الفصل التاسع 9
بقلم رانيا البحراوي
عندما وصلت عائشة إلى منزله رأت سيارة الإسعاف وسيارة شرطة أسفل العقار، ثقلت اقدامها وشعرت بأن هناك شئ أصاب جمال، رأت حارس العقار وسألته :جمال بخير؟
الحارس ببكاء:جمال بيه قتل نفسه.
عائشة ببكاء :لا اصدق، لا لم يقتل نفسه، كنت أظن أنه يبالغ في خوفه من اخيه ولكنني صدقته الآن.
الحارس :من أنتِ؟ وماالذي يجعلك تتحدثين هكذا؟ اذهبي من هنا.
عائشة :أريد رؤيته.
الحارس :لم تسمح الشرطة لأحد برؤيته.
رأت عائشة رجل يرتدي أسود يحيط به مجموعة من الحراس الشخصين (بودي جارد)
فهمت عائشة أن هذا أخيه الذي كان يعذبه ولكنها لم تستطع رؤية وجهه فابتعدت على الفور كما اوصاها جمال بأن تتجنب بطش اخيه ولا تقوم بتقديم بلاغ بنفسها إذا حدث له شيئا.
ظلت تترقب من بعيد حتى رأت جمال داخل الكيس الأسود الخاص بالاسعاف.
انهارت عائشة بالبكاء وتمنت لو تستطع رؤيته للمرة الأخيرة.
وصلت عائشة إلى المنزل وكانت في حالة سيئة جدا وأخبرت والدتها بما حدث لجمال بكت الأم وقالت كنت أظن أنه من سيراعاكِ إذا حدث لي شيئا، عانقتها والدتها وظلت ترتب على ظهرها حتى نامت.
حلمت عائشة بأن جمال يطرق بابها لكي يراها وكان مبتسما وبيده طفل صغير.
استيقظت تبكي وقالت لوالدتها :جاء جمال لكي يراني ويعطيني الطفل(نور) بنفسه، لن اتركه لعمه لكي يقتله كما قتل ابيه.
مر عليها يوسف كي يعطي لها نصيبها من بيع القهوة وفزع عندما رأى حالة الحزن التي كانت عليها.
لم تحكي له عائشة شيئا خوفا عليه وطلبت منه الا ينزعج منها لأنها خططت للسفر للحج برفقة والدتها دون أن تخبره.
تفاجئ يوسف :من أين حصلتي على تكلفة الحج.
ارتبكت عائشة وقالت :ظهر لنا ميراث من أحد اقاربنا.
قامت عائشة بتوكيل محامي وقدمت له مايثبت أن جمال قتل ولم ينتحر كما يظن رجال الشرطة وطلبت من المحامي ألا يقدم البلاغ إلا بعد انتهاء أوراق السفر الخاصة بها وبوالدتها وبالطفل ايضا لأنها اصبحت وصية الطفل بعد وفاة جمال اي أنها تستطع تجهيز اوراق سفره.
بعد أيام قليلة اعلنت الشرطة أن الوفاة انتحار ولايوجد اي شبهة جنائية.
طلبت عائشة من المحامي تقديم تسجيلات جمال الذي يشرح بها بأن اخيه يريد التخلص منه من أجل الميراث.
تم القبض على شقيق جمال للتحقيق معه وبهذه الأثناء قدمت عائشة للشرطة مايلزم أنها وصية على الطفل واقتحمت الشرطة منزل شقيق جمال أثناء غيابه وأخذ الطفل من المربية وتسليمه لعائشة.
كان الطفل يبكي ويرتجف بشدة وكأنه يشعر بما حدث لأبيه، قامت عائشة بتهدئته فتوقف عن البكاء سريعا وكأنه شعر معها بالحنان.
أحبته عائشة كما أحبت ابيه وكأن حبها لجمال تجسد في هذا الطفل الصغير، همست للطفل بأنها ستحميه وسترعاه
ولن يستطيع أحد ايذائه.
أخذت عائشة الطفل ووالدتها وذهبت إلى الإسكندرية لحين انتهاء اوراق السفر ووكلت المحامي بمتابعة قضية القتل ثم ميراث الطفل وميراثها لكي تستطيع الهروب خارج مصر.
خرج شقيق جمال بضمان محل إقامته حتي تنتهي التحقيقات وتفاجئ بعدم وجود الطفل وقام بالصراخ بجميع العاملين معه وطرد المربية لأنها سلمت الطفل إلى الشرطة دون الرجوع له.
المربية ببكاء :لم استطع التواصل معك أو مع أي من الحراس.
شقيق جمال :هيا غادري المكان فورا.
بدأ شقيق جمال رحلة البحث عن زوجة شقيقه التي لا يعلم عنها شيئا ولايعلم متى تزوجت بأخيه وكيف اصبحت وصية على الطفل دون علمه.
علم شقيق جمال بعنوانها وأرسل من يبحث عنها ولكنه وجد الباب مغلق.
