أخر الاخبار

رواية ابنة القمر الفصل السابع 7 بقلم فاطمه الألفي

       

رواية ابنة القمر

الفصل السابع 7

بقلم فاطمه الألفي



داخل متجر الزهور الخاص بحورية

شعرت بوخذة داخل صدرها، جعلها تجلس بتعب وهي تحاول أن تسترد أنفاسها اللاهثة، كانت تلهث وكأنها خارجة من سباق ركض، تحاملت على نفسها والتقطت الهاتف خاصتها ثم بحثت عن رقم شقيقتها وضغطت زر الإتصال؛ وعندما أجابتها  شقيقتها سندس، قالت بصوت واهن:

- سندس أشعر بأنني لست بخير، أوصيكِ بأبنتي

فزعت سندس عندما أتاها صوت شقيقتها المتعب وعلي الفور غادرت منزلها تستلقي باحدي سيارات الأجرة لكي تقلها سريعا إلي شقيقتها وظلت تتحدث معها طوال الطريق لتجعلها مستيقظة تخشي أن تستسلم لنوبة المرض.

وصلت إليها في غضون دقائق وطلبت من السائق الإنتظار لكي تجلب شقيقتها وتصطحبها الي أقرب مشفي.

عندما دلفت داخل متجر شقيقتها انتابها الفزع وهرولت إلي شقيقتها التي وجدتها تتصبب عرقا وأصوات أنفاسها متسارعة وخفقات قلبها تخفق بقوة يكاد قلبها ينتفض من بين ضلوعها؛ اقتربت إليها تضم رأسها لصدرها وهي تحاول أن تجفف عرقها وتهمس بأذنها لكي تهدئ من روعها بسبب تلك الحالة التي أصابتها.

 ثم صرخت بالسائق منادية إياه  لكي يساعدها في أخراج شقيقتها من المتجر وأن تستقل السيارة، بالفعل ات إليها السائق وجذب حورية من كتفها ليجعلها تتكي عليه وعلي شقيقتها وساروا بها بخطوات بطيئة إلي أن استقلت المقعد الخلفي للسيارة وجلست سندس بجوارها وهي تضمها لصدرها وانطلق السائق إلي المشفي وهو يضغط على المقود ليصل في غضون دقائق معدودة.


❈-❈-❈


داخل منزل حاتم

بعدما غادر المنزل، شعرت بالسعادة كونها أصبحت مالكة لهذا المنزل، دارت حول نفسها بسعادةوهي تفرد خصلاتها على ظهرها وتتمايل بجسدها هنا وهناك وهي تدندن بصوتها نغمات أغنيه ما 

تشعر بانها تحلق في السماء كالفراشة من فرط سعادتها بانها حصلت على مبتغاها وستكون ملكه متوجه على عرش  قلبه وستحصل على كل ما تتمناه؛ فبعد ما حدث معها بالامس لن تتركه يبتعد عن قبضتها بعد الآن، ستكون جارية لتنال رضاءه وتستغل قربة لتستحوذ عليه وعلي كل ممتلاكته، ستغزل خيوط مكرها لتصبح سيدة هذا المنزل.

 الآن تنعم بالرفاهية والرغد وستكون مثل فتايات جيلها الأثرياء وتثأر لكرامتها التي هُدرت بقصر أمان وطردها ليلاً على يد سيدة القصر  "أشرقت هانم" 

تلك السيدة المتسلطة التي تبغضها وتعاملها كالجواري، أتخذت وعدًا على نفسها بأن تعود إليها وهي ترد لها الصاغ صاغين وتنتقم منها أشد الانتقام وتدعسها آسفل قدميها كما فعلت هي بها.

عندما توصلت لتلك النقطة ضحكت باعلي طبقات صوتها وشعرت بنشوة الإنتصار 

❈-❈-❈


عودةالي المشفى.

