أخر الاخبار

رواية امنيات وان تحققت الفصل الثالث3 والرابع4 بقلم ليله عادل


 رواية امنيات وان تحققت الفصل الثالث3 والرابع4 بقلم ليله عادل


_مر عامين على تخرج منة، لم يحدث فيهما الكثير، ولكن تغيرت حياتها للأسوأ بالنسبة للعلاقات، وأنها أصبحت سجينة للوحدة، أصدقائها منشغلين بأعمالهم وبأسرهم وهي وحيدة، هي حتى لا تستطيع أن تقوم بأي نشاط بمفردها، ولا حتى التسوق، فهي تعودت خلال السنوات الماضية، على مشاركة أصدقائها لها باختيار ثيابها أو الذهاب لأحد المطاعم لتشكي لهم همها وتسمع منهم آخر أخبارهم، ولكن بسبب انشغال الجميع، أصبحت وحيدة، والملل والروتين سيطرا على حياتها، وبالطبع إذا حضر الملل والروتين والوحدة ! كان الاكتئاب هو البئر المظلم الذي يسجن الإنسان بداخله ... وهذا ما أصبحت عليه منة؛
وخصوصًا أنها تسير حياتها حسب الوقت المسموح لصديقاتها بالبقاء معاها، والتخلي عن أي مشروع تخطط له حين يتناسب مع ظروفهم، حتى السفر معًا  أصبح أمرًا مستحيلًا ويقابل بالرفض القاطع من الأزواج، حتى الكورسات لم يعد لديها شغف لها، فهي شخصية حساسة، وعدم وجود من يدعمها مثلما كانت تفعل صديقتيها من قبل! جعلها تستسلم لما هو متاح، فأصبحت حياتها عبارة عن العمل والمنزل فقط، لا جديد. 

ومن ناحية أخرى ما زال لم يأتيها أي عريس إلا من خلال أحدهم يكون يبحث عن عروسه وقام بترشيحها له كالمعتاد.

رواية أمنيات إن تحققت بقلمي_ليلة عادل⁦(⁠◕⁠ᴗ⁠◕⁠✿⁠)⁩🌹 

منزل منة، ٩م

نشاهد منة تجلس مع والدتها ووالدها وشخص أخر يبدو أنه العريس ومعه والدته وشقيقته، كان مظهره غير أنيق لحد ما، يبدو أنه في أوائل العقد الرابع، وبالنسبة لشكله فهو عادي أو أقل من العادي بالنسبة لفتاه مثل منة، فهو صاحب جسد ممتلئ وشعر خفيف وملامحه عابسة جدًا، ويرمقها بنظرات لم تشعرها بالراحة إليه أبدًا، وهذا ذادت من عدم تقبلها له.

ابتسم العريس ابتسامة صغيرة جدًا، ولكن أظهرت أسنانه الصفراء وعليها علامات التدخين، وتحدث إلى منة وسألها: 
_ وأنتِي بقى يا أستاذه منة ناوية تكملي في شغلك بعد الجواز ولا هتقعدي في البيت؟

منة وهي تهز رأسها بنفي ممزوج باستغراب: 
_ بيت إيه؟ لا طبعًا، أنا مهندسة وشغلي كويس جدًا، إن شاء الله هكمل، إيه اللي هيخليني أقعد؟!

تبسمت والدته بحماس ورضا عن إجابة منة وقالت: 
_ ايوه يا بنتي الدنيا غالية على الأقل تساعدي جوزك، اوعى تقعدي من الشغل، أنتِي بتقبضي كام في الشهر؟

انزعجت منة كثيرًا من حديث السيدة وكادت أن ترد عليها، لكن سبقتها مفيدة وقالت بتفاخر: 
_منة بتاخد ٥ ألف في الشهر، أصلها بتتشتغل في شركة كبيرة وساعات وبيدوها مكافأة (وهي تنظر من حولها) هي اللى بيضت الشقة وجددت الانتريه، وكمان ساعدت أبوها في جهاز أخواتها البنات، بنتي الحمد لله علمناها أحسن تعليم، وهي متعودة على النجاح والاجتهاد، علشان كده في الشغل شايلنها في عينيهم وكل مدة بتتكافئ وتترقى في شغلها.

ربتت السيدة على كتف منة وهي تبتسم بسعادة وطمع قالت:
_كويس والله، ما شاء الله عليها، مفيش دلوقت بنات بتساعد.

تنفخت منة وحاولت السيطرة على غضبها من تلك المرأة، وحاولت أن تفهم أكثر عمن أتت به والدتها ليكون شريك حياتها.
سألته بجديه متجاهلة حديث والدتها ووالدته، فهو من سيعيش معها وليس هم فقالت.

منة:
_وأنتَ بقى يا أستاذ حمدي، مافكرتش تكمل تعليمك، يعني دلوقتي الموضوع تطور في التعليم، أنا أعرف ناس كتير بعد الدبلوم دخلوا الجامعة المفتوحة، وعملوا دبلومات لدرجه أن هما ناقشوا الماجستير والدكتوراه وسنهم كبير عادي، حقيقي النماذج دي مشرفة جدًا، فكرت تكمل ولا أنتَ مستكفي بالدبلوم؟ 

رمقها حمدي مستنكرًا سؤالها وقال بعدم طموح: 
_ تعليمي إيه يا أستاذة؟! هو أنا فاضي اهرش، أنا بطلع من صباحة ربنا مابجيش غير الساعة 10:00 بالليل أكل وأنام، حتى في أيام بيبقى يومي مقلوب، برجع الساعة 8:00 الصبح أكل وأنام واصحى الساعة 6:00 المغرب أروح الشغل.

أرادت منة أن تنهض يكفيها ماسمعت، ولكن أكملت وقالت: 
_ ملاحظة بسيطة أنا مهندسة مش أستاذة، طب معلش سؤال كمان يوم الإجازة بتعمل فيه إيه؟

عبست ملامح حمدي من تلك الملاحظة التي قالتها، ولكنه تجاهل ورد على سؤالها:
_ بقضيه نوم، وبالليل على القهوة.

منة بهدوء عكس مابداخلها من ضيق شديد: 
_طب مافكرتش تطور من شغلك، مثلًا تفتح مشروع مع نفسك، بدل شغلك في محل عند الناس!! يعني أنت بتصلح تليفونات! الصنعة بتعتك دي ممتازة، أنت ممكن تفتح محل صيانة خاص بيك وتحت إيدك عمال، وبعدها ممكن تطوره ويبقى المحل لبيع الأجهزة المستعملة أو الجديدة، الموضوع حلو يعني صنعة كويسة، لو استغلتها صح هتطلع منها فلوس حلوة، والا أنتَ هتفضل على طول شغال أمن في البنك اللي أنتَ شغال فيه، يعني كلمنى شايف نفسك فين بكرة والمستقبل؟

حمدي بلا مبالاة واقتناع تام بروتين حياته قال: 
_والله مش حاطط في دماغي موضوع اني اعمل مشروع، والله يا آنسة أنتِي ضحكتيني، هو في حد في البلد دي يعرف يعمل حاجة، الشغل مبقاش زي الأول، والحياه بقت عايزة مصاريف كتير وأنا وعيالي ومراتي أولى بالمصاريف دي، هو أنتِي فاكره بيدخلي كام يعني، ده هما أول عن آخر 2000 ونص من البنك، الشغل بتاع بالليل ده على حسب الرزق سواعي 500 / 300 سواعي مفيش خالص، وأفضل متلقح في المحل مش لاقي زبون، بصراحة أنا عايز أشوف لي شغلانة كده حلوة في شركة أقبض منها كل شهر مرتب يأكلني ويشربني وأرجع الساعة أربعة أنتخ. 

منة بخيبة أمل وهي تزم شفتيها:
_ اممم، تمام.

نظرت له منة من أعلى لأسفل، يبدو انه لم يعجبها فهو شخص غير طموح بالمرة وتقليدي جدًا، وبعد وقت رحل العريس بعد موافقته عليها.

كانت مفيدة سعيدة جدًا بهذا الخبر، فهي لم تحدث إلا مرات قليلة أن يوافق عريس بمنة، عكس الأب محمود ومنة لقد بدا على ملامح وجههما الرفض والضيق الشديد.

مفيدة باستهجان: 
_ اهو الراجل المره دي أخد وادى معاكي، ورد على أسئلتك اللي مالهاش لازمة يا أختي، أنتِي يا بنت كنتي عايزة تطلعي أستاذة خدمة اجتماعية ولا إيه، تعليم ايه يا موكوسة اللي بتتكلمي فيه، ما مهاب أهو خريج حقوق وشغال دليفري بلا نيلة، بعدين في ايه يا أختي مالك فاتحة على الرابع مع الراجل كده ليه؟ الكلام ده وأنتم مخطوبين ابقى قوليه.

تنهدت منة بغيظ شديد وغضب مكتوم وقالت:
_ مين قالك كده يا ماما؟ بالعكس أنا لازم أفهم دماغ الراجل اللي هتجوزه عاملة ازاي، بسأل أسئلة عادية، وهو طلع إنسان مش طموح ومش هيقدملي أي حاجة، وبعدين شوفتي شكله عامل ازاي؟ مهتمش حتى يجي بشكل نظيف، شوفتي منظر ضوافره مقرفة وسنانه التدخين مخلص عليهم، ويقولك بيتي وعيالي أولى، ده حتى مجبش حاجة وهو جاي، مش حاسة إنه بخيل وأناني، عاوز ياخد وبس، وعايش لنفسه وبدماغه وباللي يريحه هو، وأمه عماله تقول لي هتساعدي في البيت مش هتساعدي في البيت، هو في ايه؟ ده كمان عنده 40 سنه يا ماما، وشكله وروتين حياته زي واحد طلع على المعاش، وأنا لسه 27 ولسه بقول يا هادي في حياتي، أكبر مني ب 13 سنة، بعدين ده معاه دبلوم صنايع ومش عايز يكمل تعليمه، وبيشتغل  أمن في بنك يعني شغله مش ثابت، ممكن في أي وقت يقولوا له امشي، حتى الصنعة اللي في أيده مش عايز يستغلها، عايز يقعد وينام وياكل ويشرب وشكرًا على كده.

محمود تأييد:
_ فعلًا يا مفيدة الجدع ده ولا عنده أي ذوق، بجد إزاي ملفتش نظرك إهماله وعدم نضافته الشخصية بقي ده شكل واحد رايح يتقدم لعروسة، في شاب يلبس كده، وريحته يا شيخة، أنا لولا العيبة كنت قلت له ادخل استحمى، ده هو في أول الأوضة وأنا في آخرها وريحته وصلالي، ده غير إن واضح جدًا إنهم داخلين على طمع في البت ومرتبها. 

