رواية جمال الاسود الفصل الثالث والعشرون23 الرابع والعشرون24 بقلم نورا عبد العزيز


 رواية جمال الاسود الفصل  الثالث والعشرون23 الرابع والعشرون24 بقلم نورا عبد العزيز



تمتمت "مريم" بنبرة خافتة مُرتجفة وعينيها تحدق بـ "حمزة" طريح الفراش:-
-أنت!!

فتح "حمزة" عينيه بتعب شديد وقد تمكن السرطان منه كليًا، رمقها بعيني مُنهكة وقلب حزين:-
-أنتِ!! أخر حد توقعت أن أشوفه هنا

تساقطت الدموع من عينها بحزن شديد وهو يسعل من الألم والدماء تخرج فمه داخل أنبوب الأكسجين، لا تعلم اتشفق عليه أم حزن قلبها عليه لرؤيته هكذا لطالما كان قويًا أمامها ويخرج قوته عليها، سألته بنبرة مُتلعثمة:-
-دا أنت بجد؟

تبسم رغم ألمه وقال بسخرية:-
-شوفتي ربنا انتقم لك مني أزاى، بس أنا مش زعلان أنا فرحان عشان هروح لها وأشوفها أخيرًا

تحدثت "مريم" بنبرة قوية ساخرة من فرحته الكبيرة رغم مرضه قائلة:-
-ولما تشوفها هتقولها أيه عن الأمانة اللى سابتها لك، هتقولها أنك صونتها ولا موتها بالحية وهى عايشة، هتقولها حمايتها ولا بسببك بقيت مريضة نفسية وبتتعالج ومفيش فى جسمها حتة سليمة، هتقولها أيه عرفني ... أنا لا يمكن أسامحك

نظر إليها بهدوء شديد ثم قال:-
-ولا أنا، أزاى أسامحك وأنا عشت 25 سنة من غيرها بسببك

جلست "مريم" على المقعد الموجود بجوارها من الحزن والوجع الذي أصابها رغم كرهها إليه لكن رؤيته هكذا يصارع الموت والمرض فى أنفاسه بصعوبة أنهكتها، جهشت باكية بحزن شديد ووضعت يدها على فمها تمنع صوت بكاءها أن يخرج منها ليقول "حمزة" بصعوبة:-
-أنتِ بتعيطي؟ ليه، عشاني... متقوليش أن رغم قسوتي وكل اللي عشتي على أيدي لسه شايفاني أب لك

مسح دموعها بحزن شديد ثم قالت:-
-تخيل رغم كل دا، دلوقت أنا الوحيدة اللى تقدر تنقذك

نظر إليها بتعب شديد وغضب ظهر فى نظراته ثم قال:-
-وأنا مش عايز منك حاجة، أياك تعمليها يا مريم أنا ما صدقت أنها جت من ربنا وموعدي قرب

أندهشت من أستماتة هذا الرجل للموت وقالت:-
-لدرجة دى

-وحشتني ومبقتش قادر على بُعدك أكتر
قالها بتعب شديد وهو يحمل فى يده صورة لزوجته المتوفية، دخل "جمال" مع الطبيب ليذهل من بكاء "مريم" وحالتها لا يصدق أن قلب هذه الفتاة التى تمتاز ببراءتها ودفئها، لطيفًا حتى على أقسي شخص ظلمها فى الحياة، قال "حمزة" بغضب شديد :-
-أنا مش عايزها تتبرع بحاجة، أنت عارف يا جمال أن أنا مستاهلش دا منها متخلهاش تديني حاجة وأهو يبقي خلصت مني نهائيًا ومتبقاش ليها فضل فى نجاتي وأنا أروح للحبيبة الغالية

أنحني "جمال" إلى تكفه ليهمس فى أذنه قائلًا:-
-يخلق من ظهر الفاسد عالم، متسألنيش أزاى دا بنتك أنتِ بس أوعدك لو على موتي مريم عمرها ما هتساعدك

تبسم "حمزة" إلى كره هذا الرجل ثم غادر بصحبتها ليعود للمنزل....

______________________________ 

"قصـــــــــــــــــر جمـــــــــــــال المصــــــــــــري"

ظلت "ولاء" جالسة على الأريكة وبجوارها "جميلة" يحدقان الأثنين فى "سارة" التي تجلس أمامها بملابس فاضحة فستانًا يكشف من جسدها اكثر ما يخفي، أغلقت "جميلة" يدها على طاقية زيها الرسمي للطيران الذي ترتيده مُستعدة لللذهاب إلى رحلة جديدة فى عملها، تمتمت بنبرة خافتة:-
-مُتأكدة انك مش عايزة ترجعي لندن

أومأت "ولاء" بضيق شديد ثم قالت:-
-أرجع وأخواتك، واحد جايبلي رقاصة فى البيت والتاني مُصر يتجوز مرات أخوه

نظرت "جميلة" إلي والدتها بقلق شديد ثم قالت بتوتر:-
-هتعيشي معها أزاى، دى مفيش من بجاحتها أثنين، كنت مش طايقة مريم لازم تشكرها على أدبها وأخلاقها 

تأففت "ولاء" بضيق شديد من هذا الحديث وعينيها تكاد تقتل "سارة" التى تضع قدم على الاخري وتهزها بأستفزاز وبفضل فستانها القصير تظهر أقدامها وأفخادها كاملة لتستشيط "ولاء" غضبًا أكثر من طريقتها وقالت:-
-عندك حق، أزاى مختار يجمع الأتنين فى عصمته، رقاصة ومتعلمة ، حسبي الله ونعم الوكيل

جاءها صوت "مختار" يقول بسخرية ونبرة باردة:-
-بتحسبني على مين ولاء؟

رفعت حاجبها إليه بأغتياظ شديد وقالت:-
-ولاء!! أيه كبرت على أنك تقولي يا ماما، بحسبن عليك يا ابن بطني، يا ريتني قعدت فوقك وخنقت وخلصت منك، مكنتش شوفت القرف دا فبيتي

رفعت "سارة" نظرها عن المجلة بأغتياظ من كلماتها ثم قالت بنبرة هادئة تكز على أسنانها:-
-أنا عاملة أقول طولي بالك يا بت وست كبيرة لكن لا الصبر له حدود

جلس "مختار" بجوارها وهو يقول:-
-أهدئي يا سارة دى أمي

وضعت يديها الأثنين على كتفه بدلال ورفعت قدم تضعها فوق ركبته بجراءة تغيظ "ولاء" أكثر وعينيها تحدق بها ثم قالت:-
-عشان خاطرك بس يا حياتي 

تنهدت "جميلة" بغضب سافر من هذه المرأة التى تفقدهم جميعهم صوابهم لتقول:-
-كان الله فى عونك يا ماما

وقفت من مكانها لكي تغادر ليحدق "مختار" بها  بعيني ثاقبة وبنبرة غليظة قال:-
-أيه يا بت قلة الأدب وعدم التربية دى، هو أنا مش قاعد 

