رواية شغف رحيم
الفصل الخامس 5
بقلم أسماء محمد
تركهم ذلك المدير الغليظ، لتقوم شغف بأخذ هاتفها، لكي تتحدث مع والدها، تخبره بعدم مجئها اليوم وغدا أيضاً.
لتبعد عن اصدقائها بضع دقائق حتى تعود مرة أخري إليهم قائلة:
- اي هنهبب اي في الليلة السوده دي؟
لتهتف جهاد بضيق قائلة:
- انا معرفش العنوان فين اصلا؟
هتف علي قائلاً:
- انا معايا العنوان، بس سؤال انتوا مش طايقين نفسكوا ليه.
هتفت شغف بضيق قائلة:
- انت مش شايف المدير بيتكلم ازاي؟
- يا بنتي فكك عادي، يلا علشان متحصلش مشاكل لو اتاخرنا.
لتهتف شغف بابتسامه قائله:
- تمام..يلا.
ليذهب الجميع الى فيلا عثمان الجوهري حتى يقوموا بعملهم سريعاً.
*******
على الجانب الآخر؛ في صعيد مصر خاصةً مدينة سوهاج، في ذلك اليوم تحديدا الساعه الثالثه عصراً، داخل أحد القصور الفخمة في تلك المدينة، التي تشبه إلى حد كبير من فيلات القاهره، خاصة التصميم الداخلي، تركض فتاة في الثامن عشر من عمرها، ترتدي جلباب ازرق اللون، قصيره بعض الشيء، تتميز بالعيون البنيه الواسعه والشعر الأسود الطويل، قائلة بمرح:
- أبيه نادر، أبيه نادر.
لتركض في احضانه، يبادلها هو الآخر ذلك العناق الشديد قائلاً:
- كيفك يا دموع، اتوحشتِك اوي، والله و بقيتي عروسه يا بت ابوي.
- لتحمر هي خجلا من كلام أخيها قائله:
- خجلتني يا أبيه، طولت اوي المره دي، اتوحشتَك اوي اوي.
- وانا كمان يا قلب اخوكي اتوحشتِك اوي، اخبار دراستك اي.
- الحمدلله.
- شيدي حيلك عايزين نقولك يا داكتوره.
لتهتف وهي مبتسمه قائله:
- بإذن الله.
ينظر نادر حوله ليهتف مره اخرى لها قائلاً:
- اومال ابوي فينه..؟
- راح يطُل على عمي وچاي.
اثناء حديثها وجدوا من يدخل خلفهم، ليدخل ذلك الرجل الطويل الذي يرتدي جلباب، وعمامه على رأسه، ويمسك بيده تلك العصا، التي تسمى النبوت، لتهتف دموع بفرحة قائلة:
- حمدالله على سلامتك يا ابوي، اخلي بدريه تحضرلك الغدا؟
- لا يا بتي كتر خيرك، كلت عند عمك، روحي كلي انتي علشان عايز اخوكي في حديت.
- حاضر يا ابوي.
ما إن ذهبت دموع حتى هتف سعيد قائلاً لإبنه:
- تعالى ورايا.
ليذهبوا جميعا الي المكتب حتى لا يسمعهم أحد.
جلس سعيد على كرسيه بينما جلس نادر أمامه ليتحدث قائلاً:
- عملت اي في الشغل اللي في مصر.
- كل حاجه بخير يا ابوي.
ليتحدث سعيد بطرف عينه قائلاً:
- وعمك اللي في مصر، عملت وياه ايه؟!
- الظاهر يا ابوي إن بنته معنديهاش خبر بالاتفاق اللي بينكوا.
ليبتسم سعيد بخبث قائلاً:
- وماله يا ولدي نخليها تعرف.
فهم نادر ما يدور في عقل والده لينظر إليه بضيق قائلاً:
- اللي تشوفوا يا ابوي.
******
(داخل ڤيلا الجوهري)
-الاااااااااااااااااااااء.
هتفت بيها نادين بسعاده لتنظر لها ثم إلى الاب توب الذي أمامها قائلة:
- بصي كده الاستايل ده حلو اوي نجيبه أنا وانتي بس اللون مختلف.
تترك الاء الاب توب الخاص بيها، لتنظر نحو نادين وهي تتفحص ذلك الفتسان الطويل، ليس لديه حمالات، يضيق الصدر، حتى ينتهي بذيل سمكه.
