رواية هويت رجل الصعيد الفصل السابع عشر17والثامن عشر18 بقلم نورا عبد العزيز
الفصل السابع عشر (17)
___بعنــــــوان "أحرز نقطـــة"___
كانت “عهد” تقف بالشرفة الموجودة بغرفتها غاضبة وتتكأ بذراعها على الباب وتعقدهما أمام صدرها، أقترب “نوح” منها بلطف ومسك كتفيها من الخلف ثم قال:-
-عهد
لم ترك له المجال ليتحدث فأستدارت إليه غاضبة ومُفعلة وتصيح بضيق شديد:-
-هتقولى أختك وجت لحد عندك يبقى جابت الحق عليكى ما هو الغريب مهما كان عامل وجالك البيت يبقى جاب الحق عليك بس يا نوح
أخذ “نوح” وجهها فى يديه بحنان وحدق بعينيها ثم قال:-
-لا يا عهد أنا مهجولكيش أكدة، أنا هجولك متعمليش حاجة غصب عنك وعن طاجتك صمتت “عهد” وهى تتطلع بيه ثم تبسم فى وجهها وقال:-
-بس هجولك أنت عهد حبيبة قلبك أجمل وأرق من أنها ترد حد جالها معترف بغلطه وندمان
رفعت حاجبها إليه ثم قالت بتذمر:-
-ما أنت قولتلى اهو أغفر بس بطريقة مش مباشرة
تبسم “نوح” على هذه المرأة التى تزوجها وسكنت قلبه ببراءتها ثم قال بخبث:-
-لا عادى اعملى كيف ما تحبى بس البنت اللى خطفت قلبى وهواها غلبنى دونً عن ستات العالم كله أطيب وأجمل بكتير من انها تشيل نجطة واحدة سودة فى قلبها إلا ماكنش قلبى حبها وأنا بحبك يا عهدى ومهناجشكيش فى اللى هتعملي
تبسمت “عهد” بسعادة لأجلها وظلت تتطلع به وهى لا تعلم كيف أمتص غضبها وحوله إلى سعادة بأحتوائه إليها وكيف كلمات هذا الرجل أخمدت نيران بركان غضبها المشتعل بداخلها فقالت بعفوية:-
-وأنا الراجل اللى غلبنى هواه ووقعنى فى حبه أجمل بكتير يا نوح بكلمة منه بيقدر يحول الغضب للفرح وعلى أستعداد أعمل أى حاجةعشان بس نظرة واحدة منك يا نوح وأنا سامحت عليا من زمان أوى من يوم ما حبيتك وقلبى دق ليك لأن لولا اللى عملته مكنتش هحبك كدة ولا كنت هبقى مراتك
قرب “نوح”رأسها إليه ثم وضع قبلة على جبينها وقال بحب:-
-مش بجولك أجمل بكتير من سواد القلب والكره
ترجلت “عهد” بصحبته إلى أختها مُجددًا لتراها ما زالت تجلس على الأريكة ولم تخطو خطوة واحدة بعيدًا عنها لتقترب أكثر لتُدهش بوجود “عمر” معها هذا الرجل الذي لا تعرفه ولن تراه من قبل فقالت “عهد” بحرج:-
-أرتاحى يا عليا
جلست “عهد” على الاريكة المجاورة وبجوارها جلس “نوح” بعد أن رأى رجل غريب فى منزله وهو يحاول كبح غيرته قدر الإمكان كيف لراجل ان يجلس مع حرمة بيته هكذا وهو اجنبي عنهم، ركض “يونس” إلى “عهد” وتشبث بقدميها مرة أخرى وقال:-
-يونس زعل منك يا خالتو .. أنت مش بتيجى تلعبى معايا بالألعاب والمسدسات وبطلتى تركبى المكعبات معايا
تبسمت “عهد” ببراءة لهذا الطفل ثم حملته لتجلسه على قدميها وقالت بعفوية:-
-متزعلش، عارف خالتو هتجبلك ألعاب جديدة كتير أوى عشان متزعلش
عانقها “يونس” بدلال ثم سكن بين ذراعيها لترفع “عهد” نظرها إلى أختها و”عمر” بهدوء فى صمت منتظرة ان تتحدث أختها لتقول “عليا” بحرج شديد من بدء الحديث:-
-عهد أنا جاية عشان ..