بعد أن فحصها الطبيب وأعطاها إبرة ليحجب أضرار الذبحة الصدرية التي تعرضت إليها 

كانت ممدة على فراش المشفى تنظر لشقيقتها بعيون واهية، همست لها بصوت خافت: 

-  لا تخبري نادر ولا وتين 

هتفت سندس بقلق:

-لماذا؟ إلي متى ستخفين مرضك على ابنتك؟ 

قالت بصوت ضعيف:  

-أرجوكِ سندس لا تخبري أحد؛ اليوم هو أول يوم عمل لوتين ولا أريد كسر فرحتها بتلك التجربة 

- حسنا، سأهاتف نادر لكي يقلنا إلي المنزل بعدما تتحسن حالتك 

- لا تخبريه وعندما أسترد كامل صحتي سنعود كما أتينا بسيارة أجرة 

زفرت بضيق وهمست قائلا وهي تنظر لشقيقتها بعتاب:

-مازلت عنيدة

همست بصوت متعب:

 -وصيتك ابنتي إذا أسترد الله أمانته لا تتركيها تعاني الفقد وحدها 

اقتربت منها بلهفة ثم مالت تقبل جبينها قائلة:

-لا تتفوهي بهذا الهراء، ستظلي بجانب صغيرتك وستزينها بنفسك وهي ترتدي ثوب العُرس وتحملين أطفالها، أطال الله بعمرك يا حبيبتي 

ثم اردفت قائلة بتوتر: 

-ولكن أريدك أن تخبري ابنتك ب 

قاطعتها وهي ترفع كفها بضعف لكي تصمت:  

-لا تكملي حديثك رجاءًا 

أبتلعت  الكلمات داخل جوفها واحترمت رغبة شقيقتها 


في المساء عادت من عملها وصعدت إلي حيث منزلها بعدما أقلها نادر بسيارته، وأكمل هو طريقة في العودة لمنزله

دلفت الشقة بسعادة تبحث عن والدتها، دلفت لغرفتها وجدتها نائمةبفراشها، اقتربت منها بلهفة وقلق: 

-ما بكِ يا حورية القلب 

ربتت على كتفها برفق قائلة بحنان:

-أنا بخير حبيبتي، أشعر بصداع فقط وقررت أن أريح جسدي قليلًا، لا تقلقي حوريتك بخير 

مددت جانبها ودثرت نفسها بأحضانها 

حاوطتها حورية بذراعها وقالت:  

-هيا أخبريني عن أول يوم عمل لكِ واسردي لي تجربتك 

إبتعدت عن أحضان والدتها وقصت بحماس ما حدث بيومها الأول ؛وبعد أن أنتهت نامت قريرة العينين بأحضان والدتها الغالية

❈-❈-❈


ظلت طوال الأسبوع تتردد على مكتب زيكو لكي تكسب خبرته فيما هي مقبلة عليه، وبدأت الفتايات في التهامس عن علاقة خفية تجمع بينهم، منما جعل الغيرة تشتعل بينهم وقررو إخبار "لامار"بما يحدث خلف ظهرها، لأنها تعتبر زكريا ملك خاص بها وجميعهن يعرفون ذلك.

هتفت فتاة تدعى"سلمى" إذا علمت لامار بأن الجميلة الصهباء لا تفارق مكتب زيكو سوف تقوم الحرب العالمية

ضحكت الأخرى وقالت بحقد: 

-ليس زيكو فقط الذي سلبته منها وإنما أصبحت متربعة مكانها فسوف تكون فتاة العرض وليس غيرها، سوف يجن جنونها إذا علمت بكل ما يحدث خلف ظهرها 

تعالت الضحكات والهماسات وقررت سلمى إخبار لامار لتقطع رحلتها وتاتي على الفور لتسترد مكانتها.

عندما دلفت وتين غرفتهم، كف الجميع عن الحديث منما جعلها تشعر بأنها غير مرغوبة بها، غادرت الغرفة على الفور والدموع تملأ مقلتيها.

