
رواية اطفت شعلة تمردها الجزء الثاني2وليدة قلبي الفصل الحادي والثلاثون31 والثاني والثلاثون32 بقلم دعاء احمد
«حُسنك أغوي تائب عن الحب.. و في لقاكِ ينبض القلب»
____________________
قيل أن أبلغ الأحاديث هو حديث العيون
واعترض أحدهم قائلا :بل القلوب
حتى أتت هي لأعلم ان أبلغ الأحاديث هو حديث روحها الذي لا يسمعه سوي روحي
وصلت سيارة «عمر» الي قصر الدمنهوري بعد سنوات طويله من الفراق و البُعد
مازال يذكر اخر مرة دخل الي ذلك القصر قبل أكثر من عشرون عاماً
قام الحارس بفتح البوابة سامحاً له بالدخول
القى نظرة يأسه الي جنينة القصر و شريط ذكرياته يمر عليه مر أخرى، تذكر حينما رآها تجلس في ذلك المكان منشغله برسم احد رسوماتها
لأحت ابتسامة بسيطه على شفتيه مزينه وجهه الوسيم.. تغير قليلا زادت ملامحه هيبه و وقار.. بعض التجاعيد و شعره الأبيض الممزوج بالاسود لم يقلل من وسامته ابداً
فهو« عمر الرشيد» ......
صف السائق السيارة ليترجل عمر بخطوات ثابته واثقه رغم رجفة قلبه سيلتقي بها مرة أخرى!!
استقبلته «فردوس» ممرضة ارستلها «مريم»لتعتني ب بيلا منذ اكثر من ثمان سنوات تبدو في نهاية العقد الثالث من عمرها... ملامحها صارمة
فردوس بلباقه و عمليه
«عمر بيه الرشيد... اتفضل معايا»
تقدم خلفها وهي تشير لغرفة الصالون ولج عمر للغرفة الشاسعه و المليئة بالتحف و الرسومات القديمة
نظرت له بهدوء قائلة
«اتفضل حضرتك و مدام بيلا هتنزل لحضرتك.....»
وضع ساق على الأخرى و هو يخرج علبة السجائر خاصته ولكن ما ان وضعها بين شقي شفتيه عادت له إحدى الذكريات
«يا عمر انا مبحبش ريحة السجاير... و بزعل منك لما بتدخنها لأنها بتاذيك»
ابتسم ببرود وهو يُشعل سيجارته هامس لنفسه
«اعتقد مكنش في حاجه مؤذيه اد علاقتنا و حبي ليك......»
في الطابق العلوي
كانت تجلس أمام المرآة بقلب منتفض من الخوف و الكثير من المشاعر المتناقضة بعد أن اخبرتها «فردوس» بوصوله
«بيلا»بهمس و ارتباك
=انزلي ياله قبليه.... هيحصل ايه يعني و لا حاجه انتم دلوقتي مش الاتنين اللي قابلوا بعض زمان، في حاجات كتير ماتت و اتغيرت»صمتت للحظات لتكمل بخفوت
"الا حبك له يا بيلا "
نهضت و هي تسير بخطوات مرتجفه لتصل للباب وضعت يديها على المقبض وهي تاخذ نفس عميق ثم خرجت
نزلت الدرج بهدوء كعادتها رفع راسها ينظر لها بينما لاحت ابتسامة جانبيه على شفتيه
و عينيه تفترس وجهها و قسماته الرقيقة
شعرها الأسود يتخلله بعض الخصلات البيضاء... رشاقتها في الحركة
ترتدي بلوزه سوداء شتويه و جيب زرقاء واسعة ترفع شعرها في كعكه فوضويه
وقفت بجواره و هي تتنحنح بحرج:
«اهلا يا عمر بيه نورت.....»
استقام ليجيب ساخرا صارم
«بيه؟!... بخير الحمد لله، فين صفا و ايه اللي حصل؟»
ردت «بيلا» بهدوء زائف
«هي في اوضتي فوق.... الدكتور بيقول انها نسيت تاخد دواها علشان كدا تعبت و خصوصا انها ماكلتش، هي نايمة دلوقتي»
وضع السيجار بالمنفضه ليستقيم مرة أخرى قائلا بتلقائيه
«تمام يا بيبو»
«...اقصد بيلا هانم بكرا الصبح هاخد صفا بس لما تصحى و هروح قصر الرشيد متشكر لضيافتك لاختي....»