مفيدة بتهكم: 
_ أم رباب قالت لي أنه جاي من الشغل وكان مطبق، يعمل إيه الراجل غصب عنه؟ وبعدين أنا ماصدقت أنه وافق بيها وطاير بيها هو وأمه، وأنتِي يا أختي ابقي نظفيه وحميه، معلش تنزلي شويه من قمة الهرم اللي أنتِي قاعدة ومدللة رجلك منها، أنا ماصدقت أن حد وافق بيكِي من أول مرة، أنتِي بقالك سنة محدش جالك.

رمقتها منة بحزن وحاولت أن تتحكم بدموعها وقالت بنبرة مخنوقة:
_ يعني أنتِي ترضي إني اتجوز واحد زي ده؟!

مفيدة بجدية شديدة:
_ وماله؟! عنده شقه وكسيب وأنتِب ساعديه، مش مهم التعليم، ماله الدبلوم يعني، أنا عن نفسي مش شايفة إنه فيه حاجة تتعيب، كل الرجالة وكل الشباب دلوقتي كده مش لاقيين شغل، 90% من رجالة بلدك شغالين زيه كده، اللي شغال على أوبر، واللي شغال على تاكسي، واللي شغال أمن في مدرسة، ولا أمن في بنك، ولا في سوبر ماركت، كلهم يا أختي كده، روحي اشتكي لحكومة بلدك إنها مش مخليه الرجالة تشتغل في شركات، يا بت الحقي اتجوزي وجبيلك عيل بقيتى ٢٧ سنة، فرحينى.

منة بتوضيح:
_ يا ماما أنا ما اعترضتش على شغله، أنا عارفة إن في مشكلة كبيرة في الشغل دلوقتي في البلد، وما عنديش مشكلة إني أساعده، بس هو مش طموح، المنظر اللي جي بيه ده خلاني أحس إن أنا قرفانة منه.

مفيدة: 
_ قلت لك أنتِ ابقي نضفيه.

منة بتعجب: 
_ ايه انضفه دي؟!

محمود:
_ خلاص يا أم مهاب، الواد أصلًا مش عاجبني. أنا هكلم أم رباب وأقولها كل شيء نصيب.

مفيدة بغضب:
_ بقول لك إيه يا محمود مالكش دعوة، أنتَ اللي عملت كده في البت وخلتها شايفة نفسها، أنا مش قادرة أفهم أنتِي ترفضي وتقبلي ليه، أنتِي تحمدي ربنا أنه بصلك، أنا مش هفضل قاعدة حاطه ايدي على خدي مستنية يا أختي الشاب الحليوة اللي هيدخل مزاج جنابك واللي مش هيجي أبدًا، أنتِي داخلة على ال 30 يعني كل مدى فرصك بتقل.

هنا فقدت منة آخر ذرة صبر ونهضت وقالت بحدة:
_ ماما لو سمحتِ كفاية، أنا مش موافقة، مش هفضل خمس سنين أدرس، وفي الآخر أخد واحد أقل مني في كل حاجة، حتى ماعندوش شغلانة كويسة يأكلني منها، شكله طمعان فيا أصلًا.

مفيدة باستخفاف: 
_عنك ماوافقتي يا أختى، خليكي عانس كده، بس عايزة أفهمك حاجة عشان أنتِي عايشة في الخيال، أنتِي كل اللي هيرضى بيكي كلهم من عينة حمدي العريس اللي مش عاجبك، آمال أنتِب فاكرة إن الشباب الحلو بتوع الجيم وبتوع المسلسلات اللي أنتِي بتقعدي تتفرجي عليها هيبصولك!! ليه أنتِي مش بتشوفي يا أختي بطلات اللي بيطلعوا معاهم عاملين ازاي! بيقوا فلقة قمر، عمرك شوفتي بطلة منهم تخينة وبنظارة ووحشة.

منة بنرفزة ودموع: 
_ياشيخة اتقي الله فيا بقى، حرام عليكي، ايه اللي بتعمليه فيا ده، لما أمي تقول عليَّا كده وتحتقرني وتقلل مني آمال الغريبة هتعمل فيا إيه؟

نهضت مفيدة وقالت:
_ زعلانة عشان بقولك الحقيقة؟! بصحيكي من أوهامك وبفطمك إن مفيش حد هيعجب بيكي ولا هيجيلك غير اللي زي حمدي اللي مش عاجبك ده، خلاص خليكي قاعدة لحد ماتبوري وتبقي لوحدك، أنا وأبوكِ هنموت محدش فينا قاعد لك، وبكرة مش هتلاقي حد يناولك كوباية الميه، أخواتك وأصحابك هيبقوا ملخومين في حياتهم، رجلك بس اللي هيبقى لك، أمال لو حلوة شوية كنتى عملتى ايه بس؟!

قاطعها محمود بنرفزة وهو يقول: 
_ مفيدة، أنا قلت العريس ده مش مقبول، ولو هي وافقت أنا بقى مش موافق، وبنتي مش قليلة ولا وحشة علشان تقوليلها كده، بنتي ألف مين يتمنى زوجة زيها، افهمي، الموضوع نصيب، وهي لسه نصيبها مجاش وياريت تقفلي الموضوع ده، دي حياتها ومش حياتك.

مفيدة بنرفزة:
_ خليك دلعها وكبر فيها، أنت السبب، أنت اللي هتخليها تبور، طب والله يا منة لو ما أخدتي حمدي لكون مسودة عيشتك.

نهض محمود فقد فاض به الكيل من طريقه مفيدة وإهانتها لابنتها، قال بغضب وهو يشير بيده بحسم: 
_ طب عليَّ الطلاق بالتلاتة منك لو فتحتي بُقك تاني في الموضوع ده لتكوني طالق، ماتحترمي نفسك بقى وتسكتي، من الصبح ساكت لك، وأنتِي نازلة شتيمة في البت، أنا بنتي حلوة وألف راجل يتمناها زي ما قلت لك، وبكرة بنتي دي هيجي لها أحسن الناس، وأنتِي واللي زيك تضربوا بيها المثل في صبرها وعوض ربنا ليها وازاي هي عاقلة في اختيار شريك حياتها، مش مدلوقة وعاوزة أي واحد والسلام.

اشتعلت مفيدة غضبًا، فهو يهينها ويهددها بالطلاق، ابتلعت غصتها وصرخت بغضب شديد:
_ أما نشوف سي عوض بتاعكم هيجي امتى يا أخويا، اهى جنبك أشبع بيها.

بعد وقت / في غرفة منة

كانت تجلس منة على الفراش وهي تبكي بحرقة ووجع، طرق الباب ودخل محمود وكان يحمل بين يديه كوب من الليمون، فور أن رأته مسحت دموعها

جلس محمود أمامها وهو يقدم لها الكوب: 
_ أنا عملت لك ليمون يا منة عشان يهديكي.

أخذته منة وابتسمت بحب وقالت:
_ شكرًا يا بابا.

محمود وهو يربت على خدها بحنان:
_ مش عايزك تزعلي من أمك، أنا عارف إن كلامها دبش وبترمي سمها من غير مراعاة لحد، بس اقولك ايه يا بنتي جاهلة، فاكرة إن الحياه كلها جواز، هي دي عقليتها.

منة بتفهم ممزوج بحزن:
_ يا بابا أنا مش زعلانه منها، بس هي بتوجعني لما تعايرني بشكلي وجسمي، هو أنا اللي اخترت شكلي ولا اخترت جسمي، وبعدين يا بابا أنا مش وحشة كده، ماما محسساني إني شبه القردة.

محمود باعتراض ممزوج بغزل: 
_ لا يا حبيبتي، والله أنتِي جميلة، والله العظيم يا بنتي أنتِي حلوة وجسمك كمان يعني مش تخين اوي، في ناس اتخن منك بكتير، بس هنقول إيه أمك دي ربنا يهديها، (أكمل بحكمة) مش عايزك تفكري في كلامها، حتى لو ما اتجوزتيش دلوقتي عادي، الجواز مش نهاية الدنيا ولا إنجاز، لكن إنجاز إنك تتجوزي راجل محترم يصونك زي ما قلت لك قبل كده، وهفضل أقولها لك طول عمري، ماتتجوزيش يا منة عشان ترضي أمك وترضي المجتمع، اتجوزي لما تحسي أن الراجل ده هو اللي تقدري تعيشي معاه الباقي من عمرك.

ابتسمت منة وهي تهز رأسها بإيجاب:
_ متقلقش يا بابا، يمكن الأول كنت بتأثر، لكن دلوقت لا.

تبسم محمود وهو يربت على كتفها بحنان: 
ربنا يرزقك يا بنتي بابن الحلال اللى يسعدك.

بقلمي_ليلة عادل ⁦(⁠◕⁠ᴗ⁠◕⁠✿⁠)⁩🌹

(بعد فترة)

منزل منة ١١م

_نشاهد منة تجلس في الصالة مع والدها ووالدتها وهي تلعب في هاتفها، كانت تبحث على الرحلات أخذت تقوم بأخذ سكرين شوت لبعض الرحلات، ثم قامت بإرسالها إلى أصدقائها، ثم قامت بتسجيل فويس.

منة بحماس:
_ ايه يا بنات عاملين ايه؟ بصوا أنا اهو شفت كم رحلة لسيوة ودهب وفي كاترين وشرم وأسعارهم حلوة فشوفوا أنتم حابين إيه وأنا معاكم، أنا بصراحة حابة شرم أكتر وحابة كمان رحلة نويبع، بصوا أي حاجة أنا معاكم، بس نسافر المرة دي بالله عليكم عشان أنا زهقانة.

انتظرت قليلًا، ثم قامت حنين بإرسال رسالة لها.
حنين:
_منوشه حبيبتي أنتِي عارفة أنا ما بعرفش اطلع رحلات وابات بره، أنتِي عارفة ماما وبابا عندي بيرفضوا، أنتِي اطلعي لوحدك، او نروح يوم ونرجع مفيش مشكلة.

أرسلت شروق:
_ أنا كان نفسي أقول لك يلا بينا زي أيام زمان، بس أنتِ اكيد سامعة الزن اللي جنبي.

منة: 
_ هاتيه معاكي، أنوس عسل وأنا اللى هشيله إيه المشكلة.

شروق باختناق:
_ يا ستي عمرو مش هيوافق، أنتِي عارفة رخم ومنعنى من السفر والبيات بره، يا شيخة ده بيخليني ابات عند أمي بالعافية، سافري أنتِي شوفي اي حد معاكي في الشركة وسافري معاه.

حنين: 
_شوفي مروة أو ماهيتاب.

منة:
_ ما انتم عارفين مش بنرتاح سوى، طب خلاص تعالوا نروح إسكندرية يوم.

حنين : 
_ طب استنى استأذن ماما وبابا الأول وكمان نخليها أول الشهر أكون قبضت.

منة:
_ ماشي.

شروق:
_متعملوش حسابي لما ترجعوا نخرج هنا.

أغلقت منة الهاتف ووضعته بجانبها ونظرت إلى التلفاز، عقبت والدتها وهي تقول بتهكم على ما سمعته.

