رواية نيران الغجرية الفصل الخامس والعشرون25 والسادس والعشرون26بقلم فاطمة أحمد


 رواية نيران الغجرية الفصل الخامس والعشرون25 والسادس والعشرون26بقلم فاطمة أحمد

الفصل الخامس و العشرون : دمار شامل.
________________

" كلما كان الحب قويا ... كلما كان الجرح أعمق ...
و كلما كان الجرح أعمق ... كانت ردة الفعل أقسى "

فتحت باب الشقة و دخلت بخطوات متثاقلة ، ووجه ذابل تناقض مع حالته الظاهرية منذ ساعات.
روحها مختنقة و غير مبالية لدرجة أنها لم تكترث إلى الصحافة التي كانت تلتقط صورها أثناء مغادرتها القصر و إلقاء أسئلة غبية عليها ، ولا بالحراسة التي كانت تتبعه ...
ولا حتى بالبواب الذي كان يرشقها بنظرات منصدمة و فضولية عندما أدرك أنها غادرت الشقة بدون أن يلاحظها. 

لم تعد تهتم بنظرات الآخرين ولا بكلامهم ، عاشت ما يكفي من عمرها وهي متخوفة من الناس حتى استنزفت طاقتها ، جُرحت كرامتها و خُذلت ثقتها و تعرضت للغدر بما يكفي ، و الآن ستعيد رص قطع الشطرنج ، و الخطوة الأولى قامت بها بالفعل ! 

فضيحة من العيار الثقيل ضربت بها عائلة البحيري حتى أردتهم في مقتل ، صعدت على المنصة و كشفت الزواج السري لإبن رجل الأعمال و صاحب حفل الزفاف ،كشفت زيف السمعة التي يتحلى بها عمار البحيري و أوقفت الزواج بأكثر الطرق إذلالا فجعلت وجوههم تقطر حرجا. 

كل شيء كان مخططا له ، بداية من طريقة ظهورها و تمثيلية خضوعها حتى تسللها من الشقة و إقتحام الحفل بدعوة مزيفة.
لقد بدأت تخطط و تربط الخيوط ببعضها منذ إعلان خطوبته على إبنة عمه قبل حوالي سنة ...
عادت إلى القاهرة و قصدت دخول المطعم الذي ذهب إليه عمار و ندى كي يراها الأخير و يبحث عنها فيجدها و يعنفها لترسم له الوجه الخائف و الضعيف ، خدعته زاعمة رضوخها لسلطته عليها و جعلته يتوهم حبها له و في النهاية فضحته إمام مئات الحضور.
و لكن .... هي ليست سعيدة !

بعد كل ما فعلته لا تزال روحها مجروحة .... لا يزال قلبها متضررا.
رفعت مريم رأسها لمرآة طاولة الزينة تناظر صورتها فصدمت مما رأته ، عينين ماطرتين بدموع الكحل الأسود.

ليست دموع ضعف ، بل دموع قهر و نقمة و غضب ، غضب من هيأتها التي كرهتها بسببه ، و كره و حقد ملآ قلبها حتى فاض.

إسترجع عقلها بتلقائية صورة عمار و هو يجلس في المطعم مع خطيبته و يقبل يدها ، ثم وهي تتأبط ذراعه متألقة بفستان الزفاف فيلقي لها إبتسامات لم يكن للأخيرة نصيب منها يوما ...
ثم إنقطعت الذكرى و بزغت مكانها أخرى لعمار وهو يهينها و يكسر كبرياءها بعدما أخبرته بأنها تحبه و طلبت منه إعلان زواجهما ... و المقطع الذي ظهر فيه يخونها مع إبنة عمه التي كان يقبلها على السرير وهو عاري الصدر .. ثم ..

وضعت مريم يدها على صدرها شاعرة بالإختناق وقد تعذر عليها التنفس ، الذكريات إنهالت عليها بدون رحمة لتحرق روحها مجددا كالسابق ، و لكن هذه المرة كانت تعد نفسها برد الصاع صاعين لكل من أذاها ، إلا أن هذا لم يكفي لمحو صورة الخائن الذي وقف يسألها بكل دناءة عن سبب فعلتها ...

و كأنه بريء و لم يسلب منها أغلى ما تملكه ، حتى في هذه الليلة إستمر في لعب دور الرجل الشهم فمثَّل أمام الجميع أنه يحميها من كاميرات المتطفلين عندما اعترضوا طريقها أثناء مغادرتها للقصر ، بل و حماها أيضا من تهجم والد و والدة العروس عليها ...

و كأنه ليس هو نفسه من سممها و قتل طفلها !!!
توحشت عينا مريم و رفعت يديها نحو وجهها تمسح دموعها الملطخة بالكحل ، قبل أن يتلبسها الجنون و تشرع في مسح زينتها و نزع إكسسواراتها و الخاتم بنقمة هستيرية فجرحت أصبعها بحركتها العنيفة.

إنهالت مريم بذراعها على مستحضرات التجميل المرصوصة على طاولة الزينة مفرغة فيها ولو قدرا يسيرا من ثورة مجنونة تسلطت على روحها مطلقة صرخة أنثوية غاضبة ...

تلتها عدة صرخات حادة مقهورة و هي تضطر لتعرية جوارحها و تمزيق جرحها الذي لم يندمل أمام صديقتها التي دخلت إلى الغرفة حين سماع صوت التحطيم.
إنتفضت هالة عندما رأت حالة مريم و ذهبت تحتضنها فأسدلت الأخيرة رأسها على كتفها صائحة بحشرجة :
- جاي يسألني ... هو عمل ايه لكل ده .... اتخيلي بيسألني بكل وقاحة انا عملت كده ليه و بيلومني ... عمل نفسه خايف عليا من عيلته و وقف قصاد مرات عمه لما حاولت تتهجم عليا ... ازاي عمار قادر يمثل على الناس للدرجة ديه ... ازاي قدر يعمل فيا كده ويخونني و يقتل إبنه بإيده ! 

انتحبت مريم حتى بح صوتها و غطت الغصة في حلقها على بقية الكلام فإبتلعت حروفها و اكتفت بإصدار الشهقات ...

أما هالة فكانت تربت عليها و هي تفكر ، ما قامت به مريم لم تكن تتخيل يوما أنها ستقدم عليه حتى في أحلامها ، ألقت قنبلة وسط الحفل و غادرت تاركة النيران تشتعل خلفها غير آبهة ...

و ربما لو لم تشاركها هي في الخطة بنفسها لما كانت ستصدق ، غير أنها رأت بعينيها تحول مريم الهشة للنقيض تماما ، و هذه الدموع التي تهطل من عينيها ليست دموع قهر بقدر ما هي دموع كره و غضب !!  

بعد دقائق كانت مريم تطل من الشرفة بملامح وجه جليدية و هالة تعبث في هاتفها حتى هتفت :
- السوشيال ميديا مقلوبة من الفضيحة و اسم عيلة البحيري قرب يتصدر التريند ده الفيديو وانتي بتتكلمي لوحده قرب يكسر الرقم القياسي في فترة قصيرة. 

لم تحرك مريم رمشة من عينيها وهي تحدق في تلافيف الظلام حولها بل أخذت نفسا عميقا محدثة نفسها " هذا لا شيء لحد الآن ، مازلنا في البداية " 

إلتفتت الى صديقتها القابعة على الكرسي تتصفح مواقع التواصل و قالت :
- هما اكيد هيحاولو يحذفو الفيديو و يمنعوه يتنشر اكتر انتي خدتي نسخة منه صح. 

