أخر الاخبار

رواية حكاية زهرة الفصل السادس6 بقلم حكاوي مسائية


 رواية حكاية زهرة الفصل السادس6 بقلم حكاوي مسائية


كانت تجلس على كرسي قرب السرير الذي تتمدد عليه رشيدة ،جسدا لا يحس ،جهاز القلب ينبئ أن به حياة ،صوته يطمئن قلبا آخر ،قلب زهرة التي تمسك يد أمها وتضع عليها خدها ،تبللها بدموع القهر والحزن .
فتح الباب ليدخل بيتر تتبعه إيزا ،إيزا التي اندفعت نحو زهرة تضمها إليها ،علا صوت هذه الأخيرة باكية .
-كنت وحدي ،آسفة ،لقد كنت وحدي .فعلت كل ما استطعت ،قدمت كل ما لدي ولكنه مات وهي في غيبوبة .
-لا عليك حبيبتي كله قضاء وقدر .
سألها بيتر معاتبا 
-لماذا لم تتصلي بنا ،قرأنا الخبر في الجريدة فأسرعنا إليك ،كيف لم تتصلي بنا .
-لما سمعت الخبر توقف تفكيري ،ولما اخبرني الجراح بضرورة الاستعجال في العملية ،ذعرت فتصرفت بما كنت أملك.
-تنفقين كل مدخراتك بينما انا وإيزا موجودان؟ كيف يا زهرة ولماذا ؟هل استغنيت عنا؟
زاد نحيبها، ياليتها صرفت مدخراتها ،ليتك تعلم انني أضعت نفسي وفرطت في كنزي .
ليتك تعلم أن رشيدة فقدت سعد وزهرة .ليتك تعرف أنني فقدت زهرة ،ليتك،ولماذا تعرف ؟بل لم سيعرف أيا كان ،ذبحت نفسي فانا الجانية وعذابي أن أحمل وِزري وحدي ،عقابي أن يضيق صدري على سري ،عقابي أن أعيش بقلب مكسور وروح مجروحة .
-يكفي الآن بيتر ،زهرة خافت على أسرتها والخوف شل تفكيرها فتصرفت،ثم أن سياسة المستشفى أن الدفع قبل اي تدخل جراحي للمرضى الذين لا يتوفرون على تأمين صحي .
-إجراء لا إنساني ،كيف يتأخرون عن مصاب الى أن يدفع مصاريف العملية ،سأرفع دعوى على المستشفى ،لو تدخلوا بسرعة لأنقذوا سعد ولما دخلت رشيدة في غيبوبة .
بعت نفسي والبيع خسران 
ثمن زهيد ،لم يشتر غال.
ولا اتروى ظمآن 
تاه العقل لحظة فهُزِمتُ
وكسْرُ الظهر خذلانُ
تضمها إيزا اليها تحاول أن تهدئ من روعها، ولكن الدمع لا ينضب والنار بالصدر لا تخبو. 
أفاق صباحا يكاد الصداع يفجر رأسه .احس بثقل على صدره فانتبه الى التي ترقد بجانبه .رفع الغطاء ينظر تحته ،كيف ؟كيف هو وسارة دون ملابس بفراش واحد .انتفض فتحركت شريكته مستيقظة 
-ماذا تفعلين هنا ،كيف تنامين بفراشي هل جننت ؟
صرخ بوجهها وهو يبتعد عنها ،تظاهرت بالبكاء 
-م..ماذا ..تع..تعني؟هل...هل تنكر أنك ار...ارغمتني 
-لا يمكن ،انا لا أذكر شيء ،انا لن ارغم امرأة على هذا ،لست انا .
مازال يصرخ ،لا يصدق ،يمسك رأسه بيديه 
إنها لحظتها ،لحظة شكه وضعفه 
-بل صدق ،ولكنه خطأي لأنني أجبرتك على مجاملة العميل بالشرب. 