مفيدة بتهكم واستهزاء:
_ هو أنتِي فاكرة أنهم فاضيين زيك وماوراهمش ولا شغلة ولا مشغلة؟ فاضيين للسرمحة والصياعة، دي واحدة متجوزة وعندها ولد لسه ست شهور وراجل مسؤول منها، والثانية أهلها ملتزمين ماعندهمش يا أختي بنات تبات بره مش زيك، فاضية وسافلة مش لاقيا اللي يلمك، اقول لك إيه ما أنتِي ما عنديكش حاكم.

منة بحدة: 
_ايه معندكيش حاكم دي؟! والراجل اللي جنبك ده بيعمل إيه؟! أنا مستأذنة منه، وبعدين أنا كبيرة، أنا عندي 27 سنة، الرحلات دي بتكون تبع شركات محترمة، وفيها مشرفين، عيب اللي بتقوليه ده أنا بنتك.

مفيدة باعتراض ممزوج بضجر: 
_ لا يا أختي، صغيرة ولو حتى عندك 40 سنة اسمك بنت، عيب تباتي بره بيتك، احترمي نفسك ومش عشان خاطر بقيتي مهندسة، وبتساعدي في البيت، هتفتكري إن إحنا هنسيبك تروحي وتيجي على كيفك، مش كفاية إن إحنا مستحملين خلقتك العكرة دي ومش لاقين حد راضي بيكي.

محمود بشدة: 
_ايه يا مفيده ايه اللي بتقوليه للبت ده عيب، دي بنتك، اومال الغريب يقول ايه، منة مستأذنة مني، وايه المشكلة لما تسافر أنا واثق في بنتي كويس، وعارف هي بتروح فين وبتيجي منين، رايحة تشم هوا، ايه المشكلة، مالكيش دعوة بيها.

مفيدة: 
_ أنا مش عاجبني اللي أنتَ بتعمله ده، والله العظيم ما عاجبني دي بنت مش واد.

محمود:
_ مالكيش دعوة، أنا حر في بنتي.

مفيدة:
_طيب يا خويا.

وجهت نظراتها لمنة قالت بشدة :
_ بت بقولك إيه بكرة في عريس جايلك وهتقعدي معاه، ومش عايزة أسمع كلمه لا، هتقعدي وتشوفيه هو معاه معهد سنتين لاسلكي، وعنده ٣٥ سنة، وبيشتغل موظف في شركه أدوية بيقبض ٣ آلاف ونص في الشهر وبيشتغل بالليل في صيدلية، وعنده شقة في المرج تمليك، في بيت عيلة، ولو وافق بيكي هتقولي اه، مش عايزة بقى كلمه ما ارتحتلوش وما عرفتلوش وشغل الكهن بتاعك ده بلاش منه، أنتِي مش هتفضلي قاعدة في ارابيزي كده كتير، أنتِي مش حلوة عشان تفضلي تتأمري وتتنكي على خلق الله فاهمة، ما كنتيش يا بت المهندسة الوحيدة في مصر اللي معها الألفا، كل سنة الجامعات بتخرج آلاف المهندسين، ومن الآلفات دول آلافات زيهم قمرات ومحترمين وأخلاقهم عالية فما تقعديش تتنكي يا أختي، وإن شاء الله السفرية دي ماهتنفع، وقدام أبوكي اهو بقولك لو صحابك ماراحوش معاكي مفيش مرواح لوحدك فاهمة.

منة بضيق:
_ريحي نفسك أنا أصلًا مابحبش أروح لوحدي مكان، وأنتِي السبب، أنتِي اللي علمتيني العملة دي، أنا أفضل طول عمري محتاجاهم ومش عارفة أعمل حاجة لوحدي، ده أنا مش عارفة أنزل اشتري هدمتين عشان هما مشغولين.

مفيدة:
_ والله أنتِي زي القرع بتمدي لبره، ما تاخدي أخواتك البنات غلابة، مالهم يا أختي أخواتك البنات، ولا عشان أحلى منك، وأختك مروة العريس اللي جالك آخر مرة افتكرها هي العروسة.

منة:
_ بناتك دول ما يتعاشروش وحياة ربنا، أنا مش عارفة رجالتهم اللي معاهم دول مستحملينهم ازاي!

مفيدة: 
_ زي ما إحنا مستحملينك يا اختي.

محمود: 
_ لا إله إلا الله، هو أنا هفضل كل يوم في النكد ده.

مفيدة:
_ ما تقول لبنتك اللي عمالة ترد عليَّا، المتربية المهندسة المحترمة.

محمود:
_ ما أنتِ برده عمالة تقولي لها كلام زي السم، أنا بنتي مش هتاخد غير واحد محترم وعلى مزاجها، هتفضل قاعدة جنبي كده، عجباني مالكيش دعوة، 
(وجه نظراته لمنة) منة لو صحابك مش فاضيين، هنسافر أنا وأنتِي، نبعد عن خلقة أمك وبناتها.

تبسمت منة:
_ إن شاء الله يا بابا.

رمقتهم مفيدة بحدة وغضب، وكادت أن تتحدث، ولكن منة ركضت بهاتفها نحو غرفتها، ومحمود تصنع بأنه ذاهب ليحضر شيء من المطبخ، فوجدت نفسها وحيدة بعد هروبهما وكتمت غضبها بداخلها.

أمنيات وإن تحققت بقلمي_ليلة عادل⁦(⁠•⁠‿⁠•⁠)⁩💞

_في أحد المواقع الإنشائية ١٠ ص

نشاهد منة وهي ترتدي الملابس الخاصة بالهندسة وهي تقف مع العمال وتباشر العمل بشخصية قوية وعملية جدًا، عكس شخصيتها الضعيفة التي تظهر مع أصدقائها وعائلتها.. توقفت مع رئيس العمال.

منة بعملية ممزوجة بحدة: 
_ إيه يا أسطى أنور المبنى ماخلصش ليه؟ أنت طلبت عمال زيادة، جبتلك العمال الزيادة، قلت لي الحديد اتأخر بنفسي كلمت مدحت بيه، وتاني يوم الحديد كان عندك، في ايه بقى؟! محتاجة توضيح، أنا مطلوب مني أسلم الوحدة دي أول الشهر وبالمنظر ده هسلمها ولا بعد سنة.

أنور: 
_والله يا باش مهندسة احنا شغالين بايدينا واسناننا.

نظرت منة بجانبها بعينيها بضيق فوجدت بعض العمال يضعون شكاير الأسمنت بالقرب منها.

منة بحدة وغضب صاحت في العمال:
_ الشكاير دي بتتحط هنا ليه؟

أجابها أحد العمال بتوضيح:
_ هنشتغل بيها عشان يسهل علينا.

منة بتهكم: 
_ ايه يسهل عليكم دي؟ اللى يخرج على قد اللى هتشتغلوا بيه وبس. 

أخرجت ورقة نظرت بها، ثم قالت:
_ المفروض 30 شيكارة.

قامت بعد الشكائر بأصابع يديها، ثم قالت:
_ دول 60، مطلعين ضعف الكميه ليه؟

أحد العمال:
_ ما هو يا باش مهندسة شويه وهتلاقينا بنشتغل بيهم هما ٣٠ دول هيعملوا حاجة؟

منة بشدة:
_ أنا اللي اقول مش أنتَ، أنا حسبت حسبتي ولقيتهم 30، يبقى الاقي 30 محطوطين هنا، الباقي يدخل جوه يلا انقل لي كل شكاير الأسمنت دي جوه.

العامل بطاعة: 
_ أمرك.

منة بتنبيه:
_ ده ميحصلش تأني مفهوم.

وجهت نظراتها لأنور وقالت:
_ في ايه يا أنور؟ شد على رجالتك شويه، أنا عداهم شيكاره شيكاره، كيلو واحد ينقص هحاسبك أنتَ.

نور: 
_ أمرك يا باش مهندسة.

منة بتساؤل: 
_ ها كنت بتقول لي إيه بقى شغالين بايديكم واسنانكم! فين ده؟ بقول لك يا أنور أنا مش عايزة اسمع الكلام ده، لو عايز عمال تاني قول لي، لكن الكلام من النوعية دي أنا مابفهمش فيه، أنا بسلم بمواعيد وكلمتي واحدة، الباش مهندس مدحت أول الشهر هيستلم مني الوحدة دي، ها عايز عمال زيادة؟

أنور: 
_ لا.

منة بعملية:
_ جميل يبقى خمس أيام والمبنى ده يكون جاهز، عشان أول الشهر عايزة أسلم الوحدة مفهوم، ها قول لي كل حاجة تمام؟ في حاجة محتاجينها؟

أنور: 
_ لا يا باش مهندسة. 

منة: 
_ طيب تعالى معايا بقى كده عشان نراجع على الحاجة.

وبالفعل بدأت منة بالتحرك في الموقع لمعاينة المباني والخامات وهي تمسك بين يديها لوحة وأوراق.

_شركة رسلان ٤م

_مكتب مدحت.

_ نشاهد منة تجلس على المقعد الأمامي للمكتب، وكان بين يديها ملف وكان يجلس خلف المكتب مدحت وهو يستمع إليها بتركيز.

منة بعملية:
_ أنا شيكت على كل حاجة بنفسي أكتر من مرة، لقيت كل حاجة تمام، بس الراجل اللي اسمه أنور ده مش عاجبني.

مدحت بعملية: 
_ هو مش حرامي، بس تقيل وبطئ في الشغل، عشان كده لازم تفضلي وراه.

منة: 
_ ما دام حضرتك واثق فيه مفيش مشكلة، بس أنا شديت عليه جامد وقلت له بعد شهر لازم استلم الوحدة، وحذرته لو الأسبوع الجاي ما استلمتش المبنى بالمعايير اللى طلبتها، همشيه هو واللي معاه. 

مدحت:
_ تمام مش عايزين أي حاجة؟

منة: 
_كله تمام، ومتوفر يا فندم، الطلبية الثانية لسه عليها ثلاث شهور، كمان معينة حراس، ولو في كيلو نقص من أي حاجة من الخامات، أنور إللي هيتحاسب.. أنا بس يا فندم عايزاك تأكد على طلبية الطوب، لأننا محتاجينها يعني مش هينفع نستنى اكتر من يومين.

مدحت: 
_ أنا كلمت محمد وقال لي بكرة العربية هتبقى عندك.

منة:
_ تمام يا فندم (نهضت) أنا هروح عشان هجتمع مع مهندسين العمارة عشان أشوف التصاميم الأخيرة اللي عملوها عشان الوحدة الثانية، والتغييرات اللي حضرتك طلبتها غيروها ولا لسه.

مدحت:
_ تمام واعملي حسابك احنا عندنا ايفنت مهم في شركة النصر كمان أسبوع ولازم تحضريه.