اقتربت منها ميسون بتساؤل:

-ما بكِ وتين؟

همست بصوت حزين: 

-أشعر بأن الفتايات تكرهني ولم أفعل شيئاً يجعلهم يكرهونني 

ضحكت ميسون وربتت على كتفها وقالت بحنان: 

-هم يغارون منكِ 

هتفت بتساؤل:- لماذا يغارون منِ والجميع هنا سواسيًا

-لا أنتِ الأجمل وأيضا ستكونين فتاة العرض القادم وهذا في حد ذاته يجعلهم يشتعلون بحمم بركانية ثم اردفت قائلة ؛ وتين لا تنظرين حولك، تطلعي للإمام فقط ودعك منهم، هيا أذهبي لمعلمك زيكو فهو بانتظارك.

أستمعت لحديث ميسون بالفعل وتوجهت إلي حيث مكتب زكريا، طرقت الباب ودلفت بهدوءها المعتاد 

رفع زكريا أنظاره عن الثوب  الذي كان يضع به اللمسات الأخيرة وأبتسم عندما رأها تتقدم منه وقال مرحبا بها:

- جئتي بوقتك يا جميلة

رفعت حاجبيها بدهشة وقالت: 

-كم مرة أخبرتك بأن أسمي وتين وليس جميلة؟

ضحك بخفة وقال: 

-لا اتذكر هل تخطيتي المليون 

أبتسمت برقة وهي تقول:

-تقصد تخطيت ملايين المرات 

قال بمرح:يا ليتها ملايين الدولارات هههه

جلست أمامه ثم هتفت بجدية:

- سيد زيكو متي سيبدء العرض

- بعد يومين من الآن، سيد أمان سيتولي أمر إعلان العرض ثم أردف بتساؤل:

-هل أنتي مستعدة الآن؟

-لا أخفي عليك أشعر بالخوف الشديد

-هذا طبيعي ولكن لا تقلقي، هيا انهضي لعمل أخر بروڤا لثوب العرض 

أعطاها الثوب قائلا:

-أنتهيت من اللمسات الأخيرة الساحرة وسوف تصبحين ملكة بذلك العرض 

التقطه بكفيها التي ترتجف أثر توترها ثم غادرت مكتبه لتذهب إلي المكان المخصص لارتداء الثوب.


❈-❈-❈


أما عن أمان فقد كان منشغلا بماذا يعلن عن ذلك العرض، لابد من إنشاء حفل ضخم والإعلان عنه؛ بالنهاية توصل إلي حفل تكريم للأم المثالية، وبالفعل أعلن أمان عن الحفل ووصل الخبر لجميع العاملين بالشركة.

 قرر نادر أن يرشح خالته فهي تستحق لذلك التكريم، وجلس بمكتب أمان يقص عليه ما عانته خالته بغياب زوجها وتخليه عن مسؤوليته وهي من تولت تربية صغيرتها التي تعاني من متلازمة جفاف الجلد وعدم تعرضها لأشعة الشمس المحترقة.

 اندهش أمان بما يسرده عليه نادر ووجد بالفعل بأن تلك السيدة تستحق أن تكون الأم المثالية وأيضا ابنتها ستكون فتاة العرض وهذا ما سيجعل العرض ناجحاً.

شرد أمان بتلك السيدة المضحية من أجل ابنتها وقارن بينها وبين والدته منما جعله يشعر بالاحباط 

زفر بضيق وقرر أن يعود لعمله ويفعل ما بوسعه من أجل نجاحه وتحقيق سعادته من أجل العمل الذي يعشقه ويحقق ما يتمناه من طموح.


بعد أن ارتدت الثوب الخاص بالعرض، تطلعت لنفسها بالمرأه وظلت تدور حول نفسها  ثم تعود تنظر بدهشة فقد كان الثوب الأبيض يليق بها وبجمالها الأخذ للعيون

ثم صعدت مكان البروڤا المتواجد داخل صالة عرض صغيرهطة من أجل عارضات الأزياء وبدأت تتمايل في مشيتها وتسير بكل ثقة وثبات ولا تعلم بأن الصالة تعج بالكاميرات، منما جعل أمان يشعل الكاميرات الخاصة بحسوبه الشخصي وكان يتفقد العمل بالشركة فلم يتبقى على العرض سوى يومان فقط.

