رواية ثلاثين عاما في انتظار حبي الاول الفصل الخامس5 بقلم خديجه السيد

رواية ثلاثين عاما في انتظار حبي الاول الفصل الخامس5 بقلم خديجه السيد

أحبك جداً و أعرف أنني أعيش بمنفى و أنتِ بمنفى و بيني و بينك ريحٌ، و غيمٌ، و برقٌ و رعدٌ، و ثلجٌ و نـار و أعرف أن الوصول لعينيك وهمٌ و أعرف أن الوصول إليك انتحـالر و يسعدني أن أمزّق نفسي لأجلك أيتها الغاليه، و لو خيّروني لكرّرت حبّك للمرّةِ الثّانيه .

بعد معاناه وافقت كامله على أن تصحبها روان إلى غرفتها. و بعدها جلسوا و بدأ طاهر يشرح و يقص ما حدث، و كيف أجبرها أهلها على الزواج برجلٍ عجوز، و كيف هو ذهب و أنقذها في الوقت المناسب .

هتف طاهر بصوت ضعيف: هذا كل ما حدث أمي. قولي لي أنتِ ألم يكن علي أن أفعل ذلك و أنا أراها في ذلك الموقف؟ لم يكن أمامي حل سوى أن أُهربها. أرجوكِ أمي الأمر أبعد بكثير عمّا تظنين لست أكذب في حرف واحد، صدقيني أمي، صدقيني أختي روان .

انصدمت كامله هي و ابنتها مما يسمعون فكيف لـ اب أن يفعل ذلك في ابنته لتقول كامله بعطف: منذ متى يا ولدي و نحن لا نصدقك أو لا نثق بك؟ أنا ربيتك أنت و أختك جيداً، لكن رؤيتك و أنت تدلف و برفقتكَ هذه الفتاه اقلقني و لكن الآن ماذا سنفعل معها؟

لتقول روان بهدوء: بالتأكيد طاهر أهلها لن يصمتوا على ذلك وسوف يبحثوا عنها في كل مكان .

هز رأسه بعدم معرفه و قال بتردد: لا أعلم ماذا علي أن أفعل الآن، فكل ما شغلني وقتها الهروب منهم، تخيلت في لحظه روان أختي محلها لذلك ساعدتها.

نظرت كامله إليه مطولاً ثم تنهدت قائله على مضض : حسناً طاهر اتركها الليل تنام هنا بالمنزل و في الصباح يحلها الله من عنده .

ابتسم طاهر وقال بإمتنان: شكراً لكِ أمي .

نهضت كامله و استدارت تنوي المغادره فالتقت عيونها الغاضبه بعيون رحمه تقف على أعتاب الغرفه دون النظر إليها و لكن كان يبدو عليها التوتر الخجل الشديد، تغيرت نبرة صوتها و هي تتحدث بهدوء شديد: كيف أصبحتِ الآن ؟

هتفت رحمه بصوت مرتجف: بخـ .. بخير .. أنا سوف أرحل الآن قليس عليكم التفكير و الإهتمام بـي، سوف أدبر حالي و لا أريدُ لكم المتاعب .

نهض طاهر بحده و قبل أن يتحدث قاطعته كامله قائله بنفس الهدوء: لن ترحلي ابنتي، تحدثت مع طاهر و قص علي قصتك، لا تقلقي من شيء و أنتِ هنا، روان هلا ناولتِ لها ملابس من عندك لترتديها ؟

تقدمت روان من رحمه و قالت بحنان: طبعاً يا أمي تعالى معي لا تخافي، بالمناسبه ما اسمك ؟

قالت رحمه بإرتباك شديد: رحمه .

ابتسمت روان لتقول: حسناً و أنا اسمي روان .

