رواية امنيات وان تحققت الفصل الخامس5 والسادس6 بقلم ليله عادل
شركة رسلان للمقاولات٢م
مكتب محمد
_نشاهد محمد يجلس خلف مكتبه ويقوم بالإمضاء على بعض الأوراق، بعد قليل طرق الباب دخلت أصالة السكرتيرة.
أصالة بتهذيب:
_ باشمهندس محمد في واحد اسمه خالد زين الحسيني عايز يقابل حضرتك بس مكنش واخد ميعاد.
نظر لها محمد بتركيز بابتسامة عريضة:
_دخليه بسرعة يا أصالة.
خرجت أصالة ولم يمر سوى ثواني ودخل شاب وسيم الملامح، أنيق، حسن المظهر يرتدي بدله، طويل القامة بجسد رياضي وشعر ثقيل طويل لحد ما، بعيون عسلية.
خالد زين الحسيني، رجل أعمال في بداية مشواره، صديق محمد يبلغ من العمر ٣٧ عامًا.
خالد بمرح:
_حموش عامل ايه؟
توقف محمد لاستقباله بحرارة وهو يقول:
_ خالود ايه المفاجأة دي؟
تحرك محمد نحوه حتى توقف أمامه مباشرة وصافحه بعناقه.
محمد وهو يعانقه:
_عامل ايه، مفيش ولا حس ولا خبر من آخر مرة شوفتك، تعالى نقعد.
كل هذا كانت تقف أصالة بجانب الباب باحترام، جلسا على المقاعد الأمامية للمكتب أمام بعضهما.
خالد بتفسير:
_ والله كنت داخل في مشروع كده اخد كل وقتي وفلوسي.
محمد:
_ تشرب ايه الأول؟
خالد:
_ممكن إسبرسو.
محمد:
_ أصالة اتنين إسبرسو، ومدخليش حد علينا خالص.
أصالة بتهذيب وهي تهز رأسها بنعم:
_ تحت أمرك يا فندم.
خرجت أصالة بعد غلق الباب خلفها.
محمد باهتمام:
_ ها قولي أخبار مشروعك الجديد ايه؟ كله تمام؟
خالد بانهزام:
_ والله مش تمام، عشان كده جتلك.
نظر له محمد بقلق وهو يضيق عينه:
_خير.
خالد بتوضيح ممزوج بأسف:
_ مفيش، أنت عارف إني كنت بفتح فرع تاني للمصنع، في العاشر من رمضان، وقعت في مهندس معندوش ضمير، غش في الخامات وسرق منها، وللأسف الشديد في جزء وقع بعد ما استلمت.
محمد:
_ يا خبر أبيض، طب يا ابني ما أنت عارف إننا من أكبر شركات المقاولات وعندنا أفضل مهندسين وأفضل الخامات، تطلع بره ليه، كنت هقدم لك كل التسهيلات ليك مخصوص.
خالد تنهد بتعب:
_ جت كده بقى، مش عارف أعمل ايه، جبت أكتر من مهندس بصوا على المبنى وقالو لازم ينهد، وأنا مستحيل أهده، أنا دافع فيه كل فلوسي، وخلاص المكن التحط، والافتتاح كان هيكون أول الشهر الجاي.
محمد:
_ مشكلة فعلًا، أنت طبعًا قلقان على المكن.
خالد:
_المكن بملايين، وواخد قروض كتير، المشكلة إن المهندس قالى لو حاولت تخرج المكن ممكن المبنى ينهد عليكم.
محمد:
_ ده غير لو الموضوع مخلصش بسرعة هتتعرض لمسائلة قانونية.
خالد بتأييد وهو يهز رأسه وهو يزم شفتيه بحزن:
_ بالظبط، هتسجن، عندك حل ميخلنيش أخسر المكن ولا أرواح العمال وفي نفس الوقت متحبسش.
محمد تبسم:
_ الوحيدة اللى هتقدر تحل لك الموضوع ده بشمهندسة منة، هي الوحيدة اللي بنلجأ لها في الأوقات اللي زي دي.
خالد:
_ الحقني بيها.
💞______♥️بقلمي_ليلة عادل♥️_______💞
_مكتب منة
_كانت منة تجلس خلف مكتبها مع أحد المهندسين وهي تنناقش معه عن أمور العمل، كان ملامح منة تغيرت، لكن ليس بالشكل الكبير، ويبدو أنها فقدت القليل من وزنها كانت ترتدي طقم فورمال في منتهى الشياكة عليها.
منة بجدية:
_ باشمهندس علي لو سمحت هم شوية، التصاميم لازم تكون جاهزة على أول الشهر، لازم تاخد بالك التصاميم دي هتكون بمثابة نقلة مهمة في كاريرك الهندسي، المناقصة دي مهمة، مش بس ليك وكمان للشركة، ومدحت بيه هيثق فيك جدًا لو اخدناها.
المهندس:
_ إن شاء الله ما تقلقيش.
أثناء حديثهما طرق الباب دخل محمد ومعه خالد.
محمد:
_منوش فاضية؟
رفعت منة عينيها له بابتسامة:
_محمد، تعالى، طبعًا فاضية اتفضل.
اقترب محمد وخالد وجلسا على المقاعد الأمامية للمكتب أمام بعضهما ونهض المهندس وهو يقول:
_حاجة تاني يا باشمهندسة.
منة بعملية:
_ لا، بس يا ريت متنساش اللى اتفقنا عليه.
المهندس:
_ متقلقيش بعد إذنكم.
خرج للخارج.
محمد:
_ منة إحنا محتاجينك في موضوع مهم جدًا، مستر خالد يبقى من أعز أصدقائي بمثابة أخويا الكبير ليا.
هزت منة رأسها بإيجاب بابتسامة مهذبة تبادل معها خالد الابتسامة باحترام، أكمل محمد:
_ وقع في مشكلة ومفيش غيرك اللي هيحلها.
عادت منة بظهرها على ظهر المقعد وهي تنظر لهم بتركيز.
منة:
_ خير.
خالد:
_ أنا بنيت مصنع جديد وبعد ما استلمته وجبت المعدات والمكن للأسف الشديد في جزء وقع.
منة بذكاء:
_امممم والمطلوب إننا نشوف حل عشان منزلش كل المبنى وتخسر فلوسك اللي دفعتها وعشان متتحبسش.
.
خالد وهو يهز رأسه بتوضيح:
_ مش هي دي المشكلة بس، في مشكله أكبر، المعدات والمكن بملايين؛ لأنهم لأول مرة ينزل منهم في مصر، ولما جبت مهندسين عاينوا قالوا ممكن تواجه مشكلة كبيرة أثناء إخراجك للمكن والمعدات ممكن المبنى كله يقع وينهار على العمال.
زمت منة شفتيها وهى تحرك أصابع يدها السبابة والوسطى على المكتب بتفكير لثواني، ثم قالت:
_ اممممم، هو أنا ما اقدرش أخد أي قرار غير لما بنفسي أعاين المبنى، وبعدين ناخد قرار، بس ما تقلقش في حلول كتير.
خالد بتعجب عقد حاجبيه :
_ حلول كتير ازاي بس؟! يا فندم ده كل اللي عاين وسمع اللي حصل وشاف المبنى قالى مفيش أمل.
منة بعملية وثقة تعكس قوة شخصيتها:
_ ازاي دي بعد ما أعاين بنفسي المبنى، عشان ما بحبش أتكلم في حاجة وأنا لسه ما حطيتش ايدي وعيني عليها، تحب من امتى نبدأ؟
خالد:
_ يعني لو ينفع من دلوقتي مش هقول لك لا.
محمد بتنبيه:
منة زي ما قلتلك خالد أخ ليا معلش محتاج منك تهتمي شويه بموضوعه، يعني لو في أي حاجه وراكي ممكن تديهاني وأنا هشتغل عليها وخليكي مع خالد.
منة وهي تهز رأسها بإيجاب بعملية:
_مفيش مشكلة، خلاص لو حضرتك فاضي ممكن توديني دلوقتي المصنع أبص عليه، ويا ريت لو حضرتك معاك الرسومات والماكيت، أي حاجة تخص البناء محتاجة أشوفها.
خالد:
_ اه معايا، نروح الأول على المصنع القديم ناخد الحاجة اللي محتاجينها، وبعدين نطلع المصنع الجديد.
منة:
_مفيش أي مشكلة.
_أمام الشركة من الخارج ٣م
_نشاهد منة تقف أمام الشركة مع خالد.
خالد وهو يشير نحو عربته برقي:
_ بشمهندسة منة اتفضلي معايا.
منة برفض:
_ لا، معايا عربيتي، ممكن حضرتك تطلع وأنا وراك.
خالد بتهذيب:
_ اوكيه زى ما تحبي.
وبالفعل صعد كل منهم لسيارته واتجها أولًا إلى مصنع خالد وجلبا التصاميم، ثم ذهبا إلى المصنع الجديد ارتدت منة الخوذة وطلبت من خالد أن ينتظرها في سيارته وأخذت تقوم بمعاينة المبنى الجزء الهالك والجزء المتبقي، وبعد الانتهاء اقتربت منة من سيارته، فور أن رآها هبط من السيارة وتوجه نحوها.
خالد بلهفة:
_خير يا باش مهندسة؟
منة وهي تخلع الخوذة:
_المبنى فعلًا كله محتاج يتهد؛ لأن لو حصل تفتيش وشافوا اللي شوفته حضرتك هتتحبس.
خالد بلطف:
_ طب احنا أكيد مش هنتكلم هنا، تعالى نتكلم في أي مكان.
منة بجدية:
_ أنا أفضل نكمل في شركة.
خالد:
_مفيش مشكلة، زي ما تحبي.
روايه أمنيات وإن تحققت بقلمي_ليلةعادل
(. ❛ ᴗ ❛.)♥️
_شركة رسلان للمقاولات ٥م
_غرفة الاجتماعات
_نشاهد منة ومحمد وخالد يجلسون في غرفة الاجتماعات كان محمد وخالد يجلسان بجانب بعضهما ومنة على الجهة الأخرى وكان يوجد على طاولة أوراق ورسومات هندسية، كانت منة تدقق النظر بهم بتركيز.
منة وهي تنظر في الأوراق باستغراب قالت مستخفة:
_ أنا مش فاهمة أنت كنت جايب مهندس خريج فني صنايع ده ولا خريج تجارة واشتغل مهندس بالغلط،
رفعت عينيها ونظرت له:
_ بعدين واضح أن الخامات اتسرقت بشكل كبير جدًا، واتلعب فيها، يعني اللي دخل كميات أكبر بكتير من الكميات اللي استخدمت للبناء، وده كان باين جدًا من آثار الردم اللي أنا شفته، بص يا مستر خالد..
عدلت من جلستها واقتربت بجسدها العلوي للطاولة ونظرت في وجهه بتركيز وتحدثت بعملية شديدة:
_ المبنى ده كله لازم ينهد وينزل على الأرض، وأنا ههدهولك بمعرفتي برجالتي وما تقلقش المكن بتاعك مش هيحصل فيه خدش، ولو حصل خدش واحد تعالى حاسبني أنا.
خالد:
_بس يا باشمهندسة ده في خطورة كبيرة على العمال اللى هينقلوا المكن، أنا اه مش عايز أخسر فلوس ولا عايز أتسجن، بس في نفس الوقت أنا مش جاحد وما عنديش قلب عشان خاطر أعرض حياة العمال للموت والخطر، أنا مرضاش بكده أبدًا.
تبسمت منة:
_ ومين قالك إن أنا ممكن كمان أخاطر برجالتي، بص يا مستر خالد، احنا هنمشي بخطوات متتابعة.
وهي تستخدم إصبع يدها بعمليه وذكاء قالت:
_ أول خطوة هنشد العمدان والخرسانات بالمعدات بتاعتنا لحد ما نطلع المكن ونخزنهولك في مكان تاني، ويكون آمن، لو حضرتك مش عندك مخازن احنا عندنا مخازن نستأذن من مدحت بيه واعتقد إن هو مش هيقول أي حاجة.
محمد بتأكيد:
_ ده أكيد.
أكملت منة بعملية:
_ وبكده نكون حلينا أول خطوة، إن احنا رفعنا المكن بطرق آمنة سواء ليا أو للعمال، ندخل بالخطوة الثانية، بأننا لازم نهد المبنى بشكل كامل يجي على الأرض، ننظف كويس ونبتدي من الصفر، نصمم تصميم مختلف، واحنا هنا عندنا أفضل مهندسين عمارة ومصممين، بعدين ابدأ بشغلي، ابدأ فى بناء حجر الأساس بحصيرة قوية بأعمدة متينة، ما تقلقش كل ده هيحصل بسرعة، عشان ما تتعرضش لأي مسائلة قانونية، وأنا هعرف اظبطها لك لو حد جه سال عن سبب هدم المصنع.
