رواية شغف رحيم
الفصل الثاني عشر 12
بقلم أسماء محمد
بعد أن تحدث رحيم مع والده اغلق الخط، وأخبر حبيبه بأن تذهب وتساعد نور مع فارس، وبعد الإنتهاء تخبرهم بأن ياتوا إليه الي المستشفي وأرسل لها موقع المستشفى.
بالفعل استطاع فارس بأن ينقذ نور، فهو صعد على الدرج بسرعه كبيره خاصة أنه كان الدور الثالث، فكان قريب جدآ، لكن لم يستطيع أن يري من الشخص الذي بالداخل، فحينما ارسل عمر له بأن يهرب، قد فعل ذلك على الفور، وبعد أن انتهوا أخبرتهم حبيبه بما قاله لها رحيم، ليأخذ فارس العنوان و يذهب إلى المستشفى ومعه نور، ولكن حبيبه تحدثت بأنها تريد الذهاب الى منزلها، حتى لا يقلق عليها والدها.
****
-ازيك يا نادين؟
هتفت نادين بدموع قائله:
- انت كنت فين.. محتاجلك اوي يا بابا، مشيت بدري وسبتني، كنت محتاجك تبقي معايا وانا بكبر، محتاجه لما كنت ابقى زعلانه اجري في حضنك وتقولي يهون زعلك بالدنيا، تجيبلي حقي من اللي بيتنمر عليا، سبتني ليه يا بابا، كل الناس ليها اب الا أنا، والنبي يا بابا متمشيش.
هتف جاسر بابتسامه قائلاً:
- وانا جاي علشان وحشتيني، جاي علشان اخدك معايا......
هنا زاد الجهاز الموصل لقلب نادين، ليكون على وشك التصفير.
كانت ضربات قلب نادين على وشك أن تتوقف، ليأتي الطبيب الي غرفتها مسرعا، ومعه بعض الممرضين، ليبدأ بوضع صدمات كهربائيه على قلبها عدة مرات متتالية، بينما في الخارج يقف الجميع بقلق، ويدعوا الله انها تنجوا من تلك الكارثه وسط بكاء الاء ، في ذلك الوقت ظل الطبيب يحاول مرارا وتكرارا حتى أمرهم بتفعيل الجهاز مرة أخرى مع زيادة الڤولت، لكن لم يستجيب القلب لها، لتفارق تلك الروح البريئه الجسد وتنتقل الي ربها.......
نظر الطبيب والممرضين إلى بعضهم البعض بحزن شديد، ليأمر الطبيب بتغطية وجه نادين، لتفعل الممرضه ذلك.
خرج الطبيب مطأطأ رأسه بحزن شديد ليهتف خالد قائلاً:
- خير يا دكتور.
نظر لهم الطبيب ليهتف بحزن:
- أنا عملت اللي عليا، البقاء لله.
صدمه حلت على الجميع بينما صرخت الاء لتذهب إلى الغرفه التي توجد بيها نادين، لتجد الممرضه قامت بتغطية وجهها بالفعل، ركضت الاء إليها لتقترب من الفراش، حتى اخذت نادين داخل أحضانها بقوه لتقوم بتحريك جسدها قائله ببكاء:
- نادين... نادين قومي معايا، قومي يلا هاخدك البيت، المستشفى دي مبتفهمش حاجه، يا نادين قومي بقااااااا، نادين حلمنا لسه متحققش، قومي معايا يا باشمهندسه، قومي يا نادين بالله عليكي.
لتهتف مرة أخري بصريخ مما جعل الممرضين يقومون بابعادها عنها وهي تهتف قائله:
-يا نادين متسبنيش لوحدي، يا نادين.. يا نادين، ابعدوا عني هي هتقوم، عندنا امتحان بكره، يا نادييييييييين، لتطلق صرختها الاخيره قبل ان تقع مغشياً عليها.
بينما في الخارج لم يكن الشباب اقل من حال الاء، فهما لم يشعر أحد بقدميه، ليفيق امير من شروده على صوت الطبيب وهو يتحدث قائلاً:
- أنا مضطر ابلغ البوليس، لانها تعتبر جريمة قتل، وهضطر احتفظ بالجثه.
لم يكن احد سمع ما يهتف بيه الطبيب سوا امير ليهتف بحزن قائلاً:
- من فضلك يا دكتور، بلغ زي ما انت عايز، بلاش المشرحه.
نظر له الطبيب متفهما لحالته قائلا:
- مش بأيدي، عموما هحاول، شيد حيلك.