قطعتها “عهد” بعد أن رأت حرجها أمام “نوح” وهذا الرجل الذي لا تعرف صفته لكى يوجد هنا :-
-خلاص يا عليا اللى فات انا نسيته
أقتربت “عليا” للأمام بجدية ونظرت إلى “عمر” ثم قالت:-
-لا يا عهد انا جاية أعتذر منك
تنهدت “عهد” بهدوء ثم قالت:-
-متعتذريش يا عليا أنا فعلا مش فاكرلك غير كل خير واللى حصل ربنا عوضنى عنه بقلب نوح وحبه ليا ودا كفاية، لأن كل ما أفكر أنا عمرى ما كنت هدخل الصعيد ولا البيت دا لولاك فأنتِ سبب عشان أقابل أحسن وأعظم راجل فى العالم وأنا مش شايفة اللى حصل غير أنك سبب فى أحلى حاجة حصلت ليا عشان كدة بقولك متعتذريش بالعكس أنا المفروض أشكرك
أنهت حديثها ثم نظرت إلى “نوح” وأخذت يده فى يدها وتشابك الأصابع بدفء ثم قالت:-
-يمكن نوح مبقوليش كلام حلو قدام حد عشان الحياء بس أنا غيره بقى وفعلًا أنا بحب نوح وكُنت هندم لأخر عمرى لو مكنتش وافقتك يومها أو سبتك تتجوزيه أنتِ
شد “نوح” بيده على يدها بسعادة من أعترافها بحبها الشديد له أمام أخته دون خجل ،دمعت عيني “عليا بحرج شديد مما فعلته ومسامحة “عهد” لها كانت أشد عقاب لها لتخفض رأسها حرجًا من الجميع فقال “عمر”:-
-وأنا جاي فى الطريق عليا قالتلى أنها عارفة أنك هتغفرى عشان قلب طيب يا مدام عهد
نظر “عمر” إلى “نوح” بحرج من مُحادثته لزوجته أمامه والغيرة التى نشبت نيرانها فى عيني هذا الرجل الصعيدى وقال:-
-متأخذنيش يا أستاذ نوح وأسف لو أتخطيت حدودى
كاد “نوح” أن يتحدث لتقول “عهد” بجدية:-
-أنا مسامحتش يا حضرة عشان قلبى طيب أنا سامحت عشان حبت نوح يعنى حُب نوح هو سبب الغفران
تنهد “عمر” بخفوت ثم وضع يديه على ركبتيه بخجل شديد وقال:-
-أحمم أنا مش عارف بصراحة اجبهالكم ازاى بس بصراحة أنا طالب أيد عليا منك يا أستاذ نوح أنت ومداد عهد لأنكم عائلة عليا الوحيدة
نظرت “عهد”إلى زوجها بدهشة ولم تقل دهشتهم شيء عن دهشة “عليا” حينما نظرت غليه بعد ما سمعته وتقدمه لخطبتها من أختها وزوجها دون ان يخبرها بشيء من قبل فتابع “عمر” الحديث بجدية بكذب مُصطنع:-
-أنا لما كلمت عليا فى الموضوع قالت ليا أن أختها الوحيدة فى الصعيد وبصراحة أنا مقدرش أفرط فى عليا ولا أتجوز غيرها عشان كدة جيت لحد هنا وعندى أستعداد أسافر لأخر العالم عشانها وأعمل المستحيل كمان
كانت “عليا” فى ذهولها من حديثه وهى تعلم بأنه يكذب بهذا الحديث ليأخذ يدها فى يده ويربت عليها بلطف وكأنه يطمئنها بأنه سيصلح ما أفسدته فى علاقتها بأختها، تنحنحت “عهد” بتردد وأرتباك وهى لا تعلم ماذا تقول؟ أو ماذا ستفعل؟، حدق “نوح” بهذا الثنائي وقد علم جيدًا بأن “عليا” لم تخبره بذلك لكنه يضع نقطة رضا فى قلب “عهد” تجاه أختها فتبسم “نوح” ليضع النقطة الأخرى فى قلب “عليا” وكأنه دخل تحدى مع هذا الرجل على من يجمع نقطات أكثر:-
-والله يا أستاذ إحنا منجدرش نديك كلمة ولا نديك يد بنتنا إلا لما نسأل ونطمن للراجل اللى هيأخد بنتنا
وقف “نوح” من مكانه بجدية ووجه صارم ثم قال:-
-حُسنة ..
أتته “حُسنة” سريعًا من الداخل ليتابع بحزم شديد:-
-جهزى أوضة الضيوف للأستاذ وعليا هان عارفة طريج أوضتها، خلينا نستضيفهم حدينا ثلاثة ليالى لو نال الرضا نوافج ولو مجدرش يبجى الجواز جسمة ونصيب
غادر “نوح” لتنظر “عليا” إليه وهو يتحكم بها فوقفت من مكانها بدهشة من فعلته وكادت ان تتحدث بأقتضاب شديد لكن “عمر” مسك يدها ليهدأ من روعتها وقال:-
-أهدي
خجلت “عهد” من فعلت زوجها فوضعت “يونس” نائمًا على الأريكة وركضت خلف زوجها ثم قالت:-
-نوح أستن هنا بكلمك...
تبسم وهو يسير بجدية وهى تناديه فى الخلف وتركض لكنه يصطنع الحزم...
_____________________
سارت “ليلى” معه بتوتر شديد ثم قالت:-
-أنت متأكد يا عطيه أن هعجب مامتك كدة، كنت قولى قبل ما أنزل على الأقل كنت غيرت هدومى
نظر “عطيه” ملابسها وكانت ترتدي بنطلون فضفاض ذات اللون الأزرق وهكذا السترة كانت طويلة تصل لركبتها مفتوحة باللون الأسود وتي شيرت أبيض بالأسفل وتضع حزام أبيض رفيع حول خصرها وتلف حجاب أبيض عليه ورود زرقاء فقال:-
-كنتِ عاوزة تلبسي أيه؟
تنحنحت بحرج شديد وخوف من مقابلة والدته فقالت:-
-أى حاجة يا عطيه عباية أو فستان، مامتك هتفكرنى مصرية من القاهرة مُنفلتة بقى وممكن معجبهاش
قهقه “عطيه” بسعادة ثم قال:-
-لا أمى مش ست جديمة جوى أكدة وبعدين نفرض لبستى عباية هتفضلى العمر كله تلبسي عباية جدامها مهتجيش تجولى أنت خدتنى ببنطلون ولبس الموضة
صمتت بخجل وهو يفتح باب المنزل ليقول بعفوية:-