أمسكت بيدها و هي تبتسم بلطف و تقودها نحو الغرفه لتقول: تعالي معي لنجد لكٍ شيئاً مناسباً لترتديه.
__________________________________

ارتدت رحمه الملابس و وقفت تنظر إلى فستان الزفاف بيدها و تنهدت براحه ثم ألقته على الأرض بإشتمئزاز ،فبهذه القطعه قبل قليل كان سيتم بيعها حتى استمعت لطرقات على الباب ثم فتحت تبعها دخول روان قائله بإبتسامه : لقد جهزت الطعام للجميع بالخارج بالتأكيد أنتِ جائعه، هيا تعالي!

لاحظت روان صمتها بخجل لتعرف بأنها جائعه لكن لم تتحدث من الخجل ف قتربت منها و أمسكت بيدها بهدوء و خرجت للخارج لتشاهد طاهر و أمه يجلسوا أعلى طاولة الطعام بصمت. قالت كامله بهدوء: تعالي اجلسي . لمَ أنتِ واقفه هناك ؟ لا تخجلي من شيئ نحنا مثل أهلك تماماً .

كان الجو في البيت هادئاً فتناولت رحمه القليل بخجل شديد حتى نظرت كامله إليها و سألتها : اسمك رحمه أليس كذلك؟

هزت رأسها لها بالإيجاب بصمت لتتابع كامله حديثها بهدوء: اسمعيني رحمه، اليوم سوف تباتي معنا بالمنزل و في الصباح بمشيئة الله سوف آخذك إلى عنوان عائلتك كي نعيدك لهم، لكن لا تقلقي أنا سوف أتحدث معهم في أمر زواجك من ذلك الشخص الذي يكبرك بسنوات حتى أقنعهم بعدم تزويجك رغماً عنكِ . 

شهقت رحمه بخوف شديد ،و قال طاهر بهجوم:أمي ماذا تقولي؟ قلت لك هدول الناس ليس ينفع معها التفاهم و لن ينحل الأمر هكذا، إذا ذهبتي بها لهم سوف يزوجوها دون السماع لكِ.

تحدثت كامله بحزم: طاهر اصمت اتركني أكلم الفتاه، ف في النهايه هدول عائلتها و بالتأكيد مكانها الطبيعي بين أهلها و وسط عائلتها، و الآن قلقانين عليها و أنا واثقه عندما يروها سوف يتراجعوا عن فكرة الزواج. 

جز على أسنانه بغضب و قال بغيظ شديد: و إذا لم يتراجعوا أمي، ماذا سوف تفعلين وقتها؟ هل سوف تأخذيها منهم مره ثانيه؟ بالتأكيد لا، لأنهم لن يسمحوا بذلك. 

كامله بهدوء: دعني في البدايه أجرب، ليس هناك أحن و أطيب من قلب الأب نحو ابنته.

نطقت رحمه بصوت مبحوح وسط شهقاتها بيأس: اللي أبي لم أجرب أو أشاهد حنيته معي في يوم .

نظرت كامله إليها بدهشه من حديثها فهي لم تعلم كيف كانت الحياه قاسيه معها؟ صمت والدها و استسلامه دائماً إلى زوجته. لتقول رحمه و هي تمسح دموعها بمراره: معك حق، في النهايه لن أظل هنا، سوف استسلم لمصيري معهم.

تطلع طاهر إليها بحزن و قلة حيله، و كامله تنهدت بحراره لا تعرف ماذا تفعل؟ لكن لن تظل هذه الفتاه هنا و هي لها أهل.
__________________________________

نزلت رحاب بوجهٍ مرتبك لوحدها فعقد حسام حاجبيه بإستغراب متسائلاً ما بها؟ و أين رحمه؟ لتجيب عليه بخوف: لا أعلم، ليست موجوده في أي مكان .

