أخر الاخبار

رواية وبالعشق اهتدى من ميثاق الحرب والغفران الجزء الثاني الفصل التاسع عشر 19بقلم ندي محمود توفيق

    

 رواية وبالعشق اهتدى من ميثاق الحرب والغفران الجزء الثاني 

الفصل التاسع عشر 19

بقلم ندي محمود توفيق



داخل منزل خليل صفوان تحديدًا بغرفة غزل.......

فتحت الباب لجدها وعلى وجهها ابتسامة عريضة تشق طريقها إلى أذنها والاضطراب واضح عليها لكنه لم ينتبه، وبادلها الابتسامة الدافئة ثم دخل وهو بربت فوق كتفها بلطف متمتمًا:

_عاملة إيه ياغالية؟ 

ردت مبتسمة وعينها عالقة على باب الحمام:

_كويسة ياجدو

جلست حمزة على طرف الفراش وأشار لها أن تجلس بجواره ففعلت دون تردد ونظرت له بكل اهتمام لتسمعه فسألها هو باهتمام:

_أبوكي بيكلمك؟ 

هزت رأسها له بالإيجاب وقالت في عبوس:

_أه كل يوم، أنا بس اللي مش حابة ارجع تاني هناك ياجدو

حمزة برزانة وابتسامة دافئة:

_يعني أنتي هتقاطعي أبوكي يابتي عشان اتچوز، ده حقه هو رباكي وكبرك لغاية ما بقيتي عروسة وأمك الله يحرمها ماتت وانتي صغيرة، يعني الراچل مغلطش في حاجة لما حب يتچوز دلوك ويقضي اللي باقيله من حياته مع واحدة تخدمه وتراعيه وتسعده 

اطرقت رأسها أرضًا بأسى وقالت في رفض قاطع:

_أنا عارفة الكلام ده بس أنا مش هقدر اعيش معاهم ومع الست دي في بيت واحد، مقدرش أتقبل فكرة أن في واحدة تاني ممكن تاخد مكان ماما في البيت

لوى فمه بإشفاق ومسح على شعرها بحنو ثم انحنى عليها وقبلها من شعرها برقة هاتفًا:

_براختك يابتي بيت چدك إهنه مفتوح ليكي طول الوقت ولو عاوزة تفضلي معانا إهنه وتطلعي كمان من عندينا بالفستان الأبيض ده يبقى ياهنايا وسعدي، يمكن أنتي متعرفيش بس أنا مفرحتش بعيال ولادي غير چلال وهتبقى أنتي أول فرحة من البنات ومفضلش غير " علي " 

سكت لثانية ثم قال بنبرة رجولية جادة:

_على سيرة " علي " قوليلي هو لساته بيضايقك ولا لا 

تنحنحت بارتباك بسيط وعيناها سرحت للحظة على الحمام ثم قالت لجدها بنعومة:

_هو ميقدرش يضايقني ياجدو انا مش بسمحله بس هو لسا زي ما هو بيحاول يفرض رأيه عليا 

قالت عبارتها الأخيرة متعمدة بصوت مرتفع لتصل لأذنه بينما حمزة فقهقه ورد عليها:

_لا هو مش بيفرض رأيه عليكي هو خايف عليكي كيفنا كلنا إهنه وعشان إكده بنبه عليكي تلبسي لبس حشم وزين

غزل بغيظ:

_طب ما أنتي كمان خايف عليا ياجدو بس مش بتكلمني زيه.. ده متسلط مش خايف عليا

ارتفع صوت ضحكات حمزة أكثر على عكس " علي " الذي كان يشتعل داخل الحمام ويتوعد لها، أجاب حمزة بحكمة:

_معلش عادي اعذريه هو غشيم شوية يابتي وأنا هتكلم معاه واشدلك ودناه متقلقيش، ولو أنا أنا فاهم زين هو بيعمل إكده ليه بس خلينا معاه للآخر لما نشوف اخرتها معاه وهيوصل لفين

استقام واقفًا وهو يقول لها بحب:

_عاوزة حاچة مني يابت الغالية 

غزل برقة:

_لا ياجدو عايزة سلامتك 

مر حمزة بقرب المنضدة ودون أن ينتبه اصطدم طرف عبائته بكأس العصير الذي كان فوقها فمال وسقط فوق ملابسه وتطلخت عبائته كلها بالعصير، فشهقت غزل بفزع بيننا حمزة فابتسم بهدوء وقال:

_حصل خير حصل خير، اغسلها بس في الحمام قبل ما تتبهدل اكتر 

استدار وكان ينوي الذهاب للحمام فاتسعت عينيه بصدمة وتسارعت نبضات قلبها فركضت بسرعة خلف جدها واعارضت طريقه هاتفة:

_لا ياجدو مش هينفع تدخل الحمام عندي

ضيق حمزة عينيه باستغراب هاتفًا:

_ليه في إيه الحمام؟!

ارتبكت وتلعثمت وهي تحاول إيجاد حجة لتنقذ نفسها فقالت فورًا بابتسامة بلهاء:

_أصل اااا... الحمام لقيت فيه حشرات ورشيته بالمبيد الحشري ولسا الريحة موجودة حتى أنا قفلاه ومش بدخله، والريحة قوية ممكن نفسك يتعب لو دخلت

هتف بحيرة وتعجب:

_حشرات إيه دي احنا معندناش حشرات بتدخل البيت

غزل بتوتر ملحوظ:

_معرفش بقى ياجدو أنا كذا مرة الاقي صورصار وقررت أني أرش المرة دي مبيد عشان ميظهرش تاني

ضحك حمزة عليها وعلى رقتها فمسح على شعره بحنو وقال مبتسمًا:

_ماشي ياحبيبتي، أنا هروح اوضتي واغير خلجاتي دي وارتاح

ردت غزل بابتسامة عريضة وهي تراه يستدير ويتجه نحو باب الغرفة:

_تصبح على خير ياجدو

فور مغادرته أطلقت زفيرًا حارًا بارتياح وباللحظة التالية فورًا سمعت صوت باب الحمام ينفتح ويخرج " علي " منه وهو شائط والنيران الملتهبة داخله تظهر في لون عينيه الحمراء وهو يردد لها ما قالته بتهكم:

_الحمام في صراصير صح!! 

