أخر الاخبار

رواية حكاية زهرة الفصل السابع عشر17 بقلم حكاوي مسائية



رواية حكاية زهرة الفصل السابع عشر17 بقلم حكاوي مسائية
دخل غرفته ،لا يريد أن يرى أو يكلم أحدا، لا طاقة له على التجلد، هو أضعف من أن يحبس دموعه ،يريد أن يبكي حتى لا ينسى ولا يسامح ،يريد أن يقسو، أن يتغير ،أن ينساها .
نظر الى المرآة المكسورة ،على كل شظية يظهر منه جزء ،هكذا هو الآن اجزاء رجل .
صاح وهو يرميها بزجاجة العطر .
-يجب أن انسى ،يجب أن أمحو زهرة من حياتي .بسببك زهرة سأكره الزهور ،بسببك سأكره النساء .
وقع على ركبتيه ،يضرب صدره
-بسببك زهرة سأكره نفسي .
ماعادت تستطيع أن تصبر على حزنه وانكساره. تستشف دموعه بين كلماته. فدخلت اليه تضمه إليها .
-الصبر أخي ،الصبر .
-قتلتني غيثة ،قتلتني .
-وهي مقتولة قبلك وبعدك ،انتما معا ضحية ،هي أيضا ما عادت زهرة  ،تذبل يوما عن يوم ،لا أريد أن افقدكما أخي ،كلمها ،اسمع منها ،دعها تحكي لك ،لقد كلمتها هي ليست كما تظن أخي .
-لو كذّبت ما سمعت فهل أكذب حملها ؟
-سألتها وقالت أنه ذكرى ليلة سوداء ،لابد أنها اغتصبت تلك الليلة ،الحزن والذل بعينيها ليسا لامرأة وهبت نفسها بإرادتها.
-لا ،لم تغتصب ،هو يذكرها بليلة وفاة أخيها .
-فكر أخي ،فكر ،إذا كانت لم تعرف بالحمل إلا بعد الزواج ،لو كان من حبيبها لماذا ستذكر الليلة ربما قضت معه ليالي، قالت لي ليته كان ثمرة حب ،فكر أخي ،انت تقسو على نفسك وتقسو عليها .
زهرة ضعيفة ،ولكنها تضع درع القوة لتجابه حياة تُركت لتقاسي منها دون سند او مال .تعودت ألا تظهر ضعفها ،ولا حزنها ،تتظاهر بالقسوة وهي  ألطف من نسمة الربيع .
نظرت إليه 
-فكر أخي، كلمها قبل فوات الأوان.
اخرجته من حضنها ،وقفت تمد يدها له ليقف ،جلس على طرف الفراش يمسك رأسه الذي يكاد ينشق من الصداع.
-استرح سعد ،حاول أن تنام لتريح دماغك وتفكر بروية .
كان قرب الباب يصغي إليها. 
-أسفي عليك بني،(ابتسم)كبرت يا غيثة ورثت حنان أمك ورجاحة عقلها ،ليتك تسمع كلام اختك يا ولدي ،ليتك تفعل. 
خرجت من غرفتها ،كلمت محسن 
-السلام عليكم ...كيف العمل عندك ؟....جيد ...هل تستطيع أن تباشر وحدك ؟..سأسافر لبعض الوقت ،بالتوفيق اخي ،الى اللقاء.
ذهبت لى المطعم ،وقبل أن تدخل المطبخ دخلت الى المدير .
-ألم تجد طاهيا بعد؟
-تقدم عدة مرشحين ،ولكنني متردد .
-اختر افضلهم ،وسابقى معه أسبوعا كاملا ،وانت نبهه الى كفاءة يونس ،رغم أنني مقتنعة انه سيكون في مستوى المطعم ،ولكنك لم تقتنع به بعد .
-وبعد الأسبوع؟
-سأرحل ،فكر فيما قلته لك.
وقفت تؤدي عملها كالآلة ،ذهب الشغف،وأين سيكون وقد ماتت النفس بعد أن تواصلت الطعنات على القلب ،نظر إليها يونس ،تعمل دون تلك الابتسامة التي لم تفارقها يوما.
حمل عنها معظم العمل،صامتا، احتراما لحزنها الجليّ.
اخذ زميله هاتفه وأنطلق صوت ام كلثوم :
كم تضاحكت عندما كنت ابكي 
وتمنيت أن يطول عذابي
كم حسبت الايام غير غوالي
وهي عمري وصبوتي وشبابي.
