رواية امنيات وان تحققت الفصل الاول1الثاني2 بقلم ليله عادل
_نستمع لصوت زغاريد يعم المكان يخرج من أحد الغرف الفندقية، الذي يبدو من مظهره أنه ٧ نجوم، وعندما ندخل للداخل نشاهد مجموعة من الفتيات مختلفات الأعمار، وهن يتحضرن وترتدين أفخم الثياب وتضعن مستحضرات التجميل والضحكات ترتسم على وجوههن، ثم نشاهد إحدى الفتيات تجلس على مقعد أمام مرآة كبيرة، يبدو من ثوبها الحريري الأبيض أنها العروس، تجلس بجسد لحد ما ممتلئ، ولكن مناسب لها ولوجهها ذو الملامح الجميلة لحد ما، وكانت إحداهن تضع لها مستحضرات التجميل.
اقتربت منها إحدى الفتيات بابتسامة مشرقة وهي تضع يدها على كتفها وتقول:
_ حبيبتي مبروك.
انحنت بظهرها ووضعت قبلة على إحدى وجنتيها وأكملت حديثها مع العروس:
_ ألف مبروك، ربنا يتمملك على خير، يلا بقى يا عروسة البسي فستانك، العريس على نار.
توقفت العروس بابتسامة جميلة وهي غير مصدقة وهي تقول:
_ أنا مش مصدقة يا شروق إن النهارده فرحي على حلم عمري.
شروق بابتسامة بعينين اغرورقت بدموع الفرحة:
_ أنتِي تستاهلي كل خير يا منة.
اقتربت فتاة أخرى بابتسامة جميلة، نظرت لها منة وهي تقول بعينين اغرورقت بدموع الفرح:
_ حنين كلامك طلع حقيقة، أحيانًا ربنا بيأخر أمنيات وأحلام كتير عشان شايلنا الأحلى والأجمل.
حنين هي إحدى صديقات منة المقربات، ترتدي إدناء بسيط، ولكن غاية في الرقي، بوجه جميل اقتربت بسعادة حتى توقفت أمامها وهي تقول بسعادة:
_شوفتي بقى؟ قولت لك إنك هتتعوضي عن سنين العذاب بحاجة أكبر وأعظم من اللي اتمنتيها، ربنا يسعدك يا منة، أنتِي فعلًا تستاهلي كل حاجة حلوة زي قلبك الأبيض ده، وتستاهلي تتعوضي عن سنين الحرمان والوجع.
شروق بدموع:
_ خلاص بقى، مش عايزين دموع.
منة:
_ ربنا يخليكم ليا يا بنات، حقيقي أنتم السبب بعد ربنا في اللي أنا أصبحت عليه.
_ أنا منة الله، ودي قصتي، قصة آلاف البنات اللي عايشين وسط مجتمع بتتحكم فيه المظاهر الخداعة قبل العقول الواعية الناضجة والقلوب النقية والأخلاق الحميدة.
مجتمع فاسد إلا من رحم ربي، مجتمع أعطى لنفسه الحق بإصدار أحكام على الآخرين دون أن يراعي مشاعرهم، مجتمع مزدوج المعايير وللأسف كل مدى بيسوء أكثر وأكثر.
قصتي قصة كل فتاة تعيش داخل ذلك المجتمع المتدين، لكن على هواه.
قصتي بدأت من وأنا ٣٥ سنة، لا، من قبل كدة بكتير جدًا، من وأنا صغيرة.
أنا اسمي منة الله محمود عبد الفضيل، من أسرة مصرية بسيطة، عايشة في القاهرة، بالتحديد منطقة السلام، منطقة شعبية بسيطة، عندي أخ أكبر مني بسنتين اسمه مهاب، وأختين واحدة أصغر بسنتين اسمها مروة، والتانية أربع سنين اسمها ماهيتاب، وأنا ترتيبي التانية، من صغري وأنا شاطرة في المدرسة، بطلع الأولى كل سنة على المدرسة، متعبتش أهلي في الدروس زي أخواتي، ونجحت في الثانوية العامة ودخلت الجامعة، كلية الهندسة، وكنت شاطرة جدًا فيها، وبطلع الأولى على الدفعة كل سنة، بس كان عندي مشكلة! أنا الحمد لله راضية بيها وعمري ما شوفتها عيب فيا، بس اللي حواليا دايمًا كانوا بيعايروني بيها، وهي إني مليانة شوية ومش جميلة بالشكل الملفت، شكل عادي؛ قمحية، وعيني بنية، ولابسة نظارة، ومحجبة، أحيانًا كنت بتأثر بكلامهم، بالأخص من أمي، لأنها كانت غليظة اللسان معايا في الموضوع ده، أصعب حاجة على أي بنت لما تسمع من أمها وهى بتقل منها، ومن شكلها اللي ملهاش يد فيه، مكنش بيجيلى عرسان كتير، ولما كان بيجيلى كان يبقى عن طريق حد، يعني حد يكون عايز عروسة مثلًا فـ بيرشحوني، وطبعًا مكنتش بعجب!! لأني مليانة ولابسة نظارة وشكلي عادي، محدش فيهم أهتم يكلمني ويعرف أسلوبي، طريقة تفكيري، طبعي، نجاحي، طموحي، أخلاقي، ديني، مقياسهم كانت من منظور واحد، وهو الشكل فقط!
كأن أنا اللي خلقتني كده، بس أنا الحمد لله قدرت اتغلب على ده، وقررت مسبش نفسي فريسة وسجينة لكلام الناس عن تأخير جوازي، حتى لو في أول سنين عمري كنت بتأثر وبتعب، بس الحمد لله، على مدار السنين قدرت أتخطى الآراء السلبية، وبدأت مسمعش كلامهم، ولا بقى بيأثر فيا، وبرغم السنين اللي مرت، والعمر اللي جري، وبنات جيرانا اللي أصغر مني اللي بقى معاهم أولاد طولي، وأخواتي كمان اتجوزوا وخلفوا، حتى أصحابي، لكني متهزتش، كنت مركزة على هدفي ونجحت فيه، وخلقت لنفسي عالم خاص بيا أنا، وحقيقي كنت مبسوطة فيه، مخلتش تأخير جوازي يأثر عليا ويأثر على طموحي للحظة واحدة، لحد ما مرت السنين، ووصلت ٣٥ وحصلت حاجة مكنتش متوقعة إنها ممكن تحصل بالطريقة دي بعد سنين كتير، صراحة كنت فقدت الأمل، لكن ربنا عوضني بأكتر من اللي حلمت بيه، كأنه كان مخبيلي كل الفرحة طول العمر اللي فات عشان يدهاني مرة واحدة.
عايزين تعرفوا إزاي؟ تعالوا أحكيلكم قصتي.
(فلاش باك من سنوات)
_جامعة القاهرة، كلية الهندسة ١٢م
_نشاهد مني وهي في أوائل العشرينات من عمرها، بوزن زائد عما شاهدناها من قبل، وترتدي نظارة وملابس بسيطة، لكنها شيك جدًا وترتدي الحجاب.
_توقفت أمام منفذ بيع الطعام والمشروبات، اقترب منها أحدهم؛ وهو محمد رسلان، أحد زملائها، وبسبب تعاملهما الكثير بأمور الدراسة أصبحا مقربين كصديقين، ولكن بحدود فمنة لا تسمح لأحد بأن يتمادى معها بأي شكل قد يسئ لسمعتها، نعود إلى محمد الشاب المرح، ملامحه وسيمة لأبعد حد، بجسد رياضي، فتى أحلام جميع فتيات كلية الهندسة، والده لديه شركة كبيرة في مجال العقارات.
محمد بمرح:
_ منوشا.
التفت له منة برأسها بابتسامة:
_ محمد عامل إيه؟ اجيبلك نسكافيه معايا؟
توقف محمد أمامها وقال:
_ الأهم من النسكافيه جبتي الملخص؟
تبسمت له وهي تهز رأسها بإيجاب:
_ أكيد، وهو أنا أقدر أنساه، ده أنتَ كلمتني ٤٠ مرة، والله لو تعبت ما هتكلمني كده.
أخرجت من حقيبتها ملف وقدمته له وهي تقول:
_ اهو يا سيدي، اتفضل.
أخذ محمد الملف وفتحه وبدأ يقلب أوراقه وقال:
_ أتعبي أنتِي بس وهتشوفي هكلمك قد ايه.
نظر لها بابتسامة جميلة وأكمل قائلًا:
_ ده أنتِي صديقي الصدوق يا منوش، أنتِي مش عارفة غلاوتك عندي ولا ايه؟ بقولك هروح أنقله وهاتي لي نسكافيه وأنتِي جاية.
منة بمزاح:
_ اخدت عليا بزيادة.
محمد بمزاح لطيف:
_ معلش طول عمرك جدعه يا أبو الصحاب.
تبسم لها وتحرك وجلس على إحدى الطاولات، ظلت منة في انتظار النسكافيه.
عند الطاولة جلس محمد مع إحدى الفتيات التي تدعى يُسر، وهي صديقتهم، فتاة جميلة بجسد ممشوق بشعر طويل باللون البني الغامق.
محمد وهو يجلس:
_ هالو.
يُسر بتعجب:
_ هموت وأعرف أنتَ بتقعد مع تختخ دي ازاي؟ لا وكمان بقيت على طول لازق فيها، دي قفل يا ابني.
لم يفهم محمد مقصدها من الكلام فقال باستفهام:
_ تختخ مين؟!
يُسر بابتسامة ساخرة:
_ منة.
محمد بحدة:
_ ما تبطلي تنمر بقى، على فكرة جسمها مش مليان بالصورة دي، هي بس محتاجة تخس شوية، وملامحها لطيفة، وزنها الزايد بس ظلمها ومكبرها وكمان النظارة، بس عادي، كفاية احترامها وعقلها كبير ونقاء قلبها، مش تافهة زيكم.
مررت يُسر عينيها عليه بتعجب بابتسامة وقالت:
_ده نظام على تظبيط بقى.
ضحكت باستخفاف وأكملت بتقليل:
_ وملقتش إلا دي؟ دي ولا جسم ولا شكل ولا أي حاجة، بقى محمد رسلان الوسيم اللي بنات هندسة بتموت عليه، يبص لمنة تختخ؟!
ضحكت ساخرة وأضافت بخبث:
_ والا بتعمل كده عشان بتجبلك ملخصات وبتخليك تجيب تقديرات بعد المقبول؟
زفر محمد بملل من حديثها الذي يشعره بالاشمئزاز، وبرفعة حاجب أخرج المرجع وأخذ يقوم بنقله دون أن يرد عليها.
يُسر وهي تضحك قالت معلقة على نظراته:
_ براحة على نفسك طيب.
كل هذا ومنة خلف أحد الأشجار تستمع لحديثهما بعينين ترقرقتا بالدموع، والحزن يمزق قلبها، أخذت نفس وأخرجته دفعة واحدة، ومدت إحدى يديها تمسح تلك الدمعة التي تسللت خارج عينيها رغمًا عنها، تنهدت وتذكرت ذكرى سابقة.
_فلاش باك "منزل منة"
_أثناء تواجد منة بالمطبخ مع والدتها تساعدها في إعداد الطعام، دخل شقيقها الأكبر مهاب وقال:
_ إيه يا ماما خلصتي ولا لسه؟ عمي جعان.