خالد بأسف:
_ بس ده هياخد فلوس كتير جدًا وأنا معنديش سيولة في الوقت الحالي، أنا دفعت كل ما أملك في المصنع ده وفي المكن الجديد، أنا عندي قروض كثير جدًا، مش عارف أسدها ازاي، وطبعًا المصنع عشان يتبني من أول وجديد محتاج فلوس ومفيش أي بنك هيقبل إنه يدينى قروض، وبكده رجعنا لنقطة الصفر اللي أنا جاي عشانها.
نظرت له منة وهي تعود بظهرها على ظهر المقعد قالت بعملية:
_ بص يا مستر خالد أنا فكرت في فكرة كده، أتمنى إنها تعجبك، حضرتك هتداين مننا إحنا والتسديد هيكون على أربع دفعات، بس لازم أول دفعة تكون مدفوعة عشان نبدأ شغل، إنما الدفعتين التانيين حضرتك هتدفعهم براحتك، الدفعة الرابعة حضرتك مش هتدفع فيها أي حاجة، اللى هيدفعها شركات تانية، هتكون عن طريق الشركات الراعية، هنعمل بروباجندا جامدة، وإعلانات ضخمة، حضرتك قولت لي إن المكن اللي أنت جايبه مكن حديث ولأول مرة ينزل مصر، فاحنا هنستغل النقطة دي هنعمل حفلة كبيرة وهنعزم ناس كثير؛ صحافة، والتلفزيون، وكل الشركات اللي بتهتم بصناعة الأقمشة، وأنا أعرف حد هيظبطنا جدًا في الموضوع ده، والكل هيبقى عايز يتفرج ويشوف المكن العالمي الخيالي اللي مفيش زيه في مصر ولا في الشرق الأوسط، أكيد مشاهدة مش هتكون ببلاش، ووقتها هيجيبلك فلوس كثير جدًا، وهتلم أكبر كمان من حجم الدفعة الرابعة لدرجة إن ممكن يتبقى لحضرتك مبلغ، وممكن كمان تأجر مكان مننا وتشغل فيه جزء من المكن بدل ما يفضل واقف طول الفترة اللي هنبني فيها، وأنا هحاول إن أخلصك بسرعة، ممكن ٦ شهور من بعد نقل المكن ايه رأيك.
كان يستمع لها خالد باندهاش باتساع عينيه وبصمت رهيب فهي حلت له المشكلة في غمضة عين، فهو غير مصدق أنها حلتها بتلك السهولة وبتلك الصورة، فهو كان فاقد الأمل ومحبط، لكنها حلتها له من عدم.
خالد بانبهار بعدم تصديق وسعادة:
_ أنا الحقيقة مش عارف أقولك ايه، أنتِي مبهرة، أنتِي ازاي كده؟ أنتِي متتصوريش أنتِي عملتي فيا ايه، أنا دماغي كانت مشتتة وصداع مسكني من أول ما حصلت المصيبة دي، لكن بعد كلامك حاسس إن أنا ارتحت، بس أرجع وأقولك الدفعة الأولانيه اللي حضرتك طلبتيها صدقيني صعب إني أمنها.
نظر محمد لمنة وقال:
منة مفيش دفعة أولى، خالد مننا، احنا هنشتغل عادي جدًا، ولما المصنع يشتغل يبدأ يكسب أرباحه يسدد على مهله، إن شاء الله بعد 20 سنة، مفيش أي مشكلة، وأنا هتكلم مع بابا في الموضوع ده، أجور العمال والمهندسين والخامات والمعدات هتكون مننا، ما تطلبيش من خالد أي حاجة، خالد جاب أرض فاضية وأداها لنا نشتغل فيها مش مطلوب منه أي حاجة تاني، تمام، ويا ريت يا منة بنفسك تشرفي على المصنع، وتحاولي تخلصي في أقرب وقت ممكن، حتى لو هتشغلي ثلاث ورديات في اليوم مفيش مشكلة.
منة:
_ إذا كان كده خلاص، احنا في خدمة مستر خالد إن شاء الله بكرة الصبح هنبدأ شغل، نشد المبنى عشان نخرج المكن، وكمان اجتمع بكل المهندسين المعماريين عشان يصمموا تصميم يكون مختلف مبهر ومميز.
خالد:
_ومساعد للبيئة.
منة تبسمت بتأكيد:
_ ومساعد للبيئة.
وبالفعل من اليوم التالي بدأت منة بالعمل، حيث قامت بالاجتماع بالمهندسين المعماريين لكي يقوموا بتصميم مبنى للمصنع يكون مختلف ومساعد للبيئة كما أراد خالد، وفي نفس الوقت قامت بترميم مبنى المصنع بالشكل الذي يستطيعون به إخراج المكن والمعدات دون أن تحدث مشكلة للعمال أو للمكن، ثم تم نقل المكن في أحد المخازن الخاصة بمدحت رسلان والد محمد، دون أن تحدث مشكلة للمكن أو للعمال، ثم قامت منة باعطاء أوامرها بهدم المصنع بشكل كامل، ثم بدأوا في بناءه من جديد.
بينما قام خالد في نفس الوقت بتنفيذ فكرة منة بتشغيل جزء من المكن، لكي لا يقف العمل خلال فترة بناء المصنع من جديد.
كانت منة تتابع العمل بشكل يومي من الصباح حتى المساء بنفسها، وكان خالد يتابع معها الأمر من حين لآخر، كانت علاقة منة وخالد عادية جدًا وعملية بشكل قوي.. ولم يريا بعضهما إلا مرات قليلة جدًا.
....…..............................
_عند موقع الإنشاء الخاص بمصنع خالد٤م
_نشاهد منه ترتدي الملابس الخاصه بالهندسه وتمسك بين يديها لوحه، وهي تتحدث مع احد العمال وتقوم بالاشاره بيديها، كان يتوقف خالد أمام سيارته يشاهدها بابتسامة جميلة وهو يرتدي طقم كاجوال كان فى منتهي الجاذبيه اقتربت منه نحوه .
منه:
_طبعاً زهقت مش واخد على الجو ده قاعد في مكتبك في تكيف على طول.
خالد تبسم:
يعني، بس الشغل ممتع الصراحه، مشكلته بس ان الجو حر اوى.
منه وهي تشير بيدها:
_ اممم ممكن تقعد في الكرفان.
خالد:
_ لا تعالى نقعد في عربيتي.
نظرت له منه بتعجب قالت بحده خفيفه:
_نقعد في عربيتك ليه؟
نظر خالد خلفها الى العامل الذي يمسك بين يديه صينيه بها كوبايتين شاي وقال:
_ عشان نشرب كوبايتين الشاي دول ونتكلم في المبني وفي اللي جاي.
رفعت منه عينيها خلفها، كان قد اقترب العامل وقدم لهم الصينيه، اخذه منه الشاى، وهزت منه راسها بالموافقه، فتح لها خالد باب السياره وهو يقول.
خالد بوقار وهو يشير بيده:
_اتفضلي.
صعدت منه السياره والتف خالد في الاتجاه الاخر وصعد السياره محل القيادة وشغل المكيف.
خالد:
_ تحبي تسمعي اغاني؟
منه:
_ عادي.
هز خالد رأسه بإيجاب وقام بتشغيل الاغاني المتنوعه.
خالد:
_ ها ايه الاخبار، التسليم هيكون بعد ست شهور اكيد، ولا هيبقى اكتر.
منه:
_لا بعد ست شهور ماتقلقش.
خالد:
_ انا مش قلقانه حتى لو اكتر من كده مش مهم، المهم ان الموضوع نفسه اتحل.
هزت منه رأسها وقالت:
التسليم هيكون بعد ست شهور زي ما اتفقنا.
رنه هاتف منه:
_ معلش البيت لازم ارد.
خالد:
_براحتك اتفضلي.
فتحت منه المكالمه على والدتها وقامت بخفض الصوت.
منه:
_ الو ايه يا ماما.
اتاها صوت مفيده من الاتجاه الاخر، كان يبدو عليها الضيق.
مفيده:
_ انتي فين ياختى كل ده.
ابتعلت منه ريقها بتوتر قليلا حاولت الثبات من اجل ان لا يشعر خالد بها.
منه بثبات:
_انا لسه في الشغل يا ماما قدامي ساعتين كده.
مفيده بصراخ:
_ يعني ايه ساعتين وانتي مش عارفه ان خالتك جايه، تعالى دلوقتي، انا مش قادره اعملها اكل.
منه رفعت عينيها نحو خالد لكي تتأكد هل يستمع لصوت والدتها ام لا ثم قالت:
_ طب اعمل ايه؟ ما انا قولتلك ان عندي شغل مهم.
مفيده بتهكم:
_شغل ايه يا ام شغل هو كل حاجه شغل شغل.
كان الصوت مسموعاً لخالد لكنه غير مفسر للكلام، شعر انها متوتره ولا تستطيع التحدث بارياحيه نظر لها وقال:
_ هعمل مكالمه.
اخذ هاتفه وخرج من السيارة، وتوقف بعيدا لكي يجعلها تتحدث باريحيه.
منه بضيق:
_ في ايه يا ماما انتي بتزعقيلي كده ليه، انا قولتلك انا عندي شغل مهم الفتره دي، ده انا مش عارفه اخد اجازه ارتاح، تقومي تعزمي خالتي وغصب عني اجي اعمل اكل، انا مابصدق ارجع ارتاح وانام تقوليلي اطبخي هو للدرجه دي يا ماما مافيش رحمه.
مفيده:
_ وانا مين يرحمني يا اختي.
منه:
_ إللي بيرحم العباد ربنا يا ماما، انا مش هاجي اعمل حاجه، وريحي نفسك، وبعد كده ماتعزميش حد طول ما انا عندي شغل، انا عايزه ارجع ارتاح وانام، واديني بقولك اهو لو رجعت من الشغل ولقيت خالتي هدخل انام مش هقعد مع حد عشان ماتفضليش تزعقي.
مفيده:
_ محدش عايز يشوف خلقتك العكره دي يا اختي، غوري في داهيه.
اغلقت الهاتف وزفرت منه بتعب، وخرجت من السياره وتوقفت بجانب خالد.
منه:
_ميرسي يا مستر خالد انا خدت بالي انك خرجت من العربيه عشان تسيبني اتكلم براحتي.
خالد تبسم:
_الصوت كان عالى شويه.
منه:
_ دي ماما بس هي عصبيه شويه.
خالد :
_معلش كل الامهات كده ماتزعليش.
منه:
_لا مش زعلانه.
خالد:
_ طيب انا همشي لو احتاجتي اي حاجه كلميني.
منه:
_ان شاءالله سلام.
خالد:
_ باي.
💞__________بقلمي ليلة عادل。◕‿◕。
_منزل خالد ٤م
_نشاهد شقه واسعه بأثاث مودرن حديث في منتهى الجمال، كان يجلس خالد وامامه اللاب توب بتركيز بعد قليل طلبت منه شقيقته الصغيره نادين وهي تحمل بين يديها عصير، جلست بجانبه وقدمت له الكوب...
هي فتاه جميله الوجه بشعر طويل ناعم وجسد رشيق للغايه تبلغ من العمر ٢٧ عام.
نادين بدلع:
_خالودي عملتك عصير برتقال بالجزر.
نظر لها خالد بابتسامة جميله وهو يأخذ منها العصير قال:
_تسلم ايدك يا حبيبتي.
نظرت نادين الي ما يفعله قالت معلقه:
_بتعمل ايه؟
خالد:
_ بتابع اخر التطورات فى مجال الاقمشه.
نادين:
_ قربت تخلص مصنعك؟
خالد؛
_ امممم ان شاء الله.
نادين:
_ ربنا معاك ياحبيبي.
خالد:
_ فكرتي في موضوع العريس؟
نادين زمت شفتيها باسف:
_اممم ورفضت، مش هقدر اسيبكم واسافر مع واحد ماعرفوش، حتى لو اتخطبنا شويه، مش شرط نفهم بعض، ازاي اول سنة جواز، اللي بتبقى اصعب سنه، وبتكتشف فيها شريك حياتك، وبتفهموا بعض، ابعد فيها عن اهلي وسافر بره بلدي، افرض حصل مشكله هعمل ايه وقتها؟ اصل اكيد هتحصل ده الطبيعي، لان اول سنه جواز يبقى فيها مشاكل كتير، وانتم هتكونوا بعاد عني، ازاي اسافر مع واحد ما اعرفوش خايفه اوي من الفكره دي.
تنهد خالد بعقلانية قال:
_بصراحه انا معاكي في الفكره دي، حتى لو فضلتو فتره مخطوبين وعرفناه كويس، الراجل والست بعد الجواز بيختلفوا، لان ساعتها كل الاقنعه بتتشال، حتى لو كنتم صادقين في فتره الخطوبه، بس بتعيشي بقى مع الشخص ده، وبتكتشفي سلوكياته، وبالنسبه كبيرة هتبقى مختلفه عن سلوكياتك، وساعتها بيحصل بقى الصدمات والمشاكل، انا اتكلمت مع بابا في الموضوع ده، قولتله بلاش، عارفه لو فضلتو هنا فتره سنه سنتين بعدين سافرتو، مافيش مشكلة، لأن وقتها هتبقى اكتشفتي حاجات كتير فيه، مش هيبقى عندك نفس الخوف، خلاص اتعودتي على طبعه وسلوكياته وطريقته، اكتشفتيه بشكل كبير، بس يتجوزك ويسافر على طول... لا، لكن في الاول وفي الاخر القرار قرارك.
