رواية احببت معقدة الفصل الرابع 4 بقلم فاطمة سلطان

      


رواية احببت معقدة

الفصل الرابع 4

بقلم فاطمة سلطان


اعتدت ان أكون واضحة مع نفسي حتي وان كنت كاذبه مع الجميع، فعلمت ان الاماكن المزدحمة من الممكن انها تكون اكبر سبب لتشعر بالوحدة وانك ستفقد كل شي للابد اذا كذبت علي نفسك يوم 


اعلم انه اذا مات ضميرك مات كل شيء بك، ومن مات لا يُحيا يا عزيزي فلا نمتلك نحن هذه القوة فأنها قدرة ألهيه 


اغلقت هدير اجندتها بعد ان قرأت تلك الكلمات التي كتبتها في أحدي الليالي اليت كانت تشعر بها بالوحدة والتي كانت غرقت بها في الذنوب والمعاصي وكانت تفكر في التوبة ضحكت علي تلك الأيام التي القتها وراء ظهرها، ثم خلدت الي النوم بجانب حبيبها واخذت ابنتها في احضانها 


_________________________________________


علي لسان هدير


مشيت ام محمد واللي استغربت منه ان عمتي معلقتش علي اي حاجه، حاولت أقول لنفسي انها اكيد معجبها كلام ام محمد زيي من سكوتها، وسكتت لمده شهرين كدا لو هتسالوني علي السبب يمكن لما بعد سنين فكرت قولت يمكن مكنتش عايزه تصدمني مره واحده خصوصا اني كنت بفكر في كذا حاجه 


نسيت اقولكم ان الشهرين عدوا ودخلت تجاره حسب التنسيق كلامي مع قاسم قل وحاجات كتيرة بينا قلت بس كنت لسه عارفة ان لما الدنيا تيجي عليا قاسم موجود 


_________________________________________


في منتصف شهر سبتمبر، اقترب العام الدراسي الجديد و كلما تمر الايام التي تفصل هدير عن المرحلة الجديدة تشعر بالرهبة الشديدة خصوصا انها لم تدخل أي من زميلاتها معها تلك الكلية، 


في بيت هاجر، اكتسب هدير الشجاعة اليوم ثم امسكت هدير الهاتف وتحدثت مع والدها وبالطبع كان يسألها عن حالها وبعض الأسئلة التقليدية، وأخيرا وثقت في نفسها، وأردفت قائلة 


- حضرتك هتبعت مصاريف الجامعة امته يا بابا انا في حاجات كتيره ناقصة ومحتاجه اجيب لبس وحاجات 


أردف عماد قائلا بنبرة حاول جعلها ضعيفة 


- والله يا بنتي الظروف الايام دي وحشه معايا


- لو الظروف وحشه بقالها تسع سنين حضرتك قاعد ليه عندك ؟؟ يبقي انزل بقا وبعدين انا قاعده مع واحده ست ارمله ومش شي حلو انها تصرف عليا بوجود حضرتك واكيد عيالك في مدارس وعارف المصاريف 


عماد أجاب عليها بتوتر رغم جموده الا انه لم يكن يريدها ان تعلم بزواجه 


- عرفتي منين 


سيطرت علي دموعها و منعتها من النزول و حافظت علي نبرة صوتها الجامدة والتي تحمل ورائها الخوف والالم ولكنها صاحبة الحق 


- جوازك من ورا امي انا مقدرش احاسبك عليه لاني مش مراتك ولا برضو ربنا بس اعتقد اني اقدر علي احاسبك علي غيابك السنين دي كلها وانك مصرفتش عليا مجاش في بالك يوم انا هصرف منين و عايشه ازاي وله عمي قالك ان عمتي بتصرف واحدة ست بتصرف علي بنتك وحضرتك علي وش الدنيا 


عماد شعر بالاحراج من حديث ابنته و كانت الكلمات لا تسعفه حتي انه نطق و حاول ان يتحدث باي شي يستطيع قوله، فعلي الاغلب قد نسي انها ستكبر يوما فهي لم تعد طفلة صغيرة ستلتزم الصمت 


- كبرتي يا هدير وبقيتي بتعرفي تردي وتغلطي في ابوكي


- انا مقدرش اغلط فيك لان ولا امي لان عمتي علموني اغلط فيك، انا بطالبك بحقي كونك راجل و اب ليا منصبك بقا كويس في الشركة، يمكن شايف ان جوازك من امي كان غلطة وانها كانت لحظه تهور دي حياتك 


وعيب تخلي اختك هي اللي تسدد تمن فاتورة غلطك و اوعدك اني اول ما اشتغل مش هطلب جنية منك ..