- ايوة انا خدت كل الاحتياطات و زي ما قولتلك انا بعرف صحفية جريئة كده مبتخافش من حد هتعمل كل اللي تقدر عليه علشان الموضوع ميتقفلش و كمان انا اتكلمت مع كام جمعية و منظمة و اشتكيتلهم ع اساس انك اتخدعتي في الجوازة و اتحبستي و اتعرضتي للعنف الزوجي و طلبت منهم ينقذوكي و ياخدو حقك من عمار البحيري.

ثم أكملت وهي تشرح فكرتها :
- صحيح مفيش دليل يثبت كلامنا بس كفاية السمعة اللي هتطلع عليه و على ما يثبتو عكس إدعاءاتنا هياخدو وقت ...
 و هيخافو يتعرضولك عشان ميقعوش في الفخ.

قاطعتها مريم وقد لمعت عيناها بوميض حقد :
- الوقت اللي هياخدوه عشان يثبتو عكس كلامنا هيبقى كفاية عشان سمعتهم تتضرر اكتر ، و أكيد تركيز الإعلام عليهم هيخليهم يخافو يقربو عليا ، المهم دلوقتي لازم ابقى مستعدة لما عمار يجي هو اكيد مش هيسكت بس انا كمان مش هستسلم ولا اضعف .... لازم اكمل اللي بدأته ولما اخلص هرجع للمكان اللي كنت فيه طول الفترة اللي فاتت. 

برطمت بآخر جملة بغموض ثم إنتبهت إلى هالة التي تمتمت :
- أقالك حاجة يا مريم ؟ انا لسه مش مصدقة اللي عملتيه و ازاي قدرتي تقلبي سعادتهم لمصيبة .... انتي دمرتيهم !! 

- مكنتش هقدر اعمل كل ده لوحدي من غير ما تساعدوني خاصة انتي لولاكي مكنتش هقدر اطلع من الشقة. 
هتفت مريم بإمتنان تماهى مع شرودها في ماحدث منذ ساعات ... 
Flash back 

( بعد مغادرة عمار الشقة استعادت مريم ملامح وجهها التي أخفتها خلف غطاء الحزن و الهشاشة و نهضت تستل الهاتف الذي ربطته بشريط سميك حول ساقها ، طلبت رقما معين و هتفت بعد فتح الخط :
- الخطة ماشية صح لحد دلوقتي انا قدرت اضحك على عمار وهو شبه صدقني و قال هيرجع عشان يفهم مني بالتفصيل انا كنت فين. 
اعملي زي ما اتفقنا يا هالة و اوعى يشكو بيكي عمار اكيد حذر البواب و هيبعت واحد يقف قدام باب الشقة اطلعي قبل ما يوصل.
- متقلقيش انا تحت العمارة و شايفة عمار وهو بيركب عربيته و بيكلم حد ع الموبايل مش هيلحق. 

عدلت هالة وضع النقاب و اقتربت من حارس المبنى موهمة إياه انها عاملة جديدة لإحدى العائلات هنا و لحسن الحظ كان الأخير مشغولا بتنفيذ أوامر عمار الصارمة بعدم السماح لمريم بالخروج فلم يدقق معها. 

صعدت هالة إلى الشقة و دخلت بسرعة لتعطي كيس اللوازم لمريم هامسة بجدية :
- بطاقة الدعوة المزيفة اللي قدرت واحدة صاحبتي تعملها و القناع و الفستان و الميكاب و كل اللي بتحتاجيه هنا خدي بالك من نفسك ولو حسيتي بأي قلق و حبيتي تتراجعي اتصلي بيا وانا هجيب اخويا و اجي عشان ناخدك ماشي ؟ 

هزت رأسها بثبات فسألتها الأخرى بعدما لاحظت أنها تحمل شيئا يلمع :
- ايه اللي ف ايديكي ده ؟ 

- الدبلة اللي جابهالي عمار زمان انا لقيتها في الدولاب هتنفعني و قسيمة الجواز كمان اهي. 

تنهدت هالة بتوتر ولكنها إختارت ان تثق بصديقتها فأومأت بمساندة ثم نزعت النقاب و أعطته إياها لكي ترتديه. 

حملت مريم الكيس و نظرت لها لآخر مرة قبل مغادرتها :
- لو جه حد و كلمك ردي عليه على اساس انك انا و متخرجيش لحد لما ارجع انا تمام ؟ 
تمام. 

أغلقت مريم الباب و غادرت المبنى متوجهة لإحدى الفنادق الكبيرة دخلت إلى الحمام و ارتدت الفستان و زينت نفسها ثم خرجت بهيأة غجرية تشع أنوثة و وجهتها القادمة محددة .... )
Back

قطعت حبل أفكارها و استطردت :
- العيلة ديه هتحاول توصلي أكيد انا لازم ابقى مستعدة عشان محدش يحاول يأذيني لما اواجههم .... و عمار طبعا هيجي هنا علشان يحاسبني ده اذا قدر يطلع من بيته.
- و هتطلبي الطلاق منه ؟ 

إنعقد لسان مريم للحظات قبل ان تحمحم بإيجاب :
- هو هيطلقني اكيد من غير ما اطلب منه لأن عيلته هتخليه يعمل كده بس هاخد منه تعويضات كبيرة هعمل كل حاجة عشان اخد اللي وراه و اللي قدامه. 
- و هتقدري تعملي كده بجد ؟ اقصد عيلة البحيري ديه مش سهلة و ممكن متطوليش مليم واحد. 

ابتسمت مريم كأنها كانت تتوقع طرحها لهذا السؤال و ردت عليها بدهاء :
- كل ما كانت العيلة ليها مكانة مهمة في المجتمع كلما خافت على سمعتها و انا هستغل الاعلام عشان اكسب اللي انا عايزاه و كمان عمي كتب مؤخر كبير جدا في القسيمة يوم كتب الكتاب على اساس لو حب يطلقني فيوم من الايام يلاقي صعوبة ... 
وبما ان عمار بقى واجب عليه يطلق ف اكيد ملزوم يدفع و ده اللي انا عايزاه هاخد كل اللي من حقي و هكسب في الاخر.
بس اهم حاجة دلوقتي اني استفزهم لدرجة يحاولو يعملولي أي حاجة طبعا انا هبقى واخدة احتياطاتي عشان متضررش بس الناس هتشوف ان إدعاءاتي صحيحة و هيصدقو كلامي لما اقولهم اني اتعرضت للعنف و التهديد من عمار.

ثقتها الزائدة في نفسها و هوسها الأعمى بالإنتقام أصبح يقلق هالة بعض الشيء و يثير حفيظتها ، فتسرع مريم ينسيها من تكون عائلة البحيري ، و ينسيها أن من إستطاع إخفاء زواجه لسنوات حتى عن والديه لن يجد مشكلة كبيرة في التخلص منها لو أراد.
و كما قالت مريم مسبقا فإن عمار هو من أرسل الشوكولاطة إلى شقتها قاصدا تسميمها للتخلص من الجنين ، اذا مالذي يمنعه عن محاولة أذيتها مجددا أم أنه هذه المرة لن يتجرأ لأن أعين الجميع عليه ؟ 

_______________________

" مر أسبوع على الحادثة ، ولا تزال صيرتها تغزو مواقع التواصل الإجتماعي و الصحافة تكاد لا تبرح من قصر عائلة البحيري ، الأحاديث عن فضيحة الأخيرة قد ملأت الأخبار و أصبحت علكة على الألسنة يلوكها الجميع. 

