رواية إعلان ممول الفصل السابع 7 بقلم رحمة نبيل & فاطمة طه سلطان

         


رواية إعلان ممول

الفصل السابع 7

بقلم رحمة نبيل & فاطمة طه سلطان



صلو على نبي الرحمة.


بعتذر للتأخير بسبب ظروف عندي أنا وفاطمة فتأخرنا في مراجعة الفصل .


قراءة ممتعة 

____________


- مراته؟؟؟؟؟


أومأت لها جيهان متعجبة وقفة الاثنتين المتحفزة  تحديدًا أمنية وكأنها على وشك خوض حرب عاتية :


_ فيه أيه أنتِ وهي واقفين على الباب كده ليه ؟! ما تدخلوا جوا، ما تدخلي يا أمنية يا حبيبتي.


توترت أفكار وهي تلعن لسانها فهي تعلم، تعلم أن نهايتها ستكون بسبب لسانها الذي لا تتحكم به ابدًا، ماذا كان سيحدث لو أنها بكل بساطة فتحت الباب لتلك الفتاة وتركتها لجيهان ورحلت لمنزلها ؟؟ على الأقل كانت تجنبت تلك الورطة..


وأمنية جوارها كانت طاحونة تدور داخل رأسها، تجمع حطب غضبها لتشعل بركانًا في صدرها لن يجد غير حامد ليثور في وجهه..


أبتسمت أفكار بتوتر وهي تحاول أن تجد كلمات تسعفها في تلك الحالة :


_ أصل هي كانت جاية تسأل على الأستاذ  حامد وأنا قولتلها يعني أنه مش هنا..


وافقتها جيهان وهي التي ظنت أن ولدها قد عاد لمنزله بعد تلك المعركة الحامية بينه وبين طليقته، ولكنها امتنعت عن التفسير ولا تعلم أن أفكار أخبرتها بكل شيء بسرعة رهيبة:


_ أيوة صح يابنتي هو مجاش انهاردة غير الصبح وبعدين مشي.


كانت بسمة أمنية تنذر بقرب عواصف ستزيل راحة حامد المزعومة بزواجه الجديد، هزت رأسها ببطء وقالت :


_ وبعدين راح فين ؟؟


صمتت جيهان لا تدري ما تريده من وراء ذلك السؤال، لكن أمنية لم تنتظر منها سؤالًا لتوضح وقالت :


_ راح عند طليقته مش كده ؟؟ أيه مش قادر يستحمل بعدها وراح عندها يبوس الأيادي ؟؟


ضربت جيهان صدرها باعتراض على تلك النبرة وذلك الحديث فهي لا تدري من أخبرها بالأمر :


_ أنتِ بتقولي أيه  يابنتي بس ؟؟ مين اللي جاب سيرة طليقته كل واحد راح لحاله.


أشارت أمنية بغضب صوب افكار التي لم تكد تهرب حتى سمعت صرخة السيدة بها :


_ البنت دي اللي قالتلي، بقى أنا ابنك اللي قعد يبوس الأيادي ويحفى عشان اوافق عليه، يروح لمراته عشان يصالحها ؟!


ابتلعت أفكار ريقها وهي تحاول التدخل لتحسن أكبر قدر ممكن مما فعلت :


_ لا أنتِ فهمتي غلط دول كانوا ماسكين في بعض وهيموتوا بعض أساسًا .


قالت جيهان بتريث وتعقل وهي تلعن أفكار بداخلها :


_ اهدي بس يابنتي الموضوع ميستاهلش ..


ثارت ثائرة أمنية وهي تصرخ بجنون :


_ ميستاهلش ؟؟ لما يروح لطليقته قدام الكل ويحاول يرجعها وهو سايب كلبة في بيته يبقى ميستاهلش !!


استغلت أفكار ذلك الصراخ الذي نشأ بين جيهان وأمنية وتحركت صوب الباب لتهرب منه، لكن ما كادت تخطو خارجه حتى قابلت داوود الذي قال بتعجب :


_ أيه الصوت العالي ؟؟ في أيه يا أفكار.


نظرت له أفكار وهي تكاد تبكي خوفًا من خسارة وظيفتها :


_ والله يا باشا ما اعرف هي اللي أول ما فتحت ليها الباب اتعصبت وانفجرت في الست جيجي، أنا مليش ذنب .