بالصدفة تفاجئ بتلك الساحرة أمامه من خلف شاشة الحاسوب؛

 وجدها كالفراشة بالثوب الأبيض تحلق بين الأزهار هنا وهناك، تسير بسعادة وتتهادة في مشيتها، يغمرها الحماس والإبتسامة لا تفارق محياها، ظل منبهر بما يراه حقا

وفجاة تبدل انبهارة وتحول إلي صدمة عندما وجد فتاة تقتحم عليها البروڤا الخاصة وترفع كفها تصفعها صفعة قوية، اهتز جسدها من أثر تلك الفعلة واصطبغ وجهها البرئ بحمرة قانية، تلألأت عيناها بالدموع 

هتفت لامار بأنفعال:

-صفعتك لتفيقي لنفسك وتبتعدي عن ممتلكات غيرك

بح صوتها بسبب ما تعرضت له ولكن جاهدت لكي تتماسك ونظرت له بحدة قائلة:

-عن أي ممتلكات تتحدثين؟

هتفت بصراخ:

- أنا فتاة العرض القادم وكل العروض وزيكو يخصني انا فقط لا تنظرين إليه وإلا ستدفعين الثمن غالي؛واشتعلت عيناها بالغيرة وهي تراها مرتدية ثوب العرض، اقتربت منها بغل مزقته بعنف 

لم يتحمل أمان ما يراه أمامه، نهض مسرعاً متوجها إلي حيث وجودهم بخطوات واسعة؛ وصلا في غضون دقائق معدودة اقتحم البروڤا بغضب جلي وهتف قائلا وهو يجذب "لامار"من ذراعها يبعدها عن "وتين "

-أنتي مرفودة وسوف أعلن ذلك  في كل مكان أنك لا تصلحي تكوني عارضة أو وجهة لاسم شركة محترمة أو ماركة عالمية مثل "براند أمان"

ثم نظر إلي وتين قائلا:

- لا تصمتي عن حقك، والمُخطأ عليه أن يُعاقب 

اشاح بذراعه وقال وهو ينظر إلي لامار بغضب:

-غادري الشركة الآن، لا يوجد مكان لكِ بعد اليوم، وستتقاضين على ما فعلتيه

ركضت من أمامه هاربة كالفار المذعور وهي تلعن داخلها تلك الصهباء التي أحتلت مكانها بقلب "زكريا"  وأخذت مكانها كعارضة، وتوعدت لها بالانتقام فهي لن تسامح في حقها.


انزوت على نفسها داخل الغرفة وكانت تحاول إستجماع شتاتها الذي تبعثر على يد تلك الفتاة الرعناء التي اقتحمت خصوصيتها داخل غرفة العرض الصغيرة.

وقف "أمان"خلفها يريد أن يخفف عنها، رفع أناملة وربت على كتفها وهو يتسأل بقلق:

-هل أنتِ بخير؟

دارت وجهها المصبغ بحمرة قانية وعيناها الزرقاء التي تحولت بلون الدماء أثر ما تعرضت إليه ثم هزت رأسها بالايجاب وتماسكت وهي تقول:

-أنا بخير، سوف ابدل ثيابي واذهب إلي منزلي الآن 

هز رأسه بايماء، وقال متفهما ما تمر به:

-حسنا سوف اتركك اليوم فقط، ولكن ستأتي في الغد باكرًا من أجل البروڤا قبل العرض اتركي الثوب هنا وسارسل لزيكو لكي يعمل على إصلاحه لا تقلقي؛ وبعد إنتهاء العرض لن أترك" لامار" تنجي بفعلتها سأحاسبها على خطأها 

عادت ترفع مقلتيها لتنظر إليه وهي تقول بانكسار:

-يكفي أنني تسببت في طردها من العمل ولم أقصد بأن أحتل مكانها أو مكان غيرها 

هز رأسه بتفهم وقال:

-أنتي فتاه نقية ولا تعلمي كيف تخطط تلك الفتايات، الحياة فرص والذكاء أن تغتنمي الفرصة التي قُدمت لكِ، لا تكترثي لغيرك 

انهي كلماته ثم غادر المكان عائدا إلي مكتبه وبعد أن جلس باريحة رفع سماعة الهاتف وأخبر سكرتريته بضرورة إحضار "زكريا "الي مكتبه، ثم أغلق الهاتف وعاد بظهره للخلف وهو شارد بتلك العيون التي كانت كامواج البحر وفجاة تحولت إلي بركة دماء 


فاق من شروده على صوت طرقات اعلي باب مكتبه، نظر لباب وسمح للطارق بالدخول

دلف زكريا مبتسماً، أشار إليه أمان بالجلوس،

وعندما جلس بالمقعد المقابل جحظت عيناه بصدمة عندما وقعت على ثوب الزفاف الملقى أعلي مكتب "أمان"

التقط زكريا الثوب بلهفة وهو يتفقده بعينيه الصادمة ثم نظر إلي أمان قائلا:

-ماذا حدث .! ومن مزقه بهذة الطريقة؟

تنهد بضيق ثم أجابه بحدة:

-"لامار"من فعلت به ذلك، ولم تكتفي بهذا وحسب إنما أحدثت مشاجرة قوية بينها وبين وتين وتجاوزت كل الحدود، لذلك رفدتها من الشركة

شهق بصدمة ولم يتوقع حدوث ذلك وقبل أن يتسأل عن وضع وتين سبقه أمان قائلا:

-وتين غادرت الشركة بحالة يرثي لها؛ وليس لدينا الوقت الكافي لتأخير الحفل لذلك أسرع بإصلاح ما أفسدته تلك الرعناء

سحب الثوب بين كفيه وغادر مكتبه بهدوء ولكن داخله بركان من الغضب يريد أن ينفجر في تلك المغرورة التي تدعة" لامار "من تظن نفسها لتفعل ذلك بتلك الصهباء الجميلة

❈-❈-❈


بعدما غادرت الشركة استقلت بسيارة أجرة لتقلها إلي منزلها، وبعد مرور ساعة كانت تترجل من السيارة أمام العقار التي تقطن به، سارت بخطوات واسعة لتدلف لداخل العقار قبل أن تراها والدتها وهي بتلك الحالة، أبتعدت بخطواتها السريعة عن متجر الزهور الخاص بوالدتها ومن ثم استقلت بالمصعد لتصعد إلي الطابق المنشود

دلفت لداخل الشقة ثم أغلقت الباب خلفها بقوة وتوجهت إلي حيث غرفتها، نزعت حذائها والقته بفوضوية ثم ألقت بجسدها أعلي الفراش وتركت لدموعها العنان، تبوح لوسادتها ما تعرضت له اليوم، وقلبها يئن بوجع يحكي عن ألم روحها بعد ما ذاقته من ظلم وقسوة، هكذا دائما ما تفعله الحياة معها منذ أن أتت إلي الدنيا وهي تعاني ولازالت تعاني إلي الان.


مشاعر مبعثرة تتخبط به منذ أن التقى بتلك "الصهباء"فهذه المرة الأولى بحياته يظل شاردا بفتاة لا تربطه بها أي صلة، ولكن قلبه الآن هو الذي يقوده بعدما أصبحت شاغله الشاغل تلك "الجنية الصهباء" فقد أتت إليه من عدم، بعدما فقد الثقة بكل من حوله وأصبح باغضًا للزواج بعد تحكمات والدته القاسية وسيطرتها على شخصيته وعلي النفس الذي يتنفسه، الآن تمرد عليها وفاز تمرده هذه المرة أمام سطوة والدته.