كفت عما كانت تفعل ،وسكنت يدها على طاولة العمل.
نظر يونس الى زميله .
-أسكِت هذا يا صاحبي ،وانتبه لعملك.
-لا لا اتركه ،هاته هنا قربي .
اصاخت السمع وقد علت شفتيها ابتسامة ساخرة
كم ظننت الأنين بين ضلوعي 
رجع لحن من الأغاني العذاب
وانا أحتسي مدامع قلبي 
حين لم تلقني لتسأل مابي.
لاتقل أين ليالينا وقد كانت عتابا 
لا تسل عن أمانينا 
وقد كانت سرابا.
التفتت تبحث عن كرسي ،ماعادت تستطيع الوقوف أكثر ،قرب لها يونس كرسيا من خشب ،ضحكت ،ضحكت كثيرا ،والدموع تتسارع على وجنتيها .
عجبا ،هو وصف لعذاب تلقته على يدي رجلين ،اهم رجلين بحياتها ،الأول سعد بعذابها بعيدا عنه ،عاش حياته كأنه لم ينجبها  بل تمنى لو أنها لم تعد وبقيت في العذاب الذي اختاره لها ولأمها.
والثاني،لم يكلف نفسه البحث عن الحقيقة ،حامل بدون زواج إذن فقد زنت ،قدمت جسدها هدية لحبيب ملك قلبها ،اختار التفسير الذي يحرره من وعد ،من ذكرى حب مضى ورحل .لم يتنازل ليسألها.حكم وقرر واراح نفسه وقلبه .
يبقى أن تريح نفسها ،أن تقوم هي بالخطوة التالية .
-اختي زهرة ،يمكنك أن تذهبي ،كل شيء جاهز الآن ويمكننا أن تكمل الباقي .
مسحت دموعها .
-لا يونس ،العمل هو سلواي الوحيدة ،قل لي لمن هذه الأغنية ؟
-أم كلثوم ،ألم تسمعيها من قبل ؟
-لا ،ولكنني سأسمع لها كثيرا بعد اليوم .
كل يوم سنسمعها معا ،وعليكما اختيار الأغاني طيلة هذا الأسبوع .
ابتسما لها ،حزينين على هذه الجميلة التي يبدو ان حياتها لم تكن احسن من حياتهما. 
انتهى الاسبوع ،وقررت السفر مع احمد وإيزا 
-وتتركين تجهيز المطعم ؟
-لا ماما ،سأعود لأجله ،إنما أريد منك بعض المال ،سأحتاجه هناك .
-لم آخذ ثمن الفيلا كله من أحمد ،سأقول له أن يعطيك الباقي بالجنيه ،و احول لك ماتحتاجينه من نصيبك بالشركة .
-أشكرك ماما .
كانت،تغمض عينيها ،تجلس بالمقعد المقابل لأحمد ،بجوار إيزا ،تضع سماعات بأذنيها،من حركة يديها يظهر أنها تستمع للموسيقى. 
-الى ماذا تسمعين زهرة ؟
سأل احمد .ولكنها لم تجب ،فربتت إيزا على كتفها لتفتح عينيها .
-سألتك ،الى ماذا تنصتين؟
نزعت السماعة من الهاتف ليسمع صوت أم كلثوم 
-أم كلثوم !!!!
قال بدهشة .
اغلقت الهاتف
-نعم ،كلما سمعت لها أغنية اجدها احسن من سابقاتها.
-هههههه،ومتى عرفت ان بالعالم مغنية باسم أم كلثوم ،وانت لم تسمعي اغاني عربية أبدا.
-كنت بالعمل بالمطعم حين سمعتها تغني لأجل عينيك ،اعجبتني الكلمات ومست شيئا بقلبي.
-وأي اغنية تسمعين الآن ؟
-هجرتك .
نظر الى إيزا ،عادت تغمض عينيها ،تهرب من نظرة الأسى والحزن بعينيهما. 
نعم ،اختارت البعد ،اختارت آخر الدواء:الكي.
في المطار بعد ساعات ،قبلت وجنة إيزا 
-الى اللقاء زوزو ،ألقاك قريبا 
-ألن تذهبي معي .؟
-لا،بيتر ينتظرني ببيتنا القديم في بيرث،أحسن ما فعلت ماما أنها لم تبعه قبل أن تعود إلى المغرب.
