رواية ثلاثين عاما في انتظار حبي الاول الفصل السابع7 بقلم خديجه السيد
و يسعدني أن أمزّق نفسي لأجلك أيتها الغاليه، و لو خيّروني لكرّرت حبّك للمرّةِ الثّانيه، يا من غزلت قميصك من ورقات الشجر. أيا من حميتك بالصبر من قطرات المطر أحبك جداً و أعلم أني أسافر في بحر عينيك دون يقين و أترك عقلي ورائي و أركض أركض أركض خلف جنونـي. أيا امرأة تمسك القلب بين يديها سألتك بالله لا تتركيني لا تتركيني، فماذا أكون أنا إذا لم أكن أحبك جداً جداً.
.
.
.
.
قـبـل ثـلاث ســـنـــوات.
في يوم زفاف رحمه بعد أن اكتشف الجميع هروبها، بدأ حسام يمسح على شعره عدة مرات بجنون كأنه سوف يفقد أخر ذره متعقله داخله إن لم يجدها، إن لم يكسر ضلوعها بين أحضانه هو فقط حتى لا ترحل مره ثانيه. سينتقم منها على ما فعلته به حتى لا تعيد تكرارها.
لكن أين هي الآن و أين ذهبت؟؟؟!
كان يجلس أمامه سيد بحزن على فراق ابته الصغيره. هو يعلم أنها ليس لديها مكان آخر و لكن إلى أين ذهبت؟؟
ابتلعت رحاب ريقها بتوتر و قالت بقلق: ماذا سوف نفعل حسام؟ رحمه ليست موجوده في أي مكانٍ هنا.
حسام بقسوه صارخاً : سوف أجدها رحاب أينما ذهبت سوف أجدها، هي لي و ستظل لي.
شهقت رحاب مرتعده وهي تري هجوم حسام الذي جذب زوجها بقسوه من ملابسه يهزه بجنون صارخاَ : أين رحمه؟ أين تخبئها؟ بالتأكيد أنت من هربتها سيد حتى لا أتزوجها. سوف أقتلك سيد إن لم تقول لي أين رحمه؟
قال سيد بخوف حقيقي: لا أعلم لم لا تصدقني حسام؟؟ سألتني أكثر من 20 مره و أنا أخبرتك مراراَ و تكراراً أنني لا اعلم أين هي، أنا خائف عليها بشده هي ليس لها أحد هنا غيري.
تطلع فيه بحده ثم ابتعد ببرود و هو ينظر لـ رحاب التي تصنمت تشهق بخوف ليسألها : هل المأذون ما زال بالخارج؟؟
عقدت حاجبيها بدهشه و قالت بتوتر: نعم.
أخذ نفس عميق يهدئ نفسه قائلاً بجمود:حسناً. أمامي سيد حتى نعقد القران.
اتسعت عيني سيد بصدمه و هتف بحيره: كيف و رحمه ليست هنا!!
صرخ حسام بكل جنون و تملك: لا يهمني رحمه أين هي الآن، لكن اليوم سوف تكتب على اسمي و تكون زوجتي رغماً عن الجميع.
.............
بدأ يقترب منهم رويداً رويداً و عيناه تتفحصهم بغيره شديده مردداً بصوتٍ أجش حمل لمحه من السخريه : معلومه خاطئه. فالليله التي هربت بها رحمه كانت فيها زوجتي على سنة الله و رسوله و الوكيل كان والدها سيد، و من يومها رحمه أصبحت زوجتي العزيزه.
تشبثت بقدمها على الأرض بقوه و أصبحت لا تشعر بما حولها و الدنيا أصبحت تلف من الصدمه.
هل هي كل هذه المده كانت زوجته حقاً!!
رفع حسام بيده أمامهم عقد القران و تاريخ الإنعقاد قبل ثلاث سنوات و كان وقتها الوكيل أباها.
ارتعشت شفتاها و هي تهمس بصوت خافت : مستحيل!! كيف فعل أبي ذلك بي؟؟
حينها رفع طاهر رأسه و عقله مَن كان يجيب لا قلبه المكوي ألماً : هذا الزواج ليس قانوني فقد تم رغماً عن رحمه و هي ليست موافقه عليك. هي ليست لك.
بدأ يقترب منهم حسام ببطء و هو يكمل بصوتٍ أجش ببرود : رحمه لي. و لن أطلقها أبداً و سبق و أخبرتك أنكِ ستصبحين لي و أصبحتي قبل ثلاث سنوات زوجتي لحين موتك.
خرج طاهر من حالة الإستكانه لحالة الهياج الهيستيري و هو يصرخ فيه بإنفعال: و لكنها لا تريدك لمَ لا تحاول أن تفهم ذلك؟
ظهرت شبح ابتسامه ملتويه على ثغره و هو يقول: من أنت؟ ليس لك دخل بيني و بين زوجتي العزيزه.
و الآن رحمه تعالي معه بهدوء قبل أن أفعل شيء تندمي عليه.
شهقت رحمه وسط شهقاتها بيأس هتفت بيأس : لا أريد، لا أريد الرحيل معك.
عقد ما بين حاجبيه بضيق لتشعر أنها أمام ذئب يأهب غرائزه للإنقضاض عليها فهتف بتهديد: هل تعتقدي بعد أن رايتك أنني سوف أرحل قبل أن آخذك معي زوجتي العزيزه؟
هزت رأسها بالرفض و الدموع تنهمر من عينيها بألم.
