أخر الاخبار

رواية الليله يا بيبي الفصل الاول1بقلم مريم محمد غريب


 رواية الليله يا بيبي الفصل الاول1بقلم مريم محمد غريب 

-لازم أحدد خطة معيّنة للقصة الجديدة و إلا ممكن أنساها !


كتبت الجملة دي في دفتر ملاحظاتي و أنا مروّحة البيت بعد يوم طويل برا ..


طول النهار في مشاوير متعبة و خلاص مش شايفة قصادي.. كل إللي بحلم بيه هو " الكومفرت زون " بتاعتي.. و هي طبعًا أوضتي و مساحتي الخاصّة إللي محدش يقدر يزعجني جواها ..


كنت عارفة إني هاوصل البيت مش هالاقي حد.. أحمد أخويا مسافر يومين و ماما بتزور عند خالتي في زيارة كل شهر المعتادة و غالبًا مش هاترجع غير متأخر ..


الساعة دلوقتي خمسة مساءً بتوقيت القاهرة.. دخلت البيت و كالعادة ندهت :


-ماما !


بتأكد بس إنها مش موجودة و دي عادة فيا.. دايمًا لازم أنادي عليها أول ما أفتح عيني الصبح.. ساعات بترد لما بتكون موجودة و ساعات مابتردش ف بمسك موبايلي و بتصل بيها فورًا عشان أشوفها فين.. ماما زي ما هي مصدر الأمان بالنسبة لي من وقت ما كنت طفلة هي بردو لما كبرت بقت مصدر قلق كمان ..


قلقي عليها بيزيد كل يوم أكتر من إللي قبله.. زمان كنت بشوفها زي ما تكون " وندر وومان ".. بس الحياة مابطلتش تصدمني أول ما بدأت أكبر و أنضج.. كانت بدأت تتعب.. بحكم السن و للأسف لأني جيت متأخر مالحقتش أعيش معاها شبابها زي أخواتي.. ف بقت ماما مسؤولة مني اكتر ما أنا مسؤولة منها.. ماما هي كل حاجة في حياتي حرفيًا و أنا ماليش غيرها بعد ربنا ..


ماما كانت محضرالي الغدا في المطبخ و جاهز على التسخين.. بس أنا ماكنتش قادرة حتى آكل.. أخدت نفسي و دخلت على اوضتي فورًا.. خلعت الحجاب و رميت شنطتي بعشوائية و اترميت على سريري بجزمتي.. في اليوم ده ماكنتش نمت غير 4 ساعات بس ف إللي زيي ممكن يفهم يعني اللحظة إللي تشوف فيها سريرك بعد يوم شاق بالشكل ده ..


أنا فاكرة إن أنا ماغمضتش عيني غير لحظات.. مجرد لحظات.. قبل ما اصحى فجأة على صوت ضجّة غريبة.. فتحت عيني بقلق و أنا بنادي :


-ماما !


مافيش رد.. فعرفت إنها لسا ماوصلتش ..


بصّيت في المنبه إللي جنبي و الغريبة لاقيت الساعة عدت سبعة.. معنى كده إني نمت ساعتين تقريبًا.. مش كفاية.. لكن بصراحة مقدرتش أرجع للنوم تاني رغم احتياجي له.. و ده بسبب خفي ..


لاقيت نفسي بقوم من السرير بترنّح كده.. قلعت الجزمة و أنا بمشي باتجاه باب الأوضة.. فتحته و خرجت و أنا بفرك في عيني يعني مش شايفة قدامي.. معتمدة بس على حفظي لكل ركن من أركان بيتي.. و كنت مظبطة اتجاهي للمطبخ عشان قررت إني هاكل الغدا إللي ماما عملته و بعدين اعمل قهوة و أقعد أستناها و بعد كده أقدر أنام براحتي و أنا مطمّنة ..


بس فجأة حاجة خبطت فيا.. أو العكس.. رغم إني حافظة بيتي كويس و متأكدة إني ماشية في الطرقة إللي بالمناسبة فاضية تمامًا مافيش حاجة ممكن تعترض طريقي و تخبطني بالطريقة دي ..


اتسمرت مكاني لحظات.. حسيت بالخطر فورًا.. لكن ردة فعلي كانت سريعة.. نطيت خطوة لورا و أنا برفع راسي و ببص لفوق.. عشان أتصدم بوجود شخص.. راجل.. أضخم راجل شوفته في حياتي ..


و الصدمة الكبر إنه كان شبه مش لابس.. أيووة.. كان لافف فوطة حوالين وسطه و نصه الفوقاني كله عريان.. المايه بتقطر من راسه كأنه لسا خارج من الشاور حالًا ..


الإضاءة في الطرقة كانت خافتة جدًا ف مقدرتش أدقق في ملامحه.. و الأكيد إنه مش أحمد أخويا لأن أحمد مش بالضخامة دي ..


تلقائيًا لاقيت نفسي بصرخ و بجري على برا.. و قبل ما رجلي تخطي ناحية باب الشقة حسيت بإيد قاسية بتمسكني من دراعي و بتلفني بقوة.. كنت مغمضة عيني و أنا حاسة بيه قريب أوي.. رافضة أبص له ..


