رواية عشق الجمال الفصل الخامس5 والسادس6 بقلم نورا عبد العزيز

رواية عشق الجمال الفصل الخامس5 والسادس6 بقلم نورا عبد العزيز



صرخ "جمال" بأنفعال شديد فى "عاشور" بعد أن علم بما حدث إلى "أيلا" وإغماء "مريم" التى لم تستعيد وعيها مرة أخري، لم يتمالك أعصابه على رجاله وقال بيده التى تشير عليهم فردًا فرد:-
-أنا مش هفوتها على خير يا عاشور أنت ورجالتك حتى لو حكم الأمر أن أقطع رؤوسكم زى أيلا، نهائيًا اللى حصل مش هيعدي على خير عليكم ولا على اللى عملها

تحدث "عاشور" بنبرة خافتة حرجًا ومُصدومًا مما حدث هو الآخر قائلًا:-
-أنا بأكد لحضرتك أن مفيش حد غريب قرب من مكان أيلا، إحنا ما بيغمضلناش جفن يا جمال بيه

قاطعه "جمال" بصراخ أكبر مُنفعلًا أكثر على هذا الحديث واضعًا يده فى وجوههم:-
-بس خلاص، مش هسمع مبرراتكم نهائيًا ولا هقتنع بيها لأن الجريمة اللى حصلت فى الأول وفى الأخر بسبب أهمالكم وخلل فى نظام الأمن يا عاشور بيه، يعنى تقصير منكم وإذا كنتوا مش ناوي أن رؤوسكم تتقطع تجبلي اللى عملها خلال 24 ساعة وألا....

قاطعه خروج "نانسي" من المنزل تناديه بذعر شديد قائلة:-
-جمال بيه 

ألتف "جمال" إليها بقلق لتتابع كلماتها بتلعثم هاتفة:-
-مريم فاقت وتعبانة

كز على أسنانه بتهديد واضح إلى رجاله ودلف إلى الداخل مهرولًا إليها، رآها تصرخ وتبكي بأنيهار تام وتكسر كل شيء أمامها بطريقة جنونية وهستيرية، أسرع إليها ومسك يديها الأثنين بقوة يحكم حركاتها فقالت بأنهيار تام:-
-ليه يا جمال؟ ليه؟

كانت تبكي وتنتفض فزعًا ومشهد "أيلا" وهى غارقة فى دمائها لا يفارقها نهائيًا ويعتصر قلبها بقوة من الوجع وألم الفراق، لطالما كانت عائلتها وصديقتها التى تداوي جروحها والآن قد رحلت وتركت خلفها جرحًا بقلب هذه الفتاة لن يستطيع أحد مداوته، جعلها تجلس بصعوبة مُستخدمًا قوته عليه ونظر بعينيها التى تبكي كالفيضان التى ضرب وجهها، لم يتحمل رؤية زوجته بهذا الضعف والإنكسار ليقول بلطف:-
-مريم أهدئي

-ذنبها أيه يا جمال؟
قالتها بتلعثم قوي وكلماتها لا تخرج من حنجرتها كأن أحبالها الصوتية قد قطعت للتو، تحدث "جمال" بنبرة أكثر دفءً:-
-عشان خاطري يا مريم بلاش عشانى، عشان خاطر بنتنا مكة تهدئي، والله اللى عمل كدة لأجبلك رأسه تحت رجلك بس أهدئي يا حبيبتي

لم تشعر بشيء سوى نزيف قلبها المجروح كأنه نحر مع عنق "أيلا" فى نفس اللحظة، أنفاسها لا تخرج منها ألا بصعوبة تمزق الرئتين معًا، ضم يديها الأثنين معًا بين راحتي يديه فقال بنبرة هادئة تطيب الجروح:-
-أعملك أيه عشان تهدئي يا مريم، أنا مستعد أجبلك كل أحصنة الأرض عندك، أمري بس وأنا أعملك اسطبل ليكي لوحدك بس تبطلي دموعك دى 

رفعت "مريم" رأسها المطأطأة إليه ونظرت إلى عينيه وسط غرارة عينيها ودموعها التى تشوش رؤيتها، حدقت به بإنكسار وقالت بتمتمة خافتة تصعب تكون كلماتها من شهقاتها القوية:-
-أهدي، جمال أيلا مماتش لأن عمرها أنتهي، أيلا اتقتل حد عمل فيها كدة عمد، لكن ليه؟ فرسة زى دى عملت أيه ولا أذت مين؟ عشان تكون دى نهايتها ودا عقابها، جمال أنت عارف أن أيلا عمري كله، وقت لما جيتلك طلبتها هى بس، كانت كفيلة تخفف همومي ووجعي وتداوي اللى أتكسر فيا، أيلا كانت روحي يا جمال وهم أخدوها منى.. طيب ليه؟، أنا وجعت منى ولا زعلت مين عشان يسرق منى روحي 

كان يستمع إليها بهدوء وبداخله نيران مُتلهبة من الغضب والكره لذلك الفاعل الذي مزق حبيبته بنجاح وتمكن من سلب سعادتها، رآها تنتفض مع كلماتها وترتجف حسرةً على فرستها؛ ليضمها إليها بقوة وتشبث بجسدها الهزيل ويديه تربت على ظهرها وقال هامسًا فى أذنيه:-
-وحياة مريم عندي لأدفعه ثمن اللى عمله وثمن كل دمعة نزلت منك بسببه يا مريم 

