رواية إعلان ممول
الفصل العاشر 10
بقلم رحمة نبيل & فاطمة طه سلطان
صلو على نبي الرحمة.
__________
كانت الصدمة قوية على داوود الذي اتسعت عيناه في محاولة يائسة منه لاستيعاب ما سمع منذ ثواني، ما الذي نطقت به للتو ؟! هل جُنت أم ماذا ؟! ربما...
ربما أخطأ السمع .
لكن جملة والدته التي تشدقت بها جعلته يلتفت لها في صدمة أكبر من صدمته الاولى وهو يسمعها تقول لأفكار:
_ يا حبيبتي واحنا نفديكِ الساعة لما نيجي كده ونتقدم ليكِ ؟!
همس داوود بذهول :
_ أنتِ بتقولي ايه يا أمي ؟؟ بتقولي ايه أنتِ ؟! هتعومي على عومها ؟!
نظرت له جيهان ببسمة متمنية :
_ وماله يا حبيبي لما نتقدم ليها دي البت عسل والله وهـ
قاطعها داوود قبل أن تسترسل حديثها الجنوني:
_ أنتِ بتقولي ايه ؟؟ ايه لزقتي في الكلمة ؟! اتقدم ايه وجواز ايه ؟؟ هو أنتِ نسيتي احنا جايين ليه ؟؟
فتحت والدته فمها للتحدث، لكنه اصمتها على الفور للمرة الثانية:
_ لا متتكلميش، أنا اللي هتكلم.
تنهد بصوت مرتفع ينظر صوب أفكار التي كانت تنتظر أن ينتهوا من الحديث لترى ما سيفعلون في المستقبل، ابتسمت حينما رأت داوود ينظر لها قائلًا :
_ آنسة أفكار، الظاهر كده حصل سوء تفاهم في الموضوع .
تحدثت أفكار ببسمة وهي تظنه يقصد ذلك الشجار بينهما :
_ متاخدش في بالك دي مشاكل بتحصل عادي بين الكل، وبعدين سوء التفاهم ده وارد في المواضيع اللي زي دي ..
نظر لها بعدم فهم :
_ مواضيع ايه دي ؟؟ أنتِ ليه بتتكلمي في أمور أنا حتى مقربتش ناحيتها، ليه بتسحبيني لمنطقة أنا مروحتش ليها في الكلام ؟؟!
نظرت له أفكار محاولة فهم ما يريد لكن خاب أملها في النهاية :
_ أنا مش فاهمة أنت عايز ايه الحقيقة ؟؟ بس مبدئيًا القاعة هتكون على النيل ..
اندفعت جيهان تقول بسعادة :
_ زي ما تحبي يا حبيبتي، ايه رأيك نعملها في مركب ؟!
ابتسمت لها أفكار وقد اعجبتها الفكرة :
_ حلوة، وتبقى بليل ونعلق فروع نور في المركب..
صاح داوود مقاطعًا كل هذا الحديث بغضب شديد :
_ أنتم بتغنوا وتردوا على بعض، وأنتِ يا امي الله يباركلك اسكتي لو سمحتي .
_ يا بني اسمع بس، البنت والله زي العسل و....
_ يا حاجة الله يباركلك بس، بس احنا جايين في ايه وأنتم بتتكلموا في ايه ؟؟ قاعة ايه ومركب ايه ؟؟
تنهد بصوت مرتفع، وقال بلهفة قبل أن تسبقه إحداهما وتخرج له بكارثة أو ثرثرة أخرى ليجد نفسه في النهاية جد لاحفاد أفكار...
_ احنا بس كنا جايين عشان نعتذر عن اللي حصل في البيت عندنا ونقولك ترجعي الشغل تاني ..
حركت أفكار جفنيها وهي تنظر في وجوههما بجمود وبلاهة لحظية ثم قالت :
_ بس كده ؟!
_ بس كده ..
فجأة انتفض داوود للخلف مع جيهان وهو يسمع شهقة أفكار ومن ثم حديثها الحاد المغتاظ :
_ وأنت فكرك يعني لما تيجي وتلبس ليا بدلة زي دي وتجيب علبة شوكولاتة من اللي لونها دهبي، هقبل وانسى الإهانة اللي اهنتها ليا ؟!
اندهش داوود من كلماتها :
_ إهانة ؟؟
_ لا فوق يا بابا مش أفكار اللي تدوس على كرامتها وترجع تقول معلش، إلا كرامتي، دي خط أحمر عندي والكل في الحارة يشهد بكدة، ارجع الشغل عندك دي خلاص بقت في احلامك الوردية يا ...
قاطعها داوود في محاولة يائسة لرجوعها قبل أن يصبح عبدًا لوالدته التي تعانده :
_ ارجوكِ يا أفكار أنا آسف والله حقك عليا، هزودلك المرتب الضعف لو تحبي ..
فجأة توقفت أفكار عن التلويح بيديها في الهواء وهي تقول بأعين ضيقة وبتفكير :
_ الضعف ؟!