حدقت "جميلة" به بأختناق سافر وقالت بسخرية:-
-أنا متربية غصب عنك وواحد زيك مش هو اللى هيعملنى الأدب... روح علموا لنفسك أنت والبجحة اللى قاعدة على رجلك

مرت من أمامه ليقف "مختار" غاضبًا وهو يقول:-
-نهار أبوكي أسود خدي هنا

ألتف خلفها ليرى "جمال" يدخل من القصر بصحبة "مريم" و"جميلة" تقف بجواره، ألتزم الصما لتنظر "جميلة" إليه بصمت شديد ثم قالت:-
-أيه سكت ليه، مش كنت عايز تربينى وخوفت لما لاقيته فى وشك

تحدث "جمال" بغيظ شديد يكبحه بداخله وعينيه كالصقر تفترس "مُختار":-
-روحي يا جميلة عشان متتاخريش 

نظر "مُختار" إلى "مريم" الواقفة بجوار "جمال" وتتشبث فى يده بخوف من "مختار" وتتحاشي النظر إليه فقال:-
-أحلويتي يا مريم

أبتلعت لعابها من الخوف وأختبأت خلف "جمال" أكثر، نظر "جمال" بغضب سافر إليه وهو يتغزل بهذه الفتاة لكن جملته ليست كالغزل فقط بل يريد أن يرعبها ونجح فى ذلك عندما أختبأت "مريم" وراء "جمال" ليبتعد من أمامها وقال بجدية وتهديد صريح:-
-أسبقينى يا مريم على فوق

أفسح لها الطريق بينما حدقت بالدرج و"مختار" واقفًا أمامه فلن تتمكن من الصعود أو أخذ خطوة واحدة لأمام دون "جمال" درعها الواقي وسلاحها فى مواجهة هذا الوحش، تبسم "مُختار" على خوفها وقال بسخرية وتهكم شديد زاد من خوفها:-
-تعالي أطلعي يا مريم

أومأ "جمال" لها بنعم فهزت رأسها بلا بوضوح أمام الجميع ليرتب على أكتافها بلطف بمعنى انه هنا لا تقلق، لتتقدم خطوة فتبسم "مختار" بسعادة على أقترابها حتى أصبحت أمامه تمامًا فرفع يده كي يلمس خصلات شعرها ويفقدها ما تبقي من قوتها لكن كلمات "جمال" كانت أسرع من حركة يده عندما قال:-
-جرب تلمسها 

نظر "مختار" إلى أخاه الأصغر بأندهاش ليتابع "جمال" بعد أن وضع يديه فى جيوبه بغرور شديد واثقًا من قوته وجبروته:-
-جرب تلمسها وأنا أوعدك نعملك عزاء يليق بيك

أزدرد "مختار" لعابه بخوف من نظرات "جمال" وأبعد يده التى لم تلمسها فصعدت "مريم" للأعلي ليقترب "جمال" من أخاه ويقف امامه مباشرة وقال:-
-متختبرش صبري كتير لأن الحاجة الوحيدة اللى بدور جوايا أني أطخك عيارين وبأشارة واحدة منى هيتخلصوا من الجثة عادي جدًا ومحدش هيحس بحاجة... لكن تأكد أن قتلي أنا غير حمزة خالص يعنى مش هيكون فى أحتمال أنك تتنفس بعدها

مر من امامه ليدخل إلى مكتبه غاضبًا ويباشر عمله الذي تركه مؤخرًا حتى مرت الساعات وخرج من الغرفة فوجد الجميع صعدوا لغرفهم فيما عد "سارة" التى تجلس على الأريكة المقابلة للمكتب تنظر إليه فور خروجه وتبسمت بسعادة، تأفف بضيق شديد ثم سار نحو الدرج لتركض خلفه وقالت:-
-أحضرلك العشاء

نظر "جمال" إليها من الرأس لأخمص القدم بأشمئزاز شديد وقال:-
-أنا جمال بيه أكل من أيدك أنتِ، أيد عالمة هههه

أكمل صعود الدرج ليشعر بيدها تتسلل إلي ظهره تلمسه بأناملها فتأفف بضيق من هذه المرأة ليستدير إليها:-
-مش هتجيبها لبرا، تحفر قبرك وتنكش على موتك بسرعة البرق... أنا لسه مردتش ليكي اللى عملته وبرضو بتزودي فى الحساب

أبعدت يدها عنه بخوف من نظرته وتهديده وحدقت به بوجه عابس تصطنع البراءة وبنبرة هامسة واهنة قالت:-
-أنت بتعمل كدة ليه عشان بحبك يعنى....

وصل للطابق الثاني مع كلماتها فضحك بسخرية من كلماتها وألتف إليها ليشير بيده على باب غرفة "مختار" وقال:-
-وراء الباب دا فى مغفل هيصدق التمثيل دا لكن نصيحة مني حاولي تغير المهنة عشان فاشلة فيها جدًا

بصق لعابه على الأرض قرب قدمها من الأشمئزاز الذي يشعر به والقذارة التى تفوح رأئحتها من هذه المراة وغادر لتضرب يدها فى داربزين السلم بينما توجه "جمال" إلي غرفته، فتح باب الجناح لكنه لم يجدها فى غرفة المعيشة فأتجه إلى غرفة النوم ودُهش عندما رأها تقف هناك بزاوية الغرفة وتختبي وراء الستارة من أحد، أقترب من الستارة بهدوء وأبعدها لتصرخ بذعر وبدأ تضرب صدره بقبضتها وعينيها مُغمضتين، مسك يديها بلطف وقال بنبرة دافئة:-
-مريم

فتحت عينيها بصدمة ألجمتها من وجوده وحدقت فىالغرفة جيدًا وهى تقول:-
-هو راح فين؟

نظر إلى عينيه بحزن شديد مما تشعر به وسأل بقلق:-
-هو مين؟

-حمزة كان هنا، كان عايز يموتني
قالتها بأرتجاف ليضمها غليه بحزن شديد وبدأ يربت على ظهرها ويده الأخري تمسح على شعرها بحنان وقال:-
-أهدئي يا مريم، اهدئي، حمزة فى المستشفي... أيه اللى هيجيبه هنا؟

تساقطت دموعها بحزن شديد وضعف أكبر بينما تحدثه بثقة من حديثها:-
-أنا شوفته هنا، كان هنا يا جمال، أنا شوفته كان عايز يخنقني ويموتني، دا رماني فى البانيو وكان هيغرقني

أنتبه إلى ملابسها وهى تقف بين ذراعيه شبه عاري ترتدي ملابسها الداخلية فقط وجسدها مبلل بالكامل فنزع سترته سريعًا مُتحاشيًا النظر إليها ووضعها على جسدها وأخبرته بأنها دخلت لتستحم لكن "حمزة" وحاول أن يغرقها فى حوض الأستحمام فهربت منه، أخذها إلي غرفة الملابس لترتدي ملابس تستر جسدها فسترته لن تفي بالغرض، ظلت خائفة وترتجف لا تقوي على ترك يده فقال بنبرة دافئة:-
-أنا هنا يا مريم متخافيش

أومأت إليه بنعم ودموعها تتساقطت على وجنتها، أرتدت بنطلون قطني وتي شيرت من ملابسه ثم خرجت إليه حزينة وضعيفة، نظر إليها بلطف وقال:-
-تعالي يا مريم خدي العلاج

جلست على الأريكة جواره وأخذت علاجها حتى يساعدها فى التخلص من الهلاوس والنوم بأمان فقالت بنبرة حزينة:-
-أنا هتجنن صح!!