الى اللقاء حبيبتي.
-وانت أحمد ،ستذهب معها.
-لا ،سأرافقه حتى مدينته ثم أكمل وحدي ،سأتصل بك .
ركبت السيارة مع أحمد ،احترم صمتها مدة ،ولكن فضوله غلبه
-هل هجرته حقا ؟
-نعم ،أو قل هو الذي هجرني ،هو الذي صدق شكوكه وفضل راحة باله.
-وهل ستتحملين الهجر ؟
-ليس في الأول ،ولهذا اخترت البعد ،سأتابع الأشغال من هنا ،اثق في محسن ،لن أعود إلا يوم الافتتاح ،اتفقت مع يونس أن يكون الشيف ويختار مساعدين له ،محسن يستمر في الإدارة والحسابات ،وسأكلف رشيدة بالمراقبة هكذا تجد شيئا تفعله.
-وانت ؟
-سأستقر هنا ،سأنشئ مكتب دراسات واستشارات هندسية بالبيت ،تكفيني الغرفة ومرافقها بالعلية لأعبش بها .
-تعيشين بالعلية !
-ومالها العلية ؟بها غرفتي وحمامي،واجهز بركن منها مطبخا صغيرا ،لا تقلق علي ،سأبدأ صغيرة لأكبر ،والبيت هو أنسب مكان لأبدأ منه ،لن أحس فيه بالوحدة ،فيه رائحة وذكريات الطفولة ،مع امي ثم مع سعد الله يرحمه .ثم إنني قريبة منك ،ساعتين على الطريق لاشيء .
هزت كتفيها باستهجان، بينما لاحت على وجهه ابتسامة حزينة .
-هل ستزورينني؟
-طبعا ،متى تخلت فتاة عن أخيها الوحيد !
فهم الرسالة فآثر الصمت. 
احب أن يوصلها حتى البيت ولكنها أصرت على الرفض ،فتوجه بها الى المحطة حيث استقلت القطار ،علم بحدسه المهني انها تريد أن تبدأ طريق الوحدة من أوله ،وحدها ،الطريق الى البيت هو الطريق نحو العالم الذي اختارته ،المستقبل الذي تريده لها وحدها ،لاشريك فيه تخشى خيانته او تتوقع غدره.
إنها اليوم تنفي نفسها ،تختار البعد ،تقسو على قلبها تطعنه بيدها حتى يتخلى عن الأمل حتى لا ينظر إلى الوراء ،اختارت مرساها بعد تيه سنين .
وصلت لتجد بيتر في انتظارها .فتح ذراعيه مرحبا .
-مرحبا صغيرتي ،اشتقت لك.
-وانا أكثر عزيزي بيتر .
-انا هنا منذ الصباح ،وقد أعددت لنا العشاء .
-اووووه بيتر اتعبت نفسك لأجلي .
-لا عليك صغيرتي ،خذي حماما دافئا وتعالي نتعشى ونتكلم.
-حاضر ،ستقضي الليلة هنا ،لا تفكر في السفر بعد العشاء مفهوم .
ضحك على حركاتها الطفولة 
-مفهوم ،مفهوم .
بعد قليل كانا يجلسان على مائدة العشاء 
-هيا قولي ،ماذا تريدين مني ؟
-أعلم انني أستغل حبك لي بيتر .
-لا تقولي هذا ،انت صديقتي الصغيرة ،ألست كذلك ؟
-دون نقاش .اريد أن افتح مكتب دراسات واستشارات هندسية .
-ممممم ،فهمت ،تريدين الترخيص القانوني للمكتب .
-نعم ،وبينما تعمل انت على استخراجه احول البيت الى مكتب .
-هنا !في هذا البيت ؟
-أحسن مكان ،بيت مستقل ،والعلية تصلح للسكن .
-لا أدري إلا أنني سعيد بقوتك وإرادتك .
صمت قليلا ،نظر الى طبقه قبل أن يرفع إليها بصره 
-عندي شك قد يصبح يقينا عن تلك الليلة .
وقفت تحمل طبقا الى المغسل ،تهرب منه 
-لم يعد مهما ،كنت اريد ان اعرف لو تم الحمل .اما وقد فقدته (هزت كتفيها)لم يعد مهما.
-لو تذكرت رقم الغرفة ،أكون شاكرا ،لا أحب أن يبقى ملف كلفت به معلقا دون نهاية .
-لو تذكرت سأخبرك .