هزت منة رأسها بإيجاب: 
_حاضر يا فندم، بعد إذنك.

منزل منة ٦م

نشاهد منة وهي تدخل من باب الشقة، كانت في استقبالها والدتها، كانت منة تحمل بين يديها أكياس طعام ويبدو عليها الإرهاق.

مفيدة: 
_أتاخرتي كده ليه يا منة؟

منة أثناء تحركها للداخل قالت بتوضيح: 
_ كنت في الموقع، كان عندي شغل كتير ده أنا جيت بدري بالعافية، بقول لك ايه يا ماما أنا جعانة ممكن تسخني لي الأكل لحد ما أغير هدومي واخد لي دش بسرعة أنا جبت لك الحاجة اللي أنتِي عايزاها اهو.

أخذتهم منها مفيدة:
_ أنا عاملة بامية ورز من غير لحمة.

منة:
_ حلوين رضا، أنا جبت لك اللحمة والفراخ زي ما طلبتي.

فتحت شنطتها وأعطتها رزمة من النقود وقالت:
_ اتفضلي الفلوس اهي.

تحركت مفيدة خلفها وهي تقوم بعد النقود: ناقصين 500 جنيه يعني؟

منة بتوضيح التفتت لها: 
_معلش يا ماما، أنتِ عارفة أنا داخلة جمعية، وكمان الحاجة اللي أنا جبتها دي، ودفعت فلوس عشان كورسات تعليم السواقة، فالفلوس قصرت معايا.

مفيدة وهى تجلس على الكنبة: 
_ نفسي أفهم لزمتها ايه الجمعية دي؟

منة:
_عشان عايزة اجيب عربية.

مفيدة بسخرية: 
_ عربية!! عيشي عيشة أهلك.

منة جلست بتوضيح طموح: 
_ ما أنا عايشة عيشة أهلي، بس فيها ايه يعني لما أطور من نفسي، ونكبر من نفسنا، ما دام احنا قادرين على ده، وبكرة بس ربنا يكرمني بفلوس أكتر ممكن كمان نغير الشقة.

مفيدة بتوعية لابنتها: 
_ يا بت بطلي بعزقه الجهاز دلوقتي بقى نار، شوفي التلاجة دلوقتي بكام، ولا البوتاجاز ولا الغسالة يا لهوي أرقام غريبة، هاتي لك حاجات من دي، عربية إيه يا موكوسة، ومالها الشقة ما هي حلوة اهي وسترانا وأنتِي اهو بيضتيها، وغيرت لنا الانتريه، ربنا يكرمك أنتِي بس غير لنا الحمام ورضا.

منة:
إن شاء الله يا ماما، ربنا بس يكرم.

مفيدة: 
_ وابقي انزلي جيبي لك هدمتين حلوين ما دام قبضتي، أنتِي بقالك سنة ماجبتلكيش بلوزة وأنا بغسلك البلوزة الحمرا امبارح لقيتها دابت عملتها حته، عشان ما تلبسهاش تاني عارفاكي، روحي كده جيبيلك كام طقم حلوين، ومكياجات الغالية، وروحي اللي اسمه ايه ده، اللي بيعملوا فيه وشهم ممكن حاجة تنفع معاكي.

منة بتأييد:
_ والله يا ماما أنتِي عندك حق، أنا كان نفسي اشتري لبس، بس أنا كل أما أكلم حنين وشروق ألاقيهم مشغولين، حتى مروة وماهيتاب، ما تنزلي معايا  أنتِ.

مفيدة:
_ لا يا اختي أنا ما بقدرش ركبي بتوجعني، ومالكيش دعوة بماهيتاب عشان جوزها رخم وأمه عينيها يندب فيها رصاصة، لو راحت معاكي، هيقول لأمه مراتي نزلت مع اختها تجيب لبس، وساعتها  أنتِي واختك هترقدولي شهر في المستشفى، هو انا تايهة عن عبلة ولية سِماوية وعينها وحشة، أنتِي انزلي لوحدك أنتِي كبيرة، اومال إيه مهندسة وشغالة في شركة كبيرة، اتنصحي بقي لازم تجيبي حاجات حلوة عشان اللي أنتِي لابساه ده شبه الرجالة جتك نيلة.

تنهدت منة: 
_حاضر يا ماما إن شاء الله هنزل، هكلم شروق تاني وانزل، هروح بقى اخد لي حمام وسخني لي الأكل.

مفيدة بهدوء تحاول أن تسيطر عليها وتقنعها بكسب تعاطفها: 
_ العريس جاي الساعة 8:00 مش عايزة كلام كتير، فرحيني خليني أحبك، عايزة أشيل عيلك قبل ما أموت واطمن عليكي فى بيت عدلك، زي أخواتك انزلي شويه بطموحك، مش عيب، مش هتلاقي واحد على مزاجك ومقاسك، مش عيب لو اتنازلتي شويه يا بنتي، الراجل ميعبهوش إلا جيبه وأخلاقه ولا مؤاخذة بس، الحاجات التانية دي مش مشكلة، أنتِي ممكن بصنعة لطافة كده تخليه يغير من نفسه ويكمل علامه، الست الشاطرة تعرف تخلي راجلها زي الخاتم في صباعها، أصلك مش هتقسي على أمه واخواته ولا تاخدي فلوسه، أنتِي هتخليه يتعلم ويشتغل شغلانة أحسن من اللي بيشتغلها، أصل أنا عارفة دماغك فاصبري، الواد أنا شوفته أم عادل ورتهولي في السوق، أحلى من الصور والله وبيهتم بنفسه ومظهره زي ما بتحبي، بيشتغل في شركة أدوية متثبت فيها 3000 ونص دول مش أساسي بيدخله فلوس ثانية كده مش عارفة إيه والله نسيت، المهم يعني هو بيقفل الأربع الاف ونص في الشهر، ده غير 2000 جنيه تانيين من الصيدلية حلوين، على فلوسك تعيشوا عيشة حلوة، إحنا مش عايزين منك فلوس تاني، خلي فلوسك ليكي أنتِي وجوزك ماشي، عادي يعني لو معاه معهد سنتين ولا دبلوم إيه المشكلة؟

صمتت وهى تنظر إلى منة التي رمقتها بضعف وقالت:



الفصل الرابع 

صمتت مفيدة وهي تنظر إلى منة التي نظرت لها بضعف قالت وهي تهز رأسها بموافقة:
_ حاضر يا ماما قلت لك أنا وافقت خلاص، بس أنتِي قولتي إنه عايش في بيت عيلة وأنتِي مجربة بيت العيلة، عاجبك يعني اللي بيحصل لماهيتاب؟

مفيدة وهى تحاول أن تقنعها بأي شكل: 
_ما أنا هشرط عليه إنك تعيشي لوحدك ماتقلقيش أنا مش هيتضحك علينا زي المرة اللي فاتت، أنا في ظهرك يا بت بس خليني كده حلوه واسمعي الكلام  وفرحيني ووافقي عشان أحبك.

نظرت لها منة بضعف وحزن بعين ترقرقت بالدموع، قالت بأنين خنق نبرة صوتها:
_ هو أنا يعني مش عايزة اتجوز؟ وفرحانة يعني بقعدتي كده؟ أنا نفسي اتجوز راجل محترم يحبني واحبه واخلف، ويبقى ليا حياتي، بس أعمل ايه يا ماما، ما هو أنا على يدك بيجيلي عرسان كتير أقل مني في التعليم وفي المستوى المادي والاجتماعي وبرغم إني أحيانا كنت بتنازل وبوافق، بس هما ما بيوافقوش بيا، اعمل ايه؟ قولي لي اعمل ايه؟ اديني وافقت اهو على العريس وهقعد في بيت عيلة، بس بالله عليكي يا شيخة لو جه وأنا ماعجبتوش ما تفضليش توجعيني بكلامك.

مفيدة باعتراض: 
_ تفي من بوقك، إن شاء الله هتعجبيه، بعدين أنتِي يا منة اللي بتزعليني بصراحة، لما واحد من دول بيعجب بيكي وأنتِي بترفضيه وأنا ما بصدق يا حبيبتي إن حد بيوافق بيكي.

منة بحسرة فى نبرة صوتها: 
_وكل اللي بيوافقوا بيا يا ماما وقيع، وأنتِي عارفة إن هما وقيع ما يتقلعوش من رجلك، ترضيها بالله عليكي ترضيها لي، يعني حمدي ولا صالح ينفعوا، طب فاكرة أحمد الشمام؟ كان ينفع اتجوز واحد شمام؟ ويعيشني مع أمه وما بيشتغلش وأنا اللي هصرف عليه.

نظرت لها مفيدة بحزن وقالت: 
_يا منة أنا عايزة افرح بيكي.

منة بضعف بنصف ابتسامة حزن:
_ هتفرحي، بس أنتِي ادعيلي ربنا يرزقني بابن الحلال اللي يسعدني ويكون عوض، أنا هروح بقى عشان الحق الناس قبل ما تيجي.

(بعد وقت)

نشاهد منة ووالدتها ووالدها والعريس وأمه يجلسون في الصالة، كان العريس ينظر لها من أعلى لأسفل من طرف عينه، فهي لم تعجبه ولم يقل كلمة واحدة طول القاعدة.

محمود بترحيب: 
_والله أنتم منورين يا أم يحيى.

أم العريس:
_ منور بأهله يا أبو مهاب.

بعد وقت رحل العريس هو ووالدته دون أن يتفوه بكلمة واحدة.

كانت مفيدة تقوم بالتحدث مع أحد في الهاتف.

مفيدة بحزن:
_ يعني ايه يا أم عادل البنت ماعجبتوش؟ ده حتى ما تكلمش معاها ولا سمع صوت البنت غير وهي بتقول الحمد لله يا أم عادل.. بعدين البت قبلت بيه وهو أقل منها في التعليم وكمان بيت عيلة، ده أنا فضلت ازن على أبو مهاب والبت يوافقوا، ما أنتِي عارفة يا أختي إننا ملدوعين من بيت عيلة بسبب جوز ماهيتاب.. اه.. والله العظيم راحت عند الدكتور وحاولت تخس بس هنعمل ايه! هي طالعة زي خالتها هرمونات.. وبعدين موضوع النظارة ده راحت لكذا دكتور وقال لها اوعي تقربي من عينيك.. هنعمل ايه طيب ادي الله وادي حكمته.. خلقه ربنا هنقول ايه.. طب أنتِي شوفي لنا واحد ثاني كده برده بس بقولك ايه ما تخلهوش يجي، أنا هبعت لك كم صورة للبنت، وتوريها له قبل ما يجي، عجبته أهلًا وسهلًا ما عجبتوش خلاص، البنت برده بتحط في نفسيتها لما الولا من دول يجي وما يفتحش بقه معاها، كأنه جاي يعين بضاعة.. طيب يا أم عادل، بس ما تنسينيش والنبي عايزة افرح بالبت.. قولي لهم دي مهندسة ما شاء الله وبتقبض 5000 جنيه في الشهر، وبتتكلم لغات وحافظة قرآن جزئين، مش بتسيب فرض، وبتعرف تطبخ ست بيت يعني.. ماشي سلام.