مسح داوود وجهه بعصبية وقد أدرك أن هناك كارثة أخرى حدثت في منزله من وراء رأس تلك المصيبة التي تسمى أفكار :


_ هو أنا يابنتي مفيش مصيبة إلا والاقيكِ فيها ؟؟ اتقي الله بقا.


_وأنا مالي يا بيه مليش ذنب معملتش حاجة.


نفخ وهو ينظر للمنزل الذي خرج منه اصوات الصراخات المتزايدة :


_ اما نشوف عملتي ايه المرة دي ؟؟؟.


_________________


تجلس في حيرة شديدة...

تستمع إلى حديث والدها ووالدتها، أحدهما يشجعها على شجارها معه وأن هذا هو ما يستحقه رجل فاسق مثله وكان هذا الشخص هو والدها، بينما والدتها حانقة ورافضة لكل ما يحدث أما هي لا تتفوه بشيء فقط تأخذ وضعية المشاهد.


صاحت والدتها في ضيقٍ شديد:


_أنا مش عاجبني كل اللي أنتم بتعملوه ده، أصلا هي ملحقتش تقعد مع نفسها وتفكر بعد طلاقها، وبعدين دي واحده عندها بدل العيل تلاتة، رايح تجوزها بالسرعة دي جوازة لقدر الله تجيب الرابع منها وتقعد بيهم جنبك؟!.


أردف والد ألاء في انفعال تحت أنظار ألاء المتوترة والتي لا تعرف ما الذي حدث حقًا حتى أصبحت في منزل والدها وتطلقت من زوجها مازالت لا تدرك فكل شيء حدث بسرعة رهيبة لا تفهمها:


_أومال عايزة البت تقعد تبكي على الأطلال علشان ذكرى الباشا؟! ما يغور ما في داهية وبعدين العريس لُقطة مفيهوش عيب ده اللي مشافتش جواز تتمنى واحد زيه، يعني هو يروح يتجوز ويشوف حياته وبنتي أنا اللي هتقعد للنكد والهم ما تشوف حياتها هي كمان.


تمتمت والدتها في عقلانية:


_مقولناش تقعد على ذكرى حد بس أحنا في مجتمع لو الراجل أتجوز عشرين مرة محدش بيقوله أنتَ من جماعة مين، لكن الست لا، وهي لسه نازلة الشغل يعني تشوف حياتها ودنيتها الأول وبعدين تفكر في الجواز ده الكلام اللي العقل بيقوله.


ثم أردفت في نبرة ذات مغذى وهي توجه حديثها إلى ابنتها:


_وبعدين بنتك لو عايزة تتجوز ولا بتحب الجواز أوي كانت حافظت على جوزها وشافت طلباته مكنتش تعيش ليه دور الأم وبس كان لازم تكون له زوجة، أبو ولادها كان أولى من أنها تفكر تتجوز غيره.


رد عليها زوجها في سخرية:


_نقطينا بسكاتك أنتِ بس وأنا عارف أنا بعمل أيه، عياله هو يشربهم، لما اديته بنتي كنت مديهاله لوحدها ورجعتلي لوحدها وأجوزها مجوزهاش محدش له فيه.


سألتها والدتها في غضب شديد:


_هو أنتِ عايزة تتجوزي يا ألاء؟!.


أرتبكت ألاء بسبب نظرات والدها الثاقبة لها وغمغمت في تردد على الرغم مما فعله معها حامد إلا أنها لا تجد نفسها تصلح زوجة لرجل غيره حتى الآن:


_يعني أنا شايفة إني أخد وقت أفكر أحسن بعدين أقول رأيي.


تحدث والدها في تشنج وهو يوجه أنظاره إلى والدتها في لوم:


_البت هترفع ضغطي، وهتسمع كلامك، الفرصة دي لو ضيعتها من ايدها مش هتلاقي زيها تاني، الراجل شاريكي.


عقبت ألاء في خفوت وتوتر:


_أيوة بس أنا من حقي أفكر علشان ولا أظلمه ولا أظلم نفسي في تجربة تانية، يعني ممكن يسيبني فترة أفكر أحسن علشان ماخدش قرار أندم عليه.