اغلقت هدير المكالمة بعد دقائق حينما تحجج انه في عمله وسيتحدث معها مرة اخري ..


هاجر وهي تنظر لها بعد ان أغلقت المكالمة، فهي قالت له أكثر من ذلك ولم يؤثر به 


- تفتكري كلامك هيأثر فيه يعني ؟


- حتي لو ماثرش فانا علي الأقل طلعت اللي جوايا ..


________________________________________


علي لسان هدير


مع بداية اول يوم دراسة واللي فيه هروح الجامعة كنت قلقانة جدا ودي كانت كان اكتر مره اقلق فيها في حياتي قمت لبست هدومي، كنت حاسة بإحساس خوف غريب لدرجه اني بفكر اني مروحش بس يعني حاولت اني اتغلب علي خوفي ومتكلمتش مع حد في النقطة دي انا دايما كنت بحس بخوف من الأماكن الجديدة والزحمة، مكنتش لاقية تفسير للشعور ده بس يمكن لاول يوم مفضلش سهرانه علي 


_____________________________


هبطت هدير من منزلها بمفردها بعد ان رفضت ان تذهب معها عمتها رغم شعورها بالخوف ولكنها لم تكن تريد ان تظل ضعيفة هكذا يجب ان تعتمد علي نفسها وحاولت السيطرة علي خوفها 


خرجت من بوابة المنزل وهي غير واثقة من نفسها أطلاقا وكانت تريد التراجع في كل خطوة ولكنها أخذت تمشي حتي موقف الاتوبيس وتراقب الناس، فلم يخلو شارعهم من طلاب المدارس منهم 


من لم يذهب نومه بعد ويحمل حقيبته بكسل فتشفق عليه وهناك من يمشي وهو يبتسم مع صديقه


وهناك فتيات تمشي بجانبها منهم من هي حانقة، ومنهم من تمشي وكأنها تتسابق مع الزمن واغلبهم جيرانها ومازالت لم تبتعد ن عالمها الصغير، وجدت قاسم ينادي عليها شعرت بالسعادة تدق قلبها بعد ان كان الخوف والافكار السوداء تحتل عقلها وتنظر في وجوه الجميع لعلها تري من هو حاله اصعب منها لتري انها لا تمر بشي، التفتت له وحاولت التحدث بنبرة واثقة من نفسها 


- صباح النور 


أردف قاسم بهدوء : صباح النور يا هدير


- لسه شويه علي ميعاد شغلك رايح فين


قاسم بتفسير لسبب مجيئه وكأن تلك الماكرة لا تعلم 


- جاي اوصلك 


هدير تصنعت اللامبالاة قائلة : خلاص زي ما انتَ عاوز


وبالفعل ركبوا المواصلات وشاهدت هدير هذا الكم من الزحام التي لم تتخيله يوما لم تكن شخص يختلط بالمواصلات كثيرا فابعد مكان ذهبت له هو عمها ومدرستها والأماكن التي تأخذ بها دروسها و بعض الأماكن القريبة والمحدودة جدا 


فلم تكن هدير لديها أصدقاء لتخرج معهم ولم تكن عمتها شخص يحب التنزة والخروج لتأخذها معها، لم ترتاح وشعرت بالضيق الشديد و لكن حاولت ان تطمئن بالنهاية هي ليست بمفردها نزلت معه من الميكروباص 


ليلتحقوا بالآخر وسمعت كالعادة التصادم بين السائق و الركاب بسبب زيادة الأجرة وحديث الفتيات مع بعضها و مزاح مجموعة من الشباب و تعليمات ام لابنتها اثناء ذهابها للمدرسة وصوت غليظ تسمعه من رجل لا تعلم من الذي يجادله بهذه الطريقة الحادة فسمعه جميع الركاب، وسمعت صوت الفتاه التي تتجادل مع شخص ما علي ما يبدو انه تحرش لينحاز لها جزء من الناس وجزء اخر يعاتبها هي ويلقي اللوم عليها


يالها من اصوات مزعجه فهي تقسم انها تريد ان العودة الي منزلها ومدرستها الصغيرة التي لم تكن تمر بهذه المراحل قبل ان تذهب لها ولم تكن مجبره علي الاحتكاك بهذا الكم من البشر ..