أجابته منة بتلقائية:
_ إحنا خلاص خلصنا، باقي بس طشة الملوخية، أنتَ جبت المخلل؟
التفته لها مهاب ورمقها بنظرة شاملة، ثم أعطاها ابتسامة ساخرة وهو يشير إلى الفستان الذي ترتديه أخته، وقال بصوت ضاحك:
_ إيه ده؟ ايه يا منة؟ بقي ده فستانك اللي هتقابلي بيه الناس؟ إيه يا أستاذة مفيش عقل خالص ولا ذوق في اختيار اللبس؟!
نظرت له منة بدهشة من كم التعليقات التي قالها على ثيابها وبتلقائية قالت:
_ ماله فستاني؟ وحش للدرجة دي؟!
مهاب بسخرية:
_ اوي، ما ينفعلكيش ده يا بشمهندسة، ده ينفع لحد من أخواتك، اديه لمروة مناسب ليها أكتر، أنتِي مينفعلكيش الفساتين اللي زي دي يا منة، ولا إيه يا ماما؟
رمقتها والدتها بعدم رضا، ثم نظرت لمهاب وتنهدت بضيق من منة وقالت:
_ والله يا ابني قولت لها إن الفستان مبين تخنها وهي زي العجلة فيه، بس ما بتسمعش الكلام.
مط مهاب رأسه، وكأنه لم يقل شيئًا هو ووالدته، وأكمل حديثه عن الطعام:
_ المهم خلصوا الاكل بسرعة، أبويا بيقول لكم شهلوا، مش هنتغدى المغرب ونجوع الناس معانا.
_بعد وقت من خروج مهاب وعودة الأم لما كانت تفعله، وخلفها منة تقف مثل الحائط، أو هكذا كانت تحاول أن تكون، باردة لا تتأثر بكلامهما، أخيها ووالدتها فهما حطما خاطرها ونفسيتها ببعض الكلمات، ثم عادا إلى موضوعهما الأساسي وكأن شيئًا لم يكن.
_نشاهد عائلة منة تجلس على الأرض، بجانبهم عمها وأبناء عمها، وكان يفرش على الأرض الجرائد وعليها بعض الطعام، وكانت منة ووالدتها تقومان بوضع الطعام على الأرض، ثم جلستا، كان يوجد طعام كثير وأصناف متعددة.
الأب:
_ يلا بسم الله.
_بدأ الجميع في تناول الطعام، لكن أثناء تناولهم الملوخية عبس وجه أبناء العم ووالدتهم، لاحظت مفيدة تعابير وجوههم، فقالت معلقة:
مالك يا كوثر؟ مالكم يا جماعة؟ الملوخية مش عجباكم ولا إيه؟ دي عمايل منة.
كوثر:
_ كويسة، بس مملحة زيادة.
إحدى بنات عمها قالت بسخرية:
_ ايه يا منة النظارة محتاجة تتغير ولا إيه؟ يعني أربع عيون وبرده مش عارفة تظبطي الملح.
ابنة عمها الأخرى:
_ كعب الكوباية السبب، هي دي نظارة عادية؟
ضحك الجميع، قال شقيقها مهاب معلقًا باستخفاف:
_ منة لو لبست ٨ عيون هتفضل تحط ملح زيادة، هي بتعشق حاجه اسمها ملح، ومبتفكرش في اللي حواليها.
منة بخجل من الموقف:
_معلش يا جماعة، غصب عني، بس والله أنا حاسة إن طعمها عادي.
ابنة عمها الأخرى:
_منة هو أنتِي تخنتي تاني؟
نظرت منة إلى نفسها، ثم نظرت لها:
_ مش عارفة، بس لا، زي ما أنا.
ابنة عمها:
_ لا تخنتي اوي، والفستان مش حلو عليكي.
قالت كوثر زوجه عمها:
_ خدي بالك من جسمك يا حبيبتي، ماينفعش تتخني كده، وبعدين أنتِي لازم تخسي يا منة عشان تتجوزي.
مهاب:
_ ولما تخس هقول لمين يا بكابوظه والعب في خدود مين!
ابنة عمها بضحك:
_دى بكابوظه قمر، هي شبه ذكية زكريا.
مروة بضحك:
_ تصدقي فعلًا، تحسيها أخت إبراهيم نصر.
كانت منة تستمع لهم وهي تشعر بالحزن، لكنها كانت تحاول أن تتماسك أمامهم كي لا يظهر عليها شيء وتضطر لسماع كلامهم الساخر المتنمر.
منة بقوة مزيفة:
_ ده إبراهيم نصر أحلى مني كمان بكتير، وبعدين لو خسيت وقلعت النظارة مين هيقعد يضحكم، وتقلشوا على مين؟ وتطلعوه على المسرح في كل تجمع لينا مع بعض؟
(باك)
عادت من ذكرياتها، تبسمت بمرارة وحزن، كم كانت تتمنى أن يكون محمد معها بكل موقف انجرحت به لكي يدافع عنها مثلما دافع عنها الآن، تنهدت وأخذت نفسها واقتربت منة بابتسامة وقالت بمرح:
_ أنا جيت.
رفع محمد وجهه وتبسم وقال :
_ تعالي اقعدي.
منة وهي تقدم له النسكافيه:
_ اتفضل.
محمد:
_ شكرًا، أوعي تكوني حطيتى سكر؟
منة:
_متقلقش، ولبن قليل كمان.
محمد وهو يحتسي مشروبه:
_تسلمي لي، أنا كلمت لك بابا عشان الشغل، بكرة تيجي تعملي الانترفيو على ٢كده، اوكيه؟
منة:
_ ماشي، بس يا رب أنجح، محتاجة الشغل ده اوي.
محمد:
_ هتنجحي، أنا متأكد، متقلقيش أنا هبقى معاكي.
نظرت يسر لمنة باستغراب:
_ أنتِي هتشتغلي في شركة أبو محمد؟!
كادت أن تجيبها منة، لكن اجابها محمد مسرعًا باستخفاف:
_ لو هي مشتغلش مين ممكن يشتغل؟! أنتِي بالمقبول بتاعك!! اسكتى وذكرايلك حاجة بدل ما تشيلي مواد تاني.
يُسر بسخرية:
_ طيب يا خويا.
_ منزل منة،٦م
_تدخل منة من باب الشقة ويبدو عليها التعب، كانت تجلس جميع عائلتها في الصالة، منزل بسيط بأثاث بسيط مثل معظم بيوت الشعب المصري.
منة:
_ السلام عليكم.
الجميع:
_ وعليكم السلام.
سألها والدها محمود باهتمام:
_ اتاخرتي كده ليه؟
منة:
_ كان في محاضرات متأخرة عشان خلاص الامتحانات قربت، ماما في أكل؟
مفيدة:
_ ايوه.
منة نظرت إلى أختها مروة وقالت:
_مروة ممكن تحطي لى الأكل على البوتاجاز يتسخن لحد ما أغير؟
مروة وعينيها ع التلفاز:
_ طيب.
_دخلت منة للداخل، وبدأت في تغيير ملابسها، خرجت ودخلت المطبخ، لكنها لم تجد أي شيء على النار، قلبت وجهها بضيق وقامت هي بتسخين الطعام، خرجت إلى الخارج وهي تحمل صينية الطعام بين يديها وجلست في الصالة معهم، نظرت إلى شقيقتها وقالت بعتاب:
_ مش قلت لك حطي الأكل على النار لحد ما البس؟
مروة بتهكم:
_ اعملك إيه يعني؟ أنا كنت بتفرج على الفيلم، وكنت قايمة أهو، أنتِي اللي معندكيش صبر.
تنهدت منة بتعب ونظرت لها:
_ طيب شكرًا يا ستي.
الأم مفيدة:
_ ها يا منة فكرتي؟
منة وهي تتناول الطعام:
_ ماما ده معهوش حتى ثانوية، مش هقولك معهد.
الأم مفيدة بتهكم:
_ الراجل يا أختي ما يعبوش إلا جيبه وبس، حتة التعليم دي ملهاش لازمة، أهم حاجه أنه معاه يصرف عليكي وعنده شقته، وإنه راجل محترم، غير كده ملناش فيه، كفاية إنه بيعرف يقرا ويكتب، وهو ده المطلوب.
ارتبكت منة من إصرار والدتها وحاولت أن تقنعها:
_ بس يا ماما أنا مش حساه مناسب، أنا عندي مواصفات للشخص اللي هشاركه حياته ويشاركني حياتي، لازم يبقى في تكافؤ فكري وثقافي، علشان ما يحصلش خلاف بعد كده، أنا بصراحة مش هقدر أتنازل عن الشروط دي في اللي هيبقى جوزي.
انفعلت الأم وردت بحدة، ولم تفكر لحظة فيما تقول وأن الجالسة أمامها هي ابنتها ويجب أن تراعي مشاعرها:
_ يا أختي بتتبغددي على ايه؟ أنتِ سوقك واقف يا بت، أنتِ محدش معبرك، ده أنا ماصدقت أنه وافق بيكي، أنتِي ٢٤ سنة ومافيش عريس جالك لحد دلوقتي، وكل اللي يشوف خلقتك بيجري، اخواتك اللي اصغر منك الأتنين مخطوبين وهيتجوزه كمان كام شهر .وانتى هتفضلي قاعده كدة في وشي حرام عليكي يا شيخه.
الأب محمود بحدة:
_ ما براحة يا أم مهاب على البنت شويه، منة لسه صغيرة، بناتك اللي مسروعين على الجواز، خابوا في جامعه، لكن بنتي مهندسة قد الدنيا وهتاخد واحد زيها، وبعدين بنتي زي القمر وألف مين يتمنى زوجة زيها، والجواز نصيب وهي لسه ملقتش اللي يستاهلها، خلاص مش هتغصبيها، سيبي البت في حالها، وابقي فكري قبل ما ترمي كلام متعرفيش أثره عليها.
الأم مفيدة بحدة:
_ أثر إيه ونيلة إيه؟ أنتَ وهي مش حاسين بيا، أنا خايفة عليها، اقعد أنتَ دلعها، وشجعها على كده ومخلي مناخيرها في السما معرفش على ايه؟ امال لو كنتِ حلوة كنتِ عملتي ايه يا بت، الراجل ميهموش التعليم، الراجل عايز ست حلوة تدلعه، تعليمك ده ملهوش فيه، على أساس هيسألك مساحة الشقة كام في كام ولا سمعينى جدول الضرب؟
هنا ردت منة بضيق فهي لم تعد تتحمل إهانتها:
_ هو أنتِي عايزاني اتجوز أي حد وخلاص؟ هو في ايه؟ بقولك إيه يا ماما لو سمحتِي ما تتكلميش معايا في الموضوع ده تاني، أنا مش هتجوز دلوقتي، وسيبيني في حالي بقى، عشان عندي امتحانات وعايزة أكل عشان ادخل أذاكر.
مفيدة بسخرية:
_ طيب يا أختي، أما نشوف اخرتها إيه معاكي.
تنهد محمود بضيق من زوجته، ثم التفت لمنة وحاول تهدئتها بابتسامة حنونة ونظرة لها بمعنى أكملي غدائك ولا تردي عليها، كل هذا أمام إخوتها ولم يتدخل أحد، اكتفوا بالمشاهدة بصمت، بعد دقائق طُرق الباب، ذهب مهاب لفتحه، كانت شروق الصديقة المقربة لمنة، هي فتاة جميلة جدًا وبجسد ممشوق مثالي لمعايير المجتمع ووالدة منة وإخوتها.