-لم أشرب أكثر من كأس لن تذهب عقلي كأس واحدة .
-كأس؟ههه اسأل السكرتيرة التي كانت تصب لك كأسا بعد أخرى.
قامت تلف عليها الغطاء متعمدة لتظهر بقعة الدم على الفراش .جحظت عيناه 
-لماذا استسلمت لي ،كنت صرخت او استدعيت الأمن .
-اولا لأنك لم تجبرني ،قلت لي انك تحبني واننا سنتزوج ،وثانيا لأنني احبك ومهما فعلت بي لن أشوه سمعتك بالاستغاثة بامن فندق اغلب قاطنيه رجال أعمال.
وضع رأسه بين يديه ،لا يصدق أنه انحدر الى هذا الحد ،يشرب حد الثمالة ليعتدي على مساعدته ويستلمها تحت مسمى الحب ،بل يعدها بالزواج وهو الذي لم يفكر بها زوجة .
دخلت الحمام ،ونظرت إلى المرآة تبتسم بخبث.
-شكرا لك عزيزتي زارا ،فتحت لي باب قصر العامري.
ظهرا ،بقاعة الاجتماعات بمقر الشركة ،أمضى سعد العقود دون جدال كثير ،الشروط والاتفاقات كان يعرفها وكان يريد أن يغير بعضا منها لصالحه ،ولكنه بعد صدمة هذا الصباح أضعف من أن يناقش او يجادل .
كانت سارة تقلب له الاوراق بصمت ليوقعها،على غير عادتها ،نظر إليها فوجدها تتبادل النظروالابتسام مع السكرتيرة الأخرى ،لم يعر الامر اهتماما ظنا منه انها ابتسامات مجاملة .
عادت زهرة الى عملها ودراستها ،ليس لها من ينتبه إلى تغيرها سوى إيزا وبيتر ولكنهما ظنا انه الحزن على سعد ورشيدة .
اما هي فكانت جسما بلا روح ،لأن روحها تحلق هائمة بين عالمين ،عالم أحلام زهرة الذي أصبح بعيدا ،وعالم ماضيها المليء بندوب جراح ترفض ان تلتئم.
وعاد سعد العامري الى شركته ،لا يكلم سارة إلا في العمل ،ويتجنب أن يوصلها الى شقتها ،وإذا اضطر وفعل يرفض دعوتها له بالصعود معها .
مرت أسابيع ،لاحظ والده تغيره وحزنه ،وقلة كلامه 
-سعد ،تعال معي الى المكتب ،يجب أن نتكلم .
جلس الاب الى المكتب بينما تداعى سعد على الأريكة .
-حان الوقت لنقرأ وصية والدتك .
-هل تركت ماما وصية ؟
-نعم ،لابد انك تعلم أن نصف ثروتنا كان لأمك ،بل يمكنك ان تقول أن كل الثروة لأمك ،مالا تعرفه أنني كنت مهندسا فقيرا تخرجت انا وهي في سنة واحدة ،كنا نحب بعضنا ،لا تتعجب ،حبنا ليس كحبكم،كنا نعشق من بعيد ونحلم بيوم الوصال ،المهم أنني تقدمت لها ،لم يرفضني جدك كما توقعت ،بل كان شرطه الوحيد هو أن أصونها وألا أكسرها يوما .
قدم لنا عونا كبيرا لنؤسس شركتنا ،ولما توفاه الله ،أخذت امك إرثها وسط إخوتها ،لم يكن قليلا،وكان سببا في توسع شركتنا حتى أصبحت كما تراها .
-وهل الشركة باسم ماما ؟
-النصف ،وقد تركت لي الإدارة بعد ولادتك ،وانت  تذكر انها كانت تعمل بالشركة ولها مكتب بها .
-ولماذا لم تخبرني بالوصية من قبل ؟
-لأنها أوصتني ألا افتحها إلا في الوقت المناسب ،وقد حان.