كتمت ضحكتها بصعوبة على منظره وحافظت على ثباتها بينما هو فاندفع نحوها ثائرًا وكانت هي تركض بسرعة بعيدًا عنه وتحذره ضاحكة بغيظ:

_علي لو قربت مني والله هصرخ وافضحك 

لم يكترث لها ظنًا منه أنها تلقي بتهديدات فارغة لن تستطيع تنفيذها، لكن فور إمساكه بها كانت ستطلق صرخة عالية لولا كف يده الذي كتم على فمها وهو يقول برجولية:

_اكتمي حسك ده فاهمة ولا لا 

رمقته بعين متمردة ومتحدية ثم غرزت أسنانها في باطن يده فتأوه وأبعدها عن فمها فورًا لتقول هي متشفية به:

_لا مش فاهمة واطلع يلا من اوضتي مش كفاية اللي حصل ولا حابب المرة دي تتكشف وحد يشوفك وأنت عندي في الأوضة

ارتخت عضلات وجهه واختفى الغضب فجأة من على ملامحها ليحل محله العبث والخبث وهو يغمز لها:

_لو أنتي حابة أنا معنديش مشكلة، بس چهزي روحك عشان لو ده حصل الليلة ممكن تلاقيني كتبت عليكي ووقتها غصب عنك هتنقذي كلامي ومش هتقوليلي بصفتك إيه بتديني اوامر وعاوز تفرض رأيك عليا لأني هبقى چوزك

اتسع بؤبؤي عينيها بذهول فور كلمته الأخيرة وارتبكت بشدة حتى أن اللون الأحمر غزا وجنتيها، فضربته بغيظ على صدره وهي تصيح به:

_اطلع برا يا " علي " حالًا .. get out of my room

ظهر شبح ابتسامته المتلذذة على ثغره وظل مكانه دون حركة يتمعنها ببرود واستمتاع حتى بدأت هي تدفعه بقوة في عصبية:

_اطلع برا بقولك 

كان يتحرك بفعل دفعاتها له وهو يمنع ضحكاته من الانطلاق بقوة لكنه توقف عند الباب وقال وهو يغمز بلؤم ويردد متعمدًا إخراجها وإثارة جنونها:

_افتحي الباب وامني الدنيا قبل ما اطلع احسن حد يشوفني وأنا طالع من عندك وبعدين اضطر اتچوزك 

صرت على أسنانها بنظرات ملتهبة ثم اندفعت نحوه الباب وفتحته بعصبية ثم راحت تنظر يمينًا ويسارًا في الردهة حولها لتتأكد من عدم وجود أحد ثم دخلت ونظرت له بنظرة نارية تشير له بأن يرحل لكنه كان ينظر لها بكل استفزاز وهو يضحك ويملي عليها أوامره مجددًا:

_غيري اللي لبساه ده ومتطلعيش بيه تاني احسن أنتي حرة ياغزل

انتظرت خروجه وقالت له بسخط وعناد قبل أن تصفع الباب في وجهه:

_إيه رأيك بقى المرة الجاية هطلع بمايوه ووريني هتعمل إيه! 

لوى فمه مغتاظًا منها وقال بلهجة رجولية متوعدًا لها:

_هعمل إيه!!.. هكتب عليكي عشان وقتها اعرف اربيكي على حق

بينما هي في الداخل فاستندت بظهرها على الباب محاولة التحكم بانفاسها المتسارعة وهي تهتف بحنق وخجل:

_منحرف

لكن لحظات معدودة وهي تتذكر كلامه وضحكاته وحتى محاولاته المستفزة لإثارة خجلها وجنونها ووجدت البتسمة تحتل مركزها على ثغرها دون وعي منها، لكن سرعان ما رسمت الحدة مجددًا على ملامحها وقالت لنفسها:

_جرالك ايه ياغزل فوقي 

                                       ***

بعد مرور ساعتين كانت غزل بالصالة عندما سمعت صوت رنين الباب فايتقامت واقفة واتجهت لتفتح ووجدت أمامها آسيا استقبلتها بحقائبها الممتلئة وسط علامات استفهام وتعجب على معالم وجهها، بينما آسيا فكانت جامدة ومتبلدة المشاعر بشكل مريب ولا تتحدث ببنت شفة فقالت لها غزل بحيرة:

_ازيك يا آسيا أنتي جاية بـ pages دي كلها وحدك؟ 

اكتفت بهز رأسها لها بالإيجاب ثم وصل الجميع بما فيهم " علي " ولم تلبث جليلة لتفرح برؤية ابنتها حتى تسببت بأرضها متعجبة عندما رأت الحقائب معها فهتفت:

_إيه الشنط دي يا آسيا؟! 

نقلت نظرها بين الجميع ببرود وقوة تليق بها ثم تحركت ببطء تجاه الأريكة وجلست عليها دون أن تجيب حتى صدح صوت حمزة الصارم:

_ما تنطقي إيه الشنط دي كلها وچوزك وين؟ 

اخذت نفسًا عميقًا واخرجته زفيرًا متهملًا وهي تتجول بنظرها على وجوه عائلتها المستغربة وقالت بصوت متهكم ومجروح:

_ياترى لسا ليا مكان في بيت أبوي إهنه ولا أخد شنطي وحاچتي واطلع كيف قبل سابق

فهم الجميع تلمحياتها وهي تذكرهم بحادثتها المشهورة التي تسببت في زواجها، باستثناء غزل التي كانت تقف بينهم لا تفهم شيء، تقدمت نحوها جليلة وجلست بجوار ابنتها لتحتضن كفها بحنو وتهتف مبتسمة:

_اللي فات صفحة واتقفلت يابتي ومحدش إهنه هيفتحها تاني وكلنا ندمانين على اللي عملناه معاكي وانتي مكانك محفوظ في بيت أبوكي كيفك كيف الكل، فهمينا بس دلوك إيه الشنط دي وليه چاية بيها

نظرت لجدها الذي يطالعها بحزم وينتظر منها أن تبدأ في اخبارهم بما حدث لتتنهد الصعداء وتقول بشموخ:

_أنا مش راچعة بيت ابراهيم الصاوي تاني بزيادة لغاية إكده

ابتسمت جليلة بفخر وقالت لابنتها مؤيدة إياها:

_جدعة يابت يعني قولتي لچوزك يچبلك شقة بعيد عن الحرباية إخلاص دي كيف ما عملت بتها مع اخوكي ولا لا؟ 

جلس حمزة على أحد المقاعد وهو ممسك بعصاه الغليظة في يده ويحدق في حفيدته ينتظر أن تكمل حديثها ليفهم منها كل شيء، لكن آسيا طالعت أمها بغضب وقالت في إصرار:

_أنا مش عاوزة شقق ياما ومش راچعة لعمران تاني، يعني هطلق

تبادل الجميع النظرات فيما بينهم بذهول وصمت قاتل حتى قطعته هي بمتابعتها في جدية:

_لو مش عاوزني ومش متحمليني أنا همشي واقعد في أي شقة عادي

ضرب حمزة الأرض بعصاه فحدثت صوتًا مزعجًا وعالي قبل أن يصيح بآسيا في انفعال:

_اقفلي خشمك ده، وطلاق إيه اللي بتقولي عليه ده هو انتي فكراه ساهل إكده تتطلقي وقت ما تحبي 

ابتسمت لجدها بتهكم وقالت في نظرة مميتة وصوت صلب:

_أه ياچدي فكراه ساهل كيف ما كان الچواز ساهل لما في يوم وليلة جوزتوني وحرمتوني من الفرحة كيف البنات باليوم ده عشان بس عدم ثقتكم فيا، اتچبرت واتچوزت راچل مبحبهوش وأبوه قتل أبويا وعشت في نفس البيت معاهم واستحملت كل حاچة وفوق كل اللي عملتوه معايا سامحتكم ونسيت، ودلوك بتقولي فاكرة الطلاق ساهل!!.. أنا كنت فاكرة أن كل حاچة ساهلة بالنسبالكم مچاش في بالي أن الطلاق صعب إكده! 