-وعد ؟
-وعد.
لم يكن الأمر بسبب ملف عالق ،بل أبلغ شكوكه لإيزا وهي تريد أن تقطع الشك باليقين، لأن هذا سيغير الكثير . 
-جلس يرأس الاجتماع وعلى يمينه ابوه ،وعلى يساره اخته غيثة ،فعل كما نصحه صديقه رضى ،كلف مدير الحسابات بمهام مكتب خالد ،وهو يحضر الاجتماع الآن .
كان غانم يبتسم بزهو، سعيد انه تحايل على العامري وابنه وحصل على صفقة بناء المنتجع .
-مبروك سيد غانم ،حصلت على الصفقة ،نتفق الآن على بنودها .
تم استيراد الرخام المطلوب وهو بمخازن شركة العامري ،ولهذا لم ندخل قيمته في بنود الصفقة ،إنما اقرأ جيدا باقي البنود قبل الإمضاء. 
-سنتفق اكيد ،نحن عائلة واحدة والمصلحة واحدة .
-أولا الشغل لا علاقة له بالعائلة ،ثم أن الصلة التي كانت بيننا انقطعت .
-كيف؟
ضرب على الطاولة أمامه.
-سيد غانم ،نحن هنا للعمل لا غير ،فأرجو ان نبدأ .
تضمن البنود بند مراقبة الأشغال من طرف مهندس تعينه شركة العامري ،حاول غانم أن يتفاداه ولما رأى إصرار سعد، وافق وقد قرر أن يشتري ذمة المهندس .
جادل بشأن مدة العمل وتاريخ التسليم ولكنه فشل في تغييره كما فشل في تغيير مبلغ الشرط الجزائي
-لماذا سيد غانم هل تنوي أن تخل بالاتفاق. 
-لا،لا،ابدا ،فقط قد نتأخر في التسليم بضعة شهور .
-اطمئن المدة كافية للإنجاز، وقد نتجاوز بثلاثة أشهر ،وهذا اكثر من كاف.
-تمام .
-نمضي أذن .
بعد أن خرج الموظفون توجه بالكلام إلى سعد .
-اين زهرة ؟
-لا أدري ،طلقتها .
-كيف ؟لماذا ؟
-كيف ،مثل كل الناس اما لماذا فذاك شأننا ولا دخل لك فيه.وعملنا معا لن يتأثر والدليل انك اخذت الصفقة .
لم يجد جوابا كما احتار في تفسير تلك النظرة بعيني العامري. 
هاتف احمد رشيدة يطلب مساعدتها في إيجاد مهندس يغير ديكور الفيلا لتصبح عيادة كما يريد ،فاقترحت عليه غيثة العامري ،تحفظ اول الأمر ولكنه تحت حماسها أذعن وقبل ،وكلفها بالاتفاق معها .
-أريد أن أعود لأجد العيادة جاهزة ،وارجوك كلفي المحامي باستخراج رخص العمل .
-اطمئن سأفعل ،ذهبتم كلكم وتركتموني بين  اشغال المطعم ،والآن الفيلا .
-اعتذر منك سيدة رشيدة .
-لا تعتذر ،هذا لاشيء أمام جميلك ومعاملتك لابني سعد . 
لم تضيع رشيدة الوقت ،اتصلت بغيثة التي طلبت مهلة لتستشير اخاها وأباها ،واخبرتهما على مائدة العشاء .
-اتصلت بي الخالة رشيدة .
-كيف حالها ؟
-بخير يابابا،وجدت مايشغلها في متابعة أشغال تحويل بيت إيزا الى مطعم .
-ستعود زهرة لتحمل عنها .
-المهم انها إرادتني أن اغير ديكور الفيلا لتناسب عيادة للعلاج النفسي.
رفع بصره 
-هل باعتها لدكتور نفسي .
-نعم ،الدكتور احمد الذي كان يعالج ابنها سعد .
وضع الشوكة والسكين من يده.
-وهو الذي سيفتح العيادة بالفيلا ؟
-نعم .
-فليبحث عن مهندس آخر ،انت وقتك للشركة .
-ولماذا ترفض يا بني ،تقوم بالعمل باسم الشركة ،وهكذا نضيف قسم الديكور والهندسة الداخلية للشركة .
-وأنا قلت لا.
