أخر الاخبار

رواية حكاية زهرة الفصل الخامس5 بقلم حكاوي مسائية


 رواية حكاية زهرة الفصل الخامس5 بقلم حكاوي مسائية



الأيام لا تنتظرك حتى تفيق من حزنك ،الحياة ستستمر وعليك أن تستمر معها ،فلا شيء يدوم حتى الحزن سيصغر ويصغر حتى يصبح نقطة داخل دهاليز قلبك ،ويصبح العزيز ذكرى بين متاهات ذكرياتك كلما ذكرته تحركت تلك النقطة بقلبك ودفعت تنهيدة تخرج لتنبهك الى ضرورة الاستمرار .
غادرت زهرة نحو كليتها ،منذ يومها الأول خرجت باحثة عن عمل، اي نعم هي حصلت على منحة دراسية كاملة بفضل توفيق الله لها واجتهادها في كل الموادغ ،علاوة على امتيازها في الأنشطة الموازية للدراسة ،الرسم والطبخ ،والتي جلبت للمدرسة جوائز كثيرة من مباريات ضد مدارس أخرى ،ولكن المنحة للدراسة ،وللحياة متطلبات أخرى .
خرجت تبحث عن مورد للمال من أجل احتياجاتها كفتاة وطالبة هندسة ،وجدت اعلانا بأحد المطاعم يطلب مساعدا للطاهي، دخلت وقدمت نفسها ،كلامها المهذب ،دراستها بالطبخ ،وهيئتها ،كل هذا جعل مدير المطعم الفخم يقبلها مساعدة للطاهي.
يكبر سعد ليصبح بعمر الرابعة عشرة ،تضاءلت حدة توحده،ولكنها لم تختف، اصبح يقبل إيزا وبيتر ،إيزا لم تتزوج ،وكل حنان أمومتها توجهه نحو سعد وزهرة ،بل حتى رشيدة تنعم بحنانها ،بيتر أصبح كهلا ،ولكنه زاد طيبة ،و زهرة نضجت أكثر ،احتكت بالكثير فصقلت شخصيتها لتصبح أقوى واكثر اتزانا ،لا تتكلم كثيرا ،ولكن كلامها لا يكون إلا بمحله ،ليس لها أصدقاء غير الكتب ،و معظمها عن الهندسة وتاريخها ،بعض الروايات التي تزيدها حكمة وبعد رؤية مثل مئة عام من العزلة للكاتب غابرييل غارثيا ماركيز.او الفراشة لهنري شاريير.
روايات تعد على رؤوس اصابع اليد الواحدة ،كلها عن الغربة والوحدة ،والمنفى .عززت قبولها لمنفاها واكتفاءها بذاتها،وتصالحها مع واقعها .
على الجانب الآخر ،بلغ سعد الآخر السابعة والعشرين ،أصبح يدير شركة والده ،مديرة مكتبه وصديقته منذ أيام الجامعة سارة ،تنظم كل اوقاته،حتى تكاد تتدخل في خصوصياته،لا يسافر الى عمل دونها ،ولا يحضر اجتماعا إلا كانت على يمينه، مايعرف عنها انها يتيمة بعد أن مات والدها إثر صفقة خاسرة أحرقت كل ماله ،ولحقت به والدتها بعد سنوات من الكآبة ،وتعيش وحيدة بشقة هي كل ماتبقى لها لأنها كانت باسمها قبل أن تحجز الأبناك على ممتلكات والدها .
أوصلها شقتها كما اعتاد أن يفعل كل مساء.
-كنت احب أن نتعشى معا الليلة .
-اعذريني ،كما رأيت ،ثلاث اجتماعات انهكتني ،لا أرى امامي إلا الفراش .
-تعال لترتاح قليلا .
-لا أستطيع ،لو جلست الآن على اريكة انام للتو .
-كما تشاء ،تصبح على خير .
