رواية جمال الاسود الفصل الحادي والعشرون21 الثاني والعشرون22 بقلم نورا عبد العزيز


 رواية جمال الاسود الفصل  الحادي والعشرون21 الثاني والعشرون22 بقلم نورا عبد العزيز

 

عادت "مريم" من الخارج لتفتح "حنان" لها فقبلتها "مريم" بحماس وسعادة تغمرها، قالت "حنان" ببسمة لطيفة:-
-شكلك أتوفقتي فى المقابلة

ضحكت "مريم" بسعادة وهى تسير للداخل وتقول:-
-يعنى معقول أترفض يا حنان وأنا الأولي على الدفعة ومعايا أمتياز مع الشرف

تبسمت "حنان" وهي تسير للداخل خلفها ثم قالت:-
-يعنى هشوفك على التليفزيون قريب، أبقي قوليلي هتطلعي الساعة كام لازم اتابعك ومبروك النجاح

تبسمت "مريم" لكن قبل أن تجيب عليها أوقفها صوت "ولاء" التى تقول بسخرية شديدة ونبرة تحمل الكره فى داخلها:-
-لا ومبروك كمان الجواز قدرتي توقعيه زى ما وقعتي أخوه

ألتفت "مريم" إلي تجاه الصوت وتلاشت بسمتها وهكذا "حنان" بغضب سافر من حديث هذه المرأة التى تقتل سعادتها دومًا ثم قالت:-
-أنا موقعتش حد، أنا حبيت جمال الحب اللى محدش قدر يحبهوله ولا حتى حضرتك

أقتربت "ولاء" منها بغضب سافر من تجرأ هذه الفتاة على الحديث إليها بهذه الجراءة وقالت:-
-لا مش بس رخيصة وكمان قليلة الأدب ما أنتِ لو كان عندك أم تربيكي مكنتش تتكلمي معايا كدة

تألمت "مريم" من حديثها الأليم وهى تذلها لأنها لا تملك أم لكنها لم تستطيع كبح ألمها من هذه السيدة التى تجنبتها كثيرة حتى لا تصنع المشاكل وقالت:-
-أيه المشكلة فأني معنديش أم ولو كانت الأم زي حضرتك فعدمها أحسن....

رفعت "ولاء" يدها كي تصفع "مريم" من الغيظ الذي تملكها لكنها صُدمت عندما مسكت "مريم" يدها تمنعها عن ضربها ونظرت إليها بغضب سافر ثم قالت:-
-أنا أنضربت كتير فى حياتي مش أول مرة لكن من يوم ما دخلت البيت ومحدش لمسني بسوء لأن فى ضهري راجل علمني عزة النفس وخلي ليا كرامة مستحيل أسمح لأى حد أنه يدوس عليها ولا حتى حضرتك..

دفعت يدها بعيدًا و"ولاء" فى صدمة ألجمتها وشلت عقلها عن التفكير وكيف تجرأت هذه الفتاة البريئة عليها، قبل أن يطلبها "جمال" للزواج كانت لا تصدر صوتًا لكن الآن ماذا حدث بها، أقتربت "حنان" بحرج رغم سعادتها من شخصيتها "مريم" ثم قالت:-
-تعالي يا مريم أطلعي أرتاحي

أبعدت "مريم" يدي "حنان" عنها ثم قالت بضيق شديد:-
-حضرتك قولتي أنى رخيصة وقليلة الأدب لكن نسيتي تقولي أني قوية لأن واحدة أستحملت كل اللى أستحملته ولسه عايشة وبتتنفس ومقتلتش حالها هى قوية فبعد أذنك مترهنيش على أذيتي كتير لأن اللى بتعمليه مش هكرهني ولا هيخليني أفكر أهرب من هنا لأني زى ما قولت لحضرتك أنا بحب جمال ومش هسيبه

صعدت للأعلي غاضبة وبدأت تبكي وتترك العنان لدموعها التى حبستها بداخلها من حديث هذه المرأة عن فقدها لوالدتها....

