبدأت بضربهن والركض خلفهن… ليصحا الفتاتان بمتعة ويتبادلا معها الضرب بالوسائد… في متعة حقيقة لا تضاهيها متعة… 

*************

دخل علي المشفى وأمام حجرة هنا صاح بكل عزمه 

-ياأهل الدار… .

عبست ملامح سيف ،ليردف ياسين ببهجه 

-ده ويكا ..

عقدت هنا حاجبيها مستفهمة 

-مين ويكا ده… .؟

سيف بعدم اكتراث وهو يعاود اطعامها 

-دا واحد صاحبنا بعدين احكيلك عنه 

زمت شفتيها قائلة بمشاكسة يتلبسها الضيق 

-هو لسه في اسرار وحاجات معرفهاش عنكم ..؟

ترك سيف الطعام جانباً ليبتسم لها بحب قائلا وهو يتعمق النظر لعينيها

-أنتِ سر سيف… .ياقلب سيف… ومفيش غيرك 

لانت ملامحها برضا ..وابتسمت بعشق ..ليقطع علي حديثهم قائلا 

-القصب الي معايا هيولع ياجدعان من الحب الي منتشر .

حمحم سيف وابتعد عن هنا ،ليضع علي القصب جانبا… والقفة الآخرى تحت نظرات سيف الذاهلة ،اقترب من هنا هاتفاً ببشاشه 

-الف سلامة يامرات الغالي… 

همست هنا بإبتسامة مشعه وقد لاقت بشاشه علي لديها استحسان ،ليهتف سيف بغيظ 

-ايه ده ياعلي… ؟

علي متصنعاً البساطة وهو يفرد ذراعية 

-دي زرعة القصب القبليه… 

استنكر سيف بغضب 

-فالمستشفى ياعلي ..ودخلوك بيها ازاي ..

هتف علي بفخر 

-لا ..لا… ماأنا رشيت الأمن ودلوني عالباب الخلفي… 

ضرب سيف كفاً بكف ،ليضيف علي بحماس 

-وده فطير مشلتت من صنع بلدنا بالسمن البلدي… وعسل ابيض وجبنه قريش… وبيض… 

صفقت هنا بمرح قائلة 

-فطير… .بجد ..

انحنى بفخر وهو يلوي فمه ممصمصاً

-امال يا غالية… .

التفتت هنا لسيف متوسلة 

-ممكن أكل منه… .

رمق سيف علي بنظره حادة متوعده… ،ليكتم علي ضحكاته… .فيعود لها سيف مهادنناً

-معلش يانونه مش هينفع لما تطلعي وتخفي… 

زمجرت هنا بإعتراض وهي تعقد ساعديها بتزمر 

-لا عايز أكل ..دلوقت وسيبك من الغدا ده ..

تقبضت يد سيف وهو يتطلع لعلي بقهر ،فيتجه علي ويخرج فطيره ويناولها له مُغيظاً

-دا أكلنا فيه الشفا… 

تناولها سيف مرغماً ،ثم اشار لعلي بإقتضاب 

-بره ياعلي… .

هتف علي بذهول زائف 

-يااااه بتطردني ياسيف ..

احتدت ملامح سيف ونهض متحفزاً لتنفلت ضحكات علي… ويخرج مسرعاً… 

ادخل علي رأسه من الباب قائلا بتشفي 

-حامد بيسلم عليك… 

عقد سيف حاجبيه مستفهماً وقد بانت إمارات الدهشه على وجهه… لتهتف هنا وهي تدس قطعة فطير 

-مين حامد… ..؟

علي بضحكة مُغيظة وهو يحرك حاجبيه بمتعة 

-دا التور بتاعنا… اصله شاف جوزك حصل بينهم حنين وحنان… فشك انهم اخوات فالرضاعة .

تعالت ضحكات هنا تشق الصمت ،بينما سيف ركض بإتجاه علي للأقتصاص منه ..

غصت هنا من كثرة الضحك ليقترب منها سيف ويناولها كوب الماء معاتباً

-عجبتك… .ياأختي .