و رغم حذف المقطع المتداول من أكثر من صفحة إلا أن هناك صحفية شهيرة بتتبع الفضائح تهتم بهذا الموضوع بالذات و تعيد نشر المقطع كلما حذف و لم تتوقف عن فعل هذا إلا عندما هددت برفع دعاوي قضائية عليها بتهمة التشهير و طردها من عملها. 

فئة من الناس التي تناقلت السيرة ، علقت على الحادثة و هاجمت عمار البحيري الذي إستغل إمرأة بسيطة و مارس عليها العنف المنزلي و الترهيب النفسي فتزوجها و حبسها بين أربع جدران و ذهب ليحتفل بعقد قرانه على إبنة عمه المنتمية إلى نفس طبقته الإجتماعية.
و البعض علق على أن الحادثة مفتعلة و بالتأكيد تلك المدعوة مريم تبالغ و إلا لما صمتت كل هذا الوقت و جاءت في يوم حفل الزفاف خصيصا ، كما أن عمار البحيري شاب معروف بإتزانه و طبيعته المحترمة بالتأكيد هناك دوافع خلف إخفائه للزواج .. 
و البعض الآخر يقول ان الضحية الوحيدة هي العروس ندى البحيري التي تعرضت لصدمة قوية في أهم يوم في حياتها فلقد أوهمها عمار بحبه و في الحقيقة كان يلعب على الحبلين ، هذا إن لم تكن هي نفسها تعلم بعلاقته الزوجية مسبقا.
و آخرون يشيدون بشجاعة مريم و بسالتها و كيف كانت جريئة كفاية لتقف في وجه عمار البحيري الذي خدع الناس بقناع نُبله و شفافيته ...
غير أن السؤال يطرح نفسه الآن ، إلى أين سيصل الأمر بعائلة البحيري و هل هناك ملابسات خفية للحقيقة أم أن القضية ستنتهي هنا كما إنتهت سابقاتها خاصة أن لا أحد من أطراف الحدث أعطى تصريحا ؟
 و هل سيبقى الأغنياء يستغلون غيرهم من الضعفاء و يمارسون عليهم عنفهم الجسدي و النفسي أم أن قصة مريم عبد الرحمن و عمار البحيري ستضع حدا للقمع المطبق على من هم أقل شأنا منهم و النساء خاصة ؟"

أغلق جهاز الآيباد و قذفه على السرير بوجوم بعدما قرأ المقال الصباحي عن نفس الموضوع الذي يتحدثون فيه منذ أسبوع ، لقد انتشر المقطع المصور لمريم بسرعة البرق و أصبح السيرة الوحيدة على ألسنة الجميع و كأن جميع المشاكل في العالم إنتهت ولم يبقى سوى مشكلة الفتاة المسكينة التي إضطهدها عمار البحيري.

عن أي إضطهاد و عنف يتكلمون هؤلاء هو لم يجبرها على الزواج و على القبول بشروطه بل كل هذا كان برغبة مريم ، لم يمارس عليها أي نوع من العنف حتى أنه في حالات كثيرة كان يصارع نوباته لكي لا يؤذيها ...

كلما كان عمار يشعر بأعصابه تنفلت أو مزاجه يسوء يعتكف في منزله ولا يذهب إليها فقط لكي لا يؤذيها ، و الآن تكذب و تشتكي للناس و المنظمات النسائية و تطالب بالإنصاف ... أليست هي من فضحت عائلته أساسا ! 

و على سيرة الفضيحة تذكر مواجهته مع ندى منذ أسبوع ، عندما أفاقت من إغمائها متمتمة بأنها عاشت أحداث سيئة في حلمها وهي نائمة.
غير أن منال أخبرتها بتزمت أن هذا لم يكن حلما بل حقيقة عاشتها و تعرضت العائلة على إثرها لصدمة كبيرة.

حينها هزت ندى رأسها بهستيرية نافية صدق كلامها و توجهت نحوه هو الذي دلف لغرفته رغم تحذيرات والديها ...

Flash back 
( نظرت إليه بخضراوتيها الممطرتين لدموعها بغزارة قبل أن تهمس بصوت مبحوح :
- قولي ان اللي حصل ده كدبة ... قولي انك معملتش فيا كده وانا متعرضتش للموقف ده يوم فرحي ... Please.

تماهت كلماته التي كان يستعد لقولها مع حالتها المزرية هذه فصمت ولم ينبس ببنت شفة ، إكتفى بالنظر إليها ليتلبس الأخرى الجنون بينما تصرخ منهارة بعدما رأت ملامح الذنب على وجهه :
- قولي ان ابن عمي و الراجل اللي بحبه مخدعنيش و طلع متجوز من قبلي من الست اللي شوفتك معاها قبل كده وقولتلي ديه حبيبتي السابقة ... ارجوك يا عمار قول اي حاجة وانا هصدقك فورا.

ولكنه لم يتكلم ، لم يدافع عن نفسه أو يقول أن تلك المرأة هي من أغوته و خدعته ، بل ألقى اللوم كله على نفسه فهو من خدع إبنة عمه و صديقته و خطيبته بذات الوقت ، وهو من يستحق اللوم و العتاب.

لذلك ظل مستسلما لصراخ ندى الذي زاد بصورة جنونية وهي تلكم صدره بقبضتها الصغيرة صائحة بهستيريا :
- ليه كده ... انت ليه عملت فيا كده حرام عليك عملتلك ايه عشان تأذيني بالطريقة ديه انا ... انا كنت بثق فيك وانت دمرتني ... دمرتني يا عمار منك لله ... ) 
Back

طمس عمار ذكرياته السيئة مع ندى التي يكاد الشعور بالذنب إتجاهها يقطعه و حاول التركيز في المشكلة الحقيقية.
فزفر بخشونة وهو يدلك عنقه مفكرا ، حاليا مريم في حالة ثوران لن يهدأ حتى تراه مدمرا ... 
تظن أنها تستطيع إستفزازه حتى يفقد السيطرة على نفسه و يفعل شيئا يؤذيها به فيُمَكِّنها من إثبات إفتراءاتها عليه بشأن العنف الممارس ضدها ، و لكنه فهم خطتها تلك فإتخذ الجانب الملتزم للصمت و تركها تتخبط وحدها ربما تستسلم و تنهي مهازلها هذه ..

لأنها لو بقيت هكذا سيفقد والده و عمه صبرهما و يسحقانها ... و هو رغم سخطه منها إلا أن جزءا منه لا يريدها أن تتضرر ! 

تأوه بكتوم فجأة عندما شعر بصدره يضيق  ، فإستقام واقفا ليدلف إلى الشرفة لشم الهواء ولكن إختل توازنه و هاجمه الدوار على حين غرة فأصبحت رؤيته مشوشة و درجة ثباته منخفضة.
إرتمى عمار على فراشه وقد بدأ بالتعرق و الشعور بالغثيان يداهمه فحاول التحكم في رعشة جسمه لكي يستطيع النهوض و أخذ دوائه قبل أن يفقد الوعي ... 

إلا أنه مع مرور الدقائق إزدادت حالته سوءا ، و اصبح غير قادر على مجابهة هذه البوادر العنيفة التي إعترته في غفلة منه دون أن يحسب حساب تعرضه إليها الآن ...