تريده أن يدخل شقتها ،لو دخل مرة سيدخل مرات ،وقد تستدرجه إلى حيث تريد ،تعده من ممتلكاتها ،هي الأحق به ،شاب غني ،وناجح ،أوكل اليه أبوه تسيير كل شيء ،أخته الوحيدة مخطوبة لشاب يماثله غنى، من تتزوجه تصبح هي الملكة على عرش العائلة .
اما هو ،فقد كان يرى شغفها به ،وفاءها للشركة ،ولكنه لايشعر نحوها بذاك الشيء الذي يحسه كلما ذكر زهرته. 
دخل بهو الفيلا ليجد والده بانتظاره
-تأخرت اليوم سعد.
-آخر اجتماع انتهى قبل قليل ،انا فعلا منهك .
-اخبرني قبل ان تنام ،هل أمضيت العقد مع الشركة الأنجليزية .
-ليس بعد ،دعونا لزيارتهم بمقرهم باسكتلاندا.
-وماذا قررت ؟
-لن أقرر قبل أن ارتاح .
-تمام ،انا تعشيت مع غيثة ،تناول عشاءك قبل أن تصعد الى جناحك .
لم يفكر كثيرا ،جوعه للنوم فاق احتياجه للأكل ،ارتمى على سريره ولم يزل إلا سترة البذلة والحذاء .
بعد أن ارتاح الدماغ والجسم قرصه الجوع ،ليستيقظ وينزل الى المطبخ ،حيث أكل ما اتيح له ،ثم توجه الى المكتب .
نظر الى المكتب الصغير ،جوار مكتب ابيه الذي اصبح له الآن ،وتذكر يوم ارادت امه ان تزيله.
-اتركيه ماما ،سيكون مكتب حفيدك.
-كما تريد حبيبي.
ليس لأنني اريدك مكتب حفيدها فقط ،بل لأن زهرتي جلست إليك معي كثيرا،لأنك شهدت شوقي لها ،ودمعتي الأولى على فراقها ،اين انت زهرتي.
فتح ملف الشركة الانجليزية ،ومحصه جيدا وهو يدون ملاحظاته،قبل ان يغادر المكتب ،ليستحم وينام مرة أخرى.
افاق على صوت الأذان ،سمع والده يخرج من جناحه مسبحا ،المسجد ليس بعيدا وهو يفضل أداء الفريضة حاضرا ،وكم حاول ان يرافقه سعد ،ولكنه يتعلل بالتعب وانه يؤدي فرائضه بالبيت او المكتب.
صداقته بوالده جنبته الكثير من المشاكل خصوصا رفاق السوء ،ولكنه ليس بالصورة التي يتمناه والده ،ليس بعد.
على مائدة الإفطار اخبر اباه انه قرر السفر أول الاسبوع القادم . 
هاتفت زهرة والدتها ،اشتاقت اليها وسعد ،رؤيتها على شاشة الهاتف ما عادت كافية 
-اشتقت لك ماما ،اشتقت لأحد أكلمه لغتنا ،تصوري ،بحثت عن كتاب بالعربية لأقرأه ،أشكرك ماما لأنك أصررت أن تعلمينا لغتنا بالبيت .
ضحكت رشيدة 
-فهمت الآن حكمة الماما .
-وفهمت مقدار حبك لنا .
-سنزورك نهاية الأسبوع ،احجزي لنا بفندق قريب.
-سأفعل ،اشتقت لحضنك ماما .

وصل سعد وسارة الى المدينة حيث سيجتمعان مع ممثلي الشركة التي ينوي التعاقد معها ،دلفا الى الفندق واستفهم سعد عن الحجز المسبق ،وكما توقع ،جاء المضيف ليصطحبهما نحو غرفتيهما. 
حلم سارة أن تشترك معه غرفة واحدة كزوجة وحبيبة ،ولكنها تتعفف لعله يغير نظرته لها كمجرد كاتبة ومساعدة يوما ما.
خرجا للعشاء ،وانتقى مطعما فخما، ابهر سارة كما ابهرها الأكل المقدم .
-أكلهم رائع .
