أخر الاخبار

رواية بقلبي اراك فرعونا الفصل الخامس والسادس بقلم زينب سمير

رواية بقلبي اراك فرعونا 

الفصل الخامس والسادس 

بقلم زينب سمير

" بعدك عني ياغالي ، وجع قلبي اللي باقي عليك "


غيابه طال ، لا خبر عنه ولا جواب لـ السؤال 

فات يوم ونصف وهو لا يرد ، وتلك المدة علي قلبها طويلة لـ الغاية ، بل في غاية الطول ، بكل الطرق حاولت ان تحادثه

" فيس بوك " " واتساب " " الهاتف الجوال " " البريد الالكتروني "

بكل المواقع والطرق ، وعلي الهاتف تصبرها منار ، فأين سيذهب ؟

بالطبع هو مشغول ... مشغول وفقط


هتفت نوران محاولة ان تصبرها:-

_محمد صديق لقمير اعتقد ، انا هخلي هدير تتصرف وتتكلم مع قمير يمكن يكون عارف حاجة احنا مش عارفينها


وكأنها منحتها املا ، منحتها ضوءا ونورا ، وحياة

ومنحت هدير فرصة لا تعوض 

لتقترب من ذلك الحبيب الذي لا يراها

تُحدث مَن عِشقه في قلبها يزيد ولا ينضب 


اغلقت معها ، واسرعت بالحديث مع هدير

اخبرتها بما ارادت فصاحت الاخري مسرعة:-

_لا لا يامنار انا اتكسف ، مقدرش اكلمه 

منار بضيق:-

_هتفضلي لامتي خجولة كدا ، اومال عيزاه يحبك ازاي ! هيشوفك في احلامه مثلا !

ردت بتوتر:-

_طيب اقوله اية

منار بخبث وعيون تشع بمكر النساء:-

_تسأليه عن محمد وكأنك مهتمة تعرفي اخباره ، متقوليش علشان صاحبتك ، لا .. كأنك انتي اللي عايزة تطمني ، يمكن يغير البعيد ولا حاجة

تنهدت بصوت عالي كأنها تتجهز من الان لتلك المقابلة الوشيكة علي الحدوث ، عادت منار تقول بتحذير:-

_متتوتريش وتتلعثمي معاه ، انتي لسانك عشرة متر معانا فخليه كدا معاه ... سامعة

قالت بخنوع:-

_حاضر


انتهت المكالمة ومنار تهمس بنفسها ان هذا الصواب وربما بذلك تقطع المسافات بينهم

تعلم ان هذا الحب خطأ ، فهي مشاعر مخفية عن العائلة ، دينها لم يأمرهم بها

ولكن هم وقعا لحد الثمالة في الحب ، فلتساعدهم ليتوجا هذا الحب بالزواج وينتهي الامر


اما عن حالها فلا جديد ، حتي ذلك البارد المدعو بأسلام

لم يرد علي رسالتها لحتي تلك اللحظة ، وهي الغبية التي حاولت ان تساعده ، بقلبها الطيب المهتم الحنون

فتحت " الواتساب " بغيظ وفتحت محادثتهم الخاصة

حاولت ان تحذف الرسالة التي بعثتها له

لكن لم ينفع ذلك

فقد مر وقت علي ارسالها له ، ان كانت تريد حذفها فكان عليها ان تحذفها بنفس الوقت التي ارسلتها فيه او بعدة بقليل

وليس بعد ارسالها بيوم ونصف يوم كامل

اذن سيراها وبالطبع سيألها ... لكن هي لا يوجد لديها رد لتجيب عليه..

.............

اغلقت هدير مع منار ووقفت مكانها حائرة ، ماذا عليها ان تفعل الان !! كيف ستحادثه ؟

نظرت لـ الشارع من شرفتها بهدوء وباتت تنتظره

كان الوقت يمر لكنها لا تشعر بملل ، وان تأخر ابد الضهر ستنتظر الي ما لا نهاية

لمحته يأتي من بداية الشارع فأسرعت تهبط له بعدما وضعت حجابها بأهمال علي خصلاتها الناعمة ، حتي انه اخفي جزءا وبقي جزءا ظاهرا لـ مري العين