حالته هذه جعلت الرؤية ضبابية و بدأ يسمع أصوات تخترق عقله و تدقه بعنف " ألم ترى ماذا فعلت بك مريم عندما خرجت من حصارك ؟ ماذا تنتظر لكي تنتقم منها "
" كانت تمثل عليك دور الفتاة الهشة لتستسهلها و لكن حقيقتها ظهرت و ما هي سوى إمرأة حقيرة تفتري عليك من أجل جعلك ذليلا " 

همهم عمار بكبت وهو يضع يديه على رأسه يجرب طرد تلك الأصوات الخبيثة ...
" خطتها من البداية كانت السيطرة عليك و إمتلاك ثروتك و عندما فشلت هربت منك و عادت بخطة جديدة " 
" ترى من ساعدها و أين كانت طوال هذه المدة ؟ بالتأكيد مع عشيقها الذي كانت تتحين الفرصة للقائه " 

" لماذا تسعى لتهدئة نفسك و عدم أذيتها في حين أن مريم نفسها تجاهد لإفساد سمعتك ؟
 هيا إذهب إليها و أقتلها ... "

" هل رأيت مريم كيف أصبحت ؟ قوية و جريئة مثل أمك ، إنها تتبع خطواتها و قريبا ستراها تنتقل بين أحضان الرجال أمام عينيك ، ماذا تنتظر لترد عليها هي لا تستحق عطفك أقتلها قبل أن تفقد رجولتك أمامها و أمام عائلتك ... تخلص منها بسرعة " 

مع كل همسة يسمعها كان يشعر برأسه يحترق و آخر خيوط لأعصابه تنفلت ... الهلاوس للسمعية زادت حتى أضحى لا يقاومها ...
 بدأ يتناهى إلى أسماعه صوت سيدة تناديه ، إنها زوجة والده على الأغلب ، غير أن عمار لم يستطع الخروج من قوقعته فحال ذلك دون فهم حرف مما تقوله بل حتى الإلتفات نحوها و إجابتها ...

و على حين غرة ، وسط صدى الكلمات المتداخلة ، وجد عمار نفسه يستسلم لموجة الظلام التي هجمت عليه بقسوة ، فأغمض عيناه يستعد للغرق فيها ... 
و خرَّ يسقط  بجسده المتعرق على الأرض فاقدا للوعي ... و هدأت الأصوات ... أخيرا ...


الفصل السادس و العشرون : التحدي. 
____________________

صدر طنين مزعج من حوله فأزعج غفوته ، و اختار العقل العودة إلى الواقع بعد رحلة الاوعي التي عاشها ...
و بحلق جاف و أنفاس شائكة أطبقت كالسلاسل الحديدية على صدره ، باعد جفنيه عندما تبعثر ثقلهما بضوء الشمس ...

و تعطلت مداركه لثوان  عندما ارتطمت نظراته بالسقف ، فشابك حاجبيه محاولا استيعاب الوضع و التفريق بين الخيال و الواقع ، و تاه في دوامة ألقت به في النهاية على شاطئ الذكريات !

تأوه بألم و إرهاق عندما شعر بشيء يوخز جلده فرفع رأسه قليلا ليجد رجلا يقف على رأسه و يتمتم بكلمات مبهمة أدرك بشكل ما أنها تعاطفية كمن يحمد الله على سلامته ...

أخيرا توضحت الرؤية لديه و بدأت مداركه الحسية بالعودة إليه ، و استوعب أنه مستلق على فراشه عاري الصدر و ذلك الرجل ما هو سوى طبيب العائلة.
تدحرجت عيناه في زوايا الغرفة بضياع فهتف الطبيب بعملية :
- حمد لله على سلامتك يا عمار. 

همهم بدون رد ثم رطب حلقه الجاف و تساءل بصوت متهدج رغم معرفته الإجابة :
- دكتور حسين ... ايه اللي حصلي. 

- ضغطك نزل و أغمى عليك .... كويس ان سعاد هانم لحقتك لأن حالتك كانت سيئة جدا.

و بالفعل كان شاحبا كالأموات عندما استدعوه على وجه السرعة ليرى ما به ، لدرجة أنه فكر كيف للمرء أن تسوء حالته فجأة بسبب الضغط النفسي ، نعم الدكتور حسين يعلم ما تمر به العائلة هذه الأيام و يدرك جيدا أن عمار من الأشخاص اللذين يكتمون مشاعر الغضب و التوتر و العصبية بداخلهم إلى أن ينفجروا و لكن من غير الممكن أن يكون هذا فقط ما كاد يقتله ! 

بدأ الطبيب بإلقاء أسئلته الروتينية حول ما اذا تعرض لهذه الحالة مسبقا او بالغ في تجرع  دواء معين كان له تأثير سلبي عليه و عمار يرد عليه بإيجاز حتى سحب عينات دم منه فقال الأخير بضيق :
- انت بتعمل ايه ضروري يعني نعمل تحاليل. 

أجابه بجدية و عملية مطلقة :
- ضروري طبعا بما انك رافض ترد عليا و تقولي انت بتاخد ايه بالضبط يبقى لازم نعملك Blood test ( تحليل الدم ) عشان نعرف اذا حالتك سببها ضغط نفسي بس ولا عندك مشاكل عضوية كمان. 

هز عمار رأسه بوجوم وقد بدأ يستعيد توازنه مجددا بفضل المحلول الموصل به ، ثم شرد في الاشيء بينما يكمل الطبيب كلامه قبل إنهاء فحصه :
- الف سلامة عليك ، ياريت متتعبش نفسك و تاكل و تشرب كويس عشان صحتك ، و كمان لو في ادوية بتاخدها من غير روشته طبية الأحسن انك تبطلها و كده كده كل حاجة هتبان مع نتيجة الفحص.
- طيب ممكن لما النتيجة تظهر تقولي عليها انا الاول.
- اكيد.

غادر الأخير فتأفف عمار وهو يمسد جبينه بإرهاق مستمعا للضجة خلف باب غرفته ، و بعد دقائق دلف والده و السيدة سعاد إليه التي هرعت تمسك يده و تمسح بالأخرى على وجهه مرددة بلهفة :
- حبيبي انت كويس حاسس بتعب لسه ، ايه اللي حصلك بس انت كنت كويس ازاي وقعت كده. 

غصب إبتسامة مرهقة على وجهه وهو يجيبها بصوت متهدج :
- سعاد هانم انا بخير متقلقيش.

تنحنح رأفت بنبرة حاول جعلها ثابتة قدر الإمكان مغمغما :
- الف سلامة عليك ... احنا كلنا خفنا لما دخلنا و لقيناك مرمي كده. 

ضيق عمار حاجباه بعدم رضا لأن الجميع رآه في هذه الحالة المخزية ، جسده هامد على الأرض بلا حول ولا قوة يحتاج للمساعدة كي يقف على قدميه.
هو يعلم أن حالته ليست بسبب الضغط النفسي فقط بل الأدوية التي يتجرعها لها يد في ذلك مثلما لمح الدكتور حسين منذ قليل.

مع الأسف فإن سوء حالته النفسية ستتطور و تصبح جسدية بسببها ، و إن لم يستعد تماسكه في أسرع وقت سيفقد عقله و يذهب ليؤذيها ، حينها كل إدعاءات مريم بخصوص تعرضها للعنف سيتم إثباتها هذا إن لم يتسبب في قتلها أساسا !! 

___________________
بعد مرور يومين. 
كان عمار جالسا في الشرفة التابعة لغرفته يدخن سجائره واحدة تلو الأخرى و عقله شارد في الإتصال الذي تلقاه صباح اليوم ... 