-متجلجش أمى مش جديمة يا ليلى وعندها بنت فى عمرك وبتحب الموضة ومتعلمة وداكتورة تحاليل كمان متفكريش أن الصعيد لسه زى أيام زمان مفيش بنات بتتعلم ولا بتطلع من الدار وبنجتل أحلامهم وطموحاتهم إحنا كيفكم تمام بس إحنا بخاف ونغير على حرمة بيتنا هبابة
تبسمت “ليلى” بعفوية لأجله ثم قالت:-
-طمنتنى
ناد “عطيه” على والدته بصوت عالى قائلًا:-
-يا أمى
مسكت “ليلى”طرف كم عباءته وقالت بتوتر هامسة إليه:-
-تفتكر هعجبها بجد
ضحك بصوت مرتفع ليأتيه صوت والدته تقول:-
-ضحكنى معاك يا ولدى
دلف للصالون حيث تجلس والدته وكانت امرأة فى منتصف الستينات وتجلس على مقعد متحرك، دخل أولًا ثم قبل يدها بلطف وبعدها رأسها ثم قال:-
-ليلى اللى حكيت لك عنها يا ست الحبايب
رمقتها والدته “سما” بنظرة حادة وتتطلع بها من الرأس حتى أخمص القدم لترتبك “ليلى” من نظرتها الحادة وقالت بهلع وتلعثم:-
-أنا أسفة والله نسيت أقلع الجزمة بس عطيه دخل بيها
أستدارت لكى تخرج بخوف من أن تُثير غضب والدته وترفض زواجهما لتستوقفها “سما” بصوت حاد:-
-تعالى يا بت أهنا
ألتفت “ليلى” لها بهدوء رغم خوفها من نبرة “سما” الحاد وصراخها ثم سارت إليها وهى تزدرد لعابها الجاف فى حلقها ونظرت إلى “عطيه” بتوتو فأومأ إليها بنعم وأن تقترب دون خوف، وصلت أمام والدته وجلست على ركبتيها لتكن بمستوى “سما” فصُدمت “ليلى” عندما مسكتها “سما” من اذنها بقوة من فوق حجابها وقالت بغيظ شديد:-
-فين البسبوسة بتاعتى يا بت، محدش كلها من الثلاجة غيرك
أتسعت عيني “ليلى” بصدمة من حديثها ثم قالت:-
-والله يا طنط ما أكلت حاجة
تركتها “سما” ونظرت إلى “عطيه” ثم قالت بغضب:-
-شايف مرتك الحرباية بنت الحرباية بتجولى أيه .. بتجولى يا طنط مستكترة تجولى ياما، طبعا ما أمها الحرباية موسوسة لها جولتلك يا ولدى تعالى اجوزك بنت أخويا أنما أنت يا واد
ضرب قدمه بضيق شديد وهى تتابع حديثها:-
-جافش فى عائلة ابوك المعفنين معرفش على أيه
كانت “ليلى” مذهولة مما تسمعه وهى لا تفهم شيء لتقف من مكانها جواره ليهمس إليها بأن والدته مريضة بالخرف لتضربها “سما” فى قدمها بقوة وهى تقول:-
-كمان بتجومى من جدامى أكدة من غير ما أجولك صحيح عديمة الرباية كيف أمك السموية
جلست “ليلى” بلطف وهى تبتسم فى وجه هذه المرآة وقالت بعفوية:-
-طب أيه رأيك أعملك بسبوسة بالمكسرات
أقتربت “سما” منها بخفوت وأبعدت “عطيه” عنهما وقالت بلهفة وحماس:-
-بالجشطة يا بت
أومأت “ليلى” إليها بنعم مُبتسمة فعادت “سما” للخلف وقالت بزمجرة:-
-لا برضو هخليه يتجوز عليكى بنت أخويا وأجهرك أكدة
ضربت يديها على بعضهم فقوست “ليلى” شفتيها بحزن ثم قالت:-
-وأهون عليكى أكدة يا ماما
تبسمت “سما” إليها بغيظ شديد وقالت:-
-ما أنتِ اللى خايبة ومعرفاش تجيب له الواد عاملة تجيبى فى بنات لحد ما زهجتينا معاك
نظرت “ليلى” إلى “عطيه” فتبسم إليها بعفوية وهذه الفتاة ترغب بأرضاء والدته المريضة لكنها لن تخضع أبدًا فأتاهما صوت من الخلف:-
-أزيك يا عروسة
وقفت “ليلى” وهى تلتف إليها لترى فتاة فى نفس عمرها وترتدي بنطلون جينز وقميص نسائي طويل يصل لبعد الركبة وتحمل حقيبة على كتفها وتلف حجابها لتقول:-
-أنا مريم اخت عطيه معرفش كلمك عنى ولا لا بس هو كلمنى عنك كتير
نظرت “لأيلى” إليها بدهشة من لهجتها المصرية القوية مثلها فتبسمت “مريم” عليها ثم قالت:-
-متستغربيش كدة أنا جامعتى كانت فى القاهرة، ها بقى كلمنى عنى ولا نسي نفسه قدام القمر دا كله
نكزها “عطيه” بخجل من حديثها لتضحك “مريم” بعفوية وهى تمد يدها إلى “ليلى” وقالت:-
-يبقى نسي والصراحة له حق مش هقدر ألومه عشان أنتِ زى القمر وأنا عن نفسي مبسوطة أن عروسة أخويا قمر كدة
تبسمت “ليلى” بعفوية وهى تصافحها ثم نظرت بحزن مُحاولة أخفاءه إلى والدته التى لم ترحب بها فقالت “مريم” برحب:-
-متقلقيش هى كدة رضيت عنك، ماما لو مقبلتكيش هتلاقى ساكتة وبتكلم حد تانى هى بس اللى شايفاه
نظرت “ليلى” لها بأستغراب فقالت “مريم”:-
-هههه متقلقش أوى كدة هى مش ملبوسة ولا حاجة هى بس ذاكرتها واقفة على وقت جوازها من بابا وبنت أخوها اللى عاوزة تجوزها لعطيه دى بنت أخو حماتها واللى هى بتعمله فيكى اللى حماتها عملته فيها بمعنى أصح هى شايفاكى نفسها وعطيه بابا فعلى طول هتلاقيها قاعدة بتكلم بابا
أومأ “ليلى” لها بلطف حتى لا تشعرهم بالحرج فأستاّذنت “مريم” للذهاب إلى العمل وغادرت “ليلى” مع “عطيه” …
_______________________
كانت “فاتن” محبوسة فى الغرفة مع بناتها حتى فتح الباب ودلف “نوح” وخلفه “خلف” ليضع صنية الطعام أمامهم وقال:-
-كلوا عشان أنا محتاجكم عشان بس أمسك ابنك الفاسد مش أكتر
تحدثت “حورية” بانفعال شديد قائلة:-
-أنت حابسنا أهنا كاننا مواشيى فى الزريبة عندك