- اممممممممم، مش عارفه.
- والله حلو، ها اي رايك.
- ماشي، بس انا عايزه اللون الاحمر.
هتفت نادين بسعاده قائله:
- تمام اوي، أنا اصلا بحب الاسود فهجيبه اسود.
****
مر نهار ذلك اليوم سريعا ليأتي الليل؛ تحديدا الساعه التاسعه مساءا، فكان الجميع يجتمع على العشاء كعادتهم، ليتحدث الجد قائلا بصرامه بعض الشيء:
- كل حاجه جهزت يا سوسن؟
لتتوقف سوسن عن الأكل لتشارك مع الجد حديثه قائله:
- ايوه يا عمي، كله جهز والبركه في حضرتك.
هز الجد رأسه، ثم وجه حديثه نحو نور التى كانت شاردة الذهن قائلا:
- مبتاكليش ليه يا نور؟
انتبهت نور لحديث جدها، لتهتف بابتسامة متصنعه قائلة:
- معلش يا جدي ممكن اطلع فوق علشان تعبانه شويه وعايزه ارتاح.
صمت الجد قليلا حتى اومئ برأسه موافقا على ما قالته، لتذهب مسرعاً نحو غرفتها، تحت أنظار فارس، الذي قام الجد بدعوته على العشاء؛ ليمضي معهم ذلك اليوم، وخاصة أن جد فارس رحمه الله كان صديق عثمان كثيراً.
عندما ذهبت نور أغلقت الباب بقوة خلفها، لترمي بجسدها على الفراش حتى ذهبت في نوبة بكاء مرير.
تحدث فارس هو الآخر قائلاً بنعاس:
- تسمحلي يا جدي.
سمح له الجد بالذهاب، ليهرول مسرعا نحو غرفته، ليأخذ حمام دافئ، حتى ينسى ما سيحدث غدا.
بدأ الجميع بتناول الطعام مرة أخرى ولكن قاطعهم دخول الخادم قائلا:
- عثمان بيه، في ناس بره بيقولوا إن رحيم بيه طلبهم علشان يشرفوا على الاكل.
نظر رحيم إلى الصحن الذي أمامه باسما لكنه يخفي ابتسامته مسرعا، ليتحدث بجديه قائلاً:
- ايوه انا طلبتها... قصدي طلبتهم علشان مش عايز اي غلط يبقى في الخطوبه بكره، ودول هيكونوا مسؤولين عن البوفيه.
اومئ الجد رأسه لينظر الى سعاد، لتفهم ما يود قوله، لتهتف إلى الخادم المسن قائلة:
- ماشي يا عم سيد، أحنا مش محتاجينهم دلوقتي، فجهز ليهم أوضة الخدم اللي في الجنينه يناموا فيها، بس هما كام واحد.
اجاب عم سيد قائلا:
- 3 بنات وشابين يا هانم.
-تمام، طبعا عارف البنات لوحدها والشباب لوحدهم.
هتف سيد بعملية قائلا:
- عيب يا هانم عارف.
- تمام
ذهب سيد إليهم ليعطيهم الغرفه حتى يأخذوا قسطا من الراحه قبل العمل الشاق غدا.
*****
كان يسير فارس نحو غرفته حتى سمع صوت بكاء يصدر من غرفة نور، ليفزع قلبه ويذهب مسرعا نحو الغرفه، كان سيطرق الباب، لكنه وقف قليلا يستمع لبكائها، لا يعرف لماذا شعر بسعادة غامرة في قلبه، هل لانه فسر ذلك البكاء على أنه لا تريد الزواج من رحيم، أم لسبب آخر مجهول؟!
لا يعرف ماذا اصابه، لكنه ذهب إلى غرفته التى تلصق بغرفة نور فهي مخصصه له دائماً، وعلى وجه علامات الفرحه.
*****
على الجانب الآخر داخل الغرفة التي توجد بها شغف بعدما أعطى لهم سيد الغرفه كما أمرته سعاد، واعطى لشباب غرفتهم، للتحدث جهاد وهي تنظر الى نور وشغف قائله:
- بس اي الجمال ده شوفتي منظر الفيلا واحنا داخلين، ولا كأننا داخلين قصر السيسي.