_ أيوة .
فجأة ابتسمت، ثم تحركت داخل المنزل ومنه للغرفة التي كانت تجلس بها تصفق بكفيها في الهواء :
_ يلا يا حبيبتي كل واحدة تروح تشوف مصالحها عشان مش فاضية .
تحدثت إحدى النساء بصوت ساخط :
_ أروح فين أنا لسه وشي لسه منشفش يا افكار .
_ ابقي انشفي في بيتك يا حبيبتي، اقعدي فوق السطح كده في حتة مهوية وانشفي براحتك بعد كده خدي وش سنفرة .
_ والجمال اللي هنبهر بيه اجوازنا يا افكار ؟!
_ عنهم ما انبهروا يا ختي، يعني هما عاشوا كل السنين دي واستحملوا هنيجي نبهرهم دلوقتي ؟! بعدين يعني هما اللي حلوين اوي ؟؟ يلا بس الله يكرمكم عشان الناس واقفة برة .
وشيئًا فشيء بدأ المكان يتفرغ ممن فيه ولم يتبقى سوى سكر التي ظلت جالسه أمام شعلة صغيرة تصنع عليها القهوة للنساء، ابتسمت أفكار باستحسان لما فعلت ومن ثم خرجت سريعًا تدعو داوود ووالدته للداخل ببسمة :
_ اتفضلوا نورتوا البيت ....
___________
مر بجانب منزلها ليجد الأضواء والانوار معلقة وكأنه هناك حفل زفاف في المنزل، انقبض قلبه من الفكرة، فهي تقطن في منزل العائلة لا يتواجد غير عائلتها به وليس لديها أشقاء مهلًا هل هي المقصودة؟!..
أقترب من البقال الذي يتواجد أمام المنزل والذي يعرف صاحبه العجوز منذ أن كان صغيرًا "العم مجدي".
_ازيك يا عم مجدي أيه الاخبار؟!.
رفع العجوز رأسه بعد أن كان يقوم بوضع بعض الصناديق الكرتونية فوق بعضها..
_الحمدلله يا واد يا حامد لسه فاكر عمك مجدي؟!، ده أنا نادرًا لما أشوفك ولو شوفتك بتكون معدي بالعربية والعيال بينزلوا يشتروا حاجة مش أكتر.
غمغم حامد في حرج:
_معلش يا عم مجدي الحياة مشاغل، وبعدين أنا مقدرش أنساك.
أستند العجوز على عكازه، ثم سار خطوتين وجلس على مقعده الخشبي المتهالك:
_على رأيك، بس أيه اللي مخليك ماشي على رجلك مش شايف عربيتك يعني مش بعادتك؟!.
كانت نبرته خبيثة نوعًا ما ولكن أجابه حامد في صدقٍ فهو يشعر بأنه ضل طريقه لم يعد يعرف ما الذي يجب أن يفعله:
_زهقان شوية يا عم مجدي وقولت أتمشى.
ثم أسترسل حديثه في انفعال طفيف، رُبما غضب مكتوم، وقلق شديد يفتك بقلبه من الظنون التي رافقته:
_هي أيه الكهارب والانوار اللي متعلقة دي؟!...
أردف عم مجدي في نبرة جادة وكأنه لا يقول شيء:
_الست ألاء خطوبتها بكرا ولا بعده باين لسه أبوها معدي من شوية وقايلي أنه هيأخد من عندي الحاجة الساقعة
قاطعه حامد وهو يقول بعدم فهم:
_نعم؟!!.
_زي ما سمعت يا ابني.
تحدث حامد في جنون واستنكار رهيب:
_خطوبة أيه اللي هتتعمل؟!! أنا ههد البيت على اللي فيه...
كان بالفعل على وشك السير مما جعل العجوز يهتف في حكمة:
_أرحم وخلي رحمة ربنا تنزل يا حامد، هي حرة وتعمل اللي هي عايزاه وهي أم عيالك في الآخر بلاش فضايح أكتر من كده يا ابني، يا أخي عشان عيالك اعقل شوية بلاش كل خمس دقايق تلموا الحارة عليكم يابني....
لكن حامد كان غضبه وانانيته هم من يسيرونه في هذه اللحظة، مشاعر غريبة تلبسته ولا يدري ما السبب، يفعل ما يمليه عليه غضبه دون إدراك للصحيح والخطأ .
___________
يجلس في تلك الغرفة الفسيحة التي تفوح منها روائح لمواد كيميائية متنوعة يطلق عليها البعض ( أدوات تزيين)، حاول داوود تجاهل الأمر وهو يتنفس بصوت مرتفع بعض الشيء يريح ذراعه جوار جسده محاولًا الاعتدال في جلسته، لكن فجأة شعر بشيء لزج أسفل قبضته، ضيق ما بين حاجبيه وهو ينظر صوب ذلك الشيء ليُصدم أن يده أضحت ملطخة بتلك المواد التي تضعها النساء على وجوههن .