تشبثت به بكلتا يديها وهى لا تملك سواه الآن، كالغريق الذي يتشبث بقشة من أجل النجاة، تمنت أن تجد النجاة من وجعها وألمها بين ذراعيه فى مأواها الوحيد وأمانها، شعر بجسدها يرتخي بين ذراعيه ليُدرك أنها فقدت وعيها من جديد بسبب ضعف قلبها الذي لا يتحمل الفراق لطالمأ مرضت "مريم" من فراق أحبتها، جاء "حسام" طبيبة من المستشفي لتري جثة "أيلا" فى الطريق وفزعت من بشعة المنظر ثم دلفت إلى الغرفة وبعد أن فحست "مريم" وأعطتها الدواء، خرجت إلى "جمال" الذي ينتظر عقله وقلبه أن يطمئن عليها فقالت بهدوء:-
-بتعاني من صدمة عصبية حادة...

نظرت إلى باب المنزل بهدوء ثم قالت بجدية وقد تفهمت حالة "مريم":-
-واضح أن الصدمة كانت شديدة عليها

كان يعرف أن هذا هو تشخيص زوجته المريضة، كعادتها لا تتحمل الوجع ومرة أخرى انتصر علي ضعفها وقلة حيلتها، غادرت الطبيبة فخرج "جمال" إلي "عاشور" كان هادئًا هدوء ما قبل العاصفة وقال بتهديد واضح:-
-وصلت لأيه؟

تنحنح "عاشور" بحرج من فشله فى العثور على الفاعل ثم قال بحيرة:-
-أنا راجعت كاميرات المكان من إدارة الفندق وبتأكد كلامي مفيش حد دخل المكان نهائيًا

صرخ "جمال" بأنفعال فى وجهه ونبرة عالية قائلًا:-
-يعنى هى دبحت نفسها بنفسها

تنحنح "حسام" بهدوء ويديه متشابكة أمامه بقلق من غضب "جمال" وكل هذا الغضب لا يقارن بشيء مما هو قادم، لأجل "مريم" سيعلن عليها الحرب ويهدم حياتهم جميعًا، قال بنبرة هادئة ربما تمتص القليل من غضبه:-
-أكيد لا، لكن التصوير الأقرب للعقل والمنطق أن الى عملها حد من جوا، ومش لازم ننسي أن حازم هنا فى  الغردقة وممكن يكون دفع لحد يعمل كدة وأحتمال برضو يكون من موطفين الفندق 

سار "جمال" نحوه بخطوات مُسرعة ومسك لياقته بقوة وعينيه يتطاير منها الشر ونيران ستحرق الجميع وقال:-
-الأحتمالات دى ليك مش ليا يا حسام، ورب العرش لو ما جبتلي الأكيد ولأعاقب الكل من غير دليل وأول رأس هتروح هتكون رأسك أنت وعاشور 

دفعه بقوة وعاد إلى الداخل غاضبًا، رأى "فريدة" تحمل "مكة" بين ذراعيها وطفلته لا تكفي عن البكاء والصراخ، كأنها تشعر بألم والدتها وحزنها فقررت أن تبكي عوضًا عنها، أقترب "جمال" بهدوء وقال:-
-مالها؟

تبسمت "فريدة" بخفة مُصطنعة الحزن أمامه وقالت:-
-من الصبح على الحال دا ومبطلتش عياط

أقترب أكثر لكي يأخذ طفلته وتلامست يديه مع أصابع "فريدة" دون قصد لينبض قلبها بجنون من هذه اللمسة البسيطة، بينما حمل "جمال" طفلته وذهب بيها إلي الأريكة لم يشعر بهذه اللمسة التى ضربت قلب هذه الفتاة المهوسة به، واقفت "فريدة" تراقبه بعينيها وسعادتها لا تقدر بثمن الآن من لمستهم وبسمتها تزداد اكثر وأكثر كلما رأت حنيته على طفلته وهو يداعب شعرها القصير الناعم كشعر والدتها بأنامله و"فريدة" تقف محلها تتخيل أنه يداعبها هى ويبتسم لأجلها، جاءت "نانسي" إليها ورأتها تقف عن بُعد وتراقبهما فسألتها بوجه حاد:-
-واقفة كدة ليه؟

تلاشت بسمة "فريدة" فورًا وأستدارت إليها ثم قالت:-
-مستنية جمال بيه يخلص عشان أخد مكة وكمان لو أحتاج حاجة

ضمت "نانسي" ذراعيها أمام صدرها بحدة وقالت بقسوة جاحدة:-
-أمشي غوري جوا ولو أحتاج جمال بيه حاجة هينادي عليكي 

أومأت "فريدة" لها بنعم بوجه عابس لكنه ليس حزنًا على ما حدث بل غضبًا من "نانسي" التى دمرت لحظتها السعادة ومنعتها من النظر إليه عن قرب هكذا، دلفت إلى غرفتها وظلت تنظر إلى يدها وأصابعها التى لمسها "جمال" حين أخذ طفلته وعقل هذه الفتاة المختلة يصور لها أنه فعل ذلك لأجلها هى فقط.......

