رواية موت علي قيد الحياه الفصل الرابع4 بقلم خديجه السيد
كانت ليلي تسير في ممرات المستشفى بخطوات بطيئة وهي تنظـر على الناس يـمـرون من جانبها بشـرود إرتسمت على ملامحهـا، ذاك العالم الذى لم ولن يرحمهم ابدًا، عالم تعلمت فيه أن تتناسي ألمهـا حتى اصبحت تشعر انها بلا احسـاس ! تنفست الصعداء بصعوبة وكأنها خرجت من معركة ما خاسـرة، ولما لا .. بالفعل لم تنتصر وتواجه، حتي سمعت صوت خلفها رجولية .. .
- انـسـه لـيـلى .. !!
ألتفتت ليلي كان وليد يقـف خلفهـا، لتقول بإستغراب: اهلا يا استاذ ..
سـابقـها وليد قائلاً بـجـدية: وليد اسمي وليد .. احم ممكن تيجي معايا الكافتيريا عاوز أتكلم معاكي في حاجه
إنتفض جسدها بقلق من شحـوب وجهها الأبيض بل ارتعدت متسائلة: حاجه ؟ حاجه زي ايه !
ردد خلـفـها بفتور: ممكن تيجي معايا الأول وانتي هتعرفي .. مش هينفع نتكلم هنا
لتقول بصوت قلق بعض الشيئ : طب هروح اغير هدومي والبس هدوم التمريض و أمضي حضور واجي طيب
لكن قاطعها قائلاً بصوت حازم : انا مش هاخرك هما خمس دقائق مش اكتر ؟؟ ..
عقدت حاجبيها بدهشة وتعجب من إصراره و تفكر ماذا سوف يتحدث معها وهتفت باستسلام: حاضر اتفضل حضرتك ..
__________________________________
أحضر وليد أكواب القهوة وجلس أمامها صامت
لم يتـركه التفكير.. مما سوف يفعله الآن ولو للحظـة، يداهمـه بقوة جعله يضع يداه علي رأسه ويضغط بقوة عله يستطيع ايقاف سيل التفكير ليهـدأ قليلاً ..
قطعـت ليلي حبل تفكيـره الشارد وهي سألتـه مستفهمة: اخبار أبن حضرتك ايه ؟؟
تنهد وليد بألم لم يستطع اخفـاؤوه اكثر : سليم! بخير من ساعه اخر مره فاق فيها وانتي كنتي موجوده وهو من ساعتها زي ما هو ..
نظـرت له بأسف حقيقى،ثم تمتمت بكسـرة ألم: معلش ان شاء الله هيبقى بخير .. متفقدش انت بس الامل وان شاء الله ربنا هيرجعلك بالسلامه
تنهـد وليد تنهيدة تحمل الكثير ليصمـت مره أخري, أوقـفت فضولها من التسلل لثغرهت بصعوبة، وسألته بجدية : هو حضرتك كنت عاوزني في ايه ؟ معلش يعني ورايا شغل
اخيرًا استطاع إخراج الكلمات بصعوبة من بين شفتيـه الثابتتيـن بصدمه لـهـا : ليلي تتجوزيني ! .
جحظـت عينـاها بصدمة جليـة على ملامحهـا وجسدها الذى تبلـد من الصدمة، لم تعى أهى بحلم ام علم !؟ ولكـن ماهى متأكدة منه أنها لن تحلم وذلك حقيقة, كان قلبها يدق بصخب، يود الخروج من مكانه، دقائق مرت عليها كالدهر وهى محملقة بيه، وأعجزتها الصدمة عن الـرد عليه, ثم تجلى صوتـه واردف بجدية : قبل ما تردي عليا وتساليني اشمعني انتي بذات اللي اطلبك للجواز ! خصوصا أن انا عارف عنك كل حاجه واكثر من غيري كمان !! ليلى انا ابني سليم في امل يعمل العمليه هنا في مصر ومايحتاجش يسافر بره ... بس للاسف ده مش هيحصل غير لما يكون لي اخ عشان يقدر يأخذوا منه العيانه اللي هتقدر تحي ابني ويرجع للحياه ثاني !!
حاولت أن تعيد بناء كل شيئ رويدًا رويدًا، وأولهم حياتها والأستقلال فيهـا !! ..اخيـرًا استطاعـت تحريك لسانها الذى قُـيد بسلاسل الصدمة منذ قليل قائلة : طب ما تتجوز وتجيب اخ بس من غيري !!
اجابها بصوت قاتم هز كيانـها : ما انا مش هتجوز جواز زي ما انتي فاكره !! انا اصلا بعد موت مراتي وابني التاني وأمي اخذت وعد على نفسي إني مش هتجوز ثاني , بس دلوقتي ما عنديش اختيار ولازم اتجوزك بسرعه عشان ابني يتعالج ! احنا مش هنتجوز جواز زي الناس العاديين .. احنا صح هنكتب الكتابه عند ماذون بس ده هيكون باتفاق ؟ اولا هنحدد مده بعد ما تخلفي وابني يعمل العمليه هنطلق ! وحاجه كمان انا مش هلمسك أبني هيجي منك عن طريق عميله حقن مجهري ..
كـانت الدموع متحجرة في لؤلؤتيها الرماديتيـن، تكبحهـم بصعوبة شديدة، ويظهر جهادها في ذلك عن طريق تنفسها الغير منتظـم، من كثرة الإهانات آلتي تتعرض لها منه , يتحدث وكأنه يأمرها ويقول إن لم يلمسها كـ مشتمئزه منها لتقول بضعف: مستحيل
- هو ايه اللي مستحيل ! .
قالها ببرود تاما، وراحت تعيد نفس الجملة : كل اللي حضرتك قولته مستحيل انا مش موافقه عليه .. انت عمال تتكلم وتامر مش بتاخذ رايي !!
