أخر الاخبار

رواية حكاية زهرة الفصل الحادي عشر11 بقلم حكاوي مسائية


 رواية حكاية زهرة الفصل الحادي عشر11 بقلم حكاوي مسائية


عادت مساءً لتجد البيت هادئا ،نور وحيد منبعث من غرفة المكتب،دخلت غرفتها فلم تجد سعدا،فخرجت،لابد انه من بالمكتب ،قررت أن تجابهه، فلابد أن تفسر سبب عملها ،دخلت المطبخ وأعدت له فنجان قهوة ،وضعته على صينية مع زجاجة السكروكأس ماء. 
-أعددت لك قهوة ،لا أعرف كيف تحبها فأتيت بالسكر. 
-لا أريد منك شيء .
-ربما تريد تفسيرا لما رأيت اليوم.
(عجبا تعطيه الحق ليعرف لماذا تعمل طاهية بمطعم ،ولا تهتم أن تعرف لماذا كان بنفس المطعم مع غيرها .ومتى غارت الأنثى على من لم تحبه،على الأقل غيري على كونك زوجتي ،ثوري لكرامتك،متى أصبح قلبك من جليد ،لو أستطيع أن أمحو اليوم الذي جعلك تنسينني،لو..)
وضعت الفنجان على المكتب ،هم أن يشير انه لا يريد فسكب القهوة على الملف أمامه.
-غبية ،أضعت علي مجهود ساعات .
-أولا انتبه لكلامك معي ،ثانيا انت من سكب القهوة لا أنا ،وثالثا ،أنا فعلا غبية لأنني أردت أن أبرر لك فعلا هو حقي أصلا .
التفَّت لتخرج تحت دهشته.
خرجت إلى الحديقة ،بعد مهلة لحق بها الى الغرفة ولم يجدها ،سمع صوتا آتيا من الحديقة فوقف قرب النافذة ،رآها تكلم أحدا 
-لا ،غدا يوم راحتي ،سأزور طبيبة ثم آتي إليك لنتغذى معا .
-____
-صحيح ؟دكتور احمد اتصل بك؟سيزورك غدا ؟
-____
-أعدي لنا وجبة من يدك إذن ،اشتقت له ،وعندي لكما خبر سار ،لا لن أقول ،سأخبركما معا .
(طبيب!ومن هذا الأحمد الذي اشتاقت له ؟هل هو حبيبها لم يتحمل طول الغياب ؟وأي خبر ستزف لهما معا؟)
سمع خطواتها تقترب فاستلقى متظاهرا بالنوم .
-امممم ،تنام ببذلتك ،لسوء حظك لا قوة لي لأريحك منها.
خرجت بعد أن أطفأت النور 
-هيا لنرى الأوراق التي أضاع مجهوده عليها .
دخلت المكتب ،ظنت انها تصاميم هندسية ،وفكرت أن تنقذ ما تستطيع إنقاذ، ولكنها وجدت مراسلات باللغة الإيطالية ومحاولات فاشلة لترجمتها تستند على تشابه بعض الكلمات مع الفرنسية .
جلست إلى المكتب ،وبدأت الترجمة ،تكتب على ورق أبيض بخط جميل كأنها ترسم .وضعت القلم ورتبت الأوراق ورقمتها كما رقمت الأصلية ،أسندت ظهرها على ظهر الكرسي ،ودلَّكت رقبتها .استندت بذراعيها على المكتب ،وضعت رأسها عليهما تفكر في حاضرها ،غلبها النوم كما هي .

ايقظته أشعة الشمس ،قام مسرعا ليتوضأ ويؤدي الصبح متأخرا ،سهره الى وقت متأخر ينتظرها جعله لا يسمع الأذان ولا خروج والده الى المسجد .
كانت تعطيه وقتا للوضوء والصلاة لما تستعمل الحمام بالردهة ،أو يغلبها النوم ،ولكنها اليوم غادرت ولم يشعر بها .
دخل المكتب ليأخذ حقيبة الاوراق ويتوجه الى الشركة ،وجدها تنام جالسةالى المكتب ،اقترب منها ،رفع خصلات شعرها عن وجهها ،كم هي فاتنة ،تختفي قوتها وجبروتها تحت وشاح السبات،لتصبح زهرته الصغيرة ،فتحت عينيها تنظر إليه فعادت إليه نظرة تلك النحيفة الباكية بأحلامه.