نادين:
_ خالد هو ده اللي انا فكرت فيه بالظبط انا خايفه خصوصاً انه جواز صالونات، بصراحه اكتر... انا مش عايزه اتجوز دلوقتي، انا مش قد المسؤوليه دي دلوقتي، حاسه ان هي اكبر مني، يمكن انا كبرت بقى عندي 27 سنه، بس لحد اللحظه دي حاسه برده انها مسؤوليه اكبر مني، واني مش قدها، فكرة إني اعيش مع واحد معرفوش، وأسس معاه حياه مش عارفه، الفكره نفسها لسه مش قادره اتقبلها.
اغلق خالد اللاب توب وضعه بجانبه عدل من جلسته في زاويتها وامسك يديها وقال بعقليه:
_اسمعيني كويس يا نادين، الجواز مسؤوليه وحياه انتي اللي بتبنيها بايديك، لازم تختاري صح عشان حرام تظلمي نفسك وتظلمي شخص تاني وتظلمي كمان اولادكم في المستقبل، لازم تراعي النقط دي، وبعدين الحمدلله ماما وبابا مش بيضايقوكي في الموضوع ده ولا بيغصبوا عليكي، عكس بنات كتير اهاليهم يكون ضغطين عليهم، فانتي في نعمه، اتجوزي وقت ماتحسي أن انتي مستعده نفسيا، وجسديا، وعقليا، وكليا، انك تاخدي خطوه الجواز دي، لكن تتجوزي عشان تبقي زي اصحابك ! تؤ، تفكير سطحي جدا وظالم ليكي وللطرف التاني، بس ده مش معناه ان اي حد يجيلك كده ترفضيه، لازم تديله فرصه، تعرفيه ويعرفك مادام في راحه نفسيه، ولا كل اللي جم مفيش اي راحه نفسيه؟
نادين بضيق:
_ لا اكيد فيه منهم كنت مرتاحة، بس موضوع ان انا اتخطبت مرتين ده مأثر عليا شويه مش عايزه اتخطب للمره الثالثه وبرده افركش عشان كده عايزه اهدى شويه.
خالد:
_حتى لو اتخطبتي 10 مرات ايه المشكله؟ انتي مابتعمليش حاجه غلط، انا بشوف انك تتخطبي ويبقى قدام عينينا احسن ماتتعرفي على واحد من بره تخسري احترامك لنفسك، وثقتنا فيكي، وتشيلي ذنب، بس هقولك ايه! مجتمعنا الفاسد الظالم بيحرم الحلال، يعني ممكن تكون بنت بتكلم ولاد كتير ومتعددة العلاقات من ورا اهلها، ومادام الناس متعرفش انها بتعمل كدة عادي، لكن لو اتخطبت في الحلال اكثر من مره وماكملتيش عشان عدم التفاهم، لانه لا يصلح، يقولوا لا غلط ، مادام موضوع عدا المرتين يبقى انتي اللي عندك المشكله والراجل ملاك.
نادين:
_ هو ده اللي مخليني خايفه اوافق على اي عريس، اوقات بكون حاسه بالراحه، بس بقول اوفق دلوقتي، بس ممكن بعدين مانتفاهمش مع بعض، ونفركش ويتحسب عليا خطوبه ثالثه زي الاتنين اللي قبل كده.
خالد:
_ اوعي تفكري بالطريقه دي انتي يهمك الناس في ايه ؟ اهم حاجه عندك احنا شايفينك ازاي، وعارفينك ازاي، انتي مابتعمليش حاجه غلط، ولا بتعملي حاجه حرام تغضب ربنا، لو قعدتي تفكري في رضاء المجتمع هتتعبي جدا.
تنهدت نادين بتعب:
_ ماشي بس العريس اللي جالي الاخير ده مش هينفع، انا مش هينفع اسافر.
خالد:
_ سيبك بقى من اللي فات ده، انا بتكلم في اللي جاي، لسه النصيب ماجاش.
نادين:
_ سيبك مني... ها هافرح بيك امتى؟ نفسي اشيلّك بيبى، العب بيه كده واقوله قولي يا عمتو واقعد اتحاربئ على مراتك.
خالد تضحك:
_ تتحربئ على مراتي ليه طيب يا مفتريه؟
نادين:
_ افرض زعلتك افرض عملت حاجه ضايقتك اسكتلها.. اقسم بالله ما هيحصل.
خالد:
_ تصدقي انا بفكر قبل ماخد الخطوه دي 1000 مره بسببك، انا خايف عليها منك، انتي يا بنتي لو مراتي واتجوزت عليكي مش هتعاملي كدا.
نادين:
_يا حبيبي انا لو مراتك مش هتقدر تتجوزي عليا.
خالد:
_عاجبني ثقتك.
نادين وهي تضحك:
امال.. المهم المهندسه اللى معاك دي كويسه يعني؟
خالد:
_اه ما شاء الله عليها شاطره جدا.
نادين:
_ ممكن بعد ماتخلص الموضوع بتاعك ده تجيبلها هديه بسيطه كده مع بوكيه ورد وكلمة شكر.
خالد:
_ ده اللي انا بفكر فيه بس ساعتها هسيبلك انتي طلعة الهديه دي عشان انتي عارفه انا ماليش في هدايا البنات.
نادين:
_ تمام انا هقوم بقى عشان عندي شغل عايزه اخلصه اسيبك تكمل اللي انت بتعمله.
وضعت قبله على خده ونهضت.
وبعد مرور أكثر من شهر.
♥️_____💞بقلمي_ليلةعادل💞______♥️
_عند موقع الإنشائي الخاص بمصنع خالد ١م
_نشاهد منة وهي ترتدي الملابس الخاصة بالهندسة في أحد أدوار المبنى الانشائي، وهى تمسك لوحة وتتحدث مع أحد العمال والمهندسين بتركيز، وبعد دقائق أغلقت التصميم وقالت:
_ يلا ربنا معاكم.
وأثناء هبوطها من على السقالات قالت وهى تنظر إلى العمال:
_الهمة يا رجالة، عايزين نسلم في الميعاد.
وفي نفس اللحظة جاء خالد ومعه رجلين يحملان كراتين عصير وماء وضعاهما على الأرض ورحلا.
اقتربت منة.
منة:
_مساء الخير يا مستر خالد.
خالد:
_ مساء النور، حمولة الرمل وصلتك؟
منة:
_من الصبح، والرجالة شغالين.
نظرت بعينيها إلى الكراتين باستغراب وقالت:
_ ايه ده؟
خالد بتوضيح ووقار:
_ قلت الجو حر، أجيب للعمال مياه وعصير، يعني أرطب عليهم شوية، حرام تعبوا ومفيش إجازات طول الفترة اللي فاتت.
تبسمت منة وقالت بمزاح مقلدة لحديثه السابق:
_ حد قالك اني جاحدة ومعنديش قلب؟ هههه ومعطشاهم.
نظر لها خالد وارتسمت على شفتيه ابتسامة جميلة، فهو فهم مقصدها، أكملت منة بلطف:
_ متقلقش، أنا بدلع رجالتى، ومتستغربش من المصطلح ده، هما فعلًا رجالتى وأخواتي بعتمد عليهم في كل شغل، مش بغيرهم وبجبلهم أكل وشرب وشاي، مروقة عليهم.
خالد بتهذيب:
_ مفيش مشكلة، بردو حاجة بسيطة، ممكن تنادي عليهم يجوا ياخدوا حاجتهم؟
منة:
_ اوي.
وضعت يدها في فمها وقامت بالتصفير وقالت بصوت عال:
_ يا أسطوات مستر خالد جبلكم عصير ومياه، يلا كل واحد ياخد علبة عصير وازازة، وارتاحوا ١٠ دقائق عشان خاطر مستر خالد.
بدء العمال والمهندسين بالاقتراب وأخذ العصير والمياه وهم يشكرون خالد.
منة بمزاح محبب:
_اوعى تكون جايب عدد أقل، دول أطفال، والله ممكن يتخانقوا سوا.
خالد وهو يضحك:
_ متقلقيش، عرفت العدد من محمد وجبت لهم بالعدد، لدرجة جبت لهم طعم واحد، عندي نفس العينة، ههههه .
تحرك حتى الكراتين وجلب عصير ومياه وقدمهم لها بتهذيب.
خالد:
_اتفضلي.
منة وهى تأخذهم برقة:
_ حتى أنا؟!
خالد بتهذيب:
_ طبعًا، ده أنتِي الكبيرة، أنا حقيقي بشكرك إنك وافقتي تساعديني، أصلك متعرفيش ده تعب سنين وتحويشة العمر وحلم عمري، حقيقي كان ممكن يجرالي حاجة لو راح في غمضة عين كده، حضرتك أكيد مقدرة.
منة بعقلانية تحدثت بلطف:
_ أولًا ده شغلي مفيش شكر، ثانيًا اللي خلاني حقيقي اتمسك إني أساعدك هو وشك وطريقتك يوم ما جيت بدور على حل، كنت شبه الغريق اللي متعلق بقشايه، قلت مستحيل أخذله، وهو جاي وجواه كل العشم ده إننا نلاقي حل، بعد غلطة واحد غشاش، مستحيل أسمح إن حلمه وتعبه يضيع، أنا حقيقي بحزن جدًا لما بشوف إنسان تعب وأشتغل على نفسه وعلى شغله ويجي واحد بلا ضمير يضيع أحلامه، فكان لازم أساعدك، بس ارجع وأقولك أنا بعمل اللي على قد وقتي ومجهودي مش أكتر.
خالد بامتنان:
_ وأنا حقيقي بشكرك على تقديرك ليا واحساسك الجميل ده، وآسف لو مش قادر أكون متواجد معاكي باستمرار هنا، بس المصنع القديم بحاول أعلي الشغل فيه، عشان أعوض الخسارة وأدفع القروض وكمان بتابع الكام مكنة اللي شغلتهم، حقيقي فرقوا، كانت فكرة حلوة منك.
منة:
_ ولا يهمك، ده مش مطلوب منك أساسًا إنك تيجي وتشوف، أنت مطلوب منك يوم التسليم تيجي وتمضي على موافقه الاستلام وبس، عندي فكرة استغل الكام مكنة دول، صورهم كم صورة مع القماش اللي بيخرج منهم، وكام فيديو ونزلهم على بيدج وخلي العيال دول بتوع الفيس يكتبوا لك كلام الاوفر ده اللي بيخلي الناس تركز وتشير، أنا مليش فيه بصراحة، بس بيفرق، يا ما نجح منتجات ملهاش لازمة.
خالد:
_ أنا فاهمك، أنا بردو مش بفهم فيه، بس أعرف كام حد هكلمهم، بس أنا بتقي الله، مش بحب أكذب، يعني اللي بعمله هقوله عشان ربنا يبارك.
منة:
_ مطلبتش تكذب، بس هما ليهم طرق بتاعتهم في الجذب، بس أنت نبه عليهم إنك مش عايز أي غش.
هز خالد رأسه بإيجاب، ثم قال:
_ معلش مضطر امشي، عندي اجتماع، لو في حاجة كلمينى وكام يوم كده وهاجي تاني.
منة:
_ تنور يا مستر خالد.
تبسم خالد ورحل .
ومرت بضع أسابيع أخرى، وما زالت منة تعمل كملكة النحل بمجهود فوق طاقتها، كانت تعمل في مشروع خالد غير عملها في الشركة، كان هذا الشيء يتعبها بشدة ويجعلها تعود للمنزل منهكة وتنام.
_شركة رسلان ١٠ص
_غرفة الاجتماعات
_نشاهد منة ومحمد ووالده مدحت ومجموعة من المهندسين والموظفين في الشركة يجلسون على طاولة الاجتماعات، يتحدثون بشكل عملي، كان يبدو على ملامح منة التعب والإرهاق، كانت تسند يديها على جبينها فهي غير متزنة وغير منتبهة لما يقوله مدحت والمهندسون والموظفون.
نظر إليها مدحت وقال:
_ طب ايه رأيك يا باشمهندسة منة، أنتِي شايفة إن احنا هنقدر نخلص بسرعة وناخد المناقصة دي ولا بلاش نجازف؟
لكن منة غير منتبهة له، تضع يديها على جبينها بتعب.
مدحت:
_ بشمهندسه منة.. منة.
نكزتها إحدى صديقاتها في كتفها بطرف إصبعها.
انتبهت منة ورفعت رأسها ونظرت له محاولة التركيز:
_ أنا آسفة جدًا يا مدحت بيه، معلش ما كنتش مركزة.
مدحت بتعقيب:
_ أنتِي مش عاجباني خالص اليومين دول، أنتِي شكلك تعبانة.
محمد بضيق:
_ هي فعلًا تعبانة ولازم تتعب، الصبح لازم تيجي هنا تخلص شغلها، وبعدين تطلع على الموقع وتشوف شغل خالد، وفي نفس الوقت بتروح تطمن على المشروع بتاعنا الجديد.