ولم يبالي بأعتراضها، ثم زمجر فيها بحدة : استاذه ليلى انا يعتبر بقدم ليكي خدمه الف غيرك وفي نفس ظروفك اما يصدق تيجيله فرصه زي دي و يتمسك بيها .. وبعدين احنا الاثنين كسبانين ! انا لما ابني أن شاء الله يتعالج ! و انتي اظن فكره الجواز انسب حل بالنسبه لك.. اهو تبقى مطلقه احسن من مدام من غير جواز !!
قـالت بصوت ينـزف ألمًا : مش عاوزه خدمتك دي خليهالك شوف غيري ..متشكره أوي على العرض الجميل اللي مكنتش احلم بيه بس انا مش بفكر في الجواز ولا عاوزه اتجوز..
رفـع كتفيه وقال بلامبالاة : انا هعتبر نفسي ما سمعتش حاجه و هعدي عليكي بالليل الساعه عشره واشوف ابني واخذ موافقتك .. بس ياريت تفكري كويس عشان بعد كده ما ترجعيش تندمي .. وما تنسيش ان انا عارف كل حاجه عنك
اغلقـت اهدابهـا الكثيفـة السـوداء، تهدأ نفسها من كم المشاعر التى اجتاحتها وتجتاحها يوميًا بلا رحمة للراحة : هو انت بتهددني !!
- لا خالص مش بهددك! بس بافكر معاكي بصوت عالي , ما هو انتي مش هتفضلي ترفضي العرسان كده من غير سبب اكيد الدتك ابتدت تشك فيكي
اتسعت عيني ليلي بذهول ثم تمتمت بخفـوت : انت عرفت موضوع العرسان إللي برفضهم ده منين ؟ انت بتراقبنى ولا ايه ؟
قال بصوت رجولى هامس، ليلعب على اوتارها الحساسة: اكيد! مش لازم اعرف كل حاجه على الانسانه إللي هتجوزها .. وهتبقى ام ابني أو بنتي ؟
نظراتـه الغامضـة وكلماته اللعوبـة نشرت الخـوف اكثر بداخلهـا، وكأنها في بحر عميق من الخوف، تحتاج لنجدها منه، ولكنه بأفعاله يدفعها بداخله اكثر واكثر، استدارت بسرعة لتسير تنهض دون تعليق.
__________________________________
دقت الساعه الـ 9:30 لتنهض لتقف ليلي سريعه تلم اشياء الخاصه بها حتي ترحل قبل معاد قدوم وليد.. هي بالأساس كانت تعمل دون تركيز بسبب حديثه معها ! نعم حديثه رغم أن قاسيه لكن حقيقه , لقب مطلقه افضل بكثير من لقب مدام بغير عقد زواج كم قاسيه الحقيقه .. لكن الإهانة اصعب لم تتحملها يوما
هبت وهى تستـدير متجهة للخارج بأقدام هائمـة ودموع مهددة بالأنفجـار ! لتتفاجا بـ جابر أمامها بابتسامة شيطانيه يتطلع إليها بمكر قائلاً: لقيتك مش بتسالي قلت اسال انا ؟؟
خرجـت همسـة هادئـة بعكس ما يجيش بصدرها من اهتيـاج حاد : انت اللي جابك هنا انا مش قلت لك مش عايزه اشوف وشك في اي حته ؟!..
بينما ظل هو يراقبهـا بأعين بارده، فهو من الأساس لم يستطع العمل بدونها والفترة الماضية كأن الجميع يسأل عنها وعندما لا يجدها أحد يرحل ولم يـعـد ليقول بلين مصتنع: ليلى حبيبتي اسمعي الكلام وتعالى ارجعي معايا اشتغلي وانا مستعده اديلك ضعف اللي كنت بديهلك مرتين كمان .. وخلينا كده حبايب مع بعض بدل ما ادخل وافضحك جوه في المستشفى
تطلعت حولها بتراقب وحذر وعاد يقـول بتهكم وكأنه منتظر اجابتها من الأصل : اممم، شايفك ساكتة، القطة أكلت لسانك ولا اية ؟!
نظـرت له بقوة ثم قالت بثبـات زائـف : مش هيشتغل وامشي يا جابر من وشي .. لو عاوز تدخل المستشفى وتفضحني اتفضل ما حدش هيصدق اصلا لان معكش دليل على كلامك ! .
انفـجر ثغـره بأبتسامة مشعة وكأنه حصل على ترقيـة ما، حاول إخفاء ها وهو يستطرد بأسف مصطنع : خلاص يا ليلي يا حبيبتي براحتك مش هغصب عليكي .. بس خليكي فاكره ان انتي اللي بداتي
قبل أن تتساءل معني حديثه حـدقت بالثـلاث اشخـاص الذيـن كانـوا يقفون أمامـها بهيئتـهم الرجولية الضخمة بصدمة دامـت لثوانى فقط نزولهم من السياره، وسرعان ما أقتربوا منها ابعدت خطوات أرجلها للخلف برعب وهي وحيدا بالشارع ولا يوجد أحد ينقذها منهم ...
وفى لمح البصر ولا تعرف من أين ظهر كان وليد يخطف العصـا من مش الشارع ويلكمه بقوة أحدهم بقوه بها، يضربه هو على رأسه ساعدته قواه الجسامنيـة بالطـبع، ظل يتبادل اللكمات والضرب مع الرجليـن، بينما الاخر فـر هاربًا بسرعة لينجـو بنفسه .. ليهرب الجميع ويتركوا جابر واقف وحده بخوف من وليد ليتحرك سريعاً هارب.. لكنه وليد لم يتركه بالطبع ضربه مثلهم وامسك برقبـة ، يرمقـه بنظرات دبت الرعب في اوصاله ليرتعد من هيئتـه الغاضبـة وعينيه الحمراوتيـن مثل وجهه من كثرة الإنفعـال, ثم قال بأنفاس لاهثـة : هي كلمه واحده ما فيش غيرها لو فكرت تقرب ثاني من ليلي هكون مموتك بيدي.. و للعلم انا وليلى هنتجوز يعني من هنا ورايح ما لكش علاقه بيها وهي بقت في عصمه راجل !! يعني تبعد عنها وما تفكرش تشغلها الشغل الـ*** ده تاني سامع !!