هتف كلا من شغف ونور في أن واحد:
- تاااااااني يا جهاد.
لتنظر لهم جهاد مستغربه لما يقولون، فهما معهن حقا فيما قالهن، فجهاد حينما تجد شخصا ثريا تحاول الوقع بيه، فهي تريد أن تعيش حياة كريمة دون متاعب، ولكن يغلب عليها جميع التوقعات ليخذلها الأشخاص الأثرياء، بأنهم يريدونها نزوه فقط لا اكثر.
هتفت جهاد مسرعة قائله:
-اي ده... لا انتو فهمتوا غلط، ثم انحنت رأسها بخجل وحزن قائله:
- اللي حصل معايا قبل كده مستحيل اقرره، أنا خلاص قفلت من كل حاجه، ومن الصنف الزباله ده اصلا.
هتفت شغف حزنا على حال صديقتها قائله:
- يا حبيتي زي ما في الوحش في الحلو، انتي بس دايما بتقابلي الوحش، مش عارفه ليه.
نظر كلا من جهاد ونور إلى شغف حتى ذهب ثلاثتهم في ضحكات لا تنتهي.
*****
مر ذلك اليوم سريعاً، حتى جاء صباح اليوم التالي خاصةً الساعه السابعه صباحا، فحال الفيلا كما لو أن الساعه الواحده ظهرا، الكثير من يدخل ويخرج، أصبحت الڤيلا في حالة من الفوضى.
-سيد.. سيد.. يا سيد.
هتفت بها سعاد التي كانت تهبط من درج الڤيلا لتخرج الي الحديقه الملحقه بها، ليذهب إليها مسرعا، بينما يقوموا العمال بتزين تلك الحديقه حتى قربوا الانتهاء من التزين، لتنظر حولها قائله:
- قدامهم قد اي و يخلصوا؟
- 3 ساعات يا هانم تقريباً.
- تمام، فين الناس اللي جت امبارح؟
- اتنين منهم في المطبخ والباقي عند السفره يا هانم.
تنهدت سعاد بتعب قائله:
- تمام أنا هروح اشوفهم.
اومئ سيد رأسه ليذهب حتى ينتهي من عمله، بينما ذهبت سعاد الي الشباب حتى ترى ما ينقصهم.
(على الناحية الأخرى من الفيلا داخل غرفة نور)
تجلس نور على الأريكة المواجهه للمراه وهي شاردة الذهن، بينما يقوم مصفف الشعر بكوي شعرها، وفتاه أخري تضع لها طلاء الأظافر.
******
- نور.. يا نور استني.
هتف بها ذلك الشخص وهو يلهث بشده من الركض، بينما وقفت نور وهى تمسك بمذاكرتها الدراسية، حتى هتفت بعصبية قائله:
- افندم، مين حضرتك؟
هتف ذلك الشخص وهو ينظر إلى عينها قائلاً:
- أنا عمر، زميل معاكي في المدرج.
- اهلا وسهلا يا سيدي، خير؟
صمت عمر قليلا حتى تحدث وهو ينظر إلي صديقتها التي تقف بجانبها قائلاً:
- ممكن اتكلم معاكي لوحدنا..؟!
نظرت نور الى صديقتها قائله بنفاذ صبر:
- لا مش ممكن وبعدين صاحبتي مش بخبي عليها حاجه.
- ماشي يا نور.
صمت قليلا حتى هتف بتوتر شديد:
- نور، أنا بقالي 3 سنين معجب بيكي، من اول يوم جيت فيه الكليه وانا متابعك وعارف عنك كل حاجه، بس كنت بخاف اني اصارحك... امسك يدها حتى اكمل حديثه قائلاً:
-نور أنا بحبك وعايزك تبقي معايا على طول، ومش عايز رد دلوقتي فكري وانا مستني، اتمنى مترفضيش، وعايزك تعرفي إن محدش هيحبك قدي.
كانت هذه الكلمات قالها مسرعا ولم يعكس لها وقت حتى تستوعب ما قاله.
ليتركها عمر وذهب من أمامها بينما تقف هي شارده فيما قاله، فهذه اول مره شخص من جنس اخر يعترف بحبه لها، اهي تحلم ام انه حقيقه، ادركت الأمر حينما هتفت صديقتها قائلاً:
- اي يا بنتي سرحانه في اي؟
نظرت نور لها ثم نظرت مره اخري أمامها حتى هتفت قائله:
- حبيبه اللي شوفته ده حقيقي..؟!