التقطت هنا انفاسها… لتهتف وهي تعاود الضحك مره آخرى

-بجد علي ده تحفه… .

اشاح سيف برأسه في تصنع للحزن واهي… .لتدير هنا رأسه اليها قائلة 

-خلاص سكت اهو… 

تناول قطعه فطير ودسها بفمها هامساً بعيون مشتعلة وترقب شغوف 

-هو العسل بالفطير طعمه أيه ..؟

رمشت تستوعب السؤال لترد ببلاهه 

-طعمه عسل أكيد… 

سيف وهو يقترب منها بخبث 

-طيب خليني أدوق مش يمكن يطلعله طعم تاني معرفوش ..

عضت شفتيها مبتسمة وقد وصلها المعنى المتواري خلف حديثة ،… وحين حاول الأقتراب وامتدت كفه تتخلل خصلاته… انتفاضه سرت بجسدها وانكماش رافقة انعقاد حزين لملامحها ..ابتعد سيف مزعوراً يتأمل شحوبها المفاجئ ..

ليردف بحنان 

-مالك يانونه… ؟

احتضنت جسدها تسأل بإرتجاف وهي تتأمل وقع كلامها على ملامحه

-سيف هو أنت ليه مسألتنيش حصل ايه مع يوسف… .؟ وليه اتجوزتني قبل ماتعرف طيب ما ممكن اغتص… 

امتدت انامله تضغط على شفتيها بإعتراض فاضت به عيناه قبل لسانه 

-لا… .ياهنا متكمليش… مش عايز أفتكر ..ولا أنتِ تفتكري… انسي ياقلبي… 

يعلم انه بقرارة نفسه كاذب ،فنيران الفضول لمعرفة ماحدث تحرقة يومياً ..تؤرق مضجعه ..وحين أتى بدر ليستوفي التحقيق رفض المكوث والاستماع ..لن يتحمل خاصة وان غريمة مات ،هو من كان يتمنى أن يقتله بنفسه متلذذاً بذلك… 

ابتسمت بضعف لتهمس وقد تجمعت الدموع بمقلتيها 

-ملمسنيش ياسيف… مسمحتلوش ولما حاول يقرب البلكونه كان قريبة مني ..فرميت نفسي منها… الموت أهون عليا .....غصبني عالدخول وقفل ورايا الباب… اتهجم عليا جريت على الحمام دخلته وقفلت ورايا وكلمتك… كسر الباب ودخل… ضربته ورشيت عليه شامبو ..أقرب حاجه جنبي فالوقت ده… .جريت للصاله ..طلع ورايا لما قالك أنه قلعني كان بيكدب ..أول ماحاول بس يلمسني… كنت اسرع منه ورميت نفسي.. صمتت تسيطر على دموعها لتضيف بإبتسامة 

-من حسن حظي كان تحت العمارة رملة وقعت عليها من الدور الثالث…تقريبا العمارة كانت سكن جديد .. 

مسح دموعها بألم يخترق صدره لكنه شعر بحاجتها لحضنه فسارع لضمها بقوة بين ذراعيه ،يمسد خصلاتها حنان ،فخور بها ،… .عاشق لها .. طببت جرحه ،… بكلماته… لم يلمسها أحد حافظت بضراوة عن شرفها وحقه فيها ....حفظت له ماهو له… 

همس وهو ينثر قبلاته الحارة على خصلاتها

-أنا بحبك أووي ياهنا ..

لفت ذراعيها حول خصره متمتمه بخفوت وهي تُغلق عينيها براحه 

-وأنا كمان بحبك أووي .


بعد مرور شهران…… .

  يكتنفها صمت مهيب ،تتابع انهماكه في صنع طعامها المفضل ،… .همست بخفوت غير راضية ،-خلاص ياسيف أنا هأكل اي حاجه .