نظر كلا من احمد وزين إلى بعضهم البعض، ليأخذ زين احمد الي أحضانه، حتى ذهب الاثنان في نوبة بكاء ليتحدث أحمد قائلاً:
- نادين... نادين يا زين.. اختى يا زين، اختي ضاعت مني، معرفتش احميها.
هبطت دموع زين، ليهتف ببكاء قائلا:
- ادعيلها يا حبيبي، متغلاش على اللي خلقها، أنا لله وان اليه راجعون.
بعد أن هتف زين بهذه الجمله، حتى هبطت دموع خالد وامير أيضاً.
اثناء ذلك البكاء على فقدان هذه الشخصيه البريئه، جاء كلا من ساره وسعاد وسوسن والجد أيضا بعد أن أخبرهم رحيم أنها تعرضت لحادث، ليقف الجميع ينظرون إليهم، فهذه الحاله إذا نظر أحد يفهم ما حدث دون أن يتحدث أحد بالفعل.
اقتربت ساره ببطئ إليهم لتهتف وهي على وشك البكاء قائله:
- هو... هو اي... هو اي اللي حصل.
لم يتحدث إليها أحد، فقط ظل الجميع ينظر إليها، لتري دموع احمد وزين، لتفهم ما حدث حتى هتفت قائله:
- هي... ابتلعت لعابها بصعوبه لتمنع البكاء وتهتف مره اخرى قائله:
- هي فين؟
نظرت إلى الباب الذي أمامها لتتحدث بهدوء غريب قائله:
- محدش يدخل علينا، مهما يحصل.
دلفت ساره إلى الغرفه التي توجد بها ابنتها، لتجد الممرضين يغطون وجهها، وتجلس الاء على السرير الجانب لها بعد حادثه الإغماء، حتى هتفت ساره إلى الممرضين قائله:
- سيبوني مع بنتي شويه.
ذهب الجميع، ولم يبقى داخل الغرفه سوا الاء وساره ونادين.
قامت ساره بالتقرب نحو ابنتها لتقوم بازاله الغطاء، حتى وجدت تلك الشفايف الورديه تحولت الى الازرق، والوجه الذي أصبح شاحب اللون، لتهبط دموعها وهي تمسك بيد ابنتها، وتتذكر جميع اللحظات السعيدة معها قائله:
- ازيك يا حبيبتي... أنا ماما.. أنا عارفه انك سمعاني، وعارفه انك حاسه بيا، بس تعرفي يا قلب امك، كنت بقول هتبقي عامله ازاي وانتي بتدفنيني، مكانتش اعرف...... لتسقط دموعها وسط حديثها قائله:
- ماكنتش اعرف إن أنا اللي هدفنك مش العكس، عموما يا حبيبتي انتي دلوقتي مع الغالي، الغالي ابوكي بعد ربنا، سلميلي عليه يا قلب امك، اوعي انت وابوكي تنسوني، لتضحك وهي تتحدث قائله:
- انا هستنى تيجوا علشان تخادوني معاكوا، متسبنيش لوحدي ها، لتقترب إليها ووضعت قبله على وجه ابنتها قائله ببكاء:
- مع السلامه يا قلب امك، مع السلامه يا ضنايا.
يقف رحيم خارج الغرفه فكان الجميع يبكي، والجد أيضا، فنادين هي اخت الاء وأحمد ورحيم في الرضاعه، كما أنها أيضا تحمل منزله خاصه في قلوب الجميع، ذهب رحيم الي احمد وزين، ليقوموا الاخوه الثلاثه بمعانقة بعضهم البعض، ليبكي رحيم هو الآخر.
ليس بالضرورة أن الرجل دائماً رجل، لا يهيب شيء، أو لا يبكي، أو أنه دائما قوي.. غليظ، إذا بكى أو اشتكى أصبح كالنساء، العكس تماماً، الرجل من يمتلك لين القلب، من يستطيع البكاء على فقدان اشيائه، هذا ايضا ما فعله النبي أثناء وفاة عمه وزوجته الحبيبه، فأنت ايها الرجل لستُ افضل من النبي، ابكي، أخرج ما بداخلك، اجعل قلبك بيه رحمه، اجعله لين، هذا لا يمنع أن تغار على نسائك أو احبابك، لا يمنع ابدا أن تعاقب أحد حينما يخطئ، هكذا انت ايها الرجل، قوي لكن بأفعالك الطيبه، لا يوجد شيء يمنع أحد من البكاء، انت ايضا عزيزي القاريء، إذا كنت تريد البكاء، فافعل ذلك، لا تترك شيء بقلبك، اجعل كل شيء يخرج بالبكاء، هكذا تستطيع أن تشعر بالراحة والاسترخاء، يمكنك تحمل ما هو قادم لك بصدر رحب.
