رواية إعلان ممول الفصل الثاني عشر 12 والثالث عشر 13 بقلم رحمة نبيل & فاطمة طه سلطان

       


رواية إعلان ممول

الفصل الثاني عشر 12 والثالث عشر 13

بقلم رحمة نبيل & فاطمة طه سلطان




صلو على نبي الرحمة.


وعشان وعدناكم بفصلين فضلت ندمجهم ونخليه فصل طويل ليكم .


قراءة ممتعة .


__________


بعد صدمتها من تلك الدعوة التي لا تبشر بالخير تجلس على الأريكة تربط رأسها بإيشارب أسود وهي على أتم الاسعداد لإقامة حرب، ستقوم بنتف شعر تلك الفتاة التي تدعى روضة هل تستهزء بهم؟!..


حاولت أفكار تهدئتها بصعوبة بالغة فهي كانت في هائجة كالثور حين رؤيته لراية حمراء تلوح في الافق، وذهبت إلى المطبخ لصنع الكركدية لعله يساهم في خفض ضغطها المرتفع بعد قراءة تلك الدعوة، فقامت أفكار بقياسه لها ووجدت أن ضغطها قد أرتفع للغاية.


أتت أفكار من الداخل ووضعت كوب "الكركدية" على الطاولة أمامها قائلة برفقٍ:


_خلاص اهدي يا حجة جيجي، سيبك منها كأنك مشوفتيش حاجة.


غمغمت جيهان بانفعال وهي ترمقها بغضب يحرق الاخضر واليابس فهي كبركان ثائر الآن:


_اسكتي يابت أنتِ اهدى أيه بس؟!! ده أنا هروح اجيبها من شعرها أحطها تحت رجلي وهي تعزمني ليه أنا وعيالي على خطوبتها؟!! ليه ان شاء الله كنت من باقية أهلها، مش عارفة الواد داوود كان عاجبه فيها ايه؟!.


أردفت أفكار بتلقائية وهي تؤيد حديثها:


_والله معاكِ حق يا حجة جيجي البت لما شوفتها في السوق كانت رخمة رخامة ومنزلتش ليا من زور وأستاذ داوود رغم اللي بيعمله معايا إلا أنه راجل محترم بس اختياراته عرة بصراحة، بس أنا علمتلك عليها وخليت السوق كله يتفرج عليها.


غمغمت جيهان بفرحة وقد أتسعت عيناها بذهول:


_بتتكلمي بجد؟!..


_ايوة وجد الجد كمان يا جيجي...


قاطعتها جيهان بفضول:


_ لا ده أنتِ بقا لازم تقوليلي اللي حصل بالتفصيل الممل وأياكِ تنقصي حرف.


بدأت أفكار بعفوية شديدة تقص لها ما حدث ولم تنسى إضافة تعابير وجهها التي توضح مشاعرها وقتها وصوتها العالي نسبيًا وهي تصف لها كل ما حدث دون أن تنسى شيئًا فهي كانت تشعر بالغيظ الشديد من تلك الفتاة الشمطاء من وجهه نظرها، كانت أفكار تتحدث وبسمة جانبية تظهر على شفتي جيهان  لم تفهم أفكار سببها كل ما كانت تفعله هو أنها كانت تخبرها بما حدث وحينما أنتهت أفكار وعم الصمت لمدة ثواني تحدثت جيهان بنبرة جنونية أفزعت أفكار:


_لقيتها، لقيتها بت يا أفكار كانت تايهة عني ازاي دي؟!.


_بسم الله الرحمن الرحيم يا حجة جيهان، لقيتي أيه وكان ضايع منك؟!.


أردفت جيهان بتوضيح لم يعد هناك مجال للصمت فهي وجدت فكرتها المجنونة على حد وصفها:


_مدام الحرباية دي عايزة تنكد عليا وبعقلها الصغير فاكرة أنها هتكيد ستها جيهان..


_مهي عملت كده فعلا يا حجة وعرفت تكيدك ده أنتِ ضغطك كان في السماء....


كانت أفكار تتحدث بنبرة منخفضة مما جعل جيهان تقاطعها وهي تغمغم:


_بتقولي حاجة يا بت يا أفكار؟!.


هزت أفكار رأسها نافية وهي تقول:


_هو أنا أقدر أقول حاجة يا حجة جيجي، أتكلمي وأنا سمعاكِ يا حبيبتي.


أردفت جيهان في ابتسامة واسعة:


_أنا بقى هكيدها، من كلامك البت دي غارت منك لما لقيتك مع داوود، يعني لو أخدتك وروحتي معايا الخطوبة هي اللي هتتفرس.


عقبت أفكار ببلاهة واضحة فهي لم تفهم شيء:


_تاخدي مين يا حجة جيجي؟!.


_هاخدك أنتِ طبعا يا بت هو في غيرك قاعد معايا؟!.


فكرة جميلة الذهاب إلى حفل خطبة فتلك المناسبات نادرًا ما تأتي لها ولكنها تبدو فكرة مُرعبة عن قُرب حينما تذكرت كلمات داوود وطريقته، وأفكاره عنها ولأن تلك الفتاة خطيبته السابقة تلك المرة سيقتلها حقًا ولن يلومه أي أحد...


_لا يا حجة جيجي أنتِ تروحي وتاخدي أحفادك القمرات العساسيل ومراتات ابنك اللي بيتجوز على نفسه ده وتروحي لكن أنا مش مستغنية عن عمري، ابنك لو عرف حاجة زي دي يا هيوديني القسم ويبلغ عني يا هيقتلني وأنا لسه صغيرة أمي عايزة تفرح بيا.


نهرتها جيهان في إصرار:


_لا هتيجي معايا ورجلك فوق رقبتك وهتجيبي فستان وتحطي ميكب وتيجي معايا على سنجة عشرة، وبعدين أنتِ هنا في بيتي داوود مين ده اللي تخافي منه أنا حرة اقول مين يقعد ومين يمشي في بيتي ومفيش أي حد تاني له الكلمة في البيت ده غيري.


كانت أفكار على وشك الرفض مرة أخرى...

لكن لم تعطها جيهان الفرصة وهي تهتف متوسلة:


_اكمني مليش بنت تروح وتيجي معايا وتأخد حق امها بتعملي فيا كده؟!  كان قسمتي ونصيبي تبقى خلفتي عيلين يتعبوا قلبي، لكن أنا كنت محتاجة بنت تروح وتيجي معايا وتبقى سري، وأنا اعتبرتك بنتي وبطلب منك خدمة هتقولي لأمك لا؟!!..


رأت أفكار بأنه ما هي إلا دقائق وستبكي المرأة حقًا...

مما جعلها تقول بتأثر وعفوية:


_خلاص يا جيجي متزعليش نفسك يا اختي، هاجي معاكي ده لو أنتِ عايزاك أقتلهالك هي وامها بعد الكلام ده من عنيا الجوز..


______________


بعد ساعات قليلة...


انتهت أفكار من غسيل الصحون، وكانت جيهان تجلس في غرفتها بعد أن أخذت حمام دافئ فهي تريد الراحة بمفردها لبضعة دقائق عوضًا عن الجلوس مع الأطفال وسماع صراخاتهم، بينما داوود ذهب إلى المسجد..


وحامد يجلس على السفرة أمامه فنجان القهوة الذي صنعة لنفسه وولديه يجلسان في النصف الأخر أمام عينه يشاهدا التلفاز بعد أن جعلتهم أفكار ينتهون من واجباتهم المنزلية...