أومأ لها بنعم ثم مسكها من شعرها بقوة وقال:-
-أبلعى لسانك يا بنت عمى عشان اللى عملتيه أنا لسه مدفعتكيش تمنه لتكونى فاكرة أنه عدى أكدة
دفعها بقوة إلى والدتها لتمسكها “فاتن” قبل أن تسقط وتابع حديثه بنبرة مُخيفة قائلًا:-
-واااه أنتوا مواشي وحتى المواشي والبهايم أحسن منكم مبيغدوروش ولا بيمكروا لأهلهم، ورب العزة لو سمحت حسك تانى يا حورية لأدفنك حية وأنتِ واجفة كمان متستفزنيش عليكى أكتر من أكدة
طوقتها “فاتن” بخوف شديد منه ثم قالت بضعف:-
-هى حصلت يا نوح بتستجوى على حريم عمك
صاح بها بانفعال شديد وهو يقترب منهم قائلًا:-
-وهى مرتى اللى بنتك ضربتها أيه مش حريم وبعدين رجالتكم هم اللى جُبان وأستخبوا كيف الفئران وابنك هو اللى دخل الحريم فى الموضوع ولا مرتى اللى خطفها كانت راجل، أنا رد فعل لست فاتن وأنا لسه مبدأتش
تحدثت “أسماء” بغضب وهى تحتضن أختها قائلة:-
خلاص خلى مرتك تواجههنا وإحنا حريم فى بعض مالكش صالح أنت
تبسم “نوح” بمكر ساخرًا من هؤلاء النسوة ثم قال:-
-متجلجيش يا بنت عمى هخليها تنزل عليكم بجزمتها وفى وسط الخلج واللى هترفع عينيها فى عهد هطخها بالنار بس بعد ما أبوكى يتعدم وأجتل أخوكى بيدي جدام عيونك عشان تعرفوا أنى هعملها ومهصونش دم وقرابة
غادر المكان بعد أن ترك مؤقت قنبلته يبدأ فى العد التنازلى فى قلوبهم مما سيفعله بهم لتجلس “فاتن” على الأرض ببكاء شديد وترتجف خوفًا ثم قالت:-
-أنا لازم أنبه خالد وأعرفه اللى بيعمله نوح عشان يتصرف زين.. بس كيف لازم أجيب التليفون من أوضتى لكن كيف...
____________________
وقفت “عليا” مع “عمر” فى الحديقة فسألته:-
-عملت كدة ليه يا عمر؟
تبسم “عمر” بلطف وقال:-
-متقلقيش يا عليا وسيبيها عليا أنا هخلى نوح يرضي حتى لو أتشقلبت
عقدت ذراعيها أمام صدرها بغرور مُصطنع وقال:-
-هتعمل المستحيل عشانى.. هتعمل أيه؟
أخذ يدها فى يده وقال:-
-أنا مش هفرط فيكى يا عليا زى ما قولت لنوح
أبتسمت “عليا” بخجل إليه لكن صُدما الأثنين عندما جذبت “عهد” يد اختها من يد “عمر” وقال “نوح” بجدية صارمة:-
-وأنا جولت مفيش جواز إلا لما أوافج وعندينا أهنا مفيش رجل بيمسك يد حرمة أكدة ويجف يحب فيها، خديها يا عهد على أوضتها وأجفلى عليها زين
أتسعت عيني “عليا” وهكذا “عمر” لتبتسم “عهد” بخبث شديد وتأخذ أختها بالقوة للغرفة وتغلق عليها فنظر “نوح” إلى “عمر” وقال:-
-عن أذنك يا أستاذ
ذهب “نوح” للمنزل وهو يبتسم ثم صعد إلى غرفته ورأى زوجته تقف بغرفتها فتبسم “نوح” قائلًا:-
-عهدى
أستدارت “عهد” إليه بسعادة ليفتح ذراعيه إليها فركضت إليه تعانقه بحب فهمس بأذنيها بعفوية قائلًا:-
-أنا بس اللى أحضن أهنا ما دام حلالى انما هم لا
تبسمت “عهد”إليه وهى ترفع نظرها إليه ويديها تلف حول خصره فقالت:-
-هتعمل أيه؟ هتوافق
ضحك “نوح” بقوة وهو ينظر إليها ثم قال:-
-لتكونى فاكرة أنهم مستنيين رأيكى بجد أنا بس بشد عليهم لكن بموافجتى أو لا هيتجوزوا يا روح قلبى
ضحكت “عهد” بسعادة ثم قالت:-
-عارف يا نوح أنا مبسوطة أوى لأن عليا رجعت حتى لو عشان هتتجوز بس على الأقل الزعل راح بعيد عننا
مسح “نوح” على رأسها ثم قال بحنان:-
-ربنا يسعدك كمان وكمان يا حبيبة قلبى ويجدرنى يا عهد وأسعدك العمر كله وأشوف دايمًا ضحكتك منورة وشك أكدة
أستدارت تقف خلفه لتنزع عباءته عن أكتافه وهى تقول:-
-طول ما أنت معايا وجانبى أنا أسعد واحدة فى الكون كله يا نوح
ألتف “نوح” إليها ببسمة مُبهجة ومُشرق فنزعت عمامته عن رأسه ثم جلست على الأرض وجلبت أناء كبير ووضعت به الماء ثم وضعت قدمه لتضعها بالماء فأندهش “نوح” من فعلتها فقالت:-
-بتبص لي كدة ليه؟
لم يُجيبها وتركها تفعل ما تريد ثم وقفت “عهد” لكى تجلب له ملابس ليغير عباءته فمسكها من يدها وجعلها تجلس جواره على الفراش فنظرت إليه بحُب يفيض من عينيها ليرفع يديه يبعد خصلات شعرها الأسود ويضعه خلف أذنيها فقالت:-
-نوح أتلم
قالتها بخجل وهى تدفع يده بعيدًا عنها ليضحك “نوح” عليها وقال:-
-مش عيب أكون الكبير ورجالة بشنابات بتجف لي وتيجى أنتِ تجوليلى أتلم
عقدت ذراعيها أمام صدرها بغرور من مكانتها فهولاء الرجال ليس إلا أغراب أم هى فليس أحد بقربها إليه وقالت بكبرياء:-
-هم الرجالة اللى بشنابات دول هيبقوا أم ولادك يعنى
حدق بها بسعادة هائمًا بجملتها ثم قال بخفوت:-
-والله نفسي يا عهد فى عيل واحد منك وتكونى أنتِ أمه مهيفرجش عندى ولد ولا بنت جد ما هيفرج أنك تكونى أمه ويكون منك
تبسمت “عهد” بخجل ثم قالت:-
-خلاص أدعيلى وأنت بتصلى الفجر كل يوم أطلع حامل
نظر للأعلى وهو يدعو بأن تتحقق أمنيته وأن يكن أب لطفل منها فقط...