فهتفت كامله بتردد: سيد حسام حاول أن تتعاطف و تشفق على الفتاه. فهي لا تريد الزواج، و الزواج ليس بالقوه و الإجبار إنما بالقبول و التراضي و هي لا تريدك.
جذبها حسام فجأة من يدها بعنف هاتفاً ببرود تام: أنا لم آتي إلى هنا للتناقش سيدتي، هذه زوجتي و سوف آخذها معي حتى إذا استدعى ذلك القوه.
حاولت رحمه أن تدفعه بعنف بعيداً عنها لكن كان هو أقوى و ممسك بيدها جيداً ليقول طاهر : ابتعد عنها.
هز حسام رأسه نافياً ببساطه : لن أفعل. هي زوجتي و سوف ترحل معي.
كاد أن يضربه بعنف لكن رجال حسام أمسكوه بقوه ليصرخ بهم و تقترب و كامله و روان منه بخوف شديد. نظرت رحمه إليه متحدثه برعب: طاهر لااا.
اقترب حسام هامس إليها بقسوه: رحمه استسلمي و تعالي معي أنتِ زوجتي قانونياً و من الممكن أن أخبر الشرطه عنكِ و أقول لهم زوجتي هاربه مع عشيقها و تُزجي بالسجن، الأحسن لكِ تأتى معي بهدوء قبل أن آذي أي أحد.
ازداد قربه و ازدادت معه دقات قلبها برعب و لا تعرف ماذا تفعل ليصرخ طاهر برفض: لا رحمه لا تفكري و لا تسمعي كلامه.
جز حسام على أسنانه بعنف شديد و أشار إلى رجاله ليضربوا طاهر بقوه ليتعالى صراخ كامله و روان بخوف شديد و استنجاد بأحد من الجيران و لكن كان باقي رجال حسام خلف الباب و تحت بالشارع كما أمرهم حسام عندما دخلوا أن يقفوا ليمنعوا أي أحد من الدخول.
هزت رأسها برفض هاتفه بهستيريه و دموعها تغرق وجهها: اتركوه... لاااا طاهر ابتعدوا عنه. حسناً سوف آتي معك لكن اتركوه.
ابتسم حسام بإنتصار و أشار للرجال بالتوقف عن ضرب طاهر الذي وقع على الأرض كالجثه الهامده. ركضوا إليه أمه و أخته يطمئنوا عليه ببكاء شديد ليهمس طاهر بألم و صوت متقطع: آآه رحمه. لا ترحلي حتى إذا كان لأجلي.
أغمضت عيناها بإنكسار و سحبها حسام إلى الخارج و هي تصرخ ببكاء و يحاول طاهر أن ينهض خلفها بصعوبه بالغه لكن لا يستطيع و يحاول مره ثانيه يقف بالفعل لكن والدته منعته من الرحيل خوفاً عليه و هو بهذه الحاله.
في المساء بعد عدة ساعات في قصر حسام كانت أضواء الزفاف تنير المكان مره ثانيه لكن هذه المره في قصر حسام حتى لا تهرب رحمه مره أخرى، في حفل لم يكن بالكبير و لا هو بالمتواضع و حضر الزفاف الأقارب فقط و معارف و أصدقاء حسام في العمل.
و قد أخبر حسام عائلة رحمه بموعد الزفاف و سمح حسام لسيد أن يرى ابنته في هذه اللليله فقط.
كانت رحمه يتم تجهيزها بإحدى غرف القصر و هي صامته دون حركه من الصدمه.
دخل حسام فجأه و فرقع بأصابعه لتخرج الفتيات الذين كانوا يساعدون رحمه في التجهيزات. اقترب منها ببطئ و بدأ يتحدث بهدوء : أنتِ أميرةُ هذه الليه و أميرة هذا الدار.
نظرت إليه و روحها خاويه، كان عقلها متعب لدرجة أنها غير قادره على القيام بأي مجهود أو حتى التفكير..
صاح حسام بلهجه حاده مقصوده: أجيبي علي حين أتحدث معكِ.
تطلعت فيه رحمه بإشمئزاز لتقول بغضب و ألم: أنت شيطان بهيئة بشر.
ليجيب ببرود: و أنتِ ملاكاً هبط على الأرض بـ الخطأ.
هتفت رحمه بحسره و ألم: هل تعرف شعوري الآن و أنا انظر لوجهك القبيح؟ و كم اشمئز منك؟ أنا اكرهك بشده.
ابتسم حسام بسخريه هاتفاً بغيظ شديد: سوف تندمين على وقاحتك معي.
تحدثت رحمه ببرود مثله: إنها ليست وقاحه إنها الحقيقه الجارحه. أنت شيطان و أنا لا أطيق النظر إليك و لا لمسك لي. ابتعد عني و اتركني في حالي.
جز على أسنانه بغضب مكتوم و اقترب منها قائلاً بتهديد: بعد الزفاف سوف تري ما هو عقابك يا زوجتي العزيزه على وقاحتك معي.