-كيف؟
-غيثة ستتزوج قريبا ،وعليك انت أيضا أن تفعل .
-ليس الآن ،عندي أسباب لتأخير الزواج.
-انا لا اجبرك على شيء ،فقط نقرأ الوصية ،ولكل حادث حديث .ناد اختك لتحضر فتح الظرف.
خرج ينادي اخته التي نزلت من غرفتها بينما فتح ابوه الخزانة الحديدية ليخرج منها ظرفا صغيرا ،فتحه أمامهماوقرأ
-باسم الله الرحمان الرحيم .
زوجي الحبيب ،ابني وحبيبي سعد ،صغيرتي وأميرتي غيثة .
مسح دمعة عصت امره وتمردت خارج جفنه ليكمل القراءة 
-بما أنكم تقرأون وصيتي فأنا بين يدي رب كريم ،ادعوا لي ،ولا تنسوني ،والأهم ان تنفذوا وصيتي .
حبيبي سعد ،لابد أنك تذكر كم كنا انا وصديقتي رشيدة مقربتين ،ستجد رفقة الوصية ورقة كتبناها معا كعقد زواجك انت وزهرة ،ولابد انك تذكر أنني أخبرتك انني سأزوجك زهرة ،وقد فرحت بذلك رغم صغر سنك ،وكنت أذكرك بوعدي لرشيدة وكنت توافق ،وسأبقى أذكرك حتى افارق الحياة لو لم يكتب لي أن احضر زفافكما .
أحمد، لابد أنك تذكر يوم جاءت رشيدة تخبرنا انها اصبحت تشك بغانم وتخشى مكره ،وجاءتنا بمبلغ مهم طلبت أن نستثمره بشركتنا باسم ابنتها زهرة ،زواج زهرة من سعد سيجعلني مطمئنة على الصغيرة ،كما أنها ستكون قريبة من مالها ومنك لتحافظ عليها ،وقد علمنا ما فعله غانم بها وبأمها. 
سعد حبيبي ،لا تخلف وعدك لي بالزواج من زهرة ،واحلك منه إن رفضت هي الزواج لأي سبب .
غيثة حبيبتي ،لقد جعلت لك بالشركة أسهما بقدر أسهم زهرة يوم استثمرنا مال رشيدة ،ذكرتك وقلت لم لا أفعل لابنتي ما فعلت رشيدة لزهرة ،ليس لأنني أخشى عليك من ابيك معاذ الله ،ولكنها هدية مني ليوم زفافك ،كوني سعيدة فمعك سعد واحمد ،واذكري أنك اكثر حظا من المسكينة زهرة .
احبكم واستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه .
طوى الخطاب ونظر الى سعد الذي قام مغادرا دون ان ينبس ببنت شفة ،بينما كانت غيثة تجلس والدموع تنساب من مقلتيها غزيرة. 
ركب سيارته ،تغشى عينيه الدموع 
كيف انفذ وصية امي ،أين أجد زهرة وقد اختفت ،وماذا افعل بسارة وقد أضعت شرفها ؟
أسئلة كثيرة تغزو عقله ،أفكار تتضارب برأسه ،لم ينتبه الى أن قلقه انتقل الى قدمه فداست على السرعة ،لا يشعر ولا يستطيع الرؤية من الدموع بعينيه وفجأة ،لا شيء .
افاق بالمستشفى، بالعناية المركزة ،تتصل بصدره أسلاك أجهز القلب ،ودكتور يستقبله مبتسما .
-الحمد لله على سلامتك سيد العامري .
-ماذا حدث ،لماذا أنا هنا ؟
-حادثة بالسيارة ،غبت عن الوعي ثلاثةأيام .كنا ننتظر أن تفيق من الغيبوبة قبل أن نقرر بشأن العملية .