حزن بعينيها لم تستيقظ تماما لتخفيه تحت ستار الجمود ،نفس الحزن بعيني الفتاة تحت جسده ،امسك خصلات شعرها وقربها من أنفه ،نفس العطر ،مد يده كأنه يقيس طولها ،ذكرتها حركاته بذاك الذي اشترتها امرأة ما له.
(كأنها هي ،نفس العطر ،ونفس طول الشعر ،نفس لون ونظرة الحزن بالعينين ،معقول ياسعد انك مهووس بها حتى تراها في أحلامك ،ولكنني تلك الليلة لم أكن أحلم ،لحظات وعيي كنت اراها هي ،أم أنني لم تكن لي لحظات وعي )
قامت معتذرة 
-اعتذر ،غلبني النوم وأنا أحاول أن أنقذ أوراقك .
نظر الى الأوراق أمامها ،اخذها ليتفاجأ انها مترجمة 
-سهرت لترجمة هذا الكم من المراسلات  ؟!!!!إنها تفوق المئة .
-أقل شيء لأعتذر عن أمس .
-تجيدين الإيطالية إذن؟
-وكما تعلم الانجليزية والفرنسية، وما لا تعلم الروسية و الألمانية والتركية ،ولعلمك معظم الرسائل عن نوعية الرخام وثمنه وطريقة شحنه ،من شركات مختلفة .
-لأننا اعلننا عن مناقصة لاستيراد الرخام لمجمع سكني .
-لا أظنه للفقراء أو للشباب المكافح
-بل للأثرياء ،فيلات تشترك بحدائق مفتوحة وعدد من المسابح وملاعب التنس 
-وطبعا السْبّا  به ساونا وماساج ،عالم النساء التافهات 
-ولم لا يكنّ،عاملات يعطين لأنفسهن يوم راحة وعناية ويدللن أنفسهن؟
-ممكن ،عالمكم مختلف عن عالمي.
طاب يومك ،الى اللقاء .
-انتظري ،لماذا لم تعملي بمجالك الجامعي ؟
-والذي هو؟
-الترجمة ،أليس كذلك؟
-تماما كما توقعت، لا تعلم عني شيءً.اللغات يا عزيزي كانت ضمن هواياتي كالطبخ والرسم ،والمدرسة حيث سجلني بيتر تعتني بالهوايات وتنميها، اما دراستي الجامعية فقد تخرجت من كلية الهندسة المعمارية بامتياز .
أما عن سؤالك فقد تقدمت بطلب لشركة ASGZ قبلت لأرفض بمكالمة بعد ساعات ،والسبب أن الرئيس عين مترجما .
-متأكدة من اسم الشركة ؟
-كما اراك امامي الآن ،استأذنك.
تجاوزته وقصدت غرفتها لتستعد للخروج.
(ومتى تحدثنا لأعرف عنك او تعرفي عني شيء ،متى تعود لي زهرتي التي كانت تجري إلي تتوسد ذراعي أو فخدي وتحكي لي أسرارها الصغيرة ،وتشكو لي قسوة أبيها عليها،متى يا زهرة؟أم هو حلم بعيد المنال)
تذكر مكالمتها أمس.يجب أن يعرف أي طبيب ويرى هذا القادم احمد.
وضع الحقيبة واغلق المكتب .
أمر السائق أن يقف متواريا بزاوية الشارع، وانتظر حتى استقلت سيارة أجرة فأمره أن يتبعها .نزلت أمام عمارة لا تبعد كثيرا عن المطعم حيث تعمل ،رفع بصره ليقرأ لافتة باسم دكتورة نساء وتوليد .
(لماذا تأتي إلى دكتورة نساء وتوليد ؟مابك يا سعد ،كأنك لم تدرس أبجديات العناية ولا تعلمت أن الفتيات يستشرن دكتورة النساء في امور بسيطة شهرية ،يجب أن أعرف ،علي أن أقطع الشك باليقين)
انتظر حتى رآها تغادر على متن سيارة أجرة اخرى فنزل يقصد الدكتورة ،قام من على الكرسي وأتمن عليه حارس العمارة بعد أن نفحه ببضع ورقات مالية ،دخل العيادة ولم يبخل عن مساعدة الدكتورة قبل أن يسألها 
-زوجتي بقاعة الفحص؟لا اراها بين المنتظرات. 