تنهد بضيق ثم عاد يهتم بعمله لكي يبعد عن التخبط الذي يشعر به الآن .


أما عن زكريا فظل منكب على ماكينة الحياكة لكي ينهي الثوب الذي أفسدته "لامار" بغيرتها الحمقاء

ضحك باعلى طبقات صوته ثم حدث نفسه قائلا:

-تظنني ساذج وأصدق أفعالها الحمقاء ولا تعلم باننِ أفهمها وافهم كل أساليب التلاعب خاصتها ولكن من تظن نفسها، تستحق ما فعله "أمان"بها 

❈-❈-❈


في المساء دلفت حورية منزلها وهي تشعر بالقلق على ابنتها، فقد تأخرت اليوم بعملها،منما جعل القلق يتسرب لقلبها .

همت بخطواتها تدلف لغرفتها لكي  تبدل ثيابها ثم تذهب لتعد العشاء ريثما تعود أبنتها من العمل.

وبعدما انتهت حوريه من تبديل ثيابها غادرت غرفتها وهى تضع الهاتف المحمول اعلي أذنها تهاتف ابنتها لتعلم ما سبب كل هذا التأخير،واثناء دلوفها للمطبخ استمعت لرنين الهاتف يصدح من داخل غرفة صغيرتها، اتسعت عيناها بدهشه ثم أغلقت هاتفها ووضعته اعلي طاوله المطبخ وتوجهت الي حيث الغرفه، فتحت الباب بهدوء لتزداد دهشتها عندما رأت صغيرتها متقوقعه على نفسها داخل فراشها، اقتربت بخطوات ملتهفه ثم جلست بجوارها اعلي الفراش وهزتها برفق وهي تنادي باسمها

-وتين .. وتين  ما بكِ يا حلوتي؟

فتحت عيناها الحزينتين ثم ارتمت بأحضان والدتها الدافئة وهي تهتف بحزن:

-سوف اترك العمل، يكفي ما تعرضت إليه اليوم.

مسدت على ظهر ابنتها برفق ثم ابعدتها قليلا عن أحضانها ونظرت لمقلتيها الحمراء التي اصطبغت بلون الدماء وقالت بتساؤل:

-لما هذا القرار المفاجئ؟ لقد كنتِ سعيدة بعملك ولذلك شجعتك لآراء سعادتك، إذا ما الأمر الطارئ الذي حدث معكِ؟


نظرت لعيناها بقوة ورفعت أناملها لتمحي دموع ابنتها وهي تقول:

-وعدتيني من قبل أن تظلي قوية، ولن تستلمي للضعف، إذا حدث لكِ بعض المضايقات فهذا لا يستدعي بأن تتركي عملك وتتخلي عن حلمك وهدفك الذي وضعتيه أمام اعينك منذ أول يوم عمل لكِ، لا اريد أن أعلم سبب غضبك الآن ولكن لن أسمح لكِ بالاستسلام ثانيا وأن تتقوقعي على نفسك داخل غرفتك، ابنتي قوية وستظل قوية مهما عصفت بها الرياح فهمتي.

ثم جذبتها لداخل أحضانها وهي تهمس بحنان:

-مهما حدث لكِ ستجدين أحضان والدتك بانتظارك تشكي حزنك كيفما شئتي ولكن لا تسمحي للحزن أن يسرق فرحتك؛ هيا أنهضي وتحممي لتزيلي الحزن من على جسدك وسوف أنتظرك لنتناول العشاء ثم نخرج في نزهة على النيل ونأكل الذره المشوي.

تركت لها الغرفة وتوجهت إلي المطبخ وهي تتنهد بضيق، تشعر بالاختناق كلما رأت الدموع تسكن عينين ابنتها الغاليو

أما عن"وتين "نهضت من فراشها ثم توجهت إلى المرحاض لتنعش جسدها وتبدل ثيابها لعلها تزيل عنها الحزن وتنسي ما حدث لها قبل ساعات..



                 الفصل الثامن من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا



تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close