أخر الاخبار

رواية حكاية زهرة الفصل الثامن عشر18 بقلم حكاوي مسائية


رواية حكاية زهرة الفصل الثامن عشر18 بقلم حكاوي مسائية
 
اعتدت وحدتي ،وألفت غربتي 
استانس بنفسي ،بأحلامي ،وكتبي. 
اصبحَتْ وسط الناس وحدتي، وبوطني غربتي .
اصبحت يدك غريبة عن يدي 
دقات قلبي لم تعد ترنيمة باسمك 
ولا طيفك سَكَن لعيني .
سأعود الى حيث لا اتنفس انفاسك 
الى حيث لا أسمع عنك ولا منك 
سأعود الى غربتي حيث وطني وسكني. 
جاء بيتر بعد أيام يحمل اوراق الترخيص ،واقتراحا بأول زبون للمكتب،استقبلته كما اعتاد منها ،بسعادة وحب ،ترحب به وتريه التغييرات التي أجرت على البيت .
تحت سحر يديها ،أصبحت غرفة رشيدة مكتبا يحوي طاولة للعمل ،وعدة أرفف على الجدران عوضت المكتبة .وأريكة صغيرة ،فالمكان لا يتسع لأكبر منها .بينما تحول المطبخ الى مكتب صغير قد يستقبل موظفا في الأيام القادمة ،والصالون احتفظ بفراشه البسيط بجهة وزادت عليه طاولة الأكل ذات الكراسي الستة لتصبح طاولة اجتماعات.
اما الموقذ الصغير والمغسل فقد انتقلا الى ركن بالعلية مع ارفف باواني قليلة ،واسدلت عليهم ستارة تعزل المطبخ المفتعل عن باقي غرفة النوم .
مكان بسيط مثلها ولهذا هي سعيدة به ،ومتفائلة انه سيكون بداية نجاحها . 
تباشير الربيع ظهرت على الحديقة ،كان ينظر إلى برعم زهرة يستقبل الحياة بابتسامة خجولة على بتلاته الصغيرة 
-هكذا تصورت أن ألقاك ،خجولة تبتسمين للحياة ،فإذا بك تغرسين شوكة الخيانة بقلبي.
-وهل كان بينكما شيء خانته ؟
فاجأته غيثة بسؤالها ،لم يحس باقترابها منه،لم يسمع خطواتها ،لأنه كان بعيدا يبكي حبه الشريد. وقفت بجانبه ،وتسللت يدها الصغيرة داخل كفه .
-الافتراضات أخي تعطي نتائج كثيرة ،وكل افتراض يؤدي إلى معادلة مختلفة ام نسيت ابجديات الرياضيات يامهندس؟ 
-العلاقات لا تحتاج معادلات 1+1=2.
-إلا في الحب ،مابالك والحب محكوم بالبعد والصمت .طبعا ستؤثثه فرضيات كثيرة،تزرع الشك بقلبك وعقلك .
-لكل فعل ردة فعل يا غيثة ،زهرة كانت حاملا قبل ان تعود .وانا أرفض امرأة تحب غيري.
-أم ترفض امرأة لمسها غيرك؟
-وهل ترينني متحجر العقل تافه التفكير لتقولي هذا ؟
-قلت لك أن الجنين لم يكن ثمرة حب ،حتى أن جسمها لم يتشبث به ،لفظه عند اول سبب ،متى رأينا اما تفقد جنينها بسبب صدمة خوف او هلع إلا في الأفلام والروايات خصوصا ام كزهرة، قوية ،شحذتها الحياة ،رأت عنف الأب وظلمه،لو أحبته فعلا وارادته هل كانت ستفقده؟.رغم انها تقبلته كواقع محتوم ،ولكن جسمها رفض نتاج علاقة فرضت عليه ،لا نعلم كيف ولا لماذا ،وعليك أن تبحث وتعرف، على الأقل لتستريح ويرتاح قلبك لحكمك،فإما أنها كما تظن ولك الحق في البعد ،وإما انها مظلومة فيكون عليك أن تمحو ليالي الحزن من ذكرياتها وتعوضها عنها بليالي عشق و سعادة معك.