-الغريب أن أكلهم عادة لا ذوق له ،كأنهم يبخلون  بالتوابل .
-ونحن المغاربة ذوقنا مختلف ،نحب البهارات كثيرا ،إنما وجبة اليوم كأن الطاهي مغربي .
-ما رأيك لو نشكره ،ستكون لفتة جميلة .
لو سمحت نريد أن نشكر الشيف. 
انحنى النادل احتراما قبل أن يتوجه الى مدير المطعم 
-بالصالة زوج يريدان شكر الطاهي .
-حسن سأستدعي لهما الشيف .
بعد برهة حضر المدير والنادل وبينهما فتاة نحيفة ،عيناها الواسعتان تحرسهما جيوش غيرة من الرموش الكثة، تجمع كفيها خلف ظهرها وترسم ابتسامة جميلة على شفتيها الشهيتين. 
أقدم لكما الشيف ،ونحن سعداء أن الوجبة نالت إعجابكما.
عيناها إنه يعرفهما، رآهما من قبل ،فكيف تنسى مثل هذه العيون ،ولكن متى وأين ،تبا لك أيها القلب كيف تنتفض لرؤية هذه الغريبة .
هذا الوجه ليس غريبا عني ،هذه النظرة ليست غريبة عني ،كأنني أعرف هذا الرجل ،كأنني رأيته من قبل .
ابتسمت وانحنت قليلا ثم نظرت إلى رفيقته 
-يسعدني سيدتي إعجابك بمطعمنا نتمنى أن تعودي قريبا .
استدارت مغادرة قبل أن يخرج هذا العصفور الذي يرفرف بصدرها .
أزالت طاقية الطاهي عن رأسها ،ووضعت يدها على قلبها تهدئه 
-لا يمكنك أن تخفق لرجل ،أم نسيت عذابك مع غانم ،غانم الذي من المفروض بل من الفطرة أن لا تعرف معه إلا السعادة ،ألا تحس معه إلا بالأمان ،فكيف برجل غريب .
لا،لا، السبب هو أنها المرة الأولى التي أكون مسؤولة عن الطبخ وحصلت على تقدير زبون مهم ،لابد أن هذا هو السبب.
نظرت سارة الى سعد ،سعد الذي تغير لما رأى هاته الفتاة ،انفعالات نفسه ظهرت على وجهه ،النظرة بعينيه اختلفت، لمع بهما بريق طالما تمنته 
-نذهب؟
سألته لتعيده إلى عالمها .
-ااا،نعم ،نذهب ،نحتاج ان نرتاح فغدا يوم طويل .
لا هو ارتاح ،ولاهي هدأت .

استلقى يفكر في تلك العيون التي تشبه عيون زهرته ،بينما تذرع غرفتها ،تقرض أظافرها ،الغيرة تأكلها .
-لا يمكن ،اليوم تأكدت انه لن يفكر بي زوجة ،اليوم رأيت كيف ينظر لغيري ،ولكنني لن اتركه ،يجب أن اوقعه في شباكي ،لن أقف منتظرة حتى أراه بحضن غيري.
زهرة انهت دوامها بالمطعم وخرجت وأملها أن تستريح بحضن امها الليلة ،حجزت بفندق أنيق وجميل غرفتين ،واحدة لأخيها سعد والأخرى لها هي وأمها .
أخذت معها عشاء ياكلونه بحديقة قريبة .
عانقت سعد وقبلت وجنته وهو يبتسم لها 
-ج جئ جئنا انا و،و،وماما 
-مرحبا حبيبي ،اشتقت لك كثيرا .
-ر،ر،رسمت ،ل،لك صورة .
مد يده بلوحة ملفوفة ،فردتها لتجد صورة لها وهي تضحك وشعرها متمرد حول وجهها .
-حبيبي ،كم هي جميلة ،تعلم؟سأضعها بإطار جميل وأعلقها بغرفتي .
مرة أخرى قبلت وجنته فعانقها سعيدا .
كانت تنظر أليهما بحب ،جوهرتيها الغاليتين، متاعها من الدنيا الذي أغناها عن كل الدنيا .