هبطوا أخيرا من ذلك الميكروباص ليفصلهم عن الجامعة بعض الخطوات التي يجب ان يسيروها علي اقدامهم، واثناء سيرهم قاطع قاسم ذلك الصمت الذي دام طوال الطريق بنبرة حاول جعلها مرحة بقدر الإمكان 


- شكلك سعيدة بالمواصلات


هدير بانتباه وسخرية من حالها 


- اه جدا 


- عادي بكرا تتعودي وتلمي الأجرة مش بعيد تحملي مع السواق


قهقت هدير بسخرية فمازالت قلبها منقبض للغاية وتحاول ان تنحاز ناحية قاسم حينما تشعر ان هناك احد المارة سيصطدم بها، فتحدث قاسم بجدية حينما تذكر هذا الحلم 


- يمكن تكوني حاسة بحاجات غريبة وعارف انك من ساعة ما رجعتي شقة جدك وانتِ ملكيش أصحاب 


تحدثت هدير بنبرة خائفة فهي تشعر بالخوف الشديد من انهم قد اقتربوا من الجامعة وهو سيتركها فكانت كالطفلة التي سيتركها والدها في يومها الدراسي الأول 


- انا أساسا كنت بفكر مروحش 


- متروحيش ايه بس ممكن النهاردة تكون ولاده لهدير او موت لهدير ممكن من النهاردة ترفعي نفسك لفوق وممكن تحطي نفسك في الأرض للأسف الفترة الجاية هتبقي كده، وده حال أي حد بيدخل المرحلة دي


سكتت هدير قليلا وأخذت تمشي بجانبه حتي وصلوا الي الجامعة 


وقفت لثواني وهي تري الطلاب بالأشكال المختلفة فهناك المنتقبة وهناك من تلبس ملابس تستر اكثر مما تخفي وهناك الملتحي و هناك من يحاول اطفاء سجارته قبل دخوله، حاولت ان تهدأ من أنفاسها التي تسارعت وامسكت يد قاسم بشعور خوف غريب 


فهي شعرت بكم المتناقضات الغريبة التي تجتمع في مكان واحد فلم يستوعب عقلها ان يري تلك الاشكال المختلفة كليا عن بعضها لم تمر يوما في حياتها بمكان مثل الجامعة يجمع فيه يلتقي فيه الملحد والمتدين والفاسق وكل شي وعكسه لم يستوعب عقلها إطلاقا ما رأته فقط عند البوابة


فماذا ستفعل بالداخل فمن يدخل هذا المكان نادرا ما يظل علي موقفه حتي ان يخرج منه فهنا تتغير الآراء والمعتقدات و المستقبل و كأن الانسان يعيد لنفسه حياه جديده اما يخرج منها رابح او خاسر


قاسم استغرب من فعلتها وشعر ان بها شي غريب نظر في وجهها هي نفس الملامح التي رآها في عينيها ليلة امس في منامة، وشعر بكمية البرود التي أصابته حينما لمست يديه وكأنها علي وشك ان تتجمد واعصابها شددت تماما وكأنها علي وشك الإصابة بأحدي النوبات العصبية، فأردف قائلا بقلق 


- مالك في ايه ؟؟


- مش عارفه انا مخنوقة وبردانة اوي انا مش عايزه ادخل انا عايزه امشي متسبنيش لوحدي هنا


______________


لبي قاسم رغبتها وأخذها الي أقرب مقهي من الجامعة ربما لم يتواجد الكثيرين به فمازال الوقت باكرا جدا، وطلب قاسم قهوته و جلب لها مشروب ساخن حتي تهدأ وتشعر بالدفيء 


بعد ان غسلت وجهها وشعرت بقليل من التحسن فكان هذا هو اليوم الاول الذي يشعر به قاسم ان هذه الفتاه بالفعل لديها فوبيا الأماكن العامة و لن يكون مجرد شعور، ومن اعراض هذه الفوبيا الخوف من أن يصبح الشخص وحيدًا وسط مجموعة من الناس والخوف من الانفصال والابتعاد عن الأشخاص التي تعرفها ولذلك حينما شعرت انه سيفارقها عند اقترابهم من الجامعة شعرت بالخوف الشديد 


وشعورها بضيق التنفس وتلك الاعراض الأخرى


فهم الان خوفها من الذهاب الي المدرسة وخوفها من الذهاب الي الاماكن الجديدة خصوصا بمفردها لاول مره 


قاسم باقتراح أخيرا وقطع ذلك الصمت : بقيتي احسن وله نروح لدكتور ؟


هدير باحراج عدم فهم لما حدث لها و هي أيضا كانت غافله عن تشخيص حالتها 


- لا دكتور ايه انا كويسة 


- كويس اني جيت معاكي 


هدير أردفت بتوتر وخجل من موقفها وفي نفس الوقت تشكر ربها علي وجوده معها والا ماذا كانت ستفعل بمفردها، وفي نفس الوقت لا تريد ان تكن بعينه طفلة صغيرة لم تتحمل الذهاب الي الجامعة


- اه كويس، خلاص انا هغسل وشي تاني واروح الجامعة انتَ تقدر تمشي انا بقيت كويسة 


- لو مش عايزه تروحي النهاردة مش لازم تضغطي علي نفسك اساسا ده لسه اول اسبوع و لسه مفيش محاضرات ممكن تروحي البيت


هدير بانزعاج من ان تظهر معه في موضع الشفقة فهي ليست فاشلة الي تلك الدرجة 


- خلاص يا قاسم متبالغش انا بقيت كويسه ... 