هتفت حبيبه بابتسامة وتأكد على ما رأته نور قائله:
- ايوه حقيقه... الله يسهلوا يا عم.
ابتسمت نور لتضرب صديقتها بخفه قائله:
- طب يلا يا اختي علشان المحاضره.
لتتعالى ضحكات الاثنين متجهين نحو المدرج.
استيقظت نور من شرودها على دمعه حاره نزلت على يدها لتهتف الفتاه قائله باستغراب:
- مالك يا هانم بتعيطي يوم خطوبتك..؟
هتفت نور بغضب قائله:
- ميخصكيش شوفي شغلك.
انزلت الفتاه رأسها بخجل لتكمل عملها دون أن تتحدث، لتنظر نور الى المراه حتى تنهدت بحزن.
******
كان رحيم يجلس في غرفته خاصة على فراشه، ينظر إلى الاشيء، حتى دلف إلى غرفته فارس الذي تحدث بسخريه قائلاً:
- اهلا باللي هيخطب حبيبتي، منور والله، ابقى خليني الشاهد على كتب الكتاب والنبي.
هتف رحيم بضحك قائلاً:
- من عيني، بس نعدي الخطوبه دي.
- انت هتستهبل يلا، رحيم أنا مش طايق نفسي وعلى أخري.
- ما تهدى يا ابني ما أنا قلت ليك على اللي هيحصل.
- طب هو صح هتخلي اخوك يمثل أنه انت علشان تهزر زي ما قال ولا علشان تكسب وقت.
هتف رحيم بغضب قائلاً:
- هو الغبي قالك؟
- ايوه بس انصحك يا صاحبي بلاش.
نظر رحيم له باستغراب، بينما حمحم فارس قائلا:
- علشان يعني منظر نور قدام الناس، بلاش يا رحيم الحركه دي، ممكن تتضايق منها.
- يا حنين تصدق انا غلطان.
امسك رحيم هتافه ليتحدث قائلاً:
- احمد، فكك من الموضوع.
لينهض رحيم، متجها نحو المرحاض حتى يأخذ حمام دافئ تاركا فارس خلفه، ليهتف فارس بغل:
- روح يا شيخ اله تتكهرب وانت جوه ولا تغرق قبل ما تنزل الخطوبه.
******
كانت الاء في الحديقه لتبحث عن والدتها، حتى تخبرها بشيء ما، لترى سيد أمامها، استوقفته قائله:
- عم سيد، هي مامتي فين؟
- راحت تشوف الاكل والمشروبات يا الاء هانم.
- شكرا يا عم سيد.
ذهبت الاء إلى والدتها وهي تحدث نفسها لتصطدم بفتاه، هتف الاثنين في أن واحد
- انا اسفه جدا
- نظر الاثنين إلى بعضهم البعض، حتى شهقت آلاء من شدة الخوف، لتذهب مسرعه وهي تصرخ قائله:
- عفريت.. عفريت.
نظرت شغف إليها مندهشا قائله:
- مجنونه دي ولا اي.. ربنا يشفي.
كانت الاء تركض وهي تصرخ، مما جعل كلا من في الحديقه ينظر إليها، حتى ذهبت لها والدتها قائلة:
- اي يا الاء في اي بتصوتي ليه.
هتفت الاء برعب قائله:
- ماما... ماما.
- في اي يا بنتي مالك؟
- أنا...أنا شوفت عمتو والله شوفت عمتو.
- اهدي بس عمتك مين.
هتفت الاء بتوتر:
- ع..عمتو نجلاء.
شهقت سعاد بصدمه قائله:
- نعم.
- اه والله، حتى تعالى شوفي.
ذهبت سعاد مع ابنتها لترى عن ماذا تتحدث ابنتها،ام إنها تتوهم ذلك.
******
تجلس تلك الفتاه على الاركيه أمام غرفة العمليات يغلب عليها الخوف والتوتر، ويجلس بجانبها شخص آخر، وهم في حاله من القلق حتى خرج الطبيب مهاتفٍ لهم بحزن:
- أنا آسف، البقاء لله.
سقطت الفتاه مغشياً عليها، بينما وقف الرجل يستوعب ما قاله الطبيب الآن.
