رواية عائشة الفصل السادس 6 بقلم رانيا البحراوي

        


رواية عائشة

الفصل السادس 6

بقلم رانيا البحراوي


أحضر يوسف أمامها فتاة جميلة ذات أظافر طويلة ملونة

وملابس كلاسيك وحذاء بكعب يتخطى خمس سم وقدمها لها بأنها زميلته بالعمل التي أعجب بها منذ فترة ولم يجرؤ على اخبارها بذلك إلا منذ أيام قليلة وأن عائشة أول من تتعرف عليها من طرفه.


نظرت عائشة إلى مواصفات الفتاة التي أعجب بها ورأت كم هي بعيدة تلك المواصفات عنها فهي لاتطيل اظافرها ولاترتدي ملابس كلاسيك مجرد ملابس عادية ولا ترتدي الاحذية ذات الكعب العالي وإنما ترتدي أحذية رياضية.


صدمت عائشة وهدمت امالها بلحظة هكذا دون مقدمات

فهي لم تراه من قبل يراسل تلك الفتاة في صمت ويبتسم أو يتحدث معها الهاتف بصوت خافت، ماذا عن ذلك الاهتمام الذي كان يبديه لعائشة أكان فقط من باب الاخوة والجيرة وليس نابع من قلبه.


ظلت الفتاة تمد يدها لعائشة كي تصافحها ولكن عائشة شاردة بأحزانها حتى لفت يوسف انتباه عائشة بأن الفتاة تمد يدها.


مدت عائشة يدها تصافها ثم قالت عذرا تذكرت انني نسيت شيئا بالنادي وتركتهم بمفردهم.


خالد يراقب كل ذلك في صمت وبمجرد أن غادرت عائشة المكان أنهى قهوته سريعا ودفع الحساب.


ظلت عيناه تترقب عائشة ورأها من بعيد وعلم أنها لم تتدخل النادي ذهب خلفها ورأها وهي تختفي بعيدا عن الأنظار حتى لايرى يوسف دموعها.


تأكد خالد وقتها فقط بأنها تحب يوسف وما ابتعادها الآن إلا هروبا حتى لاتكتشف تلك الفتاة المعجب بها يوسف أمرها وأن دموعها التي انهمرت على وجنتيها ماهي إلا حدادا على خسارة حبها. 


لحق بها خالد ووضع بيدها منديل، رفعت عائشة رأسها لكي ترى من الذي يمد يده إليها بالمنديل تفاجئت بأنه خالد لم تأخد منه المنديل ومسحت دموعها سريعا بيدها 

وقالت: يبدو أن هناك أصاب عيني.

خالد:لا أظن ذلك فالاصابة لم تكن بعينك وأنما بقلبك. 


عائشة بتلعثم :ماذا تقصد؟ 

خالد:عيناكِ مرآة قلبك تجسدت بها كل أحزانك. 


عائشة بخوف :أتظن أنهم فهموا سبب هروبي؟ 

خالد:لا لم ينتبه أي منهما لما حدث معكي لأن كل منهما كان مشغول بالآخر. 


تساقطت دموعها مع كلمات خالد القاسية على قلبها. 

وسألته :كيف علمت بسبب بكائي. 


خالد :قبل لحظات من وصول هذه الفتاة الفرحة كانت تتراقص بعينك في انتظار مفأجأة يوسف التي حدثك عنها لدرجة انني تمهلت لأرى ماهذه المفاجأة التي فرحتي بها قبل رؤيتها. 


عائشة :تخيلت أن كل مايأتي من الأحباب جميل. 

خالد:ليس كل مايأتي من الأحباب يسعد القلب. 


عائشة:بما أن حضرتك شديد الملاحظة هكذا وتتمتع بكل هذا الذكاء اخبرني ماذا أفعل الآن؟ هل أعود إلى المنزل الآن وأخبر يوسف بذلك هاتفيا؟ حتى لايفضح أمري أمام كلاهما. 