هز رأسه بلا وعينيه تحدق بها ويمسح على رأسها بحنان ثم قال:-
-لا، متخافيش العلاج هيشفيكي وأنا هنا معاكي

ألتزمت الصمت بينما "جمال" تألم لرؤيتها تضعف كل يوم عن السابق وأوشكت على الجنون بفضل هؤلاء الحثالة، أخذ يدها فى يديه بأمان وجعلها تنظر إليه ثم قال:-
-بصيلي يا مريم أنا هنا أهو

أومأت إليه بنعم ليقول بجدية:-
-هتعدي والله فترة هتعدي بس خليكي قوية 

وضعت رأسها على كتفه تسترخي تمامًا وقالت بهدوء:-
-خلينى أنام هنا أنا حتى بقيت أخاف أنام يا جمال، أنا عملت أيه عشان تكون حياتي مُخيفة كدة

طوقها بذراعيه رغم أعتراضه على بقائها جوراه هكذا فهو ترك لها غرفة النوم كاملة ويبقي هو على الأريكة بغرفة المعيشة لكن هذه الفتاة تذبل يومًا بعد يوم وعقلها يفقد صوابه كلما تركها وحدها، لا يعلم ماذا يفعل حتى لا تأذي نفسها، قليلًا  وشعر بثقل رأسها ليعلم ان تأثير الدواء تمكن منها وقد أخذها لجولة نوم طويلة، وقف من مكانه وحملها على ذراعيه ليضعها بالفراش ثم خرج وأغلق الباب ....

_____________________________ 

وقف "مختار" فى الحديقة بعيدًا يتحدث فى الهاتف مع أحد ليقول:-
-لا متقتلش حازم دلوقت، أنا هحرق قلبها عليه بالبطيء... سارة لازم تدفع تمن كل اللى عملته فيا وتجرأها على التفكير فى قتلي، بس الأول نخلص من حمزة وكدة كدة هو مريض يعنى موته أسهل علينا ومحدش هيشك فى الموضوع... مريض سرطان فى حالة حرجة ومات بتحصل... خلي سارة دلوقت ونحصل من الفريسة السهلة الأول.. اه وحاجة تانية

نظر حوله بتردد كبير خوفًا من أن يسمعه أحد ثم قال بجدية:-
-اه وبلغ نادر الهواري أني عايز اقابله ضروري، الضربة الجاية لازم تكون لجمال عشان يعرف يهددنى كويس 

رأي "نانسي" تخرج من القصر وتسير نحوه فأغلق الأتصال ناظرًا إليها حتى وقفت امامه وقالت:-
-الورقة دى وصلت لحضرتك مع محضر

أخذها ونظر بها وكان أنذار بقضية الطلاق التى رفعتها "مريم" فأستشاط غيظًا من هذا الأمر ليقول:-
-مريم فين؟

أجابته "نانسي" ببرود شديد من هذا الحديث وسؤاله عن "مريم" لتقول:-
-خرجت ومعرفش راحت فين؟

-طب غورى من وشي
قالها بضيق شديد لتذهب "نانسي"، تابع حديثه بتمتم شديد قائلًا:-
-ماشي يا مريم أن ما وريتك
 
_____________________________ 

"شـــــــــــــــــــركــــة الجمــــــــــــــــــــال جسي أند أم للألكترونيات"

كان "جمال" يستمع لكل مخطط "مُختار" عبر هاتفه بفضل "جين" الذي ساعده فى أختراق الهاتف وتبسم بعد أن تحدث عن "نادر" ثم قال:-
-نفس الغباء يا شريف، مراته لما حبت تضربنى راحت لنادر وهو نفس الشيء، أتنين أغبي من بعض.. معندهمش الجراءة فى مواجهتي لكن يحبوا ييأذوني ...

-أنا مندهش، سارة فاكرة أنه دايب فيها دوب وهو أصلًا بيخطط يقتل أبنها وينتقم منها، دا عارف أن هي اللى خططت لقتله
قالها "شريف"بجدية من هذا الحديث الذي يستمع إليه فتبسم "جمال" بسعادة وهو يهز مقعده بأسترخاء:-
-أقعد أتفرج عليهم وهم بيقتلوا فى بعض ولا أخد حقي منهم وبرضو الموت هو سبيلهم .. صحيح مريم فين؟

تبسم "شريف" بسعادة لصمود هذا الفتاة وقال بجدية:-
-حست أنها بترتاح على العلاج وقررت تروح تسجل أول حلقة للبرنامج بتاعها ، حسام وأتنين تانية من الأمن أختارهم عاشور بنفسه راحوا معها... أطمن

أومأ "جمال" إليه بنعم بأرتياح شديد ثم قال:-
-ماشي خليها تروح تنشغل فى حاجة بتحبها بدل قاعدة البيت معهم اللى هتجننها 

كاد "شريف" أن يتحدث لكن قاطعه صوت رنين الهاتف، نظر "جمال" لى هاتفه وكان أتصال من "عاشور" بـ "جمال" ليخبره بأن يأتي ويستمع لهذا العامل بنفسه بعد أن حكي له كل شيء عن هذه الليلة فخرج "جمال" من الشركة بفضول قاطع وذهب إلى حيث رجاله وهناك جلس العامل أمامه بخوف شديد من لقاء هذا الرجل عديم القلب وبلا رحمة على أحد فقال بجدية:-
-والله يا جناب البيه أنا ما ليا ذنب فى حاجة، أنا كنت قاعد زى عادتي فى الجنينة ولاقيت حمزة ومع ياسين شايلين حاجة كبيرة ومشيوا بيها وراء البيت، روحت وراءهم ولاقيتهم بيدفونه وشوفت أيد بنى أدم، أول ما مشيوا خوفت من الجثة ومختار بيه لو عرف هيقتلني  ويدفني مكانها روحت طلعتها ولاقيته مختار به، ساعدته وقتها وقالي أدفن تاني وأسكت ومفتحش بوقي وسكت، كان عايش فى البيت اللى على البحيرة وأنا بخدمه لكن والله ما أعرف حاجة تانية 

نظر "جمال" إليه بصمت شديد لا يعرف أيقتل هذا الرجل على أنقاذ حياة "مختار" وهو يستحق الموت أم يتركه، تأفف بضيق شديد ثم قال:-
-أديله قرشين يا عاشور وغوره من هنا