شروق:
_ السلام عليكم، ازيك يا مهاب عامل ايه؟
مهاب:
_ الحمد لله، اتفضلي ادخلي.
شروق وهي تحرك عينيها عليهم قالت:
_ السلام عليكم، ازيك يا طنط، ازيك يا عمي عاملين إيه يا بنات؟
رد عليها الجميع:
_ الحمد لله.
منة:
_ كويس إنك جيتي، كنت لسه هكلمك، تعالي ندخل جوه.
شروق:
_ ما تكملي أكلك.
توقفت منة وهي تحمل الصينية:
_ لا، أنا أكلت الحمد لله، هدخل الحاجة المطبخ وجيالك على الأوضة.
_ غرفة منة
كانت منة وشروق تجلسان على الفراش وتتبادلان الأحاديث .
منة بابتسامة بسعادة:
_ عارفة يا شوشو لما سمعته وهو بيدافع عني فرحت اوي، حسيت اني ورايا ظهر وسند، محمد أكتر حد بيهتم بيا وبيسمعني وبيدعمني وبيقول لي كلام حلو.
شروق:
_طب ايه هنفضل كده كتير؟ أنتم خلاص هتتخرجوا.
منة وهى ترفع كتفيها لأعلى بعدم معرفة:
_ مش عارفة.
شروق:
_لازم تعرفي، كده مينفعش، المهم بكرة هتروحي تقدمى في شركة أبوه؟
منة بقلق:
_اه، وقلقانة اوي.
شروق بتشجيع:
_ ليه تقلقي؟ أنتِ شاطرة ومتفوقة، إن شاء الله هيقبلوكي، أهم حاجة خليكي بس واثقة في نفسك وأنتِي بتتكلمي، هما يهمهم ده اوي، الثقة واللغة.
منة بقلق:
_ربنا يسترها بقى.
شروق:
_ يا بت متخافيش، أصلًا محمد موصي عليكي، ابن صاحب الشركة نفسه معاكي، عايزة ايه تاني؟
منة:
_ طب احكيلى عمرو عامل إيه؟
شروق:
_كويس يا أختي بيدور على الشقة.
منة:
_ إن شاء الله تلاقي حاجة كويسة.
شروق:
_ أهم حاجة أبعد عن دار السلام.
منة تبسمت:
_ إن شاء الله.
_بعد وقت رحلت شروق، جلست منة بمفردها وأخذت تذاكر وتحضر للامتحان، بعد وقت رن هاتفها نظرت للهاتف بملل وإرهاق، ولكن ملامحها تبدلت حين رأت أن المتصل محمد، فور أن رأت الاسم ارتسمت على شفتيها ابتسامة عريضة، ودق قلبها بفرح مثل الأطفال، وردت عليه بحماس وحب.
منة:
_ الو.
اتاها صوت محمد:
_منوشي عاملة إيه؟
منة:
_ تمام الحمد لله وأنتَ؟
محمد:
_الحمد لله، بذاكر قولت اكلمك كده اطمن عليكي وأفكرك بميعاد الإنترفيو.
منة:
_ كله تمام، أنا بردو بذاكر.
محمد باهتمام:
_ لسه معدتك وجعاكِ؟
منة:
_ ما أنت عارف وقت الامتحانات المغص مش بيفارقني.
محمد:
_ يا بنتي أنتِ يطول عمرك الأولى على الدفعة، آمال أنا أعمل إيه؟
منة:
_والله بحاول متوترش، بس غصب عني.
محمد بدعم:
_ أنا واثق فيكي يا منوش، إنك هتطلعي الأولى زي كل سنة، يلا هسيبك تكملي مذاكرة خدي بالك من نفسك وكلي لأني متاكد أنك ما أكلتيش لحد دلوقت.
منة:
_ والله أكلت، أنت كمان متنساش تاخد دوا السكر بتاعك.
تبسم محمد:
_ هاخده دلوقت، يلا مش هعطلك عن المذاكرة، باي يا منوشة يا قمر.
منة بابتسامة:
_ سلام يا محمد.
أغلقت الهاتف وعلى وجهها ابتسامة جميلة، فهي مجرد أن سمعت صوته شعرت بسعادة كبيرة وحماس لإكمال مذاكرتها.
♥️______🌹بقلمي ليلة عادل🌹______ ♥️
_في أحد الكافيهات، ١م
_نشاهد شروق وخطيبها عمرو وهما يجلسان على أحد الطاولات يتبادلان الأحاديث ويحتسيان العصير.
شروق:
_ هي كلمتني من شويه وقالت لي إنها خلاص دخلت تعمل الإنترفيو مع والد محمد بنفسه، مش حتى السوبر فايزر.
عمرو وهو يحتسي العصير:
_ أكيد هيقبلوها، هي شاطرة وبتقولي إن محمد ده صاحبها اوي، أكيد وصى عليها أبوه.
شروق:
_ بس الشركات اللي زي دي ما فيهاش توصية.
عمرو:
_ أي مكان فيه توصية، أنتِ في مصر يا حلوة.
شروق:
_ طب المهم كلمت صاحبك، عايزين بقى نخرج الخروجة الجاية ويبقوا معانا، نفسي افرح بيها اوي.
عمرو وهو يحك رأسه بخجل قليلًا:
_بصي أنا وريته صورها ما عجبتوش، يعني قال لي تخينة ومش حلوة.
شروق بضيق:
_ هو حكم عليها كده من شكلها بس؟! إيه السطحية دي، (بضعف) طيب ما قلتلوش إن هي محترمة وفي كلية هندسة، وبتطلع الأولى على الدفعة كل سنة، ما قلتلوش إن هي ذكية وطيبة جدًا وغلبانة وجدعة، طب ما قلتلوش إنها حافظة قرآن وما بتسيبش فرض.
عمرو بعقلانية:
_مش محتاج أقول له كل ده، ومش هقول لك تاني معظم الشباب ما بتحسبهاش كده، معلش صاحبتك مش هتكون البنت الوحيدة اللي ذكية وشاطرة ومحترمة، ما في بنات كتير شكلهم حلو وأذكياء ومحترمين بردو، الولد من دول بيحسبها بيقول اخذ واحدة حلوة ومحترمة وذكية، ولا اخذ واحدة مش حلوة وذكية.
شروق بحدة:
_ على فكرة هي مش وحشة كده، منة قمورة.
عمرو:
_ وأنا مقصدش إن هي وحشة، بالعكس منة شكلها حلو ولبسها شيك جدًا، هي بس عشان جسمها مليان مع طولها مخليها صعبة اوي، غير النظارة مكبراها مدياها سن أكبر منها، ما تحاولي تخليها تخس شويه، ولما تخس ملامحها هتبان وتقلع النظارة وتلبس عدسات، وخدي بالك في رجالة كثيرة ما بيحبوش البنت التخينة، أنا منهم.
شروق تنهدت:
_هي حاولت كتير، بس مش عارفة، أصل تخنها مش أكل بس.
عمرو:
_يمكن محاولتش كفاية؟
شروق:
_ لا، حاولت والله، بس زي ما قلت لك مش أكل بس، كمان حاجة في الجينات، أما موضوع النظارة ده هي ما بتعرفش تلبس عدسات خالص، حاولت ومنفعش، حتى يا روحي حاولت تعمل ليزك الدكتور قالها القرنية عندك ضعيفة ممنوع تعمليها، أنت عارف يا عمرو أحلى حاجة في منة إن هي شايفة نفسها حلوة اوي، وما عندهاش مشكلة في شكلها ولا في جسمها، عندها ثقة في النفس ما عنديش نصها، بس أمها أعوذ بالله عليها أم ولا مرات الأب، بتقول لها كلام صعب اوي، هو ده اللي بيزعلها وبيخليها تتأثر وتضعف.
عمرو:
_ الثقة في النفس هي أهم حاجه بتميز البنت، إن شاء الله ربنا يكرمها بحد كويس، وأنا برده هشوف حد تاني من صحابي، أنا بس بدور لها على الناس المحترمة، مش عايز أجيب لها أي حد.
شروق:
_ إن شاء الله هتلاقي.
عمرو:
_ بعدين هي مش معجبة بزميلها اللي اسمه محمد؟
شروق:
_ اها، بس أربع سنين عدو مفيش أي خطوة منه لحد دلوقت، المهم أنت شوف حد كده محترم نفسي افرح بيها.
♥️_____🌹بقلمي_ليلة عادل 🌹_____♥️
_شركة رسلان جروب للمقاولات، ٢م
_مكتب مدحت رسلان.
_نشاهد منة وهى تجلس على مقعد الأمامي للمكتب، وكان يجلس أمامها محمد ومدحت رسلان خلف مكتبه.
مدحت وهو يقلب في الأوراق بعمليه قال:
_ أنتِي ممتازة يا منة، أصلًا من كلام محمد عنك وتقديراته اللي اختلفت كنت واثق إنك ممتازة، ممكن من بكرة تبدأي معانا.
منة بهدوء وثبات:
_ثانكس يا فندم، إن شاء الله هكون عند حسن ظنك.
مدحت نظر لها :
_ أنتِي هتكوني تحت التدريب لحد ما تتخرجي ونشوف الشغل النظري ده عملي.
منة بابتسامة:
_ تمام.
مدحت وهو ينظر نحو محمد:
_محمد خد منة فرجها على الشركة ووريها مكتبها.
تبسم محمد وحرك رأسه بإيجاب وهو يقول:
_منوش يلا.
وقفت منة باحترام وهي تقول:
_ بعد إذن حضرتك يا مدحت بيه.
_وبالفعل أخذها محمد لكي ترى مقر الشركة، يعرفها على المهندسين والموظفين الذين ستعمل معهم بالقسم الذي ستتدرب به.
_بعد الانتهاء من الجولة مع ذلك الوسيم أخذها حيث مكتبه، مده يده لها وأشار على المقعد أمام مكتبه وهو مبتسم لتبادله الابتسامة، وتسير أمامه وتجلس على المقعد، تحرك هو بخفة وجلس على مقعده خلف المكتب وقال:
_ ها ايه رأيك في الشركة؟
منة بدهشه من سؤاله:
_ رأي في إيه؟ هو في حاجة ممكن تتقال، ما شاء الله شركة تجنن.
نظرت له بامتنان واكملت:
_حقيقي يا محمد ميرسي إنك وثقت فيا وادتني فرصة، يعني أنتَ قطعت عليَّ رحلة طويلة اوي من البحث عن شركة، ومكان اشتغل فيه، أنت فاهم إن حلم أي مهندس لسه مبتدئ إنه يشتغل في شركة كبيرة زي شركة والدك أو حتى أي مكان يكون كويس، أنتَ عارف فرص الشغل دلوقتي بقت قليلة، حقيقي مهما شكرتك مش هقدر اوفيك اللي عملته معايا، واوعى تقلق أنا هشرفك قدام والدك، وعد إني مش هخذلك ولا أنت ولا والدك.