صاح والدها في انفعال شديد وغضب جامح:


_براحتك يا ألاء أسمعي كلام أمك لغايت ما الراجل يطفش ووريني بقا الفرصة دي هتجيلك تاني ازاي.


أردفت زوجته معقبة على حديثه في صوت مرتفع مما جعل ألاء تعلم بأن الشجار لن ينتهي تلك الليلة على الأغلب:


-متضغطش على البنت وسيبها تفكر براحتها.


__________


كان مستلقي على الأريكة بتعب شديد وقد سقط في النوم دون شعور، فبعد ساعات طويلة لمحاولة إخماد غضب زوجة أخيه استطاع اخيرًا أن يفعل ويعيدها لمنزلها مع نظرات توعد من جهتها لأخيه، ومن بين كل تلك الأفكار ظهرت هي ...أفكار، تلك الكارثة التي أُلقيت أعلى رأسه لتحيل المتبقي من حياته لجحيم .


سقط داوود في نومة عميقة دون شعور وهو يتذكر كل ما مر به خلال الأيام السابقة، ولا يدري كيف اجتازه وهو ما يزال يحتفظ بعقله .


انتفض جسده فجأة على هزة خفيفة، حرك عيونه ليجد أنه غفى على الأريكة في منزله وصوت والدته تقول 


_ بسم الله عليك يا حبيبي، أنا بس جيت اصحيك عشان تتعشى بدل ما تنام على لحم بطنك يا عنيا ..


نظر لها بنعاس شديد يحاول أن يتغلب على كل المغريات للعودة إلى النوم وهو يقول :


_ أنا صحيت اهو يا حبيبتي، أنا فايق ..


وضعت جيهان صينية أمامه مليئة بالعديد من الأصناف تردف بسعادة :


_ طب كل يا حبيبي كل وقول رأيك، ده انا اللي عملاهم بأيديا


ابتسم داوود على تلك المزحة وهو يمسك الملعقة يسمي الله ثم تناول بالطعام ليستشعر طعمًا في غاية اللذة :


_ الأكل جميل اوي .


ابتسمت جيهان باتساع وفخر شديد ليفاجئها داوود بجملته التالية :


_ جبتيه منين ؟؟ 


نظرت له بعدم فهم :


_ يعني ايه جبته منين ؟! أنا اللي عملته .


ضحك داوود بصخب يشرب بعض المياه ثم قال :


_ لا والله بجد جبتيه منين ؟!


استاءت جيهان من كلماته تلك وتشكيكه في قدرتها قائلة :


_ على فكرة أنا ممكن اعمل أكل احسن من كده، بس أنا مش فاضية فخليت افكار هي اللي تعمل وانا اللي كنت بشرف عليها واقولها تعمل الاكل ازاي .


هز داوود رأسه يدعي الاقتناع :


_ أيوة امال ...لحظة، بتقولي افكار ؟؟


هزت والدته رأسها تمرر له قطعة دجاج :


_ أيوة افكار هي اللي بتطبخ لينا .


تشنجت ملامح داوود مرددًا بعدم فهم :


_ أنا بس عايز افهم هو أنتِ مشغلة البنت دي ايه هنا بالضبط! يعني شوية مربية، وشوية بتروق البيت، وشوية تعمل الاكل، ناقص ايه مشغلتيهاش فيه..


وضعت جيهان يديها على صدرها باعتراض وادعاء مسكنة :


_ أنتَ بتقول أيه بس يابني ؟؟ هو أنت بتتكلم كأني بعذبها ليه، طب ده هي اللي دايما بتتحايل عليا أنها تساعدني وانا برفض، لكنها بتصر وبتزعل مني فأنا مش بحب ازعل حد مني أنت عارف .


هز رأسه وهو يبتسم بسمة جانبية :


_ عليا يا جيجي، ده انا عارفك، والله تلاقيكِ بتضحكي على البنت المسكـ ...على البنت القادرة دي .


زفرت جيهان بغضب وحنق شديد وهي تنهض :


_ أنت هتعمل تحقيق عليا، أنا هقوم اجبلك عصير.