اتسعت عينيه وهو يردد بحنق شديد :
_ ايه القرف ده بقى ؟؟
في ذلك الوقت سمع داوود صوتًا يأتي من أحد أركان الغرفة حيث لم يكن ينتبه أحد لجلوس سكر، انتفض جسده للخلف وهو يسمع صوت (بسبسة) من فم سكر :
_ بقولك ايه يا عسل يا قمور أنتَ، تشرب قهوة ؟!
نظر لها داوود يحاول تهدئة خفقاته هامسًا لوالدته:
_ يلا يا أمي الله يكرمك نمشي من هنا، وأنا هقفل المحل واقعد اخدمك والله .
حدجته جيهان بغيظ شديد، ثم نظرت حيث سكر وقالت ببسمة :
_ تسلمي يا حجة مش عايزين نتعبك معانا .
تشنجت ملامح سكر بحنق من كلماتها وتمتمت بصوت خفيض وصل لهما واضحًا :
_ حجة مين يا ختي هو البعيدة عديمة النظر ولا ايه ؟!
اتسعت أعين جيهان بصدمة ولم تكد تجيب حتى تجاهلتها سكر وهي تنظر لداوود ببسمة :
_ ها يا قمر اعملك قهوة ؟؟
تنحنح داوود وهو يحاول الاعتدال في جلسته والتنفس بشكل جيد :
_ لو مش هتعبك يا امي يعني ممكن واحدة مظبوطة .
_ لا يا حبيبي مفيش تعب، أنت تؤمر .
وبالفعل بدأت سكر تعد له القهوة وهو يجلس متأففًا من تأخر أفكار عليهم، وما هي إلا ثواني وطلت عليه افكار مبتسمة بعدما ابدلت ثيابها التي خربت جراء عبثها بالألوان والذي كانت تسميه هي تجميل النساء.
_ معلش اتأخرت عليكم شوية ..
قالت جيهان ببسمة متغاضية عن تصرفات والدة أفكار باعتبارها سيدة كبيرة في العمر :
_ لا يا حبيبتي مفيش تأخير ولا حاجة، أنتِ عاملة ايه، طمنيني عليكِ والدنيا كانت عاملة ايه معاكِ بعد ما سيبتي الشغل ؟!
نظرت لها أفكار بحزن شديد وقد شعرت فجأة بالقهر يحاصرها، لا تدري كيف مرت بكل هذا في حياتها البائسة .
وما بين كلمات والدته وتنهيدات افكار، كان داوود يقلب نظراته بينهما بملامح متشنجة متعجبة مما يحدث :
_ هو فيه ايه ؟! ايه المشهد البائس الحزين ده ؟! دي يا دوبك سابت الشغل امبارح.
رمقته أفكار بحنق وغيظ من افساده لشعور القهر والحسرة داخلها، وداوود لم يصمت وهو يتحدث بكل الغضب داخله :
_ وبعدين يا امي أنتِ بتتكلمي كأنها يا عيني اتشردت وملهاش حاجة تعيلها، دي ما كدبتش خبر اول ما اتطردت وهوب اتصرفت وجابت شغلانة تانية من تحت الارض .
تخصرت أفكار بغضب :
_ يعني عايزني اقعد احط ايدي على خدي واستنى حسنة من الناس عشان حضرتك طردتني ؟! ايه فاكرني هاجي ابوس ايدك بعد ما الدنيا تضيق بيا ؟!
اتسعت عين داوود يردد باستنكار كبير :
_ أنتِ بتقولي ايه ؟؟ ده أنتِ مكملتيش يوم من غير شغل ....
زفرت أفكار بصوت مرتفع تحاول الهدوء من حالة الغضب العجيبة والدخيلة عليها :
_ قصره، عايز ايه يا ابن الذوات ؟؟
_ ابن الذوات ؟؟ هي البت دي عبيطة يا امي؟؟ والله العظيم عبيطة ؟؟ هي ليه محسساني أننا قاعدين في فيلم ابيض واسود ؟؟
نظرت له أفكار وهي لا تنفك تفاجئه بتصرفاتها :
_ عايز ايه يا استاذ داوود، حلو كده ؟؟
_ اه حلو كده يا استاذة افكار، أنا قولتلك اني جاي عشان ترجعي الشغل وهعملك اللي عايزاه .
نظرت له قليلًا ثم قالت بتشفي :
_ ايه عرفت أنك متقدرش تمشي امورك من غيري ؟؟
_ لا وأنتِ الصادقة امي والعيال كلوا دماغي وانا عايز اشتري راحتي مش اكتر.
هزت رأسها تطرح كل شروطها :
_ بس هتزود مرتبي الضعف زي ما قولت مترجعش في كلامك.
_ موافق
_ ومش هيكون ليك أي دعوة بيا أو بشغلي .