تبسم محمد بتقدير وقال:
_ منة لازم تفهمي حاجة واحدة، أنا معملتش أي حاجة، أنا كل اللي عملته كلمت بابا عنك واخدت cv بتاعك وقدمته له، وهو شاف قد ايه أنتِي شاطرة وموهوبة، والشغل اللي اتطلب منك وإنتي نفذتيه هو اللي خلى بابا يوافق، مش عشان خاطري، أنا كنت سبب صغير، لكن شطارتك هي السبب الأساسي، وحابب أوضح لك نقطة بسيطة، الشركات اللي زي بتاعة بابا ما لهمش في الواسطة، شطارتك بس الفيصل، يعني أنا مش عايزك تعتمدي خالص على صداقتنا، هتاخدي على شطارتك باستمرارك في الشركة هنا هتبقى عليكي.
منة:
_ أنا فاهمة ده كويس يا محمد، بس أنا أقصد من كلامي، أنا الوحيدة من الشلة اللي كلمت والدك عني.
محمد بابتسامه جميلة:
_ عشان أنتِي مش أي حد عندي يا منة، أنتِي مش عارفة أنتِ غالية عندي قد ايه وقيمتك عندي ايه.
منة بمرح:
_طبعًا عارفة يا صديقي.
ضحك محمد:
_ يبقى خلاص بطلي حساسية، عاوز ضحكتك الحلوة دي دائمًا تكون منورة وشك.
تبسمت له، مرر محمد عينه عليها وأكمل بابتسامة:
_هو أنا قلت لك إن الفستان عليكي حلو اوي، يعني مخليكي جميلة، شكلك مختلف البسي فساتين على طول بيخلوكي حلوة.
منة بتعجب:
_ بتهزر صح؟! ده ماما وأولاد عمي بيتريقوا عليَّ، بيقولوا الفساتين وحشة جدًا عليكي بيخلوكي تخينة.
محمد بتعجب وهو يعقد حاجبيه:
_ والله العظيم ما بيفهموا، بالعكس حلوين جدًا، والبنات اللي بيكونوا في جسمك الفساتين بتكون أجمل عليهم، ما تسمعيش كلامهم، اسمعي كلامي أنا، لما اقولك إنه حلو صدقيني هو بيبقى فعلًا حلو.
هزت رأسها بإيجاب بابتسامة رقيقة، أكمل محمد:
_ أنا دلوقتي هطلب لنا كوبايتين نسكافيه، ونشربهم ونبدأ نتكلم في الشغل، تمام.
ابتسمت له منة:
_ تمام.
بقلمي_ ليلة عادل(ʘᴗʘ✿)♥️
_منزل منة، غرفة نوم منة، ١٠م
_نشاهد منة وهي تقوم بالمذاكرة، وكان يأتي من خارج الغرفة صوت التلفاز وهو عالي على أحد الأفلام، وضحكات أشقائها ووالدتها وحديثهم، تنهدت بضيق وحاولت التركيز فيما تقوم به، لكنها لم تستطع بسبب هذا الصوت، نهضت وتوجهت إلى الخارج.
منة بهدوء:
_ مروة لو سمحتي وطي شويه، مش عارفة أذاكر.
مفيدة:
_ التلفزيون واطي.
منة باستغراب:
_ واطي ازاي؟ ده عالي جدًا اسمعوا على قدكم، عندي امتحان بكرة.
مفيدة بتهكم:
_ هي امتحاناتك دي ما بتخلصش؟!
منة:
_ هتخلص يا أمي، خلاص هانت، ممكن بقى توطي شويه.
مفيدة:
_ منة بقولك ايه متقرفيناش وتنكدي علينا، قولتي عايزة أوضة لوحدي عشان ابقى على حريتي، أبوكي عملك أوضة لوحدك، وزنقنا كلنا في أوضتين والصالة، سبينا براحتنا بقى، ادخلي الأوضة اللي أنتِي عايشه فيها لوحدك وسبينا، إيه مش مكفياكِي يا أختي كمان عايزة تخنقينا في قعدتنا؟!
منة تنهدت بتعب وقلة حيلة:
_ طيب، حاضر.
دخلت إلى الغرفة باختناق وجلست، أخذت تكمل ما تقوم به.
بقلمي_ليلة عادل 。◕‿◕。🌹
(خلال فترة)
_نشاهد منة وهي تؤدي امتحاناتها، والعمل في شركة رسلان تحت التمرين، كانت تحاول أن تثبت نفسها في عملها، وكان المشرفين عليها معجبين بمهارتها جدًا.
_جامعة القاهرة ٢م
_نشاهد منة تخرج من مبنى الامتحانات، كان يقف في الخارج محمد ومعه يُسر وواحد من أصدقائهم.
منة وهي تقترب منهم:
_ هاي، ها عملتوا ايه؟
محمد:
_ كان كويس، وأنتِي طمنينى عليكي، اتاخرتي ليه؟
يُسر:
_ هي دي حد يطمن عليها؟
محمد:
_ سبيك منها يا منوشة، ها؟
منة:
_ أنت عارف بحب اطلع آخر واحدة، أخيرًا خلصنا، مش مصدقة.
محمد:
_ لسه مشروع.
منة:
_ أنا مش قلقانة.
يُسر:
_ طبعًا، ما أنتِي الأولى على الدفعة زي كل سنة.
منة:
_ إن شاء الله يا رب، طب أنا همشي بقى عشان الشغل.
محمد:
_لا فكك، النهار ده أنا استأذنت لك، هنخرج كلنا سوا عشان عندي مفاجأة ليكم جامدة، يلا على العربيات.
'''~_* روايه أمنيات وإن تحققت♥️🥀
بقلمي_ليلةعادل✍️ 🌹*_~'''_~
الفصل الثاني
_في أحد مطاعم المشويات الكبيرة، ٤م
_نشاهد منة ومحمد وأصدقائهما يجلسون على إحدى الطاولات.
أحد أصدقاءه ويُدعى مختار:
_ احنا مستنين ايه؟
محمد بابتسامه مشرقه:
_ حد كده، اصبر شويه.
منة بمزاح وهي تضحك:
_مختار جعان هيكلنا.
مختار:
_ والله ما فطرت.
ارتسمت على شفتي محمد ابتسام جميلة، توقف وهو ينظر أمامه وهو يقول:
_ خلاص إفراج، أتأخرتي ليه؟
التفتت منة برأسها تجاه نظرات محمد باستغراب، كانت هناك فتاة جميلة ذات ملامح في غاية الجاذبية تقترب حتى توقفت امامه الطاوله.
إيمي بتفسير:
_ الطريق زحمة.. سوري.
التفت محمد وتوقف بجانبها وهو يقدمها لهم:
_ أحب أعرفكم على إيمي.. (نظر لها بعشق).. خطيبتى.
إيمي:
_ لا، إحنا اتفقنا لما الشهادة تظهر وتنجح وتجيب تقدير.
محمد بثقة:
_ متقلقيش امتياز مع مرتبة الشرف أنا وعدتك.
فور أن استمعت منة لتلك الكلمات، شعرت بغصة أصابت قلبها وهزت جسدها، لكنها تمكنت من إخفائها ببراعة، فهي فتاة قوية.
منة بنبرة مهتزة إلى حد ما:
_ هي دي بقى اللي كانت شغلاك الفترة اللي فاتت.
إيمى وهى تشير باصباع يدها:
_ أنتِي اكيد منة، محمد مش بيبطل كلام عنك.
منة:
_اتمنى يكون كلام كويس.
إيمي:
_كويس لدرجة إني كنت بغير.
منة بوجع مبطن:
_ لا متغيريش، محمد أكتر من صديق بالنسبة لي، هو زي مهاب أخويا (نهضت) هروح التويلت، اطلبوا لي أنتم.. عن إذنكم.
تحركت منة مسرعة قبل أن تفضحها دموعها التي كانت على وشك السقوط والوجع الشديد الذي ملئ قلبها، فهي كانت تتمنى أن تنال فرصة مع محمد، لكنه لم يحبها يومًا وما عاشته كان مجرد حب من طرف واحد ليس إلا، فكل شيء تمنته وحلمت به أصبح سرابًا.
وأثناء تحركها قالت إيمي بنبرة منخفضة.
إيمي:
_ ليكِ حق تقولي متغيريش منها هههههه.
يُسر بسخرية:
_ قلت لك منة تختخ ميتغرش منها، اعتبريها زي صاحبهم، ههههههه، معرفش محمد مصاحبها على إيه.
إيمي بتهذيب وهي تضحك:
_ بس عيب حرام.
محمد بضيق:
_اقعدي يا إيمي، وأنتِ بطلي تتكلمي عنها كده، عشان حقيقي المرة الجاية ردي مش هيعجبك.. خلاص.
مختار:
_ صلوا على النبي يا جماعة.
_المرحاض
_دخلت منة المرحاض وقلبها يتأوه من الالم، توقفت أمام المرآة وهي تنظر لنفسها بوجع يفطر فؤادها ويهزم كيانها الأنثوي، وهنا سمحت لدموعها أن تتساقط بغزارة لكي تُهدئ من ذلك الضجيج الذي يحدث بداخلها الآن..
أخذت تبكي بحرقة على حالها وعلى حال قلبها الذي لم تتحقق أحلامه يومًا.
ثم قالت منة بصوت ووجع خَنق صوتها وهي تنظر فى المرأه:
_طلع ما بيحبكيش، طلعتي مغفلة يا منة، هيحبك ليه عشان جدعة معاه!!! مش هتكوني البنت الوحيدة اللي جدعة معاه، شوفتي أختار مين عشان يتجوزها! شوفتي شكلها! شوفتي جسمها! مش أنتِي، بنظرتك وشكلك وجسمك، محمد هيبصلك على ايه؟ هو العاديين رضوا بيكي عشان اللي من عينة محمد يرضى بيكي؟ بس أنا مش وحشة اوي، وربنا اللى خلقني كده، اعمل ايه؟ طب هو ليه محبنيش؟ يعني كل اللى حلمت بيه وعشته كان وهم! طب أنا هعمل ايه دلوقتي؟ خلاص بقى ليه واحدة تانية، حياة تانية، مش هيبقى في محمد في حياتك تاني يامنة، حتى لو هيفضل بس خلاص هيبقى بحدود، حتى لو هيفضل زي ما هو، أنتِي لازم تحطي حدود وتبعدي عشان متتوجعيش اكتر من كدة، أنا خايفة يفهموا حاجة واتفضح قصادهم، خصوصًا العقربة يُسر دي ما بتسترش، أنا لازم امشي، بس ازاي؟؟ هقولهم إن ماما كلمتني، ومحمد عارف ماما وطريقتها، مش هيشك، اجمدي بس الحبة دول.
أخرجت أنفاس ساخنة ومسحت دموعها وتبسمت ابتسامة عريضة بقوة وثقة ذايفه، وخرجت إلى الخارج بتلك الابتسامة القوية المزيفة.. وجلست معهم.
منة بمرح كاذب:
_ ها طلبتوا الأكل؟
محمد:
_ اممم طلبت لك ريش زي ما بتحبي ورز.
منة:
_ميرسي.. ها قولوا لي بقى عرفتوا بعض ازاى؟ وازاي متحكليش كل ده يا ندل؟!