ضحك عليها بصوت عال وهي تسير صوب المطبخ تتمتم بغضب وصوت مرتفع عن كم هو ولد قليل التربية وناكر للجميل وعدو للنجاح وآكل لمال اليتيم..


_ طب والله أكلها حلو اللي اسمها افكار دي ...


_____________


أقتربت من المنزل بتعب شديد، لا تدري أمن عمل اليوم أم مما تكبدته من عناء أثناء مشاجرات اليوم؟! حسنًا على أية حال هي عليها أن تتعلم فقط أن تتحكم في كلماتها أو على الأقل تقوم بالعد حتى المليون قبل التحدث، فإما أن تدرس كلماتها قبل النطق بها، وإما يمل منها الواقف أمامها ويغادر ولا يكلفها عناء تبرير سخافة حديثها .


وقفت أفكار أمام باب المنزل تبحث عن مفتاحه في الحقيبة، لكن فجأة سمعت صوتًا ليس بالغريب عليها، لكنه أيضًا أصبح غير مألوفًا لمسامعها في الفترة الأخيرة.


اقتربت بأذنها من الباب ترهف السمع لذلك الصوت الذي كان يتحدث مع والدتها ..


_ والله وأنتِ وحشتيني أوي يا أمي، بس اعمل ايه الشغل والبيت اخدوا وقتي كله .


سمعت أفكار صوت والدتها تجيب على شقيقها الأكبر وهي تربت على ظهره بحنان :


_ يا حبيبي ربنا يعينك، كفاية أنك بتسأل عليا، أنا أساسا مليش غيرك يسأل عليا وكلهم راميني كده، اللهي تكسب وتربح يا بني ويرزقك يارب بالخير، مليش غيرك في الدنيا دي .


فتحت أفكار عيونها بصدمة تفتح الباب على حين غرة لينتفض الاثنان بالداخل ويتحدث شقيقها بغضب مشحون :


_ ايه يا زفتة مش تخبطي الباب ؟!


رفعت أفكار حاجبها بحنق وهي تقول :


_ اخبط باب ايه ؟! ده بيتي .


كانت تتحدث وهي تنظر لوالدتها تنتظر أن تدافع عنها ضد ذلك المتطفل الذي يُسمى _ ظلمًا _ أخيها، وكذلك فعلت والدتها حين هبت للدفاع، لكن ليس عنها بل عن ابنها وهي تقول :


_ سيبها يا حبيبي، سيبها دي واحدة شلق أساسا وبتاعة مشاكل ولسانها اطول منها، مش كفاية سيباني طول اليوم في البيت لوحدي، لا وجاية تبجح في الوحيد اللي بيقعد معايا وبيسأل عليا فيكم .


اتسعت أعين أفكار بصدمة وهي تشير لشقيقها :


_ الوحيد اللي بيقعد معاكِ ايه يا حاجة ؟؟ ده أنتِ آخر مرة شوفتيه فيها كان لسه بشعره.


تحسس شقيقها رأسه الخالي من الشعر وهو يقول باعتراض :


_ أيوة ..أنا .. أنا باجي ازورها على طول بس أنتِ مش بتبقي هنا، صح يا أمي ؟؟


ربتت عليه سكر بحب كبير :


_ صح يا قلب أمك وهو أنا ليا غيرك يا ابني، ده كفاية دخلتك عليا كل يوم شايل أكل قد كده وجايبلي اللي نفسي فيه .


كانت تتحدث سكر بحب وهي تشير للطعام الموضوع أمامها والذي لم تتناول لقيمة واحدة منه حتى، بل إن خليل هو من أنهاه بالكامل وحده.


تشنجت ملامح أفكار وهي تشير صوب خليل الذي دفع بكامل الطعام لفمه حينما أبصر قدومها :


_ أكل ايه يا حاجة ؟؟ ده طفحه كله على بؤق واحد .


استاءت سكر من كلماتها التي تسببت في إزعاج ابنها، لتهب قائلة :


_ جرا ايه يا بنتي هتبصي لاخوكِ في اللقمة ؟! مش كفاية مكدرة عليا عيشتي وحرماني من اللي نفسي فيه ؟!