__________________________________ 

أقترب "تيام" من زوجته التى تحمل طفلها بين ذراعيها وتجلس على فراش المستشفي، قبل جبينها بحب وقال:-
-حمد الله على سلامتك يا روحي

تبسمت "مسك" إليه بعفوية ويديها تلمس أصابع طفلها "أدم" بحنان أم وقالت:-
-لحد دلوقت مش قادرة أستوعب حجمه، طلع صغير أوي على اللى عمله فيا الفترة اللى فاتت دى كلها

ضحك "تيام" على زوجته وعينيه تنظر إلى طفله الصغير وقال:-
-أنا قولت ببطنك دى هتجبيلي فيل، تنين... كدة طلعتي جايبة ليا برص

ضربته "مسك" على يده بضيق من حديثه عن طفلها وهى وحدها من عانت فى حمله وشعرت بكل شيء داخلها حتى نبضاته، منعته من لمس طفلهما وقالت:-
-برص!! طبعًا لأنك مشلتش ولا تعبت متعرفش البرص دا عمل فيا أيه، دا حتى نومي كان بيتحكم فيه وأكلي اللى ميعجبهوش على طول يقرفني منه، أنت محستش بحاجة لأنك بتنام براحتك وتأكل اللى نفسك فيه وجاية تتريق على ابني

ضحك "تيام" على تملكها الذي تتعايش به وقال بأندهاش شديد:-
-دا ابنى أنا كمان على فكرة ومن حقي أشيله وألمسه

أستدارت للجهة الأخري بغيظ غاضبة منه وقالت بعبوس شديد:-
-مستحيل تلمسه دا ابنى أنا وأنا اللى حملت فيه روح وريني هتجيب برص زيه أزاى

نظر حوله مُتفاجئًا من زوجته وقال بضحكة ساخرة منها:-
-والله أبنى، أنتِ هتعارضي طبيعة البشر، ربنا خلقكم تشيلهم وتحملوا أنا ذنبي أيه يا مسك بتعاقبني وحارماني من أبنى 

-اه لأنك بتريق على ابنى الجميل خالص
قالتها بدلال مُتناسية غضبها عندما نظرت إلى وجه طفلها الملاكي، جلس "تيام" خلفها بسعادة وطوقها هى وطفلها بذراعيه بأحكام ثم وضع رأسه على كتفه ينظر إلى هذا الطفل الصغير بسعادة تغمر قلبه وما زال لا يُصدق أنه الآن يملك عائلة حقًا له، تمتم بسعادة:-
-أعملي اللى عايزاه يا مسك لكن متحرمنيش منكم، أنا لحد دلوقت أصلًا مش قادر أستوعب أن بقي عندي عائلة بتاعتي

نظرت جوارها بخفة حيث رأسه لترى سعادة وعينيه التى تحدق بيهما كأنه حقًا صدق فى كلماته ولا يصدق حتى الآن أن لديه زوجة وابن بعد أن عاش وحيدًا طيلة عمره فتبسمت إليسه ورفعت يدها الأخري تلمس وجنته بحنان وقالت:-
-صدق يا حبيبي، إحنا بقي عندنا ابن يا تيام واسمه أدم تيام الضبع هو لك وبتاعك لوحدك

أبتعد عنها وأدارها لكي يحدق بها جيدًا مباشرة، تطلع بعينها بسعادة تغمره ويديه تحيط وجهها بحنان ثم قال بهدوء ونبرة ناعمة:-
-اه بقي عندنا ابن، أوعدك يا مسك أكون عائلة جميلة وسعيدة بالحب والرحمة، وعد منى يا مسك أخليكم أسعد عائلة فى الدنيا بحُبي ليكم وأخلي بيتنا دافئ وجميل بضحكتكم وأبني عمدانه من السعادة والراحة بس

أومأت إليه بنعم ليُضمها إليه بسعادة لكن سعادتهما لم تدوم سريعًا عندما فُتح الباب ودلفت "غزل" أخت "مسك" التوأم، التى تشبهها كثيرًا ووحده "تيام" الذي يستطيع تفرقتهما عن بعض بسبب حُبه إلى "مسك"، تنحنحت "غزل" بحرج وقالت:-
-أسفة أنى هقطع لحظتكم الجميلة، بس مقدرتش أمسك نفسي أكثر من كدة لما عرفت أن مسك ولدت

أقتربت بسعادة لكي تحمل الطفل بين ذراعيها بسعادة تغمرها وقبلت جبينه بلطف، لتشعر لأول مرة أنها ترغب فى الزواج فقط لتنجب طفلًا بهذا الجمال، وتشعر معه بهذا الشعور التى شعرت به للتو عندما لمست "أدم"، دلف "جابر" إلى الغرفة بذعر قال:-
-تيام 

نظر الجميع إليه بأندهاش من ظهوره من العدم وذعره، أندهش "جابر" من وجود "غزل" وعودتها من وحدتها فى الجيش، تحاشت "غزل" النظر إليه بغضب ولم تنسي شجاراتهم الدائمة فنظر "جابر" إليها بتكبر ثم نظر إلى "تيام" وقال:-
-فى مشكلة

خرج "تيام" معه للخارج فأخرجه "جابر" بجريمة القتل التى حدثت فى منزل "جمال المصري" وذبح فرسة زوجته التى أخبرهما كم هى ثمينة لدى "مريم" قبل أن يأتي، وقال بجدية:-
-الفندق مقبول وجمال المصري مُصر يمسك الفاعل

-أكيد في فاعل ما هو مش معقول أن الحصان دبح نفسه
قالها "تيام" بضيق من الحوداث التى تحدث فى قريته وكل هذا سيدمر سمعه المكان لدي الجميع فقال بحذر:-
-كتم على الموضوع يا جابر قدر الإمكان، خبر حادثة زى دي لو أتسرب للناس هنخسر كتير ومستحيل حد يثق فى سلامة الأمن عندنا 