نظر لها محمود وقال بحزن: 
_برده ما عجبتهوش؟ 

مفيدة بحزن: 
_لا ما عجبتوش، عشان تخينة والنظارة، هنعمل اية طيب يا أبو مهاب؟

محمود:
_ لسه نصيبها مجاش، البنت مش كبيرة اوي 27 سنة.

مفيدة:
_ أنا عارفة، بس اديك شايف، البنت سوقها واقف، فين وفين لما بيجي لها عرسان، وعمر ما جالها عريس غير عن طريق حد، عمرها ما راحت فرح ولا حتى في شركتها ولا في جامعتها شافها واحد وحبها وطلبها.

محمود: 
_سيبيها على ربنا، خليها قاعدة كده أحسن ما تتجوز واحد زي جوز ماهيتاب، اللي كل شوية يغضبها عاجبك يعني عيشه بنتك؟

مفيدة باستهجان:
_ اه عجباني عيشة بنتي، اسمها في عصمة راجل مش عانس، اسكت أنت، وبعدين ما تشوف لنا حد عندك في الشغل كده من عيال صحابك أو العيال الصغيرة اللي بيشتغلوا معاك دول، حتى لو باليومية، ايه المشكلة وهي هتبقى تساعده في مصاريف البيت، ايه المشكلة لما تساعد راجلها ما بتقبض فلوس كثير.

محمود: 
_طيب حاضر هشوف.

مفيدة:
_ بس برده ابقى وري له الصورة الأول أو شاور له عليها من بعيد، عشان البنت ما تحطش في نفسيتها لو رفضها.

نظر لها محمود وهو يعقد حاجبيها بتعجب: 
_قولي لنفسك الكلام ده، ما دام بتخافي على مشاعرها بدل ما كل ما تشوفيها تقولي لها بصي لنفسك في المرايه، متتنكيش على حد امال، لو كنتِ حلوة شوية، ده أنتِي كسره دايما بخاطرها.

مفيده بدفاع: 
_اعمل ايه ما هي بتستفزني، أنا ما بصدق اشوف لها عريس ويوافق بيها، وهي تفضل تقول لي ده تعليم قليل، ده شغلنته مش مناسبة، ما ارتحتش، واحنا بنلاقي بالساهل يا محمود عريس يوافق بيها لازم اقول لها الحقيقة، بنتك مش حلوة والرجالة يا حبيبي ما بتاخدش غير النسوان الحلوة هيعمل ايه بالتعليم، وهو في حضنها اخر الليل، هيقول لها قوليلى 5 فى 5 بكام، الرجاله من دول يا حبيبي عايز يشوف خلقة عدلة يتصبح ويتمسى بيها مش شبه واحد صاحبه وأنت راجل وفاهم.

محمود:
_ طب بالراحه على البنت شويه هي هتعمل ايه ربنا اللي خلقها كده.

مفيدة: 
_ أنا نفسي اعرف طالعة وحشة لمين؟ ولا أنا ولا أنت وحشين ولا تخان.

محمود:
_ على فكرة بنتك مش وحشه كده، بنتك ملامحها حلوة، أنتِ اللي شايفاها وحشة.

مفيدة:
_ بقول لك ايه ؟ ده الكلام معاك بيوجع الدماغ، أنا هروح اعمل لي كوبايه شاي اعمل لك معايا؟

محمود بتنبيه أشار بإصبع يده:
_ اعملي وبراحه على البنت شويه مش هقول لك تاني.

كل هذا وكانت تقف منة في نافذة غرفتها تستمع إلى حديث والدها ووالدتها، الذي كان مسموعًا بشدة وعينيها ترقرقتا بالدموع، ذهبت وتوجهت إلى مرآة الخزانة، وقفت وهي تركز النظر في ملامح وجهها وجسمها ..

وقالت بصوت داخلي بوجع خنق صوتها باستغراب وحيرة واضطراب:
_ هو أنا فعلًا وحشة كده وتخينة اوي كده وأنا مش عارفة؟! وواخدة في نفسي مقلب؟ ولا هما اللي شايفني وحشة؟ ما في بنات أتخن مني بكتير اتجوزوا وأوحش منى كمان! وبعدين ده مفيش حد فيهم حاول يسمعني يعرف حتى صوتي تخين ولا رفيع !! هو أنا مش من حقي اختار وأرفض؟ لازم أي واحد يجيلي أقول أنا موافقة وأقبل بشروطه وتنازل، أنا تعبت حقيقى، تعبت صبرك يا رب.
رفعت عينيها لأعلى بضعف وبقهر قالت:
_عشان خاطري يا رب، عشان خاطري، صبرني وقويني، عشان أنا بدأت أضعف تاني، أنا مهما حاولت أعمل نفسي قوية، بس أنا ضعيفة، أنا نفسي أتجوز، نفسي أتحب وأحب، ويبقى ليا حياة زي أخواتي وأصحابي، بس اعمل ايه قوينى يا رب. 

(بعد كم يوم)

في أحد محلات البقالة، ٧م

نشاهد منة تقف أمام المحل وهي تقوم بشراء بعض الأطعمة.

البقال: 
_حاجة تاني؟

منة : اها وهاتلي تمن لانشون حلواني وربع براميلي و١٠ بيضات.

جاءت إحدى السيدات التي يبدو من مظهرها أنها في أوائل الخمسينات ترتدي عباءة سوداء.

السيدة: السلام عليكم، بقول لك ايه يا خيري عايزة ب 10 جنيه لانشون بيفي وبيضتين.
(نظرت بجانبها قالت بابتسامه) منة ازيك يا حبيبتي عاملة ايه؟

نظرت لها بابتسامة:
_ الحمد لله، ازي حضرتك يا طنط؟

السيدة: 
_ والله الحمد لله يا حبيبتي، ما بقيناش نشوفك خالص.

منة: والله الشغل بقى يا طنط، عاملة ايه وسلمى أخبارها ايه؟

السيدة: والله الحمد لله، اهي لسه والده بقى لها كم يوم.

منة: 
_ما شاء الله، الله أكبر، ربنا يخلي يا رب ويسعدها.

السيدة:
_ وأنتِي يا حبيبتي عاملة ايه جبتي حاجة ولا لسه؟

نظرت لها منه باستغراب:
_ أنا لسه ما اتجوزتش دي ماهيتاب.

نظرت لها السيدة:
_ والله، ازاي يا منة يا حبيبتي؟ ما ينفعش كده احنا عايزين نفرح بيكي ده دلوقتي اللي قدك عندهم اثنين وثلاثه طولك، أنيتِ مش جبت ال 29؟

منة:
_لا انا عندي حوالي 28 .

السيدة:
_ برده كلها سنتين وتخش ال 30 وبعد ال 30 سوق البنات بيبرك، اه يا بنتي انا كان لي واحده كده اعرفها فضلت تتنك على عرسان لحد ما وصلت ال 30 محدش خلاص كبرت وسوقها وقف، وصلت دلوقتي 45 ومحدش عايزها، هيعمل بها ايه؟ اللي في سنها عيالهم بيتجوزوا.

منة بعقلانية:
_الجواز قسمة ونصيب يا طنط، مش بالاختيار ولا قرار، هو نصيب ومكتوب عند ربنا سبحانه وتعالى، أكيد لما يجي لي حد محترم وكويس أخلاقه عالية مش هقول لا، لكن يا فرحتي يا طنط أن يجي لي عريس واتجوزه ويطلع عيني ويضربني زي سلمى بنت حضرتك، أنا كنت عارفة إن حصل مشكلة كبيرة جدًا بين جوزها وبين يوسف ابن حضرتك، لدرجة إن وصلت للأقسام، فاعتقد حاجة زي كده ونسب زي ده يخلي الواحد يحذر يعني، أنا ما عنديش مشكلة اتجوز وانا بنت 40 سنة، راجل محترم يتقي الله فيا أنا وأهلي ولا اتجوز وأنا بنت 14 واحد يفطرني بعلقة ويعشيني بعلقة، ويسب لي بالأب والأم، ويسمع بيا الشارع كله، ولا ايه؟

نظرت لها السيدة من أعلى لأسفل، وأخذت ما تريد ورحلت دون ان تتفوه بكلمة.

نظر لها البقال وقال لها:
_ أحسن يا منة إنك رديتي عليها كده، ست ما عندهاش دم، ده جوز بنتها فاضحهم في المنطقه كلها، هي نسيت ولا ايه.

منة:
_والله يا عمو أنا مكنش قصدي خالص، بس فعلًا مش إنجاز يعني إن أنا أتجوز بسرعة وأنا في سن صغير واحد يبهدلني، اختيار الراجل الصالح المناسب التقي هو اللي إنجاز حتى لو في سن كبير. 

البقال: 
_ ربنا يفرحنا بيكِ يا منة إن شاء الله.

_شركة رسلان للمقاولات ٢م

_مكتب منة.

_نشاهد منة تقوم بعمل مكالمة وهي تجلس على مقعد المكتب، وتقوم بالاتصال بحنين لكي تسألها عن موقفها من الرحلة.

منة: 
_ايه يا بنتى؟ مردتيش عليَّا وفات كتير.. مش هينفع ليه؟ طب حاولى.. طب نخليها وقت تانى.. طيب.. لا مش هروح مش حابة ابقى لوحدي، ماشي سلام.

أغلقت الهاتف وهي تشعر بالضيق الشديد، تريد أن تسافر وأن تغير جو، لكن لم تجد أحد يذهب معها ولا تعرف أن تذهب بمفردها، ثم فتحت اللاب توب وقامت بالعمل لكي تشغل تفكيرها ووقتها فى العمل.

_منزل منة ٦م 

_غرفة النوم .

_نشاهد منة تقف أمام خزانة الملابس وهي تبحث في ملابسها بحيرة وهي تقول في نفسها: 
_أنا لازم اشتري كم طقم، هدومي كلها قدمت فعلًا، وأنا بشتغل في شركة كبيرة، ما ينفعش اللي أنا فيه ده، دول بيهتموا بالمظاهر جدًا، ده أنا أيام الجامعة كل أسبوع بجيب طقم.

أمسكت هاتفها وقامت بعمل مكالمة لشروق:
_ الو، ايه يا شروق بقول لك ايه أنتِي فاضية بكرة بعد الساعة ٧ كده؟ يعني عايزة انزل اشتري كم طقم.. هدومي كلها قدمت.. لا.. طب يوم الاثنين؟ اكيد ما تطنشيش زي المرة اللي فاتت، خلاص ماشي سلام.

_شركه رسلان للمقاولات ٤م

_الكافتيريا

_ نشاهد منة تجلس على البار وهي تحتسي الشاي وتتناول الكيك، وبعد قليل اقترب منها محمد بابتسامة ترتسم على وجهه.