اتسعت عيني حسام بغضب دفين، تركها و ذهب إلي الأعلى ليرى تلك الغرفه فارغه، اتسعت عيناه بذهول و جمله واحده يرفض عقله استيعابها تتردد أمام عيناه أن رحمه الذي كان يتخيل و ينتظر هذا اليوم بفارغ الصبر فرت هاربه من بين يداه. لم تعد له كما تخيل، هربت و ربما لن تعود، لن يراها مره ثانيه. حينها صرخ بجنون و هو يضرب ذلك الحائط بعنف :
_ رحــمــه .
__________________________________

على أموااااج البحرر التي تتصافق مع بعضها البعض كأنها تواجه معرركه قوويــه، كأنها لا تريد موجتها الأخرى تفوز عليها ، تضرب فيها لتقوول موجتي أقوى، و على صوت طيور النورس، و على منظر الشمس التي تسسللت خيوطها الذهبيه لتعكس أشعتها على البحرر .

تشبهين القمر اسماً و فعلاً فبينما ينير القمر عتمة السماء تنيرين أنتِ، عتمة قلبي، تزينت الحديقه بالزهور و الأضواء، و حُمّل الهواء بنسمه منعشه صافحت الوجوه و حملت ابتسامه إلى الشفاه تزامناً مع مرأى العاشقين.

تُعد ذاكرة الإنسان من أعقد الألغاز، و رغم هذا تعتبر شيئاً ثابتاً غير قابل للتعديل، خاصةً عندما تُشكل هويتنا ماضينا و حاضرنا، و لكن يبقى السؤال هل نستطيع بسهولة العوده لتذكر ذلك المرار المؤلم بما يحمله من كل كسر و نزيف ؟ أم أن تلك الذاكره الخرافيه تبني حائطاً سداً لتحول بيننا و بين ماضينا المروع جاعله إيانا عالقين في عالم مظلم ليس منه فراغ، فتجبرنا على الخوف من انقشاع ذلك المانع الرقيق، ربما نجد خلفه أسوأ كوابيسنا فنظل صامتين خائفين متناسين أن في بعض الأحيان يكون لصمتنا احساسه الصادق فيكشف ذلك الضياع الخفي مُظهراً أمام أعيننا مستقبل أكثر ارتياعاً وضياعاً ! 
.........................

أمسك بيدها و قادها تحت ضوء القمر بأنواره الساطعه ، إضاءه ساطعه و برغم كل الإسترخاء الذي يتملكها نتيجة عيونه الساحره الذي أجبرت على تناوله أسيرة عشقها ، إلا أن قشعريره سرت في جسدها لتعلم إنها النهايه لا مفر فقد وقعت في حبه ! 

أمسك بيدها ليجبرها على الدوران حول نفسها ، تناثر شعرها القصير ليغطي إحدى عينها ، بينما الأخرى تحاول استكشاف المكان من حولها ، مع ضحكتها الرنانه بسعاده و انتفاخ الفستان الذي ترتديه من الهواء ، و هو يتطلع إليها بهيام عاشق متيم ! فتشق ابتسامه دافئه فمه كأنه يقول لها يا من أسرتي الفؤاد ترفقي بيه ! 

توقف بها عن الدوران فشعرت أن قلبها سوف يتوقف و أنفاسها تتثاقل مع كل خطوه يتقدم بها نحوي ، قناع الشجاعه سقط منها و صمتت و هو قربها تطلع لها و لم يستطع منع نفسه هذه المره و هو يمرر اصبعه على شفتيها ، طار عقله و كأن هناك من يتحكم بي كي يتمادى. مشاعر لايمكن وصفها فقط من يملكها يفهم هذا ما شعر به من قربها ، لو حكى لي أحد أنه قد عشق لهذه الدرجه بيوم لكان ضحك بإستهزاء ، و لكن فقط هي من أخرجت الجنون الذي بداخلي لدرجة أنني مستعد لقتل أي رجل ينظر لها فقط ، اقترب أكثر و اقترب لـ يقبلها .

شعر بها تبتعد عنه ركضت بعيد أخفضت رأسها احمرت وجنتيها ، و حمحمت بصوتها الرقيق مرتعش ببراءه تناسب سنها الصغيره وهي تخفض رأسها بخجل ابتسم بخفه ، و اقترب منها مرر يده على خصلات شعرها الحريري ، رفعت عيناها تطلعت فيه بعشق و بادلته الإبتسامه .