جلست على الاريكه بهدوء قائلة حاني:
«اظن قصر” الرشيد “مقفول بقاله سنين و تجهيزه هيكون صعب في وقت قصير....الييت هنا في اوض كتير ممكن تستريح في اي غرفة »
جلس بهدوء و عينيه تتشرب ملامحها الحزينه قائلا بنبرة حزينه
«بيلا انتي لسه مقتنعه اني السبب في موت ملك... »
تجمعت الدموع في مقلتيها لتجده يعقب سريعا بلهفه مبررا
«بيلا انا كنت هموت معها، مفيش اب ممكن يكون سبب في موت بنته و أنت اكتر واحدة عارفه اد ايه انا كان نفسي البنت دي تيجي للدنيا انا حكيتلك أحلامي لبيتنا و لبنتنا.... انتي اكتر واحدة عارفه اني حبيتها لأنها كانت منك....»
تساقطت دموعها و تصاعد الألم لصدرها تشعر بثقل ما تحملته قائلة بحدة
«بلاش تفتح في الماضي يا عمر.... لو سمحت كفاية انا تعبت، ماتت عرفت انها ماتت كفايه بقى حرام عليك،
انا أم مشوفتش بنتي غير مرة واحدة بس و بعدها، بعدها انت عملت ايه؟! اخدتها»
رد «عمر»بانفعال و غضب مكبوت منذ سنوات
_كنت واخدها لابوكي.... كنت عايز لها حياه في النور.. كنت ناوي اعمل اي حاجه قلت يمكن لما يشوف حفيدته قلبه يحن و يبطل يعند لكن العربية فجأه انقلبت و انا دخلت غيبوبه اكتر من ست شهور...
وضعت يديها على عينيها الحمراء أثر بكائها وهي تستمع لمبرراته
_ عمر مالوش داعي نقلب في اللي فات الله يرضا عليك، بعد أذنك انا هطلع أرتاح"
التمعت الدموع في عينيه ليزفر بغضب و شراسه و هو يخرج من المكان، يشعر وكأنه يختنق و يختنق
كان يقف في جنينة القصر ينفث سيجارته بغضب يحاول كظم غيظه و غضبه بينما وقفت «بيلا» تنظر له من وراء زجاج الشرفة، اغمضت عينيه قائلة:
" لا يا عمر، عارفه انك مالكش ذنب في موتها و نفسي اقولك اني مش زعلانه منك، بس للاسف أهلنا زمنا عملوا أخطاء بقيت واقفه بينا زي السور اللي مالوش نهاية لا انت هتقدر تهده و لا انا هقدر اتخطاه"
أغمضت عينيها تتذكر ما حدث و قلب كل الموازين
**********فلاش باك **********
قفزت من فوق الفراش بحماس و سعادة قائلة:
" بجد يا تيتة يعني بابا وافق على عمر، بس ازاي دا زعق ليا علشان قابلته، معقول وافق كدا بسهولة"
ابتسمت «نبيله» بارتياب قائلة بهدوء حاني:
"مش مهم ازاي المهم انه وافق مبروك يا قلبي، الف مبروك يا بيلا اخيرا هشوفك عروسة"
احتضنتها بفرحة كبيرة قائلة:
"انا فرحانه اوي يا تيته، كنت اتمنى لو ماما تحية تكون معايا "
ربتت «نبيلة» على ظهرها بحنان قائله:
" هي اكيد حاسه و فرحانه علشانك، باباكِ هيكلمه و يحدد معاد معه، بس مش عايزه مكالمات بينكم يا بيلا فاهمه"
اومات لها بالايجاب و هي تصعد لغرفتها، في حين شعرت نبيلة بالارتياب من تغير «سالم» المفاجئ لتشعر بعدم الارتياح قائلة بهمس:
"ربنا يستر مش مرتحاله لك يا سالم، حاسه انك بتفكر في حاجه، ربنا يهديك يارب و متكسرش بخاطر بنتك"
بعد اسبوعان
في قصر آل «الرشيدي»
وقفت «عصمت» بغضب و غيرة قا'تلة قائلة بشر:
"الخطوبة النهارده يا ماما، هيتجوز بنت الدمنهوري، لا لا دا اكيد حلم مش حقيقة، عمر بتاعي انا مش هي، لايمكن اقبل بالمهزلة دي تحصل على جثتي"
جلست«تفيدة» على كرسيها بغضب وهي تنظر لابنها قائلة:
"انتي اللي خايبه و معرفتش توقعيه اهو راح يخطب بنت سالم الدمنهوري اللي جدك الرشيدي رفض زمان انه يجوزه لعمتك كوثر الله يرحمها ،
و دلوقتي سالم موافق بسهولة يجوز بنته لعمر علشان ينهي العداوة و انتي غبية معرفتش تعملي حاجه، و دلوقتي هتلبسي و تتشيكي علشان تروحي خطوبته..."