محمد بتوضيح:
_ يا بنتي ده الموضوع لسه طازة، قبل الامتحانات بأسبوعين تقريبًا، وأنتِي كنتِ مشغولة في المذاكرة وفي مشروع التخرج، ما حبتش اوجع دماغك، الموضوع اتحول بسرعة ما أنا حكيت لك لما اتعرفت عليها، وقولتك اتعرفت عليها ازاي، كان في عيد ميلاد بسنت أختي، بس اعمل ايه ايمي من اول ما شفتها رمت الشبكة وأنا اتشبكت بسرعة، وحبيت اعملها لك مفاجأة عشان تفرحي لي.
منة وهي تحاول مسك دموعها وتسيطر على ألمها:
_ حقيقي فرحت لك من قلبي، أنت تستاهل كل خير.
أمسكت هاتفها وتصنعت أنه يرن:
_ دي ماما، الو ماما، عاملة ايه؟ تمام.. كان لطيف.. مع اصحابي بنتغدى عشان يعني النهار ده آخر يوم في الامتحانات.. ايه.. يا ماما عشان خاطري خليني بس اقعد معاهم شويه.. في إيه طيب.. براحة.. خلاص حاضر، أنا جاية خلاص.. والله جاية.. سلام.
نظر لها محمد وهو يتساءل:
_ ايه قفشت عليكي؟
منة وهي تنهض زمت شفتيها ووجهها بضيق:
_معلش تتعوض إن شاء الله، كان نفسي اقعد معاكي واتعرف عليكي يا إيمي واعرف ازاي شبكتي قلب محمد، بس مرة تانية، عن إذنكم.
تحركت مسرعة قبل اكتشاف أمرها.
أثناء خروجها رفعت هاتفها وقامت بعمل مكالمة:
_ الو، شروق أنتِ فين؟ طيب جيالك سلام.
_جزيرة المعادي، ٥م
_نرى منة وصديقاتها حنين وشروق يجلسن، وكانت منة تبكي وعيونها حمراء ووجهها مبلل من الدموع.
منة بدموع:
_ ما قدرتش أتمالك نفسي أكتر من كده، ومشيت وجتلكم، أنا موجوعة اوي.
شروق وهي تحتضنها وتهدئها:
_ طيب اهدي، معلش، متزعليش يا حبيبتي.
حنين بهدوء:
_ منة ممكن تهدي وتسمعيني، أنا عارفة إن حدود علاقتنا ما تسمحش باللي أنا هقولهولك ده، بس أنا هسمح لنفسي إني اقولك لأني بعزك جدًا وإنك تهميني فأتمنى إنك تسمعيني وما تفهميش كلامي غلط.
مسحت منة دموعها وهي تعطيها انتباهها:
_ متقوليش كده يا حنين، إحنا أخوات وأصحاب، حتى لو ما بنتكلمش كتير، بس مستحيل أفهمك غلط، بالعكس أنا بيهمني رأيك جدًا وبثق فيه.
حنين بعقلانية:
_ أولًا أنا حاسة بيكي ومقدرة الحالة اللي أنتِي فيها، وعارفة إن كلامي هيكون شديد عليكي، وإن المفروض اخدك في حضني واطبطب عليكي، بس أنا لو عملت كده هبقى بساعدك إنك تتعايشي مع الوهم، يعني ده لو كان حب حقيقي كنت عملت كدة بس ده مش حب.
نظرت لها منة وهي تضيق عينيها بتعجب:
_ مش حب ازاي؟!
حنين بجديه اكثر :
_ اه مش حب، ده تعلق، القصة كلها إنك يا منة مفتقدة الحب والاحتواء والعاطفة في حياتك، للأسف أنتِي اتعرضتي للرفض والسخرية من أقرب الناس ليكي، اللي هما أهلك فلاقيتي عكس كل ده من محمد لاقيتي المحبة والاحتواء والمساعدة والتشجيع، لاقيتي سند يقف في وش أي حد يضايقك، لاقيتي حد حسسك إنك إنسانة وعندك مشاعر وتستاهلي تتحبي، لاقيتي حد يسمعلك ويهتم بيكي، هو كان بيقدملك ده من باب الأخوة والصداقة أو الإنسانية، بس أنتِي فسرتيه ده إنه بيحبك واتعلقتي بيه، وحبيتي الحالة اللي هو عيِّشك فيها، وفسرتي مشاعرك إنها حب للشخص ذاته، مش المشاعر اللي هو بيديهالك، يعني حتى أنتِي مش بتحبيه.
شروق:
_ بس هو الحب ايه غير كده؟! الحب الغير مشروط ده خيال، الحب لازم يكون فيه عطايا.
حنين بتوضيح:
_ أكيد طبعًا الحب الغير مشروط ده خيال، وما ينفعش يكون على أرض الواقع، بس العطايا دي تكون بعد ما أنا أكون مؤمنة إنه شخص فيه الصفات اللي أنا عايزاها أو صفات تخليني أشوفه ينفع إنه يكون شريك حياتي ولا لأ، ومش أي شخص يتصرف معايا بلطف ويقدملي أشياء جميلة، سواء مادية أو معنوية يبقى بيحبني وعايزني شريكة حياته، لأني قُلت ممكن بيقدم ده من باب الأخوة أو الصداقة، أو حتى الشفقة، ممكن أقدم نفس المعطيات لأشخاص مكانة كل واحد فيهم عندي تختلف عن التاني، يعني ممكن أنا أساعدك وأشجعك وأدافع عنك وأهتم بيكي من باب الصداقة، وممكن أعمل نفس الحاجات مع أختي أو أخويا من باب الأخوة، وأعملها مع جوزي من باب إنه شريك حياتي، وموضوعك يا منة خير دليل على ده، كل اللي كان بيعمله محمد معاكي، اللي أنتِي فسرتيه إنه حب، كان بيقدمه على إنه من باب الصداقة، ما ينفعش نفسر مشاعر الناس بناءً على تصرفاتهم، وسكوت محمد كان المفروض يكون دليل كافي إنه يثبت لك إن اللي بيعمله ده مش حب، يعني مثلًا لو كان بيحبك وعايزك شريكة حياته إيه اللي يسكته كل ده؟! هو شخص اللهم بارك مقتدر ماديًا كان على الأقل صارحك علشان يضمن إنك ما تتخطبيش لغيره، إيه اللي يسكته أربع سنين بحالهم، وكمان كل اللي أنتِي حكيتيه عن محمد هي الحاجات اللي هو بيعملها معاكي، ما ذكرتيش أي ميزة فيه! أنتِي معمية عن مميزاته وعيوبه، كل اللي أنتِي شيفاه تصرفاته معاكي وبس، وده يثبت لِك كلامي إنه تعلُّق مش حب، وللأسف حالة الجوع والعطش العاطفي اللي أنتِي بقيتي فيها، أهلك هما السبب فيها بنسبة كبيرة، يعني لو كانوا هما اللي بيدوكي المشاعر دي ما كنتيش وقعتي في الفخ ده، والأهم من كل ده تظهر حكمة ربنا عز وجل في تحريمه للاختلاط بين الرجل والمرأة بدون داعي، ولو هيبقى في تعامل يكون للضرورة وبحذر؛ لأن عدم الاختلاط حفظ للقلوب زي ما هو حفظ للفروج، يعني لو كنتِ من البداية اتعاملتي بحذر معاه ما كنتيش بنيتي حياة مع شخص على وهم، وهم إنه بيحبك ووهم إنك بتحبيه، وفجأة الواقع يهدم الحياة دي في لحظة، وزي ما قال الدكتور ياسر الحزيمي أي علاقة بدايتها مش بترضي ربنا نهايتها مش بترضيك.
منة ببكاء:
_ بس أنا فعلًا موجوعة، مش معقول الوجع ده مش حب.
حنين:
_ طبيعي ده من آثار الصدمة ووجعك ودموعك مش علشان محمد ذاته، أنتِي موجوعة لأنك عارفة إن خلاص مش هتاخدي المشاعر اللي كنتي بتاخديها منه تاني، مش هتعرفي تعيشي الحالة دي معاه تاني، بحكم إن مسيركم تتخرجوا وتبعدوا عن بعض، وإنه هيبقى مشغول في حياته ومع زوجته وأولاده إن شاء الله، فمش هيبقى مهتم بيكي زي الأول، مثال المدمن بيقعد يدور على الديلر ولو مالقهوش بينهار، هل ده علشان سواد عيون الديلر؟؟ ولا علشان هو عايز منه الجرعة بتاعته؟ وأنتِي كده، منهارة علشان أنتِي متصورة دلوقتي إنك مش هتلاقي حد بعده يديكي جرعة الاحتواء والحب والتشجيع والدعم والسند غيره، بس الحقيقة إن ده وهم تاني، هتخلقيه جواكي وده هيزيد من حزنك وهيكون سبب كبير إنك تفضلي عايشة في حالة الحزن وقت أكبر عن اللازم، أنتِي بكرة هتلاقي الشخص اللي فعلًا هيحبك ويقبلك زي ما أنتِي ويقدم لك المشاعر دي، بس وقتها هتكوني واقفة على أرض صلبة عارفة موقعك في حياته ومتأكدة إنه بيقدمها لك من باب الحب وإنك شريكة حياته.. فهماني؟
منة وهي تمسح دموعها بوجع يعصف بها تسائلت:
_ بس ازاي اقدر اتعافى من الألم ده وانساه؟
حنين:
_ أول حاجة إنك ما تعانديش مشاعرك علشان لو عاندتيها مش هتعرفي تتخلصي منها، ازعلي وعيطي، وبكده هتقدري تتعافي منها، بس وأنتِي بتخرّجي المشاعر دي مش هتفضلي مكانك بتبكي وبس، أنتِب هتدرسي وهتشتغلي وهتقرئي وهتخرجي وتتفسحي وتاخدي كورسات، أما إنك تنسي تمامًا لا مستحيل، دكتور مينا جورج هو طبيب نفسي كان بيقول فيما معناه أنت لو أكلت محشي ومكرونة وفراخ هتنسى، بس جسمك مش هينسى إنك أكلت أكل مش صحي، الوجع بيتخزن في ذاكرة نفسيتك مهما حاولت تنساها، وعلى فكرة دي حاجة حلوة إنك ما تنسيش لأنك لو نسيتي هترجعي تكرري نفس الغلطة تاني، اعتبريه اللي حصل درس ليكي إنك تتعلمي إنك أنتِ تحبي نفسك وتحتويها وتشجعيها وتقدمي لها الدعم والتقدير، علشان لو جه شخص حتى لو كان زوجك يديكي الحاجات ويمنعها عنك ما تتعبيش، وتتعلمي إنك ما تتعلقيش ببشر؛ لأن مفيش في الدنيا علاقة هي أمان تام غير علاقتنا بربنا عز وجل، وخلي في مساحة آمنة بينك وبين أي شخص في حياتك علشان قلوب البشر بتتغير بين يوم وليلة، حبي نفسك وشجعي نفسك بنفسك يامنة، ما تستنيش من حد يكون هو الداعم ليكي، ويسمعك كلام حلو، زي ما قلت لك محدش مضمون، اللي معاكي النهار ده ممكن ميكونش معاكي بكرة، مش عشان هو ندل، بس ممكن الظروف تحكم إنه ميكونش معاكي زي الأول، أو ممكن يموت، ساعتها هتعملي إيه؟ هتعيطي وتنهاري، وهتعيشي الوِحدة بتاكل فيكي! لكن لو بقيتي سند نفسك بنفسك وداعم لنفسك، مش مستنية من حد أي حاجة، وتقولي أنا قوية بنفسي وهسند ظهري بنفسي، وإن كل اللي حواليا مجرد مراحل، وجودهم مهم، بس عدم وجودهم مش معناه أبدًا سقوطي وانهياري، صدقيني هو ده اللي لازم تعمليه.