سحبت يدها برفق ،وابتعدت بصمت،وتركته كما وجدته هائما في تهيؤاته. 
بدأت اشغال بناء المجمع،كان سعيدا أنه استطاع الحصول على صفقة قد تعيد ثقة الشركات الأخرى بأعماله،ولكن هل يعلم أن عليه الإخلاص في العمل لاكتساب الثقة ؟!!!
لا أظن ،لأن حساباته لها هدف واحد هو الكسب المادي ،وطبقا لهذا بدأ التفكير في تقليل المصاريف حتى يخرج من الصفقة بالربح الأكبر .
كان ينتظر المهندس الذي سيعينه العامري لمتابعة الأشغال وقد جهز له صفقة خاصة تعتمد أولا وأخيرا على الجشع والخيانة .
ولكن سعد غفل عنه او تظاهر بذلك لأنه يجهز له المفاجأة .
مرت ثلاثة أشهر ،
جاء بيتر يتقفد صغيرته كما يسميها ،جلس إلى طاولة الاجتماعات ينتظرها أن تنهي صلاتها ،فقد رآها تصلي من فتحة باب المكتب.
خرجت إليه تستقبله بابتسامتها المرحبة 
-منذ عرفتكم وانت طفلة ،لم تتخلي عن صلاتك يوما .
-لأن فيها راحتي يا بيتر ،دقائق معدودة انفصل عن العالم المادي،وانتقل الى مكان صاف بين يدي الله ،إليه أشكو وبه اصبح أقوى واكثر تفاؤلا. 
-هنيئا لك ،دقائق الصفاء تلك تتطلب مني اموالا أدفعها لمعالج نفسي يدعي انه يستمع الى تذمري من الحياة والناس.
-تعال وانا اخصص لك اريكة تتمدد عليها وتحكي كل ما يخطر على بالك ،وفي الأخير اسمعك بعض البلا-بلا الخاص بالمعالجين، وكل هذا بنصف الثمن .
ضحك وهو يقذفها بقلم كان امامه 
-انتظرت أن تعفيني من الدفع ايتها المخادعة الصغيرة .
ضحكت 
-لا يا عزيزي انتم علمتمونا ان الوقت هو المال Tim .is mony
-حسنا ،حسنا غلبتني ،كيف يسير العمل .
-حسن بالنسبة لبداية، بعد صديقك الزبون الأول جاءني زبائن آخرون ،وانا الآن أشتغل على مشروع يريد صاحبه أن أتابع أشغال البناء فيه.
-وهل تستطيعين ذلك ؟
-دراستي تؤهلني لذلك ،ولكنني لم أنفذ عملا من قبل ،ولهذا أنا متخوفة قليلا .
-ممَّ؟
-تحايل المقاولين ،شغب العمال ،أشياء كهذه.
-لا تخافي ،اطلبي من الشركة المالكة للمشروع تعيين مراقب للأشغال اما العمال فأمرهم بيد المقاول .فيبقى عليك المراجعة مع المهندس المسؤول فقط.
-شكرا بيتر ،احب وجودك في حياتي .
-وانا أكثر صغيرتي ، اعلمي أن الطريق نحو القمة صعب ولكن عندما تصلين ستكون الرؤية جميلة من الأعلى .وسأكون سعيدا بنجاحك .
نظر إليها مترقبا
-مازلت لم تتذكري رقم الغرفة ؟
نظر الى الحزن بعينيها الساهمتين ،وندم على سؤاله.
-اعذريني صغيرتي فضولي لا دواء له.
-لا ،لا تعتذر بيتر ،تراودني احلام ،بل كوابيس يختلط فيها الحلم والذكرى ،ولكنني لم أر بأحلامي باب الغرفة ولا رقمها ،جلها كوابيس عما جرى بعد دخولي .
-لا عليك صغيرتي ،لا عليك. 
ذهب الى موقع البناء لأول مرة ،تعمد أن يغيب حتى تظهر معالم البنايات ،حسب المدة ،يعرف الى ماذا تصل الأشغال. 
وقف يسأل عن مراقب العمل 
-ومن تكون لتسأل؟
-المهندس سعد العامري ،مالك المشروع.
-اعتذر سيدي ،تفضل من هنا .
قاده نحو مكان معد كمكتب .