كاد يختنـق، وحاول إبعـاد يده عنه وهو يجيبـه بتعب حقيقي : حـ آآ حـاضـر .. بس ابعد إيدك عني هموت !
تركه وليد بغضب و ركض جابر مسرعًا ليفر من امامه ..كانـت تقف مدهوشـة، تبلـد جسدها بثبـات ولمعت عينيها ببريق مهدد بالأنفجـار، أقل ما يُقـال عنه في هذه اللحظة أنها صـنم حجرى ثابت ..
حدق بقوة وبرقت عينـاه قائلاً بغضب: هو انا مش قلت لك ما تتحركش لحد ما اجي بالليل .. كنت عارف انك هتعملي كده عشان كده جيت بدري قبل معادي .. اتفضلي تعالي معايا
حاولت تحريـك شفتيهـا المزمومتـين ببلاهة: هاه
زاد احمرار وجهه غضبًا، شعر ان خلاياه ستنفجر من الغضب: باقول لك تعالي معايا اركبي العربيه عاوز اتكلم معاكي بعيد عن المستشفى اخلصي !!
انتفضت ليلي بخضه من مكانها علي صوته لتتحرك خلقه لتتقدم بخطوات بطيئة فتح باب السيارة هو وذهب يركب ليسوق وركبت هي بهدوء معه !!
انطلق بها دون حديث حتي وقفت بالسياره ناظر لها بقوه لتطلق سهمًا ما ترده له ليشعر بما تعانيـه، ولكن لم تنطـق، ثـُبتت مكانها وكأنهما قُيـدا بقيــود معتادة ولكن من الواضح أنها اشتـدت مع مرور الوقـت، شعـر بما تعانيـه لوهلة، اخبرته عينـاه التى لمحـت أطياف الحزن بعينـاها ولكنه لم يبالى و قـال بكل ببرود كأنه يخبرها عن طلب بسيط : ها فكرتي في اللي قلتهلك .. اظن بعد اللي حصل من شويه ما ينفعش ترفضي
كانت تشعر انها تستشعر الثقل في نطق الكلمات لتهتف بـصـدق: مش عارفه؟ انا تايهه مش عارفه الصح فين والغلط فين ؟ ومش قادره افكر صح في القرار بتاعك !!
جـز على أسنانـه بغيظ، ثم نظر لها محذرًا : الصح انك توافقي يا ليلي طبعاً, هو انتي مش كنتب بتقولي ان نفسك تتوبى وتبعدي عن الشغل ده خالص وتعيشي مرتاحه من غير خوف وتعب .. وانا اهو بقدملك الحل تقدري تقولي لي عندك حل ثاني لـ إللي انتي فيه ..ده غير بعد الجواز جابر مستحيل يقرب منك تاني.. تقدري تقولي لي عندك حل تاني غير أنك تتجوزي واحد عارف كل حاجه عنك و موافق !!
نظرت له تحاول فهم ما يدور برأسه ثم قالت بتوجـس :طب لو نفترض ان انا وافقت هابقى كده فعلا حميت سمعتي وبعت جابر عني زي ما انت ما بتقول ! طب بالنسبه لي مصاريف علاج والدتى هنعمل فيها ايه ؟ غير ان انا عارفه ان انت مصرفك مكفيه بالعافيه عشان علاج ابنك
أتاها صوته متسائلا بجدية: انتي مصاريف علاج والدتك قد ايه !!
تنهـدت تنهيدة طويلـة تقول: هي عملت عمليه قلب مفتوح من فتره كبيره ! والمفروض دلوقتي تمشى على العلاج لما قلبها بيتعبها العلاج تكلفته حوالي 5 آلاف انا بقدر ادفع نصف المبلغ من مرتبة بالعافيه ..
زفـر وليد بقوة، ثم تابـع باهتمام: طب تمام ما فيش مشكله انا ممكن اساعدك في النصف الثاني , مش مبلغ يعني ! اديكي حليتي المشكله الثانيه وما فيش دلوقت عندك اعتراض ..
هـزت رأسها نافيـة، واستطردت بهدوء مفتعل :انت قلت انك هتطلقني بعد عمليه ابنك ! و آآ و مش هتلمسنى صح
زجـره بعينـاه بسخرية وتابع بجدية : ايوه صح وانا هلتزم بكل اتفاق قلتهلك دلوقت ! طبعا مش محتاجه اقول لك الموضوع ده هيفضل سر ما بيني و بينك وما حدش من اهلك ولا اهلي هيعرف
هزت راسها بالايجابيه مترددة لتقول متسائلة باهتمام: طب هو الموضوع ده هياخذ وقت قد ايه
تنهد وليد بقوه قائلاً بهمس مؤلم: مش عارف بس دي حاجه بايد ربنا بس ان شاء الله مش هيزيد عن سنه ..!!
ثم سألها بلهفة : هاه موافقه ! .
همست بشرود وصوتها يكاد يسمع : مـ آآ مواقفه
زفـير عالى سمعتـها منه اطلق براحه كبيرة ليعدل من نفسه ويدور بالسياره ليطلع راجع إلى المستشفى قضبت حاجبيها متسائلة باستغراب: هو احنا رايحين فين ؟! ...
لتصمت منتظرة حكم القاضـي عليهـا، ولكنها تفاجئت بجلاد قاسى يهبط بسوطه عليها دون رحمة : هنروح نعمل تحاليل ليكي نشوف تقدري تخلفي ولا لأ .. ما افرضي اتجوزتك وبعد كده ما طلعتيش بتخلفي كسبت أنا ايه غير تضيع الوقت !!