مسحت منة دموعها ونظرت لها وهي تهز رأسها بنعم، قالت بتأييد:
_ أنتِي عندك حق في كل كلمة قولتيها، أنا مكنش ينفع ابقى بالضعف ده وبالاحتياج ده، فعلًا ممكن يكون كل اللي أنا فيه ده مكنش حب، أنا مش هنكر إن أنا لسه ما اقتنعتش بالجزء إني مكنتش بحبه، بس أنا برضو حاسة إن كلامك صح في النقطة دي، أنا فعلًا أول حاجة فكرت فيها أنا هعمل ايه لما هو يبعد عني، وجعي مكنش عشان إنه قالي إن هو خلاص هيخطب، وبقى مع واحدة ثانية، قد ما أنا زعلت إن كل اللي كان بيعمله معايا بنسبة كبيرة هفتقده؛ لأنه أكيد هيحترم مشاعر الست اللي هيبقى معاها ويتغير ويبقى معاملته بحدود، أنا كمان لازم أحط حدود عشان ما اتوجعش كل أما أشوفه معاها، ربنا يقويني
بوجع خنق صوتها وبعيون اغرورقت بالدموع:
_ أقول لكم حاجة يمكن ما ينفعش أقولها، في جزء كبير كان عشان هو الوحيد اللي بيحسسني إن أنا ست حلوة، وإن في راجل بيكلمني، في راجل شايفني، بيسمّعني كلام حلو، بيسمعني كلمة أنتِي قمر وبسمع كلمه منوش من صوت راجل، مش من واحدة صاحبتي، بسمع أنتِي شكلك حلو النهار ده من راجل مش من صاحبتي، أنا عمري ما حد قالي أنتِي حلوة ولا عمري راجل كلمني ولا شافني من الأساس، كأني مليش وجود، والأجمل من كده اللي بيقول لي الكلام ده.. محمد رسلان اللي كل البنات الجامعة معجبة بيه.
حنين وهي تربت على يديها:
_ ما أنا قلت لك كل اللي أنتِب فيه ده كان احتياج عاطفي، مش حب، بكره هتلاقي اللي يحبك بجد، منة أنتِي زي القمر، كون إن مفيش راجل لحد دلوقتي قدم لك حبه، فده حاجة ما تعبكيش، طب ما أنا كمان اهو، والله أنا كمان محدش جه قال لي قبل كده إن هو معجب بيا، ما بزعلش عادي، عشان أنا متأكدة إن ربنا شايل لي حاجة حلوة اوي، هتكون عوض كبير ليا، وأنا متأكدة يا منة وهتيجي في يوم تقولي لي يا حنين كلامك صح، ربنا هيعوضك بحاجة حلوة اوي، عشان أنتِي حلوة اوي والله العظيم، أنتِي جميلة، ولازم تثقي في نفسك، إنك بنت جميلة من جوه ومن بره.
شروق حاولت المزاح وتغير مجرى الحديث لتخفيف الأمر:
_ طبعًا منة قمراية، وبعدين يعني أنتِي مش فايتك كتير، أقسم بالله دول يفرسوا، رجالة ايه!! السنجلة دي متعة، خدي يا أختي عمرو هيطلع عين اللي جابوكي ويكرهك في عيشتك، رايحة فين، جاية منين، لا ما تروحيش، لا ما تعمليش، يــا أختي أنتِي ربنا نجدك.
منة:
_ أصلًا علاقتكم دي أصلًا غلط، هو ملوش حق أصلًا يقول لك رايحة فين، وجاية منين، غير لما يتجوزك، أبوكي اللي ليه الحق ده وبس، أقولك ايه أنتِي اللي متخلفة.
حنين بتأييد:
_ ايوه صح، على فكرة شرعًا الخطيب ملهوش الحق إنه يسمح لخطيبته بالخروج أو الطلوع بإذنه، ولي أمرك بس اللي له كل الحق، لكن بنات الأيام دي يا بنتي محتاجين إعادة كتالوج في دماغهم، حتى الشباب، لأنهم بيديهم حق بالحاجات الغلط واللي تغضب ربنا، بتتعامل مع خطيبها على إنه جوزها.
شروق:
_ بقول لكم ايه! هو أنتم هتخلصوا من أحزانكم سوا وهتطلعوني مسرح؟ أنا جاية اروق على نفسي، سيبوني في حالي أنا عندي امتحانات أنا تجارة english .
منة بلطف:
_ ربنا معاكي يا حبيبتي، ويهدي لك عمرو، شكرًا يا بنات بجد، أنا مش عارفة من غيركم كنت هعمل ايه، شكرًا يا حنين على كلامك ما تتصوريش أنا قد ايه كنت محتاجة لكلامك ده، قد ايه وريحني اوي، بقول لك ايه يا حنون، ممكن ترشحي لي كم كتاب كده وأنا مروحة اجيبهم من المكتبة، عشان أخرج من المود اللي أنا فيه ده بسرعة.
حنين بابتسامة:
_ أكيد.
_منزل منة، ٦م
دخلت منة من باب الشقة، وكان يجلس أشقائها ووالدتها في الصالة مثل العادة، ألقت عليهم السلام
منة:
_ السلام عليكم.
ردوا عليها:
_ عليكم السلام.
لكن لم يهتم أحد أن يسألها عما فعلته في الامتحان كالعادة أو ما بها.
منة:
_ أنا هدخل أنام.
_دخلت إلى غرفتها وقامت بخلع الحجاب ووضعته على الفراش وحقيبتها، توقفت أمام مرآة الخزانة، ونظرت إلى نفسها في المرايه وتذكرت ما حدث معها وما قالته لها حنين، أخذت تُمعن النظر في ملامحها وكل ما مرت به، فهي حتى الآن لم تستطع نسيان ما حدث، ما زال الوجع يأكل داخلها بدأت الدموع تملأ عيونها بضعف.
نظرت لنفسها باستغراب وقالت بنبرة حادة:
_ أنتِب بتعيطي ليه؟ زعلانة ليه؟ حنين عندها حق في كل كلمة قالتها، هو عمره ما وعدك بحاجة، ولا عمره لمح لك بحاجة، أنتِي اللي عيشتي الكدبة لوحدك، عيشتى الوهم، فوقي من العبط اللي أنتِي فيه، محمد عمره ما فكر فيكي، ولا هيفكر فيكي، أنتِي بالنسبة ليه مجرد أخت، مجرد صديقة مش أكتر، ممكن يكون كلام حنين صح إن أنتِي كنتي محتاجة له لأن مفيش غيره ويمكن لو كان في غيره مكنتش اتعلقت بيه كده، ما علينا حب ولا تعلق ولا أيًا كان المسمى بتاعه مش مهم، المهم النهاية هو بقى لواحدة ثانية، فلازم أفوق ما ينفعش أفضل زعلانة، بعدين عادي، ايه يعني أنا لسه صغيرة، لسه هقابل ناس كتير، أكيد بكرة هقابل واحد يحبني وأحبه، واللي لازم دلوقتي أفكر فيه وأركز فيه، هو شغلي، ومستقبلي، لازم أنجح وأثبت لوالد محمد إني قد ثقته وقد المكان اللي شغلني فيه، حب ايه بس!! احنا الحب مش بتاعنا، بتاع ناس تانية، فوقي يا منة، فوقــي.
مسحت دموعها وخرجت للخارج وعادت، بدأت بخلع ملابسها وارتداء إسدال الصلاة، وبدأت تقوم بالصلاة، جلست وهي تدعو ربها وتقول:
_ يا رب قدرني إني أعدي المرحلة دي بخير، أنا تعبانة أوي يا رب، أنا ما ليش غيرك، قويني لو كان حب خرجه من قلبي، ولو كان تعلق خليني أنساه، وأعرف أعيش، أنا مش عارفة، أنا لسه محتارة، مش فاهمة ايه اللي داير جوايا، كل اللي قادرة أفهمه وأحسه ومتأكدة منه إني موجوعة، هون عليَّ الوجع، وقويني يا رب وقدرني إني اتخطى كل الوجع ده، وكل الحيرة دي، وارزقني بالزوج الصالح اللي يحبني ويساعدني ويكون خير ليا وأهدي أمي وأخواتي عليَّ يا رب العالمين.
(بعد وقت)
_منزل منة، ١٢ص
_نشاهد منة تتمدد على الفراش وهي تقرأ أحد الكتب النفسية، تحاول أن تكون قوية وأن تنسى كل شيء حدث وأن تسند نفسها بنفسها.. طرق الباب ودخل الأب.
الأب:
_ منة.
نظرت له بابتسامة وهي تقول:
_بابا.
عدلت من جلستها ونظرت له باهتمام وهي تضع الكتاب بجانبها:
_ لسه راجع من الشغل؟
الأب:
_اه.. ها عملتي ايه في الامتحان؟
منة:
_ الحمد لله.
الأب:
_خلصتي كده؟
منة:
_ فاضل مشروع التخرج.
الأب:
_ على خير، ها هتطلعى الأولى ويعينوكي أستاذة في الجامعة.
منة وهي ترفع عينيها لأعلى:
_ يا رب يا بابا يا رب، بس عارف يا بابا أنا مش حابة أتعين في الجامعة، عجبني إني أشتغل في الشركة بتاعة أبو محمد زميلي اللي أنا كنت بحكي لحضرتك عنه، هو اللي جابلي الشغل في الشركة بتاعتهم، شركتهم كبيرة، لو ربنا كرمني وركزت في ظرف سنتين ثلاثة هيبقى معانا فلوس كويسة، وهبيض الشقة وأغير العفش وأجيب لنا عربية حلوة بإذن الله وأساعدك في جهاز أخواتي البنات، يعني لو كانوا لسه ما اتجوزوش.
الأب:
_ إن شاء الله يا بنتى ربنا يحقق لك كل حاجة بتتمنيها، ويخليكي لينا، قوليلي أمك لسه بتضايقك؟ متزعليش يا منة أنا عارف إن هي بتزعلك كثير، بس هي أمك ومحدش هيحبك قدها، نفسها تفرح بيكي بس هي جاهلة مش فاهمة هي بتقول ايه، بس أنا والله العظيم بكلمها كتير، بس ميصحش إن أنا ازعق لها قصادك، بس أنا والله اتكلمت معاها فمش عايزك تزعلي.
منة بأسف:
_ والله يا بابا أنا خدت على كده، مبقتش ازعل منها يمكن زمان وأنا صغيرة كنت بزعل، لكن دلوقتي لا.
الأب:
_ أنا مش عايزك تتأثري بكلامها، أنا عايزك تفضلي مركزة في هدفك إنك تبقي مهندسة كبيرة، تشتغلي في شركات كبيرة لحد ما ربنا يكرمك ويبقى عندك مكتب زي ما بتحلمي، وتتعلمي لغات وتسافري بره، مش أنتِي نفسك تسافري بره وتشوفي الدنيا؟
منة:
_ جدًا.