عندما هبطت كان هو يستعد ليدخل لـ بنايته فقالت بصوت مرتفع قليلا:-

_قميــر .. قميــر

توقف ونظر خلفه يلحث عن مصدر الصوت ، حتي وجدها فتوقف وهو ينتظرها ، تقدمت هي نحوه ووقفت امامه راحت تلاعب اصوابعها بخجل وكانت ستبدأ في رحلة توترها

تذكرت حديث منار ، انه لن يراها يوما ويعجب بها بأفعالها تلك وتلعثها وتوترتها ، فتماسكت وهي تتنحنح بخفة ثم قالت:-

_كنت عايزة اسئلك عن محمد 

ضيق ما بين حاجبيه بتساءل وعدم فهم ، ملامحه بدأت في التكشر ايضا 

وخرج سؤاله:-

_وانتي بتسألي عن محمد لية ؟ 

كادت ترد .. لكنه قاطعها:-

_لحظة ، هو انتي تعرفيه منين اساسا ؟!

توترت بالفعل من حديثه ، واسئلته ، وهجومه الخفي و حدته التي تشعر بها

ومن التوتر ... صمتت 

الا انه عاد يسأل بتحفز:-

_هدير ، يابنتي انا بكلمك ردي

اجابته سريعا بتوتر وهي تتلاعب بالحديث كما اخبرتها منار .. لتثير غيرته:-

_هو كويس بس ولا لا ، طمني الاول

تعصب من داخله وهو يراها تسأل عن صديقه هذا بأهتمام بيّن ، حاول ان يتحكم بنفسه وهو يقول بضيق:-

_هو كويس ، بس والدته اتوفت من يومين


اذن هذا سبب عدم رده علي هايدي ، تنهدت بصوت عالي عندما اطمنت عليه نعم حزنت علي والدته ولكن هذا عمر وانتهي ، فهي خافت ان يكون يتهرب من هايدي

فيكفي حزنها هي ، هل سيزيد علي حزنها .. حزن صديقتها ايضا !!

قمير وهو يضغط علي اسنانه بغيظ:-

_قوليلي بقي انتي تعرفيه منين ، وبتطمني عليه لية ؟!

عادت تتوتر من جديد ، لا تعرف اتقول الحقيقة ام تتلاعب معه قليلا !!

لكن بالحقيقة قمير ملامحه الرجولية الغاضبة تجعلك تعترف بقتلك لـ خوفو حتي وان لم تفعل 

لذلك قالت بسرعة:-

_كنت بطمن علشان هو .. هو 

بنفاذ صبر قاطعها:-

_هو اية .. خلصي 

اغمضت عيونها تخفي ملامحه عنها وهي ترد:-

_هو والله مرتبط بصاحبتي وهي بتحاول تكلمه ومش بيرد ، فقلقت وهي عارفة انك صديق ليه ، فقالتلي اسألك

_امـم 

هكذا كانت اجابته ، فتحت عيونها ببطء وجدت ان ملامحه اهدأ من زي قبل ، اشار لها لتعود لمنزلها وهو يحادثها:-

_طيب ارجعي لبيتك بقي ، ومتنزليش بالمنظر دا تاني 

واشار لحجابها الساقط قليلا من علي خصلاتها الامامية مكملا:-

_شعرك كله باين وكدا مينفعش 

هتفت بخنوع وهي تعود بأدرجاها لحيث منزلها:-

_حاضر

.............

حسنا .. عادت تلك الفتاة تغزو احلامه وتنغصها عليه من جديد

حسنا .. راح يتذكر خيانتها له ، صدمته بها ، راح يتذكر وجعه والامه وما عناه بسببها

بعد حديثه مع تلك صديقة حسام وحاله تبدل اكثر فأكثر

ظن انه سينسي لكن حوار تلك الفتاة معه

اعاد له ذكريات ظن انه تناساها

فتح هاتفه ليتصفحه قليلا ، ربما ينسي به ما يغزو عقله

وجد رسالة منها لم يراها من قبل

قرأها .. ثم بعث الرد فورا:-

_نعم


فـ رسالتها كان مضمونها " استاذ اسلام .. "


كانت هي فاتحة حسابها بذلك الوقت ، تحدث هايدي من خلاله ، دخلت علي المحادثة التي تجمعها به وقرأت الرسالة

ظلت تنظر لها وهي لا تعرف ماذا تقول له 

لحظات وراحت تكتب:-

_انا بس كنت عايزة اقولك ان....