محمد بمرح:
_هالو منوش. 
جلسه بجانبها سألها باهتمام:
_ أخبارك ايه؟ مش قولتي النهارده هتمشي بدري عشان نازلة مع شروق تجيبوا لبس.

منة وهى تحتسى الشاى: 
_اعتذرت اتخانقت مع عمرو امبارح وقال لها مفيش نزول.

محمد: 
_ ما تنزلي مع نفسك.

منة وهى تزم شفتيها:
_ مابحبش ومابعرفش الصراحة.

محمد بمزاح:
_ ليه صغيرة؟

منة بتوضيح:
_ لا مش صغيرة، بس مبحبش اعمل حاجة لوحدي، عارف لما تمشي لوحدك كده في الشارع وتقعد تتفرج على الفتارين وأنت لوحدك إحساس رخم جدًا، على فكرة هما مش بيختاروا لي اللبس، أنا اللي بختار كل حاجة لنفسي ورخمة جدًا في الموضوع ده، ما بقتنعش يعني بذوق حد، بس يبقوا معايا ونس.

عدل محمد من جلسته ونظر لها بتركيز وقال بعقلانية: 
_بصي يا منة، أنا ممكن أقولك اجي معاكي، بس اكيد مش هينفع، أنا عايزك تتعلمي تعتمدي على نفسك، طبيعي الناس مش هتكون فاضية زي الأول، مش هينفع تفضلي موقفة حياتك عشان خاطر صاحبتك، مش فاضية، يعني أنتِي دلوقتي بتقولي إنك محتاجه جدًا تجيبي لبس، ومش هينفع تأخري نفسك عشان هما مش فاضيين.

منة بتبرير: 
_هي قالت لي خليها بكرة، وأكدت عليَّا إنها أكيد هتيجى معايا، بعدين هي بتنزل معايا عشان حرام مفتريش عليها.

محمد بعقلانية:
_ بس وقتها مبقاش متاح زي الأول؛ لأن بقى في حياتها زوج وطفل مسؤولين منها.

منة: 
_بالظبط، فأنا عارفة إن هو غصب عنها، بس أنا لما بحتاج من شروق أي حاجة في أي وقت بصراحة بلاقيها.

محمد:
_ منة ركزي معايا، أنا بتكلم في نقطة واحدة، نقطة إنك موقفة حياتك على أصحابك، مابتخرجيش، حتى السفرية بتاعة دهب اللي كان نفسك تروحيها ما عرفتيش تروحيها عشان هما مش عارفين.
ما تروحي لوحدك، ايه المشكلة، انزلي جيبي لبس لوحدك ايه المشكلة، اعتمدي على نفسك لأن ما ينفعش تفضلي موقفة حياتك على الآخرين، أنا مش فاهم يا منة أنتِي ازاي شاطرة كده في شغلك وشخصيتك قويه، بس في حياتك الشخصية عندك عيوب كثير لازم تغيريها عشانك.

نظرت له منة دون رد وهي تفكر في حديثه، فهو محق في كل كلمة قالها.

(بعد وقت) 

_نشاهد منة وهي تسير في الشوارع تنظر في الفتارين يبدو أن حديث محمد معها جاء بنتيجة، وبعد مرورها على أكثر من محل دخلت أحد المحلات، أخذت تتطلع على الملابس المختلفة وتمسك القطع وتقوم بقياسها على نفسها من الخارج، لكنها شعرت بالحزن أنها بمفردها ولا تستطيع أن تأخذ رأي أحد هل هذه ملابس مناسبة أم لا، وضعتها في مكانها وذهبت إلى بيتها.

وفي اليوم التالي قامت بالاتصال بشروق لكي تذهبا معًا شراء الملابس كما وعدتها شروق في اليوم السابق، لكن كالعادة لم تستطع شروق الذهاب معها شعرت بالحزن وخيبة الأمل.

كانت هذه هي العادة عدم استطاعة أحد الذهاب معها، ولكن عندما كانت شروق لديها الوقت لكي تذهب مع منة للتسوق كانت منة منشغله في الموقع لا تستطيع الذهاب ف اوقاتهم غير مناسبة لبعض.

( بعد مرور أيام)

_شركة رسلان للعقارات ١م

_مكتب منة 

_نشاهدها تجلس على مقعد مكتبها وكانت تركز النظر في اللاب توب الذي أمامها، وبعد دقائق طرق الباب دخلت السكرتيرة وهي تقول لها.

أصالة وهى تتقدم نحوها باحترام:
_ مساء الخير باشمهندسه منة.

رفعت منة عينيها نحوها بابتسامة: 
_مساء النور يا أصالة.

أصالة:
_ مدحت بيه بيفكرك بالايفنت بتاع شركة النصر، وبيقول لك إنه هيبعتلك العربية تاخد حضرتك من قصاد البيت الساعة ٧.

هزت منة رأسها بإيجاب وهي تقول بتساؤل:
_ هو باشمهندس محمد وصل ولا لسه من الموقع؟

أصالة وهي تهز رأسها بنفي:

_ لسه يا فندم.
منة: 
_ تمام يا أصالة، شكرًا اتفضلي.

هزت أصالة رأسها بإيجاب واحترام وخرجت إلى الخارج.

عادت منة بظهرها على ظهر المقعد، وهي تحك جبينها يبدو أنها تناست موضوع الحفل قالت بصوت منخفض: 
_ يا نهار أبيض ده أنا نسيت خالص موضوع الحفلة ده وما عنديش حاجة البسها حلوة، أنا هكلم شروق، 
لا شروق أكيد هتقولي حماتي جاية أو أمي جاية أو عمرو مش موافق زي كل مرة، هكلم حنين؟! لا حنين صح النهار ده عندها درس قرآن، طب اكلم مين؟ ما عنديش حد أكلمه غيرهم، أكلم مروة اتحمل رزالتها؟! هكلمها.

وبالفعل قامت بالاتصال بشقيقتها مروة.

منة بمرح: 
_ رورو عامله ايه؟

مروة باقتضاب:
كويسة .

منة:
_ بقول لك ايه يا حبي انتؤ فاضيه النهارده تيجي معايا عايزه انزل اشتري لبس عشان عندي حفله مهمه .

مروة:
_ معلش يا منة مش هينفع، هنضف الشقه النهار ده، وماقولتش لجوزي وأنتِي عارفاه تنح .

منة:
_ ماشي مش مشكله .

مروة :
_ طب ماتكلمي ماهيتاب، ولا اقولك صح ما هي كانت قايلالي امبارح إن هي عند حماتها اليومين دول.

منة : 
_اه ما انا عارفة، كلمت ماما امبارح وكانت بتشتكيلها، خلاص انا هشوف كده شروق لو ينفع تيجي، لو منفعش هروح مع نفسي وخلاص. 

مروة:
_ طيب ماشي سلام.

منة:
_ سلام.

منة بصوت داخلي قالت:
_ أنا هكلم شروق واجرب، واسمي جربت يمكن المرة دي تقول لي انزل.

رفعت هاتفها وقامت بعمل مكالمة إلى شروق وبعد قليل أتاها صوت شروق من الاتجاه الآخر.

منة: 
_ حبي عاملة ايه؟

شروق:
_ تمام يا قلبي، أنتِ عاملة ايه؟

منة:
_ الحمد لله، بقول لك ايه يا شروق فاضية النهار ده تيجي معايا اجيب لبس؟ عندي النهار ده حفلة مهمة وعايزة اجيب لها حاجة كده تكون حلوة.

شروق:
_طب ما كلمتنيش يا بنتي ليه من بدري ولا حتى قولتيلي من امبارح؟

منة: 
_والله يا شروق أنا كنت ناسية خالص، ده لسه أصالة السكرتيرة مفكراني.

شروق بخجل:
_ أنا آسفة يا منة، مش هقدر، حماتي النهار ده جاية ومش هعرف اجي معاكي خالص، وبعدين يا بنتي أنتِي ماشية بالعكس؟ يعني الأيام اللي أنا ابقى فاضية فيها بقول لك يلا ننزل تقولي لي أنا في الموقع وعندي اجتماع.

منة: 
_طب اعمل ايه طيب؟ أنا نحس.

شروق:
_ لا متقوليش كدة يا قلبي، بصي عندي فكرة ممكن أكون معاكي على التليفون وأنتِي بتختاري، ونتكلم مكالمة فيديو نختار سوا.

منة :
_ خلاص تمام، ماشي يا حبيبتي.

شروق باعتذار:
_ أنا آسفة بجد يا منة، اوعي تزعلي. 

منة:
_ يا ستي عادي ولا يهمك.

أغلقت الهاتف ووضعته على المكتب وهي تشعر بالحيرة والحزن؛ فهي لا تعرف ماذا تفعل، فهي لا تحب ولا تفضل أن تنزل بمفردها لاختيار الملابس، فـهذا الشي يشعرها بالضيق والوحدة كما نعلم.

فبسبب ذلك الموضوع لم تذهب إلى دهب كما كانت تريد وأكثر من مرة تأخرت على شراء ملابس جديدة، فهي كما نعلم لا تعرف أن تفعل شيئا بمفردها؛ فهى تعودت أن يكون معها أصدقائها ويشاركوها كل شيء، لكن هذه المرة لا تستطيع أن تؤجل شرائها لملابس جديدة كما كانت تفعل من قبل.. أخذت تفكر وتفكر، ثم قالت بصوت: 
_ ايه المشكلة لما انزل اشتري لبس لوحدي واعتمد على نفسي وعلى ذوقي زي ما محمد قالي، أصلًا كده كده هم بيبقوا معايا عشان يسلوني، لكن أنا اللي بختار بنفسي ولو عظت مقاس أكبر هنادي البنت عادي، ايه المشكلة ولا اخرج باللي أنا لابساه وأقول لها اديني الأكبر، اعتمدي على نفسك يا منة، الناس ما بقتش فاضية لك زي الأول، كل واحد بقى له حياته، لازم تتعودي إنك تبقي لوحدك، مش هينفع تفضلي موقفة حياتك عشان خاطرهم، جربي مش هتخسري حاجة.

تنهدت وأغلقت اللاب توب الذي أمامها، ثم نهضت وأخذت حقيبة يديها وخرجت إلى الخارج 

أثناء خروجها التقطت بالسكرتيرة أصالة وقالت لها.

منة وهى تنظر إلى أصالة:
_ أصالة أنا همشي عندي مشوار ومش هرجع تاني لو حصل حاجة كلميني تمام.

أصالة وهي تجلس هزت رأسها بإيجاب:
_ تمام يا فندم.

وبالفعل توجهت منة إلى أحد المولات لشراء ملابس خاصة بها بمفردها لأول مرة..