Flash back

( - ألو ... دكتور حسين.
- أهلا يا عمار معلش انا بتصل دلوقتي بس في موضوع مهم بخصوص التحاليل بتاعتك و لازم نتكلم.

تحفز عمار و أجاب بحذر بعدما تأكد من غلق الباب كي لا يسمع أحد :
- طبعا بس انا مبقدرش اجي للعيادة عندك ... انت عارف الصحافة الايام ديه.

برطم الطبيب بتفهم :
- اكيد انا عارف علشان كده كنت هطلب منك نتكلم فيديو كول. 
- ماشي استنى. 

أوصل الهاتف بالابتوب و بعد ثوان تم الإتصال بينهما ، هز عمار رأسه برسمية و قال :
- اعتقد مادام حضرتك اصريت نتكلم يبقى اكيد التحاليل طلعت و نتيجتها مش ولا بد صح. 

عدل الطبيب حسين نظارته و هتف :
- ايوة طلعت و زي ما انا اتوقعت ... دمك فيه نسبة كبيرة من أدوية مينفعش حد طبيعي ياخدها بالكمية ديه ... و أظن انك عارف ايه طبيعة الدوا ده ... )
Back 

أخبره الطبيب بأن الأدوية التي يأخذها كان لها آثار سلبية عليه مثل تسارع ضربات القلب وهبوط ضغط الدم ونوبات التشنج والأحلام المزعجة أو الكوابيس ، إضافة لأمراض مستعصية على المدى الطويل. 

و لهذا يجب الحد من تعاطي هذه الأدوية كي لا تسوء حالته و من الأحسن أن يتعالج عند طبيب نفسي يمكنه من التخلي عنها ، و إن لم يلتزم بما يقوله سيضطر لإخبار والده.
نعم الطبيب هدد عمار بأن يوشي امره لوالده و كأنه طفل صغير او مراهق بدأ بتجريب السجائر للتو !! 

إمتعض عمار و ضحك ساخرا :
- يعني ديه اخرتي لازم اتعالج نفسيا علشان اتحسن ... ع اساس ان كلمتين من دكتور حافظ كتابين من التنمية هيغيرو حياتي. 

إلتقط هاتفه و طلب أحد الأرقام ليسمع الطرف الآخر يجيب بعد ثوان :
- ألو ايوة يا فندم.
- إيه الأخبار. 

- زي كل يوم يا فندم مريم هانم مطلعتش من الشقة خالص و اي شي تحتاجه بتطلب مني اجيبهولها غير كده هي معدتش خطوة واحدة برا البيت و محاولتش تخالف أوامر حضرتك.

رفع عمار حاجباه وهو يردف بدهاء :
- يبقى اكيد كل اللي بتعمله بيكون جوا الشقة.

- ايوة يا فندم ... انا كل يوم بسمع صوتها وهي بتتكلم في التلفون و اخر مرة كانت من شويا سمعت مريم هانم بتقول لحد انه ينشر المقال دلوقتي مفهمتش كل الكلام بس اللي فهمته انها كانت بتتكلم عن حضرتك. 

جز عمار على أسنانه بظفر وقد صدقت توقعاته ، ثم أغلق الخط مفكرا في أن المقال المزعوم الذي أمرت بنشره سيصل صداه في هذه الدقائق.

و بالفعل لم يمر من الوقت الكثير إلا و سمع ضجيجا من الأسفل فإنتصب واقفا يهمس :
- هشوف انتي عملتي ايه تاني يا مريم. 

نزل إلى الصالة و وجد أفراد العائلة متجمعة على سخط رأفت الذي كان يردد بغضب :
- الهمجية بتاعتك اتجاوزت كل الحدود بقالي اسبوعين مستحملها بس خلاص كفاية كده. 

تعجب من إنفعاله هذا ثم أدرك أن مريم ارتكبت فعلا غبيا مجددا فأخذ الجهاز اللوحي من يدي والده لينظر إلى ما أغضبه هكذا ...
 و سرعان ما تشنجت عضلات وجهه و تيبست قبضته على الجهاز بجنون غير مصدق لما يقرأه ، لقد نشرت تلك الصحفية مقالا كتبت فيه أن عمار البحيري تزوج مريم عبد الرحمن بالإجبار بعدما هدد عائلتها بطردهم من منزلهم المستأجر ، و أنه كان يمنعها من مقابلتهم و يمارس عليها عنفا نفسيا بواسطتهم ، و الكثير من الإدعاءات الكاذبة. 

فغر فاه بدهشة و عدم تصديق بأن هذه الكاذبة هي نفسها من تزوجها يوما ، ولم يتسنى له الغرق في أفكاره أكثر حيث صدع صوت رأفت الصارخ بعصبية :
- لحد امتى هنفضل ساكتين كده انا صابر عليها عشان مأذيهاش هي وكل اللي يخصها بعدين نتورط بس هي بتحدف بلاها علينا ومش خايفة مننا هو انا هفضل ساكت على كدبها ده كده !

- و انت ليه متأكد ان الكلام ده كدب.
كان هذا عادل الذي إنتصب واقفا بعدما كان يجلس و يقرأ الأخبار ، فإلتفت له رأفت كما فعل عمار الذي تحدث بنزق :
- تقصد ايه يا عمي. 

تقدم منه بضع خطوات وهو يردد :
- ايه عرفنا ان اللي اسمها مريم بتفتري عليك و كلامها مش صح ... يمكن انت فعلا اتجوزتها غصب وكنت بتضربها. 

- عادل !
هتف رأفت في تحذير إلا أن الآخر تجاهله مبررا حديثه :
- يا ترى البنت ديه هتحقد عليك كده ليه لو كلامها كدب ، ايه اللي يخلي واحدة تكره جوزها بالشكل ده لو هو فعلا مغلطش معاها !! 

تسارعت وتيرة أنفاس عمار و إحتدت قسمات وجهه ببغض أهوج من إتهامات عمه ، فنظر بطرف عينه إلى رأفت الذي بدى كمن يتشتت مفكرا في صدق الكلام الذي سمعه من عدمه ، فإبتسم بداخله ساخرا وهو يحدث نفسه بأنه لا يجب ان يتغابى و يعتقد ان والده سيدافع عنه ! - و انت ليه متأكد ان الكلام ده كدب.
كان هذا عادل الذي إنتصب واقفا بعدما كان يجلس و يقرأ الأخبار ، فإلتفت له رأفت كما فعل عمار الذي تحدث بنزق :
- تقصد ايه يا عمي. 

تقدم منه بضع خطوات وهو يردد :
- ايه عرفنا ان اللي اسمها مريم بتفتري عليك و كلامها مش صح ... يمكن انت فعلا اتجوزتها غصب وكنت بتضربها. 

- عادل !
هتف رأفت في تحذير إلا أن الآخر تجاهله مبررا حديثه :
- يا ترى البنت ديه هتحقد عليك كده ليه لو كلامها كدب ، ايه اللي يخلي واحدة تكره جوزها بالشكل ده لو هو فعلا مغلطش معاها !! 

تسارعت وتيرة أنفاس عمار و إحتدت قسمات وجهه ببغض أهوج من إتهامات عمه ، فنظر بطرف عينه إلى رأفت الذي بدى كمن يتشتت مفكرا في صدق الكلام الذي سمعه من عدمه ، فإبتسم بداخله ساخرا وهو يحدث نفسه بأنه لا يجب ان يتغابى و يعتقد ان والده سيدافع عنه ! 