هدير - 


الفت كلاهما لينظروا الي ذلك الصوت الأنثوي الذي قاطع حديثهم، اقتربت ساره منهما فهي زميلة هدير من مدرستها الثانوية، وكانت تسكن بالقرب منها لم تكن بينهم علاقة قوية ولكنها جيدة الي حد ما 


لطالما كانت ساره شخص محبوب ولكن كانت دائما تستغرب من عُزله هدير عنهما ولكنها لم تكن تحاول ان تتقرب منها كثيرا فظنت انها لا تحب الاختلاط


أردفت سارة بابتسامة مشرقة: هدير ايه الصدفة الحلوة دي


نظرت هدير استغربت ولكنها فاقت من صدمتها ونهضت لمصافحتها بالنهاية كانت تعرف انها زميلتها لمدة ثلاث سنوات


هدير بابتسامة : عامله ايه يا ساره


ساره أجابت سارة بخفوت 


- الحمدلله 


بعد وقت من الحديث وعلمت هدير وقاسم أيضا ان ساره منتظرة قبول تقليل الاغتراب من كلية تجارة في احدي المحافظات الي تجارة القاهرة وشعرت هدير وقتها بالسعاة فعلي الأقل هناك شخص تعرفه حتي ولو معرفة سطحية معها، وقامت لتغسل وجهها مرة اخري وتركت سارة مع قاسم 


قاسم قطع الصمت الذي حل بعد ذهاب هدير قائلا 


- شكلك بتحبي هدير اوي بس غريبه يعني انها عمرها ما حكت عنك مش قصدي حاجه بس هدير مكنش ليها اصحاب 


ساره هزت رأسها موافقة فعلي حديثه فهي مجرد زميلة لها 


- هو فعلا احنا مش صحاب تقدر تقول زمايل هدير كانت منعزله شويه عننا و كانت بتغيب كتير بس الي حد كان في ما بينا كلام


- تمام انا عايز اطلب منك خدمة قبل ما تيجي لو ينفع .. 


بعد دقائق عادت هدير وذهب قاسم حينما شعر بالارتياح الظاهر علي وجه هدير ناحية سارة فعلي ما يبدو تستلطفها بشكل كبير ولكنه لم يكن شي في يده بعد ذهابه سوي الاتصال بها 


وأخذت سارة تقص لهدير في الجامعة حال زميلاتهم في المدرسة والي اين ذهبوا من جامعات ومنهم من رسبت والكثير من الاحاديث، واستطاعت ببراعة ان تجعل هدير تشاركها الحديث


وبالطبع شعرت هدير بالدهشة الشديدة هدير بسبب تلك الإعداد التي توجد في المدرج وحينما لم يكن هناك محاضرات في اليوم الدراسي الأول أخذتها سارة الي حيث تتواجد ( شئون الطلبة ) لأتمام طلب تحويلها الورقي حتي انتهي اليوم بعودتهم الي منازلهم، فعادت سارة معها حتي منزل جدتها الذي يتواجد بالقرب من مدرستهما الثانوية 


______________________________________


علي لسان هدير


يمكن وجود ساره كان شي حلو في حياتي، وجودها خلاني احس اني مش وحيدة، واغلبيه الأيام كانت بتبات عند ستها وده الشي اللي خلاني اكون مبسوطة


لانه في صالحي اني مش هروح المشوار ده لوحدي بس قاسم كنت لسه محتاجه


وبرغم دخولي العالم المتناقض ده وحاجات كتيره بقت تشغل يومي بس كان لسه يومي ناقص نسيت اقولكم ابويا بقي كل شهر بيبعت ليا مصروف افتكر اني محتاجه فلوس وبس منه حتي لو ده كان طلبي بس انا كنت عايزة حنيته


________________________________________


في منتصف شهر يناير 2014 ولنضيف تاريخ جديد له ذكري مؤلمه لهدير


دخلت شارعها بعد ان افترقت عن ساره منذ دقائق وكانت سعيدة بانها انتهت من امتحانات منتصف العام وجدت الناس ينظروا لها بشكل غريب فالواقع لم تعرف لما شعرت و كان نظراتهم تخترقها لدرجه انها شعرت انها عاريه او هناك شي بها غير طبيعي ..


                    الفصل الخامس من هنا 

تعليقات



<>