فرشت زهرة منديلا ذا مربعات بالأحمر والأبيض ،و رصت عليه الأكل .
-ستأكل اليوم من يدي يا سعدي .
-نعم ،نعم زهرتي .
-ياسلام ،هو سعدك وانت زهرته ،وأين انا من كل هذا الحب .
عانقاها لتقول زهرة 
-انت الحب كله .
ليلة سعيدة قضتها بحضن والدتها ،بعد أن نام سعد بغرفته .
-كيف حالك بين الدراسة والعمل بالمطعم ؟
-جيدة ،كما تعلمين الدراسة لا تغلبني طالما أدرس ما أحب ،كما أنني آخذ دروسا في اللغة التركية .
-لم تتعبين نفسك ،ألا تكفيك أربع لغات الى جانب العربية ؟
-استعد لسوق الشغل ،يمكن أن لا أجد عملا هنا ،فأبحث بكل أوروبا ،واللغة عامل مهم .
-وشغلك بالمطعم ؟
-اليوم تغيب الطاهي بسبب نزلة برد ،وبما أنني مساعدته الأولى والأقدم ،كلفني المدير بالطبخ ،ولقد نلت شرف شكر أحد الزبائن المهمين .
انهت جملتها وشردت متذكرة ذاك الوجه الذي ظنت انها تعرفه ،وتلك العيون التي انجذبت نحوها كأنها مغناطيس .
-مابك زهرة ،كأنك سهوت عني ،هيا أخبري صديقتك هل في الجوار حبيب ؟
-ههههه،حبيب مرة واحدة ،قولي زميل ،صديقة ،إذا كنت لا أخالط أحدا ،وإذا كلمت زميلا او زميلة فكلامنا يكون حول مادة او محاضرة او تدريب .
-الى متى حبيبتي،بلغت الثالثة والعشرين ،وهذه آخر سنة لك بالجامعة ،لا تغلقي قلبك بوجه الحب ،ليس كل الرجال غانم .
-بل كلهم غانم ،الرجل الوحيد الذي أقبله واحبه هو سعد .
-أي السعدين زهرة ؟
-هو سعد واحد ،أخي ،الآخر ذهب مع عالم غانم ،أصبح ذكرى باهتة من ذكريات طفلة .
التفت لتدفن وجهها بصدرها أمها كأنها تختبئ به من نفسها ،من ذكرى عادت مع عيون ذاك الغريب في المطعم.

قضت نهار الأحد مع امها وأخيها ،جولة بشوارع المدينة ،غذاء بمطعم صغير واستراحة بالحديقة قبل أن تودعهما، فالطريق أمامهما طويلة ،وقد يعم الظلام قبل وصولهما البيت ،كما أن الطقس بارد وعلى رشيدة أن تسوق بمهل على الطرقات المبتلة. 
أما سعد العامري ،وسارة ،فقد قضيا يومهما مع ممثلي الشركة المضيفة ،وقد رفضت سارة أن يتوجهوا نحو مطعم الأمس ،بل اتفقت خلسة مع السكرتيرة الأخرى لتقترح مطعما قريبا من الشركة ،ثم سهرة بأحد المراقص ،على أن يكون اجتماع العمل غدا الاثنين .
رفض سعد شرب كأس المقدمة إليه ،لم يسبق له شرب النبيذ ولا غيره من الكحوليات ،ولكن سارة كان لها رأي آخر.
-هي كأس واحدة لن تؤثر عليك وتجاري بها مضيفك. 
-انا لا أشرب الخمر ،ولن افعل اليوم .
-لا بأس ضع الكأس أمامك مجاملة .
اخذت الكأس الممدودة ووضعتها امامه على الطاولة ،وهي تفكر 
-يجب أن تشرب الليلة ،يجب أن تفقد وعيك ،إما الليلة وإما أبدا .
كأن السكرتيرة الأخرى قرأت أفكارها، 
-آنسة سارة ،مارأيك لو نعدل زينتنا بحمام السيدات .
