رواية عائشة الفصل الثامن 8 بقلم رانيا البحراوي

         


رواية عائشة

الفصل الثامن 8

بقلم رانيا البحراوي


صدمت عائشة بحديثه وظنت أنه يمزح معها.

ضحكت عائشة وقالت :الأمر لا يحتمل المزاح.

جمال :أنا لا أمزح، من حديثك معي فهمت إنكِ ذات دين

وتتمتعين بطيبة قلب اصبحت نادرة في زمننا هذا ولذلك طلبت منكِ أن تبحثين لي عن عروس عسى أن تتشابه صفاتها مع صفاتك وأنا بحثت حولي ولم أجد مثلك استطيع ان ائتمنها على ابني إذا حدث لي شيئا. 


عائشة :اتمنى حقا مساعدتك ولكنني لن أقوى على حماية ابنك من بطش أخيك أنا لدي مسئولية أكبر وهي رعاية والداي لا استطيع المجازفة بأمانهم. 


جمال بحزن :أعتذر لانني لم افكر سوى في ابني فقط. 

عائشة :لا تعتذر ستجد قريبا من تهتم بك وبأبنك. 

جمال :أشتقت لرؤيته كثيرا لا أراه إلا بالصور. 

عائشة بحزن :سيجمعك الله قريبا بأبنك لا تبتأس ولا تفكر في انهاء حياتك مرة أخرى. 

جمال :لن أفكر ولكن أشعر أن النهاية قريبة فإذا حدث لي شيئا قومي بتبليغ الشرطة ولو حتى من رقم مجهول سأرسل لكِ تسجيل بصوتي إذا حدث لي شيئا ارسليه إلى الشرطة حتى وإن اثبتت التحقيقات ان الوفاة طبيعية. 


عائشة :من فضلك لاتتحدث هكذا وتخيفني. 

جمال :اوعديني. 

عائشة :أوعدك. 


أغلقت عائشة والدموع تنهمر على وجنتيها تفكر ماذا تفعل كي تساعد جمال خاصة وأنه سبق وساعدها من قبل. 


في اليوم التالي ذهبت إلى الجامعة وظلت شاردة تفكر في مشكلة جمال وابنه وغادرت المحاضرة وجلست بمفردها خارج المدرج. 


بينما عائشة شاردة وردها إتصال من والدتها تخبرها أن الدواء الذي وصفه الطبيب لوالدك لم يجدي نفعا ووالدك ساءت حالته يبدو أن ضغطه ارتفع اكثر من السابق فهو يشعر بصداع شديد ولا يريد تناول الفطار إلى الآن. 


عائشة :سآتي الآن واأخذه إلى طبيب آخر. 


أسرعت عائشة إلى المنزل بسيارة اجرة وبالطريق اخبرتها والدتها أن والدها فقد وعيه ولا يستجيب لندائها أو لأي مؤثر اخر سواء عطر أو بصل. 


اتصلت عائشة بالاسعاف وأخبرتهم بالعنوان وووصلت إلى المنزل قبل وصول الإسعاف حاولت بكل هدوء أن تسعفه ولكنه لم يستجيب هذه المرة الأولى التى كانت تراه بهذه الحالة المرة الأولى التي تناديه ياأبي ولا يرد عليها نعم ياابنتي. 


القلق يكاد يقتل والدتها، عانقتها عائشة وطلبت منها أن تهدأ، ارادت عائشة أن تطمئن والدتها ولكنها تحتاج إلى من يطمئنها ويخبرها أن صحة والدها بخير وأنه سيفتح عينه الآن ويملأ المنزل بصوته الحنون، فصوته أمان المنزل وأمان قلبها وحياتها بأكملها. 


وصلت سيارة الإسعاف وأخذت والدها إلى مستشفى قريب وبعد فحصه تبين أنه اصيب بجلطة على المخ يحتاج أن ينقل إلى الرعاية عاجلا. 