جاءت أفكار من الداخل بإرهاق لتجد هيئة حامد الشارد تمامًا وكأنه في عالم أخر، فأقتربت منه أفكار قائلة:


_أستاذ حامد حضرتك مشربتش القهوة لسه دي زمانها ثلجت.


نظر لها في انتباه وهو يقول:


_بتقولي ايه؟!..


أردفت أفكار مكررة حديثها للسابق مضيفه له لهجة ساخرة:


_يا أستاذ حامد بقول لحضرتك القهوة بردت أعمل لحضرتك غيرها؟!.


_لا لا مش عايز حاجة تسلمي اقعدي عايز أتكلم معاكي كلمتين.


جلست أفكار على المقعد المتواجد أمامه قائلة في استغراب شديد:


_خير يا أستاذ حامد في أيه؟!.


_في أن أنتِ معاكي حق أنا لازم أتصرف وأروح الخطوبة دلوقتي وأخد العيال لازم أبهدل ال*** اللي فكر يجي يخطب ألاء ده.


تذكرت حديث داوود..

مما جعل تشعر بالضيق من نفسها وكأن كلماته تتردد في عقلها بشكل مريب...


_لا يا أستاذ حامد أعتبرني مقولتش حاجة.


رمقها حامد بنظرات مبهمة تلك الفتاة معتوهة أم ماذا؟!.

هي من قامت بإلقاء الأفكار المجنونة تلك في  عقله والآن تخبره بذلك؟!..


_هو ايه اللي اعتبرك مقولتيش حاجة؟!.


تحدثت أفكار في نبرة هادئة لا تليق بها أبدًا:


_يعني حضرتك تتقي الله في الست ألاء مهما كان في بينك وبينها عيش وملح وأولاد، وبعدين يعني هي مأجرمتش دي هتتجوز ومن حقها زي ما حضرتك عملت، بلاش خراب البيوت أدعي أن ربنا يتمم ليها الموضوع على خير.


_أنتِ بتهرجي صح؟!.


قالت أفكار بصدمة شديدة وهي تعاتبه:


_كل ده علشان بقول لحضرتك أتقي الله في أم عيالك؟!!!.


_بقولك أيه أنا مبحبش الشغل ده، أنا هروح يعني هروح خلاص مفيش حل تاني، لو داوود قالك كلمتين  خوفوكي وصحوا ضميرك أنا بقا ضميري ميت.


رفعت أفكار حاجبيها وقالت في غرور وتعالي وقد اعماها الغضب عن التفكير بشكل صحيح، وقررت وللمرة التي لا تعلم عددها أن تلقي بذاتها في منتصف دائرة الاتهام وترتكب مصائب ظنتها بالخطأ أفكار :


_داوود مين ده اللي أخاف منه؟! أنا مبخافش من حد، بس مدام حضرتك مصمم أنا هقول العيال كام نصيحة علشان أنا بحب أعمل الخير وأرميه البحر، بس علشان تبقى عارف أنا بريئة من ذنبك ربنا يغفرلك أنتَ شيل ذنبك وليلتك أنتَ لوحدك....


_____________


في المساء...


وسط أجواء عائلية كانت تحتفل ألاء بخطبتها -بعد ضغط والدها وشجارها مع حامد- من المدعو "أحمد" شاب في الثالثة والثلاثين من عمره، أعجب بها وأراد الزواج منها ولم يهتم بأنها قد تزوجت من قبل، أو أنها لديها أطفال صغيرة في النهاية الكبار مع عائلة زوجها السابق، والصغيرة لا بأس بها ستعيش معهم بعض الأوقات والأوقات الأخرى مع جدتها.


كانت تجلس ألاء بفستانها الوردي الرقيق ومساحيق التجميل البسيطة وضعتها صديقتها على وجهها، كانت حزينة يبدو أنها تسرعت في تلك الخطوة، هي تريد أن تجعله يعرف جيدًا بأنها تستطيع فعل ما فعله، تستطيع الزواج من غيره ما الذي ينقصها؟!..

هل كان يظن بأنه سيقوم بتركها تبكي على الأطلال من بعده؟!!


حسنًا هي تبكي بالفعل ولكن لا تود الإعتراف اشتاقت له كثيرًا، بدأت تشعر بقيمته، وقيمة منزلها؛ ياليتها كانت أعطته القليل من الاهتمام حتى ولم تتجاهل حقيقة أنها أنثى يجب عليها الاهتمام بزوجها ليست فقط أم في المنزل، أدركت الآن في جلستها تلك بأن ما تفعله خطأ ولكن لا تستطيع التراجع اليوم رُبما تفعلها في الأيام القادمة .


فحتى إن لم تكن مستقرة داخليًا في هذه اللحظة، إلا أنها لا تريد أن تتسبب في ظلم شخص آخر معها ويعاني مع امرأة مثلها لا تدري ما تفعل وماتزال مذبذبة في حياتها .


قاطع حبل أفكارها أحمد الذي تمم بصوت رجولي هادئ:


_ألف مبروك يا ألاء.


عقبت على حديثه بعد شرودها التام وهي تنظر له بخجل رهيب وتوتر بالغ:


_الله يبارك فيك.


_مالك؟! ساكتة ليه وسرحانة في أيه؟!.


كانت على وشك أن تختلق أي حجة له، ولكن صوت طفولي متحمس بشكل مريب ردعها وهو يركض بجنون حتى أنه أصطدم بأكثر من شخص، لم يكن  هذا الصوت سوى صوت ابنها "علي"..


_ماما...


رفعت ألاء بصرها باستغراب لتجد (علي) قد وصل لها بالفعل لتحتضنه بتلقائية شديدة منها وتقبل رأسه بحنان، كان يرتدي بدلة سوداء اللون وكأنه ذاهب لحضور حفل زفاف.


ابتسم علي وهو يقول باريحية كبيرة تحت نظرات أحمد المذهولة والمستنكرة من حضوره الغير متوقع:


_مقدرناش نسيبك في يوم زي ده يا ماما، جيت أنا وزياد بعد ما قولنا لبابا يجيبنا.


_بابا؟!!!!..


كان هذا التعقيب من أحمد الذي لم يصدق ما سمعه، مما جعل ألاء ترفع بصرها قليلا لتجد زياد يدخل برفقة حامد ويمسك يده وهو يرتدي بدلة هو الأخر...


بينما حامد كان يرتدي بنطال أسود وسترة بيضاء اللون وقميص أسود، وتزين بطريقة عجيبة لا تصدق ما تراه...


أقتربت والدة ألاء من حامد قائلة بتوتر:


_أنتَ ايه اللي جابك يا حامد يا ابني؟!..


غمغم حامد بابتسامة واسعة رغم سخريته:


_يعني ودي حاجة تفوتني؟!! أنا أصلا مع ثقافة العلاقة المرنة بين الولاد وبين جوز الأم لازم يجوا العيال علشان يرحبوا بجوز امهم المستقبلي ويعرفوه ويعرفهم أنا جاي أعمل الأصول مش جاي أعمل حاجة اديني هقعد مش هنطق بولا كلمة هاتيلي بس البت مريم وحشتني.


على الجانب الأخر ركض زياد وأقترب من والدته وانهال عليها بالاحضان هو الأخر تحت نظرات أحمد الذي يستشيط غضبًا من كل ذلك وهو من ظن بأن الأمور ستسير على ما يرام وسيتناسى مع مرور الوقت أنها أم.


