رواية احببت معقدة
الفصل الثالث عشر 13
بقلم فاطمة سلطان
أَحْيَانًا قَد نَظُنُّ أَنَّ كِتَابَةَ النِّهَايَات سَهْلَة ، وحتي إنَّنِي طِوَال عُمْرِي قَد تَمَنَّيْتُ أَنَّ اخْتَارَ مَا أُرِيدُهُ وَأَفْعَل كُلِّ شَيِّ يَجُولُ فِي خَاطِرِي
وَلَكِن اِكْتَشَفْت مُؤَخَّرًا أَنَّ الِاخْتِيَارَ قَد يَكُن خُدْعَةٌ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ وَأَحْيَانًا الِاعْتِيَاد مَع الْوَاقِع مُرِيحٌ بكثير عن اخْتِيَارِه
فَأَنَا تِلْك المُعقدة يَا ابْنَ آدَمَ لَمَّا تريدني ؟
فَالرَّجُل الْوَحِيد الْأَحَقّ بِحُبِّي لَمْ يَكُنْ باستطاعة أَن يُحِبُّنِي
لَأَقُول لَك ساقسم أَيْضًا بِذَلِكَ فَإِنَّا لَمْ أَعْرِفْ مَا هُوَ الْحَبُّ وحتي الْآنَ لَمْ أَعْرِفْ مِنْ هِيَ الفَتَاة الَّتِي تَسْكُن بداخلي !
فَأَنَا تِلْك المُعقده يَا ابْنَ آدَمَ لَمَّا تريدني ؟ .
____________________________
هدير تعالت دقات قلبها وكانت عنيفة جدا فمن الصعب سماعها منه وجهها لوجه حتي وان قالها الجميع، والاعصب انها تتذكر اخر لقاء جمع بينهم، فأردفت بتوتر شديد
- قاسم انا مش عارفه اقولك ايه انا ..
قاطعها قاسم قائلا بهدوء
- قولي اللي انتِ حاسه بيه
- حاسة اني منفعكش ...
ربما شعر قاسم بألم شديد في قلبه رغم ان عقله كان يتوقع أن السنوات الاخيرة التي مرت لم تتغير من يعرفها ويتوقع ان ذلك سيكن ردها ولكن ألمه سمعاها
حاول أن يجيبها بنبرة هادئة وباردة رغم انها أحرقت روحه
- عمر ما كان في بينا توتر طول عمرك كنتي بتحكي ليا انا اول واحد كل حاجة بصراحة، شيفاني اخ لسة بمعني اصح
هدير حاولت ان تتفوه بأي كلمات قد تسعفها
- قاسم انتَ اكتر واحد كنت عارف قد ايه نفسيتي مضطربة والسنين اللي فاتت، انا زاد فيا عيوب ومتقدمتش في السنين دي انا اتأخرت، ومش حكايه شيفاك اخ إطلاقا ومش ده السبب انا منفعش اني اكون شريكة حياه ليك او لغيرك
قاطعها قاسم بنبره منفعله قليلا هذة المرة
- هدير انتِ بتقلقيني في ايه مش فاهم مالك بعيدا عن أي حاجة
- صدقني انا بقيت اضعف من زمان مش هقدر اديك اي حاجه انتَ او غيرك، صدقني انا هخنقك ومش هكون غير حمل عليك و ..