و كأني كل شيء بدأ يعود إلي الأرض الوطن و كان مجرد سراب ، تحولت الأنوار و الزهور من حولها إلي غبار أسود العتمه .
رأت نفسها محاطة بأجساد ضخمة أخذت تخلع الوشوش وجهها عن جلدها و تظهر حقيقتها كأفاعٍ متعددة الرؤوس، تجولت وسط الخراب بين جثث الأموات والجماجم ، أصوات الضحك بشراسه تتعالى بشر، ركضت بفزع في الشوارع العدوانيه بين الجبهات المتقاتله المتناحره ، الليل يسود في عز النهار، منظر السماء مذهلٌ يلمع و يرعد بشراسه رهيبه، رغم كل ذلك الدمار العنيف المدمر و الرصاص المنهمر لكنها ما زالت تقفز بشجاعه فوق شظايا القذائف الملتهبه بالنيران وأشلاء، أخذت عينيها تتجول بألم شديد تبحث عنه.

لتفر راكضه لا تعرف أين وجهتها و تجهل أين نجدتها؟ فقدميها الحافيتين أصبحتا داميتين تئن وجعاً و تكسر هامتها فتكاد تستسلم لتلك الدوامه التي وصلت إليها، بدأت في نهش ما تطوله منها تحاول الصراخ فلا تجد لها صوتاً يعينها على التعبير عن ألمها أيقنت بالهلاك أخيراً .

من بين سحب الغبار الكثيف سمعتْ صوتاً تعرفه و تميزه، صوتاً عميقاً مسكوناً باللهفه يطمئنها مهدئاً من روعها، لكن أين هو لا تراه ؟ 

دموعه حاره منها " لون عيونها غرام"، نداء خافت شده من دوامة أفكارها .

ليظهر هو عنها عن بعد بـ مسافه طويله عنها، رفع عينيه عن الظلام حوله لينظر إلى مصدر الصوت الناعم العذب الذي كان و مازال مهدئاً لأعصابه بقهر : حزنك يعذب روحي صغيرتي .

لـ تتحول العينان القاتمتان تحولتا لبركه من الدموع العاتيه تلهث بتسارع علّ النجدة تأتي عبر هزه من العالم الواقع فتخرجها من تلك الدوامات المريره، تفتح عينيها مجبره و كأنها مقيده فتبتهل بالصراخ و تهز رأسها برفض سريعاً بلهفه بأن لا يرحل ! و لكن لا فائده  تتعالى شهقاتها عندما انتقل المشهد إلى نجده متمثله في اختفائه من أمامها .

رغم خوفها و رعبها من أصوات ضجيج عالٍ و عدة أصوات و صرخات معاً، لكن صوته الوحيد الذي وصل أذنها و كل أملها أنه البطل المغوار الذي سينقذنها، لتركض بلا تفكير له لكن شعرت فجأه بيده تسحبها بعنف شديد إليه و صوته الفحيح كالأفعى التي تغير جلدها كل موسم قائلاً :

أنتِ لي .. أنا ، ابتعدي عنه .. أنتِ لي . 

_ لاااااا لاااااا ابتعد عني لا أريد .. طــاهــر 

_ رحمه ما بكِ؟ فوقي، رحمه..!

فتحت عينيها بجهد كبير و هي تتعرق على صوت أنثى لتفيق من الكابوس بقسوه، و كأن تلك اللمسه الحنونه من يد تلك السيده كامله خرجتها من صرختها رغماً عنها لـ تبدأ تنظر حولها تلاحظ الجميع حولها بالغرفه طاهر و أمه و أخته ينظرون إليها بقلق شديد حيث اجتمع الجميع على صراخها. ليقول طاهر: اهدي رحمه هذا كابوس ليس حقيقي .