غادر الغرفة وأنطلق إلى القصر بضيق شديد، سأل عن "مريم" لتخبره "حنان" أنها لم تأتي بعد فصعد إلى غرفته يفكر فى القادم وكيف سيتخلص من هذه المشاكل ومتى سيحل الهدوء والسلام على حياته ويستطيع العيش مع فتاته بسعادة بلا هموم ومشاكل، نزع سترته وألقي بها على الفراش ثم أتجه إلى غرفة الملابس، نزع قميصه وألقي به على الأريكة الموجودة فى غرفة الملابس خاصته، وأخذ تي شيرت وردي فى يدى وقبل أن يرتديه شعر بيدها تلمس ظهره العاري بحنان، ألتف "جمال" بوجه عابس وهادئًا ليُصدم عندما وجد "سارة" هى التى تقف أمامه وترتدي قميصه نوم أسود قصير وفوقه روب من الدانتيل القصير، دفعها بقوة مُتعجبًا دخولها إلى غرفته:-
-أنتِ دخلتى هنا أزاى؟ 

أقتربت منه من جديد ووضعت يديها على صدره بدلال وتهمس إليه بنبرتها الناعمة:-
-هكون دخلت أزاى يعنى، من الباب... جمال أنا بحبك.. بحبك ومش عايزه فى الدنيا دى غيرك

مسك ذراعيها بقوة يدفعها بعيدًا ويمنعها عن لمسه بغضب سافر تملكه؛ قال بنبرة مخيفة:-
-أنتِ مجنونة وبجحة، وفعلًا الطيور على أشكالها تقع جوزك يبص لمراتي وأنتِ تبصي لراجل.... 

قاطعته بدلالها ويدها تلمس وجنته تداعب لحيته قائلة:-
-راجل أعزب... أنت عازب وأنا كمان عازبة مش على ذمة حد... أنا جيت مع مختار بس عشانك ومستحيل ارجع له

حدق "جمال" بها بصدمة ألجمته من جرائتها فى الحديث وهذا الجنون الذي تتفوه به، تبسم "سارة" على صدمته التى جمدته وأقتربت منه أكثر وهى تحاول تقبيل وجنته فعاد برأسه للخلف سريعًا قبل أن تلمسه شفتيها القذرة وقال بحدة:-
-أنا ملك مريم بس أطلعي برا يا أرجوز أنتِ قبل ما أجرك من شعرك وأرميكي برا القصر زى كلاب الشوارع

ظلت "سارة" تحدق به بأغتياظ وغضب شديد من كلماته وتمسكه بحبه إلى هذه الفتاة حتى قاطع غضبها صوت "مريم" تقول:-
-أظن أنك سمعتيه بيقولك برا

نظر الأثنين إلى الباب و"جمال" يحدق بها بصدمة وخوف مما قد تفعله أو تسي فهمه، لم يتحرك لـ "سارة" ساكنًا فدلفت "مريم" بانفعال شديد لتبعدها عن "جمال" بقوة وصرخت:-
-مكفكيش أذي فيا، كمان جاي تلفي على راجلي، بس دا بُعدك يا سارة أنت وسي مختار بتاعك أعملوا كل اللى فى أيديكم ويجوا فى دماغكم ومش هتقدروا تفرقونا عن بعض، أجلنا الفرح شوية اه أجلنا لحد ما نخلص منكم لكن متحلموش تفرقونا عن بعض، أنا وجمال مع بعض ومش هيفرقنا غير الموت، وعشان كدة إياك تفكري تقربي منه تاني ولا حتى تلمحيه بعينيك بدل ما أدب صوابعي فيهم افقعهم لك... 

ظلت "سارة" صامتة أمام حديثها حتى أنهتوا وخرجت من الغرفة، نظر "جمال" إلى "مريم" بسعادة تغمره ويرتدي تي شيرته ويهتف بحماس قائلًا:-
-برافو عليكي.... 

قاطعته بنظرة غضب كأنها تخبره بغضبها منه وأنها لن تغفر له ما حدث ثم ذهبت من أمامه ليبتلع لعابه بقلق من القادم ورغم أنه لا يخشي شيء لكنه كأى رجل طبيعي يخف من امرأته حين تغضب، خرجت إلى الخارج فتنحنح "جمال" بلطف وقال:-
-مريم

رفع نظرها إليه بغضب سافر ليشعر بتوتر من نظرتها الغاضبة ثم جلس جوارها فى غرفة الميعشة وتفتح التلفاز، تحدث "جمال" بقلق:-
-مش أنا اللى جبتها هنا بتعاقبيني على ايه

ضربه بعنف شديد على قدمه وهى تقول:-
-لو كنت قفلت باب أوضتك كويس مكنتش دخلت الحية دى هنا، والله عال دا اللى ناقص تلف عليك

قالتها بسخرية وهى تستشيط غيظًا فضمها "جمال" إليه بلطف مُبتسمًا على غيرتها الجميلة التى تزيدها جذابية:-
-تلف براحتها أنا عندي مريم

صمتت بهدوء كأنه نجح فى أقل من ثانية أن يمتص كل غضبها ويطفيء نيران غيرتها، قالت بدفء:-
-بتكفيك مريم

نظر إليها بحب شديد وعينيه لا تقوى على البُعد عنها، ضربات قلبه تهزمه دائمًا لأجلها فقال بتذمر شديد:-
-منه لله اللى كان السبب كان زمانك مراتي دلوقتي 

ضحكت على تذمره ولأول مرة يتذمر هكذا، بدأ البرنامج الخاص بها ليشاهدها بحماس فكانت جميلة على شاشة التلفاز وواثقة أمام الكاميرا وقوية، وضع ذراعه حول أكتافها ثم قال بجدية:-
-أحسنتي يا مريم 

تبسمت إليه بعفوية وسعادة تغمرها من تحقيق حلمها ثم قالت بجدية:-
-صحيح!! أنا قررت أتبرع لحمزة بالنخاع مش هستحمل فكرة أنى ممكن أكون سبب فى موت حد 

نظر "جمال" لها بصدمة ألجمته ووقف من مكانه غاضبًا ثم قال:-
-بس أنا مش موافق يا مريم

نظر إلي بعضهم بأستياء شديد ثم غادر "جمال" غاضبًا منها....... 

____________________________ 

دخل رجل يرتدي زى الطبيب ويضع قناع طبي على وجهه إلى غرفة "حمزة"، نظر إليه وكان مُنهكًا فى المرض ووصل إلى مرحلته النهائية لا يعلم أيجب أن قيتل ميت أم لا؟ وضع حقنة فى الملحول الطبي وصنع شقًا فى أنبوب الأكسجين للتنفس الصناعي ثم غادر الغرفةنهائيًا بعد ان انهي مهتمة وقبل أن يغادر الطابق سمع صوت الأنذار وركض الأطباء إلى الغرفة الخاصة بـ "حمزة" فتبسم وهو يترجل درج الطؤاري واتصل بـ "مختار" وقال بحماس:-
-حصل

أعلن الطبيب خبر وفأة "حمزة" وسقطت من يده صورة زوجته فحملتها الممرضة عن الأرض ونظرت بها بحزن شديد وكان هناك صورة أخرى إلى "مريم" وهى طفلة رضيعة وورقة مطوية....


