أخر الاخبار

رواية حكاية زهرة الفصل الثالث3 بقلم حكاوي مسائية


 رواية حكاية زهرة الفصل الثالث3 بقلم حكاوي مسائية
 

جلست أمينة الى الهاتف ،تكلم صديقة لها بلندن 
-رشيدة ستكون بلندن الساعة التاسعة صباحا .
-اطمئني ،سأكون بالمطار لاستقبالها .
-هل كلمت بيتر بشأنها؟ 
-نعم ،وأكدت عليه أن يخفي كل معلومة عنها .
-يجب أن يجد لها مكاتا ببلدة صغيرة ،اسكتلندا لن تخطر ببال طليقها الخائن .
-لا عليك ،بيتر افضل من يخفي الأثر .
-انتظر منك كل جديد ،الى اللقاء .
كان يقف منصتا الى حوارها، طفل في الثانية عشرة من عمره، هو أيضا يتكلم الأنجليزية بطلاقة ،يعلم أن الكلام عن صديقة لأمه ولكنه لا يريد أن يصدق أنها الخالة رشيدة ،يرفض أن يصدق أنه لن يرى زهرة كل يوم ،يرفض أن يبت،روا منه عضوا عزيزا ،ومثل الذي بتر،ت رجله أو يده ،مايزال يحس بوجودها ،بل ويحس بألمها. 