_ قال يعني أنا واقفلك بالعصايا وبراقبك، هو أنا يابنتي بشوفك غير لو فيه بلوة أنتِ السبب فيها ؟؟
تنهدت افكار برضى متغاضية عن كل ما نطق به منذ ثواني ولم تكد تدلو بموافقتها حتى رأت والدتها تضع القهوة أمام داوود وتجلس معهم، بدأ داوود يرتشف قهوته باستمتاع شاكرًا إياها ثم قال :
_ تسلم ايدك ...ها يا أفكار كده متفقين ؟؟
هزت أفكار رأسها:
_ تمام متفقين، بكرة باذن الله هرجع الشغل .
ابتسم داوود براحة أخيرًا، يرتشف رشفاته الأخيرة من القهوة، ثم وضع الفنجان على الطاولة، وهو يقول :
_ كده تمام بكرة هسيبلك مع امي ا....
وقبل إكمال كلماته سمع سكر تقول وهي تسحب فنجانه من أمامه:
_ هات أما اقرألك الفنجان .
اتسعت أعين داوود بصدمة من تلك المرأة وقال بهدوء ولين وهو يراها تحاول سحب الكوب من أمامه بإصرار، ليبتسم متحدثًا بكلمات ناصحة هادئة :
_ قراءة فنجان ايه يا امي، استغفر الله، سيبي الفنجان لو سمحتي وبلاش الحوارات دي عشان فيها كفر لو سمحتي بلاش تمشي ورا التخاريف دي، استغفري ربك وتوبي .
لكن سكر كانت مصرة إذ انتزعت منه الفنجان عنوة تحت نظراته واستغفاره واستنكاره الشديد لذلك الفعل، لكن والدته ربتت على قدمه تهمس له :
_ أهدى يا حبيبي دي ست كبيرة عديها.
_ اعدي ايه يا امي، مش لدرجة الكفر ده استغفر الله العظيم، أنا اساسا مخنوق من اول ما دخلت، بقولك ايه لو خلصنا خلينا نمشي من هنا.
نظرت له أفكار بتعجب لنظراته واسوداد ملامحه والتقطيبة التي علت وجهه :
_ خير يا أستاذ داوود مالك فيه حاجة ؟؟
اندفع داوود وكاد يتحدث لها، لولا ارتفاع صوت والدتها وهي تقول :
_ أنا شايفة فيه نور خارج من الفنجان، نور شديد اوي اوي يا بني .
رمقها داوود بسخرية لاذعة :
_ والله ؟! ايه فيه فرح في الفنجان ولا ايه ؟!
رفعت سكر حاجبيها وقالت بتهليل :
_ أيوة صحيح فيه فرح عرفت منين يا واد، أنت بتقرأ الفنجان برضو؟!
أشاح داوود بوجهه مستغفرًا ربه بصوت مرتفع وقد شعر بقرب انفجاره في هؤلاء المجانين، وسكر تكمل خرافاتها وهي تقول :
_ النور ده فرح، فرحك وفيه عروسة زي القمر هي اللي منورة الكوشة جنبك، استنى كده ...أنا أعرف العروسة دي ..
نظر لها الجميع بفضول عدا داوود الذي كانت ملامحه توحي بمدى كرهه ورفضه واستنكاره لما يحدث، لكن فجأة انتفضت الأجساد على صرخة سكر وهي تقول :
_ دي أفكار بنتي .
أشارت افكار لنفسها بذهول :
_ أنا ؟!
_ أيوة يا بت اهو في الفنجان قاعدة جنبه بسم الله ما شاء الله عليكِ زي القمر، حتى الحلو جوزك ده قاعد بسمته واكله نص وشه اهو حتى شوفي ...
رفعت الفنجان أمامهم لتقترب أفكار وكذلك فعلت جيهان دون وعي وبفضول شديد لينتفض جسد داوود صارخًا بحنق وغصب :
_ لااا كده كتير، ايه يا حجة التخاريف دي ؟؟ حرام عليك اللي بتعمليه في نفسك، مفيش حاجة اسمها قراءة فنجان، ارجعي لربك وأنتِ على اعتاب الأخرة كده .
اشتد غضب سكر تقول باستنكار :
_ أنت بتقول ايه يا جدع أنت ؟؟ اعتاب أخرة ايه جاك كسر عتبتك، مين الجدع ده، أنت بتعمل ايه في بيتي أساسا؟!.
اقتربت منها أفكار بسرعة تربت على ذراعها :
_ ايه يا امي مش كده ده استاذ داوود اللي بشتغل عنده .
_ استاذ مين ؟؟ وأنتِ بتشتغلي في مدرسة ولا ايه ؟؟ بعدين أستاذ على نفسه مفكرني تلميذة عنده ولا ايه ؟؟
تأفف داوود يحاول تهدئه نفسه لكن سكر لم تكن بنفس الهدوء إذ صاحت :
_ اوعاك تكون مفكر يعني عشان حليوة ومسمسم هقبل اجوزك البنت دي، لا ده غيرك كتير حفي وزحف وانا رفضت .