أغمضت عينيها بألم و انفجرت في البكاء بحده لتقول : لقد شاهدته، شاهدت هذا الرجل العجوز عم حسام يأخذني بقوه و يتزوجني، أنا لا أريده أكره و لا أريد أتزوجه .

روان بحزن عليها: لا حول و لا قوة إلا بالله ! 

لتقول كامله بإشفاق و هي تقترب تأخذها بحضنها و استسلمت رحمه كأنها تريد هذا الحنان الآن بشده. تطبطب عليها بحنان و تردد : اهدي حبيبتي كان كابوس و انتهى. ليس حقيقي، ثقي بأن لا أحد سيقترب منكِ و يؤذيكِ و أنتِ هنا .

أشارت كامله بعينها إلى أولادها للخارج لم يرد طاهر لكن انسحبت روان من الغرفه و أخذت معها طاهر إلى الخارج الذي نظر إلى أخته بضيق شديد و هي تسحب يده معها حتى تتركها مع أمها براحه تتحدث معها.

هزت رحمه رأسها برفض هاتفه ببكاء: لا سوف يفعلوا، لن يهدى بال أحد من أبي و لا عم حسام و لا زوجة أبي حتى يعثروا علي و يزوجوني بالقوه له.

مازالت تحتضنها بحنان لتقول بصوت هادئ: هششش كفاك بكاءٌ. لما لا تحاولي التحدث مع والدك بكل هدوء و اشرحي له الوضع بأنكِ لا تريدي هذا الزواج و هو سوف يتفهمك. 

قالت رحمه بيأس: حاولت كثير معه لكنه لم يرد علي و استمر في تحضير الزفاف، هو دائماً هكذا.. صامت و الكلمه الأولى و الأخيره لـ زوجة أبي .

عقدت حاجبيها متسائله بإستغراب: كيف صامت دائماً لا أفهم؟

اغروقت عيناها بالدموع و قالت لها: لم أرى في يوم حنان من أمي لأنها توفت بعد ولادتي مباشرةً، و أبي أيضاً لم يكن معي أباً بمعنى الكلمه، لم أرى حنيته و لا اهتمامه بي في يوم طول حياتي، فلقد تزوج بعد موت أمي بشهور بـ سيده تدعى رحاب، كم كانت قاسيه معي و لا تحبني، دائماً تقول لي كلام سيئ جداً كانت تشغلني كـ الخدامه لديها و لدي ابنها هو أخي الوحيد، و أبي كان يرى بعينه كل هذا. و لم تكتفي زوجة أبي بذلك أيضاً ظلت وراء أبي تحاول إقناعه على أن يوافق على زواجي من عم حسام ابن عمها و تمت الخطبه رغماً عني و مع الشروط الذي وضعها عم حسام و منها عدم الذهاب إلى المدرسه مره ثانيه، و مع كل ذلك أبي صامت، أنا أبي بمعنى الكلمه باعني إلي عم حسام مقابل المال و الديون. أنا دائماً أعاني وحدي. 

صدمت كامله من حديثها فكيف لـ طفله صغيره أن تتحمل كل هذا؟ و تقول هذه الكلمات القاسيه!! ابتعدت عنها تمسح دموعها لتقول : اهدي حبيبتي.. يا الله كيف لطفله مثلك أن تعاني من كل ذلك .. اهدئي يا ابنتي، لست وحيده الله معكِ يراكي .

نظرت إليها بحزن لتقول بخوف: أنتِ لا ترديني هنا أنا أعرف ذلك و هذا حقك، و أنا سوف أذهب في الصباح لكن لا تأخذيني إلى أهلي، أنتِ لا تعلمي ماذا سوف يفعلون بي عندما يجودوني . 