______________________
توتر “خالد” بعد أن هدده “نوح” بوالدته وأخواته البنات بأن ينتقم منهم وزاد قلقه بعد أن تغيبت والدته عن الاتصال به على غير عادتها كانت تُحدثه يوميا فى المساء فأرسل أحد الرجال إلى المنزل ليعود ويخبره بأن “نوح” سجنهم فى المنزل فأشتغل الغضب بداخله وجمع الرجال بالأسلحة ثم قال بغضب سافر قبل أن يصعد لسيارته:-
-إحنا مهنرجعش إلا بأمى وأخواتى وأى حد يجف فى طريجكم أجتلوا مش مهم واللى يصادف نوح ويجتله له الحلاوة منى
صعد الرجال بحماس إلى سيارتهم وصعد “خالد” إلى أحد السيارات وتحركات سبعة سيارات مُتجهين إلى منزل عائلة الصياد....
الفصل الثامن عشر (18)
___بعنـــــوان "رصاصــة انتقام"___
كانت “عليا” سجينة غرفتها بغضب سافر من هذا الرجل زوج اختها الذي يمارس قوته عليها وهى ما زالت لا تقبل بوجوده في حياتها..
حمل “عمر” سلم خشبى ويسير نحو شرفة الغرفة ويقول بأغتياظ شديد:-
-هو فاكر أنه هيمنعنى ولا أيه يبقى ميعرفش أنا مين
وضع السلم على الحائط وصعد عليه حتى وصل أمام الدرج ودق الشرفة، تعجبت “عليا” من الطرق على الشرفة ثم فتحت الباب لتُدهش برؤيته وأنفجرت ضاحكة وهى تنظر على السلم بالأسفل وقالت:-
-هههه أيه اللى بتعمله دا؟
تشبث “عمر” بسور الشرفة بذراعيه وهو ينظر إلى عينيها بسعادة ثم قال:-
-هو جوز اختك فاكر أن هو هيقدر يمنعنى ولا أيه، أنا قولت أنى هعمل المستحيل عشانك
ضحكت “عليا” بخجل شديد رغم ترقص قلبها فرحًا بما فعله “نوح” فولا فعلته ما كانت أدركت بجنون “عمر” وحبه إليها فتبسمت وهى تتكأ بذراعها على السور وقالت بلطف:-
-ودا بقى المستحيل اللى هتعمله
رفع “عمر” يده ليقربها إليها فأعتدلت في وقفتها وصاحت به وهى تقول:-
-عمر أتلم
أنزل يده إلى السور من جديد وقال بزمجرة :-
-أتلمت اهو لما أشوف أخرتها معها
___________________
جلست “عهد” جواره على الأريكة وهو يحيط بذراعه واليد الأخر تمسك يدها بلطف فهتفت “عهد” بنبرة دافئة ناعمة:-
-عاوز أقولك حاجة يا نوح بما أنك رايق وهادى بس وحياتى متتعصبش
ترك يدها ليبعد سيجارته عن فمه بأنامله ثم نفث دخانها بالجهة الأخرى وقال:-
-الحاجة دى بخصوص مرت عمى وبناتها
نظرت “عهد” إليه بدهشة ثم قالت:-
-أنت عرفت منين؟
أطفأ سيجارته ثم عاد إليها يداعب خصلات شعرها وعينيه تحدق بوجه حبيبته ثم قال:-
-أنا بجيت حافظك يا عهد وخابر زين أن قلبك الطيب مبيرضاش بأذيتى حد حتى لو الحد دا أذاكى ووجعك هتغفرى، بس مرت عمى ما هتطلعش من هنا يا عهد
ألتفت “عهد” إليه بلطف مُتحكمة بغضبها وعِندها ثم قالت بلطف:-
-أنا عايزة أعيش معاك بسلام يا نوح من غير خوف وقلق
أومأ لها بنعم وعينيه تحتضن عينيها بحُب يحترق بداخله ثم قال:-
-لأجل عيونك يا عهدى أبيع العالم كله
تبسمت إليه بلطف ثم وضعت رأسها على صدره ليطوقها بذراعيه وهو يستنشق رائحتها ويديه تمسح على شعرها والدفء الذي يشعر به كأنه أمتلاك سلام العالم كله بين ذراعيه بوجودها، عبيرها وعطرها بمثابة الإدمان الذي غرق به ولا ينوى الأقتلاع عن إدمانها أبدًا، همست “عهد” وهى تستكين بين ذراعيه قائلة:-
-أنا لأجل عيونك ولحظة واحدة من عمرى بكون فيها معاك أبيع حياتى كلها، كل مرة بتمنى الوقت يقف هنا فلحظتنا دى
أجابها “نوح” وهو يمسح على شعرها بلطف:-
-من غير ما يوجف يا عهدى أنا جارك العمر كله
تبسمت “عهد” عليه بسعادة ثم تسللت من حضنه لترفع رأسها إليه وتتقابل أعينهما وهى تضع يديها على وجنته تداعب لحيته وهو يغمض عينيه مُستسلمًا إليها بهيام وغارقًا في بئر عشقها إلى النهاية ولا سبيل له بالصعود والخروج من بئرها، كانت “عهد” تحدق بها بشغف وحُب ثم تحدثت إليه وأناملها تتداعب لحيته:-
-عارف يا نوح أنا نفسي نخلص من الصراعات دى ..