-اسمها سيدي لو سمحت 
-زهرة ..
-السيدة زهرة غادرت للتو ،اطمئن الجنين بخير ،كتبت لها الدكتورة بعض الفيتامينات والمكملات الغذائية .
صعق،جنين ،زهرة حامل !!!
خرج من العمارة على الكرسي ،امر السائق أن يتوجه إلى بيت ام زهرة .
كاد أن يرن الجرس حين سمع صوت رجل من نافذة الصالون ،فوقف قربها يتسمع
-كيف أخفيت عني حملك زهرة ؟تخبرين إيزا وتخفين عني !
-اهدأي سيدة رشيدة ،لابد انها خشيت عليك من الخبر .
-نعم ماما ،خرجتِ من الغيبوبة وكسر ساقك على خبر وفاة اخي ،ثم ضرورة رجوعنا وخوفك من غانم ،فكيف ازيد عليك بخبر كهذا .
-ستجهضينه!
قالت آمرة 
-بل سأحتفظ به ،تعويضا عن سعد 
-أي سعد منهما 
-سعدي انا ،سعد اخي ،الذي لم أستطع إنقاذه رغم تضحيتي بنفسي .
-وانا معك صغيرتي ،عودي معي الى بريطانيا ،وهناك اعتني بك وبه.
كان هذا صوت غريمه،
الى هنا وكفى ،إذن هذا هو الحبيب واب الجنين ،مادامت تحبه ويبادلها المشاعر فلماذا تزوجتني ؟
عاد إلى الفيلا ،واستلقى على فراشه ،ضعف و وهن حلا بجسده، لم تعد له قدرة على شيء ،التفكير يشله ،وكل رجاءه الآن هو بحر من النوم يغوص فيه لينسى ويريح فكره .
خرج ليجدهم حول المائدة ،غيثة تحدث اباها عن الامتحانات بينما تلعب زهرة بالشوكة بصحنها 
-لماذا لا تأكلين يا زهرة ؟
اجاب اباه وهو يأخذ مكانه مواجها لها 
-زهرة شيف بأكبر المطاعم بالمدينة ،لا أظنها تحب طبخ دادا رابحة .
-هل هذا صحيح ،تعملين بمطعم ؟
-العمل ليس عيبا ولا حراما، ثم إنني كما قال سعد شيف بارقى مطعم . 
-وهل تحتاجين للعمل وانت زوجة سعد العامري 
-ارجوك عمي ،تعلم أنني تعودت الاعتماد على نفسي ،وأفضل أن أبقى كما أنا ،زهرة ،زهرة فقط .
-تغيرت كثيرا زهرة ،غيرتك سنين الغربة ابنتي
-بل هي ليلة واحدة ،ليلة واحدة فقدت فيها العزيز والغالي.
رافقت الكلمتين الأخيرتين بحركة عد بابهامها وسبابتها. 
-يكفي أن تعلموا أن إحداهن تلك الليلة قطفت الزهرة وتركت عودها يتسلح بالأشواك حتى لا يفقد أوراقه أيضا .
دفعت الصحن وقامت 
-عن إذنكم .
خرجت إلى الحديقة ،تهاتف الدكتور احمد ،تحتاج أن تكلمه ،تحتاج أن تحكي له .
من نافذة سمع الموعد والمكان ،مايزال لديه وقت ليذهب الى الشركة .
دخل مكتبه والذي لا يفتح إلا له ،عاد بتسجيلات الكاميرا الى اليوم الذي قالت انها جاءت الى الشركة ،ودخل ملف مكتب الموارد البشرية ،رآها تكلم مدير المكتب وتخرج سعيدة ،ثم تدخل سارة ،ضغط زر الصوت ليسمع حوارهما ،ثم مهاتفة المدير لزهرة .
اغلق الحاسوب ،ونادى عبر الهاتف الداخلي مدير الموارد البشرية .
-اجلس سيد عبد السلام .