أومأ إليه بنعم وقبل أن يتحدث سمع صوت "غزل" تقول:-
-حادثة أيه؟

ألتف الأثنين لها وكانت فتاة تبلغ من العمر الثاني والثلاثين وتملك بشرة بيضاء وعيني رمادية وشعر أسود متوسط الطويل تسدله على الجانبين بفارقً بمنتصف رأسها وترتدي بنطلون جينز وقميص أبيض مفتوح وأسفله تي شيرت وردي اللون، تحدث "جابر" بجدية صارمة:-
-مالكيش دعوة

رفعت "غزل" حاجبيها بأقتضاب وغضب منه ورفعت سبابتها فى وجهه بتهديد وقالت بنبرة صارمة:-
-أنا بحذرك أى تتكلم معايا بالأسلوب دا تاني وأحب ألفت نظرك اللى شكله مش موجود أنى بكلم تيام مش أنت

أقتربت "جابر" خطوة نحوه دون أن يخشي تهديدها وقال بحزم شديد حادقًا بعينيها بغضب مكبوح بداخله:-
-والله انا أسلوبي كدة وأن كان عاجبك ولو مش عاجبك فى وراكي حيط ممكن تخبط رأسك فيه وحذاري تفكري تهديدني مرة تانية

كزت على أسنانها غيظًا حتى سمع صريرها وقبل أن تشاجره أكثر قاطعهم "تيام" بضيق شديد:-
-بس خلاص، أنتوا غلبتوا القط والفأر، دا مش وقت خناقاتكم ... لو سمحتي يا غزل أدخلي خليكي مع مسك وأنا لازم أرجع الفندق.. يلا يا جابر

ألتف لكي يغادر فحدق "جابر" بها من الرأس لأخمص القدم بأشمئزاز وقال بسخرية من تهديداتها الفاشلة له مُهددًا إياها:-
-أفتكري أن اللى منعني عندك تيام 

سحبته من سترته إليها بقوة وعينيهما تقابلت عن قرب شديد وكادت رؤوسهما تلتصق ببعض ثم قالت بتهديد:-
-بلاش أنا يا جابر لأنك مش قد جناني ولا تعرف أنا ممكن أعمل أيه لكن اللى لازم تعرفه أن مبسش حقي لو كان عند مين...

تبسم بسخرية خافتة عليها وعينيه تقاتل عينيها بالنظرات القوية الصارمة، تركته ودلفت إلى الداخل حيث أختها فهندم ملابسه بأغتياظ منها وذهب خلف "تيام" بضيق منها يقتله من الداخل بسبب غيظه منه ....

___________________________________ 

رأت "مريم" كل ما حدث فى منامها لتفزع من فراشها عندما رأت دماء "أيلا" وخرجت منها صرخة قوية، دلف "جمال" إلى الغرفة مُسرعًا إليها وجلس أمامها قائلًا:-
-مريم!! أهدئي يا حبيبتي أنا هنا.. أنا هنا

ضمها إليه حتى يهدأ من روعتها وبدأ يمسح على رأسها وظهرها بيده بلطف، ألتقطت أنفاسها بصعوبة من هذا المنام الذي لم ينتهي بيقظتها بل كان واقعًا يدمر أيامها، دموعها تسل بصمت شديد فقالت:-
-قتلوها يا جمال، قتلوها لكن ليه؟ 

أخرجها من بين ذراعيه لكي ينظر إلى وجهها الشاحب من الصدمة التى تلقطتها والحزن الذي خيم على حياتها، نظر "جمال" إليها بحنان وقال:-
-والله لأجيب اللى عملها

نظرت إليه صامتة قليلًا وقالت:-
-مش هتلاقيه يا جمال، مش هتلاقيه لأنه زى الحية بيغير جلده عارف ليه لأنه فى وسطنا، اللى عملها أنا واثقة أن مننا ومش غريب

أندهش من كلماتها وعقد حاجبيه بحزم يفكر فى كلماتها ولا يستوعب ما تفكر به فسأل بقلق:-
-ليه بتقولي كدة؟

تشبثت بيديه الأثنين بعجز وخوف تملكها من الجميع ثم رفعت نظرت إليه بفزع أصابها وقلبها يتمزق من الداخل وعقلها يُذكرها كيف غدرت "سارة" بها رغم أنها كان تعاملها بلطف وحنان وكأن الجميع يستغلوا قلبها حتى يهزموها ويقضوا علي نبضاته، تعتصرها الألم من الداخل والخارج حتى أنفاسها تمزق رئتيها كالسكاكين من صعوبة الأمر، أجابته وهى تبكي بحزن على موت فرستها الجميلة قائلة:-
-لأنك عارف أيلا كويس يا جمال، أيلا مستحيل تسمح لحد غريب يقرب منها وأنت شاهد على دا وهنروح بعيد ليه ما أنت شوفت اللى حصل من أيام لما فكرت اللى اسمها مسك تقرب منها، رد فعل أيلا من الغريب يخلينى واثقة أن اللى عملها حد مننا، وألا كانت صرخت ودافعت عن نفسها على الأقل وسمعها الحرس، اللى عملها حد أيلا تعرفه وشافته وأتعودت على وجوده عشان كدة أمنت له ومفكرتش تصرخ وتستنجد بيا، أيلا اللى غدر بيها حد قريب يا جمال، حد بيضحك فى وشي ومن ورايا طعني فى قلبي وسرق روحي مني لكن مين؟ مين جنبي أنا أذيته لدرجة اللى تخليه ينتقم مني فيها؟