تلألأت العبرات في عين جليلة قهرًا على ابنتها بينما حمزة فالتزم الصمت في ضيق بعدما ضربته من أعمق نقطة مؤلمة، هنا تدخل " علي " وجلس على المقعد المقابل لآسيا وسألها برزانة:

_طيب يا آسيا فهمينا إيه اللي حُصل لكل ده حتى ووصل الموضوع للطلاق

آسيا بعصبية :

_اللي حصل أني خلاص معدتش متحملة اعيش معاه وفي البيت ده تاني بقيت بكرهه ومش عاوزاه، ده مش سبب كافي!!! 

مسح حمزة على وجهه متأففًا ثم قال بصوت رجولي:

_خديها ياچليلة على اوضتها وخليها ترتاح فوق وبعدين نبقى نفهم منها زين إيه اللي حُصل بينهم

استقامت آسيا واقفة ونظرت أجدها بغضب وهتفت:

_أنا قولت اللي حُصل ياچدي ومش هرچعله تاني وهيطلقني غصب عنه 

حاوكتها جليلة بذراعيها وهي تزم شفتيها بحزن وتقول لابنتها في حنو:

_طيب تعالي يابتي بس ارتاحي فوق في اوضتك وبعدين هنعملك كل اللي انتي عايزاه، أنتي في شهرك ومينفعش اللي بتعمله في روحك ده احسن تضري اللي في بطنك

هدأت نفس آسيا الثائرة عندما ذكّرتها أمها بصحة طفلها فزفرت بخنق ووضعت يدها على بطنها وتحركت مع جليلة للأعلى وهي تجاهد في البقاء صامدة دون بكاء.

                                     *** 

اندفع عمران وهو ثائر إلى خارج المنزل وإخلاص كانت تركض خلفه وتصيح عليه بخوف من أن يتصرف بتهور وهو بتلك الحالة المرعبة:

_اهدى ياولدي وهملها تاخدلها يومين في بيت أبوها لغاية ماتهدى.. ياعمران اسمعنى

وقف وصاح بصوت جهوري مرعب:

_مفيش حاچة اسمها اهملها على مزاچها تاخدلها يومين، بيتها ومكانها إهنه چاري، بتلم خلجاتها وتهملي البيت هي إكده بتربيني يعني، أنا عارف أنا هعمل معاها إيه وكيف هكسرلها راسها الناشفة دي 

وقفت إخلاص بيأس عندما أدركت أن لا فائدة من المحاولة معه وتركته يغادر وهو في طريقه لاسترجاع زوجته، لكن البسمة الشيطانية كانت على ثغرها وهي متيقنة أنها النهاية وآسيا لن تعود معه مرة أخرى وسيعود فارغ اليدين كما ذهب.


قطع حديث " علي " وحمزة صوت طرق الباب العنيف فاستقام علي واقفًا واتجه ليفتح وقابل أمامه عمران يقف بكل وقار وثائر بشكل مرعب ورؤية " علي" زادت من جموحه فقال بغلظة:

_مرتي وين؟ 

سمع حمزة صوت عمران فنادى عليه من الداخل صائحًا:

_تعالي ياعمران زين أنك چيت.. تعالي ادخل

ظل عمران مكانه ورد على حمزة برجولية وحزم:

_أنا مش چاي عشان اقعد ياحچ حمزة أنا چاي اخد مرتي وماشي

استقام حمزة واقفًا واتجه نحو الباب بخطواته وهو يقول له بحدة ونبرة لا تقبل النقاش:

_ومرتك مش هتاخدها غير لم نتكلموا الأول ياولد الصاوي

أصدر عمران تأففًا حارًا بانزعاج ثم دخل على مضض ووقف أمام حمزة بكل شموخ وهو ينظر في عينيه بنظرة ثاقبة ومنها فهم حمزة أنه لن يقبل بأكثر من ذلك، فقرر أن ينهي حديثهم وهم واقفين حيث قال:

_آسيا معوزاش ترچعلك تاني الله اعلم أنت عملت معاها إيه

عمران بعصبية وصوت رجولي مهيب:

_مش بمزاچها أنا چوزها وغصبن عنها هترچع

كان حمزة مازال هادئًا وقرر أن يقف بصف حفيدته هذه المرة حيث أجاب على عمران بصرامة:

_احنا سبق وادناك بتنا غصبن عنها بسبب غلط ارتكبناه في حقها، بس دلوك مش هندهالك تاني غصبن عنها وطول ما هي معاوزاش ترچع معاك يبقى أنت مهتقدرش تاخدها غصب

استشاط عمران واظلمت عينيه بشكل مرعب ليرد على حمزة بنبرة غليظة:

_يعني إيه!!! 

حمزة بكل بساطة وصوت رخيم:

_يعني انا هناديها دلوك وقصادك وقصادنا لو وافقت ترچع معاك محدش هيقدر يمنعك بس لو رفضت

توقف عن الحديث وهو يكمل كلامه بنظراته القوية لعمران الذي فهم مقصده منها، ثم صدح صوت حمزة العالي وهو يصيح مناديًا على آسيا، التي جاءت بعد دقائق معدودة لكنها تسمرت بأرضها فور رؤيتها لعمران يقف بجوار جدها وللحظة ظنت أن الزمن سيعيد نفسه مرة أخرى وجدها سيسلمها له رغمًا عنها كما فعلوا سابقًا، وأن هذه المرة لن يتبقى لها أي كرامة تحافظ عليها أمامه، لكن جدها ادهشها بسؤاله لها وهو يرمقها بنظرة رفرف قلبها فرحًا لها:

_چوزك چاي عشان ياخدك وترچعي بيتك يا آسيا، عاوزة ترچعي معاه ولا لا؟

ابتسمت لجدها بامتنان أنه لم يخذلها ثم نظرت لزوجها بكل تحدي وغضب وأجابت بكل إصرار وثقة:

_لا ياچدي أنا قولتلك أني مش هرچعله تاني

هاجت عواصف عمران المدمرة وهتف محذرًا إياها:

_آسيا متكبريش الموضوع وروحي هاتي شنطك عشان ترچعي بيتك 

ابتسمت له بثبات انفعالي وقالت بكل جبروت:

_أنا مليش بيت، بيتي إهنه في بيت أبويا وسط ناسي 

وتعمدت أن تضغط على كلمتها الأخيرة لتثبت له أن لديها أهل تستطيع الاحتماء بهم واللجوء إليهم، بينما هو فكان سينفجر كالبركان من فرط غضبه أنها ترفض العودة معه أمام الكل وتخبره بكل وضوح أنها لا تريده فصاح بها منفعلًا وهو يهم بالاندفاع نحوها ليجذبها معه عنوة:

_أنا قولتلك روحي هاتي شنطك عشان نمشي سمعتيني ولا لا 

اعترض " علي " طريقه وقال له بصلابة وغضب:

_قالتلك مش عاوزة ترچع ياعمران خلاص عاد مش بالغصب هو

وقوف " علي " أمام عينيه كان كافي ليشغل فتيل النيران ويلهب ثناياه كلها، وخصوصًا أنه يتحكم بزوجته ويمنعه عنها فنظر له عمران بنظرة لا تبشر بالخير أبدًا ونبرة صوت كانت آسيا تحفظها عن ظهر قلب:

_هو أنت هتقولي اعمل إيه ومعملش إيه مع مرتي، ولا هاخد الأذن منك 

كانت ستتدخل آسيا فورًا خوفًا من أن ينشب شجار عنيف بينهم بالأخص وهي تعرف طباع زوجها جيدًا في مثل هذه المواقف، لكن انقذ الموقف وصول جلال فقد اتصلت به جليلة فور وصول آسيا وطلبت منه المجيء، وعندما رأى عمران و " علي " متأهبين للشجار اندفع نحوهم بسرعة وباعد بينهم بغضب وهو يوجه حديثه لعمران:

_عمران طالما آسيا معاوزاش ترچع معاك يبقى خلاص متتعبش روحك على الفاضي وامشي 

ابتسمت من رد أخيها عليه واقتربت من عمران ثم وقفت بجواره وهمست له بعيدًا عن آذان الجميع: 

_شوفت أنا مليش ضهر ولا سند غيرك كيف وعشان إكده مش هقدر ابعد عنك

فهم أن كلماته السامة تؤلمها بشدة وكل ما تفعله بسبب غضبها منه ورغبتها في إيلامه مثلما فعل بها، فنقل نظره بين رجال عائلتها الثلاثة ورأى الثبات على ملامحهم ورفضهم القاطع لإعادة ابنتهم له ما دامت ترفض العودة، فأدرك أن لا فائدة من العناد واستخدام العنف والقوة وأنه لن يكون في صالحه، وقرر التأني والتريث حتى تهدأ الامواج الهائجة وتعود الأمور على حالها.

هتف لآسيا وقال باستسلام مؤقت ونظرة حادة:

_ماشي يا آسيا هسيبك إهنه يومين لغاية ما تهدي وبعد إكده ارچع اخدك ونتكلم براحتنا 

نظرت في عينيه الثاقبة بغضب وقالت بقوة تليق بأنثى متجبرة مثلها:

_أنا عاوزة أطلق ياعمران

اتسعت عينيه بدهشة ورمقها بنظرة مرعبة، لكنه فضل الصمت وعدم الرد عليها حتى لا يفقد أعصابه وتجاهل عبارتها تمامًا حيث نظر لجلال وقال له باستياء:

_تعالي ياچلال عاوز اتكلم معاك 

سار جلال خلفه ووقفوا خارج المنزل كله بعدما غادر عمران الذي وقف أمام جلال وقال بعصبية شديدة وهو يحاول البقاء هادئًا:

_اللي بتقوله ده مش هيحصل ياچلال إلا على جثتي وفهمها أني هسيبها يومين بس لغاية ما تعقل وتهدي وهرچع اخدها ووقتها محدش هيقدر يمنعني

ولم يمهل جلال الفرصة ليجيب عليه حيث استدار واندفع مبتعدًا عنه بخطواته الثائرة، ليظل جلال مكانه يراقبه بنظراته وهو يزفر بحنق، لولا معرفته أنهم يعشقون بعض لكان أنهى ذلك الزواج منذ وقت طويل.

                                     ***

وقف جلال أمام غرفة شقيقته ورفع يده يطرق عدة طرقات خفيفة حتى سمع صوتها من الداخل تسمح للطارق بالدخول ففتح الباب ببطء ودخل ثم اغلق الباب خلفه، واقترب نحوها بخطواته الواثقة ليجلس بجوارها على الفراش ويحدق في وجهها بتدقيق وحزم بسيط وكانت هي تتفادى النظر إليه وتميل بوجهها للجهة الأخرى فسألها باهتمام:

_إيه اللي حُصل يا آسيا

التزمت الصمت لدقيقة ترفض التحدث وسرد التفاصيل كاملة لشقيقها خوفًا من تفاقم الوضع أكثر واكتفت بأنها أجابت عليه:

_محصلش حاچة يا چلال، عمران طبعه صعب وأنا معدتش متحملة اعيش معاه تاني ولا اعيش في البيت ده مع أمه 

جلال بعدم اقتناع:

_محصلش حاچة كيف يعني!!.. هو طبعه الصعب ده سبب أنك تطلبي الطلاق؟!!

آماءت رأسها بإيجاب بينما جلال فمسح على وجهه متأففًا وقال في جدية وقلق:

_آسيا هو بيرفع يده عليكي ولا بيأذيكي؟ 

هزت رأسها بالنفي فورًا وقالت بسرعة مدافعة عنه بعدما اندهشت من سؤال أخيها المفاجئ وغير المتوقع:

_إيه اللي بتقوله ده ياچلال لا طبعًا عمره ما عملها

زفر بنفاذ صبر وقال في حدة:

_طب امال عاد في إيه يابت أبوي؟!!

أبت الأجابة وفضلت الصمت بينما جلال فتنهد الصعداء بقلة حيلة وقال في صوت رخيم:

_اسمعي يابت أبوي، أنا عارف أن الچوازة دي أنتي اتچبرتي عليها واحنا غلطنا وظلمناكي، ورغم كرهي لعيلة الصاوي كلها بس مقدرش أنكر أن فيهم صالحين ومن ضمنهم عمران حتى لو في مشاكل بينا وأنا وهو مش بنطيق بعض، وسيبك ده من كله وركزي على الأهم هو أني متأكد أنك بتحبيه وهو بيحبك، وانتي شوفتي بنفسك اللي وصلنا ليه أنا وفريال بسبب عنادنا وأننا ندمنا بعد إكده

اخذ نفس عميق ثم تابع بجدية ونظرة ثاقبة:

_يعني اللي عاوز اقولهولك، متتسرعيش في قرارك وفكري زين الأول عشان متندميش بعد إكده، متخليش البداية تبقى غلطة ندمانة عليها والنهاية كمان

تشربت كلامه في عقلها جيدًا وأخذت تفكر فيه بحكمة، لكن مازال الجانب الآخر في عقلها يرفض العفو والغفران ويصر على قراره حتى لو كانت نهايته ندم، لكن على الأقل ستحفظ ما تبقى من كرامتها.

استقام جلال واقفًا بعدما أنهى كلامه وانحنى عليها بقلم شعرها بقبلة أخوية دافئة ويهمس:

_تصبحي على خير ياغالية، وفكري في كلامي زين 

هزت رأسها له بالإيجاب مبتسمة بحب وامتنان وتمتمت:

_وأنت من أهله ياحبيبي 

استدار وسار باتجاه باب الغرفة ليفتحه ويرحل لتبقى هي وحيدة في الغرفة مجددًا وحبيسة أفكارها ومشاعرها

 المتضاربة. 

                                       ***

بصباح اليوم التالي........

داخل منزل مروان تحديدًا بغرفة خلود كانت تجلس على الأرض فوق سجادة الصلاة بعدما انتهت من صلاتها وترفع يدها للسماء تدعو ربها أن يغفر لها ذنوبها ويسامحها ودموعها تملأ وجهها وسط دعائها ومناجتها لربها، لم يقطع خلوتها مع ربها سوى صوت رنين هاتفها، تجاهلته في المرة الأولى والثانية ولكن الثالثة قررت الرد بعدما تأكدت أن المتصل مروان ولا تريد أن تقلقه.

فور إجابتها على الهاتف بـ " الو " سمعت صوته الحازم وهو يعاتبها:

_إيه ياخلود ليه مش بتردي كل ده؟! 