أشارت أفكار على نفسها بصدمة :


_ أنا ؟! أنا حرماكِ ؟! وهو اللي مدلعك يعني ؟! يا امي يا حبيبتي ده نسي أنك عايشة أساسا ..


نظر لها شقيقها مستنكرًا تلك الكلمات التي تتهمه ذاك الاتهام البشع، يبتلع الطعام في فمه ليكون قادرًا عن الدفاع عن نفسه :


_ سامعة يا امي، سامعة بنتك ؟! بتحاول توقع بينا .


نظرت لها سكر كالقطة التي تهب للدفاع عن أولادها لتستشعر أفكار بالغيظ الشديد :


_ يا أمي أنتِ هتصدقيه وتقفي معاه !! ده أنا أفكار حبيبتك اللي بعملك كل اللي بتحبيه وبشتغل عشان اشتريلك أي حاجة عايزاها .


_ والراديو ؟! جبتيلي راديو ؟؟ 


ضربت افكار كف بالآخر حانقة من ذلك الأمر الذي تعود له كلما اشتد الحوار بينهما :


_ يا امي هو احنا كل ما نتكلم كلمة لازم ندخل الراديو بينا ؟! وبعدين أنا جيبته هو أنتِ نسيتي ولا أيه في يومنا ده؟!..


زفرت ثم نظرت لشقيقها وقالت :


_ طالما هو حبيب قلبك كده مجابش ليكِ الراديو ليه؟!


نظر لها شقيقها وقال رافعًا إصبعه في الهواء :


_ بعونك يارب اخلص بس الشغلانة اللي داخلها واجبلك اجدعها راديو يا حاجة وأحدث من اللي جابته ليكي كمان.


نظر لوالدته وقال بصوت منخفض متوسل :


_ بس أنتِ يا حاجة هاتي اللي اتفقنا عليه عشان اخلص الشغلانة.


وسريعًا بدأت سكر تخلع الاساور الذهبية التي تزين يدها لتعطيها لابنها الذي التمعت عينه بالسعادة الكبيرة، وأفكار نظرت لهما بصدمة تنقض على والدتها وهي تمنعها من خلع اسورة واحدة :


_ أنتِ بتعملي ايه يا اما ؟؟ هتديله الدهب بتاعك ؟؟


نظرت لها والدتها بعدم فهم :


_ وفيها ايه ؟! مش ضنايا واسنده في زنقته ؟!


_ وأنا في زنقتي مسندتنيش ليه ؟؟ ده أنتِ كنتِ فضحاني في الحارة عشان الراديو حتى بعد ما جبته  وكنت مش عارفة اكمل جهازي يا حاجة ولا عبرتيني، جاية دلوقتي تقلعي الدهب وأنتِ مبتسمة وبنفس راضية عشان جابلك ربع فرخة وبجنيه مخلل وهو اللي أكلهم في الآخر ؟! 


هب شقيقها سريعًا يحاول أن يدافع عن نفسه كي لا يخسر صف والدته وأيضًا ذهبها :


_ أنتِ بتقولي ايه؟! بتتكلمي كأني واحد غريب، دي امي.


وقفت أفكار أمامه تتحداه :


_ دلوقتي افتكرت أنها أمك ؟؟ أمال مين اللي بيرميها بالسنين مش بيفكر حتى يسأل عليها ؟! ولا هو وقت المصلحة تفتكر أن ليك أم وأخت ؟؟


نظر لها شقيقها بتوتر وهو يحاول انتقاء كلماته، لكن أفكار قاطعت أي محاولة عليه وهي تقول بجدية مشيرة لباب المنزل :


_ حابب تقعد هنا عشان تطمن على أمك، فده بيتك ومطرحك، لكن تقعد هنا عشان مصلحتك وتقلب أمك في آخر كام حتة دهب معاها يبقى اسفين تقدر تمشي .


رمقها بشر :


_ يعني ايه يا أفكار ؟!


_ يعني اللي سمعته، زق عجلك وروح شوف مراتك قبل ما تشم خبر أنك جيت عند امك واشتريت ليها أكل عشان تأكله أنت.


ابتلع شقيقها ريقه قبل أن ينظر إلى والدته التي كانت تنتظر منه أي كلمة، لكنه فقط هز رأسه وتحرك ببساطة خارج المنزل وهو يستأذن منهم .