بينما رأفت فرغم جمود وجهه إلا أنه لثوان فكر في ماذا لو كانت كل تلك الإدعاءات صحيحة و إبنه كان يعنف زوجته ، صحيح ان المدعوة مريم لم تخرج لتنطق بتصريح رسمي يدعو لتصديق قضية تعرضها للعنف من عمار ، و لكن أيضا لم تنفي الأمر ...

و لكن شكه اللحظي لم يمنعه من زجر أخيه محذرا إياه بحدة :
- قلت كفاية يا عادل ... مش عمار اللي يعمل كده. 

صرخ فجأة بعصبية وهو يتقدم من عمار مشيرا عليه بأصابع الإتهام :
- لا مش كفاية انت مش فاهم ان ابنك ده حطنا في وضع خلى كل الناس تشمت فينا احنا مبقيناش قادرين نبص للناس اللي كانت زمان بتتمنى نعبرها بكلمة سمعتنا و سمعة بنتي بالأخص ضاعت بسبب ابنك !
انت قلت مش عمار اللي يعمل كده صح طب ما هو نفسه عمار اللي كنا فاكرينه محترم و واعي بس بعدين طلع متجوز واحدة غجرية لا اصل ليها ولا نسب أمها معروف هو نفسه اللي مسح بينا الأراضي ويا عالم اتجوزها بالسر ليه و ازاي. 

ناطحه الأخير بلهجة صلبة متشددة :
- انا مش مضطر ابررلك ولا ادافع عن نفسي قدامكو. 

- ملكش حق تدافع اصلا .... بعد اللي عملته مش بعيد نكتشف انك كنت خاطف البنت او طلعت معتدي عليها و متجوزها عشان متفضحكش و عشان السبب ده هي حاقدة عليك كده.

تصلب الجميع من إتهامه الفضيع هذا و كانت الصدمة الأكبر لندى التي نزلت على إثر صراخهم و استمعت إلى آخر جملة قالها والدها فوقفت بجوار أختها منال تستمع لبقية الجدال ... 

أما عمار فأحس بالإهانة نتيجة جرح كبريائه و كاد يصرخ غاضبا إلا أن رأفت قاطعه عندما نهب بخطواته على الأرضية ليصل إلى عادل و يجذبه من تلابيب قميصه مغمغما بحدة :
- انت اتجننت ... انا خليتك تقول اللي عايزه و عماله اقول حقه يتعصب بس انك تغلط في ابني الوحيد و ترمي عليه الإتهامات ديه فده ممنوع فاهم اوعى تنسى نفسك انت واقف قدام مين. 

أفلته و أشار برأسه إلى ندى متابعا :
- عمار ممكن أغلاطه كتيرة بس انه يغلط مع واحدة ست ديه لا يمكن يعملها ولو مش مصدق اهي بنتك طول عمرها بتقضي وقتها معاه اسألها لو ضايقها في يوم بلمسة او كلمة منه. 

و الحال أن كلامه صحيح ، عمار لم يضايق إبنتها يوما أو أي إمرأة أخرى لم يسبق و أن اشتكى أحد منه و إتهمه بالإنحراف ...
هذا ما فكرت به فريال بعدما رأت تبكم الحضور لعدم إستطاعتهم الاعتراض عن دفاع رأفت عن ولده ...

حتى تلك القُبلة بينهما لم يكن هو سببها بل ندى هي من إقتربت منه و سرعان ما زجرها الأخير و أبعدها عنه ، لذلك موقف عادل الآن ضعيف ولا فائدة منه و مع هذا هتفت منفعلة لتنقذه :
- بدل ما تخلي ابنك المظلوم كان الاحسن لو طلقته من بنت الشوارع ديه اول ما عرفت انه متجوزها ... مش تخبي علينا و تسيبنا ننفضح قدام الناس. 

تدخلت سعاد بعد صمتها و مشاهدة مشاجرتهم :
- يا جماعة الخناق مش هيفيدنا دلوقتي احنا لازم نلاقي حل للمصيبة ديه. 

ثم إستدارت ناحية عمار متابعة بلهجة حازمة كنوع من فرض الأمر الواقع :
- عمار كده كده هيطلق البنت ديه بس شويا شويا مينفعش نتهور و نعمل حاجة نندم عليها بعدين .... الناس لازم تشوف ان احنا الطرف المسالم و هي اللي بتفتري و بتهاجم مش العكس ... بكره القصة ديه تخلص و الناس تنسى اللي اسمها مريم ديه ساعتها احنا هنقدر نحاسبها على اللي عملته و نطلعها من حياتنا و كل حاجة هترجع زي الاول. 

سيعود كل شيء إلى نصابه و سيتزوج عمار إبنة عمه التي تليق به .... هذا ما يجب أن يحدث !! 

____________________

تأففت بضجر وهي تستلقي على الأريكة و تضع الهاتف بجانبها ، رغم أن ما تريده قد تحقق و لاقى المقال ضجة واسعة إلا أنه مثل العادة لا يوجد رد من عائلة البحيري ولو حتى تصريح يفيد نفي ما تتداوله الشائعات. 

اللعنة إنها تسعى لإستفزازهم منذ أيام طويلة بشتى الطرق من أجل تحفيز عمار و جعله يؤذيها حقا ولكن صمته حال دون ذلك ، ترى إلى ماذا يخطط بالتأكيد سكونه ليس إستسلاما بل هو يجهز خطة دفاعية أخرى و لكن ما هي !! 

تنار حبات العرق على جبين مريم فنفثت الهواء بغضب و أعادت شعرها إلى الخلف مرددة بنبرة يملؤها الحقد و القهر :
- حتى لو عملت ايه برضه هاخد حقي منك يا عمار ومش هسمحلك تكمل حياتك مرتاح بعد ما دمرت حياتي. 

أفاقت من حديثها مع نفسها على صوت الباب يفتح و يغلق بقوة ، شهقت مريم وهي تنتصب واقفة كالحجر و دقات قلبها تنبض بجنون ، اذا أخيرا استطاعت كسر درع الجمود خاصته و جعلته يأتِ إليها ! 

إلتفتت و ناظرته ببرود وهو يقتحم عليها الشقة و ينهب الأرض متجها نحوها وهو يهدر بجنون :
- انتي عايزة ايه ... فهميني عايزة توصلي ل ايه ؟! 

- اتوقع قولتلك يوم الفضيحة انا عايزة ايه من كل ده صح.

غمغمت بإبتسامة شامتة وهي تراقب وجهه الناضح بغضب حقيقي ليقبض على ذراعها يجذبها نحوه ، و أنفاسه الساخنة تلفح بشرتها وهو يهتف في سخط :
- مكفاكيش اللي عملتيه و عايزة تكملي لعب معايا ... سكتلك عن اللي عملتيه يوم الفرح بس اعتبرتيه ضعف مني و عماله تستفزيني بالطريقة الرخيصة ديه انتي بجد فاكرة اني مش قادر عليكي ! 

رسمت مريم إبتسامة مستهزئة به وهي تهمس بسخرية سوداء :
- ايه كرامتك وجعتك من اللي اتكتب عليك يا روحي ... مقبلتش على نفسك وشك الحقيقي يتكشف قدام الناس. 