كانت تتحدث والدموع تترقرق في عينيها ولكنها صمتت حينما وقف قاسم وخلع جاكت بدلته وشمر أكمام قميصه مما جعل هدير تتوتر وحتي ان بعض الناس نظرت عليهم فكانت حركة قاسم محسوسة فهي تجعله يجن بكلماتها
وجلس مرة أخري ليحدث بنبرة حاول جلعها هادئة ولكنه يفشل في ذلك فهي ستقتله بما تقوله
- طيب خليني اتكلم بوضوح اكتر علشان انا شويه وهفرج الناس علينا، بتحاولي تقولي ايه ياريت تتكلمي كلام يتفهم
هدير حاولت ان تتمالك نفسها وتتحدث بشجاعة
- متصعبش الموقف، انتَ قولتلي اكون صريحه معاك
قاسم بسخرية وكأنه الغي تلك النبره الهادئة التي حاول تصنعها
- دي الصراحه من وجهه نظرك ؟
- اه
قاسم أردف قائلا بسخرية لم يستطع كبحها
- جتك اوه، ده شويه وهتقوليلي انك بتاجري في المخدرات، لو رافضة الموضوع بلاش كلامك ده قوليها بصراو فعلا
كأن كلماته التي كانت يوما ما سبب في ابتسامتها اصبحت كلماته اليوم سبب في ارتباكها تخاف ان يعرف الشخص الاهم بالنسبة لها حقيقة ما وصلت إليه، فأردفت هدير بنبرة مرهقة وفاقدة الأمل تماما
- انتَ عايز ايه يا قاسم مش انتَ طلبت تتجوزني ؟
- ايوة طلبت
هدير أردفت بهدوء مُزيف
- وانا مش عارفه ارد عليك دلوقتي وكنت بحاول اتهرب
هدير أردفت قائلة بعد تنهيدة طويلة وهي تحاول ان ترتب بعض الحقائق
- بص يا قاسم انا طول عمري صريحة معاك اكلمك بشكل اوضح، انا لغايت دلوقتي مش عارفة حقيقة مشاعري تجاهك ودي اول حاجه، انا بمر بحالة نفسية وحشة لاسباب تعرفها ومتعرفهاش
اما تالت حاجه بقا انا مشاكلي مع ابويا زايدة وانا مش هطلب منه يجهزني في عز ان هو ابتدي يقطع مصروفي لما عرف اني اشتغلت يعني اللي لازم تعرفه اكيد ان الجواز او الخطوبة اكيد مش هطالب عمتي بده وانا لسه متخرجة وبدأت اشتغل
قاسم لم يهمه اي حرف مما قالته فهو يعلم كل ذلك، فأردف قائلا
- هو انتِ باردة وله غبية وله ايه الوصف الصحيح ليكي يعني حتي كنت منتظر منك تسأليني انا طلبتك ليه، و تساليني ايه اللي خلاني أخذ خطوة زي دي، لو عريس متقدملك صالونات واول مره تشوفيه هتسالي، محسساني ان اني اتقدملك ده شي متوقع مثلا او اني كنت قاري فتحتك وانتِ صغيرة
شعرت هدير بالاستغراب فهو محق علي الأغلب، فأي فتاة حينما يتقدم منها شاب فمن الطبيعي ان تسأله ما دفعه الي الزواج او اختياره لها علي الاقل، فأردفت قائلة بأحراج
- اكيد كنت هسالك، ايه اللي خلاك تفكر تطلب ايدي
أردف قاسم بنبره هادئة وابتسامة
- هعتبر اننا لسه في الاول بعيدا عن المقدمة اللي لازم افهم ايه اللي كنتي بحاولي تشليني بيها
ثم تنهد وأستكمل حديثه قائلا، كانت هدير تستمع له جيدا
- زمان، انا حبيتك فعلا كأخت ليا هونتي عليا موت اختي الله يرحمها زمان كنتي سبب في ابتسامتي وسبب للبهجة اللي رجعت حياتي بعد ما كنت دخلت في اكتئاب شوية، لاني كنت متعلق بيها جدا، سنين عدوا وانتِ بتكبري قدامي وبتعلق بيكي اكتر وبدخل في تفاصيلك اكتر ويعلم ربنا انا طول السنين اللي كنت معاكي فيها معاكي دايما عمري ما بصتلك بنظره تانية
ثم روي عطشه وشرب مياة وأستكمل حديثه قائلا
- كلنا بنتعلم من غلطنا، بعدت عنك علشان عرفت انه كان غلط واني بضرك، وعمر بعدك عندي كان شي هين انا كنت عايز اكون معاكي في كل لحظة خلال السنين اللي فاتت، عايز اضايقك بالاغاني اللي بسمعها، وعايز اصحي الصبح اوصلك زي زمان
عايز اكون اول حد تحكيله همك، عايز اكون جنبك في أي حاجة
كانت هدير تحاول أن تتفادي النظر اليه فهي تقسم ان ضربات قلبها ستفضحها وانه يخجلها بحديثه أكثر من تلك المشاهد المُخلة التي تراها وتسللت الحمرة الي وجهها لتشعله وتجعل مشاعرها ترتجف لسماعها تلك الكلمات رغم انها رقيقة وهادئة كصحابها ولكنها لمست قلبها، ليستكمل قاسم حديثه وهو يري خجلها ونظرها علي الطاولة لعلها تتفادي تلك النظرت وتستند علي يديها بذقنها
- عايز اقولك مبروك وانتِ قدامي، عايز اقولك مبروك مش مجرد رسالة سخيفة ، كل يوم مشاعري بتتغير كل يوم وانا خايف أخد خطوة مش ضعف بس خوف من خسارتك، خوف من اني اكون بظلمك لغايت ما أتاكد من مشاعري، بعد لما حضنتيني ...