هتف أحمد بغيظ:


_ممكن تقعدوا يا ولاد علشان تأكلوا جاتوة.


هز الأطفال رأسيهما ببراءة رهيبة، ثم ذهبوا وجلسوا بجانبهم والدهم وأتت أحدى أقارب ألاء وبدأت بتوزيع قطع الكعك للجميع فأخذ الأطفال أطباقهم وشرعا في التناول ووالدهما يحمل مريم بعد أن أتت بها والدة ألاء..


بعد نظرة والدهم نهض الابن الصغير وتوجه صوب ألاء متمتمًا:


_ماما أكليني مش عارف أكل لوحدي وبعدين هي ادتني فانيليا وأنا بحب الشوكلت.


_روح لتيتا تغيرها ليك طيب يا قلبي .


كان هذا تعقيب ألاء المتوتر من حضور حامد الغير مريح لها بالمرة، ولكن قال الصغير بانفعال مقصود:


_قومي هاتيلي أنتِ مش أنتِ ماما؟!!


نظر له أحمد في غضب وهو يقول بغيظ شديد  ونبرته شبة مرتفعة:


_ما خلاص قالتلك روح لتيتا تغيرها ليك أيه مسمعتش؟!


كادت ألاء أن تعترض على طريقته ولكن قاطعها صياح الصغير بضيق وهو يلقي طبق الحلوى البلاستيكي في وجهه دون مقدمات:


_ متزعقش فيا تاني أنا محدش يزعقلي...


ثم ركض تحت صراخات أحمد ولعنه له، بينما حامد نهض حاملا ابنته يركض خلف زياد وهو يتمتم بصوت مرتفع وبغضب مصطنع:


_والله لاربيك يا قليل الأدب أنت...


بينما جاء علي وهو يجد ألاء ووالده العريس يحاولان مساعدة الاخير ومسح وجهه، وتصنع أنه قد تعثر ليقع من يده المشروب الغازي على بنطال أحمد الذي صرخ:


_ أنت يا زفت أنت اعمى ؟؟ اللي بيحصل ده تهريج.


تحدث حامد متصنعًا الحرج:


_فعلا تهريج أنا اسف ليك العيال شقية اوي بجد، قوم معايا أساعدك في الحمام تغسل وشك ونعمل ليك البنطلون بالمياة ونكويه بسرعة محلولة يا عريس.


ثم وجه حامد حديثه إلى والدة ألاء:


_شغلوا لينا المكواة دايما الأفراح بيحصل فيها العكوسات دي امسحها فيا يا بشمهندس.


دون أن يعرف أحمد من يحدثه لشدة غضبه نهض معه دون فهم، ليذهب إلى المرحاض ويغسل وجهه الملطخ من الحلوى وقام بوضع مياة على منشفة وحاول مسح البنطال بها، تحت حديث حامد الذي يقف في الخارج ويحمل الصغيرة:


_معلش امسحها فيا أنا.


بدأ أحمد تضح له الرؤية ويعرف هاويته فصمت وخرج من المرحاض،  وسار بضعة خطوات إلى الخارج ليأتي زياد ويقوم بجذب بنطال أحمد إلى الأسفل قائلا:


_مينفعش تقعد بيه يا عمو كده ده مبلول...


صرخ الجميع من المشهد مما جعل حامد يعطي مريم التي بدأت في البكاء من الضجة المتواجدة حولها إلى ألاء المذهولة ولا تستوعب ما يحدث ووضعتها في أحضانها وكان حامد يركض وهو يقول:


_والله لاوريك يا ابن ال*** على اللي بتعمله ده.


صرخت والدة أحمد وهي تغمغم وتصرخ وقد انتشرت الضجة في الإرجاء :


_ارفع بنطلونك يا ابني أنتَ أيه اللي يصبرك على القرف ده بدل ما تتجوزي ربي عيالك يا حبيبتي؛ بدل ما تلبسي ابني في الهم ده فضحتونا قدام جاتكم القرف .


ركض أحمد إلى الرواق ليرتدي بنطاله بشكل جيد والذي لم ينخلع منه بالكامل، ثم خرج مرة أخرى بخجل رهيب ووجه أحمر يعاني من نوبة غضب جنونية، فقابله والد ألاء:


_أنا أسف يا ابني.


_انا مش عايز الجوازة دي خلاص كفاية أوي المهزلة اللي حصلت لحد كده..


لتعقب والدته بتحذير من الرضوخ:


_يلا يا ابني هو البنات خلصت من البلد...


لتذهب والدته وهو خلفها دون الاستماع إلى أي شخص حاول تهدئته فهو قد فُضح أمام أقاربه الذين أخذوا يهبطون شخص تلو الأخر، في الوقت نفسه أتى حامد من الشرفة وهو يتصنع الغضب ممسك بكل طفل من أطفاله من ملابسه ويهبط بهم مغمغمًا بفرحة:


_ده انتم هتتربوا من أول وجديد يا جزم ...


____________


تسير مجبرة في الطرقات مع جيهان بعدما ابتاعت لها بالاجبار ثوبًا جديدًا كي تذهب به لخطبة روضة معها، وجيهان تسير فرحة مبتهجة وفي رأسها تُعد العدة للخطبة وتفكر فيما ستفعل بمساعدة أفكار..


أفاقت من شرودها على صوت تأفف افكار التي رددت بلا رضى :


_ برضو مكانش لازم نجيب الفستان ده يا حجة جيجي، ده الراجل تحسيه ما صدق خرجتي الفلوس وتبت في السعر، قولتلك سيبيني وأنا افاصل معاه، لأحسن البياعين دول فيهم شوية ياكلوا مال اليتيم. 


ضربتها جيهان في كتفها بمزاح :


_ يا بنتي فيه ايه، هو أنتِ حياتك كلها حساب وفصال كده ؟! عادي فيه حاجات تستحق سعرها فعلا ومينفعش ينزل منها عشان يخسر 


نظرت لها أفكار وقالت باقتناع شديد :


_ يا حجة جيجي لازم تعرفي شيء، عمر ما بياع هيبيع ليكِ قشاية لو خسران فيها شلن، عشان كده لو قِبل بالفصال وقِبل ينزل من سعرها، يبقى هو أساسا كان كسبان فوق سعرها الطاق طاقين .


هزت جيهان رأسها بيأس من حكم تلك الفتاة وتضحك بصوت منخفض :


_ محدش يفوز عليكِ في الحوارات دي، تعالي تعالي محل داوود هناك اهو هديله المفتاح بتاعه عشان نسيه في البيت لاحسن يجي وانا نايمة أو برة ولا حاجة .


وبالفعل تحركتا صوب المحل بهدوء، فدخلت جيهان تشير لها بهدوء :


_ هدخل للمكتب بتاعه اديله المفتاح وراجعة. 


تحركت تاركة أفكار تسير بين أرفف العطور هنا وهناك، حتى اقتربت من مكتب داوود الذي يقع في نهاية المحل، تسمعه يتحدث مع والدته لكنها لم تهتم كثيرًا وهي تمسك بعض الزجاجات وتضع منها على يديها، ثم تنفرها وتعود لتجربة أخرى.


_ اووف يا ستير يارب، دي كولونيا بريحة القبر دي ولا ايه ؟؟


وعند داوود ابتسم يقول بهدوء :


_ مفيش مشاكل يا امي، أنا كده كده بعد الشغل كنت هروح اقعد مع صحابي شوية عشان وحشوني .