الم تجد بعد مترجما كما طلبت منك ؟
-ليس بعد سيدي ،يتقدم عدد كبير ولكنهم لا يجيدون اللغة الإيطالية او يتكلمونها فقط دون كتابة .
-وإذا قلت لك أن فتاة قدمت طلبها وكانت أكثر من جيدة ورفضتها، ماذا تقول؟
-غير صحيح سيدي ،لابد انها كاذبة .
أسمعه تسجيل مكالمة الرفض فقط ،ظن انها من سجلته ،فلعنها بسره .
-وتكذب علي سيد عبد السلام ،من أمرك برفضها ،ولا تكذب وإلا رفضتك حالا .
-الآنسة سارة .
نادى سارة التي كانت تقف مترقبة 
-نعم سيد سعد .
-هل أمرت السيد عبد السلام ان يرفض موظفة نحن بحاجة لخبراتها .
صمتها كان أبلغ جواب .
-اذهب انت الى مكتبك .
خرج الآخر مسرعا يحمد الله انه لم يرفد .
-كيف تتدخلين في شأن بعيد عنك ؟
صرخت 
-لا ليس بعيدا عني ،يكفي أنها معك بالبيت حيث يجب أن أكون أنا ،تريد أن تلتصق بك هنا أيضا ،هذا عالمي أنا ،لن اترك لها مكاني معك ،ليس بعد كل مافعلت .
ضرب على المكتب 
-وماذا فعلت ،أظنك صدقت أنك مهمة بهذه الشركة ولا يمكن الاستغناء عنك ،ام تراك نسيت أول يوم لك هنا ،بعد ان رفضت بكذا شركة ،كل قدراتك انا من علمك إياها .
اخفضت رأسها وصوتها 
-وانا لا أنكر ،ولا اقصد....
قاطعها 
-ماذا تقصدين ؟ليلة لا أذكرها ،دم قد يكون مزيفا ،وحتى لو كانت كما تدعين ،انت اعترفت ان كل شيء كان برضاك ،ولا أظنك قاصر غررت بك ،بل يمكنني أن اتهمك بالتحرش مادمت كنت في غير وعيي.
أفيقي من أحلامك، وعدتك أن اتزوجك نبلا وشفقة ليس لأصحح خطأ انت من ارتبكته. 
تفضلييييي.
خرجت ذليلة ،تنكس رأسها واجمة، هل سيضيع كل تخطيطها هباء ؟
نظر الى ساعته ،وخرج مسرعا ،توجه الى مقهى على الكورنيش 
تقدم بكرسيه نحو طاولتهما 
كانت تبكي واحمد يمسك يدها بيد ويضم كتفيها بيده الأخرى. اشتعلت النيران بجسده وهو يسمعه
-اوقفي هذه المسرحية ،صارحيه وعودي انت وأمك معي ،مهما عشت هناك لم أرك بهذا الضعف وما رأيت دموعك قط .
-لا أستطيع ،يجب أن ارد لأمي شركتها ،أقسمت أن أفعل يوم وفاة سعد ،انا قتلته وقتلت نفسي.
-لا لم تقتليه حبيبتي ...
-ومن تكون سيادتك لتضم إليك زوجتي هكذا ؟
-انا صديق مقرب 
-وتناديها حبيبتي ،جميل 
باغته بلكمة على وجهه.لتصرخ زهرة 
-ماذا تفعل ؟همجي غبي 
أمسك يدها 
-مغفل ،نعم انا مغفل ،وهمجي إذا تعدى احد خطوطي الحمراء .
-إذن ،اعيدك الى المدنية والحضارة ،اسمع يا سعد ،سأكشف كل اوراقي أمامك على الطاولة،وانتظر منك أن تفعل بالمِثل.
-اشجيني .
-اقدم لك الدكتور احمد ،كان يعالج اخي او يخفف حدة مرض التوحد عنده ،واحببنا بعضنا وانا حامل منه .