الفصل الرابع والعشرون 

وقفت "مريم" فى الردهة داخل المستشفي صامتة  وتبكي فى هدوء بعد أن وصلها خبر موت "حمزة"، انهي "جمال" الاجراءات مُجبورًا على استلم الجثمان فلم يملك "حمزة" احد غير ابنته فمهما قطعت كل علاقاتها به فهناك علاقة قوية بينهم لا يمكن قطعها مهما فعلت ولا يمكنها أنكار حقيقة كونها ابنته وهو والدها، أقتربت الممرضة من "جمال" لتعطيه الأغراض الخاصة بـ "حمزة" ثم قالت:-
-الورقة دى طلب مني أديها لحضرتك 

نظر للورقة المطوية فى يدها وأخذهما، وقف قرب "مريم" ونظر إلى هاتان الصورتان اللتان بداخلهما عائلته الصغيرة زوجته الحبيبة وابنته المعذبة، فتح الورقة ليقرأها فى هدوء ونظر إلى "مريم" بإشفاق بعد قرأته للورقة وخرج مع سيارة تكريم الإنسان وترجل من سيارته تاركها بداخلها ثم أعطاها الورقة والصورة، نظرت إلى صورتها مُتعجبة أن "حمزة" رغم كل ما فعله بها لكنه يحمل صورتها، فتحت الورقة بعينيها الدامعة وقرأت الورقة التى جعلت دموعها تسيل بأنهيار تام...
(مريم ابنتي الجميلة وزهرة عمري..تشبه أمها جدًا، أنا أسف لكل ما عيشت به معي، لم اكن أبًا صالحًا لها لكني ستركها أمانة لديك، كون لها الحبيب والزوج والأب الذي فشلت أنا في فعله، أخبرها بأني لم أقصد يومًا أذيتها ولم أكرهها لكن أيضًا لم أحبها، تركتها وحيدة حتى لا يتعلق قلبي بها وينتحب من الفراق مرة أخرى إذا فارقتني، كنت خائفًا من حبها والتعلق بها فهجرتها، أقسم لك أنى لم أعشق يومًا أحد بقدر عشقي لزوجتي التى فارقتني وسلبتني قلبي بفراقها، حاولت كثيرًا قتل مريم ثم قتلي لنجتمع معًا فى عالم أخر مع والدتها، أردت أن أخذها لامها كي تراها ونعيش سويا هناك لكن فى كل مرة كانت تنجو مريم ويتألم قلبي أنا من الفشل فى لقاء الحبيبة، أقسم لك بأني لم أكرهها نهائيًا لكني أرادت أخذها معي فقط، أصابني المرض من سنين وتعاطيت المخدرات حتى تساعدني فى تحمل الألم لكن مريم كانت تراني أب شيء مدمن للمخدرات وأنا قبلت بهذا حتى لا تشفق علي، أعلم أنك تحبها أكثر مني لذا رجاءًا من أب سيء مثلي لا تأذيها او تسبب لها الوجع يكفي ما ذاقته مع هذا الأب القاسي الذي رزقها الله به، أخبرها أن تسامحني فحب أمها كان مرضي الحقيقي يا جمال، كلما رأيت مريم ألمني قلبي من رؤية وجه حبيبتي فى وجهها، حاولت قتلها لكني لم أقبل بأن يأذيها أحد وربي يشهد أن عندما قتلت مختار كان لأنقاذ ابنتي منه وليس لطلب سارة، كيف لي أن أري رجل يغتصب أبنتى أمامي وأتركه... أخبرها أنها تملك أب سيء لكنه جبانًا كان خائف من حبه لها فهجرها والآن هو خائف من البقاء معها ولأجل هذا الجبن رفضت أن تغامر مريم بحياتها لأجلي.. أنا وأنت نعلم أنني لا أستحق هذا 
سامحيني يا أبنتي على كل مرة أردت سرقت حياتك منك لأجل قلبي المفطور ألمًا والمنتحب وجعًا من الفراق)

شهقاتها القوية ملأت السيارة وأنفاسها لم تقوي على الخروج بل تشعر بشيء يخنقها كثيرًا، ترجلت من السيارة وتحمل فى يدها الورقة ودلفت وكان قد أنتهوا من الدفن ورحل الجميع، أستدار "جمال" وصدم عندما رأي "مريم" تأتي إلى القبر باكية وترتجف، كان يعلم أن قلبها اللين سيبكي حزنًا وألم على ما ذاقه قلب أباها العاشق فى الفراق، جلست "مريم" أرضًا فوق التراب وتحدق فى القبر المُغلق ثم قالت بتلعثم شديد:-
-أسامحك! لو كان اللى وجعك الفراق فأنا وجعنى قسوتك.. كان لازم تكلمني قبل ما تمشي 

جثا "جمال" على ركبتيه وربت على كتفها بحنان ليقول:-
-أهدئي يا مريم

-خاف يحبني يا جمال، مقدرش يبص فى وشي عشان شبهها، قلبه بيصرخ من الفراق عليها... فى أب يخاف يتعلق ببنته عشان خايف يفارقها... أدينى عشت عمري معاه وهو اللى مشي، كان ضامن مننا أن أنا اللى همشي وأسيبه
قالتها بأنهيار تام ويدها مُغلقة على ورقته بأحكان كأنها تتشبث بمبرره الذي تركه حتى تغفر له كل ما فعله بها، ضمها "جمال" إليه لتجهش باكية بأنهيار تام وتُتمتم بألم ونبرة طفولية:-
-معقول حد يحب حد كدة لدرجة أنه يأذي قطعة من روحه، هو الحب مرعب كدة ولا هو اللى فهم الحب غلط يا جمال، أنا اللى أتظلمت ولا هو اللى أتظلم من قلبه.... ظلمته ولا هو اللى ظلمنى 

ربت "جمال" عليها بلطف ولا يعلم أحقًا هذا الرجل أحب زوجته لدرجة جعلته يرغب فى قتل ابنته حتى يذهبان معا إلى محبوبته، كاد أن يتحدث لكن قطعه سقوط يدي "مريم" عن صدره للأسفل فاقدة للوعي من وهلة الصدمة التى أصابتها.....