هزت جيهان رأسها، ثم قالت وهي تخرج بعض الاشياء من الحقيبة  :


_ ماشي يا حبيبي، خد تفاحتين كلهم بدل ما أنت قاعد ملان كده ..


ابتسم داوود يلتقط منها ما تعطيه بحنان، يتناول قضمة، ثم ابعد عيونه صوب أفكار التي كانت قد انتهت تقريبًا من تجربة كافة الروائح في محله، ابتسم لها بطلف :


_ عجبك حاجة يا افكار ؟!


نظرت له افكار بملامح مقتضبة يظهر عليها عدم الرضى:


_ الصراحة الحاجات مش قد كده، شديدة اوي وريحتها تقرف ومن غير زعل. 


أطلق داوود ضحكات صاخبة يبتلع ما بفمه :


_ لا وعلى ايه الزعل، اكيد لازم تحسيها شديدة اوي، ما دي مواد خام بتتخفف عشان تديكِ الريحة اللي بتحبيها عادي .


ابتسمت أفكار تقول بهدوء مشيرة حولها:


_ طب بقولك ايه، أنا هنفعك، عايزة اشوف المسك اللي عندك .


ابتسم لها داوود يتحرك صوب أحد الارفف وأحضر زجاجة متوسطة الحجم، ثم اقترب من أفكار يشير لها أن تمد يدها وكذلك فعلت، ليضع بها غطاء الزجاجة كي تشتم منه الرائحة ...


رفعت أفكار الغطاء قليلًا، لتنكمش ملامحها فجأة بشكل غريب وهي تقول :


_ ايه ده ؟؟


_ ده مسك، مش أنتِ حابة مسك، بس ده خام هخففه ليكِ و...


وقبل أن يكمل كلماته قاطعته أفكار باعتراض واستنكار :


_ مسك ايه، لا مش ده المسك اللي كان ابويا الله يرحمه بيجيبه من السعودية .


نظر لها بعدم فهم :


_ ازاي؟؟ ده مسك خام من اجود الانواع .


_ لا لا مش هو، ده المسك بتاع ابويا كان كده ريحته غريبة، وغير ده خالص، كان دايما الله يرحمه يجيبه من السعودية ..


ارتفع حاجب داوود :


_ من السعودية ؟؟ وهو والدك كان بيروح السعودية دايمًا ولا ايه ؟!


ابتسمت أفكار تندمج في حديثها بطلاقتها المعهودة :


_ لا ده كان بيجيبه من الواد مصطفى بتاع الكولونيا اللي على أول الشارع، والواد مصطفى ده كان عنده ابن عمه ليه صاحب على طول في السعودية فكان بيجيب ليه المسك من هناك و...


قاطعها داوود نادمًا أنه تجادل معها من الأساس :


_ اششش خلاص انا استاهل الضرب إني اتكلمت يا ستي، أنا مالي أنا بمصطفى بابن عمه اللي بيروح السعودية ؟


_ لا مش ابن عم مصطفى، ده صاحب ابن عم...


_ خلاص انا اسف أنا آسف، هاتي الغطا ده، معندناش برفانات للبيع خلاص .


ارتفع حاجب أفكار بحنق :


_ والله وايه كل الازايز اللي حوالينا دي ؟!


ابتسم لها داوود يقول ساخرًا :


_ دي توابل وماء مقطر ..


أطلقت جيهان ضحكات مرتفعة تجذب خلفها افكار خارج المكان :


_ يلا يا أفكار يا بنتي خلينا نمشي لو قعدنا نتكلم مع داوود مش هنخلص في يومنا ده، لاحسن ده بيموت في الكلام .


تشنج وجه داوود باستنكار شديد :


_ أنا برضو ؟؟


_______________


تقف داخل محل الذهب وهي تراقب ما يحدث أمامها بعدم رضى، تتأفف وهي تشاهد تلك المهزلة التي تحدث أمام عيونها، جذبت روضة والدتها وهي تهمس بحنق شديد :


_ ما تاخدي عمتي بعيد يا ماما خليني أعرف انقي شبكتي، بدل ما هي كل شوية نطالي في أي حاجة..


ابتسمت والدتها تربت على يدها هامسة:


_ معلش يا حبيبتي فرحتها الوحيدة وحابة تشاركه كل حاجة، أنا هاخدها بعيد وأنتِ شوفي عايزة ايه بسرعة كده .


وبالفعل ما هي إلا دقيقة واحدة حتى كانت والدتها تسحب والدة ياسر خارج المحل تاركة إياها لتحقق ما تريد واخيرًا، اقتربت بدلال لياسر وهي تقول بصوت رقيق ونبرة ناعمة :


_ مفيش حاجة عجبتك ولا ايه ؟!


ابتسم لها ياسر بسمة صغيرة :


_ لا ازاي دي شبكتك أنتِ،  اختاري .


وكأنه أعطاها الضوء الأخضر لتنطلق، إذ بدأت تنظر يمينًا ويسارًا، تجرب هذا وتختار ذاك، وياسر أعينه تتسع تباعًا لما تمسك، شعر بالمكان يضيق من حوله والعرق يتجمع على جبينه ..


ليراها واخيرًا قد وقع اختيارها على بعض المصوغات والتي يبدو من مظهرها غالية الثمن... 


_ ها ايه رأيك يا حبيبي ؟؟


نظر لها ياسر يحاول أن يزيح توتره جانبًا :


_ حـ.. حلوين، حلوين يا حبيبتي . 


ابتسمت روضة باتساع تراقب بأعين ملتمعة تلك المصوغات والتي تعمدت أن تكون غالية الثمن كي تتفاخر بها في خطبتها وعلى الجميع وخاصة على جيهان والتي تدرك يقينًا أنها ستأتي، في تلك اللحظة سمعت صوت عمتها تقول :


_ ها يا حبايبي خلصتوا ؟؟


مدت روضة يدها أمام عمتها تقول بسعادة :


_ أيوة يا عمتو، بصي حلوين ازاي ..


وفجأة انتفض جسد روضة للخلف بين احضان والدتها حين سماع شهقة عمتها التي أحيت الاموات من قبورهم، ومن ثم اقتربت من روضة تسحب يدها قائلة بأعين متسعة :


_ ايه ده كله ؟؟ ايه ده ؟؟  هتتجوزي قارون ولا ايه ؟؟


نظر لها ياسر وهو يهمس :


_ مش كده يا ماما هتلمي علينا الناس ..


أبعدت والدته يده قائلة بحنق :


_ اوعى كده يا خويا، ايه ده يا روضة يا بنتي، ايه كل ده ؟؟ احنا مش اتفقنا أن الدهب على القد عشان ...


صمتت فجأة حينما رأت أن الجميع انتبه لها لتهدأ نسبيًا وتقول :


_ احم ...اصل ..اصل يا بنتي أنتِ عارفة اللي فيها، فلوس ياسر لسه برة وفيه حوارات كتير أنتِ مش تايهة عنها .


نظرت روضة للذهب بيدها في حسرة شديدة :


_ أيوة بس هو ...


قاطعتها عمتها وهي تخلع عنها الذهب قائلة ببسمة :


_ هعوضك، بس فلوس ياسر تيجي وأنا هجيبلك وزنك دهب .