قاطعته هدير بارتباك شديد وخجلها زاد حينما ذكر هذا الموقف رغم أنه لم يقصد احراجها
- والله انا مكنتش قصدي حاجه يا قاسم وقتها والله
- انا مش قصدي حاجة وانا عارف ان كان تصرفك متهور ومقدر الحالة اللي انتِ كنتي فيها، من بعد اليوم ده وانا بستخير ربنا، كل الاشارات كانت اني اتقدم ليكي عارف انك مُعقدة زي ما انا كنت بتريق عليكي زمان
ثم تنهد وابتسم أكثر هذة المرة وأ{دف قائلا
- ممكن عندك فوبيا وعُقد صغيرة كده بس انا ملقتش حد لمس قلبي زي ما انتِ عملتي، انا بعدت عنك وكنت فاكراني همل من اني اعرف اخبارك وهقابل اللي تشغلني وتعرفني ان علاقتي بيكي كان تعود وشعور هينتهي مع الوقت
عدي بدل السنة تلاتة يا هدير مفيش يوم فيهم عدي الا وعايز اكون معاك، عرفت بنات بعدد عُقدك لو تحبي اوصفك كده مدام انتِ شايفاها كتيرمحستش اني حبيت اشارك واحدة باللي حاسه، انا معرفتش ابني احلامي او احكيها لحد غيرك
ثم تنهد تنهيدة مطولة وهو يراها مندهشة مما سمعته وحتي هو مندهش فلم يحدث بتلك الكلمات مع أي أحد ولم يخرجها لطالما كان شعور يدفنه بداخله، أردف قائلا
- مش عارف اقولها ليكي وله لا بس انا بحبك مش كاخوكي النهاردة وعايزك بكل عقدك وكل اسبابك المنطقية والغير منطقية، ولو موافقه انا مستعد اكلم عمك وابوكي لو قولتي اه ولو قولتي لا أحنا جيران وخلاص وننسي اني طلبتك
صدع صوت هاتف هدير وهو يعلن عن إتصال من عمتها لتجيب هدير وعمتها تحثها علي الرجوع الآن، فوليد في البيت
فأغلقت معها وتفهم قاسم الوضع وتفهم ايضا ان تلك الجنية تريد الهرب ولكن الي متي ستهرب ؟!
__________
علي لسان هدير
انا كنت مكسوفة من كلامه، مكنتش متخيله اني هتكسف بالشكل ده، ويمكن اول اعتراف صريح من راجل لبنت بحبه ليها مش بيتنسي بيعلم لبقيه العمر
_______________
كان وليد يجلس مع هاجر ويطمئن علي احوالها ربما ما حدث بينه وبين هدير يختلف كل الاختلاف عما حدث بين هدير وقاسم في السنوات الاخيرة، فتقرب وليد من هاجر وهدير كونه ابن عمها، ودائما يسأل عنهما
- هي هدير بتتاخر كل ده في الشغل
- بتجيب حاجات مع ساره و زمانها جايه
- تمام، ايه اخبارها مع عمي
هاجرأردفت بانزعاج وغضب من شقيقها
- عمك من ساعه ما اتخرجت وهو مطنش موضوع انه يبعت مصروف ولازم هي تتصل بيه وتفكره ونفسها عزيزة عليها
بتحاول تعتمد علي نفسها، رغم مرتبها صغير جدا علشان دي فترة التدريب ومش بترضي تاخد مني فلوس
وليد بحزن عليها و غضب علي عمه و علي والده ايضا لربما حتي يومنا هذا لم يفهم وليد ما هو موقف ابيه وفي اي صف يقف
- والله يا عمتي انا مش عارف عم عماد ليه بيعمل كده معاها
وليد أردف قائلا بحزن
- يعني بتصرف منين ؟!