غمزت لها فرافقتها لتعرف ماذا تريد منها .
-آنسة سارة ،كأنني فهمت مأساتك مع رئيسك .
-عن أية مأساة تتحدثين ؟
-يبدو انك تحبينه وهو لا يبالي ،ويمكن أن أساعدك .
-وكيف ستفعلين ؟
اجابتها بحذر وخبث 
-لكل شيء ثمن ،والثاني ليس غال بالمناسبة .
-هات ما عندك .
الغيرة والطمع بقلب سارة أعمياها، وأذهبا رجاحة عقلها .
-انتم العرب تهتمون بالعذرية، ولو اخذ رجل شهم كرئيسك عذرية فتاة بالخطأ فلن يتخلى عنها ،ويصحح خطأه .
-فيم تفكرين؟
-في الذي تفكرين فيه منذ أصررت عليه أن يشرب .
احرجها كونها كتاب مفتوح امام مخاطبتها 
-انت تريدين السيد العامري ،ونحن نريد الصفقة مع شركة السيد العامري ،ساعدينا لنأخذها واساعدك لتأخذيه .
-كيف ستفعلين ؟
-شيء بسيط ،قرص صغير بكأسه، يفقد وعيه والباقي عليك .
لم تفكر طويلا ،مدت يدها موافقة ،هذه الصفقة ستكون بها هي الرابحة ،ثم ماذا ستخسر الشركة ،كل العروض متقاربة ،وحتى سعد جاء وهو ينوي إمضاء العقود .
عادت الى الطاولة تتبعها رفيقتها التي جلست بين الرجلين بحيث أصبحت أكثر قربا من سعد ،ونظرة الى سارة فهمتها هاته الأخيرة كلمته ليلتفت إليها ،فوضعت القرص الصغير جدا بالكأس قبل أن تأخذه بدلال وتقدمه لسعد تحت نظرات رئيسها المندهشة .
-شاركنا كأسا يا سيد سعد .
-اعتذر ولكنني لا أشرب .
دفعت سارة الكأس نحو شفتيه 
-هي كأس واحدة مجاملة لضيوفنا قبل أن نرحل .
أصر العميل هو الآخر وقد فهم أن بالأمر اتفاق بين السيدتين. 
شرب سعد كأسه ،وقام من مكانه قبل أن يصروا عليه ليشرب أخرى ،تظاهروا بالإذعان لرغبته ،وقبل أن تركب سارة الى جواره همست لها شريكتها في الجريمة 
-بعد ساعة سيبدأ تأثير المخدر ،تصرفي عندئذ. ولا تنسي أن تدعميني غدا حتى لا افضحك عنده .
وصلا الى الفندق ،وتوجه الى غرفته وهو يفتح ازرار قميصه ويفك ربطة عنقه بضيق 
-اعتذر ،ولكنني لا أتحمل الخمر ،ويبدو أنني سأتعب ،لذا سأنسحب الى غرفتي بعد إذنك .
-ألن نراجع العقود ؟
-غدا سنفعل .
ماذا لو نمت معه وفرطت في نفسي ثم رفضني ،ماذا سأفعل حينذاك .
كانت فكرة غبية ،ولكنني لو تراجعت لن تصدقني تلك الأفعى ،يا إلهي كيف انسقت خلفها ،بل كيف فكرت قبلها في هذا ،يجب أن أستغل الوضع دون أن أضيع نفسي .
فكرت أن تضع على الفراش دما كذبا ،ولكن من أين تأتي به ،ماذا لو عمل المخدر كمهيج لرغباته.
تبعته الى غرفته ،فتحتها بحذر فسمعته يتقلب على فراشه ،إذن لم يفقد وعيه ولم ينم ،ربما هو مخدر هلوسة .
فجأة خطرت لها تلك الفتاة برأسها ،النظرات بينهما كانت اكثر من إعجاب ،ماذا لو تؤجرها له الليلة ،ولكنها يجب أن تكون عذراء  ويبقى دمها على الفراش.ولكن هل ستقبل .