نظرت روضة ليدها بحسرة تشعر برغبة عارمة في البكاء، لكنها تنفست بصوت مرتفع تذكر نفسها أنها بعد كل ذلك ستفوز بما انتظرته سنوات، وستصبح تلك القطع الذهبية هي ابخس ما تمتلك، لذلك ابتسمت بسمة صغيرة وهزت رأسها:


_ ماشي يا عمتو اللي تشوفيه ..


ابتسم ياسر بسمة واسعة يلتقط خاتم صغير خفيف الوزن يضعه في اصبعها متجاهلًا نظراتها المتحسرة :


_ بسيط وشيك اوي يا روحي مبروك عليكِ .


تحدثت روضة من أسفل أسنانها بغيظ :


_ اوي اوي يا روحي، الله يبارك فيك ...


_______________


خطى للمنزل بعد انتهاء عمله وقد قرر أن يغير ثيابه ومن ثم يتحرك لمقابلة رفاقه، صعد الدرج وغاب دقائق، ثم هبط وهو يرتب ثيابه وتحرك صوب الغرفة التي تجلس بها والدته عادة يقول وهو يعدل من وضعية قميصه:


_ أمي أنا خارج مـ 


وقبل أن يكمل كلمته اتسعت عينيه بذهول شديد وقد شعر بتوقف أنفاسه فجأة من هول ما يرى، فتاة جميلة تقف في وسط الغرفة تدور حول نفسها كالملاك، ابتسم دون وعي يراقب خصلات شعرها و ملامح وجهها الـ ... أفكار ؟؟؟

هذه أفكار ؟؟


انتفض جسد داوود فجأة يستوعب ما يفعل ليستدير بسرعة يغمض عينه بصدمة :


_ أنا... أنا آسف مكنتش ...مكنتش اعرف أنك من غير حجاب و...معلش فكرتك مشيتي.


دُهشت أفكار مما حدث تتحسس خصلات شعرها، ثم سحبت حجابها تضعه أعلى رأسها تقول بصدمة :


_ ده شاف ...شاف شعري .


اعتذر داوود بسرعة كبيرة ولهفة :


_ أنا آسف والله ا...


لكن فجأة توقف عن حديثه حين سماعها تقول بصدمة :


_ الحمدلله اني سرحت شعري قبل ما أخرج انهاردة .....


لم يصدق داوود ما سمعه يقف مذهولا وكأن جسده قد تصلب، هل حقًا لهذا تحمد ربها؟!...

تلك الفتاة ستكون سببًا يومًا ما للذهاب إلى مستشفى المجانين.


تمتمت أفكار محاولة تصليح الوضع ولكنها في الواقع أفسدته:


_ولا يهمك يا أستاذ داوود عادي محصلش حاجة.


غمغم داوود في انفعال حاول جعله طفيفًا قدر المُستطاع:


_ممكن يا أستاذة أفكار لما تكوني بتعملي حاجة تقفلي الباب عليكي ثم أنتِ أصلا بتعملي أيه هنا لغايت دلوقتي؟!.


بكل عفوية كانت أفكار تجيبه بهدوء:


_أصلي أتأخرت علشان بوري الفستان للحجة جيجي علشان رايحة فرح ر....


قاطعتها جيهان  بسرعة بعد أن نهضت حتى لا تفسد أفكار خطتها:


_رايحة فرح راندا صاحبتها وقالت توريني الفستان مش كده يا أفكار؟!.


لكزتها جيهان بقوة مما جعلها تتأوة في خفة ولحسن الحظ كان داوود يعطيهم ظهره فلم يرى تعبيرات وجهيهما:


_ايوة فرح راندا صاحبتي وأنا كنت بوري جيجي الفستان علشان عارفة أن ذوقها حلو فقولت أخد رأيها...


فجأة سمع داوود صوت باب الشقة يُفتح ويغلق ليسير بضعة خطوات ويقف في نهاية الرواق ليجد شقيقه مما جعل داوود يتمتم وهو يشير إلى أفكار التي كانت شبه تقف في منتصف الرواق:


_ادخلي الاوضة...


كان يتحدث بلهجة أمر وسمعت أفكار حديثه وولجت إلى الغرفة برفقة جيهان التي أخذت تلومها فهي كان على وشك أن تفضحهما، بينما افكار لم تكن تستمع لها هي فقط تحاول أن تلملم شتات نفسها وترحل فيجب عليها تبديل ذلك الفستان بأقصى سرعة...


بالرغم من حياتها ومواقفها العجيبة إلا أنها لم تتعرض لهذا الكم من المواقف المحرجة إلا مع هذا الرجل...


"في الخارج"


_أيه يا حامد في حاجة ولا أيه ؟!.


تحدث حامد في نبرة عادية:


_لا أبدًا أصلي سايب لأمنية البيت وامبارح نمت في المعرض فقولت هاجي أقعد معاكم كام يوم لغايت ما تعقل.


قال داوود في سخرية شديدة:


_هو أنتم لحقتم يابني علشان تسيب لها البيت؟!!..


_داوود أنا مش ناقص كلام..


قاطع حديثه صوت جرس الباب العنيف، فذهب داوود وفتح الباب ليجد ألاء أمامه بوجه غاضب على وشك أم ترتكب جناية.


_______________


_اللي حصل ساعة الشبكة مش مطمن قلبي يا روضة خالص.


استغلت والدتها غياب زوجها وتواجده في العمل فلو كان هنا كان سيدافع عن شقيقته بكل تأكيد...


غمغمت روضة في ضيقٍ:


_يا ماما هو أيه اللي حصل لكل ده؟!.


نظرت لها والدتها بذهول؟! 

هل بعد كل ما حدث تسالها عما حدث ليزعجها إلى تلك الدرجة؟! هل باتت ابنتها عمياء حقًا؟!.


_عمتك فضحتنا في المحل وتقوليلي حصل أيه؟! دي كان ناقص تخطبك بجلدة أنبوبة علشان تقولي ساعتها حصل حاجة وطلعوا معهمش فلوس علشان كده أجلوا شراء الشبكة لغاية ما حجزنا القاعة وبعتنا الدعوة للناس وعزمنا الناس علشان ساعتها نوافق بأي حاجة ونسكت.


شعرت روضة بالخجل والانزعاج فهي أيضًا الأمر قد أحزنها ولكنها قامت بمواساة نفسها بأنها يجب عليها أن تكون زوجة صالحة وتقف بجانبه في أوقاته الحالكة وبالتأكيد بمجرد أن يقوم بحل أموره لن ينسى معروفها تحديدًا أنه قد قص لها الكثير والكثير عن النقود التي سوف يستلمها من الأرباح...


_يا ماما عمتو عندها حق لازم امشي حسب ظروف ياسر، وبعدين هو كان مفهمني الموضوع ده وأنا قولتله مش مشكلة وهو كان عايز يأجل بس أنا قولت له لا، يمكن لما شوفت الدهب سرحت شوية ونسيت اللي قولته ليه، وبعدين يعني بالعكس أحنا أخترنا حاجة شيك أوي وسيمبل ورقيقة مبقاش حد يركز في حوار الدهب ده زي الاول الناس بتتخطب بدبلة بس عادي..


قهقهت والدتها بسخرية وهي تقول:


_مكنش كلامك ده لما داوود جه خطبك ده أنتِ أصريتي تجيبي أغلى حاجة وجبتي دهب أكتر من اللي كنا متفقين عليه قبل ما تروحه.