ابتسمت برقة وتمتمت معتذرة منه:

_معلش يامروان كنت بصلي

كلما يسمع اسمه من بين شفتيها يرفرف قلبه كالطير الحر في السماء ويلوح شبح ابتسامة غريبة على ثغره، وصوت في أعماقه يود لو أن يخبرها بأن تعيد اسمه على مسامعه مرة أخرى بصوتها، كل تلك المشاعر كانت كالضيف الدخيل على قلبه لا يعرف متى ولا كيف زارته، لكن يبدو أن الضيف بدأ يتخذ مسكنه بداخله!!.

رد مروان مبتسمًا بحنو:

_ربنا يتقبل، لو خلصتي صلاة البسي هدومك وانزلي انا مستنيكي تحت قدام العمارة بالعربية 

ضيقت عيناها باستغراب وسألته في قلق:

_ليه في حاچة حصلت ولا إيه؟!!

ضحك بخفة وقال بالنفي:

_لا مفيش اطمني، البسي بس وانزليلي يلا

لم تعترض وتسأل الكثير من الأسئلة واكتفت بإجابة مطيعة تمتثل لطلبه، وبدأت فورًا في ارتداء ملابسها وحجابها وغادرت المنزل وعندما وصلت عند مدخل البناية رأت سيارته بالفعل أمام البناية بالضبط فابتسمت بفرحة طفل يرى والده في نهاية اليوم بعد عودته من العمل، لكن سرعان ما حاولت التحكم بتلك المشاعر ودفنها مبررة أنها مازالت متزوجة ولا يجوز أن يميل قلبها لرجل غريب، لا تفكر بالعادات والتقاليد ولكنها تفكر بالحلال والحرام وعقاب الله.

تحركت باتجاه سيارته وفتحت الباب ثم دخلت واستقلت بالمقعد المجاور له وعندما سقط نظرها على عينه رأت ابتسامة جديدة ومميزة فبادلته بأخرى لطيفة وسألته باهتمام:

_احنا رايحين وين؟ 

أجابها ببساطة وهو ينطلق بالسيارة:

_هنروح مكان حلو هيعجبك، أنا بروح كل اسبوع هناك وحدي بس الاسبوع ده حبيت اخدك معايا

خلود بعبوس ويأس:

_بس أنا مش عاوزة اطلع يامروان يعني حاسة أني مليش نفس لأي حاچة وكمان خايفة سمير يشوفني 

التفت لها ورمقها بنظرة دافئة وقال في صوت رخيم:

_وأنا عشان كدا فكرت اخدك معايا عشان تغيري جو شوية، وبعدين أنتي خايفة من الحيوان ده ليه هو أنا مش معاكي، حتى لو شافك مش هيقدر يعملك حاجة

رمقته بطرف عينيها في ابتسامة محبة ونظرة ممتنة ثم اشاحت بوجهها للجهة الأخرى تراقب الطريق من الزجاج وهي تبتسم معلنة عن استسلامها.

بعد مرور نصف ساعة تقريبًا توقفت سيارته أمام ساحة كبيرة حولها اسوار مرتفعة وباب حديد، نزلت من السيارة وسارت خلفه وهي لا تفهم أين هي فنادت عليه هاتفة:

_مروان احنا فين؟ 

التفت لها وابتسم نفس الابتسامة التي رأتها بالسيارة ثم توقف وقال بصوت رجولي جميل:

_ده اصطبل للخيل، أنا في خيل مشتريه وسايبه هنا مؤقتًا لغاية ما ادبرله مكان يعيش فيه معايا يعني لغاية ما اشتري ڤيلا، وباجي كل اسبوع اطمن عليه واشوفه واقعد معاه، ها حابة تدخلي ولا نرجع؟

هزت رأسها بالنفي وقالت مبتسمة بحماس:

_لا تمام يلا ندخل أنا بحب الخيل قوي

سارت بجواره للداخل وهي تتلفت حولها تتفحص المكان بحماس طفولي، حتى وصلوا لصاحب المكان الذي رحب بمروان ترحيب شديد ووجدت مروان يقدمها لذلك الرجل على أنها أحد أقاربه فابتسم لها الرجل ورحب بها ثم سأله مروان باهتمام وتلهف واضح:

_أخبار أصيلة إيه؟ 

رد عليه الرجل ضاحكًا:

_زي الفل تعباني معاها متغيبش عنها كتير يابشمهندس شكلك بتوحشها عشان كدا بتتعبنا

قهقه مروان ضاحكًا بقوة بينما خلود فكانت تتابع حديثهم بعدم فهم وللحظة ظنت أن ذلك الاسم يعود لامرأة فعبس وجهها وانزعجت بعدما سمعت الرجل وهو يخبره أنها تشتاق لمروان، وما زاد خنقها التفات مروان إليها وصوته وهو يقول:

_تعالي اعرفك على أصيلة 

هزت رأسها بالإيجاب وهي تحاول الحفاظ على مظهرها الطبيعي وسارت خلفه باتجاه اسطبلات الخيول حتى توقفوا أمام واحد وكان بداخله خيل أبيض جميل ويوليهم ظهره فصاح مروان مناديًا عليه:

_أصيلة 

التفت الخيل على أثر الصوت وفور رؤيته لصديقه العزيز اسرع نحوه وهو يطلق صهيله فرحًا فأخذ مروان يمسح على رأسه وشعره وهو يضحك فهتفت خلود مندهشة:

_هي دي أصيلة؟ 

أجاب مروان مبتسمًا رافعًا حاجبيه بمكر:

_آه امال أنتي كنتي فكراها إيه؟

تنحنحت بإحراج وهتفت في صوت خافت ونظرات زائغة:

_لا ولا حاچة

كان يفهم تمامًا الذي توقعته ولذلك كان يضحك عليها لكنه ودع خيله مؤقتًا وابتعد عنه بعدما تمتم له ببعض الكلمات التي لم تسمعها ونظر لها هاتفًا:

_تعالي نقعد شوية لغاية ما عمي محمد يجهز أصيلة 

تحركت باتجاه أحد المقاعد وجلست على مقعد خشبي وهو على المقعد المجاور لها، وبعد دقائق معدودة من الصمت قطعه صوت مروان وهو يسألها بجدية:

_خلود إيه رأيك اخدك بكرا وتروحي تشوفي اهلك وتعرفيهم باللي حاصل معاكي 

تسارعت نبضات قلبها وارتجف جسدها رعبًا وقلقًا فردت عليه بسرعة رافضة:

_لا مش هقدر اروح

ضيق عينيه بحيرة ثم ثبت نظره عليها بعين ثاقبة كالصقر وسألها بترقب:

_هو أنتي إيه اللي حصل بظبط بينك وبين اهلك يخليكي في ظرف زي ده تبقى خايفة ما تروحيلهم وتلجأي ليهم

مالت بوجهها بعيدًا عنه للجهة الأخرى ترفض الرد وعيناها امتلأت بعبرات القهر والندم، حتى لو رغبت في إخباره بالحقيقة لن تستطيع.. تخشى خسارته هو أيضًا أن عرف بذنبها الذي ارتكبته.