ضغط عمار على ذراعها أكثر قاصدا إيلامها فتكدرت تقاسيم مريم و تطلعت فيه بقوة محاولة كتم تأوهاتها بسبب عظامها التي تكاد تنكسر الآن ، و لكن لا يجب أن تفعل فهاهو عمار ينقاد خلف غضبه و يعنفها ، و هذا سيكون في صالحها هي. 

لكن فجأة أفلتها و أطلق ضحكة لم تصل إلى عيناه هاتفا بدهاء :
- هو ده اللي انتي عايزاه صح ... فاكراني غبي ومش فاهم عليكي. 

انقلب وجه مريم بإضطراب و إهتزاز داخلي فأكمل عمار بنبرة حسابية :
- فاكرة نفسك انك تقدري تضحكي عليا يا غبية .... انا فاهم كويس انك بتعملي كل اللي تقدري عليه عشان تستفزيني انا و عيلتي و تخلينا نؤذيكي و بكده هتثبتي للناس ان كلام الصحفية اللي اتتي باعتاها صحيح و اني بجد متعود اضربك و اؤذيكي. 

لأول مرة منذ زمن تشعر مريم أنها عارية أمامه و أفكارها معروضة عليه بدون حواجز ، و هذا قد أغضبها كثيرا فعمار لا تزال لديه القدرة على معرفة دواخلها بدون النطق بها حتى ، ولكنها شدت على يدها و هتفت بثبات مزعوم :
- و انت فاكرني هخاف مثلا لما تقول انك كشفتني. 

اومأ ببساطة وقد شعر بالإنتشاء من ملاحظة بعض الإضطراب عليها ، فتهكمت مريم و عقدت يديها مرددة :
- بما انكم فاهمين نيتي يبقى اكيد عيلتك بعتتك ليا علشان نعمل تسوية بيننا صح ... اقصد يعني اكيد أبوك قالك تتفق معايا نطلق و بالمقابل تديني فلوس و تطلقني و اطلع من حياتك من غير مشاكل. 

حسنا هو لا ينكر أن هذا ما حدث بالفعل عندما أخبرهم أن مريم تلعب عليهم لعبة الأعصاب ، إقترحوا عليه إعطاءها قدر ما تريد من المال و تختفي إلى الأبد.
و لكنه لن يسمح بذلك ، لن يعطيها ما تريد حتى يعلم كل تفاصيل السنة الماضية و سبب هروبها من المشفى ثم عودتها وهي متعطشة للإنتقام منه و تدميره. 

ناظرها وهي تتطلع فيه بثقة لم يشتد عودها بعد عندما طمسها بقوله المستهزئ :
- و مين قالك هطلقك. 

انقلبت أساريرها في ثانية و اعتدلت في وقفتها هاتفة :
- تقصد ايه.
- قصدي واضح ... انا مش هطلقك و هتفضلي على ذمتي. 

حدقت فيه مريم مصعوقة و كأنه ليس كائنا بضريا ثم تشنج لسانها وهي تنطق الحروف بصلابة واهمة :
- ازاي يعني ... المفروض انت تكون اكتر واحد عايزنا نطلق بسرعة علشان تخلص ....

قاطعها بدون مبالاة متلاعبا بأعصابها أكثر :
- لو عايز اخلص منك في مليون طريقة غير ديه يعني متفكريش ان موقفي ضعيف قدامك لدرجة ارضى بالطلاق وبس .... قولتلك هتدفعي تمن عملتك و اكيد مش هبعدك من هنا بسرعة كده .... هتفضلي مراتي طول ما انا عايز ووقت ازهق هطلقك. 

إستطاع عمار إستفزازها و تحطيم قوقعة الجمود خاصتها بإشارته إلى أن مصير علاقتهما راجع له فحسب ، و من أجل حفظ كبريائها هتفت مريم بعناد أهوج :
- لا الموضوع مش مرتبط ب انت عايز ولا لأ عشان ده مش من حقك و مادام مش ناوي تطلق يبقى أنا هرفع عليك قضية خلع. 

أفلت عمار ضحكة مستنكرة و رفع حاجبيه هامسا :
- طب اكيد عارفة انك لو خلعتيني مش هتطولي جنيه واحد مني ... و بما انك راجعة على طمع مستحيل تعملي كده.
 و لو فاكرة ان القانون هيساعدك تاخدي مني تعويضات بسبب إدعاءات منك و افتراءات عنف تبقي غبية اوي يا روحي لان اللي بتعمليه كله مجرد كلام فاضي مش هتعرفي تثبتيه من غير أدلة. 

إضطرب حلقها لثوان عصيبة صاخبة تراشقا فيها حربا صامتة بنظراتهما لبعض ، إلى أن إنحنى عليها عمار و همس في أذنها وهو يلاعب شعرها :
- انتي اللي بدأتي اللعبة يا مريم ، استنيتك تهدي و تقعدي بس افتكرتي سكوتي ضعف مني و قررتي تلعبي ع التقيل يبقى اتحملي نتيجة تصرفاتك انتي و كل اللي بيساعدك.

تبسمت بمكر و همست تستدرجه في الحديث :
- مش هتعرف تعملهم حاجة انت مبتعرفش مين ساعدني صلا.

همهم و أخفض رأسه إلى عنقها ثم وضع شفتيه على بشرتها متمتما :
- صاحبتك هالة و أخوها اللي عمل بطاقة دعوة مزيفة هقضي على مهنتهم و اخليهم يشحتو في الشوارع .... الصحفية اللي باعتاها تهاجمني هشطب اسمها من النقابة .... و الناس اللي اتخبيتي عندها لمدة سنة ونص مش عايز اقولك هعمل ايه فيهم.

تصلب جسده مريم لوهلة من تهديده بأذية من يخصها و شعرت بأنفاسها تنقطع بمجرد تخيلها ماذا سيفعل بهم.
كانت تعلم أن عمار سيسعى لمعرفة من خلفها إلا أنها لم تتوقع أن يكون بهذه السرعة ، ولكن رغم هذا لن يستطيع لأنه أصبح لديها ما يدينه.

 مطت مريم شفتها بنفور عندما شعرت به يطبع قبلات مستفزة عليها و يتلمس جسدها بأريحية فكادت تبعده عنها إلا أنه قبض على يدها و في غفلة منها سحب هاتفها.
شهقت بتفاجؤ و صرخت بعصبية :
- جيب تلفوني ! 

نظر عمار إلى تطبيق التسجيل الصوتي الذي فتحته الأخيرة عند دخوله بغية تسجيل كلامه الذي يحمل بين طياته التهديد فأوقفه و أعاد الهاتف لها بهدوء :
- لو ناوية تدمريني زي ما قولتي يبقى سيبك من المؤامرات الطفولية ديه يا غجرية.

ثم  أراد الضغط على أعصابها فمد يده يتلمس شفتيها غامزا بوقاحة :
- زمان شفايفك كانت بتنفع لحاجة واحدة انتي عارفاها كويس و كنتي شاطرة فيها حرام يطلع منها دلوقتي كلام هي مش قده صح. 

إتسعت عيناها بذهول من دناءته و تلميحاته إلى أنها لا تنفع بشيء سوى لغرض معين بباله ، فتشنجت قبضتها و رفعتها لتصفعه ليلتقطها عمار سريعا مغمغما بحدة :
- اوعي بصي اوعي خيالك يصورلك انك قادرة تمدي ايدك عليا .... هعتبر نفسي معشتش اللحظة ديه بس لو عملتيها تاني و ربي هخليكي تتحسري على صوابعك دول انتي فاهمة.