بدأ الزفاف و نزل حسام و هو يمسك بيد رحمه مبتسم بسعاده بينما رحمه نظراتها جامده و لكنها مهزوزه تقف بجمود دون تعبير وجه. اقترب سيد منها بلهفه شديده و خلفه رحاب التي تطلعت إليها بحق، اقترب سيد حتى يضم ابنته لكنه تفاجأ بـها تبتعد عنه بنفور نظر لها بدهشه لتقول : مبارك أبي.
عقد حاجبيه متسائلاً بتوتر: على ماذا ابنتي؟ أنا من يجب علي انا أبارك لكِ على زواجك اليوم.
حينها رفعت عيناها و ظهرت ملامحها المتألمة و هي تخبره هامسه بصوتِ جامد : مبارك سيده رحاب. مبارك يا أبي لكنك لا تستحق كلمه أبي حقاً، مبارك علي تحقيق ما سعيت له أنت و زوجتك هذه. أرأيتِ؟؟ ها أنا الآن أقف أمامك و لكن روحي تتلوى داخلي بصمت.
أخفض رأسه بحزن شديد و ألم من نبرة صوتها بينهما لوت رحاب شفتاها بسخريه و سحبت زوجها و رحلت.
أما عن طاهر فهو تعالج من جروح جسده و لكن قلبه لا يستطيع و قد اكتشف أن أقوى عقاب و علقم لروحه العاشقه هو ابتعادها عنه فشعر أن روحه تُسحب منه ببطء.
قلبه يتمزق بداخله رويداً رويداً ببطء كلما تذكر كيف أخذ رحمه من أمام عينيه و هو عاجز أمامها. نهض بصعوبه من أعلى الفراش للخارج ليقابل أمه أمامه عاجلته بأول سؤال خطر على بالها : إلى أين أنت ذاهب و أنت بهذه الحاله. طاهر يكفي لحد هنا أنت لن تقدر على ذلك الرجل بعد أن أصبح زوجها.
نظر لها بحزن قائلاً بصوت منكسر: أمي هذا الرجل أخذ مني صوت و رائحه و وجه رحمه أخذها كلها مني. هذه رحمتي أمي كيف تريدي مني أن أتجاهل الأمر بهذه السهوله.
أدمعت كامله عيناها بألم: رحمه كانت بالنسبة لي ابنتي بالفعل طاهر، لكن لا أنا و لا أنت قادرين على فعل شيء. هكذا هي النهايه طاهر استسلم و ارضى بالمكتوب ابني.
هز رأسه برفض و بجنون قائلاً بقسوه: لا أمي. لن تكون النهايه بلا البدايه و رحمه ستظل لي.
انتهي الزفاف بسرعه برغبه من حسام الذي سحبها و جلس على السرير و قربها منه برغبه و أزال الطرحه و أخذ يدلكهما بيديه القويه الضخمه بشهوه لفتره يردد و هو يقبل جبينها و هو ينظر لها بطريقه اقشعر لها بدنها : طاوعيني رحمه. أستطيع أن أجعلكِ تسكنين الجنه نفسها يا جميلتي و لكنكِ يجب أن تطيعي أوامري ، و أيضاً أستطيع أن أجعلكِ تسكنين الحجيم ذاته إذا رفضتي.
قالها و عيونه كأنها ترمي شرار بوجهها الشاحب بصمت ليقول مغتاظاً من صمتها :الخيار يعود لك زوجتي الحبيبه . الجنه أم الجحيم؟؟
نهضت و أغمضت عيناها بقوه و الدموع تسيل منها بغزاره ليصرخ بوجهها غاضباً و هو يقف ليواجهها و عيونه تتطاير منها شرار ليحرق آخر ذره من المقاومه و هو يجز على أسنانه بعنف التقط يدها بيده بعنف يضغط عليها فأطلقت صرخة ألم عاليه : آآآه يدي.
ابتسم بإنتصار اأنها أجابت ليقول بغضب مكتوم: آخر مره تتجاهليني هكذا. فهمتي؟!
و بعد لحظات صمت تمتمت بصوت مكتوم :أنت سارق؟
قهقهه عاليه مستفزه و قبله قذره أسفل أذنها سرقها من هدوئها ليقول بصوته البشع: مثلك هكذا حبيبتي سرقتي قلبي مني.
هزت رأسها برفض هاتفه بمراره: لا أنت سارق براءتي و طفولتي و أحلامي، سارق حبي الأول و الأخير في حياتي.، سارق مني كل حياتي الجميله ليحل مكانها القذاره.
نظرت إليها و وجهه يتغير لونه ليصرخ بقسوه و قد رسمت تقاسيمه تعابير غاضبه. تحدث بصوت مخيف: لا تحاولي استفزازي لأنني أبحث عن سبب حتى أبرر ذهابكِ مني ليلة زواجنا. ثلاث سنوات و أنت مع ذلك الشاب.رجل غريب عنك. قسماً بالله أنني أمنع نفسي بصعوبه شديده عن قتلكِ رحمه.
مرت فجأه أمامها في تلك اللحظه الذي مرت بها من حلوها و مرها وىلم تنسي كل الماضي فـ لوث لها حياتها الجميله. البراءه و الطفوله ليصبح جزءاً من كل تلك القذاره التي في حياتها لتقول بصوت متعب: لما فعلت هذا بي؟ لما وصلتني لهذا الحد لم أكن أريد أن أكون هكذا.