استدار إليها يجثو على ركبتيه امامها يحتويها بنظراته قائلا بحنان 

-ليه ياحبيبي… 

ضغطت شفتيها بقوة فيما انسابت دموعها على وجنتيها لتضيف بصوت متحشرج متألم 

-كفاية… ياسيف متخلنيش اكره نفسي اكتر من كده ايه… 

ضم وجهها بحنان يمسح دموها بإبهاميه ليخرج صوته مليئاً بالعذاب 

-لا ياقلب سيف… .متعيطيش… .

اشاحت بوجهها تكتم شهقاتها المتتاليه ،ليضيف هو بحنان ونبرة عاشقة 

-طيب قوليلي عايزه أيه… ؟

اجابته وهي تكفكف دموعها تطالعه بأمل 

-وديني لماما أنا بجد مش قادرة ،بعد الي حصل وأنت مش مخلي حد يقرب مني ياسيف… كل حاجه بتعملهالي أنت… رغم تعبك .

اقترب منها يُلصق جبهته بجبهتها يحتكر انفاسها ..فيما كانت كفيه تملسان على خصلاتها بحنان همس 

-ولا عايز حد غيري يقرب منك… ولا غيري تنامي فحضنه… .

عاتبته بهمس ناعم وهي تتأوه برفض وإستنكار 

-سيف… ارجو

قاطعها وهو يقرب شفتيه منها يتلمس وجهها مردفاً بلوم 

-طيب وعايزه تسيبني لوحدي يانونتي ..

تعلقت برقبته قربته هامسة برقة تحمل بين طياتها عشقاً لاينتهي 

-ابدا عمري… .بس انت بتتعب… ياسيف 

كفايه متحمل عجزي .

مرر سبابته على شفتيها رافضا مقاطعاً 

-عجز أيه بس… هتخفي وهتقومي ..وهعذبك فشغل البيت… 

ابتسمت من خلف دموعها لمداعبته التي يعذيها بها ....

نهض واقفاً بغتتة وحملها بين ذراعية ضارباً بإعتراضها عرض الحائط… خرج بها إلى الصاله ولف بها قائلا 

-شكلك زهقتي وعايزه تلعبي… طيب ياستي ..جيتي فملعبي… 

دار بها وهي متشبثة بملابسه تضحك بسعادة هاتفة 

-كفاية بقا نزلني… 

هتف بتعنت وهو يلف بها 

-قولي مش هسيبك ومش عايزه اروح عند ماما .

نهرته بقوة تناقض ضحكاتها المستمتعه 

-سيف نزلني كفايه .

اعترض بغرور وشقاوة 

-لا قولي الأول .

لتهتف بحسم ونفاذ صبر وقد ارهقها الدور 

-عمري ماهسيبك… 

صدق كلماتها وباطن معانيها جعلع يتوقف يزرع عينيه في عينيه… ليهمس وقد ضمها أكثر لأحضانه 

-قولي ابداً ابداً 

شعرت بما يعنيه ،كلماته ضغطت على جُرح الماضي انفعاله المكتوم جعلها تشدد من احتضانه مردفه بهمس مؤكد 

-ابداً… إلا لو موت… .

تاوه بصوت ملتاع هامساً وهو يضغط شفتيه 

-متقوليش كده… ياقلب سيف أنتِ حبيبتي فكل وقت وكل زمان بعيد الشر عنك ياقلب وحياة سيف

انزلها سيف ووضعها على ساقه جلس بها هامساً وهو يداعب خصلاتها

-أنتِ عارفه أن دي أخر عمليه الي جايه وبإذن الله هتقومي تمشي ..

اصطبغ وجهها بالقلق لتردف بهمس مرتجف 

-متخافيش طول ماأنا جنبك 

طوقت عنقة بذراعيها ليهمس بيقين يواري خلفه قلقه المستعر 

-هتقومي وهتخفي وهتمشي بإذن الله… 

همست وهي تشدد من احتضانه 

-يارب… 


***********

بعد مرور شهران آخران 

هتفت رحمة وهي تُشير لطفلها بمكر 

-علي تعالى عيزاك… 

مط علي شفتيه وتقرب منها متسائلاً

-نعم… 

احاطت كتفيه قائلة بنبرة لاتخلو من الخبث 

-بتشوف عمتك وعمك… .؟

هز على رأسه قائلا بنفور واضح 

-لا… 

ابتسمت رحمة وقربت طفلها منها قائلة 

-طيب اسمع الي هقولك عليك ونفذه بالحرف ..اومأ علي بحماس واصغى لحديث والدته بإنتباه 

-كتب كل مايملك لياسمين ..