خالد:لا بالعكس قد يشك أحدهم في ذلك، اذهبي إلى النادي وقومي بغسل وجهك بالماء البارد ثم عودي إليهم واجلسي معهم قليلا ثم استأذني منهم واذهبي إلى منزلك. 


عائشة :لا لا استطيع رؤيتهم سويا. 

خالد:ستعتادين على ذلك لن يكون الأمر صعب إذا واجهتيه بقوة أما الهروب فلن يجلب لكِ سوى الضعف. 


شكرته عائشة وفعلت مثلما أخبرها تماما ثم عادت إلى يوسف لتجد الفتاة واقفة بمكانها ويوسف يحاول تعليمها 

إعداد القهوة. 


جلست عائشة تشاهدهم راسمة على وجهها ابتسامة تخفي خلفها أحزان قلبها. 


عائشة برجفة شفتيها : لم تخبرني بأسمها. 

ضحك يوسف وقال :عذرا فبمجرد حضورها أمامي نسيت أسمى وليس فقط إسمها. 


يوسف :سهيلة. 

عائشة :أهلا سهيلة سعيدة برؤيتك اليوم. 

نظرت عائشة إلى يوسف معاتبة وسألته:لماذا لم تحدثني عنها من قبل؟


يوسف:أردت أن اخبرك باليوم الذي اصيبتي به ولكنك كنتِ شاحبة جدا ذلك اليوم ثم حدث ماحدث بالنادي وانشغلت باصابتك، قررت اخبارك بعد عودتك من الأجازة وها أنا اخبرك بالأمر أولا وقبل اي شخص آخر. 


سهيلة:ماأجمل تلك الصداقة التي تجمع بينكما. 

يوسف:أخوة وليس صداقة. 


عائشة :نعم انها كذلك، كنت أريد البقاء معكم أكثر من ذلك ولكن تأخرت على والداي ولابد لي من العودة إلى المنزل. 


سهيلة :وأنا أيضا اتمنى أن نتحدث أكثر ونصبح أصدقاء كي تخبريني بكل أسرار وخبايا يوسف. 


عائشة :ان شاء الله. 


ذهبت عائشة إلى المنزل وأستقبلتها والدتها كالعادة ألقت عائشة نفسها بين ذراعيها وبكت. 


تلك الأحزان التي يختزنها الإنسان بقلبه يستطع اخفائها عن الجميع إلا أمه فنظرة واحدة منها كفيلة بأن تجعلك تفتح قلبك وتلقى بكل اعبائه بين ذراعيها سألتها أمها 

عن سبب بكائها فأخبرتها أنها بخير ولكنها شعرت بضيق قليلا. 


في اليوم التالي 


وقفت سيارة خالد أمام بائعة القهوة ونظر إليها من خلف الزجاج ليكتشف أنها عبست بوجهها بمجرد رؤية السيارة ثم ابتسمت بمجرد خروج رجب لشراء القهوة. 


عائشة بفرحة :كيف حالك ياعم رجب؟ 

رجب :بخير يابنيتي. 


يتولد لدى اي شخص كبير تحدثه عائشة بحب وأحترام أنها ابنته ويناديها بنيتي دون أن يفكر في ذلك. 


خالد لم يعد متعجلا بالذهاب مثل السابق فتح النافذة وظل ينظر إليها ثم أشار اليها بيده مبتسما فلم ترد له التحية واكتفت بتلك الإبتسامة الزائفة التي لاتظهرها لغيره. 


جلس رجب بالسيارة وبدأ بالقيادة وذهب بالفعل بعيدا عن عائشة ولكن خالد ظل شاردا ومبتسما.


رجب :قهوتك ستبرد ياخالد بيه. 

خالد:اه القهوة بردت بالفعل، لم يستمتع خالد بالقهوة بنهاية اليوم وبعد أن انتهى خالد من عمله صرف السائق وقاد سيارته بنفسه ومر على عائشة بطريق عودته. 