ظلت عائشة تجول كل المستشفيات الحكومية بوالدها بسيارة الإسعاف لم تجد مكان خالي، اقترح عليها شاب كان يقف على باب إحدى المستشفيات الحكومية أن تأخذه إلى مستشفى خيري تتبع جمعية خيرية بحي مدينة نصر اليوم بهذه الرعاية بأقل التكاليف. 


وضعت عائشة والدها بهذه المستشفى ظنا منها أنها خيرية فعلا واملا في انهم قادرون على معالجة ابيها. 


عندما ذهب يوسف بعد العمل ووجد المكان مغلقا اتصل بعائشة وفزع من صوتها الحزين وذهب إليها مسرعا. 


عندما رأته عائشة اطمأنت كثيرا وشعرت بأنها ليست بمفردها فالاطباء منذ دخول والدها غرفة الرعاية لم يتوقفون عن طلب مستلزمات طبية من الخارج وأصبحت عائشة لا تستطيع الوقوف على قدمها من شدة القلق على والدها ولم يتبقى معها اي نقود بعد أن دفعت مبلغ مقدما للمستشفى. 


ساعدها يوسف كثيرا وقام بشراء كل مايلزم واتصل بوالدتها وكانت تبكي من شدة القلق فظل يطمئنها وكذب عليها واخبرها ان والد عائشة بخير وفتح عينه. 


بعد يومين اكتشفت عائشة أن المستشفى ليست خيري وانما مركز خاص ينصب بأسم الدين وماالشاب الذي نصحها بالذهاب إلى هذا المركز سوي عميل للمركز يجلب لهم الضحايا من البسطاء وان المركز يخبر ضحايا ان اليوم بخمسمائة جنيه أما الفاتورة الفعلية ثمانية ألف جنيه وكل ساعة لديهم تزيد من تكلفة البقاء. 


رفضت عائشة الفاتورة وهي ستة عشر ألف جنيه في يومين فتوقفت المستشفى عن معالجة والدها. 


بكت عائشة لأنها لا تملك المال فقامت بالأتصال بجمال واخبرته بما حدث مع ابيها. 


جمال كان يحتفظ بنصيبه من مجوهرات والدته وهو الشئ الوحيد الذي لم يضع اخيه يده عليه فقام ببيع جزء منها ثم طلب من السائق اخذه إلى المستشفى التي بها والد عائشة، قام جمال بدفع المال دون شرط أو ضمان أو حتى ورقة موقعة من عائشة تثبت أنه دفع لها هذا المال. 


تم اعادة والدها إلى الرعاية مرة أخرى ولكن اصبحت عائشة غير مطمئنة لهذا المركز وطلبت من يوسف البحث عن مكان آخر. 


عائشة لجمال :لا أعلم كيف اشكرك على موقف هذا ولكن سأرد لك هذا المبلغ قريبا. 


جمال :أنا لم اطلب منكِ رده ولا افعل ذلك لكي تساعديني مثلما ساعدتك ولكن ادخر بعض الخير مثلما نصحتيني. 


دمعت عين عائشة وقالت له اخبرتني أن طيبة القلب نادرة هذه الأيام ولكنك تتميز بها اكثر مني. 


عائشة :اخبرني كيف حال ابنك. 

اخرج جمال هاتفه من جيبه كي يريها صورة ابنه الصغير. 


عائشة :أنه جميل جدا وذو ابتسامة رائعة. 

بينما تعيد عائشة الهاتف إلى جمال لاحظت بعض العلامات على ذراعه. 

عائشة بفزع :ماهذا؟ 

جمال :لا شئ؟ 

عائشة :هل يقوم أخيك بتعذييك؟ 

جمال :إنه مسافر منذ أمس ولكن قبل أن يسافر اصريت عليه أن أرى ابني فقام بربط يدي بالكرسي لمدة ستة ساعات. 


بكت عائشة بسماع ذلك وظلت تدعو على هذا الأخ الظالم. 


جمال :من فضلك لا تدعي عليه فهو أخي. 


ذهب جمال ولكن عائشة ظلت تفكر في أمره. 