هتفت بها عمة علي حين اخبرها تفاصيل وصية راجي وسرد عليها مقدار ما كان يملكه ..

هز علي رأسه وقد استطاب اللعبه التي قرر اللعب بها هو ووالدته. بذكاء رجل لا طفل 

-ايوه… .بقا عندنا فلوس كتير ..ومش محتاجين الورث لانه قليل بالنسبه للي سابهولنا راجي .

كزت العمة اسنانها بغيظ واضح ،وبغض جلي… .وبين هذا وذاك ..نبت الحقد وترعرت الغيرة 

عقدت ساعديها متمتمه 

-وأنا الي افتكرت يادوب سبلكم البيت… .بقا راجي طلع يملك كل ده ..؟ والله محظوظه من يومك يابنت رحمه .

حرك علي طاقيته… فوالدته لم توضح هدفها الحقيقي من النيران التي ارادت اشعالها ،فقط اختصرت قولها بأن حركت النزعة الطفولية لدية بالنيل من عمته وعمه وإغاظتهم بالمال… وهو كان أكثر من مستمتع يراقب بشغف طفولي متسلي… 

استأذن علي ليلحق بدرس تحفيظ القرآن ،وعمته جلست على كرسيها تقضم أظافرها بغيظ وحسد تملك منها… 

دخل اخوها وجلس بجانبها يحدجها بتعجب ،لتعتدل هي قائلة نبرة شيطانية 

-سمعت بالي حصل… .؟

ضرب على بطنه مستفهماً بصوت ثخين جاف 

-خير ياوش الخير ..

رسمت على وجهها قناعاً شيطانيا وهمست بفحيح 

-راجي الله يرحمة كتب كل مايملك بأسم بنت اخوك بيع وشراء… .

هتف الأخ بسخرية 

-وهو يعني كان حيلته أيه… .؟

ضحكت مستهزئه وهي تقف مقتربة منه 

-دا أحنا الي حيلتنا ايه… .؟ دا علي جاي يقول مش عايزين ورثنا… راجي سبلنا فلوس كتير… شفت… بقا الي ليهم عندنا فتافيت… .مع اننا لينا حق ففلوس راجي .

فرك الأخ ذقنه بأنامله متسائلا 

-تقصدي أيه… ؟

انحنت تعاود الهمس وقد تلونت شفتيها بإبتسامة منتصرة 

-هو مش أحنا الي كنا السبب فجوازها من راجي يعني لينا فالخير ده ..

لوح الأخ قائلا بخيبة 

-وهو بعد الي حصل ده… .وطلاقي لرحمة هيبصو فوشنا ولا هنقدر نطول حاجه .

-نجمع الشمل من تاني… .وندفي الخير ده عندنا ..

نطقتها بتمهل مريب ،مما دفه الأخ ليهمس بغباء 

-مش فاهم… .

ضيقت عينيها مضيفة بخبث 

-ياسمين تتجوز راجي… .وساعتها كله هيبقا تحت ايدينا… 

ضحك الاب ساخراً

-وهو يعني قاسم الي هيوافقنا… 

-هتقدم السبت… وتدخل على قاسم بحاجتين… الأولى أنك ندمان… وهتديهم ورثهم والثانية… أن في عريس قصدك لياسمين…وأنك خايف على سمعتها وندمان… وابنك طيب وهيصدق… 

ابتسم الأخ بقبح ولف شاربة قائلا بشرود 

-براڤو عليكِ ..بتفهمي… 

اشارت بفخر وغرور 

-من يومي… .ثم أردفت  بإصرار

-بس يوم ما تكوش على كله بالنص… .