منة:
_ ده شغلي.
مدحت:
_ لا مش شغلك يا منة، محمد لما جه وقال لي على موضوع خالد أنا قلت خلاص منة هتبقى مع خالد، خالد ابن صديق عزيز وهو كمان زي ابني، مستحيل يلجأ لي ما اقفش معاه، عشان كده رحبت جدًا بفكرة إنك تبقي معاه على طول، بس ده مش معناه إنك تتعبي نفسك في شغل تاني، (بتنبيه) منة أنتِي ممنوعة إنك تشتغلي في أي مشروع يخص الشركة لحد ما تخلصي شغل خالد، وغير كده مش هسمح، وخدي لك إجازه يومين ثلاثة كده وباشمهندس يوسف يبقى مكانك لحد ما ترجعي، خلاص يا يوسف؟
يوسف:
_ تمام يا مدحت بيه.
منة:
_ تمام يا فندم، طب حضرتك كنت بتسألني عن ايه؟
مدحت :
_ مش ضروري، عمومًا بلاش ندخل نفسنا في شغل جديد خلينا مركزين في اللي معانا ونخلصه، احنا كده خلصنا، لو في أي حاجة محمد موجود، أنا مسافر أسبوع.
هز الجميع رؤوسهم وبدأوا بالتحرك.
أثناء خروجهم
أوقف محمد منة وقال لها:
_ايه يا بنتي؟ مش هتبطلي تبقي شمعة تحترق من أجل الآخرين؟ حرام عليكِ نفسك.
منة:
_والله العظيم أنا كويسة، كل الحكاية بس شويه إرهاق.
محمد:
_طب اسمعي الكلام وخدي لك إجازه يومين.
منة:
_ حاضر.
وبالفعل أخذت منة إجازة وذهبت إلى البيت وهى تشعر بتعب شديد، لكن والدتها لم تتركها كالعادة، افتعلت مشكلة معها بسبب تأخر زوجها، وأنه لم يأتى خلال السنوات الماضية أحد لخطبتها، وليس هذا فقط كان جميع أشقائها وأزواجهم وأولادهم موجودون، فكان البيت معبأ بالضجيج، فهي لم تستطع الراحة أو النوم.
_منزل منة ٧م
_غرفة النوم
_نشاهد منة وهي على الفراش تحاول أن تنام، لكن كان في الخارج أصوات عالية بشدة،
مهما حاولت أن تنام أو تضع الوسادة على أذنها لكي تهدئ الصوت لا ينفع؛ نهضت بضجر للخارج.
منة بضجر:
_ يا جماعة الصوت شوية، تعبانة، محتاجة أنام.
ماهيتاب:
_تعالي اقعدي معانا، احنا بقلنا كتير مقعدناش سوا.
رد زوجها معلقًا:
_ هي منة كده طول عمرها، قاعدة في أوضتها، محدش بيشوفها، أنا أحيانًا بنسى شكلها! ولا هي مش بتحب قاعدتنا؟!
منة:
_لا والله، بس أنا تعبانة، حتى روحت بدري من التعب. ليقاطعها صراخ أحد الأطفال.. نظرت لمروة وقالت: مروة سكتي زين اللى كل شويه يصوت ده زي الملسوع.
مروة:
_ طيب.
منة:
_عن إذنكم.
دخلت غرفتها ودخلت خلفها مفيدة وأغلقت الباب خلفها.
مفيدة بشدة، لكن بنبرة منخفضة:
_ أنتِ عايزة تزعلي بناتي مني؟
التفتت منة لها بتعجب:
_ أنا؟!
مفيدة:
_ اه، مش قادرة تتحمليهم شويه.
منة:
_ أنا قولتك امبارح متبعتيش تجبيهم أنا تعبانة، بس أنتِي مفيش، ولا فارق معاكي تعبي، حتى شوفتينى الصبح راجعة بدري ولا سألتي، وهما صوتهم عالي وعيالهم بيصوتوا، مش قادرة أرتاح.
مفيدة بتهكم:
_ والله ده المعاد الوحيد اللي فاضيين فيه، والعيال كلها كده، بس هتعرفي ازاي وأنتِي ولا عيل ولا جوز بكرة لو اتجوزتي لو يعني، هتعرفي قيمة التجميعة دي.
نظرت لها منة بتعب من حديثها الذي لا يتغير، مسحت وجهها وتمددت على الفراش بصمت، خرجت مفيدة وقالت منة في نفسها "والله نار الشغل ولا جنة البيت، أنا هروح بكرة".
موقع الإنشائي الخاص بمصنع خالد ١م .
نشاهد منة وهي تقوم بمتابعة العمل، كان جميع العمال يعملون كخلية النحل في موقع العمل، لكي يسلموا المصنع في الميعاد المتفق عليه، كان يبدو على منة الإرهاق بشكل كبير، فهي لم تأخذ إجازة منذ شهور، بعد دقائق اقترب منها خالد.
خالد برقي:
_ مساء الخير.
التفتت له منة بتهذيب:
_أهلًا مستر خالد، حضرتك عامل ايه؟
خالد:
_ الحمد لله وحضرتك؟
منة بتعب قليلًا:
_ الحمد لله.
مرر خالد عينه على المبنى الذي اقترب على الانتهاء وقال معلقًا.
خالد بانبهار:
_ما شاء الله يا بشمهندسة منة، أنتِي قربتي تخلصي.
منة:
_ أنا قلت لك ست شهور وتستلم مني المبنى جاهز بشكل كامل، وفاضل لسه شهرين، ما تقلقش أنا مواعيدي بالميزان.
خالد:
_ بالعكس، أنا مش قلقان، أنا حاسس إنك هتسلمي كمان قبل كده، (أكمل بامتنان) أنا حقيقي بشكرك جدًا، حضرتك تعبتي معايا طول الفترة اللي فاتت، أنتِي تقريبًا سبتي كل حاجة وركزتي بس في المصنع بتاعي.
منة وهي تضع يديها على جبينها ويبدو أنها تشعر بالتعب بنبرة متعبة قليلًا بعملية:
_ ده شغلي يا مستر خالد، أنا ما بعملش أكتر من شغلي صدقني، بعدين أنا بحاول أعوض خسارة حضرتك، يعني أنا عارفة إن أكيد الفترة دي، أنت خسرت حاجات كثير، مش عايزة أخسرك أكثر.
ركز خالد النظر في ملامحها:
_ أنتِ شكلك تعبان، ما ترتاحي شويه؟
منة:
_ لا، أنا كويسة الحمد لله.
خالد باعتراض:
_ لا مش باين، وشك مخطوف تعالي ارتاحي في العربيه شويه.
منة:
_مش هينفع أصلي محتاجة ألف شويه وأتأكد من الخامات المستخدمة وأراجع عليهم.
خالد بتساؤل:
_ هو أنتِي كل يوم بتعدي كل حاجه كده؟
منة:
_ مش كل يوم، كل أسبوع، أنا واثقة في الناس اللي شغالة معايا، لأنهم معايا من زمان، عارف لما كنت لسه في بداياتي كنت لو أطول أوزن بالكيلو ما كنتش تأخرت.
وضعت يدها على جبينها وشعرت بدوار وأختل توزنها قليلًا، لكن انتبه لها خالد وامسكها من يدها.
خالد:
_ أنتِي كويسة؟!
منة وهى تضع يدها على جبينها بتعب:
_ مش عارفة، حاسة إن الدنيا بتلف بيا.
خالد بحنان:
_طب تعالي معايا، اقعدي في عربيتى في التكييف، أكيد ضغطك واطي من الحر.
منة سحبت يدها بانزعاج:
_ أنا واخدة على كده، متهتمش من فضلك، أنا قلت لك كويسة.
لكن أختل توزنها مرة أخرى و
الفصل السادس
منة وهى تضع يدها على جبينها بتعب:
_ مش عارفة، حاسة إن الدنيا بتلف بيا.
خالد بحنان:
_طب تعالي معايا، اقعدي في عربيتى في التكييف، أكيد ضغطك واطي من الحر.
منة سحبت يدها بانزعاج:
انا واخدة على كده، متهتمش من فضلك، أنا قولت لك كويسة.
لكن أختل توزانها مرة أخرى ومسكها من يدها وقال معلقاً بحسم ببحه رجوليه محببه.
خالد:
_ أنتِي شكلك عندية، من فضلك يلا معايا.
تنهدت منة، فهي غير قادرة على التحدث أو الرفض الآن، فتوجهت معه دون تحدث حتى سيارته وصعدتها، جلست على المقعد الأمامي، فتح لها خالد التكييف وأغلق الباب وتحرك بعيدًا، بعد قليل جاء وهو يحمل بين يديه كيس بيه عصائر وشكولاته وبسكوت وشبيسى، فور فتحه باب السيارة وجد منة قد غفت، وكان وجهها مبللًا بشدة من العرق، برغم أنه فتح لها تكييف السيارة.
ضيق عينه ونظر باستغراب وجلس على مقعد السائق وقام بالنداء عليها.
خالد بحياء بنبرة لطيفة:
_باشمهندسة منة.. أستاذه منة.. اقترب منة بحياء أكثر: أستاذة منة..
مد يده بتردد شديد لكي يضعها على خدها وهو ينظر لها بارتباك، وحين وضع يده على وجهها وجد حرارتها مرتفعة جدًا وغائبة عن وعيها، اتسعت عينيه بدهشة، اخذ يقوم بخبط ع وجهها بلطف لكي يحاول ايقظها وهو يقوم بنداء عليها، لكنها لا تجيبه، عدل من جلسته وشغل محرك سيارته وقادها مسرعًا حتى أقرب مشفى.
فور وصوله خرج مسرعًا وطلب منهم ترولي، وبالفعل حملوها وأخذوها للطوارئ، كان يقف خالد في الخارج بانتظار خروج الطبيب، اقترب منه خالد.
خالد بقلق:
_ خير يا دكتور؟
الطبيب بانزعاج:
_عندها ضرب شمس وحرارتها عالية جدًا، شكلها تعبانة من امبارح، انتوا ازاي سكتوا عليها كده؟
خالد بتوضيح:
_ أنا مش عارف بصراحة، هي مهندسة عندي وتعبت في الموقع، وأنا لما لقيتها تعبانة كده جبتها على المستشفى على طول، المهم هي بخير؟
الطبيب:
_ إن شاء الله هتكون بخير، علقنا لها محاليل وأديتها مسكن وخافض الحرارة، وبعد ساعة هتبدأ تستعيد وعيها، هي من الحرارة طبعُا غابت عن الوعي.
خالد:
_ هو في حاجة مطلوبة ممكن اعملها؟
الطبيب:
_لا، مفيش.
خالد:
_طب يا دكتور هي المفروض تخرج امتى؟
الطبيب:
_ مش قبل بكرة الصبح، ألف سلامة عن إذنك.
رحل الطبيب، وبعد دقائق جاء محمد مسرعًا بعد اتصال خالد به، لأنه لا يعرف كيف يصل لأحد أقاربها.
محمد هو يتوقف أمام خالد بقلق:
_ في ايه يا خالد خضتني؟ مالها منة؟
خالد بتوضيح:
_ جت لها ضربة شمس وأغمى عليها في الموقع، وأنا جبتها هنا على طول، أنا معرفش اتواصل مع حد من أهلها، عشان كده كلمتك.
محمد بقلق:
_طب هي كويسة دلوقتي؟
خالد :
_ اه الحمد لله، هما أدوها أدوية وعلقوا لها محاليل، بس هي نايمة بسبب السخونية، والدكتور قال مش هتخرج قبل بكرة.
محمد:
_الحمد لله إنك لحقتها.
خالد:
_ احنا لازم نعرف أهلها.
نظر محمد إلى خالد لثواني بارتباك، فهو يعلم جيدًا سوء العلاقة التي بين منة وعائلتها، لكنه لا يريد أن يفصح عن تلك الأسرار لخالد.
نظر محمد له وقال بمراوغة:
_ لا مش هينفع نكلم أهلها، باباها راجل كبير وأمها كمان، ولو عرفوا إن هي تعبانة ممكن يفهموا الموضوع غلط خالص ويزعلوا، فأنا وأنا جاي في السكة كلمتهم وقلت لهم إن هي في مكان مفهوش شبكة، ومش عارفة تتواصل معاهم واضطرت إن هي تبات عشان في شغل مهم.
خالد باعتراض:
_ بس ده مش صح يا محمد، ايه الهبل ده، بنتهم تعبانة، لازم يكونوا معاها، وبعدين مين هيقعد معاها دلوقت، هتخرج بكرة؟
محمد وهو يخرج شفته السفلية بعدم معرفة:
_مش عارف، أنا مش هينفع اقعد معاها، إيمي تعبانة وأنا جايلك بالعافية مش هينفع أسيبها كتير، وصدقني لو كان ينفع أعرف أهلها بأي حاجة أكيد، كنت قلت لهم، أصل مش فاهم هما قد ايه بيخافوا عليها.