وجد يوسف مكان بالرعاية بمستشفى حكومي وقامت عائشة بطلب سيارة اسعاف لنقل والدها وقبل أن تغادر المستشفى قامت بالصراخ بمدخل المستشفى تحذر جميع المرضى بأن هؤلاء ليسوا أطباء ولكنهم مجموعة محترفين في النصب والسرقة. 


تمر الأيام ولايوجد أي تحسن بحالة والدها ورغم ذلك ظلت عائشة بالمستشفى تنام جالسة بأي مقعد خارج غرفة الرعاية. 


ذات يوم مساءا 

خرج الطبيب يخبرها أن البقاء لله. 


كانت وحيدة تماما حين تلقت الخبر لم يستوعب عقلها للحظات ان والدها فارق الحياة دون أن يودعها، دون نظرة اخيرة أو كلمة أو عناق يهدئ من روعتها. 


كانت عندما تحزن تشكو لوالدها احزانها ولأن عقلها لم يستوعب موته اخرجت هاتفها كي تتصل به وتحكي له عن حزنها فأكتشفت أنها لم تستطيع الوصول إليه والأحزن من ذلك انها لن تستطيع الوصول إليه لاحقا فإنها فقدت أثره ولن تسمع صوته ولن تشعر بحنانه بعد هذه اللحظة مات ابيها وانطفئت معه الحياة بقلبها. 


وصل يوسف بهذه اللحظة اقبل عليها يوسف يواسيها 

قالت :مات أبي، مات أبي اي كلمات قد تواسي قلبي بعد أن فقدت ابي. 


مرت الايام والاسابيع والشهور 


الجميع يتعاطف معها ولكن لا أحد يشعر بها وبحزنها. 

عجزت عائشة عن مساعدة يوسف في بيع القهوة بعد ذلك اليوم ولكنه لم يقصر معها وكان يعطيها حقها بالكامل،كلما مر خالد وسأل يوسف عن عائشة اخبره 

انها مازالت لم تتخطى احزانها طلب خالد رقم هاتفها ولكن يوسف كان يرفض ذلك. 


يوسف يريد عقد خطبته على سهيلة ولكنه ينتظر احتراما لحزن عائشة ووالدتها. 


شعرت عائشة أنها اهملت طيلة الفترة السابقة السؤال عن جمال فقامت بالأتصال به وكانت صوته ضعيف جدا 

وكأنه لايقوى على الكلام. 


عائشة :ماذا يحدث لك من فضلك اخبرني. 

جمال:أنا مريض جدا ولا أحد يهتم بي، اخي غادر المنزل وأخذ معه ابني والخادمات وكلف سيدة بخدمتي ولكنها لم تأتي منذ يومين. 


عائشة :هل يعلم انك مريض هكذا؟ 

جمال :اخبرته ولكنه لم يصدقني.


طلبت عائشة العنوان منه وذهبت إليه ومعها طعام. 

لم يستطع فتح الباب فطلبت من حارس العقار كسر الباب. 


رأته عائشة بحالة يرثى لها اطعمته وجلبت له طبيب. 


علم شقيق جمال الأكبر من حارس العقار أن هناك فتاة طلبت كسر الباب لكي تساعد اخيه. 


اسرع شقيق جمال الشقة ولكنه لم يلحق بها. 


عائشة بالمنزل :قصت على والدتها قصة هذا الشاب ورغبتها في مساعدته هو وابنه دون أن تخبرها بالخطر الذي سيواجهها في حال زواجها من هذا الشاب. 


الأم تريد أن تطمئن على ابنتها وعندما علمت ان هذا الشاب ثري وسيرعى ابنتها جيدا وافقت عليه. 


ذهبت عائشة في اليوم التالي ولم تضطر لكسر الباب فكانت العاملة هناك وفتحت لها الباب. 


استعاد جمال صحته وكان جالسا يتناول طعامه وغرفته مرتبة على عكس الأمس. 


جلست عائشة أمامه واخبرته انها موافقة على الزواج به. 