بعثتها وراحت تفكر في الباقي ، ما كان يهمها ان ترد فقط 

كادت تكتب اي حديث اخر ، لكنها وجدت انه هو من يكتب

فـ انتظرت

تأخر بالحقيقة في الرد كثيرا 

الا انه بعد دقيقتين واربعة وثلاثون ثانية تقريبا وجدته يرسل:-

_عارف انك دلوقتي هتبدأي تقوليلي ان البنات طيبة وكويسة .. وكلام من دا كتير

بس كلامك دا انا مش هصدقه .. تعرفي لية ؟ لانها كانت في عيني احسن واحدة ، واطيب واحدة ، كنت شايف ان مفيش بجمالها الخارجي او الداخلي ، بس فجأة اتغيرت ، وانتوا كلكم كدا ، بتظهروا ملايكة ولما متلقوش اللي عايزينه بتتحولوا لشياطين 

كانت تقرأها بزهول من حديثه الاندفاعي الغاضب هذا .. كادت ترد

الا انه سبقها بـ رسالة الاخري:-

_بسببها ملاك الرحمة دي ، انا فقدت النطق اربع سنين ، لا عارف اصرخ من وجعي اللي حارقني من جوه ، ولا عارف اتكلم وازعق .. اشتمها حتي 

شايف نظرات القهرة من اهلي عليا ومش عارف اطمنهم ، بسببها انا سنين ضاعت مني في الهوا ، بسببها وبسبب طمعها اللي كان مخفي ، انتوا بـ مية وش ، كل وش اوسخ من التاني 


كلامه كان قاسي .. عنيف


شعرت به ، شعرت وكأنه يريد ان يرسل ذلك الكلام لـ الاخري ليس لها ، انه يخرج حرقته فيها ، وانها منفس لغضبه

حاله احزنها اكثر ، مَن من بنات حواء استطاعت ان تترك رجلا يحبها الي تلك الدرجة دون سبب ؟!

أغبية هي ؟!

بالطبع هي كذلك

بأصابع مرتجفة راحت تجيبه:-

_مش عارفة اقول اية غير اني مختلفة عنها وكل اللي اعرفهم مختلفين عنها ، النوع دا مش مننا 

لم يتأخر بالرد كعادته ، بل لحظات ووجدت اجابته:-

_انتي كمان زيها ، انتي لسة مكتشفتيش نفسك ، لو حبيتي حد معاه جنية ، عينك في يوم هتبص لـ اللي معاه عشرة غصب عنك ، لانك جربتي اللي معاه جنية وحبيته وخلاص زهقتي ، فـ هتشوفي غيره

_والله ابدا ..


جاءها رده القاسي:-

_في يوم هتوافقي بحد علشان فلوسه ، او هترفضيه علشان معهوش فلوس ، في يوم هتختاري راحتك المادية ، لان دي اللي بتهمك وبس


دموعها دون سبب تقرقرت في عيونها ، احزنها ظنه بها وبغيرها ، أيراها سيئة الي تلك الدرجة ؟!

أيري كل بنات حواء بتلك الطريقة ؟!


كم هو قاسي او كم بنات حواء قاسيون


لكن ليسوا جميعا ياعزيزي .. صدقا ليسوا جميعا....


بقلبي أراك فرعونا :-

_ الفصل السادس _


" غادرتيني ، فـ غاب معكي حنان الكون ، وباتت الجدران حولي باردة ، اين انتي ؟ اني ابحث عنك .. اجيبيني ياامـي "


علي فراشها جلس محمد بملامح لا تظهر بما يدور بداخله ، عيونه يظهر عليها اثـر البكاء جيدا ، تظهر فيها نظراته المتألمة الموجوعة ، فـ من فقدها لم تكن الا وطنه

ذلك الذي حي فيه سنواته كلها ، الان يشعر انه في غربة قاتلة ، والدته تلك التي ضحت لاجله بعمرها ، بشبابها وبكل ما تملك .. الان غادرته

سمع طرقا علي باب الغرفة بتلقائية مد يده ليمحو دموعه ، لم تكن موجودة الان لكن بالسابق بالفعل كانت لا تترك عينيه ، يبدوا انها جفت !

بصوت مبحوح اجاب الطارق:-

_ادخل 

لحظات ودخلت خالته حنان ، اغلقت الباب خلفها واقتربت منه ، جلست بجوارها تمسد بيدها علي خصلاته وهي تنطق بحزن:-

_مش كفاية بكي بقي ياحبيبي

تطلع لها بحزن ، اتمنعه حتي عن اقل شئ يستطيع تقديمه لوالدته الراحة وهو الحزن عليها !!