لتقول كامله بعتاب: ماذا تقولي؟ أنتِ أسأت الفهم رحمه حبيبتي، أنا أم و أتفهم ماذا يعاني والدك الآن و أنتِ بعيده عنه لذلك كنت أن أريد اصلح الوضع بينكم و لا أتركك و ليس لأني لا أريدك هنا بمنزلي مثل ما تفكري. رحمه الأهل هم السند لكِ و خسارتهم ليست بتلك السهوله. 

هزت رأسها لها برفض قائله بمراره: لكنهم ليسوا أهلي، كيف لأهل أن يفعلوا في ابنتهم هكذا، أنا أصبحت أكرههم و أخاف منهم .

وضعت يدها فوق كتفها بطبيه قائله بعطف: يا قلبي أنتِ، ماذا فعلوا بكِ؟! لقد زرعوا الخوف في روحك لدرجة أنه أصبحت جزءاً منكِ. لا تتحدثي هكذا مره ثانيه و لا تضعي للكره مكان في قلبك حتى تعشيي في هدوء و تنعمي بحياه طبيعيه .

ارتمت في حضنها تبكي بشده و استقبلتها كامله بكل حنان لتقول بصوت هادئ: كفاك بكاءٌ حسناً .. اسمعيني جيداً إذن لا تذهبي من هنا إذا كنتِ تريدي البقاء هنا و اسمحِ لي أن اعتبرك ابنتي الثالثه .

رفعت عيناها رحمه نظرت إليها بعدم تصديق قائله بإبتسامه وسط دموعها: بالتأكيد هذا شرف لي خالتي .

تحدثت كامله بحزم مصطنع: لا تناديني خالتك الآن، أنا أمك بعد اليوم.
__________________________________

خرجت كامله من الغرفه بعد أن اطمئنت على رحمه و تركتها نائمه لتسمع صوت ابنها يتحدث مع أخته برجاء شديد: روان بالله عليك تحدثي مع أمي و اقنعيها لا تترك رحمه أن تذهب إلى عائلتها، صدقيني سوف يزوجوها رغماً عنها و لن تستطع إيقافهم. 

ابتسمت روان بخبث: ما بك طاهر؟ ما كل هذا الإهتمام و القلق تجاه الفتاه؟ هل أنت متأكد أنها مجرد زميله في المدرسه و أشفقت عليها فقط لا أكثر من ذلك؟؟،

انصدم طاهر من سؤال أخته ليقول بإرتباك واضح: روان أهذا وقته الآن؟ آآ أنا مشفق على رحمه فقط.

ابتسمت روان بإتساع و قبل أن تتحدث قاطعتهم كامله و هي تتقدم منهم قائله بحده: اخفضوا صوتكم قليلاً الفتاه نامت بصعوبه، و عن ماذا تتحدثوا؟

اقترب منها طاهر و هو يقول بقلق: أمي هل بالفعل سوف تاخذي رحمه إلى منزلها؟ صدقيني هدول ليسوا بشر مثلنا و لا يفيد معهم الحديث و لن يردوا عليك.

تنهدت كامله بعمق لتقول بهدوء: أنا تحدثت مع رحمه منذ قليل عن وضع أهلها تجاها و فهمت الآن لما هي خائفه تذهب اليهم .

قال طاهر بقلق: إذن!!

أجابت كامله بضيق مصطنع: هل أنت الوحيد طاهر لك قلب طبيه و أشفقت على الفتاه؟ و أنا ليس لدي قلب و قاسيه !! حسناً سوف تظل هنا حتى تريد هي الرحيل.

ابتسم طاهر بسعاده و هو يقبل جبينها بإمتنان : شكراً جداً أمي.

لتقول كامله بحذر شديد: لكن ليس لك دخل بها طاهر. سأضع حدود بينكما و لا تقترب منها.