خالد:
_طب خلاص روح أنت لمراتك وأنا هقعد معاها.
نظر له محمد باستغراب:
_تقعد معاها ازاي يعني؟! أنا هوصي عليها أي ممرضة.
خالد برفض:
_ لا، مينفعش، هي واقفة معانا طول الفترة اللي فاتت دي وسابت كل شغلها، دي ما كانتش بتاخد أي إجازات بسببي، وأكيد اللي حصل لها ده حصل لها بسبب ضغط الشغل وفي الآخر أسيبها!!! هقعد معاها مفيش مشكلة، وكده كده ماوريش حاجة، مفيش حد يعني مستنيني في البيت.
محمد:
_ أنت لسه مش عايز تتجوز؟
خالد:
_والله عايز، بس أديك شايف كل ما دماغ الواحد تفضى عشان يركز في خياتة، يلاقي نفسه في مصيبة، وأنت عارف أنا حابب لما ارتبط بواحدة أكون حققت أحلامي العملية وطموحي الاول، عشان أقدر أديها وقتي، لكن لو أنا كنت اتجوزت زمان، كان يحصل بينا مشاكل كثير، اديك كنت شايف أنا كنت مركز في شغلي قد ايه.
محمد:
_ أنت بعد ما تخلص حوار المصنع الجديد ده، لازم تتجوز، أنا هشوفلك عروسة.
ضحك خالد:
_ ايه اشتغلت خاطبة من امتى؟
محمد:
_ عشانك ممكن اشتغل خاطبة عادي، مفيش مشكلة.
ضحكا معًا، ثم أكمل محمد بجدية: طب أنت مش عايز حاجة؟
خالد:
_ شكرًا.
محمد:
_ أنا هعدي على الحسابات ادفع لها كل حاجة.
خالد:
_ كل حاجة اتدفعت، روح أنت لمراتك وألف سلامة عليها، بلغها سلامي.
محمد:
_ لا، ابقى تعالى أنت سلم عليها، أنت بقالك كتير ما جيتش.
خالد:
_ إن شاء الله.
محمد:
_ لو حصل أي حاجة كلمني على طول، حتى لو الساعة 4:00 الفجر.
هز خالد رأسه بإيجاب، ورحل محمد.
وظل خالد يجلس مع منة طول الليل على أريكة بانتظار استيقاظها، لكنها كانت في سبات عميق، والمثير للانتباه لم يتصل أحد بها طول اليوم من عائلتها...
وفي الصباح، كان النوم قد غلب خالد وذهب في سبات عميق على الأريكة وهو جالس، بدأت منة تحرك عينيها وبدأت أن تفتح وتغمض عينيها تحاول أن تعتاد على إضاءة الغرفة، نهضت قليلًا وتمددت في جلستها وهي تنظر من حولها فيبدو أنها حتى الآن لا تعرف ما أصابها، لكنها وجدت نفسها في مكان لا تعرفه، ثم وقعت عينيها على خالد النائم أمامها على الأريكة، نظرت له لثواني باستغراب وهي تضيق عينيها، ثم قامت بالنداء بنبرة متعبة قليلًا.
منة بتعجب:
_ أستاذ خالد، أستاذ خالد.. خالد.
استمع لها خالد، فنهض بنعاس واقترب منها.
خالد بقلق:
_ منة حمد الله على سلامتكها أنتِيى احسن دلوقت؟
نظرت منة له وهى تهز رأسها بإيجاب:
_ أنا كويسة، هو احنا فين؟ وايه اللي حصل؟
مسح خالد على وجهه بكفيه، ثم قام بجلب المقعد ووضعه بجانب الفراش وجلس عليه وتحدث.
خالد بتفسير:
_ مفيش، امبارح تعبتي شويه واغمى عليكي لما كنتِ في العربية، وجبتك هنا.
منة وهي تضع يديها على جبينها تحاول أن تتذكر أي شيء، قالت منة بنبرة متعبة إلى حد ما:
_ أنا مش فاكرة أي حاجة،غير إن أنت قلت لي تعالي ارتاحي في العربية في التكييف، بعد كده مش فاكرة.
خالد:
_ مافيش ركبتي العربية، مسافه مارحت اشتريت لك شويه عصاير وشيبسي وكده، لقيتك مغم عليكي، وحرارتك عاليا فجبتك هنا، الدكتور قال لي إن كان عندك ضربة شمس وأهملتي فيها، أنتِي ازاي تعملي في نفسك كده؟
منة باستغراب:
_ضربة شمس!!
عادت بذاكرتها للخلف قليلًا، وتذكرت أنها في اليوم السابق كانت تشعر بالتعب وبالحرارة، وكانت ستأخذ إجازة لترتاح، لكن بسبب مشكلتها مع والدتها، فقررت أن تذهب للعمل، وألا تأخذ إجازة لترتاح لكي تبتعد عن والدتها، ولا تحدث أي مشكلة مرة أخرى.
عادت من ذكرياتها وهي تنظر له وقالت بمراوغة.
منة:
_ أصل أنا مكنتش تعبانة اوي، يعني جالي شويه صداع كده، بس ماسخنتش، هي نظارتي فين؟
خالد:
_ جنبك في الدرج.
قامت منة بجلبها وارتدتها.
أكمل خالد حديثه بعقلانية:
_ ماتعمليش في نفسك كده يا منة، آسف يا باشمهندسة منة، صحتك أهم من أي شيء، صحتك هي اللي بتخليك تشتغلي، لو أهملتي فيها هتقعدي في البيت، وقتها مش هتلاقي حد جنبك ولا هتلاقي حتى فلوس تقدري تجيبي بيها علاج، فنعمل ايه !!!؟ نبقى أذكياء، ونشتغل بس مانجيش على صحتنا.
منة وهي تهز رأسها بإيجاب:
_ أنت عندك حق، عمومًا ميرسي جدًا على وجودك جنبي طول الليل، شكلك ما سبتنيش خالص.
خالد:
_ يا ستي عادي، ده أقل حاجة الواحد ممكن يقدمها لك بعد كل اللي عملتيه معايا، أنتِي أنقذتي تعب سنين.
منةبجدية:
_ أولًا ده شغلي، ثانيًا ازاي بس حاجة بسيطة؟ حضرتك سبت بيتك وقعدت معايا، يعني محدش ممكن يعمل كده، كان ممكن توصى الممرضات، كمان ممكن تكون امدام اتضايقت.
ضيق خالد عينه:
_ مدام! مدام مين؟
منة:
_مدام حضرتك، مراتك يعني.
خالد تبسم وهو يطلعها على يده:
_ لا أنا مش متجوز، أنا سنجل.
منة:
_ فعلًا، أنا ما كنتش عارفة.
خالد:
_ ولا يهمك، أنا ماوريش أي حاجة، ويا ستي حتى لو ورايا ومتجوز عادي، أنتِي أخت عزيزة وقعت في محنة ومكنش ينفع اسيبك أبدًا، وبالمناسبة محمد كان موجود وقعد شويه، بس إيمي تعبانة عشان حملها، أكيد أنتِي عارفة إن هي في حملها بتتعب جدًا، فمقدرش إن هو يفضل موجود.
منة:
_ربنا يشفيها يا رب، طب كده ايه المفروض امشي ولا ايه؟ صمتت لثواني وقالت: ثانية واحدة، هو أنتم قلتوا لماما وبابا ايه؟
خالد بتوضيح:
_ هو المفروض تمشي النهارده، بس طبعًا هروح أبلغ الدكتور إنك فوقتي، بالنسبة لوالدك ووالدتك محمد فهمهم إنك كنتى في موقع عشان شغل مهم بس مفيش شبكة واضطريتى إنك تباتي وهترجعي النهارده بإذن الله.
منة:
_ تمام.
خالد نهض وهو يقول:
_ هروح أبلغ الدكتور إنك فوقتي، حمد الله على السلامة.
منة:
_ الله يسلمك.
وبالفعل جاء الطبيب وقام بالفحص منة والاطمئنان عليها وكتبلها على خروج.
بعد وقت
_ نشاهد منة وخالد وهما يخرجان من المصعد كان ما زال يظهر على ملامح منة التعب توقفت ونظرت لخالد.
منة بتساؤل:
_ هي الحسابات منين؟
نظر لها خالد باستغراب:
_ ليه؟
منة بمزاح لطيف:
_ أكيد مش هننصب على المستشفى ونمشي.
تبسم خالد وقال:
_ أكيد مش هننصب، بس خلاص الحساب مدفوع أنا دفعته.
منة:
_كانوا كام؟
خالد بتعجب وهو يعقد بين حاجبيه:
_ ليه؟
منة:
_ عشان تاخد فلوسك.
خالد:
_ فلوس ايه يا بشمهندسة؟ عيب.
عدلت منة من وقفتها ونظرت فى وجهه بجدية وحسم:
_ هو ايه اللي عيب! من فضلك قولي الحساب كام.
خالد بتعجب:
_ هو أنتِي فاكرة إني ممكن أخد الفلوس منك؟
منة بجدية نظرت له بقوه وثقة:
_ لا هو أنا مش فاكره، أنت هتاخد الفلوس اللي أنت دفعتها.
خالد:
_ يا بنتى في ايه مبلغ بسيط، عادي احنا واحد متكبريهاش كده.
منة بشدة:
_هو ايه مكبرهاش!! واحنا مش واحد، أنت مجرد عميل وأنا مهندسة شغالة مع حضرتك، ويستحيل اسمح بشيء زي ده مهما حصل، تدفع لي ليه؟ أنا معايا الحمد لله، لو سمحت بلاش تعدي حدودك.
خالد بتعجب:
_ حدود ايه؟! أنتِي صعبة أوي وأنا أعند منك ومش هاخدهم.
زفرت منة باختناق ونظرت من حولها وجدت موظف أوقفته.
منة:
_ لو سمحت فين الحسابات؟
الموظف وهو يشير بيده:
_ من الاتجاه ده.
منة:
_ ميرسي.
كادت أن تتحرك أوقفها خالد قائلًا:
_ استنى بس، رايحة فين، هما ٣ آلاف ٤٢٥ جنيه.
منة:
كويس، كنت لسه قابضة، طيب.
أمسكت حقيبتها وأخرجت المبلغ وأعطته له، أخذهم منها وقام بالعد، ثم نظر لها.
خالد وهو ينظر لها بطرف عينه قال بمزاح:
_ ناقص ٢٥ جنيه.
منة:
_ اه، لحظة.
أخرجت ٥٠ وأعطتها له.
خالد:
_ معيش فكة.
منة:
_ خليها معاك.
خالد بمزاح:
_ لا، أحنا نروح لكشك نفك وكل واحد ياخد حقه.
منة:
_ماشي.
ضحك خالد ضحكة زادت من وسامته وقال معلقًا:
_ أنتِي غريبة، في ايه بجد ايه؟ اللي بتعمليه ده عيب، أنتِي معرفتيش ناس جدعة في حياتك قبل كده؟
منة بجدية:
_ لا عرفت، بس عيب لو خليت راجل غريب يدفع لى، خصوصًا مفيش أي علاقة بتربطنا، بص أنت طلعت إنسان محترم وودتنى مستشفى وبت معايا، برغم إن جدعنتك افورت منك، بس مش مهم، لكن لو أنا كمان قبلت إنك تدفع لي، وسكتت وقبلت، يبقى أنا وقتها بنت مش محترمة.
خالد بتعجب اتسعت عينه:
_ هى وصلت لكده! ما دام الموضوع وصل لكده أنا هاخدهم خلاص اهدى براحه اسفلك يا ستي.
ادخل الممبلغ في جيبه وقال وهو يشير بيده: اتفضلي.
في الخارج، وقف خالد ومنة أمام باب المشفى.
منة بتساؤل:
_ عربيتي فين؟
خالد:
_هناك في الموقع.
منة هزت رأسها بإيجاب:
_طيب.
خالد وهو يشير بيده نحو سيارته:
_ اتفضلى أوصلك.
منة وهي تضيق عينيها:
_ توصل مين؟
خالد باستغراب:
_ هي دي كمان فيها حاجه؟
منة:
_ اه فيها، اهتمامك الزيادة ده مش عجبني.
خالد :
_ اهتمام ايه يا فندم؟ حضرتك تعبانة وبتشتغلي معايا، ايه المشكلة لما اوصلك، بطلي عند بقى،انتي عنيدة اوي.
منة ضيقت عينيها ونظرت له برخامه:
_ مش هرد عليك.
خالد:
_مفيش تاكسى هنا، والدكتور قال غلط تقفي في الشمس هتتعبي، بطلي عند ويلا.
منة بحسم:
_قلت لك لا، توصلنى بتاع ايه؟ أنا هكلم أوبر.
خالد بمزاح:
_ بيخطف البنات.
منة:
_ خليك في حالك.
أخرجت هاتفها وجدته فصل شحن، قالت وهي تنظر لخالد:
_ تليفونى فاصل، ممكن أطلب من عندك.
هز خالد رأسه بنفي:
_ تؤ معنديش.
منة بعند:
_هستنى تاكسي.