وصلت سيدة أنيقة بيدها طفلة جميلة الى مطار لندن ،جالت بعينيها تبحث عن شيء ما ،او أحد ما ،لمحت لوحة عليها اسمها يحملها رجل خمسيني ،سمين شيءً ما ،ذو لحية كثة ،يرتدي زي سائق .
توجهت اليه وقدمت نفسها ،اخذ منها الحقيبتين، وسبقها نحو السيارة .بكل احترام فتح لهما الباب الخلفي مبتسما ،ثم جلس خلف عجلة القيادة .
نظرت الى طفلتها ،بعينيهما معا حزن ظاهر ،الصغيرة لم تتكلم منذ غادروا أرض الوطن ،وهذا يقلقها ،ولكنها تنتظر أن تستقر قبل أن تلتفت الى تصحيح حياتهما معا .
وقفت السيارة أمام فندق فخم ،ونزل السائق ليفتح باب السيارة ،لا يمكن أن تنزل هنا ،ميزانيتها لا تسمح .
كأنه سمع أفكارها .
-السيدة إيزا تنتظرك بالاستقبال .
السيدة إيزا ،سيدة أمازيغية،أصل اسمها هو إيزابيل ،أعتمد اسما لجميلات جبال الأطلس.إيزابيل=إيزا الجميلة.
كانت زميلة لها بالجامعة ،وسافرت لتكمل تعليمها بلندن فاستقرت بها ،لم تتزوج ،تفرغت لأبحاثها العلمية في مجال الأدوية ،وأصبحت مرجعا في الصيدلة ،ولكنها لم تتخل عن هويتها ،ولا تنازلت عن مغربيتها التي تغذيها باستمرار علاقاتها مع اهلها وأصدقاء طفولتها ورفاق الدراسة .
-أهلا،أهلا بجميلة دفعتنا.
هكذا وقفت تفتح ذراعيها تستقبل رشيدة .
-أهلا بك إيزا ،كانت أحلى أيام يبدو انها ولت .
-وستعود ،عليك فقط أن تثقي بقدراتك .
انتبهت للصغيرة 
-أووو،ومن هذه الفاتنة الصغيرة .
-هذه زهرة ابنتي .
-وهي فعلا زهرة ،تعالي زهرتي ،عانقي صديقتك إيزا .
-سلمي يا زهرة على الخالة إيزا .
-لا ،لا أريد لقب الخالة ،سنكون صديقتين انا وزهرة ،نادني زوزو كما أحب أن يناديني أصدقائي .
ابتسمت الصغيرة 
-هاه ،ابتسامتك جميلة ،اتعلمين ؟انت أيضا سأناديك زوزو ما رأيك .؟
هزت زهرة رأسها بالإيجاب .
-حسنا ،تعالي لأقبل وجنتك الشهية .
ضمتها إليها بحنان ،وغشت عينيها دمعة حزن على تلك البريئة .
-خذي ،هذه بطاقة مفتاح جناحك انت وزوزو، ارتاحا، ولا تفكري بشيء رشيدة ،فقط اعتني بزوزو ونامي قليلا ،غدا نبدأ صفحة جديدة .
بعد أن حممت زهرة واخذت حمامها ،ضمت إليها الصغيرة ،وراحتا في نوم عميق ،استراحة المحارب بين معركتين.
أفاقت على طرق على باب الجناح ،ارتدت برنسا على لباسها قبل أن تفتح .إنها مضيفة تدفع عربة عليها طعام الغذاء ،كان ضمن ترتيب إيزا لفترة مكوث رشيدة بالفندق .
جاءت الوجبة في أوانها، فقد احست بالجوع ولابد أن الطفلة أشد جوعا رغم هدوءها .
-تعالي للأكل زهرتي ،أم اناديك زوزو ؟
هزت رأسها نافية 
-أمممم ،زوزو خاص بصاحبتك زوزو ،اليس كذلك ؟
وافقتها بهزة من رأسها .
-إذن تعالي زهرتي ،لابد أنك جائعة .
-أمممم،ذوق زوزو جميل في الأكل ،يجب أن نجربه في اللباس .
ابتسمت زهرة مؤيدة 
-كلميني زهرتي ،اشتقت لصوتك .
الرد الوحيد كان دمعة يتيمة انسابت على خدها الأيسر ،دمعةحزن وإحساس بالخذلان .
قامت اليها رشيدة تعانقها وتضمها الى قلبها الحاني.
-أعلم، أعلم حبيبتي، خيانته لك أقسى وأمر ،ولكنك اكثر حظا مني ،اتعلمين لماذا ؟لأن لك امك ،انا ،وانا احبك أكثر من حبي لنفسي .
شددت عناقها بيديها الصغيرتين ،تدفن وجهها بصدرها كأنها تختبئ به من نوائب الدهر .
-ماما ماتت وانا صغيرة ،بابا كان كل الناس بعيني ،كنت أميرته المدللة ،رفض الزواج حتى لا تؤذيني امرأة اخرى ،ورفض أن يشاركني احد في ثروته ،وكان هذا خطأه ،أحبني بكل ما في قلبه من أبوة ،وخاف علي بكل مافيه من حنان ،وأغفل حقد الطامعين .
بعد موته ليس لي غيرك و هذا الصغير القادم .
وضعت يد ابنتها على بطنها 
-هنا ينمو اخوك او اختك ،لن تكوني وحيدة .
ظهر بريق سعادة بنظرتها اسعد امها أكثر .
-لن أضغط عليك ،تكلمي حين تكونين مستعدة للكلام ،فقط تذكري أنني أحبك واحب صوتك الجميل . 