حسنًا حشرتها والدتها في الزاوية فحاولت الخروج منها بكل براعة وهي تقول بحكمة وعقل لا يليق بها تمامًا:


_مش يمكن عقلت؟! ويمكن عرفت أنه مش بالفلوس وأني لازم اشتري الراجل اللي معايا وأقف جنبه علشان بعد كده يشيل ليا الجميل ويعرف أني وقفت جنبه؟!.


نظرت لها والدتها بحيرة...


_ياخوفي يا بنتي مش عارفة أخرة دماغك أنتِ وأبوكي دي هتودينا على فين..


أسترسلت حديثها في انفعال واستنكار شديد:


_وأنا أهو وأنتِ أهو عمتك عقربة وأنتِ مش عايزة تسمعي كلام أمك.


ضحكت روضة ثم قالت مداعبة والدتها:


_أنتِ بتعملي كده يا ماما بس علشان المشاكل القديمة اللي ما بينكم لكن عمتو طيبة واتغيرت.


_أنتِ مش فاهمة حاجة يا بنتي..


قاطعتها روضة بإصرار وثقة رهيبة رُبما ليست في محلها:


_لا أنا فاهمة كل حاجة يا ماما ومش عبيطة ياسر بيحبني وشاريني وانا متأكدة أنه هيجيب الدنيا تحت رجلي بعد ما الفلوس توصله....


_____________


ابتلع داوود ريقه من مظهر آلاء وقد أدرك أنها لم تأتي أبدًا لخير، لكنه رغم ذلك استقبلها بهدوء واحترام شديد مرحبًا بها في المنزل ..


_ آلاء اتفضلي، خير حصل حاجة ولا ايه ؟؟ 


لكن آلاء لم تكن في حال تسمح لها أن تكون بمثل هدوء واحترام داوود، بل اقتحمت البيت بقوة تتحدث بصوت مرتفع رن في الإرجاء :


_ حامد هنا صح ؟!


_ أيوة جوا بس حـ 


وقبل أن يكمل سؤاله اندفعت آلاء كالقذيفة داخل المنزل وهي تصرخ باسم حامد وقد كانت شياطينها تتراقص حولها بكل سعادة...


وداوود المسكين يراقب ما يحدث بأعين متسعة :


_ عملت ايه المرة دي يا حامد بس ...


لحق بها داوود بسرعة صوب غرفة المعيشة حيث الجميع، ليبصر آلاء تقف قبالة شقيقه الأكبر وهي تصرخ بجنون :


_ أنت واحد حقير واناني، تعيش حياتك عادي وتتجوز وتحلل لنفسك فرصة تانية، وتحرمها على غيرك ..


نظر لهم داوود بعدم فهم لكنه يشعر من كلماتها أن حامد قد تخطى كامل حدوده.


 والاء لم يرضها أن يظل أحدهم جاهلًا بفعلة ابنهم إذ صرخت بملء فاهها وبجنون وقهر من تحكم حامد في حياتها حتى بعدما نبذته :


_ الاستاذ المحترم مكتفاش أنه يفضحني كل شوية في الحتة بخناقة شكل وكل شوية يرمي كلام زي السم، لا جاب العيال وجه خطوبتي وطربقها فوق دماغ الكل والعريس طفش هو وأهله بسبب عمايله هو وعياله .


ومن ثم استرسلت تصف لهم كل ما حدث بالحرف داخل خطبتها 


اتسعت أعين داوود بصدمة في حين شهقت جيهان وهي تحدج ابنها البكر بنظرات غاضبة، بينما افكار تراجعت للخلف بريبة وهي تقول باستنكار :


_ لا إله إلا الله، ايه التصرفات الزبالة دي، التصرفات دي متطلعش غير من واحد اناني ومريض نفسي ومترباش، ربنا يعافينا يارب .


اندفع داوود صوب حامد يصرخ بعدم تصديق :


_ أنت عملت كده يا حامد بجد ؟! أنت اتجننت ؟؟


نظر له حامد ببرود ولم ينبث ببنت شفة، أو يبدي أي ردة فعل لتبتسم آلاء بسخرية :


_ وانا يعني هألف ولا اكدب عليكم ؟؟ ابنكم مريض نفسي مش عارف يعترف إن خلاص مبقاش فيه بينا حاجة عشان يتصرف بالشكل ده كأني حبيبته وهطفش منه .


اشتعل جنون داوود يصرخ بصوت زلزل المنزل بأكمله وقد اكتفى من هذه اللعبة التي راح ضحيتها أطفالهم:


_ أنت بتستهبل ؟؟ بتحرض عيالك على امهم ؟! بتستغل اطفال عشان مصالحك الشخصية يا حامد ؟! فاكر ده ذكاء منه أو حاجة مضحكة ولطيفة يعني ؟! دي مصيبة ...اللي بتعمله ده مصيبة يا حامد وكده بتزرع افكار غلط داخل عقل عيالك .


قالت آلاء بقهر :


_ وهو لسه هيزرع ؟؟ اخوك ده غبي ومش بيفكر وعمره ما كان همه الاولاد في يوم، طول عمره عايش لنفسه ولمصالحه ومش في دماغه بقى عيال ولا مش عيال ..


هنا وانفجر حامد في وجه آلاء بعدما فاض به الكيل :


_ ايـــه ؟؟ هو أنا عشان ساكت هتسوقي فيها ؟! محسساني انهم مش عيالي واني ابن ستين *** كده ليه ؟! جاية تلوميني ومش شايفة نفسك بتعملي ايه يا ست هانم .


اشتد غضب آلاء لتصرخ في وجهه بجنون :


_ بعمل ايه يعني ؟؟ أنت مصدق نفسك وعايش دور الضحية ليه؟؟ فووق يا حامد فوق أنت الجاني هنا .


ومن تلك اللحظة اشتعلت المعركة بين حامد والاء وتدخلت جيهان في صف آلاء وهي توبخ ابنها بصوت مرتفع وبغضب شديد .


وافكار تقف جانبًا تضرب كفًا بالآخر، قبل أن تقرر كعادتها التدخل لحل تلك المعضلة :


_ يا جماعة استهدوا بالله دي لحظة شيطان والله، لا حول ولا قوة إلا بالله، فيه ايه بس يا استاذ حامد مش كده، يا ست آلاء المواضيع مش ...


وقبل أن تكمل جملتها شعرت بمن يسحبها من الخلف وقد كان داوود الذي نظر لها بشر قائلًا :


_ بالله عليكِ خليكِ بعيد، هي مولعة لوحدها .


_ الله وانا يعني هعمل ايه ؟؟ أنا ههدي الناس .


سخر منها وقال :


_ تهدي الناس ؟؟ اقطع دراعي أما كنتِ أنتِ بؤرة الفساد في الموضوع، أنا لو نخربت في الحوار متأكد اني هلاقي ليكِ دور، لازم ولابد يكون اسمك موجود طرف في الخناقة دي ولو ضيف شرف ..


فجأة سمع الجميع صوت رنين الباب، لكن لم ينتبه أحد بسبب الشجار ليتحرك داوود ويرى ما يحدث تاركًا افكار تندفع لحل المشكلة .


فتح داوود الباب ليقابله وجه أمنية التي ابتسمت له بسمة صغيرة وهي تقول :


_ مساء الخير يا داوود، حامد هنا ؟؟ 


وقبل أن يجيبها سمعت صوت صرخات تأتي من الداخل ومنهم صوت حامد والاء لتضيق عيونها بريبة وتتحرك بسرعة صوب الاصوات، وداوود لحق بها وهو يقول :


_ يلا اهي كملت اهي ...