فتح عينيه لكى ينظر إليها عندما بدأت بالحديث وتطلع بها بلطف مُستمعًا وهى تتابع الحديث بنبرة دافئة:-
-وأخدك ونسافر بعيد حتى لو يومين أتنين ننسي كل القلق فيهم، نفسي ألبس لك فستان أبيض بجد ونعمل فرح تانى بس فرح بجد أكون عروستك مش مجبورة عليك، نفسي أجيب بيبى جميل منك وشبهك، وأعيش معاك لحد ما أكبر وأبقى عجوزة وسنانى تقع وبعدين أنام بين أيدك نوم طويل وروحى متطلعش غير بين أيدك وتكون أخر واحد عينى تشوفه و..
وضعت سبابته على شفتيها ويده الأخر تتشبث بيدها الموجودة على وجنته ثم قال بلهفة وذعر:-
-ألف بعد الشر عنك يا حبيبة قلبى وعمرى كله
تبسمت “عهد” بحُب شديد وهى تحدق بعينيه وهم يتلألأ ذعر من تخيله للحظة رحيلها وقالت:-
-الشر بالنسبة ليا يا نوح أن روحى تفارقنى وأنت بعيد عنى، وبعدين متخافش يا حبيبى أنا مش همشي وهسيبك ورايا لأن دا هيكون وجعى الأكبر وكل ما الموت يجي ليا هحاربه عشانك أنت وبس
رفعت جسدها برفق لتضع قبلة على جبينه بحب ثم تبسمت بعفوية وقالت بمرح:-
-متخافيش أنا هجبلك فريق كورة يلعبوا حواليك وتكبرهم وتجوزهم
عانقها بقوة وكاد أن يعتصر جسدها بين ذراعيه وهى تشعر من قوته أن جسدها على وشك أختراق صدره من قوته فضحكت عليه ثم نفث بلطف أنفاسها في أذنيه ليترك أسرها واضعًا يده على أذنها لترك من أمامه فنظر إليها وهو يقف:-
-مش هتعجلى يا عهد
قهقهت ضاحكًا عليه ثم قالت:-
-نتفق إتفاق لو مسكتنى هعملك أي حاجة تطلبها
تبسم بمكر وهو يمسك طرف عباءته ويذهب خلفها ثم قال:-
-أي حاجة يا ريت مترجعيش في حديدك ويايا
ضحكت بسعادة وهى ترفع أطراف فستانها الأصفر الطويل رغم فضفاضته وبكم واسع يأخذ شكل رقم سبع، تطلع بها وهى تركض هنا وهناك كفراشة تتطاير بدلالية وسعادة وشعرها المسدول بحرية دون أي قيود يتطاير معها ثم قالت بسعادة وهى تلهث من الركض:-
-أستسلم يا نوح لأنى مش هخسر
كان يركض خلفها حتى وقفت في زواية الغرفة خلف الأريكة مُحاصرة ليصعد “نوح” بركبته على الأريكة وقال:-
-أنا مهستسلمش واصل
نظرت حولها على طريقة للهرب ثم قالت:-
-مش جنتلة على فكرة أنك تخسر مراتك
جذبها “نوح” من خصرها بقوة لتلتصق بالأريكة فخرجت منها شهقة قوية من قوته ثم قالت بأرتباك وتوتر خجلًا من فعلته لتقول:-
-نوح.. أنت مش هتعمل حاجة
رفع يده الأخر ليضعها على وجنتها يرجع خصلات شعرها للخلف على ظهرها ثم تسللت إلى عنقها لتشعر بقشعريرة في جسدها وتنفست بأرتباك أنفاس تداعب وجهه فقالت بتلعثم ربكتًا منه وخجلًا:-
-عيب يا نوح
تبسم بعفوية على هذه الزوجة فنظر إلى عنقها وتسللت يده إليه ليشعر بنفضة جسدها ربكتًا منه ثم رفع نظر إليه وقال:-
-أنتِ اللى جولتى هتعملى أي حاجة
كانت تحدق به وهى تعلم بأنه ينتصر عليها بألقاه سحر عشقه عليها فتبسمت إليه بخبث وهى تفكر كيف تنتصر وتهرب منه فرفعت يديها إلى وجنتها تلك اللمسة التي عشقها عندما تداعب لحيته بأناملها فقالت بلطف:-
-ومقدرش أعمل حاجة غير كدة
أرخى يده عن خصرها ونظر بها هائمًا بها العشق ورقتها التي تأسره، رأها تقترب إليه ليغمض عينيه بأستسلام إليها لتبتسم بسعادة عارمة وفرت هاربة منه بعد أن دفعته بخفة ليسقط على الأريكة وفتح عينيه غاضبًا من فعلتها وهى وقفت فوق السرير وتضحك بقوة وهى تمسك بطنها وقلبها من كثرة الضحك وكادت أن تسقط من قهقهتها، قبل أن يقف “نوح” دق باب الغرفة بهلع وطرقات قوية لتتوقف “عهد” عن الضحك ويقف “نوح” بأعتدال ووقار ليفتح الباب فرأى والدته تقف بذعر وخوف...