-أية عملية ؟
-كسر باسفل الظهر ،لن يشكل خطرا ،ولكن العملية ضرورية لتجميع العظم المكسور بمسامير طبية .
-وهل الكسر بعيد عن العمود الفقري ؟
-لحسن الحظ نعم .
-لا تخبر احدا بتفاصيل العملية ،واترك أمر نتيجتها حتى أخبرك ما تقول ،مفهوم ؟
-والدك قلق عليك ،يجب أن نطمئنه. 
-لا ،لي أسبابي التي تجعلني استغل وضعي الحالي ،وأريدك أن تتعاون معي.
-كما تشاء . 
عند زهرة ،مر اسبوعان ولم تستيقظ رشيدة من غيبوبتها، زهرة تذبل يوما عن يوم ،إيزا تحثها على الاهتمام بنفسها وأكلها.
-زهرة حبيبتي ،رشيدة ستحزن لما تراك هكذا ،لماذا تعذبين نفسك .
-انا السبب ،انا التي قلت انني اشتقت لها فجاءت إلي ،ليتني سافرت لهما ،ليتني ما قلت لها ان تأتي إلي .
-زهرة ،(ازاحت يديها عن وجهها الباكي)انظري إلي ،تؤمنين أن العمر مقدر يوم الولادة ،تؤمنين بقضاء الله وقدره ،حتى لو سافرت لهما ،كان سعد سيموت بذاك الحين،ما تعانيه رشيدة مقدر لها ،كان من الممكن أن تقع وهي ببيتها فيحصل لها ماحصل ،او تكون بطريقها الى طبيب سعد ،ولكنه أمر الله وماشاء فعل .
لا تتوقف عن البكاء ،هي السبب ،هي التي تسببت في مقتل أخيها و حالة أمها ،وفوق هذا وذاك أضاعت شرفها .كأنها رسمت لوحة حزينة وزادتها قتامة أن جعلت خلفيتها سوداء.
شعرت بحركة يد امها داخل يدها 
-ماما ،زوزو ماما حركت يدها .
-كلميها وانا سأنادي الطبيب.
-ماما ،انا هنا ،افتحي عينيك ،اشتقت لك ماما .
جفناها بثقل الحجر ،تحاول فتح عينيها استجابة لهذا الصوت الحبيب الباكي .
جاء الطبيب المتابع لحالتها، جس نبضها،وراقب استجابة أطرافها وعينيها 
-حسن ،مبروك آنسة زارا الماما بخير .
عانقتها منتحبة فسمعت همسها 
-أين سعد ،أين اخوك؟
نظرت الى إيزا ترجو العون ،لا تستطيع ان تجيب.
-مرحبا رشيدة ،سعيدة بعودتك .
-لماذا ،اين كنت؟
-نمت اكثر من أسبوعين .
-أين سعد ،اين ابني؟
-سعد بالغرفة المجاورة ،استريحي انت واهتمي بصحتك لتشفي بسرعة .
-ماذا به سعد ؟
-كسر بسيط ،سترنيه لما تستطيعين المشي.
اغمضت عينيها
-الحمد لله .
-سنتركك الآن رشيدة ،زهرة وراءها امتحانات ويجب أن ترتاح قليلا لتستعد لها .
في السيارة نحو بيت إيزا 
-الى متى سنخفي عنها خبر سعد ؟
-سأتصل بالدكتور أحمد ،هو سيعيننا او سيخبرها هو بطريقته،هو دكتور نفسي والأدرى بطريقة التصرف في مثل هذه الظروف.
-يمكن ان تأخذيني الى المطعم ؟
-سأفعل ،ولكن لتقدمي استقالتك او تأخذي عطلة طويلة ،الامتحانات على الأبواب،وأريد نتيجة امتياز ككل سنة ،وحالتك لا تسمح بإجهاد العمل والاستعداد لاختبارات نهاية السنة وتحضير مشروع التخرج.