الأب بحكمة:
_ومش هتسافري إلا لما تركزي في شغلك، الشغل ده هو أهم حاجة يمتلكها الإنسان والست بالأخص، بتخليها قوية ومش محتاجة لحد، أنا راجل اهو بقولك الشغل والتعليم مع الست بيخليها قوية وفاهمة الدنيا، وميخليش الراجل يجي عليها، لو في يوم استوطى وطلقها ومصرفش على عياله، وقتها تلاقي اللي يسترها هي وعيالها ومتتحوجش لمخلوق، عشان لما ربنا يكرمك بابن الحلال اللي يسترك وما يجيش عليكي فى يوم ويعرف إنك ساندة نفسك بنفسك، وما يذلكيش بالفلوس اللي بيرمهالك كل أول شهر، مش عايزك يا بنتى تبقي مسروعة على الجواز وتبقي زي أخواتك هبلة، تتجوزي أي حد والسلام، عشان بس يا دوب عنده شقة وخلاص، لا، يا بنتي اوعي تفكري كده مهما سنك كبر، الراجل مش شقة والا فلوس والا شغلانة حلوة، الراجل بأخلاق واحترامه وتقديره للست اللي معاه، وممكن يكون راجل محترم وبيشتغل شغلانة كويسة، بس ماينفعلكيش ينفع لواحدة ثانية، أنتم مش راكبين مع بعض، فأنتِي لازم تبقي واعية وأنتِي بتختاري شريك حياتك، لأن هو ده يا حبيبتي اللي باقيلك مش عيّلك، عيّلك هيجي يوم ويتجوز وهيسأل عليكي كل فين وفين، ويقول لك معلش يا أما الدنيا ومشاغلها، مش هيبقى معاكي إلا راجلك، فلازم تِحسني الاختيار، ما تبصيش لكلام الناس، والا تسمعي لهم، حتى أمك، أمك خايفة عليكي، بس خوفها ده هيضيعك، أنا بوعيكي يا منة، مش عايزك تضعفي يا حبيبتي، أنتِي حلوة وجميلة ومهندسة تستاهلي أحسن الناس، أنا بحبك أكثر واحدة؛ عشان ذكية وفاهمة أنتِي عايزة ايه، وعارفة إن الجواز ده حاجة من ضمن حاجات ممكن تحصل وممكن لا، مش هدف يعني ولا نهاية الكون، هدفك لازم يبقى شغلك ودراستك وقربك من ربنا، فاهمة يا بنتي؟
منة:
_حاضر يا بابا، عارف كأنك حاسس بيا، كنت محتاجة لكلامك ده أوي.
الأب هو يربت على كتفها بحنان:
_ أنا جنبك أي وقت، وقت ما تحتاجيني هتلاقيني يا بنتي، أنا عارف إني بعيد عنك ومقصر معاكي، وإني مشغول، بس أنتِي اهو شايفة الدنيا بقت غالية ومبقتش مكفي، وأمك الله يهديها طلباتها ما بتخلصش، وراحت خطبت البنتين سوا، وبدل ما أجهز واحدة بقيت بجهز لبنتين، وأديكي شايفة الجهاز عامل ازاي.
منة:
_ ما تقلقش يا بابا يا حبيبي، أنا هقبض مرتب كويس، هعمل جمعية وأقبضها وأديهالك تشوف تشتري أي حاجة لأخواتي بيها، وهساعدك ما تقلقش، وأديني اهو هشيل عنك هم مصاريف الدراسة، أنا عارفة إنك صرفت عليَّا كتير، بس والله العظيم يا بابا مش هخليك تندم.
الاب وهو يربت على خدها:
_ تصدقي وتؤمني بايه؟
منة:
_ لا إله إلا الله.
تبسم الأب:
_ أنتِي الوحيدة اللي بديكي الفلوس وأنا فرحان؛ عشان عارف إن هي رايحة في مكانها الصح، يلا هسيبك تكملي قراية، مش عايزة حاجة؟
منة:
_ ربنا يخليك ليا يا بابا، قولي أنت مش عايز حاجة؟ أحضر لك العشا طيب؟
الأب:
_ لا، أنتِي عارفه معدتي بقت تتعبني من أكل بالليل، هاكل الزبادي وأنام تصبحي على خير يا حبيبتي.
قبلها من جبينها
منة:
_وأنت بخير يا حبيبي.
خرج الأب، عادت برأسها على ظهر الفراش وتبسمت بأمل.
(بعد فترة)
_كانت تلك الفترة صعبة عليها جدًا، كانت تحاول السيطرة على مشاعرها، على تعلقها به، كانت تحاول تغيير علاقتها بمحمد، فلم تعد تتحدث معه مثل قبل، أصبحت لا تجيب على رسائله أو اتصالاته، وعندما كان يسأل عن السبب، كانت تتحجج بانشغالها في العمل ومشروع التخرج، لكن كان محمد منتبه بشدة لتلك التغيرات ولا يعرف ما أصابها.
_قاعة مؤتمرات جامعة القاهرة، بالتحديد كلية هندسة، ٤م
_مظهر عام للقاعة: حركة دخول وخروج الطلاب وهم يرتدون أزياء التخرج.. البعض يجلس والبعض يتحرك، ثم نشاهد بنر كبير باسم الدفعة، وبعد قليل يجلس الجميع ويبدأ الدكاتره بالظهور على المنصة والجلوس، ثم يبدأون في تسليم الطلاب الأوائل الشهادات والدروع.
نشاهد الطلاب وأسرهم وأصدقائهم يجلسون على المقاعد، وكان من ضمن الذين يجلسون منة وحنين وأصدقائها، وكان يوجد ثلاث مقاعد فارغين بجوارها، يبدو أنهم المقاعد الخاصة بعائلتها؛ فهم لم يكونوا معها في ذلك اليوم المهم، الذي تتمنى كل فتاة أن يكون بجانبها من تحب وخاصة عائلتها، وأثناء ذلك تحدثت شروق مع منة
شروق وهى تميل برأسها بنبرة هامسة:
_ اسمك مش المفروض يكون أول واحد؟ أنتِ الأولى على الدفعة.
منة بنبرة حزينة:
_ لا، اللى بيطلع الأول على الدفعة بيكون آخر واحد.
شروق:
_ تمام.
بعد وقت قام أحد الدكاترة بالنداء عليها.
الدكتور:
_ نتشرف بتسليم درع التفوق للمهندسة المتفوقة دائمًا وأبدًا منة الله محمود عبد الفضيل، الأولى على الدفعة.
صفق الجميع بحرارة ونهضت بسعادة وقامت باستلام الشهادة والدرع.
توقفت خلف مكبر الصوت لكي تقول كلمتها، نظرت بعينيها على المقاعد كم كانت تتمنى أن تكون عائلتها في هذا اليوم الذي كانت تنتظره منذ سنوات يفرحون معها، لكنهم خذلوها كما يخذلوها دائمًا.
من بسعاده:
_ أنا حقيقي مبسوطة جدًا إني وصلت لهنا، أنا تعبت كتير عشان أوصل للي أنا فيه ده، حقيقي من أسعد لحظات حياتي إني أشوف ثمرة نجاحي، كل لحظة تعبتها نتيجتها اهي، بقول لكل زملائي مبروك وإن شاء الله بإذن الله، يكون اللي جاي أفضل، وإن دي مش النهاية، بالعكس دي بداية لمرحلة جديدة هي أقوى وأعمق بكتير من المراحل اللي فاتت ربنا يوفق الجميع شكرًا.
ثم توقفت مع باقي زملائها وأخذوا الصورة التذكارية وألقوا القبعات لأعلى وسط سعادة وفرحة كبيرة.
اقترب منها محمد.
محمد بمرح:
_ ألف مبروك يا هندسة.
منة بتهذب:
_ الله يبارك فيك يا محمد.
محمد باستغراب:
_ مامتك وأخواتك ووالدك فين؟! كان نفسي اتعرف عليهم.
منة:
_ والله بابا عنده شغل ما عرفش ياخد إجازة، طبعًا أخواتي وماما أنت فاهم.
محمد باهتمام:
_ المهم مش عايزك تزعلي.
منة:
_ لا عادي يا محمد، مش زعلانة.
محمد باهتمام:
_مش حاسس، صوتك باين إنك زعلانة، بقولك إيه هاتي أصحابك ونروح نتغدى سوا ايه رأيك، وأوعي تقولى مشغولة ولازم أروح عشان ماما، قولي لها إن الحفلة لسه مخلصتش.
منة بارتباك:
_ معلش يا محمد خليها مرة ثانية، عشان حنين ما بتخرجش خالص خروجات اللي فيها ولاد، وشروق نفس الكلام عشان خطيبها.
محمد:
_خلاص تعالي هنخرج سوا أنا وأنتِي وإيمي ويُسر، أنا حاسس إننا مبقيناش نتكلم زي الأول.
منة:
_ أنت عارف الشغل بقى، مركزه فيه اوي عشان خاطر أثبت لوالدك إني قد ثقته، وبخصوص العزومة خليها مرة ثانية، عشان مش هينفع اسيبهم، ومبروك على الامتياز.
محمد:
_ الله يبارك فيكي يا هندسة. على راحتك بس ليا عندك عزومه، ومره تانيه
اقتربت حنين وشروق منهما.
شروق:
_ ازيك يا محمد عامل ايه؟
محمد:
_ تمام يا شروق، أنتِي كويسة؟ هتتجوزي امتى؟
شروق:
_ لما نلاقي الشقة.
محمد:
_ إن شاء الله تلاقوها اوعي ما تعزمنيش ها.. يلا عن إذنكم.
رحل محمد من أمامهم حتى ابتعد.
حنين:
_ هو ده محمد؟!
منة بعين تلمع:
_ امم، اه هو ده محمد.
حنين:
_ شكله مهذب، أتمنى بقى تكوني اتخطيتي كل حاجة.
منة بنبره مكتومه قليلا:
_ تخطيت، بس مش بشكل كبير، بحاول احط حدود شويه في علاقتي معاه، يعني مبقتش اتكلم معاه زي الأول ولا بنخرج، حتى في الشغل بحاول ما احتكش بيه، عشان أعود نفسي على عدم وجوده.
حنين:
_ودي خطوات صحية، أيه رايكوا تيجوا نخرج مع بعض ونتغدى، أنا عازماكم، أنا لسه قابضة ولازم أعزمك عزومة حلوة عشان خاطر نحتفل بيكي يا منوشة.
منة:
_ لا، العزومة المرة دي عليَّ، المرة الجاية عليكم.
شروق:
_ خلونا بس نروح المطعم وبعدين هناك نتخانق مين اللي يحاسب.
ضحكن الثلاثة وتحركن
_وبالفعل ذهبت الثلاث فتيات إلى أحد المطاعم، فنشاهدهم وهن تجلسن على إحدى الطاولات تتناولن الطعام وهن تضحكن ونشاهدهن أيضًا وهن تسرن في الشوارع وتأكلن الآيس كريم، وتشترين البالونات، وقضين وقتًا جميلًا مع بعضهن، ثم ذهبن إلى أحد الحدائق المشهورة.
_في إحدى الحدائق
منة بتساؤل:
_ أنا مش عارفة انتو صممتو نيجي الجنينة هنا ليه؟
شروق:
_ علشان نكمل الاحتفال بيكي يا قلبي، أنتِي ما تصورتيش خالص واوعي تقولي مبحبش الصور أنا اتفقت مع فوتوغرافر ياخد لك كم صورة جامدين.