دفعها بخفة إلى الخلف ثم تحرك و غادر مرفوع الرأس كما جاء وقد نجح في كسب أول مواجهة بينهما ، فصاحت مريم بجنون و رمت تحفة زجاجية على الأرض مدمدمة بهستيرية :
- يا واطي ... انت مستهين بيا صح و عامل نفسك بتفهم كل حاجة ماشي يا عمار انت اللي جبته لنفسك. 

أضاء هاتفها بإتصال جديد فعلقت مريم عينيها على اسم المتصل وثم ابتسمت لتجيب بعد ثوان ، بصوت عابث :
- أحمد ! انت كنت مستنية الإتصال بتاعك.

_______________________

ارتجفت يداها الممسكتان بالهاتف وهي تقرأ آخر الأخبار و التعليقات الساخرة منها و الحاقدة ، فعصفت عيناها بدموع مرددة الجملة التي سقطت عيناها عليها :
- العروس التي تعرضت إلى فضيحة سيبقى أثرها عليها طوال العمر ... 

بللت شفتيها ماسحة حبات العرق من عنقها مكملة :
- إتضح ان عمار البحيري فضَّل فتاة عادية ليقضي معها حياته التي يريدها ، أما صاحبة الجاه فإتخذها كواجهة إجتماعية له ، لا لضيء فقط لإكمال صورته المثالية المزيفة بزوجة إختارها له والده. 

و الكثير من التعليقات و المنشورات عليها ، منذ ليلة الحادثة لم تتوقف الإتصالات من كل حدب و الرسائل المواسية التي تحمل في دواخلها السخرية و الشماتة ، إبن عمها الذي أحبته كصديق قبل كل شيء جعل منها فضيحة وهي ترتدي فستانها الأبيض ، كله بسبب تلك البربرية معدومة الأصل ، بسببها أصبحت عائلتها محرجة من إبنتهم الصغرى ...

أصبح أبوها ينظر إليها و كأنها عاره ، و أمها بين كل كلمة و أخرى تخبرها أنهم أصبحوا أضحوكة للجميع ، لا أحد يقدر مشاعرها و أنها هي أكثر شخص تضرر ، لقد كُسر قلبها من طرف أعز الناس إلى قلبها و مع هذا لا أحد يهتم بها لذاتها. 

ضغطت ندى على رأسها من الجهتين و بدأت تهز ساقيها بهستيرية مرددة :
- خلوني مسخرة وسطهم و عيلتي اتفضحت و بقت تتكسف مني بسببهم.

و عندما إشتد عليها الضغط صرخت وهي ترمي الهاتف على الجدار و تنفجر في البكاء حتى بح صوتها ، دخلت شقيقتها منال إلى الغرفة و رددت بهلع من منظرها :
- في ايه يا ندى مالك. 

إقترب منها و حاولت لمسها فأنتفضت ندى و صاحت بألم :
- كله بيتريق عليا ، كلهم بيتكلمو عني حتى صحابي عاملين تجمعات و بيشمتو فيا ، نفس البنات اللي كانو بيغيرو مني و دايما يقلدوني فكل حاجة و يحسدوني على حياتي و خطيبي بيتريقو عليا دلوقتي ، و كل ده بسبب عمار و بنت الشوارع اللي متجوزها ! 

حاوطتها منال بذراعيها و احتضنتها حتى إستكانت ثم أجلستها على طرف السرير مستمعة لهذيان أختها :
- هي أحسن مني في ايه ، أنا أحلى منها بكتير و من عيلة غنية و متحضرة ، اتولدت و قضيت حياتي في العز و اتعلمت في أحسن المدارس و لبست أغلى لبس حتى اني كنت صديقة عمار و بفهم عليه كويس و بقدر اتعامل معاه ...
طيب هو عمل معايا كده ليه ... ليه خبى عني حقيقة انه متجوز و جه اتقدملي ازاي انا هونت عليه. 

تنهدت منال وهي تشعر بالغيظ من عمار و الوقحة خاصته فمسحت دموع ندى هاتفة بحنان :
- حبيبتي غلط تقارني بينك و بين واحدة جاية من الشارع ، انتي واحدة الناس كلها بتحسدها على حياتها جمالها و لبسها و عيلتها طبيعي يستغلو الموقف ده و يطلعو عقدهم عليكي بالتريقة بس متنسيش انك فوق دايما و البنت اللي اسمها مريم ديه قصتها هتنتهي بعد فترة و نرجع لحياتنا السابقة ، و عمار يرجعلك. 

رفعت عينيها المتفاجئتين لها مرددة بخفوت :
- يرجعلي ... هو انا و عمار بقينا ننفع لبعض اصلا ! لا طبعا مستحيل ابصله ...

قاطعتها الأخرى بحدة لم تختفي من نبرتها رغم الابتسامة التي رسمتها على وجهها :
- جوازك منه مبقاش إختياري يا حبيبتي لا إجباري انتو هتعملو فرح تاني بعد القصة ديه تتحل عشان نقفل بوق الكل. 

- بس ... عمار بيحب ... 

قاطعتها مجددا :
- لو كان بيحبها فعلا كان اتجوزها قدام كل الناس بس هو جابها من بيتهم و حطها في شقته و كان بيروحلها عشان يمتع نفسه ده مأدهاش حق تشيل اسمه ولما مشيت مدورش عليها ولا اهتم يلاقيها و على حسب كلامك هو عاملها وحش قدامك مرة لدرجة فكرتيها واحدة جايبها من الشارع مش مراته صح. 

اومأت ندى و غليل قلبها ينطفئ كلما أخبرها أحد أن تلك الهمجية معدومة الأصل أقل منها بكثير ،  ثم صمتت تستمع لمنال التي أكملت :
- خطيبك مشي ورا نزوة شاف ست مختلفة عننا كليا في طريقة اللبس و الكلام و المظهر بشكل عام و حب يجربها ايوة عمار غلط لما خبى عنك محدش ينكر بس يا روحي هو لما خطبك كانت مريم طلعت من حياته يبقى مش ذنبه أنها جت يوم فرحه و فضحته .... متوقفيش حياتك بسبب واحدة من الغجر مش متربية ولا بتعرف أصول الإحترام.

في هذه اللحظة فتحت فريال الباب و دلفت فإستمعت لحديث ندى  :
- طيب نفترض اننا رجعنا عملنا الفرح تاني ايه اللي يضمنلي ان عمار ميفضلش يفكر فيها و ازاي هنسى انه ضحك عليا و أذاني يا منال.

قبل أن تجيب الأخرى سبقتها فريال وهي تدنو منهما مغمغمة :
- عمار بعد الفضيحة ديه مش هيتجرأ ينطق اسمها في خياله حتى ، اما انتي ف ابقي اعملي اللي عايزاه لما تتجوزو ، ادلعي و مشي كلامك عليه ولو اعترض فكريه انه ضحك عليكي .... خليه يفضل يعتذر منك طول عمره ذليه و حطيه تحت رجليكي زي لما كانت أمه بتعمل في أبوه بس اتأكدي انه ميتجوزش غيرك .... انتي و عمار لازم تتجوزو يا ندى فاهماني !! 

كررت عليها نفس القول عدة مرات حتى باتت ندى تردده بينها و بين نفسها ، الحل للفضيحة هو أن تتزوج عمار زفافهما سيكون مخرجها من العار الذي أسقطها فيه ، إذا سوف تعمل من هنا فصاعدا على أن تكون زوجته مهما كانت الظروف !

تعليقات



<>