-استطيع ان اوفق بين العمل والدراسة كما فعلت كل هذه السنوات.
-نعم ولكنك هذه السنة تعيشين ظروفا استثنائية ،حزنك أثر على صحتك ،وانا لن أسمح أن تذبل زهرتي وانا أقف متفرجة .
ولا تتكلمي عن المصاريف ،وإلا رأيت غضب إيزا .
ابتسمت زهرة
-وانا احب زوزو ولا ارد لها امرا .
تعبت ،تعبت كثيرا ،ارهق كاهلها الصغير بحمل وضع عليه باكرا ،دخلت معترك الحياة بينما قريناتها وأقرانها ينامون بظل الأب والأهل،وجاءت حادثة امها لتقذفها ببحر لجي غادر. 
خرج من العملية الى غرفة عادية ،دخل والده واخته عليه قلقين 
-كيف حاله دكتور؟
-لن نعرف قبل يومين ،سيكون بخير بإذن الله.
خرج الدكتور ليتوجه احمد الى ابنه .
-الحمد لله انك بخير ومعنا .
-الحمد لله .
-لا بأس عليك أخي ،ستكون بخير ،لابد ان تكون بخير لأجلي .
مسح دمعتها وضمها إليه 
-لا تخافي انا بخير .
هل اتصلت بالسيدة رشيدة وابنتها أبي؟
-ليس بعد ،ليس قبل ان تشفى وتقف على رجليك.
-بل يجب ان تبدأ البحث عنها من اليوم .
-ولماذا البحث إذا كنت اعرف مكانها .
-تعرف مكانها؟
-طبعا،وكانت على اتصال دائم بوالدتك يرحمها الله ،ثم استمرت بالسؤال عنا.
-إذن اتصل بها ،واخبرها عن وصية ماما ،لنعرف جواب ابنتها .
-ولم العجلة ،انتظر حتى تخرج من المستشفى .
-لنعرف الجواب ونستعد لكل شيء ،لا تنس انهم قد يأخذون وقتا ليفكروا في الأمر ،حكاية اتفاق ماما مع صديقتها قد لا تهم زهرة ،او قد تكون ارتبطت بأحد هناك ،اريد أن اعرف .
-حسن ،حسن ،سأتصل بها ،وأخبرها ،ارتح الآن ولا تفكر إلا بصحتك .
ودعته ليبقى مع افكاره ،عاد إلى يوم وفاة والدته.(تعال يا سعد ،اقترب حبيبي .
-بم تحسين ماما؟
-انا بخير حبيبي ،وانت ،هل أحببت العمل مع أبيك بالشركة .
-نعم ماما ،تدريبي بالشركة يساعدني في دراستي ،والعكس،وأبي لايبخل بتجربته علي.
-وغيثة ،هل تحدثها وتقريبها منك كما اوصيك. 
-اطمئني ماما ،غيثة اختي بعيني وقلبي.
-وحدها بقلبك ام ماتزال زهرة تحتل اكثره.
-واين هي زهرة ماما .
نظرت الى الحزن بعينيه ،امسكت وجهه بين كفيها 
-ستعود ،زهرتي ستزين بيتك، عدني انك ستتزوجها .
-أعدك أمي ،لو قبلت سأتزوجها .
-اجعلها تقبل ،احي حبك بقلبها ،زهرة احبتك كما احببتها ،تزوجها بني ،سعادتك معها كما سعادتها معك .
-سافعل ماما ،سأفعل. )
عاد من ذكراه ،هل يفي بالوعد الذي يحيي قلبه ،ام بالوعد الذي يصلح خطأه؟
زهرة كبرت بعيدا عنه ،في مجتمع لا فرق به بين الحلال والحرام ،إذا كانت سارة في ليلة واحدة شجعته على الشرب،وشاركته الفراش لأنه قال وهو سكران انه يحبها وسيتزوجها ،ماذا ستكون زهرة وقد عاشرت قوما العلاقات بينهم كأنهم يجربون طعم أكلات مختلفة .