طاهر بإنزعاج قائلاً: يا الله و أنا ماذا فعلت الآن؟؟

كامله بلهجه آمره: أنا أتحدث بجديه و أنت اسمع الكلام فقط، أنا سوف اساعدها لأني تخيلت في لحظه روان مكانها، هذه الفتاه الآن أمانه برقبتنا و يجب الحفاظ عليها. 
__________________________________

في اليوم التالي ذهب طاهر إلى المدرسه ليتقدم منه ناظم صديقه قائلاً: صباح الخير طاهر. ماشفتش رحمه؟

( صباح الخير طاهر. هل رأيت رحمه؟ )

حمحم طاهر قائلاً بإرتباك شديد: صباح النور ناظم. لا لا معلاباليش وين راهي ايا ندخلو لكلاص.

(صباح النور ناظم. لا آآ لا أعرف أين هي هيا بنا إلى الفصل.) 

استغرب ناظم بشده أنه تحدث عن أمر رحمه بغير اهتمام ليقول بسرعه: استنا طاهر حبيت نهدر معاك في واحد الموضوع، هاذوك الرجال لهيه مصبح راهم يسقسو على رحمه.

(انتظر طاهر أريد التحدث معك في شيء، هل ترى هؤلاء الرجال؟ فمنذ الصباح و هم يسألون على الرحمه. )

اتسعت عيناه بخوف و قال بصوت مرتجف: رجال وين؟ راهم وعلاش يسقسو عليها؟

( رجال.. أين هم؟ و لماذا يسألون عنها؟ )

أشار ناظم إلى مكانهم و ردد قائلاً بحيره: 
لهيه... ڨاع راهم يسقسو عليها بصح واحد مايعرف وين راهي؟؟ الموضوع فيه ان طاهر باين كاش ما صرالها.

(هناك .. سألوا الجميع عنها لكن لا أحد يعرف أين هي و من هم؟ الأمر يبدو مريب طاهر واضح حدث لها شيء سيئ.) 

نظر لهم طاهر بصدمه فقد كانوا مجموعه من الرجال بجسم ضخم و ملامحهم لا تبشر بالخير.  تجمد مكانه بقلق بالغ عندما لاحظ أحد منهم يشبه حسام يقف معهم بوجه غاضب ليفهم من هم الآن .
__________________________________

استمعت كامله إلي طرقات عاليه على الباب نهضت سريعاً بقلق تفتح لتتفاجأ بـ طاهر ينهج بأنفاس لاهثه فيبدو عليه أنه كان يركض ليقول: هذا الرجل الذي يدعى حسام رأيته هناك بالمدرسه و معه ورجال يبحثون عن رحمه.

خرجت رحمه على صوت الباب لتشهق بخوف شديد و تبدأ في البكاء : سوف يجدني .

اقتربت منها كامله قائله بإنزعاج: اهدي رحمه ما كل هذا الخوف؟ و كيف سجدوكِ  و هو لا يعرف طاهر ولا مكانك هنا؟؟ هو طبيعي أول مكان يبحث عنك في المدرسه.

طاهر بجديه: رحمه أمي معها حق هو مستحيل يأتي هنا، لكن مع ذلك لن تذهبي المدرسه هذه الفتره حتى ييأس من البحث عنكِ.

رحمه بحزن: لكن أريد أكمل تعليمي.

كامله بحنان: هذه الفتره فقط رحمه أو اذهبي على الامتحانات أضمن لكِ،  و طاهر سوف يساعدك و يقول لك الدورس الذي يأخذها بالمدرسه.

ثم وجهت حديثها إلى أبنها قائله بتحذير: و أنت طاهر إياك أن تقول لي أحد من زمايلك في المدرسه أن رحمه تجلس في المنزل معنا.
__________________________________

بعد مرور إسبوعين .