سمع "جمال" حديثها بعقلانية وقبل يدها بلطف بعقل شارد وقد أقتنع كليًا من كلماتها خصيصًا أنه يعرف "أيلا" وقد أكد له "عاشور" أن لم يدخل غريب إلى المنزل، فالفاعل حقًا هنا جوارهما ويختبي بينهما بمكر كالحية التى تغير جلدها تمامًا كم وصفته "مريم" لكنه سينزع هذا الجلد عنه ويقبض عليه ومهما كان ماكر فلن يكون عقله الخبيث بقدر عقل "جمال" وهذا الغبي لا يمكنه أن يكون خصم "جمال المصري" 



____ الفصـــــل الســــادس (6) ____

دلفت "نانسي" على الغرفة بسبب صوت بكاء "مكة" هذه الطفلة الصغيرة التى تبكي بدون توقف ودُهشت عندما وجدت "مريم" جالسة على فراشها ولا تبالي نهائيًا بما يحدث، أو بكاء طفلتها القوي ولم يُثير قلق أمها، حملتها "نانسي" بصدمة حادة وبنفس اللحظة غاضبة كليًا من "مريم" وإهمالها إلى طفلتها الصغيرة فصرخت "ن انسي" غاضبة:-
-فريدة، فريدة

دلفت "فريدة بعد قليل على صراخ "نانسي" باسمها وأعطتها "مكة" وهى تقول بجدية:-
-أنطرشتي ولا أيه؟ البنت بتعيط بقالها ساعة

تنحنحت "فريدة" بحرج منها ثم أخذت "مكة" منها وخرجت إلى الخارج، جلست "نانسي" أمام "مريم" ووجهها شاحبًا تبكي دون توقف لدموعها ثم قالت بلطف خافتة:-
-مريم معقول اللى عاملة فى نفسك دا؟

نظرت "مريم" إلي بحزن شديد ثم قالت بضيق:-
-أنا جيت هنا يا نانسي كنت فاكرة أنى هتبسط مع جوزى وبنتى، وأخيرًا هقدر أعوض الجفا الى بينا ونار شوقي له هتهدأ وهو جنبي بعد ما كان غايب عني وسايبني لكن ملاقتش غير الوجع، حتى لما ساب شغله وأختارني أنا الوجع مسابنيش أتبسط ولا أعيش 

ضمتها "نانسي" بحزن وإشفاقًا على هذه الفتاة حتى هدأت وقالت بلطف:-
-معلش يا مريم كله هيعدي والله والمواقف دى بتحصل عشان تقوي قلبك وبعدين شوفي الحلو اللى الموجود واللى ظاهر وحب جوزك ليكي لكن إهمالك له ولبنتك دا الغلط بعينه، معقول قسيتي قلبك على مكة وهى حتة منك

أومأت "مريم" إليها بنعم وجهشت باكية ربما تنهي على نوبة البكاء الموجودة بداخلها وتتوقف عن الحزن، فتح باب الغرفة ودلف "جمال" إلى الغرفة ليراها هكذا ما زالت تبكي وحزنها يزداد يومًا بعد يوم فقال بهدوء:-
-مريم

رفعت "مريم" نظرها إليه ويديها تجفف الدموع عن وجنتيها بعد أن غادرت "نانسي" الغرفة فور دخوله، تبسم "جمال" بخفة وقال:-
-قومي يا مريم ألبسي خلينا نتغدا برا سوا

هزت "مريم" رأسها بالنفي وقالت:-
-معلش يا جمال خلاني هنا، أنا مش قادرة أخرج

اومأ إليها بنعم مُتفهمًا موقفها وحزنًا وأستدار لكي يغادر الغرفة فأستوقفته صوت "مريم" تقول بلهجة واهنة:-
-جمال 

ألتف إليها بهدوء دون أن يتحدث فى شيء فقط ينظر إلى عينيها الباكتين بصمت لتقول بهدوء:-
-رجعني قصري، أنا مش عايزة أقعد هنا

غادر الغرفة دون أن يتحدث فى شيء نهائيًا مُدركًا حجم الجرح المفتوح بداخل زوجته الجميلة التى اصبحت كوردة ذابلة لا تعرف شيء....

_______________________________

جلست "غزل" غاضبة داخل كازينو الفندق أمام البار وتحمل فى يدها كوب من مشروب الفيروز الغازي، تتذكر تهديد "جابر" إليها وتحديه، رن هاتفها باسم ظاختها "مسك" فوقفت من مكانها لتغادر لكنها أصطدمت بشاب يصغرها فى العمر بسنوات تقريبًا "حازم" وسكب المشروب على قميصه فتحدث بنبرة مُشمئزة غاضبًا من تصرفها:-
-أنتِ عمية مش تفتحي يا جاموسة أنت

أشارت على نفسها بسخرية من كلمته وقالت بتهكم شديد:-
-أنا جاموسة يا بهيم 

ركلته بقدمها ورفعت الكأس الفارغ لتضربه على رأسه وقبل أن تفعل دٌهشت من "جابر" الذي مسك يدها يمنعها، وأشار إلى رجال الأمن الخاص بالمكان بأن يأخذوه للخارج، سحب "غزل" من يدها بقوة للخارج معه فصرخت منه بانفعال شديد قائلة:-
-أنتِ ساحبني وراكي كدة ليه؟