قربها ملتصقاً بها بطريقه مقززه و يده استقرت على كتفها و الأخرى على خصرها ليهمس بصوتِ خافت و كأنه يكلم نفسه: لكل قاعده شواذ زوجتي العزيزه.
مرت دقيقة تقريباً و هي متجمده مكانها. جبل من جليد يعيق سير دقاتها الممسوسه بإهتزاز روحها من الأساس لتقول بصوت غامض و مهتز: إذاً أنت الذي اضطرتني لفعل هذا؟؟
لتلف يدها حول خصره بقوه ليعقد حاجبيه بإستغراب ثم سرعان ما ابتسم معتقداً أنها استسلمت لكن لم يطول الأمر لتظهر بيدها الملفوفه حول خصره سكين حاد. ابعدها حتى يتحدث معها بفرحه لكن سرعان ما انغرزت السكين لتستقر في قلبه.
شهق حسام بألم شديد من المفاجأةه قائلاً بصعوبه شديده: آآآه رحمه. ماذا فعلتي؟
همست بتلقائيه مغموسه بالألم : فعلت بك كما فعلت بي. أنت موتني و أنا حيه سيد حسام.
سقط بالأرض حسام جثه هامده دون حركه و بالفعل مات. حينها أغمضت عيناها بإستكانه غريبه و كأنها تسبح وسط أحزانها و هي تخرج تدق على غرفة أخته سعاد لتفتح بعد قليل الباب بإستغراب و قبل أن تتسائل ماذا تريد شهقت بذعر و هي ترى سكين بين يديها محاطه بدماء رفعت عيناها الدامعه لها و هي تسترد بنبره متحشرجه: أنا قتلت عمي حسام.
وصل أخيراً طاهر بعد معاناه فقد علم عنوان قصر حسام بصعوبه من جيران والد رحمه. اقترب طاهر بلهفه من القصر يبحث عن رحمه لكن تجمد مكانه بصدمه كبيره و عجز و هو يرى سيارة إسعاف و رجال الإسعاف يحملوا جثه حسام على سرير المشفى و خلفهم الشرطه تسحب رحمه و بيدها الأساور الحديديه.
كان مشهد صعب حقاً عليه. كانت شهقاتها تزداد بصمت و وجهها الشاحب و هم يسحبوها ليقع طاهر أرضاً بعجز و يهمس بصوت مذبذب متوجع : أنا آسف رحمه. واضح أني تأخرت كثيراً.
______________________________
تبكي تلك الحسناء البريئه أمام ذلك النفوذ المتشكل على هيئة بشر. لم يأبه لها أحد و لا لعيناها التي تحولت من الأزرق للأحمر بسبب البكاء. تحركت مقلتيه لتثبت عينيها على عيناه فى تلك البقعه التى تعج بالناس من متهمين و ذويهم و محامين و عساكر و حاجب ينادي على القضايا كلٍ حسب دوره.
إلا هي تجلس في المكان نفسه لا تتزحزح، تراقب العابرين بصمت رهيب، تود الحديث، تود الصراخ و تحاول لكن محاولاتها تذهب سدى. تشعر أن حنجرتها امتلأت بالخدوش من الصياح لكن لا صوت.
شعرت بإرتجاف شفتيها و الدموع تحرق مقتلهما و قد نشرت سياط قسوته الألم في مشاعرها. كيف يمكنه أن يكون قاسياً بهذه الطريقه؟ كانت ساذجه و حمقاء بالفعل ماذا سوف تنتظر منه أن يكون رد فعله بعد ما حدث لها و ما أوقعت نفسها فيه؟ لكن كان الصمت شيء مؤلم جداً لها.
كانت تقف تلك الحسناء الصغيره نعم فهي صغيره بالفعل على هذا المكان الذي توجد فيه الآن!! فى قفص حديدى تبلغ مساحته عدة سنتي مترات قليله يجاورها فيه عدد من المتهمات في قضايا مختلفه. ظلت ترمق المكان بغير هدى فى حيره و دهشه من أمرها تفكر فيما آلت إليه أمورها. شردت في مستقبلها المجهول، طفت هواجسها للظهور و ارتعبت من فكرة عقوبتها و بقائها في السجن لمده أطول.
فقد ارهقت فى الأشهر الماضيه بما فيه الكفايه. كانت تتمنى من أسرتها الكثير لكن ليس كل مايتمناه المرء يدركه فهي الآن بسبب أسرتها لقد ضاع مستقبلها في غمضة عين.
حتى والدها تركها تواجه مصيرها وحدها كأنها هامش فماذا تنتظر منه بعد؟ لكنها عادت إلى رشدها و هي تستمع إلى حاجب المحكمه ينادى على قضيتها.
ازدادت ضربات قلبها هلعاً. حسناً هي ليست شجاعه هي جبانه جداً وبما يكفي لقد ذاقت ما ذاقت لاتود أن تهان الآن أيضاً رغم كل ما حدث كان برضاهم و هي من فعلت بنفسها كل هذا.
بالتأكيد كان يوجد حلول أخرى لكن بما أنها قررت أن لا تستسلم و إذا حدث ما حدث مره أخرى ف ستحضر نفس السكينه لتطلب من أحد قتلها و ترتاح أو تفعلها هي فسبق وفعلتها قبل ساب. لا لن تستطيع فعلها
حتى لو رأيت في حياتي ما رأيت فإن روحي ضعيفه.