___________________________ 

"قصــــر جمـــــال المصــــري"

جلست "حنان" مع "نانسي" وبعض الخدم فى السرداب حيث غرفهم يشاهدون "مريم" على التلفاز وهو واثقة وقوية فقالت "نانسي" بعفوية:-
-حد يصدق أن دي مريم اللى جت علينا عيلة وبتعيط

تبسمت "حنان" بهدوء على قوة هذه الفتاة ثم قالت بنبرة هادئة:-
-الأيام والزمن بيغيروا

تركتهم وصعدت للأعلي بعد أن سمعت صوت سيارة "جمال" لتراه يدخل من باب القصر يحملها على ذراعيه فاقدة للوعي وترتدي فستانًا أسود اللون طويل بأكمام، صعد إلى غرفتها بهدوء ووضعها بالفراش لتنظر "حنان" عليها بحزن شديد وقالت:-
-متخليتش أنها ممكن تزعل على موته

تأفف "جمال" بضيق شديد لما يحدث معها وألتف كى يغادر ثم قال:-
-خليكي معها يا حنان 

أومأت إليه بنعم ثم غادر الغرفة غاضبًا من "حمزة" الذي يسبب لها الالم فى حياته وحتى فى مماته، ترجل للأسفل ليقابل "سارة" فى الردهة لتقول:-
-مالها مريم؟ إن شاء الله تكون بخير

تنهد بأختناق سافر من هذه المرأة ليقول:-
-كويسة، بأفضل حال بعد ما دفنت حمزة  عقبالك... متستعجليش قريب برضو حازم يدفنك

دلف إلى المكتب بعد أن ألجمها بصدمة موت "حمزة"، ظلت صامتة واقفة فى محلها من الخوف هل قتله "جمال" بعد ما اختطفته لشهور، والآن حان الدور عليها لينتقم منها فصعدت للأعلي غاضبة وخائفة من هذا الرجل الذي تعيش معه تحت سقف واحد، دق باب غرفة "مختار" ولم يجيب عليها لكنها لم تتحل بالصبر ودلفت للغرفة وكانت فارغة لتُصدم عندما رأت ورقة على الفراش أنذار من المحكة بقضية الطلاق لتبتسم بخبث شديد  وهى تترك الورقة وقالت بتمتمة:-
-والله أحلوت على الأخر

خرجت من الغرفة ليرن هاتفها وهى تسير فى الرواق وعندما رأت رقم هذه الفتاة التى تنقل لها أخبار "نادر" تبسمت بسعادة ودلفت إلى غرفتها مسرعة وقالت:-
-ألو

-مختار المصري لسه ماشي من عند نادر واللي سمعته أنه هيموله المشروع اللى داخله قصاد جمال المصري

قهقهت "سارة" بحماس شديد ثم قالت:-
-ههههههههه برافو عليكي، أبعتي ليا حد على النادي بليل يأخد الحلاوة ليكي 

أنهت الأتصال معها بسعادة تغمرها وقالت:-
-حتى مختار عايز يقضي عليك يا جمال... لكن ليه؟ لازم أعرف السر بينكم ؟ 

أستعدت للذهاب إلى الملهي الليلي وعندما وصل هناك رأت "مختار" يجلس فى مكتبها وكأنه رئيس هذا المكان فنظرت إليه ببرود شديد ثم قالت:-
-غريبة دي

تحدث بجدية إليها وهو يحرك المقعد يمين ويسار بأستفزاز شديد:-
-أيه الغريب فى أنى أجي أشوف شغلي

ضحكت "سارة" بسخرية وهى تضع حقيبتها على المكتب ثم قالت:-
-هههههههه شغلك، أنت نسيت يا حياتي ولا أيه معلش معذور ما هو اللى مرت بيه مش قليل، دا مش ملكك دا ملكي يعنى مالكش فيه 

وقف "مختار" من مكانه وألتف حول المكتب ببرود شديد ثم قال بنبرة خافتة:-
-شكلك أنتِ اللى بتنسي أن كل اللى ملكي رجع ليا 

ضحكت وهو تداعب ذقنه بسخرية وقالت:-
-مش بقولك بتنسي، دا مكنش من ضمن الوصية ولا أملاك دا أنت أشترته باسمي قبل ما تتكل على الله، ودلوقت بقي طرقنا من هنا عشان ورايا شغل

جلست على مقعدها ببرود يحتلها الخبث والمكر من هذا الرجل ثم ضحكت بعفوية وقالت:-
-وبعدين بدل ما تتشطر عليا أتشطر على مراتك اللى سايبك وغرقانة فى حب أخوك

كز "مُختار" على اسنانه بضيق شديد ثم خرج من المكتب مُلتهبًا كالجمر وهو يسعى للانتقام من "مريم".....
___________________________ 

"قصــــــــر جمـــــــال المصــــري"

تناول "جمال" طعامه مع والدته فى صمت لكن هذا المرة ولأول مرة تكسر "ولاء" صمته وبروده الجاحد عندما قالت:-
-هى عاملة أيه دلوقت؟

نظر "جمال" إلى والدته وهو يقطع شريحة اللحم بالسكين مُندهشًا من سؤال والدته عن "مريم" فقال:-
-أنتِ قصدك مريم؟

تنحنحت بحرج من كبريائها التى تخلت عنه لأول مرة أمام "مريم" وقالت:-
-اه، حنان من امبارح بتحاول تأكلها حاجة وهى رافضة، سمعت عن حكايتها ومستغربة غضبها وحزنها على موت شخص كل اللى سابه لها هو أذي وخوف

تابع تقطيع اللحم بلطف وعينيه لا تغادر الطبق وقال مُجيب عن سؤالها:-
-لأن دى طبيعتها ومش هتغيرها، مريم طيبة وبتتوجع من أقل حاجة بس فى نفس الوقت بتغفر بسهولة وتسامح، ربنا خلقها بقلب طيب لين متعرفيش دى ميزة ولا عيب فيها

صمتت "ولاء" بحرج دون أن تجيب عليه فقال بنبرة خافتة بعد أن رفع نظره إلى والدته:-
-مريم طيبة يا أمي، أتربت كويس رغم أنها كانت يتيمة الأم وتعتبر يتيمة الأب، أتجوزت بالأكراه ومع ذلك مسمحتش لحد يلمسها، ضعيفة وقد عقلة الأصبع لكن مستحيل تسمع لحد يأذيها أو يستغل ضعفها وألمها، متلومهاش على حاجة هى مختارتهاش لكن لوميها وعاتبها على حاجة هى ليها يد فيها- زى أنها ناجحة وأول ما جلها فرصة بقيت أعلامية لازم تتفرجي عليها عشان تحكمي على شاطرتها من أول محاولة

وقف من مكانه وأخذ الطبق الذي قطعه كاملًا ليصعد للأعلي حيث غرفتها لتدهش "ولاء" من فعل ابنها الي قطع الطعام لأجلها ولم يضع لقمة واحدة فى فمه حتى، فت باب الغرفة ليراها جالسة فى الفراش مُرتدية تي شيرت أسود وبنطلون أسود فضفاض من القطن وشعرها البندقي مسدول على الجانبين يحيط بوجهها الشاحب رغم أحمرار أنفها من كثرة البكاء، صامتة ولا تغادر غرفتها منذ الدفنة، جلس "جمال" أمامها وهو يحمل الطبق فى يده، تحدث بنبرة هادئة:-
-مريم

نظرت إليه بهدوء فقال بجدية:-
-ممكن تتكلمي معايا، أفهم بس دا حزن ولا غضب

بدأت تتحدث بأنهيار شديد من هذا الكم من المشاعر الذي تحمله بداخلها تجاه هذا الرجل وقال:-
-حزن !! على مين حمزة، عارف أنا كام مرة بصيت على نفسي فى المرايا عشان أفكر نفسي باللى منستهوش، مبررات... أنهي مبررات ولأيه يا جمال، لأنهي وجع وأذي يا جمال، غضب أه غضبانة لا جوايا بركان، بعد ايه جاي يقولي أنه غلطان ويقولي أسامحه، أسامح على أيه ولا أية يا جمال على قهرتي ولا وجعي وحزني، خليني أنا مجنونة وظالمة، فى واحد عاقل يحب حد الحب دا كله ويعلق كل اللى عمله دا على شماعة الحب والسبب فى الفراق.....