****
(داخل منزل محمد عبد الرحمن)
كانت شغف تذهب يمنيا ويسارا بقلق وخوف ليتحدث محمد قائلاً:
- مالك يا شغف في اي..؟
- مش عارفه يا بابا قلبي مقبوض اوي، مش عارفه في اي.
لتهتف ببكاء:
- قلبي بيوجعني، معرفش في اي.
هتف محمد قائلا:
- تعالي يا حبيبتي.
ذهبت شغف إلى أحضانه ليقوم محمد بوضع يده على رأسها وقلبها، حتى بدا يتلوا عليها بعض الآيات القرآنية، لتشعر شغف بقليل من الراحه ليهتف محمد قائلاً:
- ارتاحتي شويه؟
اومئت شغف برأسها إيجابيا، ليهتف محمد قائلاً بابتسامه:
- طب قومي يا حبيبتي، ساعدي ماما في المطبخ يلا.
تنهدت شغف وذهبت لمساعدة والدتها.
ذهبت شغف إلى المطبخ لتساعد والدتها لتتحدث قائله:
- اساعدك في اي يا ماما؟
- خدي اعملي السلطه علشان الحق اخلص.
نظرت لها شغف وأخذت ما تحتاجه لعمل السلطه دون أن تتفوه بكلمة.
*****
- لو سمحت، في واحده عملت حادثه وجابوها على المستشفى دي، من ساعه تقريبا.
هتف بها عمر بفزع عندما علم بأن ريماس أخته تعرضت لحادث سياره أثناء سيرها إلى المنزل ليهتف موظف الاستقبال قائلاً:
- اسمها اي يا فندم.
- ريماس.. ريماس الجوهري.
- لحظه حضرتك.. موجوده في الدور التاني، اوضه 35.
لم يشكره عمر، ليركض مسرعا نحو غرفة أخته، حتى جاء نادر من بعده ليهتف إلى موظف الاستقبال قائلاً:
- مساء الخير.
- مساء النور، اتفضل.
- اممم... في مريضه جت ليكوا انهارده في حادثه عربيه، من حوالي ساعه، سألت وقالوا إنها في المستشفى دي.
هتف الموظف قائلاً:
- حضرتك تقصد ريماس المالكي.
هتف نادر محدثا نفسه قائلاً:
- هي إسمها ريماس المالكي.
لينظر إلى الموظف قائلاً:
- ايوه، ممكن تقولي هي عامله اي دلوقتي.
- اسف لحضرتك، بس مقدرش اسرب اي معلومات غير لحد من أهلها.
هتف نادر مسرعاً:
- أنا ابن خالها بس في بينا شوية مشاكل وحبيت اطمن عليها، ليهتف بخوف مصطنع قائلا:
-لو سمحت ضروري اعرف هي كويسه ولا.
تفهم الموظف الموقف ليهتف قائلاً:
- حاليا اتنقلت لاوضه عاديه، يعني حالتها كويسه، بس......
- بس اي؟
- اتجبس دراعها.
هتف نادر بفرح قائلاً:
- شكرا جدا.
تركه نادر وذهب مسرعا ليخبر والده بأنها لم تمت.
****
مر ثلاثة أيام على وفاة نادين، التي إلى الآن لم تصل الشرطة إلى الفاعل، و اخرجوا تصريح الدفن بناء إلى معارفهم، ليعم الحزن داخل الفيلا، خاصة أن الاء رفضت الذهاب الى الامتحانات بدون نادين لتجلس دائماً في غرفتها، لم تخرج منها، على الرغم من محاولة الجميع إخراجها من الغرفه، لكنها دائماً ترفض أن تتحدث أو تخرج إليهم.
تجلس الاء على الفراش الخاص بها، تضم ساقها أمام صدرها، تضع رأسها على ساقيها مغلقه عينها.
- لولو... لولو.
هتفت بها نادين التي تقف أمام فراش الاء مبتسمه.
رفعت الاء رأسها لتنظر أمامها، لن تصدق ما رأت عينها لتهتف بسعاده قائله:
- نادين، انتي عايشه.. يعني انا كنت بحلم.
ابتسمت نادين قائله وهي تقترب نحوها.
- انتي كمان موتيني، أنا عايشه قدامك اهو.
قامت الاء بالوقوف امامها وهي تبكي بشده لتهتف قائلة:
- نادين... اوعي تسيبيني تاني يا نادين.
وضعت نادين يدها على رأس الاء لتهتف قائلة:
- اسيبك تاني، هو انا كنت سيبتك اولاني، بت بطلي دلع.