اغمض احمد عينيه ،يخفي دهشته من كذبها كما يخفي امله لو كان كذبها حقيقة .جز سعد على اسنانه
-ولماذا رضيت بي وانت تحبين آخر ؟
-كما سمعت ،فقدت أخي لأنني لم أجد المال الكافي في الوقت المناسب ،فقررت أن اعيد ثروة أمي ،وجاء عرض والدك بالوقت المناسب ،اما غانم فيريد مناقصات شركتكم خصوصا مشروع بناء فندق او منتجع سياحي كبير لا أدري ،يبتزني بمكالمات كنت أشترط فيها الأرض مقابل عقد الزواج والمجوهرات مقابل الزفاف ،والباقي تعرفه .
-وانا كنت أعلم بأطماعه ومهما فعلت انت او هو ما كنت لاثق بشركة نصاب وأسلمها بناء مشاريع مهمة .
-اليس لك ماتضيفه ؟
-لا ،إلا إذا كنت تقصدين علاقتي بسارة .
-علاقتك بها او بغيرها لا تهمني ،اقصد سرا آخر وللأسف انا اعرفه .
نظر إليها متظاهرا بعدم الفهم يخفي خيبته لأنها لاتهتم بعلاقته بأخرى وهو يشتعل غيرة عليها. ضربت على الطاولة أمامها ونظرت اليه
-قف يا سعد ،انا أعلم أنك لست قعيدا منذ يوم اشتريت بذلتك الرمادية ،لمحاسن الصدف كنت بالمخدع المجاور أقيس فستان الخطوبة.ما رأيك؟
فهمت الآن لماذا لم ارد مهرا ولا هدايا ولا حفلا كبيرا ،لأنك مخادع كاذب ،لم ترحم والدك ولا اختك من حزنهما عليك.فكيف سترحمني، هيأت ظروف طلاقي منك بسلاسة دون قيد أو شرط .
-تخليك عن حقوقك لن يجبرني على تطليقك. 
-بل هو شرط صغير بعقد الزواج لم تنتبه له ،أنني احصل على الطلاق متى أشاء .
كأن عقربا لسعته فقام واقفا ثم انحنى اليهما يشير بسبابته 
-لن تتخلصي مني بهذه السهولة ،وانت ،الأفضل لك ان تبتعد عنها .
-انا لا اخاف تهديدك ،تذكر ان زواجك منها باطل مادامت حاملا من غيرك .الغضب اعماكما معا عن هذه الحقيقة ،تاريخ الحمل قبل تاريخ الزواج ،مقارنة بسيطة عند القاضي تلغي سلطتك عليها .
خرج مسرعا الى السيارة ،ذُهل السائق وهو يراه واقفا على رجليه ،لم يكلمه بل توجه الى مكان السائق وانطلق تاركا إياه متعجبا من معجزة لم يشهد اسبابها.
خرجت برفقة احمد لتجد السائق يدور حوله ،المكان بعيد ،وسعد لم يلتفت إليه ،علمت ما به فكلمته 
-تعال يا عم سالم ،تعال معنا .
لأول مرة يركب بالمقعد الخلفي و واحد بربطة عنق وبذلة أنيقة يسوق به ،ابتسم فردت له زهرة الابتسامة 
-تحت أمرك يا عم سالم .
فهم دعابتها فاتسعت ابتسامته.

قصدت أمها ،فلم يعد من داع لتستمر مع سعد ،الذي قد يكون أخبر اباه كل شيء ،لا يمكن أن يقر بكذبه عليه دون أن يحكي عن حملها اولا ، فهذا سيخفف حدة ذاك.
حزنت رشيدة عن مآل وحيدتها، ضمتها إليها ،
-احكي لي زهرة ،من أب الجنين .
خجلت من وجود أحمد 
-اعتبريني معالجك النفسي ،إحكي زهرة وقد نجد حلا .
حكت لهما ،ضربت رشيدة على فخدها 
-بنت الحرام ،استغلت لحظة ضعفك ووحدتك.
-حكيت لبيتر وإيزا ؟
-نعم ،وقالت أن بيتر سيحقق في ما حدث وقد يجد المرأة .
-هل تذكرين اسم الفندق ،ورقم الغرفة ؟
-نعم .لن أنساه ابدا .
-يبقى تاريخ ذاك اليوم .
-وكيف ينسى يوم وفاة سعد .
-إذن نتصل بهما ونعطي بيتر هذه المعلومات ويعرف نزيل تلك الغرفة ومن كانت معه. 