زهرة عرفته فارسها الذي يدافع عنها ،القوي الذي تستند عليه ،سيقدم لها سعدا آخر ليرى هل ستقبله ام ترفض ،وليتها ترفض لتحله من وعده لأمه .
رن جرس غرفته لتأتيه ممرضة تسأله إن كان يحس بألم ،فقال انه يريد الدكتور .
-اريدك أن تتعاون معي كما وعدتني .
-وانا تحت أمرك في حدود المعقول .
-ستعلن أنني فقدت القدرة على المشي. 
-خبر كهذا سيحزن أباك وقد لا يتحمله .
-تخبرني انا في حضوره ،وأظهر تقبلي للإعاقة ،بل سأصبره بأنني قد أسافر للعلاج بالخارج وانني متفائل.
-كما تريد .
وكان لسعد ما أراد ،حزن والده كثيرا ،وبكت غيثة أكثر  وتركته ليستريح على ان يعودا إليه في الغد .
يفكر احمد كيف تقبل سعد إعاقته وهو الشاب الطموح،كيف سينجز أعماله ويتابع أوراش البناء وهو على كرسي متحرك، وهل العلاج بالخارج نتيجته مضمونة ؟؟؟؟
تنزل دمعة على خده اسفا على ابنه وسنده الذي كسر قبل الأوان .
جاء الدكتور احمد ليزور رشيدة تحت طلب صديقتها ،وبعد زيارتين ،وقد تحسنت حالتها وأشار الطبيب انها يمكن ان تمشي بمساعدة عكاز ،
-مبروك ،الحمد لله ،يختبرنا ليعلم صبرنا وحبنا له.
-الحمد لله على كل حال .
-تعلمين ،سيدة رشيدة ،أننا بيد الله ،يعطينا ويأخذ منا ،والمطلوب منا أن نرضى ونقبل ولا يحق لنا ان نرفض قضاءه .
استشعرت الخطر في كلامه .
-اين سعد ،اين ابني؟
-سعد لم يتحمل الاصطدام، الإصابة كانت برأسه ،فاختار جوار ربه.
لا تصدق ،رغم ان قلبها كان يحس ،رغم كل هذه الأيام وزهرة وإيزا تتهربان من إجابة سؤالها ،ولكنها لا تستطيع أن تتقبل الحياة دون سعد 
-سعد مات ،وكيف أعيش دون سعد !!!!
-ستعيشين لزهرة ،لا تنسي حزنها على أخيها ،وانت رأيت كم هزلت حتى تكاد تنكسر من مجرد سلام او ضمة الى صدرك.
-حبيبي يا سعد ،حبيبتي يا ابنتي كيف تحملت كل هذا وحدك.
-لهذا أقول لك سيدتي ،كوني قوية لأجلها ،لأجل زهرة ،وأيضا لنفسك.
لن أقول انسي او لا تحزني ،الحزن طبيعي فالفراق قاس ،ولكن النسيان سيأتي ،سيبقى الحزن ولكنه سيصبح أصغر هنا في زاوية بالصدر  ،فقط لا تنهاري حتى لا تنكسر زهرة فانت قوتها الآن.
مرت امتحانات آخر سنة ،وجاء يوم تقديم مشروع التخرج ،حضرت إيزا وبيتر واحمد وطبعا رشيدة تستند الى عكازها .
أسعد تفوقها أسرتها الصغيرة ،أفراد ليس بينهم قرابة ويجمعهم الحب حولها ،تبتسم لهم وهي تأخذ شهادتها مع عبارات التقدير من الدكاترة الأساتذة .
عادت مع أمها الى البيت الصغير ،تنوي أن تبحث عن عمل بعد أن يزيل الدكتور الجبص عن ساق والدتها وتستطيع المشي دون عكاز .