سارت رحمه نحو الشرفه بخطوات هادئه تناقض كل اختلاجات نفسها لتجلس على أقرب كرسي و تلقي بجسدها المرتعش عليه، تفكر هل سوف يبقى الوضع هكذا؟ و إلى متى ستهرب من أهلها و من ذلك العجوز حسام؟

لا تنكر أنها هنا أصبحت في راحة بال كبير و تشعر بالهدوء و السكينه و الطمأنينه و الأمان و اإستقرار أخيراً تسكن روحها، فـ بدأت تشعر بأن كامله مثل والدتها بالظبط حتى بدأت تنده عليها بـ "أمي" و روان الحنونه هي و ابنتها الصغيره فـ بدأت تقترب منها و تظل تتحدث معها حتى تخرجها من ذلك الوضع، و أحياناً تذاكر لها دروسها هي و طاهر، و آه من طاهر التي كانت تحارب احساسها تجاهه وهو بعيد عنها لكن الآن هو أمامها، هي مديونه لهذه العائله حقاً، و كما قالت لها "كامله" قبل سابق  العائله هي السند لكِ و خسارتهم ليست بتلكَ السهوله لكن أين العائله في حياتها؟؟

خرج طاهر من غرفته ليجد رحمه تجلس بشرفة المنزل بوجهها الحزين ليقترب منها طاهر و هو بيده دفتر خاص به ليقول: رحمه تفضلي هذا دفتر خاص بي انقلي الدروس و رجعيه لي.

رفعت عيناها رحمه نظرت إليه متحدثه بخفوت: شكراَ جداَ طاهر.

ابتسم طاهر و قال : على ماذا تشكريني رحمه؟ هذا مجرد دفتر، ماذا فعلت أنا؟

هتفت رحمه بحسره و دموع: أنا أشكرك على مساعدتك لي طاهر، شكراً جزيلاً على كل شيء فعلته معي فلولاك طاهر كنت متزوجه من ذلك الرجل الآن و أعيش أتعس أيام حياتي.

تنهد طاهر بضيق و اقترب منها يجلس أمامها مبتسم: رحمه هل سوف تظلي هكذا دائماً تبكي و حزينه؟ أنا لم أفعل شيئ هذا واجبي نحوك ألسنا أصدقاء؟

مسحت دموعها بهدوء و هزت رأسها بالإيجاب بصمت ليقول بتردد: أعلم أنه ليس وقته لكن أريد التحدث في ذلك الموضوع، أنا أعتذر منك رحمه.

رحمه بعدم فهم: على ماذا تعتذر؟؟

حمحم طاهر قائلاً بإحراج: آآ عـ على ذلك اليوم الذي كنت أعلمك فيه ركوب الدراجه و وبعدها سقطتي و.. اقتربت منك وقبلـ... 

احمر وجهها من الخجل الشديد لتقول سريعاً: حسناً يكفي تذكرت.

تنهد طاهر بضيق شديد و قال برجاء: رحمه أنا آسف جداً قبل أن آتي إلى منزلك و أعلم بزواجك من ذلك الرجل قبلها لم تأتي المدرسه فتره كبيره فكرت حينها أنك لا تريدي أن تريني مره ثانيه، كنت قلق عليكِ كثيراً، هل مازالت غاضبه مني؟

ضغطت على شفتها بخجل و قالت بخفوت: إذا لم تفعلها مره ثانيه، حسناً سامحتك.

ابتسم طاهر و قال بلهفه: كلا بالتأكيد أوعدك لن أفعلها مره ثانيه .

هزت رأسها له بالإيجاب بإبتسامه هادئه لتقول: هل تتذكر أول يوم لي هنا بـ منزلك عندما استيقظت من كابوس و حينها صرخت؟

هز رأسه بهدوء لتقول رحمه بشرود: أنا كنت أحلم بك أنت أيضاً طاهر، لا أعرف لما أنت بالذات، لكن حلمت أنك تحاول انقاذي من عم حسام، كنت متمسك بي بقوه رافض أن تتركني إليه.

صمت طاهر قليلاً ثم قال بهمس و هو ينظر إليها بإمعان : لأن هذا الذي سوف يحدث بالفعل رحمه، لن اتركك بعد الآن.

بــعــد مـــــــرور ثـــــلاث ســـــنــوات ... . 


تعليقات