وصل الى الشركة ،دخل تحت الأنظار المتعجبة ولكنه لم يعرهم انتباها ،قصد والده .
-سأطلق زهرة .
-ماذااااا،ولماذا؟
-زهرة قبلت بي تحت ضغط والديها ،رشيدة حبا في أمي وغانم طمعا في صفقات معنا .اما هي فتحب رجلا آخر وقد صارحتني ليلة الزفاف.
تهاوى على المقعد لينتبه والده أن ابنه دخل على رجليه وكان واقفا امامه ،لف حول المكتب ليعانقه 
-انت تقف على رجليك ،الحمد لله كيف ؟كيف ؟ اخبرني .
-لأنني لم اصب ولم أكن كسيحا ،ادعيت الإعاقة حتى ترفضني زهرة وتحلني من وعدي لأمي ،لأنني احب سارة وسأتزوجها .
-ماذا ؟تطلق زهرة التي تحب واحدا لتتزوج سارة التي تجري خلف كل مهندسي الشركة .
-غير صحيح .
-افتح عينيك واذنيك ،وتعرف، أن كل مهندس معنا خاف على وظيفته فابتعد عنها لأنهم يظنون انك تحبها ،ولماذا يظنون انت قلت انك تحبها فعلا .
خلل اصابعه بشعره ،مسح وجهه بيده وقام متوجها الى مكتبه .
فتح الحاسوب ،وعاد الى لحظة طردها من مكتبه ،جلست إلى مكتبها ترتب أفكارها ،ثم توجهت الى مدير الموارد البشرية 
-تبيعني من أجل نفسك ،تظن انك ضمنت مكتبك الآن ،سأجعل تندم 
-والله لم أفعل ،هو من أسمعني تسجيلا للمكالمة وانا أخبرها أن رئيس الشركة قد عين مترجما ونحن في غنى عن خدماتها .
-بنت الحرام ،وانا التي كنت أظنها بريئة .كان علي أن اتخلص منها تلك الليلة .
خرجت لتقصد مدير العلاقات العامة 
-اهلا اهلا بإيزيس .
-إيزيس اطاحت بها حشرة حقيرة. 
-ما الذي حدث ؟
حكت له ما جرى عن وظيفة الترجمة .
-إذن فانت تعرفينها ؟
-نعم ،ورغم حرصي اخذت مكاني ،وعلي أن اتخلص منها .
سعد يجب أن يكون لي انا 
-حتى وهو مقعد يلعب المال لصالحه .
مارأيك لو اساعدك ،نجعله يكرهها ويبعدها ويتزوجك. 
-هل تستطيع ؟
-عندي خطة ،ولكن لكل شيء ثمن .
-اطلب ماتريد 
اشار بأصبعيه 
-شيئان لا ثالث لهما ،نصيبي في فراشك ،ومكتب المدير العام للشركة .
-أفكر .
-فكري بسرعة ،قبل أن تجدي نفسك في الشارع.
اغلق الحاسوب يلعن ويتوعد لهما معا .جاء والده 
-هيا فالوقت تأخر لم يبق سوانا بالشركة .
-لم اجد سارة لما عدت هل رأيتها .
-لا ،من عادتها ان تستأذن قبل الخروج .
(لا ،هي تخطط لنصبح نحن من نستأذنها)
لم يغمض له جفن ،تذكر كلام والده ،إذا ضاقت الدنيا بعينك توجه الى واسع الرحمة 
قام وتوضأ وكبر فسالت دموع حبيسة تكاد تخنق قلبه.
توجه الى ربه يدعوه أن ينير بصيرته ويغفر ذنبه.
اخيرا نام ليعود إلى تلك الليلة 
لم تكن راضية ،كانت تبكي رغم انها لا تقاوم ،ضمت شفتيها بقوة لما حاول تقبيلها وادارت وجهها لتقع شفتاه على عنقها ،شامة ناتئة يحس ملمسها تحت قبلته ،انَّت متألمة قبل أن تدفعه وتنسحب بسرعة .
أفاق لاهثا يغرقه العرق.
ليست سارة ،لا يمكن أن تكون سارة وقد وجدها صباحا تتوسد صدره ،ضحيته هربت ،من تكون ولماذا تأتيه بصورة زهرة



تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close