قاطعها عن الحديث عندما وضع قطعة من اللحم فى فمها فنظرت إليه بضيق من فعله وهى على وشك الانفجار بينما تحدث "جمال" بنبرة خافتة:-
-غضب أو حزنماشي لكن ممكن تأكلي، الأضراب عن الأكل مش حل يا مريم

أبتلعت لقمتها وهى تحدق به وتوقفت عن الحديث وهو يطعمها بيديه فى صمت، تبسم بلطف شديد إليها بعد أن أنهت طبقها وقال:-
-أحسنتي يا مريومة

نظرت إليه فهدوء شديد رغم ألمها والحزن الذي خيم على قلبها لكنها تبسمت رغمًا عنها عندما حدثها بهذا اللطف والدلال ثم قالت:-
-مريومة؟!

تحاشي النظر إليها بينما وضع الطبق على الكمودينو وهى تتابعه فى صمت هادئة، قالت بنبرة خافتة:-
-جمال

نظر إليها بصمت، سألته "مريم" بقلق شديد:-
-حمزة سابنى أمانة عندك

تبسم بغرور شديد ثم قال:-
-اه نفسي أعرف ليه كلهم بيسبوكي أمانة عندي 

أعتدلت فى جلستها ببراءة ثم وضعت خصلات شعرها خلف أذنها بلطف وقالت حادقة بعينيه:-
-عشان أنت قد الأمانة، لازم تحافظ عليها يا جمال كلهم محفظوش عليها لا مختار ولا حمزة..

تبسم إليها بلطف ثم جذب رأسها بحنان ليضع قبلة على جبينها بدلال ونظر إلى عينيها بحب ثم قال بجدية:-
-حاططها فى عيني وقلبي ويشهد عليا ربنا 

تبسمت بحماس على هذه الكلمات التى تفوه بها وقد أقترب كثيرًا إليها وعن قريب سيخبرها بالحب الكامن بداخله لأجلها، تسارعت نبضات قلبه بهذه النبضات الخافتة، نظرت إلي ربكته وتوتره الذي ظهر فى ملامحها وحبيبات العرق التى ظهرت فى جبينه لتضحك بحب شديد ثم قالت:-
-شكرًا، شكرًا لأانك معايا فى كل صعب 

أخذ يدها فى راحة يده ثم قال بهدوء:-
-أنا عايزاك تبقي قوية يا مريم، عايزاك تتغلبي على خوفك وتنجحي، أنشغلي فى شغلك وأنجحي فيه، أتوصلي مع مشاهدينك وأديهم كل وقتك، ما تكتفيش بالحياة جوا أوضتك وتسيبي الخوف يغلبك، أخرجي وأعملي كل اللى نفسك فيا وأنا قادر أحميكي من العالم كله مش مختار بس، الدكتور قال أن طول ما أنتِ مستخبية فى أوضتك مستحيل تتخطي المرحلة دى، أنا عايزاك قوية وتعدي دا زى ما عديتي اللى فاتت، شاركي فى مسابقات الخيل بإيلا والمرة دي مش همنعك، أعملي أى حاجة بتحبيها وبتبسط، المهم متسبيش دقيقة واحدة فى يومك تفكري فيها فى اللى راح وعدي

-خايفة يا جمال، خايفة أفرح، مفيش مرة فرحت وفرحتي تمت، أنت أهو شايفة فرحتي بالثانوية العامة متمتش وأتوجعت لما رفضتني وفرحتى بالتخرج متمتش وظهر ياسين وفرحتي بجوازي ويوم العمر متمتش برضو وظهر مختار، أنا فرحتي مبتكملش
قالتها بحزن شديد خيم على قلبها ونبرتها ليشير لها بنعم وهو يقول بجدية:-
-هتم المرة دى هتم، لأني معاكي.. دى أول فرحة هتم

نظرت إلي يده الممدودة إليها ببطاقة مشاركة فى سباق للخيل بشرم الشيخ ثم قال:-
-أنا عندي شغل فى شرم ثلاث أيام، هأخدك معايا وكمان هنأخد إيلا وهتشاركي هناك، أنتِ محتاجة تغيري جوا وتخرجي من حالة الحزن دي

أومأت إليه بنعم بحماس ثم قال مُتابعًا:-
-أرتاحي دلوقت والصبح أنا هروح الشركة أخلص كام حاجة وعلى الساعة 10 كدة تكوني صحيتي نتحرك علي هناك

هزت رأسها إليه بنعم ليغادر الغرفة ثم ولجت "نانسي" لتراها جالسة داخل الخزانة الكبيرة وتجمع أغراضها من أجل السفر، جمعت ملابسها والقليل من مساحيق التجميل والكثيرة من مستحضرات العناية بالبشرة والعطور، تبسمت "نانسي" على حماس هذه الفتاة التى ظهر للتو بعد أن تواري الحزن والضعف عنها فقالت بلطف:-
-أساعدك

-لا أنا خلصت.... اه ناقص المايو
قالتها وفتحت أحد الأدراج ثم قالت:-
-أخد البينك ولا الأسود

حدقت "نانسي" بهذه الملابس ثم قالت:-
-معتقديش أن الحيرة هتكون فى اللون، هو مستر جمال هيوافق تلبسي أى واحد فيهم 

تبسمت "مريم" بخبث شديد وقالت:-
-دى شرم الشيخ يا نانسي

وضعت الأثنين فى الحقيبة وأغلقتها تمامًا ثم صعدت للفراش وأخذت علاجها الذي أوصي به طبيبها النفسي وخلدت للنوم، خرجت "نانسي" من الغرفة وأغلقت الباب بعد أن أطمئنت أن "مريم" غاصت فى نومها....
جهز "حاتم" فرستها الجميلة "إيلا" من أجل السفر وحممها جيدًا وفى الصبح عندما وصلت سيارة نقل "إيلا" جاءت "مريم" إليها بسعادة ثم قالت:-
-متقلقيش يا إيلا

صعدت "إيلا" داخل سيارة النقل بهدوء فربتت "مريم" على عنقها وترجلت من السيارة ليغلق "حاتم" الباب ثم أنطلقت السيارة وخلفها سيارة خاصة للحراسة من أجل "إيلا" وهى أثمن شيء لدي "مريم" ، صعدت "مريم" إلى سيارته وكان "شريف" جالسًا فى المقعد الأمامي بجوار "صادق" وهما بالخلف، كان يتحدث مع "جمال" عن الوفد القادم من السعودية من أجل التعاقد معهم ويباشرون عملهم داخل السيارة بينما "مريم" صنعت قناة على اليوتيوب كي تتحدث مع مشاهدين بأريحية أكثر من القناة ليقول "شريف" بجدية:-
-أعتقد أنهم هيرحبوا بالمنتج لكن حملة الإعلانات هتحتاج مجهود أكبر، أنا بفكر أشوف وجه جديد من الممثلات اللي ليهم شعبية بين الناس تكون وجه الشركة 

