رواية شغف رحيم
الفصل الاول 1
رواية شغف رحيم بقلم أسماء محمد
تطُل أشعة الشمس من نافذة غرفتها، فتستيقظ الفتاه من نومها بنشاط كعادتها، فتتجه نحو المرحاض؛ لتأخذ حمام دافئ، ثم تقوم بالانتهاء من أخذ حمامها، لتؤدي فرضها بخشوع تام، لتنهى ذلك، وتذهب نحو والدتها التى تقف داخل المطبخ، لتعد لها و لزوجها طعام الإفطار.
تتجه شغف نحو المطبخ على اطراف أصابعها؛ حتى لا تشعر بيها والدتها التى تدعى (سمر)، لتهتف قائلة:
- القمر واقف بيعمل اي.
شهقت سمر بفزع قائلة:
- الله يخربيتك، اي يا بنتي مش هتعقلي بقا.
لتهتف شغف بمرح قائلة:
- توء توء، لو انا عقلت انتو هتعيشوا ازاي.. الا صح الحاج حماده نايم ولا اي، ثم قامت بغمز إحدى عينه بمرح.
- الحاج حماده، يعوض عليك ربنا يا محمد في بنتك.
- مالك بس يا سوسو، قولي بقا اساعدك في اي.
لتهتف سمر مسرعة، فإبنتها منذُ حادث والدها، وهى تدرس في الصف الاخير من كلية الآثار،جلس على كرسيه المتحرك، فبدأت شغف بالدراسة والشغل معا، مما أثر على درجاتها في السنه الاخيره فجميع السنوات كانت تأتي بإمتياز، ولكن تلك السنه جاءت فقط بتقدير جيد، لذلك لم يتحقق حلمها لتكون مُرشده سياحية، قائلة:
- لا روحي صبحي على بابا، قاعد في البلكونه بيقرأ الجرنان.
هتفت شغف بمرح، وهى تتجه للخارج قائلة:
- اوكى.
تنهدت سمر قائلة بحب وتمني:
- ربنا يوفقك ويوقفلك ولاد الحلال يا حببتي يارب، ويرضى قلبك، على تعبك معايا ومع ابوكي.
ثم قامت باستكمال ما كانت تفعله قبل مجيء شغف.
كان محمد والد شغف؛ يجلس على كرسيه المتحرك، ويمسك بيده الإثنان تلك الجريدة التى تونث له حياته بعد أن فقد لذة الحياة، لتأتي شغف من خلفه، لتقوم بإحتضان والدها قائلة:
- الجميل سرحان في اي.
هتف محمد بحب قائلاً:
- صباح الخير يا حببتي.
ذهبت شغف لتقف أمامه قائلة بابتسامة:
- صباح الورد والياسمين والجمال، على حماده السرحان. ثم أكملت لتضحك بخبث قائلة:
- اي في حب جديد، لو في قول عادي متتكسفش قول.
في تلك اللحظه تتعالى ضحكات والدها لتضحك معه قائلاً:
يخربيت عقلك، لو امك سمعتك هتقتلك.
هتفت شغف بخوف مصطنع، قائلة:
- جرا اي يا حماده انت بياع ولا اي، ده انا شغف حبيبتك، اخص ماكنتش دي العشره، ثم قامت بالبكاء المزيف.
ليضحك محمد بقوه هذه المره، حتى أدمعت عينه من شدة الضحك قائلا:
- خلاص كفايه.. هموت منك.
- بعد الشر عليك يا حبيبي، ربنا يطول لنا في عمرك.
نظر لها والدها، حتى اجتمعت الدموع في عينه، لتُلاحظ شغف دموع والدها تنمهر على خده قائلة:
- اي ده اي ده، احنا فينا من عياط ولا اي.
- غصب عني يا حببتي، من يوم الحادثه بتاعتي وانتي اللي بتتصرفي على البيت، وانا بقيت عاله عليكوا، حتى مش قادر اقوم اجيب كوباية ميه، وكنت سبب انك تضيعي حلمك، وتشتغلى جرسون بعد سنين تعبك دي.
تحدثت شغف بدموع قائلة:
- اي يا حاج احنا فينا من عياط ولا اي، وبعدين تعالى هنا، مين اللي صرف عليا طول 22سنه دول، وبعدين مين قالك انك كنت السبب في أن حلمي يضيع، بالعكس أنا اللي استهترت اوي، وعلشان خاطري يا بابا بلاش الكلام ده تاني.
جاءت سمر من خلفهم، بعد أن سمعت حديثهم لتتحدث بغيره قائلة:
- الله الله يا محمد بيه، بقا في واحده تانيه في حياتك وانا معرفش، ثم قامت بوضع يدها في وسطها وهو تلهس بشده قائلة:
- مين ده بقا إن شاء الله.
تحدث شغف وهي تحاول الخروج من التراس حتى لا تقوم سمر بشدها من شعرها قائلة:
- طب سلام عليكم انا.
هتفت سمر بغضب قائلة:
- على فين أن شاء الله.
هتفت شغف وهى عاقده حاجبيها باستغراب قائلة:
- راحه الشغل يا ماما.