أطرقت برأسها محاوله عدم تصديق ذلك الوضع الذي فيه تتسارع الأيام أو تمشي الهوينا و فجأه وجدت نفسها هنا متى حدث كل هذا؟ دموعها تتدفق من أعينها فمن يراها يجزم بأنها ضحيه و ليست متهمه لكن القاضى لا يحكم بما تقع عليه عينه بل بالأدلة و الإثباتات و الشواهد.
شرع القاضى بسماع مرافعة النيابه المتمثله الذي كان يتولى أمر المرافعه و هو يطلب من القاضي بأقصى عقوبه إليها فابتسمت بألم مرير. ألا يوجد أقصى من تلك العقوبه التي بها الآن و هي طفله صغيره وراء القضبان.
حتي سمعت صوت القاضي يقول بجديه و حزم: حكمت المحكمه حضورياً على المتهمه رحمه سيد علي بالسجن 15 سنه.
= لاااااااااااااا
خرجت الصرخه من أعماق روحها الجريحه. يا إلهي ما أقساه شعوراً.
______________________________
دخلت رحمه إلي مكتب الضابط لتتفاجأ بـ طاهر يجلس أعلي الكرسي يخفض رأسه أسفل و لا ينظر لها. تقدمت منه بهدوء و جلست أمامه. طال الوقت حتى همست : هل أنت غاضب مني؟
-لا
أومأت رحمه بألم و هي تهز رأسها بقلة حيله مردده بصوت شارد :و لا حزين مني؟
- أيضاً لا.
شهقت ببكاء حار، بحسره و ندم على ما فعلته و توسلت إليه بصوت منخفض: اذا لما لا تنظر إليه ؟ وليس الان فقط حتى بالمحكمه طول الحكم و أنت تنظر إلى الفراغ، لهذه الدرجه لم تعد تطيق النظر إلى وجهي طاهر؟! أنا أعلم أني أخطأت خطئاً كبيراً لا يغفر لكن أنت لا تعلم ما شعرت به ولا كم الظلم الذي رأيته من أهلي منذ الصغر. تعبت طاهر من الحياه و الظلم و ها أنا الآن في السجن أكفر عن ذنبي.
أغمضت عيناها بإنكسار و نهضت للخارج ليقف طاهر يجذبها من يدها بسرعه قبل أن تغادر ليهتف بلهفه:
من قال أني لا أريد أن أنظر إليكِ؟ و أني لم أعد أطيق تأمل وجهكِ الجميل رحمتي. أنا لم أنظر إليكِ لأني أخجل من نفسي أولاً و ثانياً عاجز و أنا أرى حزنك بين عيونك و لا أعرف ماذا أفعل لكِ.
تنهد طاهر بتعب و إرهاق قائلاً: سامحيني رحمه لقد خلفت الوعد الأول، وعدتك أني لن تركك لوحدك تعاني. لكن الآن أنتِ في السجن تعانين وحدك.
صمتت و لم تجب و دموعها تتساقط بصمت ليهتف بضعف: ما بكِ؟؟
لتقول بشرود و غير وعي و لكنه سمعها : أتمنى الموت و الراحه بشده.
اهتز جسده ليقول بصعوبه: ماذااا؟ هل أنا السبب؟
هزت رأسه برفض قائله بينما جرحه ينزف داخله و هو يضغط عليه مغمضاً عيناه لا يصدر آآه حتى: ماذا فعلوا لكِ حتي يجعلوا ملاك مثلك يتمنى الموت.
لتقول رحمه بصوت بضعف: أتعلم ما الذي أريده حالاً طاهر؟
هز رأسه يمسح دموعه قائلاً بعجز: و أنا أيضاً أريد أن أضمك إلي بشده داخل ضلوعي عن عيون الجميع، و لكن لن أخلف وعدي الأخير رحمتي. لن ألمسك إلا و أنتِ حلالي.
رفعت رأسها و يده مازالت تقبض برفق على يدها و هي تخبره بنبرة صادقه مُذبذبه : هل لازال حتى الآن لديك أمل أنني سوف أكون لك بعد كل ما حدث؟
ليقول بصوت هادئ خشن : لا يوجد حياه بدونك. لا طاهر بدون رحمه و لا رحمه بدون طاهر.
عضت على شفتبها بأسى و هي تخبره: أريد أن أطلب منك وعد ثالث لكن عدني أن تفعله مهما كلفك الأمر.
مسح دموعه سريعاً قائلا بحنان: ماذا تريدي؟
تعمقت النظر لعيناه المتحجره بالدموع الذي تحمل لوناً واضحاً من الألم و السخط خلفها : انساني طاهر. انساني من حياتك و من ذكرياتك. عيش حياتك من دون رحمه و من دون عذاب.
تلقى رداً لم يكن يتمنـاه أبداً رغم أنه يعلمه ول كنه كان يحاول حجبه عن طريقه و لكن بنطق رحمه به أصبح كالجدار في طريق ذلك العشق الدفين.
هتف طاهر بضيق: أنا آسف.
تساءلت و الحزن يستوطنها بتلقائيه: على ماذا؟!
سمعت صوت طاهر و هو يهتف بصوت خالي من التعابير: لن استطيع أن أفي بوعدك الثالث.