محمد وهو يتنهد بتعب:-

_يمكن بالبكا ارتاح ياخالتي

يدها هبطت لتمسد علي ظهره ، تتحاول ان تتماسك وهي تحادثه:-

_هترتاح بس مش هتريح امك ، يعني هي لو معاك كانت هترضي بحالك دا ؟

اؤما بلا بدون حديث ، فأكملت:-

_اديك قولت ميرضهاش ، انت ترجع لحياتك الطبيعية تشوف مستقبلك وتحقق حلمها انها تشوفك دايما مرتاح ومبسوط ، والحزن في القلب يابني ، مش بأهدار الصحة ، احنا نقرالها قرأن ينفعها احسن ، ندعيلها ربنا ينور قبرها بدل ما نبكي ونأذيها ونوجعها


عاد يؤما بنعم ، فـ نهضت عن فراشه ومدت يدها تمسك يدها تسحبه معها لـ الخارج وهي تقول:-

_تعالي بقي ناكل مع بعض ، البت نهي بنت خالتك عاملة شوية مكرونة هتاكل صوابعك ورابعهم


هل يكون بخير ؟!

ولما لا يكون !! 


من مات وظننت بعده لن تفرح وفرحت 

ظننت ان موتك بعده ولم تمت 

نسيته ؟! 

بالطبع لا ... لكنك تناسيته مع الحياة 

وعندما تتذكره لا تتذكر له الا كل خير

فتروح تدعو له بكل خير 

............

جاسمين .. او جـاسـي كما يندايها زوجها ، الحاضر الغائب ، تنهدت بصوت عالي وهي تري صورة له مع اخري ، تبعثها لها الفتاة بكل خبث ، محاولة ان تنزع مرائها ، الا تعلم انه منزوع دون سبب ، الا تعلم انها تعرف بعلاقاته الكثيرة تلك

هي تعافر لـ تتماسك ، لـ تبقي هادئة ، ولكن رسائلهم تلك 

تجعل تعافرها يذهب الي مهب الريح 

حذفت الرسالة بكل هدوء ممزوج برود يسيطر علي دواخلها

علي قلبها ، قلب انثي بات لا يهتم ، او يهتم لكن يعلم ان اهتمامه لا فائدة له ، اذا غضب سيقابل بركان من غضب اعمي اخر ، وهي غير مستعدة لـ النواجهة


فالحديث بسيط والمعركة التي ستدور بينهم بسيطة


" كف خيانة ... انجبي طفلا "


وهو لن يفعل .. وهي لن تفعل ، لذلك الصمت هو الحل الامثل ليعم الهدوء علي حياتهم 


سمعت صوت المنبة ينبهها بـ حلول وقت صلاة العصر ، تركت ما بيدها من مشروب ساخن وكتاب يتحدث عن سـر رشاقة المرأة وذهبت لتصلي فرضها


هي اسلمت لاجله ، احبت الاسلام لاجله 

تخلت عن الكثير وستتخلي لاجله


وهو ماذا فعل لها ؟

لا شئ .. سوي انه منحها قلبا خاصا لها 

وجسدا لـ جميع النساء السائرة 

وستصمت حواء وستصمد الي النهاية 

.............

فتحت منار باب غرفتها التي تكاد لا تخرج منها ابدا ، فهي تحب العزلة عن اسرتها ، فبينهم توجد مسافات لا تتمني ان تتقلص ، رجت منها وتوجهت الي غرفة المعيشة ، كان والدتها عجلس فيها تتناول بعض المسليات وهي تشاهد احدي المسلسلات القديمة الشهرية

جلست جوارها وهي تقول بصوت خافت في محاولة منها لجذب انتباهها:-

_ماما ..

همهمت والدتها بخفة فعادت تكمل بتنهيدة:-

_عايزة اروح اقعد عند هايدي شوية

مازالت نظرات والدتها متوجهة نحو التلفاز لكن رغم ذلك اجابتها:-

_انتي مش لسة خارجة من يومين وقابلتيها

منار برجاء:-

_ياماما ارجوكي ، انا مش بخرج كتير وزهقانة اووي من الاحازة دي ، مش هتأخر والله ساعة وهكون هنا

تنهدت الام بصوت عالي يدل علي ضيقها ثم قالت:-

_خلاص روحي

رفعت اصبعها في وجهها بتحذير:-

_بس لو اتأخرتي عن ساعة مش هيحصل كويس

انتفضت من مكانها بسعادة وقبلتها علي وجنتيها بتلقائية وهي تردد:-

_مش هتأخر والله

واختفت وبقي اثرها فارغ ، تنظر فيه والدتها بشرود وهي تفكر

لما البعاد بينهم بالقلب والعقول ؟!