قبلت أفكار يدها وهي تهمس لها :
_ ابوس ايدك يا شيخة خلاص، استرينا واسكتي شوية .
تحدث داوود بملامح غاضبة ووجه أحمر :
_ والله لولا أنك ست في عمر جدتي أنا كان ليا كلام تاني معاكِ، يلا يا أمي قومي عشان نمشي من هنا .
شهقت سكر بصوت مرتفع وهي تتجهز للانقضاض على داوود الذي تحفز جسده، لولا أن أفكار امسكتها وهي تقول :
_ خلاص امسحيها فيا أنا الله يكرمك، امشي من وشها دلوقتي يا أستاذ داوود لأحسن هي لما بتتعصب مش بتشوف ..
نظر لها داوود بغضب وأخذ يصرخ في وجه سكر لكن بصوت متزن وبكلمات حاول أن يخرجها محترمة مرعاة لسنها:
_ يعني فوق ما أنتِ ماشية ورا تخاريف كمان بتعاندي في الغلط، ايه حالفة لتدخلي النار من اوسع ابوابها ؟؟
جذبته والدته للخارج وهي تعتذر لهم، وأفكار تسحب والدتها بصعوبة بعيدًا عنهم والتي كانت على وشك الامساك في داوود ...
وهكذا انتهى اللقاء بكارثة أوشكت أن تسفر على وجود ضحايا من الطرفين.
____________
تجلس معه في المطعم بعد أن قام بدعوتها على الغداء بعد أن طلب الأذن من أبيها الذي رحب بالأمر جدًا، وأثناء تناولهم الطعام لاحظ ياسر صمتها التام وتوقفها عن تناول الطعام فهي شاردة جدًا.
_مالك يا روضة سرحانة في أيه؟! أيه اللي واخد عقلك ومش مخليكي تأكلي، الأكل أو المكان مش عاجبك؟! لو كده نروح مكان تاني فورًا.
أنتبهت له روضة وأردفت في سرعة من أمرها:
_لا أبدًا يا ياسر مفيش.
_هتخبي عليا ده احنا بقينا واحد يا روضة.
ابتسمت له ثم غمغمت بتردد وهي تحاول أن تتخلى عن خجلها:
_صراحة أنا مضايقة من وضعنا يعني أننا قراءة فاتحة بس، أنا عايزة الناس كلها تعرف أني مخطوبة ليك ونعمل خطوبة بشكل رسمي أعتقد يعني أحنا عرفنا بعض بالشكل الكافي.
قال ياسر في رغبة منه وبحديث معسول يجيد صُنعه:
_أنا نفسي نتجوز النهاردة قبل بكرا مش خطوبة بس يا روضة أنا لقيت الأمان فيكي كأني كنت بدور عمري كله عليكي، بس والدتك هي اللي شارطة كده.
أردفت روضة في حماس شديد وهي تنظر له:
_لا متقلقش من حكاية ماما دي أنا هقنعها أنتَ تيجي وتتكلم مع أبويا في كل حاجة وكل حاجة هتمشي متقلقش.
رُسمت ابتسامة على شفتيه سرعان ما اختفت مما جعلها تسأله في قلق رغم علمها بأنها لم تفعل شيء:
_في حاجة يا ياسر وشك قلب مرة واحدة كدة ليه؟!.
تمتم ياسر في حرج:
_يعني يا روضة بصراحة في موضوع لازم أتكلم معاكي فيه ضروري.
_في أيه يا ياسر متقلقنيش؟!..
نظر لها ياسر في تأثر وهو يحاول أن يقوم بضبط كلماته:
_يعني في حاجة هتعطل جوازنا وكل ده.
قاطعته في ذعر:
_أيه بس اللي هيعطل لو على ماما....
قاطعها هو تلك المرة مصححًا الأمر:
_المشكلة مش في أمك بس يا روضة.
عقبت باستغراب:
_اومال في أيه تاني يا ياسر؟!..
_زي ما أنتِ عارفة أن هستقر هنا وطبعا القرار ده قررته أنا وامي مرة واحدة وأكيد مكنش ينفع أسحب فلوسي كلها من هناك مرة واحدة دي شراكة كبيرة، ومش هاخد أرباحي قبل نهاية السنة، ولازم طبعا أجيب ليكي شبكة تليق بيكي وتشرفك، وأجيب الشقة اللي الكل يدخلها ينبهر بيها بس للأسف لسه كتير اوي عقبال ما أعمل ده ومليش عين بصراحة أتمم الخطوبة والجوازة بقول نستنى الكام شهر دول....
غمغمت روضة في نفي وهي تتذكر تلك المرأة التي كانت تتواجد بجانب داوود في السوق:
_لا مينفعش نستنى أكتر من كده.
_أنا معيش مصاريف الجواز والخطوبة دلوقتي.
صمتت روضة ليطيل الصمت بينهما لمدة دقائق ثم قالت باقتراح غبي وكأنها تحقق له غايته:
_طب ما تطلب من بابا يسلفك لغاية ما الفلوس توصل؟!.