بهذه الفترة كان يوسف معها وعائشة تنهي عملها معه لكي تذهب للعمل بالنادي. 


خالد :أريد كوب من القهوة المعتادة. 

عائشة :سيجهزها يوسف اليوم لأنني تأخرت على التدريب. 

خالد :لا، أريدها من يدك أنتِ. 

عائشة بغضب :ليس لدي وقت. 

خالد بهدوء:من فضلك فلم احتسي كوب القهوة صباحا الذي احضره رجب لي ولا أريد أن يمر اليوم من دون قهوتي المعتادة. 


وضعت عائشة حقيبتها عندما طلب منها ذلك بلطف وبدأت تجهز قهوته. 


بدأ الاطفال بالتوافد عليها وسؤالها لماذا مازالت هنا وليس بالنادي. 


تجمع حولها خمس اطفال وامهاتهم في إنتظارها حتى يدخلون النادي برفقتها. 


إحدى الأمهات :مازن لا يريد التدريب إلا معك، طوال الفترة إجازتك لم يتمرن مطلقا. 


فرحت عائشة بذلك جدا وعانقته ثم أخذت القهوة وقدمتها لخالد بيد وبيدها الأخرى تحمل حقيبتها كي تذهب مع الأطفال. 


حزن خالد بذهابها وظل ينظر إليها حتى ابتعدت. 


يوسف:خالد بيه أنا استطيع تجهيز قهوتك ايضا بنفس المذاق الذي تحبه فالماكينة هي التي تعد القهوة ولذلك لا أفهم اصرارك ان تجهزها عائشة لك بيدها. 


خالد بأبتسامة:لا أعلم. 


يوسف بغضب :قهوتك معك، إذهب إلى سيارتك من فضلك قبل أن يسوء الأمر. 

خالد :وماسبب غضبك فكما ترى عائشة لم تمانع وقامت بتجهيزها. 

يوسف:عائشة مثل أختي ولن أسمح لأحد بأزعاجها اخبرتك انها تأخرت واجتمع الأطفال وامهاتهم بالمكان ورغم ذلك اصريت على أن تشرب القهوة من يدها. 


خالد :ولن اشربها من أحد غيرها. 


التقط يوسف أنفاسه والتفت إلى عمله حتى لايرى العملاء تشاجره مع خالد ويسئ لسمعة المكان. 


ذهب خالد وبعد ساعتين أنهت عائشة التدريب وعادت إلى يوسف قبل العودة إلى منزلها وكان غاضبا 

وقال :منذ اول ببدأ هذا المشروع وأنا احاول جاهدا حمايتك ومنع اي أحد التقليل من شأنك ولذلك انزعجت جدا من اصرار خالد بيه على شرب قهوته من يدك. 


ابتسمت عائشة لأنها شعرت بأنه يغار عليها وللحظة واحدة تناست أن هناك إنسانة أخرى بحياته غيرها. 


عائشة:هذا عملي ولا أرى أن هذا يقلل من شأني. 


رن هاتفه في هذه اللحظة وكانت المتصلة سهيلة اجابها

يوسف بغضب :نعم ياعائشة. 

سهيلة بغضب :اسمي سهيلة وليس عائشة وأغلقت الهاتف بغضب.


يوسف بحزن :ماذا فعلت الآن! 

عائشة :لا تحزن ستهدأ بعد قليل وتتفهم موقفك. 


في اليوم التالي 

لم تذهب عائشة لبيع القهوة وذهبت برفقة والدها إلى المستشفى كي تجري له بعض الفحوصات. 


بينما تنتظر عائشة بغرفة الانتظار لحين وصول الطبيب 

تفاجئت برؤية شخصا تعرفه. 


من يكون هذا الشخص؟ 


                 الفصل السابع من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا


تعليقات



<>