بينما أفكار ظلت ترمقه بلا كلمة حتى عبر الباب ورحل، أستدارت أفكار لوالدتها كي تتحدث بكلمة تراضيها بها، لكن سمعت فجأة صوت والدتها تقول:


_ شوفي الواد القليل الأصل جاي يقعد معايا وعايز يبيعني البيت وقال ايه عايز يضحك عليا بفراخ مشوية، والله انا ما ليا غيرك يا أفكار يا بنتي .


نظرت لها أفكار بصدمة لتبتسم سكر وهي تقول :


_ ما تقومي كده تعملي لينا لقمتين لأحسن على لحم بطني من الصبح ..


_____________


تجلس في المنزل..

منتظرة إتيانه، على وشك أن تصاب بالجنون، كلمات تلك الفتاة التي جعلتها مشتعلة بحق تريد أن ترتكب جناية، نيران بداخلها، لم تكف عن تدليله بكافة الطُرق والوسائل لم تترك شيء إلا وفعلته حتى تجعله يشعر بالفرق بينها وبين زوجته، كانت له أمراة وأنثى يحتاجها ويحتاج وصلها وروحها واهتمامها به..


ليست أم تشكو طوال الوقت، كانت تسمع أحاديثه باهتمام بالغ حتى وإن كانت لا تهمها في أي شيء، برعت في تدليله وبعد كل ما فعلته له يفكر بزوجته السابقة؟!.


أفكار جعلت بداخلها نيران لن يقدر أحد على إطفائها وما يغضبها أنه لا يجيب على مكالمتها بل أختفى تمامًا عن الأجواء متأثر جدًا على الأغلب سخرت من نفسها ومن حظها، ما ينقصها حتى يشعرها بهذا الشعور المؤلم؟!!  يريد جعلها تشعر بأنها لا تكفيه.


جالسة على الأريكة تترقب بين الثانية والأخرى ولوجه إلى المنزل...


وها قد أتت اللحظة التي دخل فيها المنزل بوجه جامد جدًا كان يحاول إطفاء بركان غضبه تلك الساعات التي قضاها بمفرده ولكنها لم تكن كافية لتهدأ لهيب قلبه، كيف لها بأن تفكر في الزواج من رجل غيره، بينما لم تكن زوجة له كما يحب كيف لها بأن تكن زوجة لرجل أخر؟! هذا السؤال كان يفقده عقله طوال اليوم كلما يعيد تكراره داخل عقله يغضب بشكل أكبر.


وجدها جالسة على الأريكة كمن يستعد إلى المعركة، غمغمت أمنية في نبرة ساخرة:


_أهلا يا حامد بيه، مبتردش على تليفونك ليه، وكنت فين طول اليوم؟!.


لم يركز في طريقتها بل ظن بأنها تتحدث بطريقة عادية فقال أول كذبة أستطاع عقله أن يخلقها:


_أبدًا الموبايل نسيته في المعرض وكنت عند ماما كان عندها دور برد.


كان يعلم بأن علاقة أمنية ليست قوية بعائلته ولا تتحدث مع والدته يوميًا بالتأكيد لا تعرف حالتها وستصدق كذبته...


أردفت أمنية متصنعة القلق:


_ياه ألف سلامة على طنط، كنت جيت أخدتني وروحتلها عملت الواجب برضو دي في مقام والدتي.


قال حامد بهدوء وهو يخلع ساعة يده ويضعها على الطاولة:


_لا متتعبيش نفسك كانت حاجة بسيطة الحمدلله.


صرخت أمنية وهي تنهض ثم وققت أمامه:


_أنتَ كداب يا حامد.


_أيه؟!.


تحدثت في انفعال شديد للمرة الثانية تؤكد حديثها:


_زي ما سمعت أنتَ كداب يا حامد وطنط مش تعبانة ولا حاجة أنا روحت بنفسي ليها لما لقيت جوزي مختفي ولا بيرد عليا، ولا أعرف له طريق روحت لأمك وعرفت اللي حصل يا عيني حبيبة القلب هتتجوز فأنتَ قلبك وجعك ومقدرتش تتحمل والنار قادت جواك.