__________________________________
وصل وليد بها إلي المستشفي أخري حتي لا يراها احد يعرفها ويشك بها حيث أنهم لم يتزوجون حتي الآن ,رحبت بهم الطبيبه بابتسامة وتحدث وليد أنهم عرسان منذ فتره ويريدون أن يجروا فحص تحليل إليها إذا تستطع إنجاب الأطفال ام لا وهل يوجد مشاكل لديها,بعد حوالي ربع ساعة فعلت ليلي كل الإجراءات وهي صامته دون تعليق وكان وليد لم يبالي بها وينتظر نتيجه التحليل بلهفة, قالت الطبيبه متسائلة باهتمام: انتي كنتي بتاخذي حبوب منع الحمل قبل كده صح
اجابتها بصوت سُلب منها جميـع المشاعر : ايوه آآ بس وقفتها دلوقت ! .
اخفضت رأسها للأرض بخجل شديد بتوتر تفرك يدها,هزت الطبيبه رأسها بالايجابيه بصمت, تقـوس فمه بأبتسامة ساخرة باشتمئزاء وهتف بنفـاذ صبـر : هي التحاليل فيها حاجه ولا ايه يا دكتوره الحبوب اللي كانت بتاخدها قصرت عليها ؟!..
هـزت رأسهـا نافيـة وسارعت مبررة : لا ابدا التحاليل بتاعتها كويسه جدا .. ممكن يكون سبب التاخير الحمل لحد دلوقتي عادي.. بتحصل مش لازم يكون في عيب في حد فيكم
لتكمل الطبيبه بابتسامة بسيطة: بس عشان نتاكد اكثر ممكن حضرتك انت كمان تعمل تحاليل
ليعيد وليد حيث سألها بجدية بالغة : لا متشكر انا كنت متجوز قبل كده ومخلف كمان ! بس انا كنت عاوز اسال حضرتك ينفع نعمل حقن مجهري
عقدت حاجبيها تقول بصوت هادئه: هو ينفع بس انتم ليه مستعجلين !!
ليتابع وليد بإصرار مفتعلاً : معلش يا دكتوره احنا عاوزين كده .. ممكن اعرف التكاليف قد ايه بتاعت العمليه
قالت الطبيه موضحا: يعني حوالي 75 الف ؟!...
خـرج منه همسة مستنكر المبلغ يحدث نفسه : يااه المبلغ كبير انا ما بصدق احوش مبلغ ذي ده في علاج أبني , بس اكيد عمليات من النوع ده بتاخد فلوس كتير ..تؤ مش مهم يا وليد ما في النهايه ده برده لي علاج سليم المهم يبقى بخير ..
__________________________________
صف سيارته وليد علي أول الطريق و هو مازال ينظر اليها و قد عقد العزم على ما يريد فعله, ليقول وليد بجدية: انا هطلع معاكي دلوقت ونفتح والدتك في الموضوع عشان نكسب وقت بسرعه .. كمان انا عاوز الاجراءات تتم كلها في أسبوعين على الأقل
جاهدت للتحكم في اعصابها واخراج صوتها هادئًا : لا خليها احسن لوحدك بلاش معايا ! انا لسه رافضه عريس من يومين بس ولما اطلع معاك و اوافق على طول اكيد ماما هتشك اني في حاجه ؟.
ظل هو يراقبهـا بأعين متلهفة متسائلا بنبرة ظهر فيها نفاذ الصبر : طب اجي اطلبك منها أمتي ؟! ...
حركت شفتـاها بتفكير، تبحث وتبحث بين جنبات عقلها عن إجابـة مقنعة إلي والدتها .. أين تجد ؟! حتي لا تشك في شئ, إستطاعت القول لتقطع الصمت بتفكير : تعالي بكره وانا فى الشغل عادي قولها انك شفتني في المستشفى وانا الممرضه بتاعه ابنك وغير أنك ساكن قصدنا وكنت بتشوفني ! هي طبعا هتحاول معايا تخليني اوفق زي كل مره انا في الاول هرفض وبعد كده هوافق .. كده احسن مش هتشك في حاجه خلينا نمشي كل حاجه عادي
هز رأسه بالايجابيه بهدوء ثم قال بجمود: طب مش محتاجه اقول لك ما فيش فرح وخطوبه ولا الكلام ده .. مش هاقدر اعمل اي حاجه من دول و ابني في المستشفى ..حاولي تقنعي والدتك بالموضوع ده
بركان ثائـر يحثها على النهوض والركـض أبعد ما يمكـن عن مجرد هذه الفكرة الجوفاء التي تشعرها بالتقـزز من نفسها وهي تراها دائما في عينه .. إذا ماذا سوف تكون العيش بعد الزواج ..تنهـدت ليلي تنهيدة حملت الألم في طياتهـا، ولكن تخطتهـا بمهارة وهي تصطنع الهدوء : اكيد تصبح على خير يا استاذ وليد.
__________________________________
اليوم التالي بالفعل ذهب وليد إلي ولدته ليلي "حنان" استقبلته بترحيب شديد وتحدث معها في موضوع الزواج من ليلي أنه يعرفها رآها عدد مرات وكم أعجب بأخلاقها ولم يكذب عليها بشأن أبنه أن مريض وموت عائلته كم اشفقت عليه بشده حنان وأما بالزواج من ابنتها ولم تتخيل مدى من الدهشه الممزوجه بالسعاده و الحيره التي ظهرت على وجه حنان اتسعت ابتسامة حنان و هي تنظر الى وليد بحماس متحدثه بأنها سوف تأخذ رأي ابنتها !!!!
عندما رجعت ليلي إلي منزلها تقدمت أمها تفتح لها بأبتسامة سعيده كما توقعت وبدأت تتحدث عنه العريس رجل جيد وطيب جدا يعتمد عليه حيث لدي ابن مريض ولم يتركه, هتفت ليلي بضيق شديد مصتنع: طب بذمتك يا ماما دي عريس مناسب ليا .. ده انا هشيل هم أبنه كمان
حنان متنهيـدة بأشفاق عليه: يا بنتي عيب كده ده نصيبه كده ده انتي هتاخدي ثواب كبير لو وافقتي تراعي ابنه اليتيم !