نهاية الاسبوع زارتهما إيزا كالعادة ،ستقضي معهما يومي السبت والأحد ،تأتيهما بلحظات من السعادة ،وكثير من الذكريات من ماضيها مع رشيدة .رشيدة التي تختم كل حكاية او ضحكة بتنهيدة من القلب ،وزهرة التي لا تكاد الضحكة تخرج من حلقها ولا تصل الابتسامة إلى عينيها .
مر شهر ونصف عن الحادثة ،كانت إيزا معهما بالمستشفى حيث ستتخلص رشيدة أخيرا من الجبيرة ،رن هاتفها لتجيب فقد كان احمدالعامري زوج صديقتها الفقيدة أمينة .
-أهلا أخي أحمد .
-مرحبا إيزا ،أريد أن اتصل برشيدة لأجل أمر مهم ،وأحب أن تكوني معها .
-انا معها الآن ،نحن بالمستشفى .
-خير إن شاء الله ؟
-اطمئن خير مر الصعب .
حكت له ما حدث ،لأنه انشغل بحالة ابنه قبل وبعد حادثته،لم يسأل عنهم منذ مدة ولم يعرف بالذي حدث .
-آسف جدا ،ولكنني شغلت عنكم بحادث مماثل .سأحكي لكما لما اتصل برشيدة. 
-وهو كذلك ،سأتصل بك لما نكون بالبيت .
في بيتها حيث ذهبن لترتاح رشيدة ،كانت زهرة تعد الغذاء بالمطبخ لما اخبرت إيزا صديقتها بأمر مكالمة احمد 
-اتصلي به الآن لنعرف ماذا يريد .
فعلت فكان رده 
-لو سمحت ضعي مكبر الصوت ،ولو كانت زهرة معكما احب أن تسمعني .
-نحن الثلاثة نسمعك أخي .
-لقد فتحنا وصية أمينة ،وهي تخطب زهرة لسعد ابني ،هو موافق ،وننتظر موافقة زهرة .
نزلت دمعة على خد رشيدة ،وأسرعت زهرة نحو غرفة ما تختفي بها ،تخشى أن يظهر دنسها على وجهها ،أ ارتفع نحيبها وهي تضغط بيدها على صدرها كأنها تمنع انفجاره .
-ماذابك زوزو ؟ ان يتقدم لك شاب شيء طبيعي ،والعادي أن  تقبليه بسعادة او ترفضيه باقتناع اما البكاء والنحيب فلا ارى لهما مناسبة .
لفت يديها حول خصر إيزا ودفعت وجهها بصدرها تحاول أن توقف نحيبها دون جدوى .
جاءت امها تجرهاالى حضنها
-منذ حملتك يوم ولادتك قالت لي ستكون لسعد ابني ،كانت تحبك ،ولعلك تذكرين انك كنت تحبينها أيضا ،وسعد (ارتفع صوت بكاها عند ذكره)سعد كان يحبك ويدافع عنك ،وكنت لا تفارقينه يدك بيده .
لا تبكي حبيبتي ،لو احببت غيره فانا معك وسنرفض بلباقة، وحتى لو رفضت دون سبب فأنا معك ،رغم أنني احبه واتمناه لك زوجا .
ضحكت إيزا 
-تبحثين عن سبب للعودة الى وطنك .
-لو تزوجت زهرة وسعد ،سأعود و لا أخشى غانم ،وهو أيضا سيطمئن أنني لن أطالبه بمالي ولن يضايقني .
كلام الصديقتين الهى زهرة عن التفكير في خطيئتها، امها تتمنى العودة ،طالت غربتها وتحن الى وطنها ،سعد هو تذكرة الرجوع .
-تعالي لنرى ما أعددتِ لنا للغذاء ،نأكل ثم نفكر ،السيد العامري قدم عرضه ،و يمكننا أن ندرسه معا .
ضحكت إيزا وهي تجرهما خلفها



تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close