رجل آخر هاتف غانم ليأتي مسرعا نحو الموقع،رأى سعدا من بعيد يقف بين العمال ،زاد سرعة السيارة وتمنى لو يستطيع سماع ما يقول .
-اهلا سعد ،لو كلمتني لأستقبلك هنا .
-لا داع ،زياراتي ستتكرر ولن أعطلك عن عملك كلما جئت لأقوم بعملي .
-هل ستباشر العمل بنفسك ؟
-نعم ،للأسف كل مهندسي الشركة مشغولون بمشاريع أخرى .
ضاعت فرصته في التلاعب والربح السهل ،ولكنه مايزال يمسك بخيط آخر ولن يفوته، أو هكذا تخيل.
لم يضيع وقتا ،مساء كلم إيزا كعادته كل يوم ،ولكنه هذه المرة ،زاد عيار الشوق قليلا ،بل كثيرا حسب معيار إيزا.
-اِهدأ عزيزي ،انا هنا وسط اعمال مختلفة تأخذ كل وقتي وجهودي، مختبري الخاص ،ومسؤوليتي عن مختبر الدولة،وإدارة معمل الأدوية ،و فوق هذا أفكر فيك ،وكيف سنتزوج وانت زوج وأب ،وقبل هذا كنت زوج صديقتي المقربة .
-ذكرتني بسؤال يؤرقني ،هل كلمت رشيدة عنا ؟
ابتسمت باستهزاء لكلمة "عنا"
-طبعا حبيبي ،حتى لا اعيش تأنيب الضمير ،قلت لها اننا نحب بعضنا،وقد نتزوج.
-وما كان ردها ؟
-كانت سعيدة لأجلي ،وشكرت اخلاقك ولكنها حذرتني من زوجتك .
-مدحتني انا !!!!
-نعم ،قالت أن معدنك طيب ،ولكن زوجتك أرغمتك على خيانة ابنة عمك .ولكنك لن تخونني لأنك تحبني أليس كذلك عزيزي ؟
-طبعا طبعا حبيبتي ،لن أفعل ابدا .
-لا لن تفعل ،لأنك لأجلي ستصفي أعمالك هناك ،وتأتي الى هنا لنتزوج وتتولى إدارة ممتلكاتي .أليس كذلك؟
صمت ،لايدري بم يجيب .
-أليس كذلك حبيبي ؟
اعادت السؤال 
-بلى ،بلى ،سأفعل حبيبتي.
بات ليلته يفكر (لو تابع سعد أشغال البناء ،وراقب الجودة ،سأصرف كل مدخراتي لأتمم بناء المجمع ،وقد أبيع ما تبقى لي ،يعني الشقتين اليتيمتين .ولكنني سأكسب ثقة في السوق واحصل على صفقات اخرى ،ساراوغ إيزا حتى أحصل عليها هي ومالها ،وأفرض عليها العودة الى هنا معي .طبعا علي أن أطلق أم كارما حتى تثق إيزا ،انا اصلا كرهتها، كرهت خبثها وحبها للمال ،لو أطلعها على أمر إيزا لن تمانع الطلاق فمتى اهتمت لي،إيزا تملك مختبرا خاصابها ،وأسهما بمعمل الأدوية ،زيادة على راتب عملها كمسؤولة عن مختبر حكومي ،لابد ان لها ممتلكات هناك وهنا ،وإلا فأين يذهب كل ذاك المال .وكرما، هل ستقبل ؟طبعا ستقبل هي مثل أمها تعشق المال وتضحي بكل شيء لأجله .) 
حل موعد افتتاح المطعم ،مطعم زهرة إيزا ،أعلن عن الافتتاح على مواقع التواصل وبعض الجرائد التي ماتزال مقروءة.
الاكثر سعادة بالحدث كان محسن ويونس والعم محمد ،محسن سعيد ببدايته الجديدة الناجحة مع اخت وهبها له الله استجابة لدعاءه ودعوات امه المتوفاة،يونس سعيد لبدايه مع شيف عاملته كأخت كبرى ،علمته ووثقت به ،وهاهي تعطيه منصبا طالما حلم به وينوي ان يكون على قدر الثقة ،اما عم محمد فسعادته لأنه توسم الخير في راكبة غريبة ،ولم تخذله، ففراسة المؤمن دليله.