ازدادت نبضات قلبها بخوف حقيقي قائله بضعف: مش عارفه يا ماما محتاره تفتكري ارفض ولا اقبل
ابتسمت حنان بلهفة من حديث ابنتها معني ذلك أنها بدأت تلين وتفكر في الزواج لتقول بتشجيع: صلي صلاه استخاره الاول وامشي وراء قلبك .. وان شاء الله هيكون الجوازه دي فيها الخير ليكي ...
كانت الأيام تجري سريعه تم خطبه ليلي و وليد بعد يومين مع تجمع بين العائلتين فقط.. لم يتحدث وليد مع ليلي ابدا بعد الخطوبه حتي إذا رآها يكتفي بالسلام وهي لم تتحدث لأنها تعرف مده كرهه لها ,حتي جاء مرتين منزلها كـ زياره إلي والدتها فقط ويتجاهل إياها دائما !!
بــعــد اســبـوعــيــن .. .
شعرت ليلي انها تحلم نعم لابد ان يكون كل ما يحصل لها حلماً أو كابوس ,حتى في ابعد احلامها لم تضن ان شخصاً مثل وليد قد يتقدم لخطبتها دائما كانت تقلل من شأن نفسها وأنها لم تتزوج من الأساس حتي لا ينكشف أمرها! لكن وليد حقق لها ذلك الحلم والليله زواجهم ,رغم أن مجرد فرح بسيطه جدا في منزل وليد القديم تجتمع العائله فقط بذلك الفرح وايضا لم ترتدي فستان زفاف مجرد فستان بسيط جدا وجميل ولكنها رغم كل ذلك لا تنكر أن اليوم مميزه لها شعرت و كأنها اميره متوجه أنه شعور غريب جداااا تشعر به اي فتاة يتقدم رجلاً لـ الزواج منها.. تشعر أخير بأنها انثى مرغوبة، لها كيان و يتمنى احدهم ان يقضي حياته معها لكن بالحلال ..
تعالت التبريكات و الزغاريط بالفرح في منزل وليد بعد ان تم كتب الكتاب شعر وليد بغضه في قلبه و هو يقول موافق على الزواج من ليلي! كيف له أن يفرح ويتزوج بعد موت الجميع ! ..
فـ كان وليد الحزن يخيم على اجزاء وجهه كان من المفترض ان يكون هذا اليوم اجمل ايام حياته .. الزواج بشريكه تدخل حياته من جديده لكن علي العكس تماماً كأن أتعس يوم في حياته ..
وقعت عيناه عليها كانت جلس صامته بدون تعبير وهو لم يستطيع حتى التظاهر بالفرح يا الله من تلك الأجواء الكئيبه .. حتي تقدم منه وائل بابتسامه: مبروك يا وليد
وليد ابتسامه مصطنعه لاحت على شفتيه هاتفاً : الله يبارك فيك يا وائل ..
تنهد وائل بشك: معاني لحد دلوقتي مش مصدق و مستغربك بصراحه كنت رافض فكره الجواز وفي ثانيه غيرتي رايك ! لا وكمان لقيت العروسه ! كل ده بصراحه يخليني اشك أن الموضوع في آن
اشاح وجهه بعيد عنه بضيق شديد وقال : مش فاهم يعني في ايه في؟ في اللي انا عملته انا اتجوزت عادي زي اي واحد !
هتف وائل بجدية تامة: طب اتعرفت امتى على ليلى بس .. أنت ما كانش فيه ما بينك وما بينها سابق معرفه قبل كده خالص ! وبعدين هي تعرف سبب جوازك منها انك عاوز تتجوزها عشان تجيب اخ لـ ابنك ولا لاء ؟!..
وليد شعر فجأه بنوبه من الحزن تغزو قلبه وأمسك رأسه بألم حاد ليقول بنفاذ صبر: وائل انا الايام اللي فاتت ما كنتش بنام عشان عاوز ترتيبات الفرح تخلص بسرعه ! ومش حمل اسئلتك دي ...انا اعرف ليلى من زمان هي كانت جارتي اصلا و ايوه يا سيدي هي تعرف موضوع ابني وكل حاجه !!
- ماشي يا وليد زي ما تحب ! بس اتمنى ما تكونش ظلمت نفسك و ظلمتها هي كمان معاك !!
علي الجانب الآخر نهضت حنان متنهيـدة بابتسامة عريضة وهي تطلع في ابنتها بسعاده أخير تزوجت لتقول: مبروك يا حبيبتي كان نفسي تعملي فرح وافرح بيكي وسط الناس ما انا ما ليش غيرك .. بس اقول ايه حكمه ربنا بقى ما ينفعش نعمل فرح وجوزك ابنه في المستشفى هتبقى شكلها وحش !
هزت راسها لها بالايجابي بابتسامة مصتنع لتكمل حديثها بأبتسامة: خلي بالك من جوزك اسمعي كلامه شكله طيب و هيصونك
بادلتها ليلي الابتسامه بحزن ثم نظرت إلى ابنتها بحنان قائله بحب: خلي بالك من نفسك و من جوزك يا حبيبتي ربنا يسعدك و يفرحك يا بنتي
ابتسمت ابتسامه باهته لها ليلي لتقول بحزن علي فراقها: ربنا يخليكي لي يا ماما و انتي كمان خلي بالك من نفسك و خدي الدوا فـ معاده .. اوعى تنسى بالله عليكي يا ماما وتتعبي انتي هتبقي لوحدك وانا يومين وهتلاقيني عندك، هطل عليكي كل شويه
قالت حنان مطمئنه إياها: متشغليش بالك يا حبيبتي بي انا هبقى بخير طول ما انتي كويسه ,انا هامشي بقى كفايه كده ..
تقدمت حنان من وليد لتبارك له لكن لاحظت حزنه متسائلة باهتمام: مالك يا ابني في حاجه مضايقاك ؟.
اغمض عينيه وليد بقوه ثم مسح دموعه بسرعه : لا ابدا يا طنط انا بس كان نفسي ان أبويا و امي يبقوا معانا وابني اللي في المستشفى
حنان بحزن عليه : معلش يا حبيبي ربنا يرحمهم و يجمعك معاهم فالجنه ان شاء الله .. ويشفي لك ابنك يارب
هز رأسه بصمت وشعر وليد بالاسى على حاله و بالحزن عند ذكر عائلته وفراقهم ...