اخذ مروان نفسًا عميقًا عندما أدرك عدم رغبتها في الحديث وقال بتفهم ولين:

_أنا مش هضغط عليكي ياخلود براحتك.. وقت ما تكوني حابة تتكلمي وتحكيلي أنا موجود ومتخافيش مهما كان إيه اللي هتقوليه أنا هفضل جمبك

قطع حديثهم صاحب المكان وهو ينده على مروان بعدما انتهى من تجهيز الخيل فاستقام واقفًا واتجه له، ليتركها غارقة في أحزانها وحسرتها وهي تراقبه بأسف وعينان عاجزة.

                                    ***

داخل منزل جلال تحديدًا بغرفة نومهم خرج من الحمام بعدما أنهى استحمامه الصباحي، فوجد فريال تقف أمام الخزانة وعلى الفراش حقيبة صغيرة جدًا لا يمكنها احتواء أكثر من ثوبين، قضيق عينيه بتعجب لكن تذكر حديثهم بالأمس وطلبه أن تذهب لمنزل والدها لمدة يومين حتى تستقر الأوضاع وتهدأ، سألها بخفوت:

_رايحة بيت أبوكي؟ 

نظرت له بغضب ملحوظ وقالت في قوة:

_أه رايحة بس مش هروح اخد يومين ولا أسبوع زي ما طلبت، أنا رايحة اخد النهار بس وراچعة آخر اليوم

غضن حاجبيه باستغراب وعدم فهم، ثم وجدها تندفع نحوه ثائرة وهي تقول بشراسة وانزعاج شديد:

_صحيح أنا غلطت ومعترفة بغلطي واعتذرت منك وكان عندي استعداد اعمل أي حاچة عشان اخليك تسامحني، بس مش ههمل بيتي ياچلال وعشان أنا محتاچة فعلا اهدى هروح النهاردة بس بيت أبوي وهرچع آخر النهار يعني أكون هديت شوية وريحتك من وشي اللي أنت مش عاوز تشوفه

جلال بدهشة وحدة وهو يشير بسبابته على صدره:

_أنا قولت مش عاوز اشوف وشك يابت الناس؟!!!

صاحت به منفعلة:

_وأنك تمشيني من البيت وتطردني ده مش معناه أنك مش عاوز تشوف وشي

جلال بنفاذ صبر وغضب مماثل لها:

_أنا ممشتكيش من البيت يافريال ده بيتك، كل اللي قولته روحي اقعدي في بيت أبوكي كام يوم لغاية ما نهدى عشان المشكلة متكبرش بينا

كانت نظراتها مشتعلة وتنظر له بوعيد وسخط حقيقي وهي تقول:

_وأنا مش همشي واسيب بيتي، أنت عارف زين أني اللي عملته كان بسبب خوفي عليك وصدقني لو سمحتلي الفرصة تاني أني أبلغ على عمك هبلغ عليه عشان احميك بس المرة دي عاد هخليك جاري طول اليوم عشان ميحلصش اللي حُصل ده

ضحك رغمًا عنه على عباراتها الأخيرة وقال بصوت رجولي صارم:

_وانتي مين فهمك أني واخد موقف منك وزعلان بسبب أني اتقبض عليا بسببك وخدتلي كام ساعة في الحجز، أنا كل اللي معصبني أنك اتصرفتي من دماغك من غير ما ترجعيلي وبتغطرسيني وتكذبي عليا

فريال بعصبية وهي تستدير وتقوم خطواتها إلى الخزانة مجددًا:

_وأنا هريحك من وشي أهو كام ساعة واروح اقعد عند أمي 

لحق بها وقبض على ذراعها ليوقفها ويديرها إليه عنوة صائحًا بغيظ:

_أنتي كمان غلطانة وقوية

صرخت بحرقة وأسى حقيقي:

_أنا اللي حارقني اللي أنت قلته امبارح وأنت بتمشيني من البيت، رغم اني بحاول اصلح غلطتي واعتذر بس أنت منشف راسك وآخر المطاف تقولي هملي البيت وامشي، سبق وقولتلك أن فريال القديمة معدتش موچودة، أنت مش لما تقولي هملي بيتك وامشي أنا همشي طوالي لا أنا عارفة نفسي أني حتى لو غلطانة بس كنت بحاول احمي چوزي وعيالي

جذبت ذراعها من قبضته وحملت حقيبتها الصغيرة وصاحت منادية على أولادها:

_معاذ.. عمار يلا بينا عشان نمشي 

سمعت صوته من خلفها وهو يقول برجولية:

_استني هلبس واوصلكم

ردت عليه بجفاء وحنق:

_لا شكرًا روح أنت على شغلك أنا هروح وحدي معايا ولادي رچالة

لم يضغط عليها وتركها على راحتها ثم خرج خلفها وأشار لمعاذ الذي اقترب منه فورًا وهو يقول:

_نعم يابوي؟

همس له جلال بحزم:

_خد بالك من أمك انت وأخوك ولو في أي حاچة اتصلوا بيا وبليل قبل ما تمشوا من بيت چدكم رن عليا عشان آچي أخدكم

هز رأسه بالموافقة لوالده وقال مطيعًا أوامره:

_حاضر 

ربت جلال على كتف ابنه بحنو أبوي وهو يبتسم له ثم أشار له بنظرة صارمة من عينيه أن يلحق بأمه بسرعة ويحمل عنها الحقيبة، راقبهم بنظراته حتى غادروا المنزل ثم اتجه الشرفة ونظر منها يراقبهم أيضًا منها حتى تطمئن أنهم استقلوا بالسيارة المخصوص التي ستأخذهم لمنزل ابراهيم الصاوي، أخذ نفسًا عميقًا وظهر شبح ابتسامته العاشقة على ثغره وهو يتذكر عصبيتها وشراستها ورفضها التام لترك بيتها حتى لو كان برغبة منه، لكن تمسكها به وبمنزلها أسعده وكان تصرف عقلاني لم يتوقعه منها.

                                       ***

بمنزل ابراهيم الصاوي تحديدًا بغرفة عمران......

لم يكترث للساعة وأنه تأخر على عمله بل كان شاغله الأكبر زوجته وتستحوذ على تفكيره وعقله بالكامل، يفكر في تصرفها بالأمس ورفضها له أمام الجميع حتى رغبتها في الانفصال اوضحتها أمامهم، ربما هو جرح كرامتها بكلامه حقًا دون أن يقصد لكنها انتقمت وجرحت رجولته أمام الجميع، اشهرت عن انيابها الشرسة في وجهه بسبب خطأ واحد فقط ارتكبه في حقها بلحظة غضب، نست كل شيء فعله من أجله وقررت التمرد وعضت يده التي كانت دومًا تحميها وتحاوطها، حتى أنها دعست على قلبها وطلبت الطلاق بكل جبروت وعدم مبالاة، لكنه أوضح لها سابقًا أن قرار الانفصال لن تحصل عليه إلا عندما يسمح هو به.

أخرج هاتفه ودون تردد أجرى اتصال بها، انتظر الرد منها بعد رنين طويل وبالرنة الأخيرة أجابت بصوت حازم:

_نعم

هتف بصوت رجولي غليظ ولهجة آمرة:

_البسي وهعدي عليكي اخدك نطلع نتكلم في مكان برا البيت

ردت برفض قاطع وقوة:

_لا ياعمران مش هلبس معدش في حاچة نتكلموا فيها خلاص، كل حاچة أنت قولتها وكفيت 

صرت على أسنانه بغيظ ومسح على وجهه ولحيته بقوة في عصبية وهو يتأفف بصوت مسموع ويستغفر ربه ثم صاح بها منفعلًا:

_مفيش حاچة اسمها خلاص، أنتي فاكرة أني هطلقك صُح ولا إيه!! 