ماذا فعلت والدته؟! هل كان يجب أن تخبرها ما حدث بالتفصيل؟! أين عقلها؟!!


أردفت حامد في توتر:


_أنتِ فاهمة الموضوع غلط يا أمنية.


صرخت أمنية في هياج:


_لا أنا فاهمة الموضوع صح أوي يا حامد، مدام لسه بتحب السنيورة مكنتش اتجوزتني، ده أنا قدت صوابعي العشرة شمع علشانك وعلشان أرضيك وعلشان أعرفك الفرق بين اللي بتحبك وبين اللي أنتَ مش فارق معاها.


أسترسلت حديثها في ثوران رهيب لا يقدر أن يسيطر عليه:


_ده أنتَ اتحايلت عليا وعلى بابا علشان أوافق أرتبط بيك مش أنا اللي جريت وراك ولا خربت بيتك، أنا معملتش حاجة حرام.


كان حديث أفكار يرن في أذنها وكأنها كانت تتهمها ولمست ضميرها بشكل ألمها لذلك كانت تحاول أن تثبت العكس أمام نفسها وأمامه.


اندهش حامد من طريقتها الغريبة مما جعله يتفوه:


_أنتِ جيبتي الكلام ده منين؟!.


_جيبته مكان ما جيبته، لو عايز ترجع لمراتك يا حبيبي ارجعلها أنا مش حاشياك لو عايز تكون زيك زي أي كرسي في البيت مع واحده مش مقدراك ولا معتبراك راجل في حياتها..


صرخ حامد بها تلك المرة في غضب مقاطعًا حديثها:


_أمنية أحترمي نفسك...


قاطعته أمنية في تهكم:


_دي الحقيقة معلش أصلها بتوجع، قبل ما تقل من نفسك وتقل من الست اللي بقت على ذمتك كنت أفتكرت الكلام ده من قبل ما أقوله..


هتف حامد وهو يكز على أسنانه في غضب شديد:


_يعني أنتِ مش هتجبيها لبر ولا هتلمي لسانك في أم الليلة دي؟!.


_لا.


أردف حامد وهو يلتقط ميدالية مفاتيحه التي وضعها بجانب ساعة يده على الطاولة:


_هسيبلك البيت تكملي خناق مع نفسك، علشان شكلك محتاجة تقعدي مع نفسك يمكن تعقلي وتعرفي أنتِ بتقولي ايه.


صاحت أمنية في غضب:


_يعني أنتَ بتهددني كده؟!! أنا عاقله يا حبيبي وعارفة بقول أيه لكن لو أنتَ بتتلكك فالباب يفوت ألف جمل.


رحل وأغلق الباب خلفه في عنف شديد جعلها تصرخ في انهيار:


_بالسلامة يا حامد، بالسلامة.


غادر المنزل وبعد وقت من قيادة السيارة بلا هدف ذهب إلى منزل العائلة ليفتح الباب ناسيًا أن يغلقه خلفه بسبب افكاره المزدحمة وكان الجميع خلد إلى النوم على الأغلب فتوجه صوب غرفة ابنائه مقررًا النوم بجوارهم....


_____________________


في الصباح الباكر..


ولجت أفكار إلى المنزل من البوابة الكبيرة،  فهي كل يوم تأتي في الصباح الباكر في تمام السادسة لتقوم بعمل الصناديق البلاستيكة الخاصة بالأولاد تضع لهما الطعام فيهم وتجعلهم يستيقظوا للذهاب إلى المدرسة وتساعدهم في إرتداء ملابسهم، بعد سيرها لبضعة خطوات وصلت إلى باب الشقة وقبل أن تصل إلى الباب، وضعت يدها في حقيبتها لتخرج النسخة التي قامت جيهان بإعطائها أياها حتى عندما تأتي في الصباح الباكر لا تقوم بإزعاجها، وتجعل الأولاد تستيقظ وتقوم بتوصيلهم إلى الأتوبيس الخاص بالمدرسة..