رحلت حنان بعد أن وصيت وليد علي ابنتها ورحل وائل أيضا وبعض الجيران الذي كأنوا يجلسون في الفرح , حتي رحل الجميع وبقي وليد وليلي وحدهم !
__________________________________
بعد رحيل الجميع كأن وليد و ليلي كان الصمت و الاحراج سيد الموقف لم تجرأ ليلي بالنطق بكلمه واحدة و جلست على المقعد بالصالون و هي تنظر لـ وليد الذي جلس على الاريكه الصغيره و هو شارد في عالم اخر ...
حاولت تشجع نفسها واقتربت منه بتوتر و جلست بجانبه و هي تقول: و آآ وليد مش هتدخل تنام و تغيري هدومك .. لو جعان ممكن احط لك الاكل ماما جهزته بنفسها و...
قطعها وليد عندما شعر بقربها ونهض من مكانه بسرعه وغضب هاتفاً بحده: ابعد عني اوعى تقربي مني خالص .. إنتي هتصدقي نفسك انك مراتي بجد ولا ايه
حدقـت به بذهول، ثم هتفت اضطرابت انفاسها وهى متسائلة بصوت مهزوز :امال انا ايه ؟!..
هتف ناظر إليها ببرود قائلاً بقسوة شديدة: لا يا هانم اوعى تفكري اني كتب الكتاب اللي حصل من شويه والهيصه دي معنى كده أنك مراتي ..لا انا قبلتك تكوني في حياتي لسبب واحد بس وانتي عارفه كويس ! هو انك تحملي وتجيبي طفل لـ ابنى عشان يتعالج وده كان اتفقنا .. وبعد كده كل واحد يروح لحاله واكثر من كده ما تحلميش ..
أكمل حديثه غير مهتم بها وهو ينظـر لها بحـدة، نظرات إن اخترقتها ستذبحها وبمفعول أقوى من كلماته المميتة : انتي ما تعرفيش انا عماله اتملك اعصابي واجي على نفسي ازاي ولحد دلوقت مش مصدق ان انا اتجوزت واحده زيك وانا عارف كانت بشتغل إيه كويس
تسارعت ضربات قلبهـا، خشت السقوط في شيئ لتسقط في الاسوء،شعـرت بعينـاها تزوغ رغمًا عنها لعينـاه السوداء الحـادة، ولكن بالرغم من قوتهما إلا انها لمست فيهم الكسـرة، إبتلعـت ريقها تبتلع تلك الغصة المريرة التى اخرجها هو بها من كلماته القاسيه ، لتقول بمرارة : ولما انت شايفني وحشه أوي كده في نظرك كنت جيت وطلبتني للجواز ليه ؟؟
اخذت تبتلـع ريقها بإزدراء، أن ظلت تخبره من هنا حتى يومـان لن يصـدق أنها سوف تتحمل أكثر من ذلك من حديثه القاسيه، ظلت ناظرة للأرض تتمنى أن تنشق الأرض وتبتلعها حتي تخلص من الإهانة ، جـز على اسنانـه بعنف، ورغمًا عنه خرج صوته متهكمًا: عشان للاسف ماقداميش حل غيرك ! محتاج باسرع وقت اتجوز واجيب اخ لي أبني .. و لو دورت على واحده غيرك! موضوع زي ده ياخذ وقت طويل أوي ويا عالم كأنت هتوافق ولا لا, وانا ما عنديش وقت وما كانش قدامي غيرك ! وبعدين ما انتي مش بتعملي خدمه ببلاش ما انا قصدها هعمل لك خدمه كبيره قوي ما كنتيش تحلمي بيها، اني اتجوزك واستر عليكي ..
أكمل وهو يعـود برأسـه للخلف، بينما رمقمـها هو بنظرة كارهه حانقة، اللمعة البارقة تزيـد عينيه شراسة وخطورة، وقال بلهـجة آمـرة : قصر الكلام احنا هنا هنعيش مع بعض ذي الغرب مالناش علاقه ببعض خالص ! وانتي بالذات ملكيش دعوه بيا نهائي اخرج ولا اجي وقت ما أنا عاوز.. اعمل اللي اعمله مالكيش دعوه بيا خالص .. بس قدام الناس اسعد زوجين !
كاد أن يرحل لكن توقف وقال بصوت قاتم : اه حاجه أخير مش معني إني قلتلك ملناش علاقه ببعض انك ترجعي البيت في وقت متاخر ولا حسك عينك ترجعي لي شغلك القديم بتاعك , ولا انك تعملي حاجه حرام او غلط من ورايا.. الخروج والدخول للبيت ده هيكون لي مواعيد محدده ولازم تحترميها.. لو شميت خبر انك بتعملي حاجه غلط من ورايا هتلاقي مني حاجه انتي مش هتحبيها خالص ! ولازم تحترمي الراجل اللي انتي على ذمته دلوقت .. اتفضلي الاوضه دي بتاعتك ادخلي نامي فيها وانا هكون في الاوضه اللي قصادها .. اعتبري نفسك عايشه في لوكانده وملناش علاقه ببعض
دخل وليد غرفه و هو في قمة الغضب و اغلق الباب بقوة ورائه وحاول ان يهدئ قليلا ...
نزلت من عينـاها لامعـة بدموعها قهرية، دموع لو سقطت لأحرقـت كل شخص حولها ,صرخة مكتومة بقهر لم تخرج ابدًا، لم تسعفها حبالها الصوتية، وجرح غائر فُتح من جديد ليكوى قلبًا ادمى, قبل الآمـه لهذا الجسد المنتهـك, ماذا فعلت فـ حياتها حتي تستحق ذلك منه هي لم تفعل له شئ ! لكن هذا حال الدنيا الجميع يحكم على غيره دون رحـمـه ولا أحد يأخذ بـ الأسباب ...