_____________________
رأت “عليا” السيارات تقتحم المنزل وتكسر البواب وصدمت بعض الغفر لتفرغ ثم ساعدت “عمر” في تسلق السور والدخول للغرفة ليكسر لها باب الغرفة وخرج وهى خلفه تحمل ابنها بين ذراعيها فقابل “نوح” يخرج من غرفته بغضب سافر بعد ان أخبرته والدته بحضور “خالد” وهجومه على المنزل، كان يرفع عباءته قليلًا بيده ويترجل الدرج ثم قال:-
-خليكى أهنا يا أمى وخلى عهد وياكى
ترجل الدرج ليركض “عمر” خلفه ففزعت “عليا”، نزل “نوح” للأسفل ليرى “خلف” يدخل بهلع شديد وهو يقول:-
-يا نوح بيه..
قطعه “نوح” بغضب وهو يمر من أمامه للخارج دون خوف أو ان ترجف له عين بل كان غضبه كالبركان الذي وصل إلى درجة غليانه وعلى وشك الأنفجار، خرج للخارج ووقف أمام باب منزله ليرى السيارات تقف جوار بعضها مُحاصرين منزله ترجلوا من سياراتهم ووقفوا مصوبين أسلحتهم على المنزل، وقف “نوح” دون خوف وحدق بوجه “خالد” بأشمئزاز وغضب ليقول:-
-أمى وأخواتى فين يا نوح
وضع “نوح” يديه خلف ظهره ببرود شديد ثم قال بأستفزاز:-
-وأنت بجى جاى تأخد عائلتك الكريمة بالمطاريد.. جر أيه يا همام مخايفش على حالك أنت ورجالتك، هملت الجبل ونزلت اكدة
تحدت “همام” رئيس المطاريد بنبرة قوية غليظة:-
-مالكش صالح يا ولد الصياد، أنت دلوجت من باب أولى تجلج على حالك وحالى أنا أدرى به
تبسم “نوح” بسخرية وهو يمسح لحيته بيده بغضب كامن ثم قال:-
-عندك حج أنا أكدة خوفت وركبى سابت، هجبلك حريمك يا ولد عمى
دخل للمنزل لينظر “خالد” إلى “همام” ورجال بأنتصار، دلف “نوح” للمنزل ورأى “سلمى” تقف بصحبة زوجته و”ليلى” أم “عليا” كانت تقف في الأعلى تنظر بخوف، تحدث “عمر” بجدية وهو يدخل مع الجميع إلى غرفة المكتب يقول:-
-أدي له عائلته يا نوح دول حريم برضو
لم يُجيبه “نوح” بل وصل أمام خزينة المكتب وفتحها ليخرج سلاحه من الخزينة ويقف يضع به الرصاصات لتفزع “عهد” وهى تلتف حول المكتب إليه وقالت بذعر:-
-أنت بتعمل أيه؟
وضع خزينة الرصاصات في السلاح وهو يصيح بها بغضب سافر :-
-هم دول يا عهد اللى عاوزنى أسامحهم وأغفر لهم، جايب مطاريد ومجرمين على بيتى دفعها بعيدًا عنه وخرج لتصرخ “سلمى” وهى تقول:-
-أستن يا ولدى
خرج إليهم وهى يتطلق الرصاصات في الهواء ثم قال:-
-ورب العزة لو مطلعتوا من دارى حالًا لأطلعكم من الدنيا كلتها
قبل أن يرفع أحد أسلحتهم في مواجهته سمعوا طلق الرصاصات من الخلف وسيارات تقتحم المنزل ليترجل “عطيه” منها هو ورجاله ويقول بغضب سافر:-
-جرا أيه يا شيخ همام المرة اللى فاتت جولت مكنتش تعرف طب النهاردة حجتك أيه
كان يتحدث وهو يعبر من بين السيارات ورجاله يفصحوا الطريق إليه حتى وصل إلى “همام” ولف ذراعه حول رقبة ابنه وجذبه وهو يسير إليهم وقال:-
-أبوك شكل كبر وخرف يا واد عشان ينزل من الجبل ويدخل على بيت الكبير
شد على رقبة هذا الشاب وقال:-
-مش تعجل أبوك يا ولد همام وتفهمه أن من خرج من داره أتجل مجدره وأبوك كيف البهيمة مسحوبة وراء خالد
صاح “همام” بأغتياظ شديد وهو يقول:-
-أبلع لسانك يا عطيه جبل ما أفجر نفخه
أخرج “عطيه” مسدسه من جيبه وصوبه في رأس ابن “همام” بانفعال، تحدث “نوح” بأختناق شديد وهو يقول:-
-لستكم واجفين
دفع “عطيه” الشاب إلى والده بقوة ليتابع “نوح” حديثه قائلًا:-
-أنا خابر زين اللى هيفوجكم
كاد ان يطلق النار عليهم هذه المرة ليهرب الرجال ولم يبجى سوى “خالد” فتبسم “نوح” بسخرية وهو يقول:-
-خلف هات له حريمه .. ودا كرم منى يا ولد عمى مش خوف لأن اللى اتحميت فيهم كيف الحريم اللى هجبهملك دلوجت هربوا وهملوك لحالك
دلف للداخل ومعه “عطيه” ووضع السلاح على الطاولة وسار للداخل فرأى “أسماء” و”حورية” يغادرون مع “فاتن” خلف “خلف” حدقت “حورية” به بأغتياظ ليمسكها من شعرها بقوة وقال:-
-مش جولتلك مهتطلعيش من اهنا إلا لما مرتى تأخد حجها منك
تحدثت “عهد” بضيق شديد وذعر بعد أن سمعت طلقاتك النار قائلة:-
-سيبها يا نوح أنا مش عاوزة منها حاجة
جذبها بقوة لتقف أمام “عهد” وقال:-
-أعتذرى منها لأن كسر كبريائك يا حورية هو اللى هيكسرك
تشنجت “حورية” بغرور شديد أمامها وهى تتحاشي النظر بـ “عهد” ليدفع “نوح” رأسها للأسفل لتنحنى امام “عهد” مما أثار غضب “حورية بشدة وقال:-
-هتعيش عمرك كله يا حورية تفتكرى أنك ركعتى جدام مرتى من أعمالك
دفعها بقوة بعيدًا لكى تغادر فأستدار يعطي الجميع ظهره لتسير “حورية” للأمام والجميع يتطلع بها بحزن وسارت “سلمى” إلى ابنها وقالت:-
-ميصحش اللى عملته يا نوح ...