انتهت القضية ببراءة شقيق جمال واستطاع المحامي الخاص بعائشة إستلام نصيبها والذي كان مبلغ من المال وليس ثروة طائلة مثلما اخبرها جمال يبدو أن شقيقه وضع يده على بعض الميراث، اما نصيب الطفل فكان تحت تصرف المجلس الحسبي ورغم ذلك لم تفرط في الطفل فهي لم توافق على رعايته من أجل المال وانما من أجل مساعدة جمال.
اقنعت عائشة والدتها بالسفر إلى السعودية لتأدية فريضة الحج ولم تخبرها أنها تغادر البلد هربا من شقيق جمال.
اطمئت عائشة باللحظة الأولى التي وطأت قدمها الطائرة وظنت أنها استطاعت الفرار من بطش شقيق جمال.
عانقت نور وقالت صرت بأمان ياصغيري.
سمعت والدة عائشة ذلك وقالت :منذ أيام عديدة وانت غير مطمئنة تتلفتين يمينا ويسارا والخوف يتملكك ماالذي اصابك وماالذي تخفيه عني.
عائشة :أنا لا اخفي عنكِ شيئا.
لم تصدق فاطمة ابنتها وخفق قلبها خوفا عليها.
بالسعودية :خافت عائشة ان تقيم بفندق خوفا من ان يجدها احدهم وقامت بتأجير شقة مفروشة بأسم والدتها وكانت هذه توجيهات من المحامي.
هدأت الأحداث بالقاهرة وطلب شقيق جمال من محاميه تتبع ميراث نور بالمجلس الحسبي حتى يستطيع الوصول إلى الطفل في حال ارادت زوجة والده الحصول على مبلغ من ميراثه.
بعد انتهاء فريضة الحج ظلت الأم تتسائل متى سنعود إلى القاهرة فقد اشتقت لزيارة قبر والدك.
عائشة :أنا لا اريد العودة إلى القاهرة مرة أخرى.
فاطمة:لماذا.
عائشة بأرتباك :هكذا.
فاطمة بغضب :لن اتركك اليوم قبل أن تخبريني بما يجري معك وإلا ذهبت اليوم وحجزت تذاكر العودة إلى القاهرة.
حكت عائشة لوالدتها عن شقيق جمال وانها تظن انه قتل جمال ويبحث عن الطفل كي يتخلص منه.
صكت الأم وجهها وقالت :قتل اخيه فماذا سيفعل بكِ كيف تخفي عني هذا الأمر ولماذا لم تخبري الشرطة بذلك وقمتي بالفرار.
عائشة:الشرطة قامت بتبرأته من قتل جمال فلا اظن انها ستسطع حماية الطفل من بطشه.
فاطمة :وهل انتِ ستسطعين حمايته؟
عائشة :نعم سأحميه وسأفي بوعدي لجمال ولن اتخلى عن طفله.
بمرور الايام أحبت عائشة نور كثيرا واصبحت ترعاه وتحميه لأنها تحبه وليس فقط لأنها وعدت جمال.
تجاوز نور الستة اشهر واصبح ينادي والدة عائشة ماما مثلما تناديها عائشة وينادي عائشة بأسمها، رغم أنها كانت تتطلب منه أن يناديها ماما.
ذات يوم مساءا
فاطمة :أنا خائفة عليكي، أخشى أن يحدث لي شيئا واتركك بمفردك بهذه البلد ليس لدينا بها اقارب أو معارف.
طلبت عائشة منها ألا تذكر الموت مرة أخرى.
فاطمة :لدي اقتراح :اعيدي الطفل إلى عمه وهيا كي نعود إلى بلدنا.
عائشة بلهفة :لا لن اتركه اخبرتك أن عمه قد يقتله كما قتل ابيه.
فاطمة :ابقي كما تشائين ولكن اوعديني إذا حدث لي شيئا ضعيني بمقابر ابيكِ.
عائشة :اخبرتك منذ قليل الا تذكري الموت ولكن اطمئني طالما هذه وصيتك سألتزم بها.
راسلت عائشة يوسف وعلمت منه أن كل عدة أيام يأتي احد الرجال ويسأل عنها ويسأل عن طفل اسمه نور.
يوسف :من هؤلاء الرجال ومن نور.
حاولت عائشة الكذب على يوسف ولكنها تفاجئت بأنه يعلم بزواجها وولايتها للطفل.
خجلت عائشة وقالت :لن اخبرك بذلك خوفا عليك وحكت له قصة جمال كاملة.
مرت الايام والشهور والسنوات
وأصبح عمر نور اربع سنوات واحتاجت عائشة لأن تقدم اوراقه بالمدرسة ولكن المصروفات كانت فوق طاقتها وذلك لانه مغترب.
أوشك نصيبها من الميراث على الانتهاء ولم تجد هناك عملا يعينها على زيادة نفقات الحياة.
قررت عائشة العودة إلى القاهرة في رحلة سريعة للتقديم على سحب مصروفات الدراسة الخاصة بنور من المجلس الحسبي.
تركت والدتها ونور بالسعودية وعادت بمفردها.
ترى مالذي سيواجه عائشة أثناء هذه الرحلة؟
