أخر الاخبار

رواية ظل الاثم الفصل الثالث 3بقلم رانيا البحراوي

       

 رواية ظل الاثم 
الفصل الثالث 3
بقلم رانيا البحراوي



اتجه عاصم نحوها غاضبا، فزعت مريم برؤيته وسقط الهاتف من يدها فأمسكت ببطنها وقالت كم تؤلمني معدتي.
عاصم بغضب :ولكن والدتي اخبرتني أن لديكِ سعال وليس مغص.

مريم بأرتباك :نعم كان سعال والآن مغص.
عاصم :ولكن اقف منذ قليل بجانب ولم اسمعك تسعلين.

تظاهرت مريم بأنها تسعل فصرخ عاصم بوجهها وقال :كم انتِ كاذبة ولديكِ عدم شعور بالمسئولية.

عندما احتد غضب عاصم وكأنه يريد خنقها قفزت مريم من أعلى السرير وأختبأت خلف خالتها وهي تقول انقذيني ياصفاء.

غضب عاصم اكثر لذكرها اسم امه بدون ألقاب فظل يصرخ بها وتوقف قليلا وقال :أرى أن المغص والسعال اختفوا الان.

مريم :نعم شفيت.

اشتد غضب عاصم أكثر خاصة مع محاولة كتم ضحكها هي وأمه وترك لهم الغرفة وذهب مغاضبا إلى غرفته.

عجز عاصم عن تدبير المبلغ ووالدته لم تترك بابا من الجيران لم تطرقه لتقترض ويأس عاصم واهمل مراجعة محاضراته وكلما طلبت منه والدته ان يذاكر اخبرها انه ليس هناك فائدة من المذاكرة بعد الآن. 

مرت الايام وبيوم الاختبار  استيقظت والدته مبكرا وايقظته ولكن عاصم رفض الذهاب إلى الاختبار حتى لايشعر بالحرج حين يمنع من أداء الاختبار أمام زملائه 
وشعرت مريم بضيق شديد لانها السبب بذلك. 

صفاء:اذهب يابني وقم بما عليك من عمل وتوكل على الله وقل هو حسبي وسيكفيني. 

مع اصرار صفاء الشديد استيقظ عاصم وبدل ملابسه وذهب إلى الجامعة وبعد أن جلس في لجنة الاختبارات ظل يلتفت يمينا ويسارا وقرر الذهاب إلى مكتب شئون الطلاب وجد زحام شديد فعاد إلى اللجنة وهو يردد الله حسبي سيكفيني مثلما اوصته والدته. 

مر بعض الوقت وهو جالس باللجنة ينتظر بدأ الاختبار ولم ينادي أحدا بأسمه وظن ان ادارة المدرسة سمحت له بأداء الاختبار، بدأ الاختبار بالفعل وبدأ عاصم ينظم اجاباته ويداه ترتجف وكأنه سيدخل عليه اللجنة أحدهم باي لحظة ويسحب منه الورقة ويطرده من اللجنة. 

وصل عاصم لمنتصف الاسئلة وحدث مايخشاه وإذ بأحدهم يدخل اللجنة وينادي بأسمه. 

ارتجفت يداه وكاد أن يبكي ولكنه تذكر كلمات والده الاخيرة وهي يغادر الحياة امسح دموعك يابني فالدموع لاتليق بالرجال. 

تماسك عاصم وتوجه إلى من ينادي بإسمه رافعا رأسه. 

الموظف :اتفضل هذا ايصال سداد المصررفات قام أحد اقاربائك بدفع المصروفات ولكنه غادر الحسابات دون ياخذ الايصال. 

التقط عاصم انفاسه وعاد سريعا إلى ورقة إجابته وكاد أن يعانقها وبدأ ينهي ماتبقي من الاسئلة بحماس شديد ويدعو لمن انقذه من الاهانة والحرج اولا ومن الفشل ثانيا في حال اذا منع من اداء الامتحان. 

انتهى الوقت وقام عاصم بتسليم ورقته وفتح هاتفه سريعا ليطمئن والدته انه تمكن من أداء الامتحان فوجدها تعلم بالفعل واخبرته ان  مريم تذكرت ان لوالدها صديق يدعى علي وكانت تصادفه احيانا بطريق عودتها من المدرسة ويؤكد عليها الإتصال به إذا احتاجت شيئا
واتصلت به صباحا وطلبت منه المساعدة وهي تبكي حزنا عليك فتعاطف معها  وأرسل إبنه سريعا وسدد لك المصروفات كي تتمكن من أداء الاختبار. 

لم يصدق عاصم ما سمعه وان مريم استطاعت مساعدته 
ومن سعادته قرر ان يشتري لها شوكلاته بآخر نقود بجيبه. 

دخل عاصم يبحث عنها وكانت بالشرفة وبيدها الهاتف فزعت مريم حين رأته لأنه طلب منها من قبل أن تترك الهاتف وتذاكر دروسها حتى لاترسب مرة أخرى. 

مريم بأرتباك :اذا اقسمت لك انني انتهيت من المذاكرة منذ قليل لن تصدق كلامي ولكن تستطيع أن تتأكد من انني لا اكذب من صفاء اسفة خالتي. 

نظر لها عاصم بأبتسامة واخرج الشوكلاته من جيبه وقدمها لها، ظلت مريم تتلفت حولها لأنها لم تصدق أنه اشتري لها هذه الشوكلاته. 