قام واقفا 
رمى الاب المنديل على الطاولة وقام غاضبا 
-هذه ليست طريقة مناقشة ،انت تفرض رأيك ،وتحرم اختك من عمل سيضيف إليها وإلى الشركة .
-إلا احمد ذاك ،امازلت تشككين في كلامي بعد أن سافرا معا .
-ولو ياسعد ،هذا بعيد عن اعمال الشركة بني ،هي اختارت حياتها ،التفت انت أيضا الى حياتك ،اختر زوجة وانظر الى المستقبل ،انس الماضي.
-وعندما يعودان معا ،هنا جوارنا ،كيف سأنسى قل لي .
مد ذراعيه يحضنه.
-افهمك وأحس بك ،ورثت مني الوفاء للحبيب الوحيد ،ولكنها ليست أمينة،لا تتشبت بها وستنساها .
اهتزاز جسمه انبأ غيثة انه يبكي ،فانسحبت تمسح دموعها حتى لايخجل من ضعفه أمامها . 
في الصباح على مائدة الإفطار 
-غيثة ،اجيبي الخالة رشيدة انك تقبلين العمل .
-متأكد بني؟
-نعم ،لو رفضنا سيبحث عن مهندس آخر ،من مصلحتنا أن نجرب مهارة غيثة في تحويل الفيلا الى عيادة ،ولو نجحت ننشئ لها قسما خاصا بالشركة .
ارادت أن تحيد به بعيدا عن حزنه ،فهتفت بمرح
-سأنجح ،وانا من سأقوم بديكورات الفيلات السياحية بعد بناءها. 
مسح فمه وقام 
-سنرى ،هيا الآن ،وضعي إعلانا عن سكرتير قبل أن تبدأي عملك .
-سكرتير اخي ،رجل؟!!!
-نعم ،هذا أفضل راينا مافعلت سارة ،ولن اثق في سكرتيرة غيرك .(تبتسم لها)إما ان تجدي سكرتيرا او انفضي عمل الديكور وابقي بمركزك الحالي.
-لاااا،سأجد لك مطلبك في أقرب وقت.فقط استأذنك لأذهب الى الخالة رشيدة ،ألبي دعوتها على الغذاء واخبرها انني قبلت العمل .
-موافق ،هيا بنا الآن. 
-اهلا حبيبتي ،تفضلي.
-اهلا بك خالتي ،كيف حالك؟
-كما ترين ،في الحركة بركة فعلا ،انشغالي بالمطعم افادني ،الحركة ساعدت على ضبط السكر بالدم ،كما شغلت عن التفكير الذي لا يغير مما كان .
-غياب زهرة جاء بفائدة إذن ههههه.
-ولكنني اشتاق إليها كل لحظة ،لن تصدقي لو قلت لك انها كانت لي أما أكثر مما كنت انا لها .تحملت حبيبتي الكثير ،لايمكن أن تتصوري ما فعلته لأجلي ولأجل أخيها سعد .
-ورغم كل الحِمل نجحت وأصبحت مهندسة  وطالبة ذات شأن .
لماذا سافرت الآن بعد أن بدأت اشغال المطعم .
-كل ما قالته انها تريد أن تستريح بين طريقين 
-طريقين؟
-أظنها تعني عملها السابق ومسؤوليتها القادمة عن مطعمها هي .
-ألا تنوي الزواج والاستقرار هنا؟
-تعالي ،الأكل جاهز على الشرفة .
-الللله خالتي ،كأنها حديقة صغيرة ،فكرة المائدة هنا رائعة .
-تعلمي مني درسا في الديكور يا مهندسة .
بعد بضعة لقيمات 
-لم تجيبيني خالتي،الا تنوي زهرة ان تتزوج وتستقر .
ابتسمت لها.
-الله وحده العالم بالنوايا ،على حد علمي هي ترفض الزواج .
-كنت أظن أن ..أن ..
-أن الدكتور احمد وزهرة قد يتزوجان، صدقيني اتمنى ،احمد يحبها وكثيرا ،ولكنها رفضته جعلته يرضى بقربها اختا تعتمد عليه ويعتمد عليها ،لا أكثر .
-قد تغير رأيها لما يستقر هو أيضا هنا .
-أتمنى ،على الأقل أضمن ان تبقى هنا بقربي.
-لماذا هل ستفكر في الهجرة مرة أخرى .
-زهرة يا ابنتي عاشت ببريطانيا أكثر مما عاشت هنا ،ثم قد رأيت ،منذ عادت حزن ،محاولة قتل ،فقدان الجنين ،لم تجد وطنا حاضنا ينسيها معاناتها ،العكس عانت هنا اكثر .