أحتدت ملامحه وتحدث في انفعال طفيف:
_أنتِ اتجننتي يا روضة؟! عايزاني أقول لخالي يسلفني أتجوز بنته ليه مش راجل بتقلي مني يا روضة ومش شايفاني راجل ولا أيه؟!!!..
قاطعته روضة في توتر من نبرته المرتفعة وملامحه التي تغيرت تمامًا وحاولت تصليح الوضع هاتفة:
_لا يا حبيبي والله مش قصدي حاجة أنا بس قولت مفيش حاجة لما بابا يساعدك أنتَ ابن اخته وزي ابنه وكمان هتبقى جوز بنته وبابا مش هيقول لا، أنا شايفة أنك تخلي عمتو تقوله من تحت لتحت..
نظر لها في خبثٍ وغمغم متصنع الضيق فهو يقوم باستغلال الأحوال التي تمر بها روضة من انفصالها:
_الصراحة هي فكرة مش وحشة بس كرامتي...
قاطعته للمرة التانية وهي تقول:
_كرامتك متصانة يا ياسر وفي الأول والأخر أحنا أهل مفيش بينا الكلام ده.....
_____________
يوم طويل وعجيب جدًا...
لا يصدق تلك الفتاة مجنونة، يقسم أنها مجنونة ولكن لا يستطيع الإنكار بأنها فريدة من نوعها رغم جنونها ومنطقها الغريب والظروف التي تمر بها وتتخطاها بسهولة، امرأة جديرة بالاهتمام رغم أنها مفعمة بالعيوب أو ليكون صادقًا مع نفسه مفعمة بالصفات التي لا تعجبه أبدًا.
أبتسم لنفسه وهو يتذكر ردة فعلها وتوقعها بأنه أتى ليتقدم لها كان موقفًا جنونيًا ومضحكًا إلى حد ما قطع خلوته مع نفسه ابن شقيقه الذي ولج إلى الغرفة ولم يكن داوود قد أغلق بابها..
تحدث داوود باستغراب:
_علي أنتَ لسه صاحي؟!.
أردف علي بضيقٍ وهو يقترب من الفراش ويجلس بجانب عمه:
_أيوة مش جاي ليا نوم يا عمو، زهقان ومخنوق.
ضيق داوود عيناه وأعتدل في جلسته ثم غمغم باهتمام:
_مالك يا علي أيه اللي خانقك؟!.
نظر له الصغير ثواني وكأنه يخفي الكثير داخله، لكن وحينما أضحت الكلمات على حافة فمه، تراجع وقال في تردد:
_ولا حاجة يا عمو أنا خلاص هقوم أنام.
نهض علي وكان على وشك أن يذهب ولكن أمسكه داوود من يده جابرًا أياه على الجلوس مرة أخرى هاتفًا في حب وحنان:
_لا فيه حاجة وبعدين أحنا صحاب ولا ايه يا علي؟! لو محكتش ليا هتحكي لمين؟!.
نظر له الصغير ثواني قبل أن يردف بصوت مختنق بعض الشيء، وبكلمات أكبر من عمره قال :
_ولا بابا مهتم يسألني مالي ولا ماما، حضرتك وبعدك تيتا وأفكار بس اللي مهتمين.
أبتسم له داوود وحاول تجميل صورة شقيقه في عين طفله:
_أنا بحبك ومهتم بيك وستك كمان بس مهما حصل محدش هيحبك وهيشيل همك قد بابا وماما يمكن أكتر مننا كمان، ده أنت ابنهم ومحدش عندهم اغلى منك ومن اخواتك.
تمتم الصغير بألم واضح شعر به داوود وكأن من أمامه شاب في الثلاثينات على الأقل:
_مش باين يا عمو.
_بص يا علي أنتَ لسه صغير علشان كده مش هتفهم أي حاجة من اللي بتحصل، في حاجات كتيرة بتضايقنا من اللي حوالينا بس أحنا مجربناش نكون مكانهم ولا فهمنا هما بيعملوا كده ليه، وأكيد أنتم اهم حاجة عندهم بس الفترة دي هما مضغوطين وفي مشاكل شوية كل واحد بيحاول يضبط حياته.
تحدث الصغير في انفعال طفيف:
_مصطفي ابن عمو محمد النهاردة أتريق عليا في المدرسة علشان ماما خطوبتها بكرا.
لأول مرة يدرك داوود عمق الألم المتواجد في الصغار ورُبما يحاولون إخراج طاقتهم وحزنهم في فرط حركتهما وشقاوتهما، يبدو أنهم يستشعرون جيدًا ما حدث في حياتهم من شرخ كبير لا يشعر به أحد ويظن بأنهم لا يدركون الوضع...
_ماما مبتعملش حاجة غلط علشان حد يتريق عليها.
_لا غلط مدام سيبنا بيتنا وبابا عايش لوحده وماما عند عيلتها يبقى غلط، ليه منرجعش تاني كلنا مع بعض في بيتنا.