ابتسمت الاء، وكانت على وشك أن تحتضنها، لكنها وجدت أنها تختفي، لتهتف الاء بصوت عالي قائله:
- نادين... نادين.
ركضت خارج الغرفه وهي تهتف باسمها، لتقابل نور التي استوقفتها قائله:
- في اي يا الاء، مالك.
هتفت الاء بصوت متقطع قائله:
- نادين.. نادين كانت في اوضتي وخرجت.
نظرت لها نور لتدمع عينها، لتقوم بجذب الاء إلى أحضانها قائله بصوت يغلبه البكاء:
- نادين مشيت خلاص، ادعيلها يا حبيبتي.
قامت الاء بضرب نور بقوه لتبتعد عنها قائله بصوت عالٍ:
- انتي كدابه، بقولك كانت لسه في الأوضه معايا، انتي اصلا بتكرهي نادين.
كان رحيم يتابع ما يحدث ليأتي إليهم قائلاً:
- الاء، نادين خلاص ماتت، اتقبلي ده علشان تعرفي تعيشي.
نظرت له الاء صادمه لتهتف قائلة:
- حتى كمان يا ابيه رحيم بتكره نادين، وبتقول أنها ماتت.
- نادين، يا نادين.. تعالي شوفي بيقولوا عليكي اي.
هتفت بها الاء وهي تذهب بعيدا عنهم، ليركض إليها رحيم، حتى امسك بمعصمها قائلاً بغضب:
- بقولك ماتت، اي فوقي بقا، نادين لو عايشه كانت خلتك وانتي اللي بدالها، كانت راحت امتحنت علشان تحقق حلمك، كانت عاشت حياتها، علشان تخليكي مبسوطه، شوفي انتي بتعملي اي.
هتفت الاء ببكاء مرير قائله بعد أن ادركت انها كانت تتوهم:
- بس انا كنت عايزه اعيش في الوهم يا ابيه، عايزه افضل اقول انها عايشه، علشان اقدر اعيش وأكمل حياتي، مش عايزه اتقبل أنها مش هتبقى معايا بعد كده، ليه يا ابيه مسبتنيش في الوهم، على الأقل كنت هبقى مبسوطه.
جذبها رحيم في أحضانه وسط بكائها وبكاء نور قائلاً:
- علشان... علشان نادين كانت هتزعل مني لو سبتك كده.
هنا لم تستطيع نور أن تتماسك أكثر ذلك لتبكي بصوت عالي، حتى جلست أرضا من شدة البكاء.
*****
(داخل فيلا عائلة المالكي)
- حبيبيتي، عامله اي دلوقتي؟
هتف بها عمر الذي وجد أن أخته تقف في الحديقه شاردة الذهن لتهتف ريماس قائله:
- الحمدلله، احسن.
نظر لها عمر ليتحدث بقلق:
- ريماس، انتي شوفتي قعدتك هنا خاصة بعد موت بابا، خليتك كنتي هتروحي مني انتي كمان، علشان خاطري يا ريماس، بعد اما تفكي الجبس تسافري أمريكا لحد أما تحسي انك بقيتي احسن وتعدي الازمه دي... ممكن.
نظرت له ريماس قائله بابتسامه:
- حاضر.
احتضنها عمر ليهتف قائلاً:
- ربنا يخليكي ليا يا حبيبتي، أنا همشي علشان عندي شوية شغل، مش متأخر عليكي، لو في اي حاجه رني عليا.
اومئت ريماس موافقه على ما قاله ليتركها ويذهب إلى عمله.
****
(داخل منزل محمد عبد الرحمن)
كان الجميع يجلس على الطاوله يتناولن الطعام، ليلاحظ محمد شرود ابنته وأنها لم تأكل اي شيء، ليهتف قائلا:
- مالك يا شغف، مبتاكليش ليه؟
تنهدت شغف قائله:
- ماليش نفس.
- ليه يا حبيبتي؟
نظرت له شغف بحزن قائله:
- كنت انهارده في الشركه، ولما سالت ليه محدش جه بقالهم اكتر من 3او4 ايام، قالو إن نادين بنت اخت خالد الجوهري ماتت في حادثه عربيه.
نظر محمد وسمر الي بعضهم البعض بحزن شديد لتكمل شغف حديثها قائلة بعد أن أدمعت عيناها:
- متعاملتش معاها، بس زعلت عليها اوي يا بابا أنها ماتت صغيره وبالطريقه دي.
تحدث محمد بشرود قائلا:
- حادثة تاني...؟!