تنهدت بيأس حتي دلفت الغرفه التي قال عليها وغيرت ليلي ملابسها و ارتدت بيجامة ورديه اللون و لفت الغطاء عليها و حاولت النوم لكن حزنها و تفكيرها منعها من ان تنام وهي تتذكر حديثه طول الليل ...
__________________________________
في الصباح خرج وليد من المرحاض جلس على احدى الكراسي في طاوله المطبخ و اعد القهوة لنفسه و شرب الكثير منها بسرعه و بشراسة محاولاً اطفاء نار غضبه و ثورته و حزنه عندما فاق في اليوم التالي وتذكر زواجه كان بالأمس ! خرجت بعد دقائق ليلي من غرفتها لتتفاجا بـ وليد جالس أمامها في المطبخ , تنحنحت ليلي بهدوء وقالت: صباح الخير
أجاب وليد دون النظر إليها: صباح النور ..
لاحظت أن أمامه الكثير من اكواب القهوه الفراغ يشرب منها بشراسة لتقول بنيه طيبه: القهوه علي الصبح غلط لو تحب اعمل لك فطار
نهض وليد فجاءه قائلاً بجمود: متشكر أبقي افطري انتي .. انا رايح الشغل و احتمال اجي على الساعه واحده بالليل
شعرت ليلي بالضيق والاحراج من طريقة كلامه معها, واتسعت عينيها بصدمه وهتفت بحيره: هترجع الساعه واحده بالليل مش كفايه هتنزل ثاني يوم الصباحيه.. طب انا هعمل ايه طول الليل لوحدي
هز رأسه بعدم اهتمام: ما اعرفش لو حابه تنزلي المستشفى براحتك ..بس زي ما قلتلك ترجعي بمواعيد ...
خرج دون انتظار تعليق واحد اضافي منها, أما ليلي فـ اخفضت رأسها بحزن والدموع بدات تتساقط من عينيها بمرارة .. .
ذهب وليد إلي المستشفي حتي يطمئن علي أبنه عقد حاجبيه بدهشة وائل عندما رآه أمامه متسائلا: وليد انت بتعمل ايه ثاني يوم فرحك .. يا ابني هو أنت عدو الراحه
هز رأسه بعدم مبالاة وقال : مش هينفع اخد اجازه انت عارف اللي فيها .. المهم ايه اخبار سليم
__________________________________
بالمستشفى لثم وليد رأسه سليم بحب شديد وجلس أمامه وقال بصوت حزين جدا ..
= ازيك يا سليم يا حبيبي وحشتني اوي نفسي تفوق بقى ترجع لحضن ثاني .. بس انا متاكد ان اليوم ده قرب خلاص ! اوعي يا حبيبتي تزعل مني عشان اتجوزت وهجيب إبن غيرك ؟ انا والله العظيم عملت كده بس عشان ترجعلي .. انا مانسيتكش يا سليم ولا انت ولا اخوك ولا ماما يا حبيبي ! بس اللي انا فيه والله غصبا عني .. ارجع لي انت بس، و انا مش هيبقى فيه، في حياتي حد غيرك انت وبس !!
__________________________________
جاء وليد بعد يومين حتي يأخذ ليلي ألي الطبيبه لـ اجري عملية الحقن المجهري لكن تفاجأ بأنها ترفض مما أغضبه بشده منه قائلاً: افندم يعني مش عايزه تروحي هو لعب عيال ولا ايه انتي هتلغي الاتفاق اللي ما بينا
تنهـدت ليلي قبل أن تستطرد بهدوء وحذر: انا ما قلتش كده وما رجعتش في كلامي ! بس انت ناسي حاجه مهمه العمليه دي لما تتعمل ونجحت انا هكون في اقل من اسبوع حامل الناس هتقول إيه ساعتها عليا ؟ كفايه ساعه لما اتجوزنا في اسبوعين بس وكل حاجه مشيت بسرعه كانوا شاكين أن في حاجه، لما يعرفوا ان انا حامل بعد اسبوع جواز نبقى كده بناكد ليهم إني في حاجه فعلاً ..
سارع يرد مبررًا بإصرار : اسمعيني كويس أنا ما يهمنيش كلام الناس و إللي يتكلم يتكلم ! انا كل اللى فارق دلوقتى معايا عمليه ابني .. واذا كنتي خايفه قوي كده من كلام الناس ممكن ما نقولش دلوقتي خالص انك حامل .. وساعه الولاده يبقى يحلها ربنا واكنك ولدت في الشهر السابع بس انا مش عايز اضيع وقت .. كل وقت بيمر علي سليم في المستشفى في خطر عليه
حاولت ليلي التحدث معه أن ينتظر علي الأقل شهر واحد لكنه رفض بشده وأصر على إخضاعها للعمليه باسرع وقت وهي استسلمت له في النهاية ..
__________________________________
بعد عده أسابيع بالفعل خضعت ليلي لعملية حقن مجهري كان خائفه بشده حينها لأنها وحدها حتي وليد كأن بالخارج مع الطبيبه يستفسر عن الاجراءت وحتي بعد خروجها لم يتحدث معها ولم يسألها عن صحتها حتي! وقالت الطبيبة النتيجة بعد اسبوع ستظهر .. .
مرت الايام و علاقة ليلي و وليد باردة تخلو من اي حب أم تفاهم ومشاركه كأي زوجين ونفذت بالفعل ليلي طلبه ولم تتحدث معه اطلاقا ولا هو كأن الهدوء سيد الموقف دائما بينهما , يخرج من الصباح وليد للعمل ومنه إلي مستشفى ليطمئن على سليم ! ويأتي بالليل يكمل باقي عمله ترجمه الكتب, رغم اني دائما كانت ليلي تشاهد ضوء غرفته مشتعل يعمل بتركيز, وفكرت مره تعرض عليه تساعده لكن حاولت الابتعاد عنه حتى لا يهين كرامتها مره ثانيه .. .