جاء الأربعة معا ،إيزا وزهرة وبيتر والدكتور احمد ،وكانت غيثة ورشيدة في استقبالهم .
ركبت زهرة مع غيثة وتوجه بيتر وإيزا نحو سيارة رشيدة ،وقف احمد حائرا،فضحكت رشيدة 
-اذهب مع الفتاة ،فهذه سيارة الكهول عزيزي .
-تكلمي عن نفسك عزيزتي فأنا مازلت صبية .
ضحك بيتر 
-وكذلك انا.
-اٍذهبا إذن ،(اخرجت يدها من النافذة تلوح)تعال يا احمد ونادي زهرة سيذهب هاذا الشابان مع غيثة.
ضحكوا جميعا على دعابة رشيدة بينما ركب احمد مع غيثة وانطلقوا نحو شقة رشيدة . 
استعد غانم لحضور الافتتاح ،سيرى إيزا هناك ،ويجس نبض رشيدة ناحية علاقته الجديدة .
بينما يترقب سعد يوم الافتتاح لهدف آخر ،يجب أن يراها للتأكد من شيء .
غيثة متحمسة لمفاجأة زهرة بعد أن رأتها في المطار . 
اعد يونس ومساعداه مائدة مفتوحة ،من كل الأصناف، وقف النادلون من الجنسين في صفين يستقبلون مالكة المطعم و مرافقيها بالتصفيق قبل أن يتوجهوا للاستعداد لخدمة الوافدين.
دخل رفقة أبيه ،يبحث عنها ،يحركه الشوق ،وأمل جديد زرع بقلبه منذ تذكر إحساسه بتلك الحسنة الناتئة تحت شفتيه وهو يقبل تلك الغريبة على فراشه بفندق ببريطانيا ،فقد تأكد انها ليست سارة ،ولكنها أنكرت معرفتها بها .
عودة الى الماضي.
علم أنها تنوي الهجرة  مستغلة تأشيرة السفر التي حصلت عليها لأجل سفر صفقة بريطانيا ،فذهب إليها .
فتحت له الباب تخشى أن تغضبه فهي أعلم الناس بلحظات غضبه.
-تفضل سيد سعد .
دخل يمشي متعاليا ،يمسك نظارته الشمسية بيد ويضع يده الأخرى بجيب سرواله 
-سمعت انك مسافرة سارة .
رأى حقيبة يدها على الطاولة ،اخذها وافرغها أرضا ليمسك جواز السفر بيده 
-ممممم ،ماتزال التأشيرة سارية ،مارأيك لو ألغيها ،وقد أطلب منع سفرك 
-قد تلغي التأشيرة ،ولكنك لن تستطيع منعي من السفر 
لاحظ الخوف بعينيها ورعشة يديها رغم تظاهرها بالعكس. 
-بل أستطيع ،بلاغ صغير عن سرقة ملفات وشيكات من الشركة ،مرفق بطلب منع سفرك حتى ينتهي التحقيق.
-ولكنني لم أسرق شيئا.
-اثبتي ! يتأخر سفرك ،وتسوء سمعتك ،وقد تثبت عليك التهمة .
-ماذا تريد سعد ؟
-الحقيقة ،حقيقة تلك الليلة بالفندق .
-انا احبك سعد .
-دعي التلاعب بالكلام ،وحدثيني عن تلك الليلة .
-أردت أن تظن انك ضاجعتني وافقدتني عذريتي .
-لماذا ؟
كان يكلمها بهدوء ،كأنه من جليد ،كأنها تحكي عن شخص آخر .
-لأنني اعرف انك لن تقبل أن يضيع مستقبلي ،فتتزوجني لتصلح خطأك .
-ولماذا لم تكوني انت معي تلك الليلة ؟انا أقول لك ،لأن ليس لك ماتخسرينه ،خسرته قبلا وانت في الجامعة ،أليس كذلك ،أم ظننت أنني الغبي الذي لا يعلم قصتك ؟
-مادمت تعلم لماذا قلت انك ستتزوجني ؟
-لأعطيك وهما تعيشينه بضعة أيام.اكملي ،من تكون الفتاة ؟
-واحدة تعرفت عليها هناك ،وعرفت انها مستعدة لبيع عذريتها مقابل المال، تعرف انهم هناك لا يأبهون للعذرية، وهي فضلت أن تجني بعض المال على أن تضاجع فتى ما بعد عدة كؤوس في حفلة ما .