- كده من غير ما تأكلي، وبعدين اي اللي انتي لابساه ده.
نظرت شغف الى ملابسها، التي تحتوي على بلوزه من اللون اسود قصيرة قليلا، وسروال من اللون الابيض، قائلة باستغراب:
- مالو لبسي يا ماما، وبعدين لاسف مش هقدر افطر معاكوا انهارده لاني متأخرة اوي.
هتفت سمر بدون فائدة:
- عايزه اعرف ازاي بتصلي، وازاي بشعرك والبس ده.
هتفت شغف وهى تهرول خارج المنزل، وتلمم اغراضها قائلة:
- لما ارجع يا ماما نتكلم في الموضوع ده، لا اله الا الله.
قال والديها في صوت واحد: سيدنا محمد رسول الله.
خرجت شغف من منزلها لتذهب إلى عملها، فهى تعمل نادلة في إحدى المطاعم الكبيره، بعد فقدان فرصتها لتكون مُرشده سياحيه.
*******
(داخل شركة الجوهري)
تتعالى ضحكات الجميع، بينما هتف احمد بضحك قائلاً:
- بس بس لحسن استاذ رحيم يقفش ولا حاجه.
ليهتف فارس بضحك حتى أدمعت عينه قائلاً:
- بس اي، ده انا فطست، بقا رحيم الجوهري مش عارف يعاكس... لم يستطيع اكمال حديثه حتى دخل في نوبة ضحك مرة أخرى.
ليهتف زين بضحك هو الآخر قائلاً:
- كله كوم وأنه يروح يقولها هاتي رقمك ده كوم تاني خالص، وياسلام على القلم إلى نزل عليه مره واحده.
في ذلك الوقت تعالت ضحكات الجميع وسط نظرات وضحك رحيم أيضا، فهو كان صغيرا عندما حدث ذلك، يدرس في الثانويه.
قاطع حديثهم ذلك الصوت الذي جعلهم يلتزموا الصمت، ويقفون دون أن يتفوه اي احد بكلمة واحده قائلاً:
- عال اوي يا رجاله، سايبين الشغل وقاعدين بتهزروا هنا، ثم تحدث بحده قائلا:
- زين واحمد، انهارده استلم منكوا ملف حازم الببلاوي، فارس ورحيم، انهارده استلم منكوا ملفات الاسبوع بتاع الشركه كله مفهوووم ولا اي
هتف فارس بصوت خافض قليلا لم يسمعه سوى احمد ورحيم قائلاً:
- احيه، ملفات الاسبوع اي، هو علشان بكره اجازه يعمل فينا كده.
هتف خالد والد رحيم الذي تحدث منذ قليل قائلاً:
- بتقول حاجه يا فارس.
ليكتم كلا من رحيم واحمد ضحكاته، ويهتف فارس بخوف قائلاً:
- لا طبعا يا فندم، بقول قبل ساعه هيكون الملف عندك،
لم يستطيع أحد منهم أن يكتم ضحكاته لينفجر الجميع من كثرة الضحك وايضا خالد، الذي شعر بأنه يهرول اي شيء من شده الخوف، ليدرك فارس ما قاله، و يحاول أن يصلحه قائلا:
- اسف، قصدي خلال ساعه يكون عندك، أو بعد ساعتين، مش متاكد.
للمره الثانيه ينفجر الجميع للضحك، ليتركهم خالد وهو يضحك قائلاً:
- لما يفوق ابقوا فهموه شغله، ثم خرج من مكتب رحيم الذي يتجمع بيه الجميع، وذهب الي مكتبه الخاص.
تنهد فارس بارتياح، بينما يجلس زين أرضا من شدة الضحك، ويقوم رحيم بفرك عينه الذي سالت منها بعض الدموع من كثرة الضحك، ليهتف فارس قائلاً:
- بتضحكوا على اي.
هتف احمد بضحك قائلاً:
- لا يا نجم ولا حاجه، انت تمام أوي.
اومىء فارس رأسه بدون مبالاه.
تحدث رحيم قائلا بجديه:
- خلاص خلصنا ضحك، كل واحد على شغله، يلا بره.
هتف زين قائلا:
- طيب، بس متزوقش.
ليخرج الجميع بيما أيضا فارس، الذي امسكه رحيم من ياقة قميصه من الخلف قائلا بضحك:
- انت رايح فين، انت هتشتعل معايا.
هتف فارس بصدمه و بصوت عالي الذي اضحك الجميع قائلا:
- ينهار اسود يا فارس، انت وقعت مع رحيم، ثم ابتلع لعابه بقلق، لانه بالفعل لم يستطيع أن يأخذ راحه حتى لو دقيقه واحده، فلديهم مايكفي لشغل أربعة أيام، وليس يوم واحد فقط.
*******
(داخل ڤيلا الجوهري)
- نور.. يا نور.
هتفت تلك الجمله سوسن؛ وهى تضع القهوة على الطاوله التى أمامها، فكانت تتناولها منذ قليل، حينما وضعتها عندما جاءت صديقة نور التي تدعى( حبيبه).
هتفت نور وهي تنزل على السلالم، وتمسك هاتفها تتفحص ما يوجد بيه.