-على ذكر الجنين ،اعرف انه ليس ابن أخي .
-وانا أيضا، زهرة لا تكذب ،زهرة قاسية حتى على نفسها ،ولكنها لا تكذب ،انا متأكدة انها اخبرت سعد انه ليس منه .
-لم تضطر لذلك ،منذ الليلة الاولى فهمته انه زواج صوري .
-أعلم ،أخبرتني. 
-وهل أخبرتك عن اب جنينها ؟
-تعالي هنا نشرب فنجان قهوة .
تعالي يا صفية ،هات القهوة ،هذه غيثة ابنة أمينة الله يرحمها .
-بها شبه كبير منها ،الله يرحمها.
-هذه يا غيثة الدادا التي ربت زهرة ،سألت عنها ،وهي الآن تؤنس وحدتي .
-عمر الله بيتك سيدة رشيدة ،منذ رحيلك رأيت انواعا من البشر جعلني ابكي على ايامي معك ،ولكن مسؤولية الأولاد صبرتني، وهاقد عدتِ تقبلين القليل الذي اقدمه ،الصحة غدارة .
-طول عمرك لك صفية .
التفتت الى غيثة بعد ان انصرفت صفية التي ظهر اثر السنين عليها .
-سألتني عن اب الجنين ،الجواب هو انني لا اعرفه ،وأخبرك سرا يبقى بيننا ،زهرة أيضا لا تعرفه .
-ليس سرا خالتي ،سعد يعرف ،سمعها يوما تتكلم على الهاتف .
-ممممم،عادة التلصص مرة أخرى ،تعرفين غيثة ،كم نصحته أمينة ان يتخلى عنها ،كانت تقول له ستسمع يوما كلاما يضرك ،او تضربه الآخرين لانك ستفسره على هواك وحسب علمك .هاه أخبريني كيف فسر جهلها لهوية الاب ،لا تنسي أننا راشدتان نتحدث عن احب شخصين لنا ،لا تكذبي علي.
-اااا،لا أدري كيف فهم كلامها خالتي .
-بل تعلمين ،حرصك يفضحك ،انا أقول لك ،فسره كما سيفهمه كل من سمعها، فتاة لا تعرف اب الجنين في بطنها معناها انها عاشرت أكثر من رجل فاختلط عليها الأمر .
-اعذريه خالتي ،ها انت قلتها ،هذا ما يفهم من كلامها .
رغم أنني فكرت انها ربما اغتصبت ولا تعرف مغتصبها. 
-ولماذا لم يفكر هو مثلك،لماذا لم يجد لها العذر.
زهرة لم تعاشر إلا رجلا واحدا ،ليس اغتصابا ولكنه دون إرادتها ،هذا ما يمكنني أن اقول لك ،لأنك في معزة زهرة ،ولا أحب أن تتشوه صورة اختك بعينيك،اما كيف وتفاصيل ما حدث فليس من حقي أن أخبرك.  هي وحدها من لها الحق ان تطلعك على سرها لو أرادت.
إذن اخبر الدكتور احمد انك ستباشرين تغيير ديكور الفيلا .
-نعم،وسأبذل كل جهدي لأن سعد تحداني أن أنجح، لو نجحت سيفتح لي قسما خاصا بالهندسة الداخلية والديكور بالشركة .
-انجحي إذن ،ضعي في ذهنك انها عيادة للعلاج النفسي ،واعملي بناء على ذلك.
-استأذن الآن خالتي ،علي العودة الى الشركة .
-في أمان الله حبيبتي.
ركبت سيارتها الصغيرة ،طول الطريق تفكر في زهرة وسعد .
-يالمعاناتك يا زهرة ،ترى لو كنت مكانك ماذا كنت فاعلة ،احمد الله على وجود ابي واخي ،رغم وفاة امي لم احس بالحرمان، ليتك ياسعد تتخلى عن عنادك ،ليتك تسألها هي ،ربت على ظهرها واحتويها، ليتك تقدم لها صدرك تبكي عليه وتخرج احزانها شكوى من قلبها الى قلبك.
العناد يا سعد هو مدفن الحب.وانت عنيد اختلط عليك الكبرياء والكرامة،لا كبرياء في الحب ،وسعادتك مع من تحب هي كرامتك



تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close