التقت عينيه بعيناها الحمراء حينها فقط علم أن جرحها غائر، غائر أكثر مما توقع. شعر أنه يرى قناع جديد، قناع جامد يخفي كل مواطن الروح. ليست تلك التي أمامه رحمه التي عشقها من قبل.
ليقول طاهر بصوت هادئ: قولي لي شيء جميل للمره الأخيره.
بعد مرور سنوات تغيرت أشياء كثيره جداً. لم يعرف طاهر ماذا يفعل؟ وةعندما حاول زيارة رحمه في السجن لا يعرف بصفة من يزورها لذلك رفضت الشرطه ما زاد الطين بله أن خال طاهر تعب في مصر بشده و طلب رؤية أخته لذلك أخذت كامله أولادها دون تفكير إلى مصر و أنهت أعمالها بالجزائر.
عقد طاهر ما بين حاجبيه بعدم استيعاب ثم أردف بتلقائيه مستنكراً: أمي أنا لا أريد أن أذهب إلى مصر ماذا سوف تفعل رحمه عندما تخرج من السجن و لا تراني في انتظارها؟
صرخت كامله بصوت عالي فيه : اللعنه عليك و على رحمه. أنا أقول لك خالك بين الحياه و الموت و يريد أن يرانا و أنت مازلت تفكر في رحمه!!
دمعت عيناه بحسره و ألم: أمي هذه رحمه. ماذا تقولي؟
تقدمت منه بنفاذ صبر فهي بين نارين أخيها بمصر يموت و يريدها و ابنها الذي دائماً حزين لأجل رحمه: ارحمني أنت قليلاً طاهر. رحمه انتهت من حياتك تماماً. هي الآن بالسجن و لن تصل إليها مهما حاولت. انساها طاهر هي لم تكن لك من البدايه. أفهمت؟ لم تعد توجد رحمه.
تنهد طاهر بضعف و صوت مسموع اقتربت منه روان بحزن: طاهر أمي معها حق. ليس ذنبك أنت و لا ذنب رحمه. إنه قدركم. و يمكن أن يكون الرحيل إلى مصر فرصه جديده حتى تنساها و تعيش حياتك من جديد بعيداً عن العذاب و الفراق.
تجلس رحمه بين السجينات بحدايقة السجن في استراحة المساجين. كانت تجلس في زاويه وحدها أعلى مقعد تنظر بين قطبان السجن إلى الخارج على حديقه بعيده، كم تتمنى الخروج و الإستقلال بها. مع أن الشتاء قد حل إلا أن الورود التي بها لم تمت بعد و كأنها تواسيها وحدتها لعدم موتها حتى الآن، لكنها كم تتمني أن تكون مكان الورود و تموت معهم. حتى هي مستغربه من نفسها لقد حدث كل شيء سيء لها إلا الموت لما لا؟؟ حتى ترتاح للأبد من هذه الحياه القاسيه.
أما عن رحاب فمازالت على نفس جنونها و حقدها، بل قد ازدادت جنوناً و طمعاً بالمال الذي أغراها به حسام حيث مرض سيد كثيراً و قد ندم أشد الندم على ما فعله بـ ابنته و لم يهتم به أحد، و رحاب تصب تركيزها على المال فقط حتى ابنها تركته في الشارع دون مراعاة به.
حتى بعد سنه وقعت العماره التي تسكن بها عائلة رحمه و الجميع مات ما عدا خالد أخيها و بقى لوحده
واتصل أحد الجيران بـ خال رحمه ليخبروه بموت الجميع، كان بمصر و هو يدعي إبراهيم جاء بصدمه كبيره و حزن و تفاجأ بـوجود رحمه في السجن لأنها قتلت زوجها.
ذهب إليها دون تفكير ليعرف ما حل بها و عندما رأته رحمه انهارت في البكاء بحسره و ألم و احتضنها خالها بحنان و بدأت تقص عليه ما حدث. كم أشفق على هذه الفتاه ابنة أخته المتوفيه فقد عانت كثيراً من الألم و غضب بشده من سيد و أن كل ذلك حدث دون أن يخبره. و عندما أخبرها إبراهيم بموت والدها استقبلت الخبر بذهول و بكاء أكثر عليه رغم ما فعله بيها و سألته على أخيها خالد و أجاب دون اهتمام أنه بقى في الشارع دون مأوى حزنت رحمه على أخيها و طلبت من خالها أن لا يتركه لوحده فهو ليس له ذنب فيما فعلته أمه، تنهد إبراهيم بحيره و أصرت رحمه و في النهايه وافق و أخذه معه يربيه فـ هو ليس لديه أولاد و بدأ يزورها كل مده هو و أخيها خالد.
بعد خمسة عشر عاماً.
في مكان آخر و تحديداً في ذلك السجن. فتحت الأبواب لتدلف أشعة الشمس تحرق وجهها فأغمضت عيناها بتلقائيه لتفتح عيناها ببطء بعد أن سمعت صوت إبراهيم خالها و معه أخيها خالد الذين ابتسموا بسعاده و تقدموا منها يضمها بقوه و الدموع في عينه قائلاً خالد بحزن: رحمه اشتقت إليكِ كثيراً.
ابتسمت رحمه وسط دموعها لتضم أخيها إليها بحب. ابتعد عنها خالد يمسح دموعه ليقترب إبراهيم خالها منها و يضمها بقوه.