-ألا تعرفين من تكون ،او جنسيتها ؟
-اااا هي بريطانية ،قلت لك انها لم تكن مهتمة بعذريتها بقدر اهتمامها للمال ،يبدو انها كانت مدمنة مخدر ما وتحتاج للمال بشدة .
-مدمنة وماتزال عذراء ،هه ،أبله انا لأصدق، (رفع صوته بغل)من تكون ؟أخبريني. 
-لا أدري ،لا اعرف من تكون ،صدقني .
قذف الجواز بوجهها وخرج غاضبا.
عودة الى الحاضر.
دخلت فتاة جميلة تتأبط ذراع شاب يظهر الحب جليا في نظراته اليها ،توجهت نحو زهرة
-زهرتي،مبارك الافتتاح.
التفتت إليها ،وهتفت بسعادة 
-غيثة ،بل الف مبروك عليك الحجاب حبيبتي.
-منذ تكلمنا عن الحجاب وانا أفكر به ،ولما رأيتك بالمطار وقد زادك الحجاب جمالا .
-قلدتني.
-بل أردت أن أكون مثلك ،ممتثلة لأمر الله .
توجهت زهرة بالكلام إلى خطيب غيثة ،فهو الشاب الذي تتأبط ذراعه بفخر .
-لابد أن قرارها أسعدك.
-أملت دوما أن ترتدي حبيبتي الحجاب ،ولكنني لم أكلمها يوما بشأنه ،كنت أرى إعجابها بأختي ،وأرى استقامتها وحسن خُلُقها فعلمت أن تحجبها مسألة وقت فقط.
-مبارك عليكما 
-ها قد وصل سعد .
التفتت لتراه قادما نحوهم ولكنه تفاجأ بارتداءها الحجاب ،الشيء الذي احزنها وأكد لها أنه يراها فتاة دون مبادئ، متعددة العلاقات 
-كل الصور بذاكرتي تقودني نحو زهرة ،إن كانت توجد شامة على عنقها سأتأكد أنها هي ،سأكلمها وأخبرها بأحلامي وذكرياتي ،يجب أن أعرف لماذا وكيف ،وإن كانت هي ،فهي وحدها عندها الجواب. 
سمع ضحكتها مع غيثة فتوجه نحوهما ،يخترق جموع الحاضرين الى أن أصبح أمامها 
-محجبة !!!!لا يمكن .
-بل ممكن أخي ،وانا اقتنعت أيضا وفعلت مثلها .
(محجبة ،كيف سيرى جيدها الآن ،خطط أن يبني حديثه على تأكده انها هي ،يخبرها عن ذكرياته التي تأتيه على شكل أحلام ،ولكنه بدون دليل تلك الشامة سيظهر كأنه مريض او مهووس بها يراها بأحلامه في فراشه.خصوصا لو لم تكن هي.
احزنها أنه يسيء بها الظن ولكن
أخرجها من تفكيرها اليد التي امتدت لها 
-مبارك ابنتي ،كم انا سعيد لأجلك .
-والدي العزيز ،اهلا بك.
كانت إيزا تتأبط ذراعه ،فغمزت لها .
-والدك هو الرجل الوحيد الذي جعلني أتخلى عن وحدتي.
ابتسمت لها زهرة 
-هنيئا لك زوزو ،إنما لا تبالغي في ثقتك ،هاه بابا؟
-إيزا حبيبتي ،انا تغيرت لأجلها ،فعلا.
-هذا يسعدني .
أحست بعينين تراقبانها فتوجه بصرها ناحيتهما، كانت كارما وأمها.توجهت إليهما بقلب من جليد 
-اهلا اهلا بأختي وأمها العزيزتين. 
عانقتها كارما هامسة 
-انا لادخل لي بما حدث زهرة .