أومأ "جمال" له بنعم وعينيه لا تفارق التابلت بأنشغال تام ثم قال:-
-مفيش مانع أختار اللى مناسبة وهاتلى العقد وأنا همضي 

-أكيد، أنا مجهز خطة متكاملة نقدر بيها نعوض المشروع اللى أخده نادر مننا
قالها "شريف" بثقة ليؤمأ "جمال" فى صمت وما زال لا يعرف من الخائن الذي سرق مخطوطته وأرسلها إلى "نادر"، وصل للفندق وأخذوا "إيلا" إلى مكان خاص أمان أختاره "جمال" من أجلها بعيدًا عن الأسطبل العام، بل كان داخل الفيلا التى أجرها "شريف" من أجل "جمال" لتظل تحت نظر "مريم" وتسهل حمايتها على "عاشور"، تحدث مسئول الفندق بجدية :-
-أبعت لحضرتك حد للعناية بالفرسة

نظر "جمال" إلى "مريم" فهزت رأسها بلا لأنها ستفعل كل شيء بنفسها وهى تتقن هذا العمل جدًا فقال بجدية:-
-لا متتعبش نفسك ولو أحتجت حاجة هبلغكم

غادر مسئول الفندق ودلف إلى الفيلا وكانت تتكون من طابقين فى الأعلى الغرف وبالطابق الأول كان غرفة معيشة والسفرة جوارها فى البهو وحديقة واسعة بداخلها حمام سباحة، تبسم بلطف ثم قال:-
-أنا عندي شغل مش هتأخر عليكي وحسام برا لو أحتجتي حاجة أطلبيها منه لكن رجاءًا متخرجيش لوحدك يا مريم

أومأت إليه بنعم ثم قالت بحماس:-
-متقلقش أنا كمان عندي شوية شغل وهسجل أول فيديو ليا على اليوتيوب 

هز رأسه بنعم ثم غادر مع "شريف" حتى يتأكد من الغرف التى حجزها من أجل الوفد القادم بعد ساعات قليلًا، جلست "مريم" على السفرة وجهزت الكاميرا والمعدات لتسجل أول فيديو لها، أخذت دواءها لكنها ما زالت تشعر بالخوف فخرجت للخارج وكان "حسام" جالسًا فى الحديقة الأمامية مع رجلين لتقول:-
-حسام

وقف مهرولًا إليها فقال:-
-تحت أمرك، أمرني

تنحنحت بحرج ثم قالت:-
-ممكن تيجوا تقعدوا جوا! أو على الأقل أنت 

نظر "حسام" إليها بحيرة فى بداية الأمر ثم دخل وترك الرجلين بالخارج لحماية مدخل الفيلا و"إيلا" حسب أوامر "جمال" جعلته يجلس على الأريكة أمامها بسبب الخوف الذي يلحقها حالما تبقي وحيدة فى مكان، لا تريد رؤية وجه "مختار" أو "حمزة" الذي يحاول جاهدًا قتلها رغم ثقتها بأنه توفي ودفنته بنفسه..

__________________________  

وصل "راغب" إلى المكان المحدد وكان "مختار" جالسًا فى أنتظاره على أحد الطاولات، جلس بهدوء أمامه ليقول:-
-تشرب أيه؟

تحدث "راغب" بنبرة جادة قائلة:-
-مش عايز وياريت متنساش أن محامي الخصم، يعنى لقاءاتنا ممنوعة

أرتشف "مختار" قليلًا من قهوته ثم قال:-
-محامي الخصم، تطلع منك أنت يا راغب، ترفع عليا قضية طلاق

تبسم "راغب" بعفوية وثقة من نجاحه ثم قال:-
-أنا محامي جمال بيه فى الأساس وخليني أنصحك نصيحة بمناسبة أنك فتحت الموضوع دا، طلقها وأرتاح من دوشة المحاكم، لأن أتخن محامي هتجيبه ومهما كان القاضي هيحكم لصالحها لأن حضرتك مش مثال على الزوج الصالح دا غير أن حضرتك الآن 53 سنة وهى شابة لسه مكملتش 25 سنة، حضرتك فاتح نوادي ليلية وبتاجر فى أقذر التجارة وسُكري وبتاع ستات ودا أنا هثبته من أول جلسه دا غير أن ممكن لو جمال بيه وافق وحب نحول القضية من قضية طلاق لقضية تجارة مخدرات ودعارة ونفتح عيون الحكومة عليك أكثر من طلاق.... وفى النهاية هتكون خسران وحضرتك عارف دا

وقف "راغب" ليغادر المكان بعد أن ألقي قنبلته المؤقتة على "مختار" فأستشاط غيظًا وغضبًا مما يسعي إليه أخاه وهو يعلم جيدًا بانه يسير فى طريق مسدود و"مريم" ستكسب القضية بمهارة "راغب" وقذارة سمعته كزوج.. 
  
___________________________ 

أستقبل "جمال" الوفد القادم وأوصلهم لغرفهم فى أستقبال حار ثم عاد إليها ليراها نائمة على الأريكة و"حسام" أمامها، تنحنح "حسام" بحرج من وجوده وقال:-
-حضرتها اللى أمرتني ما أتحركش من هنا إلا لما حضرتك توصل

أومأ "جمال" إليه بنعم وهو يعلم بانها أصبحت تخاف البقاء وحدها وتري هذه الهلاوس التى تأخذها للموت، غادر "حسام" من المكان للخارج فذهب "جمال" إليها وحملها على ذراعيه بلطف لتشعر به ففتحت عيونها ببطيء لترى وجهه المنهك من السفر والعمل فقالت بهدوء:-
-جمال، مش هتنام شوية قولتلي مش هتتأخر

تبسم "جمال" إليها بلطف ثم قال:-
-لسه عندي شوية حاجات محتاج اخلصها

فتح باب الغرفة وأدخلها لسريرها ثم وضع الغطاء عليها وقال:-
-تصبحي على خير

تبسمت إليه بسعادة وقالت:-
-وأنت من أهلي

ترك لها بسمة لطيفة على كلمتها ثم دخل إلى غرفته أخد حمام وأرتدت ملابس مريحة أكثر من بدلته الرسمية عبارة عن بنطلون رمادي فاتح وتي شيرت أزرق ثم نزل للأسفل وصنع كوب من القهوة وجلس على السفرة يباشر عمله فى هدوء حتى سمع صوت دقات على الباب وفتح ليجد "عاشور" فنظر إليه بقلق من توتر "عاشور" وهكذا نظرات الخوف ليقول:-
-حصل أيه؟

أجابته "عاشور" بقلق شديد من القادم وقال:-
-إيلا ......
 يتبع 




تعليقات



<>