ألتف إليها بعد أن ترك يدها بقوة غاضبًا من تصرفها وقال بأختناق شديد:-
-أسمعى أنا حذرتك من أرتكب المشاكل فى المكان هنا، واوعي تنسي أنك نسخة من دكتورة مسك يعنى لو حد صورك وأنتِ فى المكان دا هتعملي فضيحة لينا كلنا

عقدت ذراعيها أمام صدرها بأختناق شديد وقالت:-
-والله أنا حرة أعمل اللى أنا عايزاه وأروح فى المكان اللى يعجبني 

رفع سبابته فى وجهها بأقتضاب ويكز على أسنانه بقسوة بينما عينيه تكاد تقتلها فى التو وقال بتهديد رغم نبرته الهامسة:-
-متختبريش صبري معاكي يا أنسة غزل

غادر وتركها فى محلها غاضبة، واقفة فى بهو الفندق تشتعل غضبًا منه بقسوة.....

______________________________

أخذها "جمال" معه للخارج وكانت "مريم" تسير معه صامتة دون أن تسأل شيء، مُرتدية فستانًا أسود بسبب حزنها على فراق "أيلا" وشعرها البني مُسدولًا على الجانبين يحيط بوجهها العابس، يحتضن يدها بيده الدافئة ويسير مُتقدمًا عنها بخطوة حتى وصل إلى الشاطئ وتوقف ثم ألتف إلى "مريم" يحدق بوجهها وقال:-
-مريم، حبيبتي وأغلي حاجة فى عمري كله

رفع يده الأخري يلمس وجنتها الشاحبة من الحزن وكثرة البكاء، ذابلة كأنها تقف على حافة الموت، لمس وجنتها يداعبها بأبهامه وقال بلطف:-
-لو كان بأيدي كنت فتحت قلبك وخدت منه كل الحزن اللى سرقك مني يا مريم

ظلت تحدق فى وجهها بصمت وتلألأت الدموع فى عينيها بحزن أكبر، أبتعد عن أمامها يفسح لها الطريق ويشير إلي على الشاطئ، دُهشت مما تراه وقالت بتلعثم لا تستوعب ما رأته:-
-أيه دا يا جمال؟ 

نظر إلى هذا الفرس البني الذي يقف تحت أشعة الشمس ويملع ببريق ذهبي من اشعتها ويداعب مياه الشاطئ بقدمه ثم قال بلطف:-
-حصانك يا مريم، عارف أنه مش هيعوضك عن أيلا لكن هكون مُمتن لو قبلتيه منى بصدر رحب وبنفس البراءة والعفوية اللى قبلته بيها أيلا من مختار

نظر إلى عيني "جمال" التى تترجاها بنظراتها الحزين أن تستعيد وعيها وتعود إليه ببسمتها التى تنير الحياة أمامه، نظراته ونبرته معًا يصرخون إليه بعذابه من رؤيتها تنهار كليًا تحت نظره وأوشك على تدمير حياتهم بهذا الحزن وحتى طفلتها هجرتها كما هجرت زوجها كليًا مع هجر "أيلا" لها، تمتمت بضعف ولا تقوى على مقاومة نظراته إليها:-
-جمال أنا مش عايزة أحصنة ولا خيل، مش عايزة اتعلق بحاجة تاني وتضيع منى 
وضع يديه فى جيوبه بهدوء مُندهشة من كلماتها وشعر كأنها تخبره بأنها لن تتعلق بشيء من جديد حتى حُبهما ستتركه وقال بجدية:-
-عارفة الحصان دا تمنه كام، 7 مليون دولار عارفة يعملوا كام بالمصري... مش مهم مش بتفاخر بثورتي ولا لكوني رجل ثري قصادك لكن رسالتي الوحيدة وهدفي من شراء الحصان دا واضحة يا مريم، أن دمعة واحدة منك متساوش كنوز العالم وكل مالى وثروتي ميساوش حاجة ولا ليهم قيمة فى بُعدك وهجرك ليا وعندى أستعداد أرمي كل فلوسي فى البحر ولا أنى اشوفك مكسورة وحزينة فى الدنيا، أى راجل فى العالم غنى أو فقير مستحيل يقبل يشوف مراته موجوعة الوجع اللى أنا شايفه فيكي ولو كان فى جيبه 20جنيه بس بيروح يجبلها شيكولاتية بس عشان تفرح وتضحك، أنا جبتلك حصان بملايين ولسه محروم من ضحكتك ولسه مراتي مقهورة طب أعمل ايه، اداوي جرحك أزاى يا مريم، لا حُبي وحضني نفعوا ولا حتى دفايا قدر يداوى وجعك وحتى فلوسي معرفتش، أعملها أزاى.. جوايا نار ومبتحرقش حد غيري من وجعك يا حبيبتى 

أنهي حديثه بقبضته التى بدأت تضرب صدره من الوجع الذي يلازمه من الفشل فى ترمم ما دُمر بداخل زوجته بسبب غدر البشر وكان الفاعل أتقن وبجدارة سبيل قتل "مريم" وهى على قيد الحياة، مسكت يده بلطف التى ترب صدره وأخذت خطوة نحوه أكثر بعيني باكية ثم قالت بصوت مبحوح:-
-أنا مستحيل أقبل أنى أكون سبب وجعك يا جمال وألا أموت أحسن.... 