فنشاهدها وهي تسير في المول تدخل المحلات وتقوم بقياس الملابس كانت يبدو على ملامحها في البداية التوتر والحيرة، لكن مع الوقت بدأت أن تتكييف مع الوضع كانت تقوم بأخذ آراء المتواجدين في المحل وكانوا متعاونين معها بشكل كبير وبعد أن انتهت من شراء الملابس المناسبة لهذا الافينت توجهت لأحد المطاعم وجلست به وقامت بتناول الوجبة، كانت تشعر بسعادة كبيرة أنها استطاعت أن تفعل شيئًا بمفردها لأول مرة دون أن تحتاج لأحد فهو انتصار كبير وعظيم نجحت به منة هذه المرة.

امنيات وأن تحققت بقلمي_ليلة عادل⁦(⁠◕⁠ᴗ⁠◕⁠✿⁠)⁩ ♥️ 💞

في أحد القاعات المفتوحة، ٨م 

نشاهد حركة دخول وخروج مع استماع لموسيقى هادئة، ثم نشاهد منة وهي تتوقف مع أصدقائها 
ترتدي فستانًا أنيقًا جدًا في منتهى الجمال عليها تضع القليل من مستحضرات التجميل وتربط الحجاب بشكل تربون وترتدي النظارة.

اقترب منها محمد بمرح: 
_ منوش أخبارك ايه؟

منة التفتت له: 
_تمام، الحمد لله، وأنت؟

محمد:
_ تمام.

مرر عينه عليها من أعلى لأسفل: 
_ أنا أول مرة أشوفك بالدريس ده، شكله جديد، ها أخيرًا اصحابك حنوا عليكي ونزلوا معاكي.

منة وهي فرحانة بنفسها: 
_ أنا هفاجئك، أنا نزلت لوحدي، يعني فكرت في كلامك واتحمست كده بالأخص لما لقيتني قدام الأمر الواقع نزلت النهار ده لما مشيت بدري، واشتريت بقى حاجات كتير، كتير لدرجة إن ماما قالت لي هو أنتِي جبتي لبس ل 10 سنين قدام، اصلي اتحمست اوي فقعدت اشتري اشتري.

محمد: 
برافو عليكي، وها حاسة بقى باختلاف؟

منة بتوضيح:
_ يمكن في الأول حسيت كده، أنا متضايقة مش مبسوطة وكنت هتراجع، بس مسكت نفسي مع أول فستان وأول بلوزة خلاص بقيت مضادة للفيروس.

محمد: 
_برافو، بما إن احنا بقى واخدين إجازة يومين لازم تطلعي إسكندرية أو السخنة مع نفسك.

منة: 
_ بالراحة شويه عليَّا يا عم، مش مرة واحدة كده.

محمد وهو يخرج هاتفه:
_ لا، مرة واحدة، بصي في فندق على طول بروحه أنا وإيمي حلو جدًا، ومش غالي هحجز لك واحجز لك القطر عشان أمان.

رفع محمد هاتفه وقام بعمل مكالمة وحجز في الفندق:
_ آلو، السلام عليكم، لو سمحت كنت عايز أحجز غرفة لشخص واحد من الخميس للسبت، تمام باسم منة محمود عبد الفضيل، ميرسي.

منة وهي تضحك: 
_ أنت مجنون.

محمد:
_ لا مش مجنون، ده قرار، فاكرة لما روحتي الكورس بتاع التنمية البشرية والكوتش قال إن التغير قرار، فلازم تاخدي القرار وتنفذيه على طول، وأنا اهو ساعدتك وسهلت لك أول حبل إنك تروحي تلاقي الفندق موجود، ما تقعديش تدوري، بس المرة الجاية هسيبك مع نفسك.

تبسمت منة بتأييد:
_ أنت عندك حق، أنا فعلًا لازم اروح لوحدي وأبسط نفسي.

وبالفعل ذهبت منه إلى مدينة الإسكندرية.

نشاهد منة وهي تجلس في القطار المتجه إلى مدينة الإسكندرية، يبدو على ملامح وجهها الضيق والملل، فالطريق كان مملًا بالنسبة لها، كانت تحاول الاستماع إلى الأغاني والاستمتاع بالمناظر وهي تنظر من النافذة، لكنه لم يجد نفعًا، كانت من حين لآخر تنظر إلى المقعد الفارغ المجاور لها بحزن وهي تتمنى أن يكون أحدهم معها، ليكون الطريق مسليًا وجميلًا وأكثر متعة، وعندما وصلت إلى مدينة الإسكندرية، توجهت إلى الفندق وعند دخولها الغرفة ألقت بحقيبتها على الأرض، وجلست على الفراش بملل كان يبدو عليها الضيق بشدة، لأنها بمفردها. 

قالت بصوت: 
_ أنا شكلي كده هرجع مصر ايه الملل ده، على رأي المثل جنة من غير ناس ما تداس.

صمتت بثواني وقالت برفض:
_ايه المثل الوحش ده اللي مالوش معنى، ازاي جنة من غير ناس ما تنداس، هما الناس عملوا لي ايه أصلًا، دول صداع، بالعكس جنة من غير ناس تتداس ونص، بعدين لازم اعتمد على نفسي أنا بكبر دول من دلوقت وهما مشغولين مش فاضيين، امال لما يجيبوا عيل واثنين وأولادهم يكبروا ومسؤولياتهم تكبر هيعملوا ايه، ده لو افتكروا يقولوا لي ازيك يا منة احمد ربنا، وأنا شكلي كده مطولة لوحدي، لازم اعتمد على نفسي، وزي ما الكوتش قال لي هو قرار، بعدين ما أنا خدت كورس لوحدي قبل كده، وبردو في الأول كنت مضايقة بعدين تعايشت، وبنزل الشغل لوحدي، وباروح الموقع لوحدي، محدش بياكلني، ده بيخافوا مني، اجمدي يا منة اجمدي يا منة، وقومي في البلكونة واستمتعي بنسيم الهوا، أنتِي جيتي إسكندرية بعد ثلاث سنين شوق.

نهضت وتوجهت إلى الشرفة، كانت إطلالتها على البحر في منتهى الجمال، تبسمت وهي تقول: 
_ الله شكل البحر جميل اوي، ولا ريحة البحر. استنشقت بسعادة.
_ يا ريت كان حد من صحابي معايا.

وقفت وهي تتأمل البحر وبعد قليل دخلت إلى الداخل وجلست وهي تزم شفتيها بضيق وملل،
فهي لم تعتاد حتى الآن على تواجدها بمفردها.

أخذت تدور الأفكار برأسها بصوت داخلي قالت: 
_ انزل البحر ولا أفضل قاعدة في الأوضة!! ولا انزل اتمشى؟ بس الجو حر وإسكندرية خروجاتها بالليل تبقى أجمل، طب لو نزلت البحر احط الحاجة مع مين؟ أنا مخدش حاجات معايا، يدوب الفوطة والفلوس وازازه مياه، والشبشب لو اتسرق مش إشكال وبالفعل نهضت وارتدت المايوه الشرعي (البوركيني)، وتوجهت إلى شاطئ البحر.

توقفت مع رجل الشماسي طلبت شمسية ومقعد وطاولة.

منة:
_ بقول لك ايه خلي الباقي معاك وأنا مروحة هاخدهم منك، ماشي.

رجل الشماسي:
_ تمام يا مزمزيل.

جلست وهي ما زالت لم تعتد على الأجواء باضطرابات وهي تنظر إلى البحر وهي تفكر هل تنزل وتعوم أم تظل تجلس هكذا.. لكن بعد وقت قليل أخذت قرارها وخلعت الشبشب وطلبت من إحدى العائلات الجالسة بجانبها أن ينتبهوا إلى ممتلكاتها ونزلت إلى البحر وأخذت تعوم وتستمتع. 

وبعد قليل اقتربت منها إحدى الفتيات 

الفتاه بتودد: 
_أنتِ_ لوحدك.

منة:
_ اه، لوحدي.

الفتاة:
_ فين أخواتك أو قرايبك؟

منة نظرت لها هل تجيبها أنها مفردها أم تكذب عليها، قررت أن تكذب عليها لأنها لم تعرفها جيدًا:
_ منزلوش، وأنا كنت زهقانة وحرانة، فقلت هنزل لوحدي.

الفتاة:
_ أنا ما عنديش غير بابا وماما، ما عنديش أخوات عشان كده بنزل لوحدي، على فكرة احنا الشمسية اللي جنبك، أنتِي طلبتي من ماما تاخد بالها من الحاجة بتاعتك.

منة:
_ بجد؟ طب خلاص نخلينا مع بعض بقى، أنا اسمي منة، وأنتِي؟

الفتاة: 
_ اسمي رحمة، أنتِي عندك كم سنة؟

منة:
_ ٢٨ ومهندسة مدنية، وأنتِي؟

رحمة:
_ أنا خدمة اجتماعية، وعندي 25 سنة وسنجل.

منة:
_ وأنا كمان سنجل.

ضحكتا وأخذتا تعومان سويًا، وتلعبان وتمرحان وقضتا وقتًا جميلًا مع بعضهما، واتفقتا أن تذهبا في الليل مع بعضهما للتنزه.

بالفعل التقت منة برحمة في الليل، وقضتا وقتًا ممتعًا في مدينة الإسكندرية، تناولتا الآيس كريم لم تشعر منة بالوحدة أو الضيق مثل الصباح، فيبدو أنها بدأت أن تعتاد على الأمر.

حتى في اليوم التالي اتفقت مع رحمة أن تذهبا مع بعض إلى الشاطئ وفي الليل كانتا تخرجان مع بعضهما، حتى قامت منة بمد إجازتها يومين آخران، لكن آخر يوم كان بمفردها بقصد، فهي كانت تحاول أن تعيش هذه الأجواء بمفردها، بعد سفر رحمة.

فذهبت في الصباح إلى الشاطئ وطلبت من إحدى العائلات التي بجوارها أن تنتبه لممتلكاتها، ثم نزلت إلى البحر، أخذت تعوم، لكنها هذه المرة لم تتعرف على أحدهم، لكنها كانت مستمتعة جدًا وفي الليل أخذت تسير في الشوارع وعلى الكورنيش وتناولت الآيس كريم وغزل البنات.

فأخيرًا منة تحررت من شرنقة أصدقائها، التي دائمًا كانت تمنعها أن تفعل الكثير مما تريد، وعادت إلى القاهرة.. وهي في غاية السعادة أنها استطاعت أن تفعل كل هذا بمفردها. 

_في إحدى حدائق القاهرة، ٥م

_نشاهد منة تجلس مع شروق وحنين على إحدى الطاولات وهن تتبادلن الحديث.

شروق بدعم: 
_على فكرة أنا مبسوطة لك اوي إنك قدرتي تسافري لوحدك، أنا عارفة إن احنا خذلناكي كثير، بس أنتِي عارفة أنا كنت صايعة قبل الجواز وبنسافر سوا، بس عمرو صعب.