لما ابنتها لا تتصرف معها كـ صديقة ، او كـ ام قريبة منها

تناجيها احزانها ، تخبرها افراحها

واشياء من ذلك القبيل

والاجابة هي تعرفها .. تعرفها جيدا علي ظهر قلب

فأسلوبها القاسي القوي معها يجعلها تبتعد عنها ولا تقترب 

تطلب منها بخوف ، تتحدث بتوتر ، لا تطيق الوقت الذي يجمعهم حتي وتشعره ثقيل علي قلبها ...

.............

انتهت منار من ارتداء ملابسها ، امسكت متعلقاتها الشخصية وكادت تضعها في حقيبتها توقفت وهي تمسك بيدها الهاتف فتحته بلهفة تري ان كان ذلك الرجل بعث لها رسائل جديدة او لا ، لم تري شيئا جديدا منه فتندهت وهي تري ان اخر رسالة كان هو الباعث لها

علي ما يبدو انه منتظر منها هي الرد 

قررت ان تفكر في تلك الحكاية بجدية اكثر ، بعد عودتها من زيارة هايدي التي كفت عن البكاء وبدأت في تجميع شتات نفسها من جديد


خرجت من الغرفة ارتدت حذائها وخرجت بعدما ودعت والدتها بكلمات قليلة مقتضبة 


احزانها التي تكتمها بداخلها تفوق الجميع

تفوق احزان هايدي نتيجة لـ منواشاتها مع محمد ، تفوق احزان هدير علي حبيبها الذي لا يشعر بها

يفوق الجميع بالفعل

فهي تشعر بالغربة ، بالوحدة 

تشعر بأنها غريبة وسط اسرتها ، لما الله رزقها بـ أب ذو مشاعر جامدة لا يحن ولا يعطف ، كل ما بيده هو تقديم المال وفقط

وام باردة المشاعر ، معها لا تعشر بتلك الاحاسيس التي تتحدث عنها هايدي وهدير وهم بأحضان امهاتهن

هل العيب منها ام من والدتها ؟!!


لا تعلم حقا ، لكنها تعلم وفقط ... انها متعبة


كانت قد وصلت لمنزل هايدي الذي اخذت طريقها نحو سيرا بشرود ، فالمساقة بينهم لم تكن كبيرة ابدا

وقفت امام المنزل ، تطرق بابه بطرقات خفيفة ، لحظات وفتحت والدة الاخري الباب 

ابتسمت منار فورا وهي تراها امامها اقتربت تحتضنها وهي تقول بحب:-

_ازيك ياطنط .. وحشاني اوي والله

بادلتها الاخري الحضن وهي تُسمع اذانيها كلمات الاشتياق

وبعد حديث قصير دار عن الحال والاحوال

تركتها متوجهة لغرفة هايدي..

............

دخلت لغرفة هايدي ، فوجدتها مظلمة وكأن الوقت يتعدي العاشرة ليلا وليس في منتصف النهار ، اشعلت الاضواء فسمعت همهمات الاخري المعترضة وهي تحاول ان تغبق عيونها 

اقتربت منها ، ابعدت الغطاء عنها وحاولت ان تسحبها من علي الفراش ، بينما الاخري ظلت مستوطنة الفراش واخذت تصيح بضيق:-

_سيبيني يامنار

منار وهي تنزع عن الاخري غطاء الرأس ذا لون اسود:-

_مالك كدا محسساني ان في حد ميتلك ؟ الواد وطلع كويس الحمدلله وعرفنا سبب غيابه الايام دي ، قومي بقي وفوقيلي كدا

هايدي بضيق وهي تتسطح علي فراشها بأريحية مرة اخري بعدما رفعتها الاخري عنه عنوة:-

_عارفة دا كله بس انا تعبانة وعايزة انام 


تنهدت منار وتركت الغطاء ، توجهت لـ الناحية الاخري من الغرلش وجلست عليه ، ثم نظرت لـ هايدي مغمغمة:-