عاصم :لايوجد غيرك لم تتلفتين هكذا؟ 
مريم :لماذا تعطيني هذه اذن؟ 
عاصم :لأنك تستحقي الشكر. 
مريم :انا؟ 
عاصم :نعم انتِ وهل يوجد غيرك. 

فرحت مريم كثيرا ليس لانه يهديها الشوكلاته ولا لأنه يتحدث معها للمرة الأولى دون أن يغضب ولكنه للمرة الأولى يشعرها بأن لها قيمة، وانها استطاعت ان تقوم بدورها وانها ليست دخيلة على هذا المنزل وانها فرد من الأسرة تساهم في حل مشاكل هذه الأسرة. 

أخذت مريم الشوكولاتة واسرعت إلى خالتها وهي تقفز من سعادتها، كم كانت سعيدة صفاء هذه الليلة الهادئة التي مرت دون شجار بين عاصم ومريم. 

سرعان ماعاد الخلاف مرة أخرى، كأي أشقاء بمنزل واحد يتدخل عاصم بكل أمورها وخاصة ملابسها فقد كان يمنعها من الخروج إلا بملابس واسعة محتشمة وكانت احيانا تغضب وتصرخ لتدخله هذا وتبقى صفاء بينهما مثل القاضي الذي لا تنتهي النزعات التي عليه ان يصدر فيها حكمه. 

احيانا كانت تبتسم صفاء ويشرد ذهنها قليلا ماذا لو تزوج كلاهما ولكن سرعان ما تتراجع عن هذه الفكرة لأنها تعلم جيدا ان عاصم يكره والدة مريم كثيرا ويرى في مريم صورة من امها ويفكر مثل باقي من حوله ان الفتاة سترث امها مهما طال الزمن أو قصر. 

مرت الأيام واصبحت مريم تجتهد في دروسها خوفا من عاصم لانه كان لايسمح لها بمشاهدة التلفاز او الهاتف إلا بعد الانتهاء من مذاكرتها. 

نجح كل من عاصم ومريم وقرر عاصم ان يعمل بالاجازة في متجهر اجهزة كهربية قريب من منزله كي يسدد دين 
صديق والد مريم وكي يدخر من المال القليل ينفع في وقت الازمات. 

مريم كانت تريد ان تقدم بالثانوي الفني ولكن عاصم أصر على أن تلتحق بالثانوية العامة وظل على رأيه إلى أن اقتنعت او نجح في ان يفرض رأيه عليها. 

مرت الأيام ودائما ماشعرت مريم أنها تتحرك بواسطة عاصم تدرس بأمر منه وتستريح فقط إذا سمح لها وخالتها كانت صامتة على حدة عاصم مع مريم لأنها ترى أن هذا لصالحها. 

كلما كبرت مريم كبر بها شعورها بالغربة وانها لاتنتمي لهذا البيت رغم محاولات خالتها الدائمة بأن لا تشعرها بهذا ولكن في الوقت الذي كانت تذكر فيه والدة مريم كان عاصم يتذمر ويريد ان ينفي قرابته بمريم بين الناس
وقتها كانت تشعر بالغربة الشديدة والوحدة حتى وإن كانت بينهم. 

مرت الايام وفي الوقت الذي اصبحت فيه مريم بالصف الثالث الثانوي، تخرج عاصم بتفوق واستطاع تحضير مشروع تخرج ممتاز اشاد به كافة استاذته وبسبب هذا المشروع عرض عليه العمل بشركة مقاولات خليجية 
لمدة عام وفرح عاصم كثيرا بهذا العرض خاصة بعد معرفته انه سيعمل بفرع الشركة بالسعودية. 

فرحت مريم اكثر من عاصم بهذا الخبر لأنها ستتخلص من سيطرته على حياتها. 

لم تفرح صفاء مطلقا بهذا الخبر لانها لاتتخيل حياتها بدون عاصم يوما واحدا فهو الذي يصطحبها إلى الطبيب إذا مرضت ويسندها اذا عجزت ولكن بالنهاية لم تستطع الوقوف أمام أحلامه وتظاهرت بالسعادة. 

قبل أن يسافر عاصم وضع قواعد لمريم وطلب منها إلا تتخطى هذه القواعد وانها لاتظن انها بابتعاده ستكون حرة وتهمل في مذاكراتها او صلاتها وانه سيتابع يوميا تحركتها من خلال والدته. 

في يوم سفر عاصم بكت صفاء كثيرا والمفاجأة الكبرى ان مريم كانت تظن انها ستكون اسعد الناس بأبتعاده 
ولكنها شعرت بحزن شديد بمجرد أن بدأ عاصم في تجهيز حقيبة سفره ولم توضح ذلك ولكنها كانت تختبئ منه حتى لايرى دموعها ويعلم أنها ستفتقده. 

تعمدت مريم ان تتأخر بالمدرسة حتى لا تودعه ويرى دموعها التي كانت تسيل من عينها بمجرد أن تتخيل ذهابه. 

شعر عاصم أنه لايفرق معها غيابه أو ذهابه وحمل حقيبته وودع أمه ولم يستطع انتظارها اكثر وذهب بالسيارة ولكن يشاء الله ان ينسى عاصم اوراق تخرجه وعاد لأخذها وطرق الباب لتفتح مريم ودموعها تغرق وجهها. 


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close