غادرت رشيدة نحو المدينة الصغيرة بيرث ،قطعت اكثر من نصف الطريق قبل أن تخفض السرعة لأن الجليد يغطي الأسفلت ،الليل أسدل ستاره وأضواء السيارات تتراقص مع زخات المطر الأولى لهذه الليلة ،على الجانب المعاكس من الطريق سيارة بها عدد من الشبان ،الموسيقى تصم الآذان وصخبهم يعلو عليها ،بيد كل واحد قنينة جعة او نبيذ ،فجأة توجهت سيارتهم نحو سيارة رشيدة ،حاولت أن تتفاداها ولكنها فقدت السيطرة على سيارتها التي دارت دورات قبل أن تصطدم بشجرة على جانب الطريق .
طار السكر من عقول الشباب وعاد إليهم وعيهم من الصدمة وهم يرون السيارة الصغيرة تكاد تصبح صفيحة واحدة .ركنوا سيارتهم بعد جهد ونزلوا مسرعين لعلهم ينقذون راكبي السيارة الصغيرة .احدهم طلب الإسعاف ،بينما الآخرون يخرجون المصابين ،شاب وسيدة ،لاحظ شاب وجود حقيبة بالمقعد الخلفي فأخذها ووضعها على بطن السيدة  ،لعل بها هويتها وهاتفها او أي شيء يدل عليها .
ذهبت سارة نحو المطعم وسألت عن الشيف ،خرج لها رجل خمسيني، 
-ليس هذا ،أريد الفتاة التي كانت بالأمس .
-تقصدين زارا ،انها مساعدتي ،سأخبرها لتخرج إليك .
وضعت نظارتها السوداء الواسعة لتغطي نصف وجهها ،والنصف الآخر لثمته بشال وتظاهرت بالسعال. 
-هل يمكن ان نخرج لنتكلم .
-ولماذا لا نفعل هنا .
-الموضوع حساس وأفضل أن نتكلم دون أن يسمعنا احد .
-تفضلي
خرجتا أمام المطعم لتقول الملثمة 
-أريدك لليلة .
-ماذا ؟ هل جننت ام انك رجل متنكر بزي سيدة .
-بل انا عاقلة ،وأريدك لزوجي الليلة .
-إذهبي من هنا قبل ان اتصرف معك بما لا تحبين .
-خذي ،هذا رقم هاتفي ،ومعه الرقم الذي ستأخذين لو قبلت .
وضعت بطاقة بجيب وزرة زهرة وغادرت مسرعة .
ركبت سيارتها ذات السائق ،فهي تعجز ان تسوق بطريقة البريطانيين، امرت السائق ان يقف قريبا من المطعم وينتظر .
دخلت زهرة تغلي من الغيظ ،سألها الطاهي عن رغبة تلك السيدة فألقت له سببا بعيدا عن الحقيقة ،كعادتها لا تشارك امورها مع غير والدتها .
رن هاتفها لترى Mam على الشاشة 
-اهلا حبيبتي ،هل وصلت البيت ؟
-أجابها صوت لم تعرفه 
-صاحبة هذا الهاتف بمستشفى ***إثر حادث سير ،هي وشاب يبدو انه ابنها .
جرت ،جرت خارج المطعم لا تدري إلى أين ولا ماذا ستفعل ،أشارت الى سيارة أجرة ،وركبت تعلم السائق بوجهتها 
-مستشفى ***بسرعة من فضلك .
امرت سارة السائق ان يتبعها .
تجري بأروقة المستشفى تسأل كل من يصادفها وأخيرا أدخلها أحد الى حيث توجد امها وأخوها .
كانا فاقدي الوعي ،طبيب يفحصهما انتبه لوصولها
-هل تقربين للمصابين .
-نعم هما امي وأخي .
-السيدة بها كسر بالساق و فقدت الوعي إثر إصابة بالرأس ،الأشعة ستظهر مدى خطورتها ،أما الشاب فالإصابة بالرأس وجهة من الصدر ،وأيضا الأشعة هي التي ستبين مدى الضرر .