- مرتبها وعلي قد المصروف اللي لسه بيبعته بس بعد ما بينشف ريقها يتاخرفهو باين هلاص كلها شهرين ويقول مش هبعت حاجة، هو صحيح ابوك خلصا هيقاطعني هو كمان
شعر وليد بالاحراج فأردف قائلا
- مشغول علشان فرح مريم قرب
أردفت هاجر وهي تلوي شفيتها بتهكم
- بلاش تكدب عليا، انا اكتر واحدة عارفة اخواتي زعلانين علشان بعت نصيبي
- ده ملكك وانتِ حره فيه، وبعدين هو زعلان علشان اللي حصل قبل كده بين قاسم وهدير ولانه هو المشتري
- هدير نفسها متعرفش اني بعت اصلا، محستش اني المفروض اشغلها بحاجه زي دي لان ملهاش لزمه
وليد لا يعلم لما اتت في باله تلك الساحرة الخبيثة والتي تستطيع اغضابه و بشده وكأنها كابوس حياته حينما يراها صدفة
- هي ساره دي كويسه يعني علشان تبقي رايحه جايه مع هدير وتروح عندها
- كويسه جدا حتي ساعات بتبات عندنا وبعدين بقالنا سنين نعرفها وكانوا زمايل في المدرسة ومن ساعة ما دخلوا الجامعة وهما مش بيفارقوا بعض
ثم أكملت حديثها باستغراب
- بس انتَ بتسال ليه
وليد أردف بغيظ شديد
- مش عارفة قابلتها كذا مرة مجنونة ولسانها طويل
- هي لاسعه حبتين بس جدعة جدا ومسابتش هدير تحت اي ظرف
ودخلت هدير بعد دقائق هدير وسلمت علي وليد، وبعد فتره ذهب وليد لتقص هدير ما حدث علي هاجر التي لم تعلق او حتي تعقب علي كلامها فقط اكتفت بقولها ان تفكر فهذه حياتها واما عن نفسها فهي ليس لديها اي اعتراض
_____________________
بعد مرور اسبوع
اتصلت هدير بقاسم واتفقت معه قاسم ان يقابلها في نفس ( الكافيه )الذي كانوا يجلسوا به في المرة السابقة، وحينما تقابلوا تحدثوا الاحاديث المعتادة حتي تنهدت هديرلتتحدث قائلة بشجاعة مزيفة
- انا وصلت لقرار ومليش كلام بعده واتمني تفهمني وتسمعني للاخر ...
قاسم أردف بهدوء مزيف يتنافر مع النار المشتعلة في قلبه
- اتفضلي يا هدير
هدير أردفت قائلة وحاولت ان تنظر له حتي تظهر له انها واعية ومدركة تماما لما تتفوه به
- انا مش اقل من سنه او ممكن اكتر علشان اقدر اقولك حتي اه او لا
أردف قاسم بنبرة غير مستوعبة
- سنة ؟!
- ايوه سنة يا قاسم، لان اي قرار هقوله دلوقتي متاكدة اني هندم عليه لاني مش عارفه افكر، والفترة دي هتبقي تأهيل لنفسي ممكن متفهمنيش كويس بس انا رايحة لدكتوره نفسية ومتسألنيش ليه وهبدأ في كورس لتحضير نفسي علشان اكون محاسبة قانونية
أخذت نفس عميق لعلها تصلح بشاعة ما تقوله علي قلبه
- انتَ طول عمرك كنت عزيز عليا يا قاسم ومازالت، انا مش بطلب منك تستني سنة وحتي لو خلال السنة دي انتَ اتعرفت علي واحده وممكن جدا مشاعرك تتغير انا مش هزعل ابدا، لاني مليش عين اطلب من حد كان ليا نعم الصديق والاب والاخ ورفيق دربي و كنت ليا ضهر كل حاجه و مازالت، فمقدرش اطلب منك تستني سنة وانا مش عارفه اقولك ايه بعدها ..
كان قاسم يشعر بالصدمة لما تتفوه به لتستكمل حديثها
- بعد سنة من النهاردة لو لسه قلبك زي ما هو من ناحيتي ومغيرتكش الايام ولسه عايزني اطلبني وقتها
لو اتغيرت من ناحيتي او شوفت اللي تستحقك، فانا بتمني ليك الخير برضو
أَرْدَف قَاسِمٍ وَهُوَ مَازَال يُحَاوِلْ أنْ يُعَرِّفَهَا أَنَّهَا غَالِيَةٌ وَلَيْسَت هِينَة مِثْلَمَا تَظُنّ وَإِنَّهَا غَالِيَةُ عَلِيّ قَلْبِه ، فَمَازَال يُحَاوِلْ أنْ يَلْطُف جَرْحُهَا بِالرَّغْمِ مِنْ أَنَّ جِرَاحٌ قَلْبِه تَنْزِفُ وَلَا تَعْبَأْ بِه، فَهَلْ هَذِهِ الضّرِيبَة الَّتِي يَجِبُ أَنْ يَدْفَعَهَا بِسَبَب حُبّ تِلْك المُعقدة ؟
- لو مكنتيش تستحقيني مكنتش فكرت فيكي ، لسه معرفتيش قيمه نفسك يا هدير انتِ غاليه اوي
ثم أكمل بنبره مرحة لا تتناسب بتلك الينران التي تتواجد في قلبه
- لينا لقاء لو لسه كاتبلي عمر بس مش هقبل غير انك تطلبي ايدي بنفسك ..