زفرت بحنق قائلة:
" اصبري عليا يا بيلا الكلب،لو فاكرة انك هتكوني حرم الرشيدي تبقى بتحلمي، هلبس و اتشيك و هشوف المهزله دي بتحصل لكن لا يمكن أوافق بيها ابدا"
في مساء الليلة
وقف «عمر» بسعادة أمام المرأه يهندم حُلته السوداء الأنيقة فهي ستصبح خطيبته بعد ساعات قليلة، رغم شعوره بوجود شئ مريب سيحدث لكن حاول تجاهل شعوره
ارتد ساعة أنيقة ليضع عطره وهو ينظر للمراه بثقة، وجد الباب يُفتح لتدخل والدته «مرام» بسعادة و طيبه قائلة:
"اخيرا هشوفك عريس يا حبيبي، ربنا وحده يعلم دعتلك اد ايه تكون من نصيبك، رغم اني مشوفتهاش لكن متأكدة انها مميزه اوي اللي قدرت توقعك و كما صفا حكيت ليا عنها أنها بنت لطيفه و جميله اوي"
ابتسم «عمر» و قبل رأس والدته قائلا:
"هي من ناحية جميلة فهي زي القمر حاجه كدا رقة و جمال و مرح و طيبه تخطف القلب "
شعرت «مرام» بالسعادة قائلة:
" ربنا يسعدك يا عمر يا حبيبي يارب، ياله علشان منتاخرش عليهم و كمان مرات عمك جهزت"
اخذ نفس عميق قبل أن يخرج من غرفته برفقة والدته
أغلق الباب خلفه ينظر لزوجة عمه و ابنتها قد تجاهزا لحضور الحفل
سأل هو بهدؤ قائلا:
"جاهزين؟ "
اومات له «تفيدة» قائلة بسعادة زائفة:
"اه، الف مبروك يا عمر و اخير هشوف البنت اللي قدرت تكسبك، متأكدة انها جميلة"
ابتسم «عمر» بحماس قائلا:
"شوية و تشوفوها ، لازم نتحرك دلوقتي"
اومات له بالايجاب بينما غادر القصر متجها الي قصر آل «الدمنهوري»
"الفصل الثاني و الثلاثون"
و عَذَلْتُ أهْلَ العَشْقِ حتى ذُقْتُهُ،
فعجبتُ كيفَ يَموتُ مَن لا يَعشَقُ
وَ عَذَرتهُمْ و عَرَفْتُ ذَنْبيِ أننيّ عَيّرْتُهم فَلَقيتُ منهُمْ ما لَقُوا..
بعد يومان بعد عودتهم الي الاسكندريه
دخل صالح شقته بعد يوم طويل من العمل يشعر بالاجهاد و التعب خاصة انه يبحث خلف "رشاد" و عن عمليات التزوير الذي يقوم بها من قبل حتى أن يتزوج من صوفيا عندم كان يعمل بمكتب المحاماه فوجد اكثر من عملية تزوير قام بها لبعض الأشخاص و وجد بعض الادله تدينه
ولا يزال يبحث خلفه حتي يتخلص منهاة نهائياً فهو لا يرغب بشئ اكثر من ذلك..
اغلق الباب خلفه بهدوء لترتسم فوق وجهه ابتسامه واسعه عندما وقعت عينيه علي تلك الجالسه فوق الفراش تعقد شعرها بكعكه مبعثره فوق رأسها بينما ترتدي بيجامة قطنيه
تظهر استدارة بطنها التي بدأت بالبروز فقد كانت في بداية شهرها الرابع من الحمل لا يعلم كيف مر عليه المدة الماضيه بعد خروجها من المشفى ،
فقد كان يشعر بالرعب و الخوف عليها بسبب توعكها المستمر فقد كانت لا تفارق الفراش الا قليلاً تتقيأ كل ما تتناوله شاعره بالغثيان و الدوران،
لكن تلك الاعراض اختفت اخيراً منذ ما يزيد من اسبوعين لكن خوفه هو لم يختفي لا يعلم كيف سيستطيع ان يتحمل تلك الشهور الباقيه...
تقدم لداخل الغرفه لكنه تنهد بحنق عندما لاحظ كم الحلويات المتناثره فوق الفراش
حيث كان هناك العديد والعديد منها بالاضافه الي انواع مختلفه من المقرمشات الغير صحيه بالمره...التي اصبحت لا تكف عن تناولها منذ ان انتهي موجات غثيانها تلك...