فرح جمال كثيرا بسماع ذلك واخبرها بطبيعة هذا الزواج أنه سيكون بمثابة عقد قران فقط فحالته لا تسمح له بالزواج وسيخفي الأمر عن أخيه لفترة حتى يستطع تخليص ابنه من بين يد اخيه ويأمنه لديها وستحصل في نظير حمايتها لابنه على ربع ثروته وهي ثروة طائلة. 


واذا ارادت الطلاق باي وقت سيطلقها وسيمنحها مبلغ من المال. 


عائشة :تتحدث وكأنك تعلم أنك ستفارق الحياة أخشى أن تكون مازالت تفكر في الأنتحار وتريد ان تؤمن طفلك لدي لكي تنهي حياتك.


جمال :لن أنهى حياتي سبق واخبرتك ولكنني أخشى أن يقتلني اخي ثم يقتل ابني ولذلك اريد تأمين ابني في حال حدث لي شيئا.


عائشة :وكيف ستخلص ابنك منه.

جمال:هناك رجل من مساعديه اللذين يساعدوه في تعذيبي عرضت عليه مبلغ من المال سيساعدني قريبا لأخذ ابني، افكر في ان نهرب بعيدا ثم نقوم برفع دعوى استرد به ميراثي وبذلك سأحصل على ابني وميراثي وفي حال ان عجزت عن ذلك سيقع على كاهلك تخليص ابني ومالي من بين يديه. 


بعد أيام قليلة قامت عائشة بالتجهيز لعقد القران ولم تخبر أحد سوى والدتها ولكنها أخبرت يوسف بما تنوي فعله ولكنه انزعج جدا من اتخاذها هذا القرار وقام بمقاطعتها حتى ترجع عن قرارها. 


ذهب جمال إلى المستشفى للمتابعة برفقة السائق ثم غادر من الباب الخلفي وذهب وعقد القران على عائشة بمكتب مأذون قريب من المستشفى ثم عاد إلى المستشفى مرة أخرى.


باقي ج٨

كانت عائشة تطمئن يوميا على جمال بالأتصال به وتتحدث معه كثيرا ومن حديثه فهمت مدى اهمال والديه له منذ الصغر وبعد وفاة والديه لم يدفع اخيه نفاقات دراسته بالخارج مما جعله طرد من الجامعة ثم حصل على عمل بسيط في مقهى ليلي وبعدها تزوج اجنبية وأنجب طفله وتوفيت زوجته ثم اصيب بحادث

سيارة واصيب بشلل فعاد إلى اخيه مرة أخرى لأنه عجز عن رعاية ابنه بعد اصابته بالشلل.


مع الايام

تحول العطف والشفقة التي بقلب عائشة نحو جمال إلى حب احبته كثيرا وصارت تتلهف على مكالمته لها ليلا ونصحته أن يتعالج لكي يصبح قادرا على حماية ابنه


تمنت عائشة ان يجمعهم منزل واحد حتى وإن لم يكتب الله له الشفاء فهي راضية بالعيش معه وهو بهذه الحالة.

ولكن جمال كان يؤجل في الأمر دائما.


ذات يوم ظلت عائشة تتحدث معه حتى الفجر تفاجئت بسماع الاذان ولا تعلم كيف مر الوقت سريعا.


انهت الإتصال وصلت ونامت واتفقا على أن يكملا حديثهما فور استيقاظهما من النوم.


نامت عائشة ثم استيقظت مع أذان الظهر صلت وقامت بالأتصال به قبل تناول الفطار.


اتصلت عائشة ولكنه لم يجيب اتصالها عاودت الاتصال به بعد ساعة ولم يجيب ايضا بدأت تشعر بالقلق انتظرت قليلا ثم عاودت الاتصال واخيرا تلقى جمال الإتصال.


فرحت عائشة والتقطت انفاسها ولكنها تفاجئت ان الذي تلقى الإتصال ليس جمال ولكنها خادمة المنزل كانت تبكي بشدة.


اسرعت عائشة إلى منزل جمال دون أن تفكر وهناك

رأت...........


                 الفصل التاسع من هنا 

لقراءة باقي الفصول من هنا

تعليقات



<>