لم يتحمل رؤية دموعها أكثر فأنهل على عينيها الباكتين يقبلهما بحنان لعل قبلاته توقف فيضانهما وتقتل هذه الدموع الحارة التى لوثت عيني محبوبته البريئة ويداوي جرح قلبها النقي الذي خُلق وسط عالم ملأ بالخيانة والماكرين....

_____________________________ 

عاد "حسام" إلى القاهرة وتحديدًا إلى القصر، دلف وأستقبلته "حنان" مديرة المنزل، سألها بهدوء:-
-جميلة فين؟

-فى أوضتها
قالتها "حنان" بهدوء، صعد إلى الأعلي حيث زوجته، دلف إلى الغرفة فأستدارت "جميلة" تنظر نحو الباب وفور رؤيته عادت بنظرها إلى طفلها بلا مبالاة ولم تنسي طريقة أستقباله لها دون أن يهتم بأي شيء نهائي ولا عودتها من السفر ولا لقيادتها ساعات طويلة حتى وصلت إليه، تنحنح "حسام" بهدوء وأقترب نحوها حتى جلس أمامها وحدق بوجهها، وقفت "جميلة" من مكانها هاربة من البقاء أمامه لكن أستوقفها يده التى أحتضنت يدها بهدوء وقال:-
-جميلة

-سيبنى يا حسام لأن أى كلام هتقوله مش هينسني طريقة أستقبالك ليا ولا أنك حتى فكرت تجري ورايا وتمنعني، سيبتني أرجع بليل بابنك لوحدي بكل برود، متقولش حاجة يا حسام لأن غضبي منك مستحيل يتمحي بكلمتين حلوين ممكن تضحك عليا بيهم
قالتها بغضب شديد مكبوح بداخلها ثم أبعدت يده عنها وأستدارت لكي تغادر لكنه أوقفها بحديثه قائلًا:-
-على الأقل سيبني أدافع عن نفسي وأحكمي عليها بعدها

توقفت قدميها قبل أن تغادر وكزت على أسنانها بأغتياظ وقلبها يصرخ وجعًا ومهما كان عُذره لن يخفي نهائيًا ما فعله، أستدارت إليه بضيق وقالت:-
-قول، هتقول أيه؟ سمعنى، سمعنى المبرر اللى عندك فى أنك تطرد مراتك بليل وتخليها ترجع بيتها الفجر بابنها الرضيع لوحدها ومتسألش فيها 

أقترب خطوة منها بهدوء وقال:-
-كنت هيجيلك والله لكن اللى حصل منعني، موت أيلا خلانا كلنا مش عارفين نتنفس من كتر غضب جمال

أتسعت عينيها على مصراعيها بصدمة ألجمتها وقالت:-
-أيلا  ماتت!!

أومأ إليها بنعم وقال بيأس وحزن:-
-لا أتقتلت، حد دبحها ومنعرفش مالها ومريم حالتها صعبة جدًا 

أنقبض قلبها فزعًا مما تسمعه لكنها نظرت إلى "حسام" بضيق شديد وصرخت بغيظ أكبر قائلة:-
-وأن يكن دا مش كافي لأن أسامحك

غادرت الغرفة غاضبة منه ولم تقبل نهائيًا التخلي عن حقها وموقفها منه، بنفس الوقت الذي يكاد عقلها أن يتوقف من أستيعابه للأمر وقتل "أيلا"، أتصلت على "مريم" وهى تعرف كم هذه الفرسة غالية عليها بل هى بمثابة عائلتها، لم تجد جوابًا من "مريم" فجلست على الأريكة فى الردهة قلقة على "مريم" وأخاها فمن حاول قتل فرسة شخص بالتأكيد يكن غضبًا إلي أخاها وزوجته ....

________________________________ 

جلس "جمال" فى الصباح ينظر فى التابلت الخاص به يباشر عمله ويتحدث مع "شريف" عن أمور الشركة، جاءت "فريدة" إليه بهدوء ووضعت فنجان القهوة الخاص به وعينيها لا تفارق وجهه بهوس جنونًا، نظر إلى الورق ويقول:-
-خليهم يعيده التصميم دا، أنا عايز حاجة جديدة مبتكرة مش حاجة متقلدة 

تبسمت "فريدة" أكثر إليه حين رفع نظره إليها ووضعت خصلات شعرها خلف أذنها لينزل الهاتف بدهشة وقال:-
-فى حاجة يا فريدة
هزت رأسها بعفوية بالرفض وقالت بنبرة دافئة:-
-سلامتك يا بيه

أشار إليها بنعم وهو يقف من مكانه بعد أن وضع الهاتف على أذنه مرة أخري يكمل حديثه مع "شريف"، ظلت "فريدة" تراقبه فى خطواته بشموخه وجديته حتى ملامحه الجادة بعبوسه يجعلوا قلبها يتسارع بخفقانه، سارت للداخل وهى لا تعرف كيف تتقرب منه أو تجعله ينتبه إلى وجودها، نظرت إلى حمام السباحة مطولًا وتبسمت بخبث ماكر ثم نظرت تجاه "جمال" الذي يسير بعيدًا معطيها ظهره ومندمجًا فى عمله، نظرت إلى الحرس وكان "عاشور" واقفًا من رجلين ويتحدثان ولا يبالي أحد بوجودها، قفزت فى حمام السباحة وبدأت تصرخ وتستنجد بأحد، ألفت "جمال" على صوت صراخها وهكذا الحرس، وكانت تغرق بحق ولم تستطيع السباحة جيدًا، هرع "جمال" إليها وهكذا الحرس، قفز أحد الرجال إليها مما أغضبها أكثر فأعتقدت أن "جمال" من سيأتي إليها، أخذها من الحارس برفق لتتشبث بذراعي "جمال" بقوة وبدأت ترتجف....