أخرجته وما أن اقتربت من الباب وجدته غير مُغلق، فشعرت بالشك لوهله، تلك المرة الأولى التي تأتي بها وترى الباب مفتوحًا، ولجت إلى الداخل بهدوء شديد وخطوات بطيئة جدًا لمحت خيال رجل يرتدي زي مخطط ويتحرك في الرواق في وسط الظلام يحمل سكين أستطاعت أن تلمحها ويدخل غرفة الأطفال،  سارت بخطوات بطيئة جدًا وطلت برأسها لتنظر إلى داخل الغرفة بقلق شديد وذعر وجدته يفتح باب الخزانة، هنا لم تتحمل وأخذت تتسائل هل هو قاتل، أم سارق؟!.


الجريمة كاملة حقًا هي كاملة كما تشاهدها في المسلسلات ولو صرخت من الممكن أن يقوم بقتلها ويهرب لذا يجب عليها أن تفكر في أسرع وقت ليس لديها متسع من الوقت، سارت في سرعة من أمرها ودخلت إلى غرفة داوود دون أن تطرق الباب فكانت تشعر بالخوف..


أقتربت من فراشه وضعت يدها على كتفها قائلة في نبرة خافتة:


_يا أستاذ داوود، يا داوود بيه أصحى، أصحى بسرعة.


فتح داوود عيناه بسبب نداء أنثوي ويد وضعت على كتفه فتحرك بذعر في الفراش وقال في صوت ناعس:


_أنتِ مين؟!


لم تفتح أفكار المصباح لذلك لم يكن يراها..


تحدثت أفكار في سخرية:


_أنتَ لسه هتتعرف عليا!! ألحق في حرامي ماسك سكينة في أوضة  عيال أخوك جيت لقيت باب الشقة مفتوح حاولت ملفتش الأنظار قوم نلحقه قبل ما يعمل حاجة...


ثم أخذت تمارس هوايتها المفضلة وهي الندب:


-بسرعة يالهوي عليا، يا مصيبتك يا حاجة جيجي على أحفادك اللي هيروحوا في شربة مياة.


بعد كلماتها تلك لم يجد أي تعقيب مناسب يقوله، لم يفعل شيء سوى أنه نهض بذعر شديد حتى أنه كان على وشك أن يتعثر في الغطاء الذي بات أرضًا، وركض ناحية غرفة الأطفال وهي خلفه...


وجد شخص يقف ويعبث في الأغراض المتواجدة في الخزانة، هجم داوود على شقيقه، وهو يغلق باب الخزانة عليه تحت صراخات حامد ويلكمه في جسده بكل أوتي من قوة وما تصل يده له  سواء في وجهه أو جسده وبسبب الصدمة والاختناق الذي شعر به حامد لم يستطيع أن يتحدث، أتت أفكار من الخارج وهي تضغط على زر المصباح تحمل في يدها حذاء منزلي، كانت تضربه بالجزء الظاهر من جسده بينما داوود يغلق عليه الباب بقدر المستطاع يخنقه بالفعل..


قالت أفكار وهي تضربه بالحذاء بالجزء الذي يظهر من جسده:


_أديله يا داوود بيه، محدش بقا عنده ضمير، حسبي الله ونعم الوكيل فيك وفي أمثالك


يصرخ حامد...

ولا أحد يهتم لأمره..

أستيقظ علي الذي رأي والده ليلة أمس فلم يكن قد ذهب في نوم عميق وشعر بإتيانه على قال بنعاس:


_أنتم بتعملوا أيه؟!.


أردفت أفكار بهدوء وابتسامة استطاعت رسمها:


_متاخدش في بالك يا حبيبي أنتَ روح عند ستك في اوضتها صحيها بسرعة


أستجاب الولد لأمرها ونهض من فوق الفراش وما أن كان على وشك مغادرة الغرفة نظر ناحية الخزانة ليجدهم محتجزين والده، عرفه من ملابسه.. 


فقال الولد وهو يصرخ:


_أنتم بتعملوا في بابا أيه؟!


أصابتهم الصاعقة..

وهما يرددا في نفس واحد وأرتخت قبضتهم وجسدهم الذي كانوا يحتجزوا به باب الخزانة:


-بابا!!!.


بمجرد أن سمع حامد الحوار الدائر بينهما وحديث ابنه وشعر بارتخاء إيديهم دفعهما ليسقطا الأثنان أرضًا، ثم ..........


الفصل الثامن من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا 

تعليقات



<>