اقترب منها ببطئ مستغلاً انشغالها بالتلفاز الذي تشاهده بحماس و تتابع الكرتون كعادتها ، قام بنزع من يدها سريعاً لوح الشيكولاته
الذي كان بيدها الاخري تتناول منه مما جعلها تشهق بقوه فازعه لكن فور رؤيتها له هدئ فزعها هذا لكنها ادركت من التعبير المرتسم فوق وجهه بانه سيعنفها بسبب تناولها للشيكولاته والمقرمشات فقد اصبحت تأكلها يومياً بشكل غير طبيعي و كان هو يمنعها عنها لكنها فور مغادرته للعمل تجلب ما تريده قائله بان هذا وحم و يجب عليها ارضاءه
حتي لا يتأذى طفلها و قد اكدت علي ذلك وكانت «حياء» تساعدها في كثير بتهريب القليل منهم الي غرفتها دون علمه..
رسمت ابتسامه جعلتها بريئه قدر الامكان فوق وجهها بينما تمد يدها نحوه تنوي اخذ منه لوح الشيكولاته لكنه زمجر بحده بينما يبعد يده عنها
=لا....
تغضن وجهها بينما تهتف بغضب
=علشان خاطري يا صالح..طيب هاكل حته صغيره بس
اقترب منها مما جعلها تبتسم ظناً منها بانه سوف يعطيه لها لكنه فاجأها عندما اتجه نحو الفراش وقام بجمع كل تلك الحلويات المتناثره فوق قائلاً بحزم وغضب
=برضو لأ....و اخر مره يا زينب اشوفك بتاكلي القرف ده..
تراجعت فوق الفراش محاوله منعه من اخذ اخر قطعه شيكولاته غفل عنها لكنه انتبه اليها و اسرع ملتقطاً اياها مما جعلها تهتف بغضب
=علي فكره ده اسمه وحم...يعني مش بمزاجي
هز كتفيه قائلاً ببرود
=انتي بقالك اسبوع بتاكلي في شيكولاته و شيبسي و كل الحاجات دي مش صحية
القي ما بيده فوق احدي المقاعد قبل ان يتجه نحوها مره اخري و يجلس بجانبها لكن عند رؤيته للحزن الذي ارتسم فوق وجهها
احاط وجهها بحنان بيديه رافعاً رأسها اليه
=يا حبيبتي انا خايف عليكي، كل المواد الحافظة دي غلط عليكي...
ده غير انها بتسد نفسك عن الاكل...و المفروض تهتمي باكلك علشان صحتك..و انا مبقاش فيا اعصاب انك تتعبي تاني
اومأت «زينب» برأسها بصمت ولا يزال ذات التعبير الحزين مرتسم فوق وجهها مما جعله يزفر باستسلام قبل ان ينهض ويتجه نحو المقعد يلتقط احدي الاكياس من ثم عاد اليها واضعاً اياه بين يدها قائلاً
=خلاص..كلي...بس اعملي حسابك مفيش غيره ده هتاكليه
هزت رأسها رافضه اخذه بصمت و قد ترقرقت الدموع بعينيها ، غمغم بصبر و هدوء فقد كان يعلم بانها منذ حملها و ابسط الاشياء تبكيها..
=لا ليه يا زينب؟! مش انتي بتحبيها...
همست بصوت مرتجف ضعيف
=خالص ماليش نفس، متزعلش مني انا عارفه اني بضغط عليك كتير.....
رد بهدوء قائلا:
=انتي مش بتضغطي عليا و لا حاجه..و عمري ما ازعل منك، انا عارف و مقدر التعب اللي انتي فيه...
حركت راسها موافقة لتجده يتحدث بهدوء:
"طب مدام كدا بقى قومي ياله غيري وتعالي ننزل نتمشى شوية"
اعتدلت في جلستها بحماس قائلة:
"بجد بس الوقت اتأخر و الساعة دلوقتي اتنين"
مال عليها قائلا بخبث:
"طب و النبي ايه لازمته الجواز لو مش هنخرج في وقت متاخر ياله قومي الجو دلوقتي هادي جدا"
ردت عليه بنبرة هادئه:
" هو انا اصلا مش فاهمه حاجه بس ماشي هدخل اغير"
اومأ لها مواقفها متابعها انسحابها سريعا
استقامت بسرعة وهي تتوجه نحو الخزانه لتأخذ تثيابها تبدلها، حيث ارتدت هودي ابيض و جيب سوداء وضعت حجاب رمادي فوق شعرها