آسيا ببرود أعصاب مستفز وثقة تامة:

_آه هتطلقني ياعمران طالما وصلت لمرحلة أنك بتعايرني بفضلك عليا رغم كل اللي استحملته منك وعشانك يبقى خلصت خلاص

صرخ بصوت جهوري مرعب:

_طلاق مش هطلق يا آسيا وكيف ما اتچبرتي على الچواز مني لو اضطربت هخليكي تكملي معايا مچبورة، أنا مش هسيب ولدي يتربى بعيد مني يعني انسى الطلاق ده واصل، واعملي حسابك بكرا هاچي أخدك.. وبحذرك من دلوك لو رفضتي وعملتي كيف امبارح عشان المرة دي هاخدك غصبن عن عين الكل وأنتي عارفة أني اقدر اعملها

استشاطت غيظًا وردت بقهر واستياء شديد:

_آه يعني أنت كل اللي فارق معاك ولدك أنه ميترباش بعيد عنك ومش فارق معاك حاچة تاني، بس أنا عاد بقولك هتطلقني غصبن عنك ياعمران حتى لو اضطريت ارفع عليك قضية

لم تمهله الفرصة ليجيب عليها حيث أنهت الاتصال وأغلقته بوجهه فأنزل الهاتف من فوق أذنه وراح يردد كلمتها بذهول ودمائه تغلي في عروقه:

_قضية!!!!.. هي وصلت لإكده، ماشي يا آسيا أنا هوريكي هعمل معاكي إيه واكسرلك راسك الناشفة دي كيف

توقف عن الحديث عندما دخلت أمه ثم تحركت نحوه وجلست بجواره لتسأله باهتمام مزيف:

_لساتها منشفة راسها ومعاوزاش ترچع معاك؟ 

كان يفرك يديه ببعضهم في غيظ وقدمه تهتز بقوة من فرط العصبية وهو يقول:

_عاوزة تطلق الهانم 

لمعت عين إخلاص بفرحة غامرة وهتفت بسرعة متصنعة الدهشة والاهتمام لأمر ابنها:

_وصلت للطلاق!!.. هي تطول تتچوز راچل زيك، دي ولا كانت هتطول ضفرك حتى ياولدي، على قد ما قلبي محروق على زعلك بس چات منها ياعمران طلقها ياولدي وريح راسك منها وخليها تطلع من وسطينا دي كيف الحرباية اللي بمية وش، كفاية العيل اللي چاي ده بدل ما يبقوا اتنين وتلاتة بعدين ومتقدرش تهملها عشان عيالك

التفت لها ورمقها بنظرة ملتهبة ثم صاح بزمجرة مرعبة:

_وبعدين ياما هو انا هلاقيها منك ولا منها، انا مش هطلق مرتي ومتحاوليش تفتحي معايا الموضوع ده أبدًا، سيرة الطلاق دي محدش يچيب سيرتها قصادي مفهوووم

استقام واقفًا واندفع لخارج الغرفة ليتركها بمفردها وهي تتألف بغيظ وتفكر في حيلة أو طريقه تقنعه بها ليطلق تلك الأفعى زوجته.

                                    ***

بتمام الساعة العاشرة مساءًا......

دخل الأولاد اولًا للمنزل وكان خلفهم جلال ثم فريال التي كانت منزعجة من ابنها أنه اتصل بوالده كما أمره، رأت زوجها يجلس على الأريكة بالصالة وكذلك الأولاد بجواره لكنها اندفعت لداخل غرفتها وصفعت الباب بقوة تعبر عن الثوران الذي بداخلها، تبادل هو النظرات المستفهمة مع أولاده فاقترب منه معاذ وهمس له بصوت منخفض:

_أمي متعصبة عشان أنا اتصلت بيك

رفع حاجبيه ورد على ابنه باستغراب:

_مين قالك؟

معاذ ببساطة وعبوس بسبب توبيخ أمه له:

_هي زعقلتي لما عرفت أني اتصلت بيك عشان تاچي تاخدنا كيف ما قولتلي

اتسعت عيني جلال بدهشة من تصرف زوجته وتوبيخها لابنها لانه امتثل لأمر والده، فهو رأسه بتفهم وربت على كتفه بحنو متمتمًا:

_طيب روح أنت وأخوك يلا على اوضتكم عشان تناموا معاكم مدرسة الصبح

كان عمار بالفعل يصارع النوع لأبقاء عينه مفتوحة وبمجرد سماعه لأمر والده هب فورًا واقفًا واتجه إلى غرفته ولحق به معاذ، أما جلال فاستقام واقفًا واتجه لغرفته وهو ثائر وفور دخوله صفع الباب مثلما فعلت واندفع نحوها يهتف بعصبية:

_أنتي بتزعقي للواد عشان اتصل بيا، إيه كنتي عاوزة ترچعي وحدك بليل في الوقت ده! 

حافظت فريال على هدوئها وأجابته بثبات:

_وفيها إيه يعني؟!.. بعدين أنت عاوز تاخدنا ليه مش على أساس مش طايق تشوفني وعاوزني امشي

جلال بنظرة منذرة:

_فريال بلاش الأسلوب ده في الحديت معايا

مازالت محتفظة بمظهرها البارد وهتفت بتبلد مشاعر:

_اسلوب إيه أنا بقولك اللي انت قلت!!.. وعشان متضايقش من شوفتك ليا طول النهار في البيت والأوضة متقلقش أنا هروح أبات في أوضة تاني ومش هتشوفني في البيت غير وقت ما احطلك الوكل على السفرة

رفع حاجبه واتسعت عينيه بذهول من تصرفاتها الغريبة ليحيبها وهو يجز على أسنانه محاولًا التحكم بانفعالاته:

_آه انتي قررتي تفضلي في البيت ومتهمليش بيتك كيف ما بتقولي بس قصاد إكده هتربيني على اللي قولته واللي كان نيتي بيه خير

ابتسمت بكل ثقة وقالت بنظرة ذات معنى:

_طب ما أنا كمان كانت نيتي خير لما بلغت، بعدين أنا مش بربيك ولا حاچة يا أبو العيال وسيد الرچال أنا بنفذ طلبك مش اكتر، أنت كنت عاوز تمشيني عشان متشوفنيش ونتخانق والمشكلة تكبر بينا، وأنا موافقتش أني أهمل بيتي بس مش هخليك تشوفني في البيت يعني اعتبرني مش موچودة كيف ما أنت كنت عاوز

رفع يده ومسح على وجهه وهو يزفر بامتعاض ثم وجدها تأخذ وسادتها وغطاء وملابسها وتغادر الغرفة فصاح مغتاظًا:

_أنتي رايحة وين دلوك يعني!! 