هتف وهو يضربها ضاحكاً 

-طماعة… .

لتردف بضحكة مماثلة 

-من بعض ما عندكم… .

*****************

ًدخلت رحمة حجرة فتاتها ترسم ملامح حزن زائفة على وجهها ،رفعت لها ياسمين رأسها وقد لاحظت توتر والدتها وإرتباكها الواضح…… نهضت ياسمين من خلف المكتب واقتربت من والدتها هامسة 

-مالك ياماما… ..؟

حركت رحمة خرزات مسبحتها وهي تجاهد لتتكلم 

-في موضوع عايزه اكلمك فيه… ؟

احتضنت ياسمين كفي والدتها المرتعشتين هامسه بإبتسامة رقيقة 

-خير ياماما… 

رفعت لها رحمة عينين مثقلتين بالحزن الزائف لتردف بأسف 

-بلاش الخروج الكتير ياياسمين… احفظي فالبيت يابنتي واقراي وافهمي من الكتب ..

تسائلات ياسمين بغلظة وهي تعقد حاجبيها بإعتراض 

-ليه ياماما… ؟

اجابتها رحمة بحزم وهي تسبر اغوارها 

-كلام الناس وأنتِ ارملة وصغيرة ،… بلاش يابنتي احنا ستات وملناش حد ..

تحفزت ياسمين بهجوم… وهتفت بثورة 

-أنا مالي ومال الناس .. دي حياتي ..

مطت رحمة شفتيها بأسف قائلة وقد راقتها ردود ياسمين

-مبقاش ينفع… .والي أنقذك زمان مات… .

نهضت ياسمين صارخة بعنف ويأس 

-والله الي بيحصلي ده حرام… .

طرقت رحمة عالحديد وهو ساخن قائلة 

-وعمك… 

استدارت ياسمين قائلة بغضب 

-وماله ده كمان… .؟

اجابت رحمة بإنكسار زائف وتوتر مرسوم بدقة 

-مش هيسيبك…… فعلشان خاطري خليكِ فالبيت يابنتي… 

زمجرت ياسمين بإعتراض ،عض قبضتها بقلة حيلة وغيظ ،لتواسيها الأم وهي تغلف ابتسامتها بظفر 

-علشان خاطري يابنتي ..خلينا فحالنا وبعيد عن الناس… 

شحذت ياسمين نفساً قوياً وأومأت بموافقة لا تمت لملامح وجهها المعترضه بصلة 

-حاضر ياماما… .

خرجت رحمة من الحجرة بعد أن حققت ماارادت ،إثارة الزوابع… 

خرجت للحديقة شفتيها تحمل ابتسامة معبقة بالانتصار… .وحين لمحت دخول قاسم من البوابة تيقنت أن خدعتها البسيطة جاءت بنفع ..واجدت ثمارها… 

هتف قاسم ببشاشه 

-السلام عليكم… .

ردت رحمة بهدوء ومحبة 

-وعليكم السلام أقعد ياقاسم ..

جلس… ممتثلاً… صمت لفحهم كانت فيه عينان رحمة تراقب نظرات قاسم المختلسه ناحية المنزل والشرفة بترقب حائر ،لتهمس بداخلها قائلة 

-آن الآوان ياقاسم… .الطير يرجع لعشه… 

هتفت رحمة وهي ترمقة من خلف اهدابها 

-جارتنا الي هنا تصور جايه تخطب ياسمين لابنها المغترب ..

احتدت ملامح قاسم ،وقست نظراته ،اذاً فكلام والده صحيح… .لم يكن يبالغ… يريدون سلبه قلبه مره آخرى ..

اضافت رحمة بذكاء 

-وبيني وبينك ياابني… الولد كويس وياسمين صغيره… واحنا ستات… اهو اطمن عليها ..

-وانا… .

نطقها قاسم بسرعة اجفلت رحمة ،وحين التقت نظراته بنظرات رحمة ازدرد ريقة قائلا بخجل 

-أقصد أنا موجود لحمايتكم ومساعدتكم .