ابتسم له داوود ورفع يده يداعب وجنتي الصغير الذي لم يعد صغيرًا بسبب الموقف الذي تعرض له:
_كل حاجة بتحصل في الحياة بيكون ليها سبب يا علي، ثم مين عالم أدعي لربنا كتير أن كل حاجة ترجع زي الأول ويمكن ترجع.
_يعني أنا لو دعيت هترجع كل حاجة زي الأول ازاي؟! بابا اتجوز وماما هتتجوز حد تاني أنا كبير وفاهم أن مفيش حاجة هترجع زي الأول.
_مفيش حاجة اسمها كده أنتَ ادعي بالخير وأن كل حاجة تكون كويسة زي الأول مُسْتَحيلُكَ، على اللهِ هَيِّنٌ.
سأله علي بعدم فهم:
_يعني ايه؟!.
_اي حاجة شايف أنها صعبة تحصل هي سهلة عند ربنا وهينة أوي، ادعي أنتَ بس وتعالي نام جنبي علشان الوقت اتأخر وبكرا في مدرسة.
تحدث الصغير في لهفة:
_صدق معاك حق يا عمو بكرا أفكار هتيجي تصحيني بالعافية.
فرصة جيدة ليعلم داوود حجم العلاقة بين الصغار وافكار :
_هي كويسة معاكم؟!.
غمغم الصغير في أدب:
_طنط افكار كويسة جدا معانا يا عمو هي عصبية ساعات بس قلبها أبيض.
ضرب داوود كفًا على كفٍ، فهو متأكد أن تلك الفتاة ما هي إلا ساحرة لم تكتفي بوالدته سحرت لابناء أخيه أيضًا.
_____________
في اليوم التالي..
عادت أفكار على رأس عملها، غرفة نوم الأطفال أصبحت فوضى بشكل مرعب بينما المطبخ لا تستطيع وصفه بمسماه السابق من الممكن أن تستبدله بأنها كارثة.
لا يتواجد أي شيء في مكانه بالرغم من انه تقريبًا يومين، الكثير من الصحون المتسخة التي يجب عليها غسلها، مما جعلها تخاطب نفسها أثناء رؤيتها لهذا المشهد:
_والله يابت يا أفكار البيت من غيرك ولا حاجة، ولا يعرفوا يعملوا حاجة، والله مش عارفة مين اللي كان بيمشي أمورهم قبل ما أنا أجي، المفروض يحمد ربنا إني وافقت أرجع للمخروبة دي تاني.
_كتر خيرك.
دون أن تنتبه لمن يتفوه بتلك الكلمة ردت بكل عفوية:
_طول عمري خيرة وطيبة وخيري بوزعه....
قبل أن تستكمل وصلة مدحها لنفسها...
أستدارت برعب وهي تجده واقفًا عند باب المطبخ ولكنه سمعها، لا تعلم كيف أستطاع فعلها أم أن صوتها كان مرتفعًا نوعًا ما؟!..
يا لكِ من حمقاء يا أفكار...
هكذا خاطبت نفسها وبتلقائية منها أخذت تحاول تبرير موقفها:
_أنا مش قصدي يا أستاذ داوود أنا قصدي يعني...
قاطعها بملل:
_ولا قصدك ولا غيره، ولا يهمك عموما معاكي حق، وبعدين قبل ما تيجي كان في واحدة بتيجي تساعد امي في البيت بس حصل ليها ظروف واما الولاد جم كل ده جه ورا بعضه وعلى العموم أنا قريب هجيب حد يساعدك في البيت.
تحدثت أفكار مسرعة في حماس:
_لا تجيب أيه يا أستاذ مهو حضرتك لو جيبت حد هتقلل من فلوسي، ممكن تزود الفلوس شوية كمان وأنا أعمل للست جيهان وللاولاد اللي هما عايزينه حتى لو عايزين لبن العصفور.
ضحك داوود رغمًا عنه، ثم غادر دون قول شيء مما جعلها تندهش لأول مرة يضحك أمامها هو دائمًا غاضب، ضحكته جميلة ورائعة لن تنكر ولكنها أخذت تفكر مخاطبة ذاتها:
_ضحكته حلوة بس برضو مقالش هيزودني الشهر ده ولا اللي بعده؟!.
_____________
تقف داخل مطبخ جيهان تنتهي من جلي الأواني بعدما اطعمت الصغار وانتهت من كل شيء حتى الآن، تنفست الصعداء وهي تجفف قطرات العرق المتواجدة على وجهها بمنديل ورقي، ثم استندت على طاولة المطبخ أمامها والتي تطل على البهو الخارجي للمنزل ..
أمسكت بعض الفواكه تتناولها بنهم وتلذذ قبل أن تبصر جسد حامد الذي كان ملقيًا رأسه على الأريكة مستندًا على ظهرها برأسه وهو يشعر باختناق شديد داخل صدره، ما الذي يحدث في حياته، كيف يستطيع الخروج من تلك الدوامة ويعيش سعيدًا كما كان يتخيل قبل زواجه الثاني ؟!