___________________________ 

وقفت "مريم" أمام المرآة بعد أن أخذت حمام دافئ ونظرت إلى صورتها ووجهها الشاحب وهالات السوداء التى أحتلت أسفل عينيها من كثرة البكاءة وقلة النوم، ذبلت كالوردة الميتة، أخذت نفسًا عميقًا وأختارت فستان أخضر اللون وقد قررت أن تتنازل عن اللون الأسود وحزنها لأجل "جمال" وطفلتها "مكة" الصغيرة، جلست أمام المرآة بعد أن أرتدت الفستان الفضفاض وعقدت حزامه القماشي باللون الأصفر حول خصرها وكان من الأسفل ملأ بالورود الصفراء وبأكمام فضفاضة ذات أساورة حول المعصم، صففت شعرها ووضعت القليل من مساحيق التجميل تخفي ذبولها ورسمت بسمة خافتة على وجهها، نزلت للأسفل تبحث عن زوجها وقابلتها "نانسي" التى تبسمت بسعادة فور رؤيتها بهذه الهيئة وقالت:-
-صباح الخير والهنا

-صباح النور، جمال فين؟
قالتها "مريم" بلطف، تبسمت "نانسي" لأستعادة "مريم" حياتها وخروجها من بئر الأحزان الذي غرقت به وقالت مُجيبة على السؤال:-
-فى الجنينة، أحضر الفطار

تبسمت "مريم" بخفة وقالت:-
-لا مفيش داعي إحنا هنخرج نفطر فى أى مطعم برا

قالتها وأنطلقت بقدميها إلى الخارج لكن سرعان ما تلاشت بسمتها وحلت الصدمة ملامحها عندما رأت "فريدة" بين ذراعي زوجها وتنتفض بقوة، كان الوضع شارحًا نفسه دون سؤال لكن وجود "فريدة" بين ذراعي "جمال" هو ما أغضبها حقًا وأشعل نيران الغيرة بداخلها، أخذت منشفة من فوق المقعد الخشبي الخاص بحمام الشمس وأنطلقت إليهم وفور وصولها ألقت بها فى وجه "فريدة" بغضب وقالت:-
-أستري نفسك يا بت

تنحنحت "فريدة" بحرج من ظهور "مريم" ولفت المنشفة حول جسدها، وقف "جمال" مُندهشة من زوجته وملابسها ليرسم بسمة على شفتيه فور رؤيتها كهذا بينما "مريم" لم تبعد نظرها عن "فريدة" نهائيًا حتى وقفت من مكانها وذهب الحارس الذي أنقذها ليغير ملابسه، كزت "مريم" على أسنانها بضيق وقالت:-
-أمشي غوري من وشي

ذهبت "فريدة" مُسرعة من أمامها، ألتفت "مريم" إليه غاضبة وصرخت به قائلة:-
-أيه القرف اللى أنا شوفت دا

كاد أن يتحدث لتمنعه "مريم" عن النطق بحرفٍ واحدٍ بحديثها القاسي مُتابعة:-
-من غير مبررات متخلنيش أشوفك فى وضع زى دا تاني حتى لو حكم الأمر أنك تسيبها تغرق وتموت، قرب واحدة منك لأى سبب يا جمال معناه خيانة ليا، أتفضل أطلع غير هدومك عشان عايزة أفطر

تركته وذهبت غاضبة ليبتسم بخفة على زوجته المشاكسة التى عادت للحياة من جديد وعادت معها غيرتها الزائدة، أنطلقت "مريم" إلى غرفة "فريدة" بأغتياظ وغضب يأكل قلبها، فتحت الباب ودلفت للداخل بغضب سافر وقالت:-
-أنتِ أيه اللى طلعك برا، أنا مش نبهت عليكي أنك موجودة هنا عشان مكة، ومكة فوق ... أيه اللى طلع جانبك برا

أزدردت "فريدة" لعابها بخوف من غضب "مريم" وقوتها ثم تمتمت بحزن:-
-جمال بيه طلب مني القهوة مكنش ينفع أرفض

كزت "مريم" على أسنانها بغضب أكبر ثم قالت بتهديد واضح ومباشر:-
-أنتِ هنا مهتمك وشغلتك الوحيدة رعاية مكة وعينك متغبش عنها ودا أخر تحذير ليكي يا فريدة ولو خايفة على أكل عيشك أتقي ربنا فيه  فاهمة

أومأت "فريدة" إليها بنعم بخوف من هذه الزوجة، تعلم أن "مريم" إذا شعرت بأنها تعشق زوجها أو تنظر نظرة واحدة له ستقتلها حتمًا...
خرجت "مريم" من الغرفة بانفعال لتُتمتم "فريدة" بضيق بعد ان جلست على الفراش:-
-كان موت أيلا مهدكيش يا مريم، أعملك أيه أكتر من كدة اوووف ....    

تعليقات



<>