و كل إللي بعمله عياط.. عياط بس و أنا بقول بهستريا :


-بص أنا و الله مش معايا في محفظتي غير 65 جنيه.. خدهم.. خدهم كلهم.. مش هاتلاقي فلوس في الشقة كلها عشان محدش موجود هنا غيري.. بس لو عايز تاخد التلفزيون أو أي حاجة تعجبك هنا خدها.. بس بالله عليك سيب لي الموبايل و اللاب عشان حرفيًا كل حاجة في حياتي متوقفة عليهم.. خد كل إللي انت عايزه و أمشي منغير ما تئذيني بليـز بليـززززز !!!


قطعت كلامي و سكت.. حسيت إني بكلم نفسي.. لكن مالحقتش أفكر كتير.. سمعته صوته لأول مرة.. صوت حاسة إني سمعته قبل كده.. أو بمعنى أصح طريقة الكلام عرفاها .. :


-انتي بقى روما !؟


ماحستش بالأمان.. بل خفت أكتر.. لكن جات لي الشجاعة عشان افتح عنيا و أبص للشخص إللي بيكلّمي.. عشان دي تكون الصدمة القاضية بالنسبة لي ...


إللي قدامي كان شخص مألوف.. مألوف جدًا لدرجة إني ممكن اتجنن لو حدسي طلع صح.. الوش الطويل.. الجبين العريض.. أنف محددة و مستقيمة.. و فم دقيق.. و لحية كستنائية خفيفة نفس لون الحاجبين و الشعر الناعم إللي لسا بتقطر منه المايه.. و العيون العسلية إللي أحيانًا كتير ممكن تقلب رمادي على حسب المود ..


مين الراجل ده ؟


شوفته فين قبل كده !!؟؟؟


-انت مين ؟.. سألته و بانت الجدية التامة على وشي


ضم حواجبه الكثيفة المنحوتة نحت و جاوب بنفس الصوت إللي هايجنّني إجابة جننتني أكتر :


-أنا عثمـان البحيـري !!


اتخضيت للحظة.. بس قلبت معايا باستنكار و ضحك هستيري و أنا برد عليه :


-لا ياراجل فعلًا ؟ .. و أنا مارلين مونورو !!!


رفع حاجب واحد و قال بهدوء :


-انتي مش مصدقاني ؟


اتنرفزت عليه و حالًا افتكرت إنه واقف قدامي بفوطة بس حوالين وسطه.. سحبت دراعي من إيده و بعدت خطوتين لورا :


-أصدق إيه يا حضرة ؟ انت شكلك تعبان في دماغك.. و أكيد حد زقك عليا عشان تيجي تمثل المسرحية دي هنا في بيتي.. انت عايز مني إيه و مين إللي باعتك ليا ؟ أتكلم أحسن ما هاصرخ و أفضحك و أنا هنا في بيت عيلة هاتخرج متقطع ..


كنت بتخض منه كل لحظة.. مع كل تعبير جديد بيظهر على وشه.. لو هي حاجة ماتتصدقش فعلًا كنت حلفت إن هو ...


-أنا عثمان البحيري !! .. كرر جملته مرة تانية بثقة و نظرة عينه نفّاذة


دلوقتي بدأت أخاف.. و شفايفي بتتحرك و أنا ببص له بحذر ..


بص لي باستغراب و سألني :


-انتي بتقولي إيه في سرك ؟


جاوبت : بقرأ قرآن.. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.. انصرف ..


اندهش مني جدًا و قال :


-انتي مفكراني عفريت !؟


-ما انت يا عفريت بجد يا انا إللي اتجننت.. انت مابتتحرقش لـيه ؟ انصــرف.. أنا حافظة سورة يس و الله أولع فيك !!!!


فضل باصصلي بذهول و بعدين اتنهد و هو بيهز راسه بسأم.. ضم إيده قدامه و قال بنفس الهدوء المشهور بيه :


-بصي أنا مش ناقص.. كفاية إللي عملتيه فيا.. بقالي شهر بحاله محبوس في الحمام و على أخري !!


-محبوس في الحمام ؟


-آه يا بيبي.. افتكري كده.. آخر مرة سبتيني فين ؟


دماغي اشتغلت لوحدها و هو بيقول الكلام ده.. و افتكرت فعلًا إني سيبت "عثمان البحيري" بياخد شاور قبل ما أقطع الرواية في شهر رمضان ..


لاقيته بيكمل و بيقول :


-انتي السبب في خروجي أصلًا.. إزاي يا هانم تفكري تبدأي في قصة جديدة و أنا لسا معاكي ؟ لازم نكمل سوا الأول و بعدين فكري في إللي انتي عايزاه.


-انت بتقول إيه ؟ و إيه حكاية الخروج دي أنا مش فاهمة حاجة !!!


-إيه إللي انتي مش فاهماه ؟ أنا كلامي واضح.. لازم تكملي قصتي و إلا هفضل هنا معاكي للأبد !!


حسيت بالدم بيهرب من وشي.. اتسمّرت مكاني و هو بيقول كده.. مش متخيّلة إن كل ده بيحصل.. و حاسة إني بحلم.. أكيد بحلم ..


لكن حصلت حاجة دلوقتي أكدتلي إن ده لا يمكن يكون حلم !

                     الفصل الثاني من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close