المهم انهما سيدخلان غرفة العمليات ،وعليك الأداء قبلا.
-ارجوك افعل ما بوسعك، بل افعل اكثر ،ساتدبرأمر المال .
-آنستي إن لم يكن لهما تأمين ،فالأداء مسبقا من سياسة المستشفى .
-سنؤدي المبلغ المطلوب .
التفتت لتجد السيدة الملثمة هي من أجابت.
-أم لك رأي آخر ؟ كما ترين عرضي جاء في الوقت المناسب .
لا مجال للتفكير ،كانت ستتصل بإيزا أو بيتر في الغد ،ولكن حالة حبيبيها لا تسمح بالانتظار الى الغد .
-يمكنك أن تدفعي بالطابق الأول .
-سنفعل ،فقط ابدأ ما عليك فعله دكتور .
جرتها نحو الصندوق ،وهناك دفعت المبلغ المطلوب ،ثم جرتها خلفها نحو السيارة 
-لقد أديت عنك وبقى أن تؤدي عني .
اسرعت بها نحو الفندق قبل أن يذهب أثر المخدر .
-ستنامين مع زوجي ،لا تكلميه ،ولا تنيري الغرفة ،حاولي ألا يرى وجهك مفهوم .
-لماذا أنا ؟
-أولا لأنني لا اعرف غيرك هنا ،حظك وضعك بطريقي ،ثانيا لأن جسمك تقريبا كجسمي، لا أظنه سيلاحظ نحافتك. 
ادخلتها الغرفة كان مايزال يتقلب على الفراش ويكلم نفسه ،شعاع من مصباح بالشارع يكاد ينير الغرفة ،ولكنه لا يغلب عتمتها، ازاحت عنها سارة لباسها ووضعتها بجانبه على الفراش 
همست لها 
-لو سألك قولي انك سارة .
حملت يده لوضعها على الجسد الغض، أحس وحاول فتح عينيه 
-من انت ؟
اشارت لها بالصمت واجابته هامسة 
-انا سارة حبيبتك.
رأت رد فعله كما اشتهت ،فخرجت لتتركه مع جسد يستغله كما شاءت رغبته المنقادة خلف مخدر مهيج.
دقت الباب من الداخل كما اتفقت معها ،فدخلت سارة وهي ماتزال ملثمة ،ناولتها ظرفا قائلة 
-ماتبقى لك من المبلغ الذي اقترحت عليك ،كما ترين ،لن أظلمك او استغل ظروفك .
جمعت زهرة شتات نفسها ،لتسرع خارج الفندق ،تهرب من خطيئتها،ومن انثى استغلت فقرها وضعفها ،ومن رجل لم تتبين ملامحه ولم تعرفه يوما أخذ منها لحظتها الأولى كأنثى .
تسرع نحو المستشفى ،تكاد تحس سيارة الأجرة تزحف على الطريق .وصلت لترى الطبيب يخرج من غرفة العمليات .
اسرعت إليه مستفسرة .
-للأسف ،إصابة الشاب كانت مميتة لم نستطع شيء ،ضلع مكسور اصاب القلب كسكين، اما السيدة فاتوقع أن تستعيد وعيها غدا .
سعد مات هذا ما قال الجراح ام انني اهلوس.
-هل تقول أن أخي مات.
-للأسف آنستي. 
انهارت ليستقبلها الرخام البارد على ارضية الرواق ،ضمت إليها ساقيها باكية .
ماذا تبكين يا زهرة ؟دم عذريتك الذي لم ينقذ أخاك ،أم سعد الذي فقدته للمرة الثانية ،أم حزن أمك على صغيرها .
ماذا تبكين قلة حيلتك وهوانك على الناس وأولهم أبوك ؟
ماذا تبكين جسدك الذي استبيح الليلة أم كرامتك التي هدرت تحت رجلي امرأة تملك المال الذي ينقصك





تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close