ابتعد عنها إبراهيم ليقول و هي تنظر حولها بترقب تبحث عن أحد: هيا بنا رحمه أنا حجزت التذاكر حتى نعود إلى مصر، يكفي ما رأيتيه من هذه البلد.
انتبهت رحمه إلى حديثه و صمتت قليلاً ثم هتفت بتردد: حسناً خالي إبراهيم. لكن اسمح لي بنصف ساعه للذهاب إلى مكانٍ ما.
عقد حاجبيه متسائلاً: إلى أين رحمه؟
ذهبت رحمه دون تفكير إلى عنوان طاهر لا تعرف هل ينتظرها حتى الآن؟ أم تزوج و لم يعد يتذكرها؟ مهما كانت الإجابه سوف تكون محزنه لكن يكفي أن تطمئن عليه و على أمه و أخته أيضاً.
لكن تفاجأت بـوجود أشخاص غريبه تسكن المنزل بدلاً منهم و هم غير موجودين.
رجعت رحمه بالفعل إلى مصر مع خالد و أخيها و حاولت أن تبدأ حياه جديده و هادئه و أكملت تعليمها و التحقت كلية الطب مثلما اتفقت مع طاهر، لكن دائماً لم تنسى طاهر و لا لحظه لذلك كانت أحياناً تسافر الجزائر كل شهر تسأل في منزلهم القديم على أمل أن يرجع و يسكن به مره أخرى و لكن كان يخيب أملها و ترجع لمصر مره أخرى.
كان إبراهيم يعاملها معامله حسنه حتى خالد رغم أنه ليس شقيقها و ابن رحاب الشيطانه التي تسببت لها في كل ما هي فيه من ضياع حياتها لكن لم تأخذ خالد بذنب والدته، حتى تفاجأت بـ خالد راجع من المدرسه يبكي فشهقت بذعر و نهضت إليه و أخذته في حضنها و ظل ساكن لتقول متسائله بإهتمام: ما بك خالد؟ لماذا تبكي هكذا؟؟
قال خالد بحزن: أنا أكره هذه المدرسه أختي رحمه و كل شيء هنا، ليس لدي أصدقاء طيبي القلب مثلك أنتِ و عم إبراهيم رغم ما فعلوه أمي و أبي فيكِ رحمه لكن مازالتِ تتمسكِ بي و أنا لا أستحق ذلك.
هتفت رحمه بصوت هادئ: خالد أنت أخي و أنا أعتبرك مثل ابني بالضبط و أكثر أيضاً، أنا و أنت ليس لدينا غير بعض حبيبي. لا أريد أن أسمع منك هذا الحديث مره ثانيه. و الآن احكي لي ما بك؟
تنهد خالد يمسح دموعه قائلاً: ليس لدي عائله أختي رحمه و الجميع بالمدرسه يحكي عن أمه و أبوه دائماً و أنا لا... أريد أن يكون لي أم حتي.
ابتعدت عنه بلطف لتقول و هى تضم وجهه بين يدها و قالت بحنان: هذا ما يحزنك خالد! ممم إذاً ما رأيك أن تناديني ب أمي.
ابتسم خالد بسعاده و هز رأسه بالإيجاب مبتسم و تغير من حينها و تغير لقب أختي رحمه إلى أمي رحمه.
رحمه لم تتزوج حتى الآن لذلك اعتبرت خالد ابنها بالفعل.
كانت دائماً ترفض الإرتباط و عروض الزواج. تفاجأت بصدمه و حزن شديد في يوم وفاة خالها إبراهيم و بقت هي وخالد الذي دايماً كان يتأسف لها على ما صدر من والدته رحاب و أبوه سيد لكن رحمه سامحتهم فهم بين يدى الله حالياً. توالت الأيام و الشهور و مرت سنوات طويله حوالي 12 سنه.
_______________________________
.
.
.
القاهرة 2021.
بداخل فيلا طاهر رفع عيناه التي تجمعت الدموع بداخلها في حزن مؤلم بعد انتهاءه من سرد قصة عشقه الأولى و الوحيده.
نظرت له طمطم دلع "فاطمه" مثل ما يلقبها الجميع و هي تحب ذلك الإسم من خالها أو والدها مثل ما كانت تهتف به و هي صغيره، لا تصدق مما كان يعانيه خالها طاهر لتقول بصدمه : لذلك أبي طاهر لم تتزوج حتى الآن؟!!
أومأ برأسه بالإيجاب ليقول ببطء شديد : لم أشعر بحب و لا شوق غير مع رحمه يا ابنتي، كنت أرفض عروض الزواج التي تأتي بها أمي دائماً، كنت لا أريد أن ابقي معي فتاه و أنا متأكد أني لن أحبها في يومٍ من الأيام.
كنت دائماً أحلم على أمل أن أجد رحمه في يوم، كنت انتظر السنوات و أعد الشهور يوماً وراء يوم انتظر خروج رحمه بفارغ الصبر، لكن بعد 15 سنه و اليوم المنتظر تفاجئت بـ وفاة والدتك و أمي في حادث سير. الإثنين في نفس الوقت!! كانت صدمه كبيره، شلل تفكيري و لم أعرف أين أذهب؟! و أين أتركك؟! و بعد شهرين بصعوبه ذهبت إلى الجزائر اسأل عن رحمه لكن تفاجأت بها خرجت من السجن و لم اعرف أين ذهبت بعد ذلك؟؟!