دخلت أمنية للغرفة لتصطدم بمشهد وقوف غريمتها قبالة زوجها، ولم تهتم أنهم في شجار أو أن آلاء ليست هنا لتتغزل بجمال حامد، لم تهتم لكل ذلك وهي تندفع صارخة بجنون :


_ الله الله وانا اللي قاعدة في البيت مفكراك مقموص وزعلان وقولت قومي يابت روحي صالحي جوزك، اتاريك جايب  السنيورة هنا ولا على بالك الكلبة اللي راميها في البيت ..


وفي تلك اللحظة تحول الشجار من ثنائي الأطراف لثلاثي، إذ انفجرت آلاء في وجه أمنية والأخيرة ترد لها الكلمة بعشرة، وحامد يصرخ في الاثنتين، وجيهان توبخ حامد وافكار تقف في المنتصف وهي تصرخ :


_ يا جماعة صلوا على النبي مش كده، امال لو وسيم شوية كنتم عملتوا في بعض ايه ؟؟


فجأة أبصرت داوود يقف عن باب الغرفة يضم يديه لصدره وهو يردد ببرود شديد وقد اكتفى من كل ذلك، ينظر لساعة يده بهدوء مثير للاستفزاز :


_ طب يا جماعة لغاية ما تطفوا الحريقة والمولد ده ينفض اكون خلصت مشواري ورجعت، سهرة سعيدة ليكم. 


وقبل أن يتحرك أمسكت افكار بكم ثيابه صارخة بعدم فهم :


_ أنت رايح فين وسايب الخناقة دي ؟؟ مش هتسلك ؟!


_ اسلك ليه ؟؟ دي مشاكل حامد وانا مليش علاقة بيها، خليه يعتمد مرة على نفسه ويحل مشاكله بدون تدخل حد .


اتسعت أعين افكار وهي تحرك اصبعها في وجهه بغيظ :


_ اه منك يا خراب البيوت أنت، تموت في المشاكل والخناقات زي عنيك، روح الله يسامحك يا اخي ده اخوك .


فتح داوود فمه بصدمة يردد مبتسمًا بعدم تصديق :


_ أنا برضو اللي بموت في خناقات وخراب بيوت ؟؟ يا شيخة اتكسفي على دمك .


فتحت افكار فمها لتجيب، لكن هو قاطعها وقد اصابه فتور وتعب شديد من كل ذلك :


_ من غير ولا كلمة، شايفة الخناقة اللي مولعة وراكِ دي ؟؟ روحي رشي عليها شوية بنزين وشوفي شغلك، أنا ماشي ...سلام .


وبهذه البساطة رحل تاركًا خلفه افكار تراقبه بصدمة قبل أن تعود للشجار وهي تحاول فكه ..


______________


يجلس مع صديقه صامتًا منذ أن أتى يشرب كوب الشاي بالنعناع المميز له في صمت رهيب..


مما جعل سيف يتحدث في استغراب من هذا الصمت فهذه ليست من عادة داوود فهو دومًا شغوف بالحديث في كافة النواحي فهو لا يمل من الجلوس معه لهذا السبب..


سأله سيف في نبرة حنونة ومهتمة:


_مالك يا داوود في أيه؟!.


غمغم داوود في نبرة مكتومة:


_مالي؟! ما أنا زي الفل .


_هو أنا أهبل يعني ولا مش عارفك، باين أوي أن في حاجة مزعلاك.


يبدو أنه يجب عليه الاعتراف لن يتركه سيف بحاله ولن يصدق أنه ليس به شيء، ورُبما هو يجب أن يخرج ما يتواجد بداخله قبل أن ينهار، هو بشر في النهاية لا يستطيع كتم مشاعره أكثر من ذلك...


_مفيش بفكر أجيب شقة قريب من أمي وأعيش فيها.


ضيق سيف عيناه ولم يصدق ما سمعه منذ  متى وداوود الذي يعشق والدته وعائلته ولا يرغب أبدًا في الانفصال عنهم بل دومًا كان يخبره بأنه وقت زواجه سيقوم بشراء منزل بالقرب من منزل والدته حتى لا يتركها وحيدة، وليتغير رأيه مرة واحدة بتلك الطريقة هذا معناه بأن هناك كارثة أو شيء كبير جعله يتفوه بتلك الجملة..


_ليه في حاجة حصلت ولا أيه؟! ما تتكلم يا داوود لو محكيتش ليا أيه اللي مزعلك وأيه اللي مخليك متغير بالطريقة دي هتحكي لمين؟!.


تنهد داوود ثم قال بانفجار لابد منه:


_انا زهقت من القعدة في البيت ومن حل مشاكل حامد ومن كل حاجة حاسس أن حامد ده مش اخويا الكبير لا اخويا الصغير أحنا اللي شايلين مسؤولية عياله واحنا اللي عمالين نحل المشاكل اللي وراه وهو ولا هنا اتجوز واديه بيفكر يطلق ويرجع لمراته وعايش في دنيا تانية والعيال نشيلهم احنا بمسؤوليتهم، والله ما زعلان لوجودهم معايا بس ده كتير عليا .


أبتلع ريقه ثم أسترسل حديثه في ضيق شديد:


_أنا عايز أعيش لنفسي شوية يا سيف عايش أحس بحياتي أنا؛ مفضلش مسحول في حياة غيري عايز استمتع بحياتي أنا.


صمت لثواني ثم قال بعفوية:


-وكمان البلوة اللي اسمها أفكار.


لم يفهم مقصده..

مما جعل سيف يعقب في عفوية:


_قصدك أفكار بعد منتصف الليل؟!.


رمقه بسخرية، لكن فجأة تحدث داوود في غضب جامح:


_أفكار دي البلوة اللي أترمت في حياتي من تحت رأسك.


_وأنا مالي أنا ياخويا؟! أما أنا بسألك مين دي ومش فاهم؟!.


تحدث داوود في سخرية:


_أفكار دي يا حبيبي المصيبة اللي اتبليت بيها بسببك من ساعة ما قولتلي هات لروضة هدية وهي السبب في اللغبطة اللي حصلت في شركة الشحن، ولما عملت إعلان ممول علشان العيال اجيب ليهم واحدة  جت هي بالصدفة وبتعمل كل بلوة والتانية...


قاطعه سيف في تهكم:


_طب مدام هي خاربة الدنيا كده مشيها ساكت عليها ليه؟!.


_أمي يا سيدي شايفاها أيديها ورجلها مش عايزة تسيبها أبدًا وكمان بتقعد تعملي صعبانيات علشان أنا السبب في قطع عيشها من الشركة.


صمت وكاد يضيف سببًا آخر، لكنه صمت فقط وفضل الاحتفاظ به لنفسه .


أين ستقوده حياته بعد كل هذا الخراب الذي تفشى بها ؟؟؟


_________________


صباح اليوم التالي وبعدما خمدت النيران وتحولت لرماد ...


كانت تجلس أعلى اريكتها كعادتها وجوارها افكار التي كانت تنتقي حبات الأرز الصالحة وتتخلص من الفاسدة، وقد انشغلا في حوار شيق حول مساء اليوم وحفلة الخطبة ..


_ برضو يا حجة جيجي أنا مش فاهمة لازمتي ايه في الحوار، يعني مش عارفة ..مش مستريحة للموضوع من أوله .