ابعدتها عنها وهي ماتزال تمسك بكتفيها وتنظر الى عينيها 
-وانا أصدقك ،كنت صغيرة ،و أبي العزيز ماكان ليستمع لك او للسيدة زوجته .
تدخلت الأخرى بسرعة 
-تماما ابنتي ،لقد تصرف حبا في المال ،ولما عاد إلي لم استطع الرفض ،فأنا لا مال او معيل لي ،وكنت وحيدة و مسؤولة عن كارما.
-تفضلا ،ولكن لا تحزني وقد وجد ضحية أخرى .
أشارت الى حيث يقف هو وأيزا التي تتأبط ذراعه بزهو عاشقة ،رأت الحقد بأعينهما ،فابتسمت ،طعم الانتقام جميل.

دخلت الشقة تتبعها ابنتها .
-امرأة أخرى ماما ؟امرأة اخرى ،هل اتفقت معه عليها أيضا أم أنه يلعب وحده هذه المرة ؟
-لا علم لي ،أنا أشك به منذ ادعى بيع الفيلا ،للأسف عرفت انه ردها لابنة عمه ،كنت أنوي أن أذهب إليها ،ظننتها عادت إليه ،ولكنها باعت الفيلا ،ولاتهتم له،غيرت حياتها بعيدا عنه .
تكلمت بحقد دفين منذ سنين.
-عشت عمري أتمنى أن أراها محطمة وأظهر لها شماتتي بها،اراها أفقر مما كنت وهي تزورنا بشقتنا الصغيرة لتقدم لنا فتات مائدتها.
-ماذا ؟!!!كانت تحضر لكما الطعام .
لوحت بيديها وحركت وجهها مشمئزة من غباء ابنتها
-كانت تأتي وتقدم لنا المال في كل مناسبة ،واكياس ملابس جديدة لي ولك ،تعاملني بلطف،وتعرض صداقتها وخدماتها،ولكنني لم أحبها يوما ،كنت انتظر وفاة والدها ليرث جدك النصيب الأكبر منه،فهي مجرد بنت ،ولكنه كتب كل شيء باسمها ،زاد حقدي عليها فخططت وأبوك نفذ .
-لابد انه اليوم ينفذ نفس الخطة مع ضحية أخرى. 
-دون علمي ،لست مطمئنة .
-لو خانك انت أيضا ماما ،ماذا سيحدث لنا؟
-سنعود للفقر ،فانت فاشلة ،لم تحصلي على شهادة ،رغم كل المال الذي صرفناه على دراستك ،ولا استطعت أن تتزوجي رجلا ثريا رغم اشتراكك في أغلى ناد ،وتركبين احدث سيارة ،رغم لباسك وعطورك وتبرجك لم تلفتي انتباه رجل يلائم طموحاتنا ،عرفت ماذا سيحدث لنا ؟ستبيعين سيارتك ،وتنزلين درجات في سلم العيش .
كانت تصرخ دون ان تشعر ،كلامها وصوتها المرتفع اخافا كارما ،وصورا لها الأيام القادمة أسود من احلك كوابيسها.
-لا ماما ،لا تدعيه يتخلى عنا ،او ،او ،اقول لك ،اطلبي منه مالا لنؤسس مشروعات خاصا بي ،نعم ،سأطلب ان يكون لي عمل خاص بي كما لابنته زهرة .
دخل وسمع آخر حديثهما ،ولكنه تجاهله منتظرا .
-أهلا بالعريس ،نقول مبروك.
-الله يبارك فيك ،جميلة اليس كذلك ؟
-تلعب وحدك غانم ؟
-ربما لا ألعب هذه المرة ،إيزا صديقة رشيدة ،وقد تكون حذرتها، ولهذا أقول لك ،هذه المرة انا لا ألعب،الهدف أكبر من المجازفة .
-ماذا تعني غانم ؟
-أعني أن إيزا ستكون وتبقى زوجتي ،لن أجازف بفقدها.
-هي او مالها؟
أشار باصبعيه 
-الاثنان.
-ونحن ،انا وكرما؟
-ماذا عنكما ؟ستبقى الحياة كما هي .
-وإذا رفضت؟
-لن أضحي من أجلك حبيبتي ،أم نسيت يوم قلت لك لا أريد مالا يبعدني عنك فضحيت بي حتى تحصلي على مال رشيدة .