منة:
_ بصراحه محمد دعمني جدُا في الموضوع ده، يمكن في أول كم ساعة كده وطول الطريق كنت متضايقة، كنت عايزة ارجع، بس مسكت نفسي، ولما روحت الشاطئ أول مرة نفس الكلام كنت عايزة ارجع وألم هدومي وأرجع القاهرة، بس قلت لا أنا هكمل، لحد ما أتعرفت على رحمة، بنت ذوق هي وأهلها وقضينا مع بعض ثلاث أيام جمال، أصلًا كنت المفروض ارجع السبت روحت وخده إجازة تاني يومين، حتى بعد ما رحمة قالت لي خلاص إن هما هيمشوا يوم الحد، كنت خلاص هحجز وارجع، بس قلت لا، أنا أصلًا ما استفدتش حاجة كده، قلت أنا هقعد يوم زيادة عشان ابقى لوحدي، لأن هو ده المطلوب إني اتعود على الوحدة، وأستمتع بالحدث لوحدي، وفعلًا يوم الاثنين نزلت البحر، وطلبت من الناس عادي إن هم ياخدوا بالهم من الحاجه بتاعتي، وساعتها انبسطت جدًا وقضيت يوم تحفة، محستش إني متضايقة، وبالليل نزلت وخرجت وجبت لي آيس كريم وغزل بنات وأكلت في محل، تصدقوا بالله من غير زعل لما كنت لوحدي حسيت كده إن دماغي راقت وفوقت وما بفكرش في أي حاجة سلبية، عارفين لو أنتم كنتم معايا هنقعد نتكلم على الأحزان وعلى أمي وعلى الجواز والخسسان، لكن لوحدي والله العظيم روقان ولا الأفكار السلبية هاجمتني لأني وحيدة، ده بالعكس أنا جالي أفكار للشغل حلوة جدًا هبلغ بيها مدحت بيه لما يرجع بالسلامة، أنا قلتها لمحمد عجبته جدًا.

حنين بتشجيع:
_ برافو عليكي، ايوه كده أنا مكنش عاجبني أبدًا أن أنتِي موقفة حياتك عشاننا، برغم إن هو بيبقى غصب عننا، وأنتِي أكيد فاهمة ده، بس ما ينفعش في أوقات لازم تنزلي وما توقفيش حياتك على حد، يعني مثلًا لو عايزة تجيبي لبس، بس مش مهم اللي هو مجرد حاجة كده زيادة ممكن تستني لحد ما ظروفنا تسمح، لكن لو حاجة مهمة انزلي لوحدك، كورسات مهمة عشان شغلك انزلي، عايزة تغيري جو روحي كده.

منة بتأييد:
_ أنا فعلًا هعمل كده، وقلت أول إجازة هتيجي لي هروح الرحلة بتاعة دهب دي.

شروق:
_ بس أنتِي برده جربي قولي لي وأنا هجرب مع عمرو يمكن.

منة:
_ من غير ما تقولي أنا كنت هقول لكم، لو ينفع تعالوا، ما نفعش خلاص بقى هروح أنا، نفسي بجد أفضل كده ومزهقش من الوحدة وأني بعمل حاجات كتير لوحدي.

شروق بتوضيح: 
_ منة احنا معاكي، بس الأوقات اللي مش هنعرف نبقى معاكي انزلى، احنا بس عايزينك متوقفيش حياتك علينا، لكن طبعًا هنخرج ونتقابل ونجيب لبس سوا وناخد كورسات الصحة النفسية سوا زي ما اتفقنا، أنا خلاص اتفقت مع عمرو وماما، أنا مستنياكي.

منة:
_ أخلص بس المشروع اللي واريا عشان نظبط مواعيد المحاضرات مع الشغل.

شروق: 
_ اتفقنا.

منزل منة، ١٠م

نشاهد منة تجلس في الصالة على اللاب توب مع والدها ووالدتها ومروة وأثناء ذلك رن هاتف المنزل، رفعت مفيدة سماعة الهاتف:
_الو ازيك يا حبيبتي، عاملة ايه يا سهير؟ كويسين يا حبيبتي.. تمام والله.. ايه والله؟! ألف مبروك، ما قلتوش يعني! اممم، إن شاء الله هنيجي بإذن الله، ألف مبروك يا حبيبتي، سلام.

محمود تساؤل:
_ في ايه بتكلمي سهير مرات أخويا صابر؟

مفيدة بتهكم: 
_ أخوك اللي أنت بتحبه خطب لبنته، والخطوبة بعد بكرة، شوف عزمك امتى، عشان خاطر لما إن شاء الله نجوز منة أقسم بالله لأقول لهم قبلها بليلة، وابقى اتكلم ساعتها يا محمود، مش كفاية مش هعرف أردهلهم إلا  في منة وياعالم هعرف ولا لا.

مروة:
_ أكيد عملوا كده عشان خاطر خايفين من الحسد، عشان خاطر منة لحد دلوقتي ما اتجوزتش.

مفيدة:
_ ده أكيد.. نظرت لمنة.. بت يا منة مفيش حاجة اسمها مش هروح، هتيجي معايا وهتقعدي وتصقفي وتفرحي لبنت عمك.

منة بطيبة: 
_على فكرة أنا فرحانة لها، نيرة تستاهل كل خير، ومعتقدش إنهم خبوا عشان غيرة، يمكن عادي وجت فجأة.

مفيدة: 
_ اسكتي أنتِي، ازاي جت كده؟ يعني الراجل جه اتقدم واتفقوا وشافوا الشقة وقرأوا الفاتحة ونزلوا جابوا الشبكة وراحت البنت جابت الفستان واتفقت مع الكوافير كل ده صدفة، وبسرعة ليه مخطوبين على قفانا، أقسم بالله، هو عشان الحسد، عشان بنتي لحد دلوقتي ما اتجوزتش، وهي كبيرة وبنتهم الصغيرة اتجوزت فخايفين نحسدهم.

محمود: 
_ أنا هعاتب صابر عشان مفروض يقول لي، أنا أخوه، أنا بفكر ما اروحش.

مفيدة:
_ لا هنروح طبعًا أحسن يفتكروا إن احنا زعلانين وغيرانين، هنروح ونص، منك لأخوك، أنا ما ليش دعوة. 

الخطوبة

مظهر عام للقاعة من الداخل، هي قاعة بسيطة، البعض يقف، والبعض يرقص، والبعض يجلس على الطاولات وهم يرتدون ملابس مناسبة للحدث.. ثم نشاهد منة ومروة تجلسان بجانب بعضهما وبجانبهما مفيدة على المقاعد كانت منة تضع القليل من مستحضرات التجميل، اقتربت منهن سيدة تضع الكثير من مستحضرات التجميل وترتدي عباءة مزخرفة يبدو أنها أم العروسة.

سهير بترحيب حار: 
_ أهلًا وسهلًا، جيتوا متاخرين كده ليه؟

مفيدة: 
_ لا والله، جينا في الوقت المناسب، مبروك يا حبيبتي عقبال باقي البنات.

سهير: 
_ الله يبارك فيكي، عقبال منة إن شاء الله

مفيدة:
_ إن شاء الله قريب.

سهير: 
_امال فين محمود؟

مفيدة:
_ ده قاعد بره مع الرجالة، هيقعد وسط الستات ليه.

نظرت سهير لمنة:
_ ازيك يا منة، عقبالك يا حبيبتي.
دققت النظر في ملامحها وقالت باستغراب: 
_ ايه يا منة اللي أنتِي حاطاه في وشك ده! ما زودتيش المكياج ليه، ايه يا مفيدة مش تقولي لها تحط شويه مكياج وتلبس فستان حلو كده؟ ده النهارده في رجالة وشباب كثير والعرسان على قفا من يشيل، قومي كده يا حبيبتي واتحركي يمكن تطلعي لك بعريس ولا حاجة ونفرح بيكي، أنتِي كبرتي، فاضل لك سنة وتخشي قاموس العوانس، ما تزعليش، أنا بحبك، بس البت بعد ٣٠ اسمها عانس.

منة: 
_والله يا طنط هو اللي هيشوفني كده وهيحبني على كده، أصل النهارده لو ضحكت عليه بكرة مش هضحك عليه، لما اقعد في بيته ويشوف شكلي الحقيقي.

سهير: 
_طيب يا حبيبتي، ما تاخذونيش بقى أروح أشوف المعازيم، البيت بيتكم.

مفيدة باستهجان: 
_شفتي؟ قولتك حطي شوية أحمر وأخضر، بس هنقول ايه فرحانة قوي بالنظارة وقبل النظارة الفستان المنتن ده. 

منة بتعجب:
_  أنتِي عارفة إن الفستان ده ماركة وبفلوس كثير اوي وكل اصحابي هيتجننوا على جماله.

مروة:
_ على فكرة يا ماما الفستان حلو اوي، دي بتقول كده غيظ.

نظرت لها مفيدة من أعلى لأسفل بعدم رضا، ثم نظرت أمامها.

ومرت السنوات، ٨ سنوات مضوا على منة وأصبحت في عمر الخامسة والثلاثين، كانت ٨ سنوات صعبة في حياة منة، فكلما مر عام كان يشكل ضغط عليها أكبر عن الذي قبله، بسبب عدم زواجها، بالأخص بعد إكمالها ٣٠ عامًا، لم يدق أحد على بابها، حتى العرسان الذين كانوا يأتون من المعارف باحثين عن عروس، لم يعودوا يأتون، وهذا الشيء كان يجعل والدتها يجن جنونها وتسمعها الكثير من الحديث الذي يذبح القلب ويقتل المشاعر، ويحبط أي إنسان، لكنها لم تعد مثل السابق تبكي وتحزن وتضعف بل أصبحت قوية تعرف ماذا تريد، كانت تتشبث أكثر بمتطالباتها في شريك الحياة، ولم تتنازل عنها، لم تجعل حديث الناس وتنمرهم عن شكلها وجسدها يحزنها، بل كانت تضحك دون اكتراث.

ومن الناحية العملية أصبحت منة متفوقة جدًا جدًا وماهرة، حتى أصبحت المديرة العامة للقسم الهندسي لمجموعة رسلان وكان مدحت يعتمد عليها بشكل أساسي في أكبر المشاريع فكلما دخلت مشروع كانت تنفذه بمهارة وكان الجميع يشيد براعتها ..

وعلى جانبها الشخصي، اصبحت أكثر صلابه كانت تسافر بمفردها عندما لا يستطيعوا أصدقائها السفر معها كانت تتعرف على اصدقاء جدد ولم تسجن نفسها دخل ذلك الصندوق الضيق بل خرجت منة وتعرفت على الكثير في تلك الرحلات، حتى في عملها، فأصبحت تعيش وتستمع بحياتها ولم توقفها على أحد.

لكن بعد كل تلك السنوات الطويلة حدث شيء جعل حياتها تتغير رأسًا على عقب.

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close