_مش مطمنالك ، اوعي تكوني ناوية علي نكد معاه لما يكلمك وكدا

هايدي:-

_لا متقلقيش مش هنكد اكيد وانا عارفة ظروفه ، انا بس حاسة اني مش مرتاحة الايام دي فقلقانة

ممار بستفهام:-

_مش مرتاحة كيف ؟ ومش مرتاحة من انهي اتجاة بالظبط

اعتدلت هايدي في جلستها ، صففت شعرها بيدها وسحبت الغطاء الخاص بها من يد الاخري ولفته حول رأسها ، نظرت لها مجيبة عليها:-

_حاسة اننا مش هنكمل

منار بأستهزاء:-

_واية الجديد ؟ ما دا احساسك من ساعة ما ارتبطوا اصلا

ادمعت عيون الاخري وهي تبوح لها بمخاوفها:-

_الايام اللي فاتت علشان بنبقي متخانقين وكدا ، لكن الايام دي الاحساس دا مسيطر عليا اووي من غير سبب فـ انا قلقانة

حاولت ان تبث بداخلها الهدوء فقالت وهي تقترب منها تمسد بيدها علي كتفها الايسر وتربت عليه بحنو:-

_متغرقيش نفسك في الافكار دي علشان هتزعلي من غير سبب ، استني وشوفي الايام شيالك اية واتأكدي ان كله مكتوب وهتعيشيه بأحزانه وافراحه فأصبري

التفت برأسها تقابل عيون صديقتها ، اجابتها بحزن:-

_منار .. انا خليفة محمد يبعد عني ، محمد روحي ، عمرك شفتي حد بيقدر يعيش من غير روحه


ضمتها بحنان ولم ترد ، نعم تعلم بحبها لمحمد لكن ليس لدرجة بوصفها له بروحها 


عزيزتي منار لا تنظري لـ الامور بتعجب واستهزاء 

في يوما ما سيكون احدهم روحك .. قلبك .. عيونك

وكل غالي ونفيس بالنسبة لكِ

.............

بعدما عادت من زيارتها لـ هايدي وهي بغرفتها ، لم تحاول ان تخرج حتي لتتناول معهم الطعام ، قررت ان تتناوله بعد ان يغطوا هم في نوم عميق ، فتحت هاتفها وقد قررت ان تحادث ذلك الرجل

مقررة بداخلها انها فقط ستصبره ، ستعلم عن القصة اكثر لفضولها الشديد ، ستحسن صورة النساء بعينه

ثم ستنتهي علاقتها به الي الابد

خطأ ان تحادث غريبا ، ولكن ماذا تفعل ؟

تلك الحكاية تؤرقها ، فكرة ان هذا واقعا قد حدث مع احدهم يجننها 

فتاة كان امامها رجلا يحبها بتلك الدرجة ثم هي بكل برود تتركه لترتبط بأخر !!

تحاملت هلي نفسها وهي تري اهانته لها بالحديث حتي وان كان يراها اخري ، وبعثت له:-

_انت مجروح من وحدة كانت سيئة ومش كويسة ، تمام حقك


_لكن غلطان علشان تفكر ان الكل زيها .. صوابعك مش زي بعض ، كل الناس اللي بنفس اسمك مش بشخصيتك .. كلنا مختلفين عن بعض ، فينا الوحش والحلو


بعثتها وثم غيرها:-

_والدتك مش ست زينا ؟! هل هي شايفها زي ما شايف حبيبتك كدا ، انها طماعة وانها وانها ....

فغيرها:-

_اكيد لا ، يبقي صدقني بنات حواء مش كلهم من نفس عينة حبيبتك ، بنات حواء ربنا وصفهم بالمكر والكيد بس ، ودا بيظهر لما بيتوجعوا ، كلنا كويسين الا من رحم ربي ، وشكلك وقعت في الفئة اللي احنا بنتبرأ منها 

فغيرها:-

_متعاملش حد بعاملة نفسك تعامل بيها غيره بس مش قادر علي مواجهة غيره فبتتشطر عليه


كان غالق حسابه بذلك الوقت فلم تنتظر الرد وخرجت من برنامج " الواتساب " واتجهت لـ برنامج " الفيس بوك "

لتتصفحه قليلا.....

                    الفصل السابع من هنا

لقراءة الفصول اضغط هنا

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close