خالد:
_ مفيش تاكسي بيجى هنا، اسمعي الكلام.
منة بعند أكبر:
_ قولت لك لا.
خالد :
_ براحتك، استني، عن إذنك وألف سلامة.
توجه إلى سيارته متعجباً من تلك الشخصية الغريبة العنيدة، لكنه ظل بانتظارها فهو على أتم تأكيد أنها لن تجد تاكسي في ذلك المكان وذلك الوقت، بعد دقائق اقتربت منة نحو سيارته.
طرقت منة على نافذة السيارة.. فتح لها.
منة بخجل:
_ ممكن توصلني؟ مش لاقية تاكسي وحسيت إنى هيغم عليَّا، بس هتاخد حق الرحلة هعتبرك أوبر.
خالد بمزاح محبب:
_ ههههههه، والله لو هتعتبريني عربية ميكروباص مفيش مشكلة، اتفضلي.
التفت وجلست على المقعد بجانبه، ضحك خالد ضحكة مكتومة على طريقتها.
خالد:
_ ساكنه فين؟
منة :
_ السلام.
خالد:
_ جارة يعني.
منة بتعجب:
_ ساكن في السلام!
خالد:
_لا، المعادي، بس جنبك بنا كوبري.
منة ضحكت بصمت.
حرك خالد مشغل السيارة وتحرك، وأثناء قيادته السيارة.
خالد سأل بتعجب:
_ كان ايه بقى لازمتها، كل اللي عملتيه ده؟ أنا لحد اللحظة دي مش قادر أفهمك، طب الفلوس ممكن اتفهمها، إنك حساسة بزيادة، عشان احنا ما نعرفش بعض، بس كمان عند وتنشيف دماغ في توصيلك وأنتِي تعبانة.
منة بتوضيح:
_ أستاذ خالد أنا مابحبش أعدي حدودي في علاقتي بالعملاء، لأن مينفعش، معلش أنا كنت أقدر أركب تاكسي لازم اجرب، لكن لو معرفتش زي ما حصل تمام، لكن أول ما تقولى تعالي أوصلك أوافق بسهولة كده! أكيد مينفعش.
خالد:
_ طريقه تفكيرك وتحترم، عموما حصل خير.
أمنيات وإن تحققت بقلمي (◠‿・)— ليلة عادل
_سيارة خالد٣م
_نشاهد منة وهي تجلس في سيارة خالد بجانبه وهو يقودها.. توقف أمام منزلها، نظرت له بامتنان.
منة بامتنان:
_ شكرًا جدًا يا مستر خالد، تعبتك معايا والله.
خالد وهو ينظر لها:
_مكنش ينفع اسيبك، وأنتِي تعبانة كده، أنا كنت واثق إنك مش هتلاقي تاكسي، عشان كده استنيتك.
نظرت له منة وهى تعقد حاجبيها باستغراب:
_ ليه يعني؟ عادي، ايه الاهتمام اللي مالهوش داعي ده؟
خالد:
_يعني أنتِي تعبانة، مكنش ينفع اسيبك لوحدك، وبعدين يا بنتي أنتِي مكبرة الموضوع، والله حاجة بسيطة خالص.
منة بامتنان:
_مش مكبراه، بس الأصول أصول، يعني مكنش له داعي تبات معايا، وتدفع لي حساب المستشفى، وتستنى تطمن هركب ولا لا، مش قادرة أقول لك غير حقيقي شكرًا جدًا تعبتك معايا.
خالد تبسم بتهذيب:
_مفيش اي تعب، أنا هكلم حد يبعتك العربية وخديلك بقى بكره وبعده إجازة واسمعي كلام الدكتور متتعبيش نفسك.
نظرت منة له لثواني شعرت أن هناك اهتمام زائد قالت بجدية:
_ لا شكرًا ماتتعبش نفسك، أنا هعرف أكلم الناس يجبولي العربية لحد عندي، لو سمحت كفاية لحد كده مش فاهمة، أنت بتعمل كده ليه؟
خالد بتعجب:
_ والله أنا اللي مش عارف ارد عليكي اقولك ايه؟ أنتِ حمقية قوي يا منة، مفيهاش حاجة لما اجبلك العربية.
منة بشدة:
_ لا فيها ونص، تجبها ليه؟
خالد:
_عادي.
منة بشدة:
_ لا مش عادي، لو أنت واخد من ستات تانية إن عادي تدفع لهم فلوس وتوصلهم وتجيب عربيتهم، أنا لا، فاهم؟
خالد باستغراب ممزوج بضيق:
_ايه اللي حضرتك بتقوليه ده؟ عمومًا أنا آسف لو ضايقتك، ومش هجيب لك العربية، واعملي اللي أنتِ عايزاه وألف سلامة عليكي.
منة:
_الله يسلمك مستر خالد، وشكرًا مرة ثانية على تعبك معايا.
هز رأسه بإيجاب وهو يبتسم، خرجت منة من السيارة، قادة خالد سيارته ويبتسم على طريقتها.
صعدت منة درج منزلها.
حرك خالد السيارة وهو يفكر في تلك الشخصية.
منزل منة٣م
_دخلت منة من باب منزلها وهي تشعر بالتعب قليلًا، كان يجلس والدتها ووالدها في الصالة، وفور أن رأتها والدتها نظرت لها بتهكم وقالت لها:
مفيده:
_ حمد لله على سلامتك يا أختي، أخيرًا جيتي، وصلت كمان إنك تباتي بره؟ هقول لك ايه ما هو اللي سامح لك تسافري وتصيعي بالثلاث ليالي والأسبوع بره يخليكِ تباتي في الشغل بره.
نظرت لها منة وهي تقلب عينيها بملل، ثم قالت:
_ وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أنا الحمد لله بخير وكويسة، شكرًا على سؤالك يا ماما.
مفيدة:
_الله يسلمك يا أختي، اكلت بقى ولا محتاجة الخدامين يأكلوكي.
منة:
_الحمد لله، أكلت يا ماما.
نظر لها محمود وقال بتساؤل:
_ منة ايه اللي حصل يخليكي تباتي بره كده، أنا والله يا حبيبتي ما عرفت إلا الصبح انا كنت بايت في الشغل، أمك ما قالتليش، ولو كنت عارف كنت اتصلت بيكي واطمنا، بس أنا كلمتك الصبح بس تليفونك كان مقفول قلت يمكن الشبكة لسه واقعة.
منة:
_والله يا بابا...
مفيدة قاطعتها:
_ استنى أنت بس يا محمود، تعالي بقى ما تاخدنيش في دوكه كده، وأنا بنشر الغسيل شفتك نازلة من عربية واحد، مين ده بقى إن شاء الله؟ فين عربيتك ومن امتى اصحابك الرجالة بيوصلوكي؟ ايه احنا هنخيب ولا ايه على كبر؟
منة باستهجان:
_ ماما ما ترحميني شويه، هو في ايه؟
مفيدة بحدة:
_ارحمك من ايه يا اختي، عشان بسألك مين اللي كان بيوصلك ده؟ أنتِي عايزة الناس تاكل وشنا ولا ايه لما يشفوكي نازلة من عربية راجل غريب، ولا عشان فاكرة نفسك كبرتي وبقيتي 35 سنة ومهندسة هنسيبك تتسرمحي براحتك؟
نظرت منة لها وقد فاض بها الكيل فقالت بتهكم:
_ لا يا حبيبتي مش هتسرمح براحتي، الحمد لله متربية كويس والراجل اللي قاعد جنبك ده عرف يربيني ويخليني أوقف كل واحد عند حده، الراجل اللي بتتكلمي عليه ده مديري في الشغل اللي أنا كنت ماسكاه الفترة اللي كنت بتأخر بسببها، وامبارح تعبت وأنا في الشغل وحرارتي عليت وأخذت ضربة شمس، أغمى عليَّا في الموقع، وداني المستشفى وفضل قاعد جنبي، في الوقت اللي حضرتك مافكرتيش تتصلي تسألي أنا عاملة ايه؟ او ايه اللي حصل يخليني أبات بره! وموقع ايه ده اللي ما فيهوش شبكة؟ دي ما حصلتش يعني من ساعة ما اشتغلت من اكتر من ١٠ سنين.
مفيدة:
_وأنا مالي يا أختي؟ أنا لقيت واحد بيكلمني ويقولي بنتك في مكان مافيهوش شبكة، كنتِ عايزاني انزل الف عليكي في الشوارع؟
منة:
_ لا ماما، ما تنزليش تلفي عليَّا في الشوارع، بس على الأقل لما تلاقيني داخلة استني ارتاح واساليني بالراحة قوليلي بتي بره ليه؟ وايه اللي حصل؟ دي أول مرة، ومين ده اللي وصلك، فين عربيتك، هو أنتِي ما فكرتيش اللي ممكن يكون حصلي حاجة، مفكرتيش غير في الحاجات الوحشة اللي تسيء لسمعتي، أنا مش فاهمة بصراحة، على فكرة اللي أنتِي بتعمليه ده عيب في حقك أنتِي، وبحق تربيتك فيا لأني لو بعمل حاجة غلط يبقى بسبب تربيتك، بس أنا الحمد لله متربية كويس.
مفيدة:
_والله، أنا كده، عاجباكي وتلا ولا، أقولك روحي غيريني يا حبيبتي في سوق الجمعة.
محمود:
_خلاص يا مفيدة، أنتِي، عاملة ايه دلوقتي يا منة كويسة؟
منة:
_الحمد لله يا بابا، أنا كويسة وبكرة هاخد إجازة ارتاح، أنا هروح أنام بقى شويه، عشان تعبانة اوي.
وبالفعل توجهت منة إلى غرفتها ونامت.
محمود وهو يعاتب مفيدة:
_ارحمي البنت، كفاية يا شيخة، أنا زهقت أنتِي ما بتزهقيش ولا بتتغيري كل ما بتكبري بتتجنني اكثر.
مفيدة بتهكم:
_ أنا مش فاهمة السلبية اللي أنت فيها دي! بنتك نازلة من عربية راجل غريب وساكت، بدل ما تاخدها جوزين أقلام.
محمد بثقة:
_ أنا لو عملت كده في بنتي هبقى راجل ناقص ومش محترم؛ لأن أنا كده بشك في سمعة بنتي، بشك في تربيتي، لكن أنا عارف بنتي آخرها ايه وأولها ايه، أنا بنتي لو بتعمل حاجة غلط مش هتجيب واحد غريب ينزلها قصاد بيتها وهي متأكدة إن في ألف عين ممكن تشوفها، لو ما كنش أبوها ولا أمها ولا حد من أخواتها ولا جوازات اخواتها، هيبقى الناس والجيران، اتقي الله في بنتك.
مفيدة:
_ أنا مش هيهدالي بال غير لما اشوفها متجوزة، شكلي مش هشوفه أبدًا اليوم ده.
محمود:
_ ادعي لها.
مفيدة:
_ بقى لي سنين بدعي لها، وبقى لنا خمس سنين ما حدش خبط بيتنا، حتى العرسان اللي كانوا بيجوا لنا من حبايبنا بطلوا، كأن بنتك دي ما بقتش موجودة على الخريطة أصلًا، اصل العريس اللي هيجي لها ده هيعمل بيها ايه وهي 35 سنة، الراجل من دول يا حبيبي هيتجوز واحدة 25 ولا 27 بالكتير تدلعه كده، تنسيه التعب وسنين العمر اللي جرت بيه، وبنتك حالفة 100 يمين ولا تاخد واحد عنده عيال ولا واحد مطلق، يوم ما تنازلت قالت لي أنا ممكن اخذ واحد مطلق بس فرداني.
محمود:
_ومين قال لك إن أنا هقبل إن بنتي تتجوز واحد أرمل بعياله أو واحد مطلق بعياله أو زوجة ثانية، تصدقي وتؤمني بالله أنا عايز لها واحد نقاوة ما يكونش دخل دنيا زيها، بس لو جه راجل محترم خلوق صالح يعرف ربنا مطلق ولا أرمل أجوزها له، بس لو ما جاش واحد على مزاجي ومزاج بنتي، والله ما أوافق وخليها قاعدة جنب مني كده ملكة، أنا اللي ما يصونش بنتي ويحطها تاج فوق راسه ما لوش لازمة عندي.
مفيدة تنظر له بغضب وهي تقلب شفتيها يمينًا ويسارًا وقالت باستخفاف:
_ اهي قاعدة عانس حطها في المتحف المصري وأنت نازل الشغل بكرة، أما حكم، ما تعيشوا عيشة أهلكم بقى، وعيشوا على أرض الواقع، الشاب الحليوة اللي شبه أحمد عز ومحمد حماقي هيتجوز بنتك على ايه، بلا نيلة، أنا هدخل أصلي العصر واكلم أختي أفضفض معاها شويه.
نهضت مفيدة، نظر لها محمود بتعب وهو يقول:
_ ربنا يهديكي، يا رب اهديها يا رب، عشان مابقتش اتحمل، أنا كبرت والبنت كبرت مبقناش قادرين عليها، لا إله إلا الله.