- نعم يا مامتي.
- مش شايفه صاحبتك اللي وافقه قدامك ولا اي.
نظرت نور أمامها، لتجد حبيبه تقف لها وترفع إحدى حاجبيها باستنكار قائلة:
- اي يا ست نور، مش بتسالي يعني.
لتضحك نور لها بتوتر، ثم تحدثت إلى والدتها قائلة:
- ماما انا طالعه اوضتي، خلى الداده تعمل نسكافيه ليا ولحبيبه وتطلعوا الاوضه.
هتفت سوسن قائلة:
- حاضر
أمسكت نور بيد حبيبه لتأخذها إلى غرفتها مسرعه، ثم تقوم بغلق الباب جيداً، حتى لا يدخل أحد عليهم.
هتفت سعاد بشك قائلة:
- هى مالها بنتك يا سوسن.
- مش عارفه والله، حيرتني معاها، كل اما أجي اقرب منها، الاقيها بتصد، ومش طايقه اي كلمه من حد.
تنهدت سعاد بضيق و تمتمت:
- ربنا يهدي الجميع يارب.
- امين يارب.
هتفت سوسن وهى تعاد لترتشف بعض من القهوه قائلة:
- الاء و نادين فين؟
هتفت سعاد قائلة:
- فوق بيذاكروا، ما انتي عارفه الامتحانات قربت.
- ربنا معاهم يارب.
- يارب.
بينما على الجانب الآخر تجلس الاء ونادين على مكتبهم، يمسكون بأوراق الشرح، لتهتف نادين قائلة بخوف:
- الاء انا هعيط، الامتحان الاسبوع الجاي ومش عارفه اعمل اي، انا ضايعه، انا هسقط، اقولك انا عايزه اتجوز، اه والله الست ملهاش الا بيت جوزها صدقيني.
هتفت الاء بخبث قائلة وهى تنظر خلف نادين:
- اي ده، أبيه رحيم، انت هنا.
لتنظر نادين خلفها برعب، فرحيم عندما يسمع احد منهم يقول بأنه يترك التعليم ويريد الزواج، عقابه شديد، حتى لو كانت تمزح.
تعالت ضحكات الاء وهي تنظر إلي وجه نادين الذي ارتسم عليه علامات الرعب.
لتقوم نادين من مجلسها وتذهب إليها، فتركض الاء خارج الغرفه، فلحقتها نادين، وهي تركض خلفها حتى تقوم بربحبها ضربا على تلك المزحة التى ليس لها معنى.
********
*الساعه 11و 54دقيقه*
جاء الليل وجاء معه نسمات البرودة، والهواء النقي، الذي ينعش له القلب، و يرخي الأعصاب، وايضا يعطي الهدوء.
(داخل شركة الجوهري)
يرجع الجميع ظهره بوجع من كثرة ما لديهم من شغل، حتى قام احمد بالقاء القلم الذي في يده أرضا، وتحدث بتعب قائلاً:
- انا تبعت اوي، اي ام الشغل ده، اومال كنا بنعمل اي طول الاسبوع.
هتف فارس بلامبلاه قائلاً:
- كنت بتشقط بنات بس محصلش نصيب.
ليتناسى الجميع تعبهم ذلك؛ حتى حلت الضحك بدلا منها، ليهتف فارس قائلاً:
- طب انت جعان، ولو ماجبتوش اكل دلوقتي، مش هعمل حاجه والله.
تعالت ضحكات الجميع للمره الثانيه، فبالفعل أن فارس هو من يستطيع أن يخرجهم من ذلك الضغط الشديد، ليهتف رحيم قائلاً:
- طب قوموا نروح اي مطعم قريب، وناكل، وبعدها نسلم الشغل قبل ما جدي وابوك وابويا وعمتي يرجعوا من السفر.
اومىء الجميع راسه موافقا، ليقوموا بالذهاب إلى أقرب مطعم لهم.
******
( داخل مطعم الأرجواني)
- شغف.. شغف.
هتفت بيها صديقة شغف، التى تعرفت عليعا في ذلك المطعم، لكن ليس كأصدقاء مقربين.
هتفت شغف بحب وتعب أيضا قائلة:
- نعم يا جهاد.
- اي يا بنتي لسه مروحتيش لحد دلوقتي.
- اعمل اي بس، صاحب المطعم علشان روحت امبارح بدري ساعتين لما بابا تعب، قالي هتاخدي وقت اضافي، وحاجه اخر قرف يعني.
- معلش يا حببتي، انتي قدها باذن الله.
-يارب.
رأت كلا من جهاد وشغف مجموعة من الشباب يدخلون المطعم، وملابسهم ليس إلا زي واحد، كأنهم من شركة حراسه، لتهتف شغف قائلة بتعب:
- اما اروح اشوف الزباين دي.
اومئت جهاد راسها علامات الايجاب، بينما ذهبت شغف ومعها تلك المفكره، والقلم الذي في يدها، لتهتف قائلة:
- طلبات حضرتكم اي؟
نظر الجميع إليها، حتى حلت على وجوه الجميع علامات الصدمه...