قطع حديثها صوت طلقة نارية خرجت من سلاحه فألتف “نوح” بغضب من أطلاق النار ليُصدم عندما ألتفت “عهد” إليه بضعف وكان فستانها الأصفر تحول بأكمله إلى اللون الأحمر بعد أن تلقت الرصاصة من “حورية”، رصاصة مليئة بالغضب والكره أفزعت الجميع وأتسعت عيني “عليا” على مصراعيها من الأعلى بعد رؤية أختها تقابلت مع الموت وهكذا “ليلى” التي ذعرت من رؤية صديقتها، نظرت “عهد” إليه بذعر خائفة وتتألم لتسقط أرضًا غارقة في بركة دمائها بينما هرع “نوح” إليها بفزع وسقطت أرضًا جوارها وهو يحمل رأسها عن الأرض ووضع يده على صدرها محاولًا كتم شلل الدماء ودمعت عينيه بهلع وهو يقول:-
-لا .. عهد
مسك “خلف” يدها وأنتزع السلاح منها هو ورجاله وهى تصرخ بهلع شديد:-
-وأنا كمان جولتلك أنى هحرج قلبك عليها يا نوح وهأخد حجى.. دا حجى
كانت تنتفض بين ذراعيه بضعف وترتعش فتشبثت “عهد” بيده بخوف شديد من الفراق رغم الألم التي تشعر به في صدرها يُشعرها بأن روحها تفارق جسدها فتحدثت والدماء تسيل من عينيها:-
-أنا لسه محققتش حاجة من أحلامى معاك يا نوح..
أزدردت لعابها بضعف لينتفض صدرها للأعلى بقوة بين يديه فتحدث “نوح” بخوف:-
-متحدديش يا عهد
أغمضت عينيها بقوة وضعف ثم تابعت حديثها ببكاء مُتألمة:-
-أنا كنت عاوزك تشوفنى بالفستان الأبيض مش الكفن
أجابها ببكاء شديد قائلًا:-
-لا يا عهد لا أنتِ جولتى ما هتهملنيش لحالى وراكى
أتصل “عطيه” بالإسعاف والجميع يبكون بحزن شديد وخوف بينما تركض “عليا” على الدرج بأنهيار لتُتمتم “عهد” وهى ترفع يدها إلى وجنته بضعف:-
-بس على الأقل ربنا حقق لى أمنية واحدة.. أنى أموت بين أيدك ...وتكون أخر واحد تشوفه عينى
ضغط بيده على جرحها والدماء تسيل بغزراة من بين أنامله والدماء تتساقط من عينيه بخوف من فراقها ثم قال:-
-لا يا عهد ما تهملنيش لحالى يا حبيبة قلبى وعمرى، الله يخليكى يا عهدى خليكى جارى
تبسمت بألم وهى تلتقط أنفاسها بصعوبة وقالت:-
-أوعى تنسانى يا حبيبى ماشى
وصلت “عليا” إليهما وهى تترك طفلها وتحتضن أختها بخوف من فراقها وخسارتها لتقول:-
-عهد لا والنبى أوعى تمشي وتسيبنى
ضحكت “عهد” رغم ألمها وقالت:-
-وأخيرًا شوفت الحُب في عينيك يا عليا
بكت “عليا” بأنهيار شديد وهى تقول:-
-والله بحبك حتى لو قسيت عليكى أنتِ بنتى اللى مخلفتهاش يا عهد
شعرت “عهد” بضعف أكبر وكان قد حان الوقت للرحيل فقالت بصوت مبحوح مُتقطع:-
-وانا ..بحبك..
نظرت إلى “نوح” الباكى وهو مُتشبث بها بأنهيار وقالت بضعف:-
-وبحبك يا نوح لأخر نفس فيا يا حبيب قلبى ...
رفعت يدها ببطيء شديد لكى تتشبث به فنظر “نوح” إلى يدها ورفع يده عن جرحها رغم أنها غارقة بدمائها لكن قبل أن يلمس يدها سقطت فوق صدرها ومالت رأسها إلى صدره بعد أن أغلقت عينيها مُعلنة عن وقت الرحيل والفراق لتصرخ “عليا” و”ليلى” بذعر وهو يحدق برأسها مُصدومًا وغير مُصدق ما حدث وشعر بأن يده شلت مكانها فلفظ أسمها بصوت مبحوح قائلًا:-
-عهد.....