أين تلك الآمال الحمقاء التي رسمها لنفسه ولونها بتجارب الآخرين حوله، ليقنع ذاته أنه سيلقي بماضيه الباهت ويستبدله بحاضر مزهر، والآن ماذا ؟؟
حاضر شاحب ..
مرحى يا حامد .
_ خير يا استاذ حامد مالك كده يا خويا زي الفرخة الدايخة بعد التطعيمات ؟؟
انتفض جسد حامد بقوة بعد خروجه من أفكاره وجو الحزن الذي كان يطوف به على صوت الصراخ جواره.
رفع رأسه ينظر لأفكار التي كانت تقف في المطبخ وهي تتناول بعض التفاح متحدثة من بين مضغاطها :
_ شيفاك يعني شايل طاجن ستك، اتخانقت مع الاولانية تاني ولا مع التانية ولا بتفكر تجيب تالتة تتخانق معاهم ؟؟
حدجها حامد بشر، لكنها لم تهتم البتة :
_ ايه بتبصلي كده ليه، طب قولي مالك وأنا اساعدك .
أطلق حامد صوتًا ساخرًا من حنجرته :
_ أنتِ تساعديني ؟!
_ يووه .. وبتقولها من تحت ضرسك كده ليه ؟؟ أنت شكلك متعرفنيش .
ابتسم ساخرًا يتحسس رقبته التي نالت منها ضربًا يكفيه لسنوات عمره البقية :
_ لا ازاي ؟؟ عز المعرفة .
ابتسمت هي بخجل:
_ لا يعني بعيدًا عن كل ده، اللي قدامك دي وبلا فخر عقل الحارة بتاعتي، أي حد بيغلب في حاجة مش بيلاقي غيري يستشيره عملًا بمقولة ( أفكار مستودع الأفكار ) يعني أي حاجة بالصلاة على النبي هتلاقيها عندي هنا .
أشارت لراسها ثم خرجت من المطبخ تتقدم صوبه جالسة على مقعد أمامه وهي تمد جسدها بفضول :
_ قولي مالك كده، يمكن اقدر اساعدك ؟؟
نظر لها ثواني يشعر بأن حالته قد أصبحت من السوء الذي جعله يجلس مع عاملة في منزل والدته والتي هي نفسها التي كادت تخرب حياته وتضيع عمره سابقًا، ليتحدث معها عن مشاكله، لكن ومن له غيرها؟!.
_ آلاء خطوبتها انهاردة ..
_ آلاء مين دي ؟؟
تنهد بصوت مرتفع :
_ الاولانية .
وفجأة انتفض جسده بقوة على صوت زغاريد افكار التي قالت بفرحة :
_يا الف نهار ابيض يا الف نهار مبروك، طب والله بركة أن ربنا رزقها بابن الحلال اللي يعوضها عن عيشتها معاك، ربنا يسعدها ويهدي سرها ويبعد عنها ولاد الحرام.
كانت تدعي وهي تنظر له بتلميح ليصرخ حامد في وجهها:
_ ايه يا ستي أنا جايبك عشان تدعي عليا، أنا عايز حل .
_ حل ايه لا مؤاخذة ؟؟ هي مش طليقتك ؟!
توتر حامد بشدة :
_ أيوة بس ...بس يعني أنا كنت...
ابتسمت أفكار لنظراته وقالت بتلميح وخبث :
_ بتحن صح ؟! وعايز ترجع ؟؟
_ ايه ؟؟ لا طبعا انا بس ...عشان ...عشان الأولاد خايف بس يمنعها تشوفهم أو تبعد عنهم، وأنا مش حابب عيالي يتربوا بعيد عن امهم .
امتصت أفكار شفتيها بتأثر مصطنع :
_ فيك الخير يا خويا، لهو أنتم اللي زيكم بيحس وبيفكر في مشاكل الولاد ؟! تلاقيك محروق من جواك كده أنها هتتجوز وتعيش مبسوطة باذن الله وأنت تعيش عمرك كله متنكد عليك كده.
صوب تجاهها حامد نظرات كالرصاص يستشعر رغبة عميقة في التخلص من تلك المصيبة المتنقلة، لكن فجأة تلاشت كل تلك الأفكار حينما صوت صوت أفكار تقول :
_ بس رغم كل ده هساعدك عشان أنتم شكلكم لسه متعلقين ببعض والاولاد كذلك، بص يا سيدي، ايه رأيك تاخد العيال وتروح هناك بيهم الخطوبة وهما بقى يتصرفوا مع عريس الغفلة؟؟
نظر لها حامد ثواني يحاول معرفة ما تقصد، لكن فجأة سمع الاثنان صوت داوود الذي عاد من عمله بعدما نسي بعض الأوراق يقول :
_ ايه اللي بتقوليه ده ؟؟؟