عادت بها الذاكرة الى أمس بعيد 
(هل ذهبتم لعزاء عمك؟
-نعم ،وبعد ذلك اتصلنا بمحامي عمي لأجل الإرث.
-هيا ،أسعد قلبي ،كم حصة والدك ،قل لي.
-لاشيء ،كتب عمي كل شيء باسم ابنته منذ سنوات مرت،حسب القانون ،عمي كان يعمل عند رشيدة ،بتوكيل انتهى بموته.
-بعد كل هذه السنين احلم بالحصول على ثروة تخرجني من الفقر، تقول لي أنني سأعيش وأموت وانا اتحسر على مال تتمتع به هي وحدها .
-هي اليوم وحيدة ،تحتاج إلينا ،تقربي إليها ،قد تطلب مساعدتي في إدارة أعمالها ،وتخصص لي راتبا محترما،حتما ستتغير حياتنا إذا صاحبناها. 
-صاحبها انت ،وتقرب منها انت ،انا لا أطيقها، فهمت؟
تلك اللحظة بدأت تخطط ،لم يوافق غانم بادئ الأمر ،ولكنه أذعن لما رأى إصرارها .
نعم لقد تخلت عنه لأجل المال ،رغم رفضه وتفضيله لحياته معها مهما كانت الظروف ،نعم ،هي من سهلت الأمر ،هي من علمته ،رسمت له طريقا ليمشي فيه،فكيف تلومه وقد تعلم الدرس واتقن تنفيذه. )
-هل نسيت يوم قلت لك أنني لا أريد أن ابتعد عنك ولتذهب رشيدة ومالها الى الجحيم ،بماذا أجبتني ؟،هل تمسكت بي ؟أبدا ،ألقيت بي بين أحضان رشيدة ،لم تغاري ،ولم تشتاقي إلي وقد غبت عنك شهورا لأنها ظنتني طلقتك ،بل إنني أذكر يوم عدت إليك كان سؤالك الأول هو كم أخذت منها .
-كنت أريد أن نخرج من الفقر ،أن نرى الشمس ونعيش ...
-وكان من الممكن أن نحقق أحلامك لو أحببنا رشيدة ،وعشنا معها ،نحميها من غيرنا، نكون لها سندا وعوضا عن أبيها ،مات والدي وهو يبكي ندما على ما فعلنا بابنة أخيه ،ما كان يريد إلا الأرض ،ولو طلبناها منها لما بخلت بها .
-انت تحلم ،ما كانت لتتخلى عن ربع إرثها لنا .
-بل حقدك عليها هو من حرك شياطينك ،حتى انك حكمت أن تعيش في نفس الشقة التي كانت تزورنا بها.بنفس الحي العشوائي الفقير.
-وماذا فعلت انت ،اخذتها دون علمي الى بلد جاءت منه اقوى واغنى مما كانت .
-حكمة الله،اتركها بشقة احقر من شقتنا القديمة ،ببلد تجهل لغتها ،لا مال ،ولا اصدقاء ،ورغم ذلك نجحت حيث فشلت انت ،ربت ابنتها وعلمتها ،وهاهي تعود كما تقولين اغنى وأقوى .
تكلمت كارما 
-بابا ،اريد عملا خاصابي .
-مثل ماذا؟
-أي شيء ،اااااه مطعم كمطعم زهرة .
-ههههههه،مطعم زهرة !!!!اتعلمين كم يساوي مطعم زهرة ،أم تتكلمين بجهلك المعتاد؟زهرة خريجة هندسة ،حاصلة على شهادة في الطبخ العالمي ،متفوقة في الرسم ،هيا أخبريني عن شهادتك وانا انشئ لك عملا مناسبا لك حبيبتي كارما .
أمام صمت كارما ،تدخلت امها لتصرف انتباهه عنها.
-غانم ،إن كنت تريد تلك المرأة ،طلقني .
-كما تشائين ،تعرفين الإجراءات فقد قمنا بها معا سابقا ،ومحكمة الأسرة ماتزال في مكانها لم يتغير.
تركهما جامدتين ودخل غرفته ،كأنه لم يلق قنبلة للتو

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close