منة باعتراض:
_ يا شروق أنتِي عارفة إني بطلع وحشة في الصور، لا مش هتصور، كفاية الصورة اللي أنتم اخذتوها لي وأنا لابسة الروب.
حنين:
_ على فكره وشك بيبقى حلو جدًا في الصور.
منة:
_ يا سلام ده أنا ببقى عاملة زي ست الحجة.
شروق بشده:
_ بقولك ايه هتتصوري يعني هتتصوري، ما تخافيش هيطلعك رفيعة، فين ثقتك بنفسك يا بنتي؟
منة:
_ موجودة، بس ملهاش علاقة بالثقة أو عدم الثقة، أنا متصالحة مع نفسي، أنا مش ببقى حلوة في الصور.
حنين:
_ حتى لو مش بتبقي حلوة في الصور، الناس دي بيعرفوا يطلعوا الناس حلوة في الصور، ده تخصصهم ملكيش دعوة بقى، بطلي رخامة، يلا البسي الروب بتاعك تاني.
وبالفعل بدأت منة ترتدي الروب والقبعة، وجاء المصور وأخذ بعض الصور لها، وكانت في غاية الجمال وقضوا وقتًا جميلًا مع بعضهم.
عادت منة إلى المنزل بعد يوم جميل كانت تنتظره منذ سنوات، كانت تتمنى أن تكون عائلتها معها لتكتمل فرحتها، لكن كل منهم كان مشغولًا.
_منزل منة،١٠م
_دخلت منة إلى المنزل، كالعادة كان يجلس جميع عائلتها في الصالة يشاهدون التلفاز ما عدا والدها الذي كان في عمله.
منة:
_ السلام عليكم.
الجميع:
_عليكم السلام.
مفيدة:
_ الحفلة كانت حلوة؟
جلست منة على الأريكة وهي تهز رأسها بإيجاب:
_ كانت حلوة اوي ياريت كنتوا معايا.
مفيدة:
_ اعمل لك ايه كنا عازمين خطيب أختك ماينفعش نقول له احنا مش فاضيين.
منه باعتراض:
_ لا، يا ماما كان ممكن تقولي له مش فاضيين، كان ممكن تأجلوها لبكرة أو حتى يجي امبارح، بس أنتم ما فكرتوش فيا.
مروة:
_ قلت لك نجيبه معانا وأنتِي قولتي مفيش مكان.
منة:
_ هو كان ثلاث كراسي بس.
مروة:
_عادي يجي بدل أصحابك.
منة:
_ واجيبه بدل صحابي ليه؟ هو خطيبي ولا خطيبك، يلا مفيش مشكلة هدخل ارتاح شويه بعد إذنكم.
توجهت منة إلى غرفتها
مروة:
_ بنتك دي عيلة نكدية ورخمة.
مفيدة:
_ شبه شخصيتها، وشكلها، سيبك منها، يلا نكمل الفيلم.
(وخلال عامين)
كانت منة تركز في عملها لكي تصبح ماهرة ومميزة، لكي تثبت لمحمد ووالده إنها تستحق المكانة التي أعطوها لها وهي حديثة التخرج، فكانت تعطيه الكثير من وقتها ولا تذهب إلا في الليل إلى بيتها، كانت تتعب كثيرًا تعمل مثل النحل في الخلية، لكي تحقق ما تريده، وبالفعل في ظرف وقت قصير ترقت وأصبحت تشرف على الكثير من المشاريع، وكان والد محمد يثق بها.. وكان من الملفت للنظر أيضًا أن تغيرت منة فأصبحت أكثر قوة وأكثر صلابة من قبل، كانت تشغل وقتها بشكل كبير لكي لا تترك نفسها سجينة لأفكار من الممكن أن تمرضها؛ فأخذت كورسات في اللغة الفرنسية، وأيضًا كورسات في التنمية البشرية، وأصبحت لا تحزن ولا تتأثر مثل قبل عندما يقوم أحد بالتنمر على شكلها.. وتزوجت شقيقاتها وصديقتها شروق وكمان بمساعدت والدها فى تجهيز شقيقاتها كما وعدته.
_حفل زفاف شروق، ٨م
_نشاهد منة وهي تجلس على إحدى الطاولات وهى ترتدي فستان في منتهى الشياكة، ترتسم على وجهها ابتسامة جميلة بسعادة، كانت ترقص شروق مع عريسها.
شروق:
_ بقولك فين صاحبك اللي بيدور على عروسة؟
عمرو:
_ قاعد.
شروق:
_ طب روح اسأله منة عجبته ولا لا.
عمرو:
_ حتى وأنتِي في فرحك بتفكري فيها؟
شروق سحبت يدها من على رقبته برجاء قالت:
_ علشاني يلا روح.
عمرو باستسلام:
_طيب.
توجه عمرو إلى أصدقائه وأخذت ترقص شروق مع أصحابها وعائلتها اقتربت منها منة أخذت تصفق لها.
عمرو وهو يقف مع أحد أصحابه:
_ ايه يا ممدوح عجبتك؟
ممدوح بتهكم:
_تصدق أنت عايز تتشتم، هي دي منظر أبصلها؟
عمرو:
_ يا عم شكلها حلو، بس تخينة حبه.
ممدوح:
_قول حبتين، قول ثلاثه، ولا نظارة قعر الكوباية دي، متأكد ٢٥ مش ٤٥؟
عمرو:
_ ما تحاول تتكلم معاها دي عاقلة جدًا، هتعجبك.
ممدوح:
_هعمل ايه بعقلها؟ أنا عايز واحدة حلوة، تفتح نفسي، على حياه، جسمها ملبن آه، بس مش كده ومش دي.
عمرو:
_ أحسن خسارة فيك.
تركه وعاد عمرو إلى شروق، وقف معها نظر لها بمعنى رفض.
هزت شروق رأسها بحزن:
_بردو رفض عشان جسمها، طب ما يتكلم معها يعرفها.
عمرو:
_ رافض بشكل نهائي.
شروق بحزن:
_ لسه النصيب مجاش.
_شركة رسلان للمقاولات٢م
_كانت تجلس منة على مكتبها وهي تنظر في بعض الرسومات اقترب منها محمد بمرح وهو يقول:
_ منوش الندلة.
رفعت منة عينيها نحوه بابتسامة قالت:
_ ليه بس كده؟
جلس محمد على المقعد الأمامي للمكتب وقال بتوضيح وعتاب ممزوج بعقلانية ولطف:
_ يعني من وقت ما اتخرجنا وما بقتش عارف أشوفك، ولا بنتكلم برغم إننا شغالين في نفس الشركة، ولا حتى بقيتى بتردي على اتصالاتي ولا رسايلي، حتى لما بطلب منك نخرج تقولي مشغولة!! مشغولة في ايه؟ احنا في نفس الشركة، منة أنتِي متغيرة معايا، في حاجة؟ لو زعلتك قوليلى احنا كبار، لكن طريقتك دي متنفعش اللي بنا أكبر من كده.
نظرت له منة بارتباك، فهي لا تعرف ماذا تقول فهو محق فتغيراتها معه تجعل الأعمى يرى، فهي لا تعرف ماذا تقول فهي في موقف صعب ابتلعت ريقها ونظرت له.
منة بمرواغة:
_ صدقني أبدًا، أنت بس حساس بزيادة، أنا زي ما أنا، بس الأول كلامنا كان أكتر ومبرر بسبب الدراسة، لكن دلوقت يعني كلامنا الكتير مالهوش داعي وتأكد إن وقت ما تحتاجني هتلاقيني.
نظر لها محمد وهو يضيق عينه؛ فما قالته لم يدخل عقله للحظة، فهو متأكد أن هناك شيء آخر قال.
محمد بفطنة:
_ أنا مش داخل دماغي كلامك ده، هو أنتِي عشرة يوم؟ أنتِي متغيرة من آخر يوم امتحانات، أنا فهمت السبب.
فور نطقه تلك الكلمة شعرت منة باهتزاز فى جميع جسدها وخطف وجهها، تتمنى أن تنشق الارض وتبلعها فهو فهم أسباب تغيرها معه، لكنها حاولت التماسك، احتست القليل من الماء من الزجاجة التي أمامها، نظرت له بقوة كاذبة.
منة بابتسامة كاذبة تسائلت:
_ وايه السبب بقى؟!
قالتها وهي تتمنى أن يخيب ظنها، فإذا فهم محمد الأسباب الحقيقية لتغيراتها، فهي ستكون في موقف صعب كاد أن يقضي عليها.
محمد:
_عشان ايمي؟
منة باستغراب:
_ايمي!!
محمد بتأكيد وهو يهز رأسه بإيجاب:
_اها، حضرتك بعدتي وعملتي حدود في التعامل، عشان خايفة تسببيلي مشكلة معاها.
فور استماعها تلك الكلمات تبسمت من داخلها
وشعرت براحة، أكمل محمد بعقلانية:
_ منة، ايمي عاقلة ودماغها كبيرة، واثقة فيا وفي نفسها وعارفة إنك بنسبة ليا أخت، فبلاش حساسية بزيادة بعدين إحنا علاقتنا عمرها ما كانت من نوع اللي يخلي المحيطين بينا يشكو أو يفهموا غلط اعقلي.
منة تنهد:
_ أنت بقى ليك حياتك، مينفعش أكون سبب في مشكلة بينكم، تكون بتكلمني مثلًا، وتطول تسألك بتتكلم كل ده في ايه وليه ويحصل مشكلة بسببي.
محمد:
_ لا، متقلقيش إيمي مش من النوع ده، تصوري هي اللي سألتني منة فين، وبطلت تكلمها وتخرجوا ليه.
منة:
_حقيقي؟
محمد بتأكيد:
_ اه والله، خلاص نعقل ونرجع زي ما كنا، منة أنا بعزِّك جدًا وأنتِي من الشخصيات المهمة في حياتي مش عايز أي حاجة تعكر علاقتنا، اتفقنا.
هزت منة رأسها بإيجاب:
_ اتفقنا.
محمد:
_قوليلى اخبارك ايه؟ طنط لسه بتزعلك؟
منة:
_هنعمل ايه، أنا اتعودت.
محمد:
_ ربنا يهديها.
منة:
_ يا رب.
وخلال هذين العامين أيضًا.
كانت ما زالت والدتها كثيرًا تضغط عليها؛ لأن منة أصبحت في عمر ال ٢٧، ولم يقم أحد بخطبتها، حتى الآن، فكل من كان يأتي لرؤيتها كانت لا تعجبه بسبب جسدها وملامحها وتلك النظارة.
كانت والدتها دائمًا تعايرها بسبب شكلها، كانت منة تتأثر بالطبع من تلك الكلمات اللاذعة، لكن ليس مثل قبل.
وعلى الاتجاه العملي أصبحت من أكفأ المهندسين في الشركة، حتى علاقتها بمحمد عادت مثل قبل، لكن ليس بتلك القوة.
فأصبحت منة تعرف ماذا تريد وتعرف كيفية حماية مشاعرها ولا تجعل احتياجها العاطفي أن يجعلها فريسة سهلة.
فأصبحت لا تترجم اهتمام أحدهم أو طريقته بشكل خاطئ، كانت حذرة جدًا في تعاملاتها.
لحد هنا وتنقول
يتبع