ليكمل طاهر بجديه: طمطم أنتِ تعلمي جيداً أني أحبك و ليس لدي غيرك في الحياه بعد موت أختي روان أنا الذي توليت تربيتك فاطمه لذلك أعتبرك ابنتي بالفعل و لا اتحمل أي اذى لكِ لذلك فكري جيداً الحب لا يأتي بسهوله و لكن يذهب بكل سهوله.
أغمض عيناه بألم شديد و الدموع تلمع في عينه: رحمه تنازلت عن حياتها و قدمت لي كل شيء. سنوات من عمرها ضاعت في عذابٍ و فراق مقابل أن أعيش يوماً من حياتي.
مسح دموعه بحسره و ألم ليقول بقلة حيله: بحثت عنها في كل مكان سافرت الجزائر دوماً أبحث هناك أيضاً، و في كل مكان كنا نذهب إليه لحد ما جاءت لي فكره أن أكتب إليها خطاب بجريده عسى أن تراها رحمه.
لكن لحد الآن لم أعرف أين هي؟ و لم ألقاها. و كلمات الخطاب كانت دائماً "ارجعي لي" و أضع صورة صغيره لـ قلاده على شكل فراشه داخل شرنقه و كل يوم أذهب إلى الجريده على أمل أن ترى رحمه الخطاب و ألقاها.
هتفت فاطمه بتردد: لم تنظر إليها في يوم على أنها قاتله أبي؟؟
نظر لها بحده قائلاً بوجه دون تعبير: رحمه مستحيل أن تأذي مخلوق على وجه الأرض، لا يوجد في الحياه أحن منها لكن رحمه مرت بظروف صعبه على أي حد غيرها أن يتحملها. كانت صغيره لا تعرف قيمة الخطأ الذي ارتكبته حينها و دفعت ثمنه و في النهايه أخذت جزائها من سجن، و فراق، و عذاب و أحلام دُمِرَت.
شرد في رحمه و ذكرياته معها. رحمه المرحه لمشاكستها دوماً لفرحتها الطاغيه حيث كل يوم يراها تجعله يبتسم دون وعي بلطافتها، و ببراءتها وضحكتها المدويه التي لا تغيب عن وجهها.
هتف طاهر بألم شارد الذهن بحزن: كانت جميله و مرحه دوماً، بسمتها لا تفارق شفتاها أبداً، عطوفه، و برئيه جداً و طيبه لحد السذاجه، تحب السعاده و المرح هم من جعلوها من ملاك مسالم إلى شيطان قاسي.
قالت فاطمة بعدم تصديق أنه ينتظرها كل هذه السنوات :هل يأست في يوم أن تجد رحمه أبي؟
هز رأسه برفض دون تفكير لحظه و هو يقول بلهجه شارده: أنا وعدتها منذ سنوات سوف انتظرها. ليس شهر فقط و لا سنه و لا سنوات و لا ثلاثون عاماً بل لقرون.
_______________________________
ذهب طاهر إلى غرفته وترك فاطمه ابنة أخته وحدها بحديقة المنزل لم تعرف عيناها طريق النوم و ظلت تفكر في قصة خالها و كيف كان عشقهما لبعض، و رغم أن طاهر لم يعرف عنها شيء لحد الآن و لا حتي إذا كانت تزوجت بغيره لكنه مازال ينتظرها على أمل.
بدأت تقارن أعمالها و تصرفاتها مع خطيبها البارده بلا مبالاه و هو على العكس متمسك بها.
رفعت فجأه هاتفها لتتصل بـ خطبها خالد الذي أجاب بقلق أن تخبره أنها تود الإنفصال عنه لأجل عملها بالخارج لتصدمه بقولها بصوتٍ هادئ: خالد أرجوك أجب علي. لا تحرمني من وجودك، أنت الهواء الذي أتنفسه، و أنت نبض الحياه في قلبي. أجاب علي و سأفعل ما تريد.
فتح فمه خالد بصدمه و هتف بحيره: ما هذا الكلام الرقيق؟! هل لديك حمى؟!
ابتسمت فاطمه بثقه و قالت: ماذا؟؟ هل عيب اتغزل بـ زوجي المستقبلي؟! خالد أنت نبض الحياه في قلبي. أعدك من الآن و صاعداً سأفعل ما تريد و بالمناسبه تراجعت عن فكرة السفر إلى أمريكا و سوف أظل معك هنا.
ابتسم خالد بسعاده و عدم تصديق: فاطمه أنا لا أحبك بل أنا أعشقك. مستعد لأن أفديك بروحي. أنا سعيد جداً بقرارك، و لكن ماذا حدث لتغيري رأيك فجأه هكذا؟
تنهدت بعمق فاطمه و بدأت بحزن تقص عليه قصة خالها طاهر و رحمه حبه الأول الضائع و هي نادمه على تصرفاتها البارده معه عندما استمعت إلى هذه القصه و كيف يكون العشق و التضحيه.
استغربت فاطمه من صمت خالد لتقول: خالد أين ذهب؟!!
صمت خالد لحظه يرمش بإضطراب ليقول بصدمه: مستحيل ما هذه الصدفه؟؟!!!