تراقص شبح ابتسامة على فم رحمة لتردف بملاح لاتفسر 

-بصراحة ياابني دخولك وطلوعك علينا… مبقاش كويس وفصالح ياسمين خاصة بعد طلاقي من والدك وعزلتنا فبيت راجي ....سامحني يابني بس غصب عني بقول كده .

فرك قاسم جبينة بتوتر ،فما تقوله رحمة صحيح ..ودخولة قد يجلب لهم اقاويل ومشاكل هما غنى عنها… .

صمت لفحة ،لتحتار رحمة في ردود افعاله ..لكنها تلمست صراعه على صفحة وجهه… 

ليحسم أمره ويرفع رأسه قائلا بتحدي 

-خلاص يبقا أنا اولى وبدل مادخولي يكون بدون صفه نخلية بصفه 

عقدت رحمة حاجبية بدون فهم… متسائلة 

-مش فاهمة… 

اجابها بسرعة… وثقة 

-أنا عايز اتجوز ياسمين ،واعتقد أنا أولى ببنت عمي… 

همست رحمة وهي تلتقط نفساً راضياً .مبتسمة بحبور 

-اولى ياقاسم أولى… 

انتبه كلاهما لصوت تحطيم ليسديرو فيجدو ياسمين واقفة جاحظة الأعين الصدمة تتجلى على ملامحها 

وبعد دقائق…كان صياح ياسمين وفورة غضبها تلتهم صمت المنزل… 

-تاني… دا بعده… هو ايه كل مايتزنق أنا اولى هو انا جوال بطاطا… قدام حضرته… ماهو اتخلى عني زمان ..دلوقت عايز يرجع… هو أنا أيه… 

لم تنتبه ياسمين لاعترافها الأخير لكن رحمة كانت تستمع بصدمة وذهول… لهذا الاعتراف .… لتدرك أنها فعلت الصحيح فبعمق قلب صغيرتها يمكن جرح متقيح صنعه قاسم… وهو وحده القادر على معالجته… 

اجابتها رحمة بهدوء ورزانة 

-ما بدل ما تتجوزي حد تاني… 

صاحت ياسمين رافضة 

-وليه اتجوز… ..؟

اجابت رحمة وقد اظهرت بعض الحدة في حديثها 

-علشان مبقاش ينفع… ..كلام الناس هيكتر حواليكي ..واحنا بقينا محتاجين راجل… وعمك بدا يحوم… .

-لو قرب مننا هنهشه بأسناني… 

نطقتها ياسمين وهي ترسم على وجهها نفور وشراسة .

لتضغط رحمة غير عابئة بجرح فتاتها 

-ومنهشتهوش ليه… قبل كده ..وعملتي ايه لما عمتك كانت هتموتني ..

ارتخت ملامح ياسمين وشعرت بالخزي من نفسها ،أشفقت عليها والدتها من كلماتها الجارحه المعنفه… ..لكن ماباليد حيله… 

اجابت رحمة بهدوء وحسم 

-قاسم بس الي يقدر يمنع عننا عمك وجبروته ..

اجابت ياسمين وهي تضغط خصلاتها بصراع 

-بس أنا بكرهه… 

هنا يكم ن بين حروف الكره حب بلغ الحد… ..،

اضافت رحمة بحسم وقرار نهائي 

-أنا رايحة عمرة… ومش هينفع اسيبكم لوحدكم كده ..

هتف ياسمين بسخرية 

-ياسلام… سبب منطقي… فتقومي تتجوزيني ..طيب نروح معاكي… 

اجابت رحمة بحدة 

-ياسمين… .الي عندي قولته… .هكلم قاسم وابلغه بموافقتنا على كتب الكتاب يوم الخميس ..

همست ياسمين بمهادنه

-ياماما… 

قاطعتها رحمة بنفاذ 

-خلص الكلام يابنت الشيخ وكتب كتابكم الخميس الجاي… 


       الفصل الثاني والعشرون والاخير من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close