وهي كأنت تمر حياتها بهدوء بطيء وملل جدا دائما لوحدها بداخل المنزل تذهب للعمل بالمستشفى وتعود علي طول مثل ما قال لها وليد ,أصبحت تكره ذلك المنزل الصامت طول الوقت الطعام لوحدها الجلوس لوحدها كل شي لم يشاركوا أحد معها ,حتي أصبحت احيانا تزور والدتها وتجلس معها تهون الايام عليها قليل .. .
بعد اسبوع آخر.. .
هتفت وليد بلهفة شديد قائلاً بنفاذ صبر: ها يا دكتوره العمليه نجحت صح .. ليلي حامل !
نظرت الطبيبه بأسف قائله بهدوء: للأسف لا العمليه منجحتش .. بس ما تقلقوش ممكن نجرب ثاني !
شهقـت هى بصدمة وحزن, أما هو كالصنـم يجلس وهو يتطلع إلي الطبيبه التى حطمـت أسارير أحلام في ثوانٍ معدودة، فكرة بأن العملية تنجح من أول مره ,هز رأسه بخبيه أمل في عقله يديره يمينًا ويسارًا حتي نهض بحده وسار متجهًا للخارج دون حديث , تنهدت ليلي بتعب لتنهض خلفه .. .
__________________________________
في منزل وليد كأن يسير بداخله بغضب شديد وألم يكاد يحطم ما داخله, لا يعرف ماذا يفعل كلما حاول إيجاد حل يتعقد ولا يفلح في شئ ! يأخذ نفسًا عميقـــًا ليهدأ نفسه قليلاً، يعطى لنفسه هدنة من التفكـير العميق، وعطلة حاول أن يكون طويلة لعقله الذى يخطط دائمًا وابدًا، كانت ليلي تجلس أمامه تنظر إلى حالة بعطف ولا تعرف ماذا تفعل حاول تبدو ملامحها طبيعية بعض الشيء، تنهـدت وهى تعتـدل في جلستهـا، تقابلت نظراتهم سويًا، عيناه السوداء تحمـل عبئًا خافتًا لطالما حاول مداراتـه، ودفنتـه فى منتقـع عميق ولكنه دائمًا يتسلل للظهور مرة اخرى ..هتفـت هى بجـزع مشيرة له : ممكن تهدي شويه اللي بتعمله مش هيحل حاجه ! ممكن نجرب ثاني زي قالت الدكتورة قالت
نظر لها بسخرية مريره فتابع بصوت قاسٍ : ده علي اساس الموضوع سهل كده , انتي عارفه تكاليف العمليه كلفتني كام بس , وانتي بكل سهوله جايه تقولي لي ايه يعني نجرب تاني .. ما ليكي حق ما انتي مش شايله هم حاجه وانا اللي كله فوق دماغي, انا بكلم مين اصلا، هي اللي زيك بتحس .. .
جـرح أخـر يضـاف لجروحهـا الخالـدة، ولكن هذه المرة بنكهة مختلفة، جرح لم تكن لها يـد به، تجعل جسدها يتبلد اكثـر، ولكن ازدياد كلماته المهينة كالأنذار لتفيق لتنهض وتزمجر فيه غاضبة : ممكن لو سمحت كفايه, هو انت كل ما تشوف وشي لازم تقول لي كلام يجرحني وتهنى عادي, وبعدين انت بتحملني الذنب ليه وانا مالي انا عملت اللي عليا وزياده .. والعمليه كمان اللي انا عملتها ما كانتش سهله عليا انا تعبت برده و انا كنت على طول لوحدي , ده غير اهانتك ليا المره إللي فاتت و استحملتها وسكت ومقداره اللي انت في، واقول معلش كفايه اللي هو فيه.. وبعد كل ده ولا حتى جيتلي تقولي كلمه شكر وأحده ولا حتي اطمئنت عليا .. انا تعبت من اسلوبك دي انا بني ادمه زيك وبحس مش كل شويه تطلع غضبك فيغ واسكت!!
تطلعت فيه بقهر شديد والتفتت لترحل إلي عرفتها لتسمع صوت قائلاً بخشونة : استني يا ليلي ! .
ألتفتت نظـرت لـ وليد بأعيـن حمراء كحمرة جمرة مشتعلة وتزداد اشتعالاً فقد طفح الكيل من أسلوبه معها دون مبرر : نعم خير في حاجه نسيت تقولها لي
أغمض عينه بضيق شديد فـ كلماتها المتألمة حركت شيئاً ما بداخله وقال بندم: انا اسف ما تزعليش مني بس أنا بجد تعبان مش عارف اتصرف ازاي كل ما أقول خلاص وافتكر الموضوع يتحل وابني هيقدر يفوق و يتعالج تطلعي لي حاجات تاني وتهد كل اللي عملته .. حاولي تقدري اللي انا فيه، اللي انا فيه مش سهل عليا ..
هزت راسها بيأس وقالت بحزن: والله يا وليد ما قدره وعارفه الله يكون في عونك .. وربنا يشفيهلك انا رغم أني معرفهوش بس صعبان عليا ونفسي والله يخف زيك ويرجعلك .. بس انا بيدي ايه اعمله
استطـرد وليد بملامح حاول ألا تبدو واجمة : أنا مش هضيع فلوسي تاني في كلام فارغ وعمليات انا مش ضامن النتيجه فيها ايه .. انا الفلوس دي بجمعها بطلوع الروح مش هاجي اضيعها كده في غمضه عين
عقدت حاجبيها بشكل جامدًا تعبر عن عدم فهمها تقول مستفهمه: طب امال هنعمل ايه ما احنا معدناش حل تاني غير العمليات المجهريه عشان ابقى حامل ! .
قال بملامح باردة خالية من اى مشاعر : لا في حل تاني انك تحملي طبيعي !!
حاولت تكذيب ما سمعته او انها اساءت الفهم لتقول بتلعثم: مـ آآ مـش فاهمه تقصد إيه بكلامك
فجأة تشنجـت ملامحه واشتـدت نظرات كأعيـن الصقر قائلاً : قصدي واضح يا ليلي انك تحملي عادي زي اي ست متجوزه ويحصل بنا علاقه ؟!..