______________
علي لسان هدير
عدي شهور ودخلنا في السنة الجديدة مكنتش عارفه ابطل الموضوع كنت بقعد بالعشر ايام مبكلمش حد وبصلي وبرجع في لحظة فراغ افتح اكلم اناس ومكملش لدقايق حتي وارجع انب نفسي واقفل، علاقتي بقت قويه مع عبير بقيت اكلمها كتير بس من الاكونت الفيك رغم اني كنت بتابعها من الاساسي بس برضو كنت لسه مكسوفة اني اعرف شخصيتي ليها وشايفة انه عار كبير
نصحتني عبير اني اروح لدكتور او دكتورة نفسية بس كنت مكسوفه من فكره اني اروح واتكلم مع حد في موضوع بيضايقني بالشكل ده حتي لو الشخص ده قادر علي علاجي برضو كنت محرجة ...
________________________
في منتصف مايو عام 2018 دخلت هدير العيادة بعد حضورها لدرسها الديني في احد الجوامع واخيرا اتت، بعد ما قالته لها عبير، سمعت ند طبيبة تُدعي فرح خالد في اواخر الثلاثينات من عمرها
دخلت هدير بعد ان تركتها المساعدة لتدخل وتري أمرأة ترتدي حجاب وبنطال فضاض كانت قصيرة ونحيفة أيضا ترتدي نظارة طبية فالواقع لا يظهر عليها عمرها إطلاقا فلا يظن من يراها انها تخطت الثلاثين من عمرها
جلست هدير بارتكاب وكأنها تنتظر ان يتم التحقيق معها فأردفت فرح بعد أن مدت يدها وصافحتها
- تشربي ايه بقا
- افندم ؟
فرح تحدثت بابتسامة مشرقة تماما
- تشربي نسكافية وله شاي او ايه مشروباتك السخنة اللي هي ياريت متعديش عن النسكافية والشاي والنعناع علشان مفيش غيرهم اما لو بتشربي حاجه سقعه فده موضوع تاني
هدير أردفت بذهول فهي لا تصدق طريقتها وديكور عيادتها وكأنها ليست في عيادة بل هي تزور احدي صديقاتها
- هو حضرتك دكتوره فرح خالد ؟
فرح أردفت قائلة وهي تذم شفتيها وتتصنع الضيق
- والله هو انا فعلا اللي انتِ بتسالي عنها بس انا مبحبش وصفي بدكتوره ده لقب ده علشان اريح ابويا كان نفسه اطلع دكتورة باطنة وله حاجة، بس ما علينا انا فعلا فرح خالد و حضرتك هدير عماد صح ؟ فبلاش مقدمات كتيره قوليلي تشربي ايه، تشربي شاي ؟
هدير أردفت قائلة بعدم تصديق فهي تقسم ان هذه الفتاه هي من تحتاج لدكتور نفسي مثلها تماما
- عادي
- كويس اهو ارخص حاجه
بعد وقت بالفعل صنعت فرح كوبين من الشاي، باستخدام طاولة صغيرةو التي توجد في الغرفه فوقها بعض الاكواب و بجانبها غلاية كهربائية واعطتها لهدير ثم أردفت فرح قائلة
- خليني اخمن سنك
اجابت بعد ثواني : في اوائل العشرينات صح
- اه
-حلو شغاله وله قاعدة في البيت منتظره ابن الحلال
- انا شغالة في مكتب محاسبة ..
أردفت فرح قائلة
- الهدير هو صوت الحمام الذي يردده في حنجرته وهو صوت الأبل في غير شِقْشِقَةٍ أي الذي يتردد في حنجرته ولا يخرج من فمه حيث يعرف الصوت الذي يردده الأسد من داخل حنجرته باسم الهدير .. برغم من ان صوت الاسد يعرف بالزئير
هدير أردفت بتلقائية فهي لم تظن انها ستحادثها في تلك الاشياء
- ده بجد ؟ هو انا حاسه اني جايه اقابل واحده صاحبتي مش دكتوره نفسيه في عياده انتِ مسالتنيش
انا جاية ليه
- مش عارفه انا ليه مش بحلل فلوسي اللي باخدها من فلوس الناس وبعدين يعني هل انا وحشه اوي كده علشان مكنش صاحبتك ؟!