تناولت جيهان بعض التسالي أمامها تقول بجدية :


_ يووه يا أفكار هنعيده تاني ؟؟ بقولك البنت باعتة الجواب وهي ناوية تفرسني، عايزاني اروح بطولي كده عشان تشتغل فيا فرس هي وامها ؟؟


_ لا يا جيجي ما عاش اللي يفرسك بس....


وقبل أن تتم جملتها وجد الأثنان حامد يتقدم منهم حاملًا حقيبته بملامح مقتضبة ووجه اسود بعد معركة الأمس، رفعت جيهان حاجبها بعدم فهم :


_ فيه ايه يا حبيبي مراتك غضبتك ولا ايه ؟!


كتمت افكار ضحكة كادت تفلت منها، بينما حامد رد بملامح سوداء وكأنه كبر اعوامًا فوق اعوامه :


_ بالله عليكِ يا امي أنا ما ناقص على الصبح، لسه مخلص خناقة مع أمنية لرب السما وخدت هدومها وراحت لبيت اهلها وحالفة ما ترجع تاني ..


اعتدلت جيهان في جلستها تقول بحنق :


_ يعني مراتك سابتلك البيت تقوم جايلي أنت ؟؟ ده بدل ما تروح تصالحها بعد اللي هببته امبارح ؟!


تواقح حامد في وجه والدته رافضًا الاعتراف بجرمه :


_ هببت ايه ؟؟ هي اللي انفجرت في وشي مرة واحدة، يعني عاجبك يعني اللي عملته وزعيقها فيا ؟؟ 


التوى ثغر افكار بسخرية لاذعة :


_ وهو أنت سكت ليها يا استاذ حامد ؟؟ ده أنت امبارح مرحمتش حد من لسانك، إذا كان هي ولا الاولانية .


وافقت جيهان افكار الحديث وهي تكمل موبخة بكرها :


_ أنت مش بس طلقت واحدة وخربت عيشتها وحياتها بعمايلك، لا بتخرب على نفسك مع التانية، يعني يا بني أنت ربنا مش هيهديك وتستقر ابدا ؟؟ 


زفر حامد يشعر بثقل الحديث معهم في هذا الأمر :


_ قفلي على الحوار ياما ولو قعدتي هنا مزعلاكي اوي هاخد شنطتي واروح ابات في الشقة لوحدي .


ضربت جيهان كتفه بغيظ :


_ ما تقعد يا خويا هو أنت هتقعد فوق دماغي ؟؟ أنا بتكلم على مراتك اللي راميها دي ؟؟ اخرتها ايه يا ابن بطني ؟!


لوح حامد بيده في الهواء وهو يتحرك حاملًا حقيبته صوب شقته التي أسسها قديمًا له :


_ اللي فيه الخير يقدمه ربنا، أنا هطلع ارتاح شوية قبل ما اروح المعرض عشان منمتش طول الليل .


وهكذا صعد تحت أنظار جيهان التي قلبت كفًا بالآخر في حسرة شديدة تضرب فخذيها بقهر :


_ ربنا يصلح حالك يا بني، يعني لا قديمة نافعة ولا جديدة فالحة معاك، نعملك ايه يعني، ربنا يهديك يا حامد، ربنا يهديك يا بني ...


____________________


حانت تلك اللحظة التي كانت افكار متخوفة منها وها هي تخطو منزل تلك الفتاة الوقحة بعدما تجهزت وسارت رفقة جيهان .


دخلت وهي ترى جيهان ترحب بالنساء المصدومات من وجودها في هذه المناسبة، فهذه روضة كانت مخطوبة لولدها سابقًا .


جلست جيهان جوارها افكار وهي تربت على قدمها :


_ شوفتي الستات بتبصلي ازاي يا بت يا افكار ؟! اكيد مستغربين من وجودي وأن مقصوفة الرقبة دعتني، مفكرة اني مش هاجي وهيتحرق دمي، بس على مين والله لاحرق دمها هي واللي يتشددلها .


في تلك اللحظة اقتربت سيدة من جيهان وأخذت تتحدث معها في أحاديث مختلفة قبل أن تقول بفضول شديد :


_ بس متآخذنيش يعني يا حجة جيهان، جاية يعني تحضري الخطوبة وعادي ؟؟ هو مش آلاء دي اللي سابت ابنك قبل كده وفسخت منه الخطوبة ؟؟


لوحت جيهان بيدها في الهواء وهي تقول بصوت مرتفع نسبيًا ليستمع له الجميع :


_ مين دي اللي تسيب ابني ؟؟ أنا ابني سيد الرجالة وميت مين يتمناه، هي اللي مش وش خير وسابت الدهب وراحت للخشب ..


في تلك اللحظة خرجت روضة مع والدتها وهي تبتسم للجميع لتبصر فجأة جيهان تجلس بين المدعوين، ورغم صدمتها من وجودها إلا أنها ابتسمت بشر وقد لاحت رغبة عميقة في الانتقام منها ومن ولدها أمام عيونها، لا تزال تتذكر تلك الفتاة التي تشاجرت معها في السوق وحديث داوود ..


اقتربت منها روضة كي ترحب بها، لكن فجأة توقفت بصدمة حينما أبصرت الفتاة نفسها، أكملت الطريق وقد رأت أن والدتها تشير لها لتأتي ..


تجاهلت روضة والدتها وهي تسير صوب جيهان :


_ ازيك يا طنط، متعرفيش أنا فرحانة ازاي أنك جيتي والله ..


رفعت جيهان نظراتها لروضة تبتسم بسمة جانبية وهي تصافحها بقوة حتى كادت تحطم أصابعها تحت ضغطتها :


_ ازيك يا روح طنط، وانا برضو اقدر افوت مناسبة زي دي؟؟ ده مهما كان فيه بينا عيش وملح يا حبيبتي .


هزت روضة رأسها وهي تنظر صوب افكار التي كانت تلتزم الصمت مخافة أن تحدث مشكلة بسبب كلماتها كما يدعي داوود طوال الوقت ..


نادت والدة روضة لها :


_ يلا يا حبيبتي عشان تلبسي الشبكة، العريس مستني .


ابتسمت روضة بخبث وهي تنظر لجيهان :


_ عن اذنك بقى يا طنط لاحسن العريس مستني على نار، عقبال داوود يارب لما يلاقي بنت الحلال ..


صمتت ثم قالت بوقاحة لا حدود لها :


_ الا هو من بعد ما فسخ معايا مسمعتش عنه حاجة، هو كويس ولا ايه ؟؟


نظرت لها افكار بحاجب مرفوع :


_ مسمعتيش ايه يا ختي، ايش حال ما كنا في السوق وشوفناكي و...


قاطعتها جيهان بسرعة وهي تقول بلا مقدمات :


_ معلش يا حبيبتي مشغول في تحضيرات الخطوبة بتاعته اصل عقبال عندك هيخطب بعد اسبوع، واكيد مش فاضي لكل ده ..


اتسعت أعين روضة لتكمل جيهان وهي تشير لأفكار وتربت على كتفها ببسمة ماكرة خبيثة غير واعية لنظرات افكار التي اتسعت بصاعقة جراء ما سمعته منها :


_ ودي بقى يا حبيبتي تبقى افكار ...خطيبة ابني ومراته قريب اوي إن شاء الله......


الفصل الرابع عشر من هنا 

لقراءة باقي الفصول من هنا 

تعليقات



<>