_منزل منة٨م
_غرفة النوم
_نشاهد منة تجلس مع شروق تتبادلان الأحاديث على الفراش.
شروق:
_ يا بنتي سيبك من أمك مش هتتغير، المهم خالد ده قمور؟
منة:
_ اه، شبه تيم حسن وهو صغير كده.
شروق:
_ مز يعني؟
منة:
_اها، بس وأنا مالي ده مجرد عميل عندنا.
شروق وهى تغمز لها بمزاح:
_ طب ايه يا هندسة؟
منة بتعجب:
_ايه أنتِي؟
شروق باستهجان:
_لا أنا مش سيبه ابنى وبنتى ومقعدة عمرو بيهم عشان تعملي نفسك من بنها، يعني الود بات معاكي ووصلك لحد هنا ايه بقى؟
منة:
_مش فهماكي بجد.
شروق:
_يعنى حاولي تظبطي معاه.
منة ضحكت باستنكار:
_اظبط معاه!! يا بنتى بطلي جنان، ده مجرد عميل مهم، زي ما قلت لك صديق محمد، هو أنا بشتغل ولا بشقط، أنتِي كل ما احكيلك على حد مبقاش في دماغك غير الكلام ده، بطلي تقعدي مع أمي كتير.
شروق:
_ بس مفيش ولا واحد من اللي اشتغلتى معاهم عمل عشانك كل ده.
منة باستنكار:
_هو عمل ايه؟ هو معملش حاجة، راجل محترم لقى البنت اللي شغالة معاه، مغمى عليها ودها المستشفى كون إنه بات هي غريبة حقيقي، بس محمد قالي إنه شخص جدع جدًا ومحترم ده طبعه، مش عمل كده مخصوص عشان حاجة، يا بنتى أنا مشفتهوش غير كام مرة، بس، وكل كلامنا شغل وبس، بطلي بقى جنان.
شروق:
_ طيب بصي، عمرو عنده عريس خريج تربية، هو مدرس إعدادي بيدى مواد اجتماعية، شغال في مدرسة خاصة وعايش على الدروس، عايز عروسة.
منة:
_ بصراحه أنا قفلت من الموضوع ده.
شروق:
_ ليه بس؟ اقعدي معاه طيب.
منة:
_ لا، بصي احنا نتقابل بره وكأني معرفش واكدي على عمرو إني معرفش ورفضت أقابله، أنتِب بقى هتقولي لعمرو احنا نخرج ونجبها منقولهاش إنه موجود ولا هو العريس، أنت شاور له عليها من بعيد لو عجبته تمام، لا خلاص كأني معرفش وأنا كمان بردو اشوفه يمكن ميعجبنيش.
شروق:
_ لا شكله حلو، أصغر من سنه، ما أنا شفته الأول وعاينته عجبني، والله كانت في دماغي الفكرة دي، بس كنت خليها في البيت عندي.
منة:
_ كام سنة؟
شروق:
_٤١ بس أرمل معندوش عيال، عنده شقة تمليك في العبور، أبوه وأمه ماتوا، له أخ واحد متجوز.
منة تنهدت:
_ طيب بقولك أنا أول ما أخد إجازة هطلع طابا، جاية ولا؟
شروق:
_اسكتي أنا عندي سنة رابعة السنة دي، اسكتى أنا عايزة انتحر.
منة وهى تضحك:
_انتحري.
شروق:
_بس حاولى مع خالد ده مادام سنجل، افهمى منة ليه متجوزش وكده يمكن تحصل.
تبسمت منه نصف ابتسامة حزينة وقالت:
_واللي زي خالد ده بعد كل سنين دي وتأجيل، ممكن واحدة زي تلفت نظره؟ ما أنا شغالة في شركة من ١٠ سنين قابلت أشكال وألوان زي خالد وأحسن ومفيش حد قالى السلام عليكم.. أكملت بعقلانية وهدوء.. عارفة أنا بدأت اسستم نفسي إني هبقى لوحدي بدأت أعود نفسى على حاجات كتير، صدقينى فكرة الجواز مابقتش بتأثر عليَّا زي الأول، من كتر الجوازات الفاشلة اللى حواليا، أنا مش عايزة أتجوز عشان أبقى مدام وخلاص، عشان مبقاش في نظر المجتمع عانس وخلاص، لا أنا عايزة أتجوز واحد يكون شريك حياة ونس وسند وضحكة حلوة نرمم بعض من التشوهات اللي سابت علامات فينا من مصاعب الدنيا، أنا جالى على يدك ناس يمكن مش كتير وكلهم وقيع، كأن الطماطم البايظه مجتش غير على حظى توزعها، مع ذلك رفضت، برغم إن أمى وإخواتى وستات اللي كانوا بيجبوهم يقولوا وافقي يا بت كبرتي، لو كنت مسروعة كنت أتجوزت، بس لا رفضت وصمدت، لأني عارفة إن الجواز مسؤولية كبيرة؛ لازم اختار صح عشان بعدين نفسيتى متدمرش ولا أعذب ولادي ويدعو عليَّا إني اخترت أب كده، عشان أخرس الناس والمجتمع المتنمر.
شروق وهى تربت على يدها:
_ أنتِي صح الجواز حياة تانية خلاص، لازم تختاري صح، وصدقيني نصيبك هتاخديه وأنا قلبي بيقولي نصيبك هيبقى أحلى من الخيال.
منة وهى ترفع عينيها لأعلى:
_ يا رب .
شروق وهى تمرر عينيها عليها:
_ بس خسيتي.
منة:
_ اه ٥ كيلو، أنا حيلي انهد ولسه فاضل شهرين.
شروق:
_ حلو استغلي الفرصة.
منة:
_طبعًا.
بقلمي_ليلة عادل (◔‿◔)🌹
بعد وقت ذهبت شروق إلى بيتها، وجلست منة في غرفتها التي تشعر وهي بها إنها في عالمها الخاص، فهذه الغرفة كل ما تمتلك منة، جلست وهي تشاهد أحد الأفلام على التلفاز الذي في غرفتها، وبعد وقت رن هاتفها كان مدون مستر خالد الحسيني.
نظرت للاسم باستغراب، خفضت صوت التلفاز وأجابته.
منة:
_ ألو، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
خالد:
_ وعليكم السلام.
منة:
_ خير في حاجه يا مستر خالد؟
خالد بتهذيب:
_ لا، بس كنت بطمن عليكي.
منة:
_ أنا الحمد لله بخير.
خالد:
_ إن شاء الله دايمًا، آسف لو أزعجتك.
منة:
_ مفيش إزعاج.
خالد:
_ سلام.
منة:
_سلام.
نظرت باستغراب وهي تعقد حاجبيها، لكنها لم تهتم بالأمر كثيرًا، رفعت صوت التلفاز وأكملت مشاهدة الفيلم.
وخلال يومين لم تذهب منة إلى العمل كما طلب منها الطبيب.
_في الموقع الإنشائي الخاص بمصنع خالد ٣م
_نشاهد منة تقف وهي تتابع سير العمل وتقوم بفرز المعدات والخامات، وبعد قليل جاء خالد وهو يحمل بين يديه كيس به عصائر وشوكولاته وشبيسى وبسكوت.
خالد وهو يقترب:
_ مساء الخير يا باشمهندسة.
التفتت منة له وهي تعقد حاجبيها باستغراب، فهي لم تفهم سبب مجيئه:
_ أهلًا مستر خالد.
خالد:
_ أتمنى تكوني النهار ده أحسن، برافو إنك سمعتي كلام الدكتور وما نزلتيش.
منة:
_الله يسلمك، في حاجة؟
خالد وهو يهز رأسه بلا ممزوجة بتوضيح:
_ مفيش، بس حبيت أطمن، كمان جبت لك دول، اتفضلي.
نظرت له لثواني باستغراب عن طريقة تحدثه معها وذلك الاهتمام الغريب، نظرت إلى الكيس الذي بين يديه ويقدموا لها، ثم رفعت عينيها ونظرت له.
منة معلقة:
_ ايه ده؟
خالد:
_ يعني أنا فهمت إنك من نوعية البنات اللي بتتعب وبيغمى عليها بسبب الحرارة فجبتلك شوية حاجات كده، أنتِي بتفكريني بأختي نادين زيك بالظبط.
منة بعملية:
_ ميرسي جدًا مستر خالد على اهتمامك، بس أنا مش هاخده.
خالد باستغراب:
_ ليه يعني؟ ايه المشكلة؟! هي دي كمان فيها مشكلة؟ طب التوصيل والفلوس يعني أنا هحاول استوعبهم، لكن ما اعتقدش إن في أي مشكلة أني أجيب للباشمهندسة اللي شغالة عندي عصير؟
منة بجدية وملامح ثابتة:
_ من وجهة نظر حضرتك إن مفيش مشكلة، لكن من وجهة نظري في، اهتمام حضرتك مبالغ فيه ومش عاجبني، أنا مجرد مهندسة ماسكة شغل حضرتك وبس، فإنك تجيب لي حاجة مخصوصة زي كده ما يعجبنيش، لو كنت مثلًا جبت لكل العمال وكل المهندسين كنت تفهمت وقبلتها زي ما قبلتها قبل كده، لكن تخصصني وتيجي مخصوص عشان تجيب لي عصير، بالنسبالي حاجة غير مقبولة، وأتمنى ما تعديش حدودك تاني، حدود عميل ومهندسة شغالة على مشروع، عن إذنك عندي شغل.
نظر لها خالد باستغراب شديد، فهو لم يفهم لماذا ترفض بتلك الطريقة التي فيها نوع من الهجوم، فهو شعر أنها تسيء الظن به بما يريد منها، تحرك وعاد إلى سيارته وقادها، وأثناء قيادته قام بعمل مكالمة لمحمد.
فى أحد الكافيهات ٦م
نشاهد محمد وخالد يجلسان على إحدى الطاولات ويحتسيان العصير ويتبادلان الحديث.
خالد بضيق:
بس هو ده كل اللي حصل، مش فاهم هو أنا عملت حاجة غلط؟؟ أنا حاسس إن هي ممكن تكون فهمتني غلط وفاكرة إن أنا ممكن أكون بشاغلها.
ارتسمت على شفتي محمد ابتسامة وهو يحتسي العصير، وضع الكوب على الطاولة ونظر له وتحدث
بتوضيح:
_ كل الحكاية إن منة كده، ده الطبيعي بتاعها هي دايمًا بتحط حدود في طريقتها وتعاملها مع الآخرين.
خالد بتأييد:
_ ما قلناش حاجة، ده طبيعي، وبرافو عليها إن هي عاملة ده خصوصًا إن نوعية الشغل بتاعها بتتعامل مع نسبة كبيرة جدًا من الرجالة مختلفة الأعمار والثقافات؛ فطبيعي لازم يكون لها شخصية قوية ورجولية عشان تعرف تتعامل، كل الحكاية إني شايف إني معملتش حاجة تخليها تكلمني بالأسلوب، ده أنا عمري ما عديت حدودي معاها، وكنت مهذب جدًا معاها ونيتي كانت صافيه جدًا، كل الحكاية إني حاسس بالذنب من ناحيتها، إن ممكن أكون السبب في تعبها، فحبيت أقدم لها لو حاجة بسيطة.
محمد:
_ صدقني منة كده مع كل الناس، حتى أنا، هي مكنتش كده زمان، كانت أكثر مرونة، اه مكنتش بتعدي حدودها وتحسها راجل كده، بس كانت لطيفة في الموضوع إن زميل يجيب لها حاجة، مش بتضايق أو تكشم كده، طب عارف هحكيلك حكاية، أنا عارف إنها بتحب النسكافيه، في مرة قعدت في المكتب لحد بالليل، لما سألت عليها عرفت إن هي لسه موجودة وبقى لها ثلاث ساعات ما خرجتش، رحت باعت لها كوباية نسكافيه عشان تساعدها على التركيز وتهديها شوية، يا نهار أبيض على اللي عملته، كلمتني في التليفون وازاي تبعته أنا أكيد لو عايزة هطلب، ما تعملش كده تاني يا محمد، أفهمها إن أنا بعت لها عشان خاطر بقلها كتير شغالة، تقول لي أنا لو محتاجة أنا هبعت، ما تعملش كده تاني، اهتمامك الزايد ده مش عاجبني.
أنا في الأول كنت زيك كده، بقعد أقول هو أنا عملت حاجة؟ هو أنا عديت حدودي تطاولت لدرجة إنها أساءت فهمي، وفاكرة إن أنا ممكن أكون معجب أو بحاول أشاغلها، بس بعد كده بدأت أكبر دماغي وأتعامل معها بالطريقة اللي عاجباها.
خالد:
_ دي عندها تروما من الاهتمام ولا ايه؟
محمد وهو يرفع كتفه بعدم معرفة:
_ مش عارف.