حل الصباح ،تلقت مكالمة من أمينة تطمئن عليها ،وأخرى من إيزا تخبرها انها تنتظرها بالاستقبال .
كانت جميلة بطقم ازرق ملكي ،سترة قصيرة مع تنورة تصل تحت الركبة ،وقميص ابيض كما الحذاء ذو الكعب العالي والحقيبة الجلدية الصغيرة .
زينة تكاد لا تظهر لأنها ببساطة لا تحتاج منها الكثير ،فهي جميلة حد الفتنة ،بلون عينيها السماوي ،بين زرقة ورمادي،وشعرها الأشقر ،بشرتها البيضاء المشوبة بحمرة طبيعية ،ليس غريبا عنها جمالها ،فهي ابنة منطقة آيت عتاب بجبال الأطلسي المتوسط ،حيث أغلب الناس شُقر بعيون ملونة ،وقد زادتها أناقتها جمالا .
يقف بجوارها رجل تخطى الأربعين ،يلبس بذلة سوداء على قميص ابيض ،حذاءه الأسود اللامع وشعره المصفف بعناية،يعطيه مظهر جيمس بوند .
فتحت ذراعيها وانحنت تحث زهرة على الإسراع الى حضنها .
-اهلا ،اهلا بالأميرة، اشتقت لك زوزو. 
عانقتها زهرة ،فقبلت وجنتيها ضاحكة .
سلمت رشيدة ثم اخذت يد زهرة .
-نذهب؟
ابتسم الرجل بغموض ،فقالت إيزا .
-قلت لك ،ستجد رشيدة متعاونة .
في مقهى بنفس الشارع ،جلسوا جميعا ،إيزا والرجل يجهلان أن زهرة تفهم الأنجليزية ،ورشيد آثرت ألا تخبرهما. 
-سيدتي ،أخبرتني إيزا انك تريدين أن تعيشي باسكتلاندا ،هل لي أن اعرف السبب؟
-لاشيء مهم ،سوى أنني أريد مكانا لن يفكر فيه طليقي ،طالما انه حكم علي بالنفي، فأحب ان اختار منفاي.
-هل يوجد شيء آخر علي أن احذره؟
-مامن شيء سوى انني أفضل أن يكون عدد الذين يعرفون مكاني محصورا فينا نحن الثلاثة وأمينة فقط .
-بالتأكيد ،فكلما قل العدد حفظ السر .
-هل تفكر في مكان معين؟
-نعم ،مدينة صغيرة على نهر الراي،بيرثperth.
-هل يوجد مجال لأجد عملا او وظيفة ؟
-منذ كلمتني إيزا، وعرفت مؤهلاتك،بحثت ووجدت لك وظيفة .انت خريجة صيدلة كصديقتك،ولكنك لم تعملي بمجال اختصاصك 
-فضلت أن اعمل مع والدي بالشركة وبعد الزواج اكتفيت بوظيفة ربة البيت.
-للأسف ،بيرث صغيرة ،ليس بها شركات ،ولا معامل أدوية ،ولهذا ستعملين بشركة لتصنيع البسكوت، طبعا بقسم الحسابات ،الراتب معقول،يكفيك انت والصغيرة لعيشة متوسطة ،وقد وفرت لكما السكن أيضا بايجار مناسب.
-أشكرك سيد بيتر .
-لاداع للشكر  اولا لأن أصدقاء إيزا هم أصدقائي ،ثانيا هذا من صميم عملي كمحام .
-لا أظنه من صميم عملك ،ومع ذلك أجدد شكري .
تدخلت إيزا اخيرا في الحوار لتقول .
-معك حتى نهاية الأسبوع ، تعالي معي الى شقتي ،نقضي يومين معا ،نخرج مع زوزو ،ونعيد أيام الصبا .
ضحكت رشيدة 
-مازلت صبية يا إيزا ،اجمل مابيك روحك الطفلة التي لا تكبر .
-احسن ،ولهذا اصبحت زوزو صديقتي .
مر باقي الاسبوع ،نهارا في الخروج والتنزه مع أيزا وبيتر، وليلا، على سرير بغرفة الضيوف عند إيزا ،تضم رشيدة زهرة ،تتصيد سِنة من النوم لعل دماغها يرتاح .
يوم الأحد سافرت رشيدة وزهرة رفقة بيتر الى بيرث ،دخلت شقة لا تختلف عن الشقة بإيطاليا،المساحة الصغيرة والأثاث القديم ،زادتها كآبة حالة الطقس هنا ،ضباب مستمر وبرودة. 
توجهوا الى المصنع ليقدمها الى رئيسها ،والذي جاء خصيصا لمقابلتها،لأن الأحد عطلة، حتى تبدأ العمل مع بداية الأسبوع :يوم الإثنين .

ارشدهما الى المدرسة حيث سجل زهرة ،واخبرهما انه من سيرافقها غدا حتى لا تتأخر رشيدة في أول يوم بالمصنع.
غدا سيدخل زهرة عالما جديدا ،هل ستقبله ،هل ستحل عقدة لسانها ؟
ان غدا لناظره لقريب


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close