التفتت له ورمقته بابتسامة مستفزة وهي تهمس:

_رايحة أنام في الأوضة اللي چمب العيال، عاوز حاچة مني قبل ما امشي اصلك مش هتشوفني غير الصبح وأنا بحطلك الفطار

كان يشتعل داخله من فرط العصبية والغيظ أنها استغلت الوضع لصالحها وستجعله الآن هو من يحاول نيل رضاها، ستحرمه منها كما طلب لكنها ستعذبه وهي أمامه لتثبت له أنه لا يستطيع الافتراق عنها يوم واحد حتى وهي أمام عينيه، يؤسفه الاعتراف أن زوجته اللطيفة والبريئة لم تعد كما كانت أبدًا.

                                    ***

بمكان آخر داخل منزل حور.. كانت تجلس بجوار بلال في أحد الغرف بمنزلهم والباب مغلق، كانت عيناها عالقة على الباب بارتباك ملحوظ فلولا إصراره لما فعلت أبدًا وأغلقت الباب عليهم، لكنه أجبرها موضحًا لها أنه زوجها وليس هناك ما يقلق.

اقترب منها وهمس في أذنها مازحًا:

_إيه هتفضلي باصة على الباب إكده كتير.. أنتي محسساني أنك قاعدة مع واحد متحرش

انتفضت فزعًا والتفتت له بنظرة عتاب متمتمة:

_يابلال خضتني حرام عليك، وبعدين أنا مبثقش فيك

قهقه بقوة وتابع مزحه لكن بجرأة أكثر:

_ أه أصل أنا هعتدي عليكي

دفنت وجهها بين كفيها وهي تهز رأسها بقلة حيلة منه بينما هو فاقترب أكثر منها حتى أصبح ملتصق بها فنظرت له بدهشة وهتفت بخجل شديد وصوت مرتبك:

_بلال بلاش قلة أدب احنا في البيت وممكن ماما تدخل في أي لحظة 

مال ثغره في ابتسامة لعوب وتمتم غامزًا باستمتاع:

_لا ماما ست كُمل وتعرف الأصول زين وهتخبط الأول

حاولت الابتعاد عنه لكنه أحكم قبضته حول خصرها وجذبها إليه أكثر فارتعشت وردت بحدة:

_لا مفيش الكلام ده عندنا، أنت آه كاتب كتابك عليا بس لسا متمش الفرح وتعتبر غريب 

رفع حاجبه اليسار بتهكم على وصفها الأخير له ليرد بغلظة رجولية:

_ماغريب إلا الشيطان ياحبيبتي، چوزك وتقوليلي غريب!.. لا كمان قومي البسي الطرحة قصادي وقوليلي حرام تشوف شعري

حور مغلوبة على أمرها وتوسلته بخجل شديد من قربه الحميمي منها:

_طيب خلاص أنت جوزي مش غريب، ابعد بقى يابلال علشان خاطري عيب والله اللي بتعمله ده مينفعش كدا

ابتعد عنها بغيظ وهو يتأفف ويقول معترضًا:

_لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، كل ما أقرب منها تقولي عيب، ماشي ياحور احنا مش خلاص فرحنا بعد اسبوع وقتها هوريكي العيب صح 

فغرت شفتيها وعينيها بصدمة من تلمحياته الصريحة ولكزته في كتفه بغيظ وهي تقول ضاحكة:

_احترم نفسك

ثم اقتربت هي منه هذه المرة وحاربت خجلها لتمسك بكف يده الكبير وتهمس بعينان ساحرة وصوت أنثوي يذهب العقل:

_خلاص بقى متزعلش أنا بحبك والله، طيب أنت عارف أنا فرحانة أوي أن فرحنا بعد أسبوع

ارتفعت البسمة مجددًا وزينت وجهه وقبل أن يجيبها ويضمها لصدره، قطع لحظاتهم الغرامية صوت رنين هاتفه فأخرجه من جيبه منزعجًا وكان ينوي أغلاقه لكن توقف عندما رأي اسم المتصل فأجاب بلهفة:

_هاا عملت إيه وصلتله؟ 

لحسن الحظ أن صوت سماعه الهاتف عالية وسمعت صوت الطرف الآخر وهو يجيبه:

_أيوة منصور صفوان قاعد في شقة في (.......)

هب بلال واقفًا فورًا وقال بخشونة:

_تمام سلام وزي ما نبهت عليك متچيبش سيرة لحد 

وقفت حور هي الأخرى وتشبثت بذراع زوجها وقالت له بهلع:

_رايح فين.. مش هسيبك تروح يابلال 

نزع ذراعه من قبضتها برفق وقال في حدة:

_ معايا مشوار ضروري ياحور 

حور بعصبية وخوف شديد:

_لا أنا عارفة المشوار ده فين كويس 

لم يكترث لها واندفع لخارج الغرفة ومنها للمنزل بأكمله وسط محاولاتها اللحاق به وإيقافه لكن دون فائدة.

                                      ***

داخل منزل خليل صفوان، استقامت آسيا واقفة واتجهت نحو الباب لتفتح بعدما سمعت صوت الطرق القوي، عندما فتحت قابلت زوجها وهو يطالعها بعين ثاقبة ويقول لها:

_يلا لمي هدومك

استقامت جليلة واقفة واقتربت منهم لتقف أمام عمران وتقول بغضب:

_هي مش عاوزة ترچع معاك ياعمران، بعدين أنت مش قولت يومين هما فين اليومين دول 

تقهقهرت آسيا للخلف توترًا منه لأن منظره كان مخيفًا وبدا عليه أنه مصممًا وسيأخذها مهما كلفه الأمر ولن يستطيع أحد اعتراض طريقه، خرج الجد حمزة من غرفته وقال لعمران:

_خير ياعمران؟ 

كان عمران يقف بكل وقار وهيبة ويهتف بصوت رجولي مهيب كله ثقة:

_چاي أخد مرتي ياحچ والمرة دي محدش هيقدر يمنعني، هي هتطلع دلوك من غير كلام كتير تلم هدومها وتنزل

قال عبارتها الأخيرة وهو ينظر لها بتحذير وغصب بينما حمزة فنظر لآسيا التي يبدو عليها الرفض وأجاب على عمران بهدوء:

_وهو أنت شايف أنها موافقة ترچع معاك؟! 

عمران بسخط شديد وصوت غليظ:

_أنا مش مستني موافقتها، مكانها في بيتها چار چوزها مش إهنه

هتفت آسيا معترضة بتمرد واستياء:

_مش هرچع معاك ياعمران قولتلك

اندفع نحوها ثائرًا كالثور وصاح بعصبية:

_وأنا قولت هتطلعي تلمي حلچاتك عشان نمشي فاهمة ولا لا ومتخليش الأمور تكبر أكتر من إكده

ظلت بأرضها ترفض الحركة كدليل على عنادها فقبض هو على ذراعها وكان ينوي أن يأخذ بيدها لغرفته بنفسه ليجعلها تجمع ملابسها عنوة وتعود معه، لكنها أطلقت صرخة عالية وهي ممسكة ببطنها المرتفعة وتوالت الصرخات المتألمة...

                                    ***

أخرج بشار هاتفه بعد الرنين المستمر من رقم والد خطيبته وأجاب عليه بلطف:

_أيوة ياعمي أخبارك إيه؟

هتف والد مريم بفرحة غامرة وصوت مفعم بالحيوية:

_مريم فاقت يابشار


الفصل العشرون من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا

لقراءة الجزء الاول من رواية ميثاق الحرب والغفران من هنا



تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close