خالد بتعجب ممزوج بإعجاب:
_ شخصية غريبة، بس حد محترم، أنت تعرفها من زمان على كده؟
محمد:
_اه صاحبتي من الجامعة، من أعز أصدقائي، بص هو أنا اللي استشفيته بعد فترة تفكير عميق إن هي مابقتش عايزة اهتمام حد أو تتعود على اهتمام أو وجود أشخاص في حياتها، منة زمان كانت دايمًا قريبه من صحابها اوي لدرجة إن هي كانت بتوقف حياتها عشان خاطرهم، بس مع الوقت بدأت تتعود تبقى لنفسها، وتحب نفسها، تعمل كل حاجة لوحدها، وماتستناش من حد أبدًا يجيب لها حاجة؛ فاعتقد إن هي بقى عندها تروما بسبب الموضوع ده، إن هي خايفة تضعف ترجع ثاني تستنى اهتمام حد، حد يسألها عاملة ايه، يجيب لها حاجة لما تتعب، ينزل معاها وهي بتشتري حاجة، عايزه تتعود تفضل لوحدها.
خالد:
بس دي حاجه صعبه اوي، احنا عايشين وسط مجتمع، وسط ناس، طبيعي تحتاج للآخرين.
محمد:
لا هي كانت شوية مش طبيعية في احتياجها للآخرين، كانت موقفة حياتها حرفيًا.
خالد:
_بس برافو عليها إنها قدرت تغير من نفسها، عمومًا برده بالله عليك يا محمد تكلمها وتفهمها إن خالد ماكانش قصده أي حاجة وحشة، وإن أنا فعلا جبت لها الحاجة دي عشان خاطر إنها زي أختي نادين، مفيش أي فكرة غلط في دماغي ناحيتها.
محمد:
_ما تقلقش، خلاص كلها أقل من شهر وتستلم المصنع بتاعك.
خالد تنهد:
_ إن شاء الله.
بقلمي_ليلة عادل。◕‿◕。 ♥️
ومرت الأيام والأسابيع وانتهت منة من بناء المصنع بشكل كامل، وتم تسليمه لخالد، كان يشعر خالد بسعادة كبيرة بسبب إتمام الأمر بهذه السرعة، وأنها قامت بالتسليم في الموعد المتفق عليه.
_شركة رسلان ١٢م
_شركة رسلان ١٢م
_مكتب منه
نشاهد منه تجلس خلف مكتبها وكان خالد يجلس على المقعد الأمامي للمكتب وهما يتحدثان، وكان يبدو على ملامح خالد السعاده لانه انتهى من بناء المصنع.
خالد وهو يحتسي القهوه:
_انا مش قادر اقولك انا قد ايه سعيد، مش قادره اوصف سعادتي وفرحه قلبي، نفسي اعبر عن سعادتي بس مش عارف ازاي.
منه بابتسامه جميله:
_مش محتاج تقول ولا محتاج تعبر، ملامحك موضحه كل شيء، انا سعيده ان انا كنت سبب في سعادتك، أعظم شيء ممكن تقدمه لي إنسان أنك تكون سبب في إبتسامته
خالد:
_وانا حقيقي مديونلك بساعدتي وكمال مشوار نجاحي انا مش عارف اشكرك ازاي.
تبسمت منه وقالت:
_اشكرني بإنك تشتغل كويس، وأنك تحاول تكبر مصنعك لحد ما يبقى مصنع كبير.
خالد:
_ده أكيد.
اخرج خالد من جيب جاكيت البدله ورقه وقدمها لمنه، اخذتها وهي تنظر لها بإستغراب، فتحتها وهنا يظهر انه شيك بمبلغ، رفعت عينيها نحوه وقالت.
منه بتعجب وهي تعقد بين حاجبيها:
_ايه ده؟
خالد:
_ يعني كومِشَن، شكر، هدية، اعتبري اي حاجه عن وقوفك معايا وتعبك طول الفتره اللي فاتت، ده مبلغ بسيط جدا انا عارف انتي تستاهلي اكتر من كده بكتير.
منه بجدية:
_أستاذ خالد قولتلك انا بعمل شغلي، وشغلي ده كنت بقبض عليه فلوس، مابعملش حاجه يعني ببلاش، مدت يدها بالشيك وقالت: اتفضل انا مش هينفع اخد المبلغ ده ولو سمحت اوعى تصر او تكلمني في الموضوع ده، لانه بالنسبالي منتهي، عشان مابدأش اتضايق.
خالد:
_ انا هسميكي من الحِمَقيه للعنيده.
منه:
_ هي الاصول بتزعل ليه؟
خالد بتعجب:
اصول ايه ؟ انتي عملتي شغلك، وانا بقدملك تقدير على مجهودك، اعتقد حاجه زي دي عاديه جدا وارده في شغلك.
منه:
_ هي طبعا وارده والطبيعيه في شغلي، بس من المدير، من مدحت بيه، مش من عميل انت اخرك تقولي شكراً وان شاء الله مش هيكون اخر تعامل ما بنا.
تنهد خالد بتعب واخذ الشيك:
_ماشي يا منه زي ما تحبي، ها هتيجي بكره الحفله ولا دي كمان فيها كلام.
منه:
_لا ما فيهاش كلام هاجي.
خالد:
_ ماشي (توقف وقال بتهذب) ومره تانيه شكراً.
منه توقفت:
_ مافيش اي شكر والف مبروك.
هز خالد رأسه بإيجاب وبابتسامة ورحل....
(يوم الحفلة)
منزل منة، ٥م
غرفة النوم.
تقف أمام خزانة الملابس وهي تقوم بالبحث عن شيء لترتديه في تلك الحفلة الضخمة، أخذت تقوم بإخراج الفساتين والملابس الفورمال، وهي تشعر بالحيرة والضيق، ثم قالت:
_ مفيش ولا حاجة حلوة ولا حاجة مناسبة.
أخرجت أحد الفساتين وقالت وهي تتطلع عليه:
_ ألبس الفستان ده؟ لا مش حلو، وبعدين لبسته قبل كده مرتين.
ألقت به على الفراش أخرجت طقم فورمال، ثم قالت:
_طب البس الطقم الفورمال ده، لا مش هيبقى حلو. طب البس ايه؟ أنا محتارة.
نفخت، ثم قامت بالاتصال بشروق فيديو.
منة:
_ شوشو، عاملة ايه يا روح قلبي؟
أتاها صوت وصورة شروق من اتجاه آخر.
شروق:
_منوشه حبيبتي، عاملة ايه اخبارك ايه؟ ايه يا بنتي لسه ما جهزتيش! مش عندك حفلة؟
منة بحيرة جلست على الفراش:
_ أنا محتارة مش عارفة البس ايه؟ ولسه شويه على الحفلة.
شروق:
_البسي الطقم البيج الفورمال بيخليكِ قمر.
نظرت منة لها باستغراب:
_ الطقم الفورمال للبيج؟! ده بيخليني عجلة.
شروق باستنكار:
_ أقسم بالله أنتِي مابتفهمي، وحياة ربنا بيخليكي قمر، يا بنتي أنتِي طويلة ما شاء الله عليكي، اللبس الفورمال بيكون عليكِي جامد وبعدين أنا بعشقك أصلًا بالطقم ده، بيفتحك وبينورك، أنتِي ما لبستهوش غير مرة واحدة من وقت ما جبتيه، ده غالي حرام يتركن، البسي البسي والله تحفة.
منة باعتراض:
_لا يا ستي مش هلبسه، ما بحبنيش فيه.
شروق:
_طب ريحيني نفسيًا جربي البسيه، وريهوني عليكي، وبعدين اقلعيه، خلاص نجرب بس، يلا انا هقفل البسي وكلميني.
أغلقت شروق المكالمة وقامت منة بإخراج طقم فورمال عبارة عن بنطال باللون البيج وقميص سكري وجاكيت بيج وهو طقم في منتهى الجمال والشياكة، قامت بارتدائه وفعلًا كان في منتهى الشياكة عليها، جعلها تشبه سيدات المجتمع الأثرياء.
ثم قامت بالاتصال بشروق مرة أخرى.
منة وهى تطلعها على ما ترتدي:
_ اهو يا ستي.
نظرت شروق بانبهار وصفرت:
_ والله العظيم تحفة. دققت النظر بها: بت يا منة أنتِي خسيتي، بتعملي رجيم من ورايا ولا ايه؟
نظرت منة إلى جسدها، ثم نظرت لها قائلة بسخرية: بعمل رجيم!! ايوه بأمارة لسه ضاربة واحد شاورما قبل ما أكلمك.
ضحكت شروق وقالت:
_ بس شكلك خاسس والله.
منة:
_ أنا برده حاسة نفسي اني خسيت شويه، الطقم ده كان أضيق من كده عليَّا، المهم ايه حلو بجد في وزير النهار ده هيحضر، وناس جامدة ومصورين وفنانين، ركزي بليز.
شروق:
_ والله تحفة، بعدين فين منة ثقة؟ أنا مسمياكي منة الثقة في النفس، أنا بقول لك جامد، صدقيني.
منة:
_ خلاص أنا هلبس الطرحة واحط ميك اب، ها ألبس هيلز عالي ولا ايه؟
شروق:
_ ايوه طبعا البسي هيلز عالي، ولف الطرحه سبانيتش وحطي ميك اب بني بس يكون هادي كده لطيف .
منة :
_خلاص انا هخلص واكلمك باي .
الفعل بدات منة بوضع المكياج وارتداء الطرحه والنظارة ثم خرجت الى الخارج .
على اتجاه آخر عند خالد .
منزل خالد.
_غرفة النوم
نشاهد خالد وهو يقف في غرفة ملابسه وهو يقوم باختيار بدلته، كان يقف محتارًا لا يعرف ماذا يرتدي!! وبعد دقائق من التفكير أخرج إحدى البدل باللون البيج وقام بارتدائها؛ فكانت بنفس اللون الذي ترتديه منة، وضع العطر الخاص به وراتدى ساعته، ثم توجه إلى سيارته حيث الحفلة.
الحفلة ٨م
نشاهد حركة دخول وخروج من الحاضرين، مع الاستماع لموسيقى هادئة، ثم نشاهد خالد ومحمد ووالده وبعض الموظفين يقفون مع بعضهم ويتبادلون الأحاديث.
وبعد دقائق دخلت منة وهي ترتدي تلك البدلة الأنيقة بابتسامة جميلة، كانت تشبه أكبر سيدات الأعمال بذلك الزي الأنيق، كان في منتهى الجمال، وكان انخفاض وزنها واضحًا عليها بشدة، هو ليس بالشكل الكبير فقط بعض الكيلو جرامات، لكنها كانت واضحة.
أخذت تمرر عينيها على الجميع، ثم بدأت بالتحرك، انتبه لها خالد فاقترب منها بابتسامة جذابة.
خالد:
باشمهندسة منة، أهلًا وسهلًا، كنت خايف ما تجيش بصراحة.
منة بتعجب:
_ أنا وعدتك امبارح إني هاجي، أنا مش عارفة أنت ليه كنت فاكر إن أنا ممكن ما اجيش، طبيعي أحضر لأنه شغلي أولًا، وفكرتي ثانيًا.
خالد:
_ يعني، بعد اللي حصل آخر مرة حسيتك مش طيقاني.
منة بخجل:
_ محمد كلمني في الموضوع ده، أنا يمكن أكون أتصرفت بشكل قاسي أو اديت الموقف أكبر من حجمه، بس أتمنى تحترم طريقتي في التفكير ومتكونش أسأت الفهم.
خالد برقي وعقلانية:
_ لا طبعًا، أنا اللي خايف تكوني أنتِي اللي أساتي فهمي وقتها، حقيقي أنا تعاملت مع الموقف بشكل ممكن نقول عليه بطبيعتي بعفوية، ماحطيتش في دماغي إنك ممكن تفهميني غلط أو تضايقي، لأن عندي أختي زي حضرتك كده بتتعب لما بتقف في الشمس كتير، ودايمًا كيس العصير والشيكولاته والبسكوت موجود في عربيتي، وأنا كنت وقتها قريب جدًا من الموقع قلت عادي أسلم عليكي، أطمن وأشوف وصلتوا فين وبالمرة أديك الحاجة البسيطة دي، من أخ مش هقول لك صديق؛ لأن فهمت إنك ما لكيش في صداقات الرجالة.
منة:
_عمومًا حصل خير.
خالد وهو يشير إلى الداخل:
_ اتفضلي.
تحركت منة معه للداخل.
انتبه لهما محمد اقترب منهما.
محمد بمزاح:
_هالو منوش، كويس إنك جيتي، خالد كان خايف متجيش، برغم إني قلت له ده جزء من شغلك، لازم تيجي.
خالد:
_لازم أخاف، يعني حضرتك صاحبة الفضل بعد ربنا، فلازم تكوني موجودة، أنتِي جزء مهم وأساسي من النجاح ده.
منة تبسمت برقة:
ميرسي.
نظر لها خالد بابتسامة جميلة.
دقق محمد النظر فيما يرتديان من أعلى لأسفل لأنهما يرتديان نفس اللون، ضيق عينيه وقال معلقًا بمزاح:
_ ايه ده بقى!! أنتم متفقين مع بعض على اللبس، وعملنلي متخاصمين.
فور نطقه تلك الكلمة اتسعت عينا منة وقالت...