_______________________________ 

صفعها "نادر" بقوة على وجهها لتسقط "سارة" أرضًا من قوة صفعته وهو يقول بأنفعال:-
-محدش سرب موضوع جوازنا دا غيرك

وقفت بألم من صفعته وقالت بغضب سافر:-
-قولتلك مش أنا ومع ذلك كويس أنه حصل عشان يكشف ليا حقيقتك القذرة 

مسكها من عنقها بقوة وهو يقول بأنفعال شديد:-
-فوقي يا سارة لتكون فاكرة أني مُغفل وكنت لعبة فى أيدك، لا يا بت دا أنا اللى عملتك لعبة فى أيدي لحد ما أخذ اللى عايزه منك، فوقي كدة يا سارة

دفعته بعيدًا عنها بصدمة ألجمتها وقالت بسخرية من عقله الغبي:-
-لا فوق وأظبط أنت كدة، أنت كنت فردة جزمة فى رجلي لحد ما تعمل اللى أنا عايزاه 

قهقه ضاحكًا بقسوة ثم قال:-
-مش بقولك غبية

فتح درج المكتب وألقي بوجهها بعض الأوراق، نظرت "سارة" إليه بقلق ثم أنحنت للأسفل وأخذت الأوراق ناظرة بها فأتسعت عينيها على مصراعيها عندما رأت السجلات الطبية الخاصة بها فرفعت نظرها إلى "نادر" الذي قال بسخرية:-
-عرفتي أنك غبية، أنا عارف أنك عايزة تنتقم من جمال عشان اللى عملته ليلي فيكي زمان لكن لحد هنا وكفاية أنا أستكفيت منك .... أنتِ طالق

غادرت المكان بصدمة ألجمتها من هذا الرجل الذي أستغفلها وجعلها دمية حتى يصل لنقودها، صعدت بسيارتها والقت الأوراق على المقعد المجاور بصدمة ألجمتها وعقلها يعود للماضي حين أخبرت "مُختار" بحملها الثاني وكان حينها على علاقة بـ "ليلي" رفض هذا الحمل وبليلة أتصل بها وطلب رؤيتها وعندما ذهبت إلي شقتهما وعش الزوجية الخاص بهم صُدمت بوجود "ليلي" لتقول:-
-هي دى يا مختار

أومأ إليها بنعم وهو يشرب الخمر ببرود، سألت "سارة" بقلق:-
-هو في أيه؟

وقفت "ليلي" من مكانها وبدأت تدور حولها تتفحصها بنظرها ثم قالت:-
-مش بطالة يا مختار

قبل أن تحدثها "سارة" شعرت بشيء يوغز عنقها وعندما أستيقظت وجدت نفسها فى غرفة داخل عيادة و"ليلي" بجوارها تحدق بها لتشعل سيجارتها وقالت:-
-كان لازم تسمعي الكلام وتنزليه من سكات

تألمت "سارة" بتعب شديد لتتابع "ليلي" بعد أن نفثت دخانها فى وجه "سارة" ببرود شديد:-
-أديكي نزلتي غصب لا كمان أيه مش هتحملي تانية فى عمرك كله، أنا لو مكانك هتربي وأتقي ربنا وأقعد فى بيتي أربي أبني وأنا كرم مني هخلي مُختار ميطلقكش 

ضربت "سارة" المقودة بيديها بغضب سافر تملكها بعد أن فقدت أمومتها للأبد على يد "ليلي" هذه الخائنة التى تركت زوجها وركضت خلف "مُختار" وسرقته من زوجته وابنه.....

______________________________ 

"قصــــر جمــــال المصــــــري" 

أختارت "مريم" فستان زفافها وأرسلت صورته إلى "أصالة" حتى تطلبه من شركة الأزياء، عاد "جمال" من العمل وأخبرته "حنان" بشجار أمه مع "مريم"، بدل ملابسه وأرتدت بنطلون أبيض وتي شيرت أزرق ثم ترجل إلى الأسطبل كما أخبرته "حنان" عن مكان تواجدها، دخل ليراها تقف مع "إيلا" تحممها بلطف وبسمتها تنير وجهها ليقترب نحوها حتى وصل أمامها وقال:-
-مخلتيش حاتم يساعدك ليه؟

تبسمت "مريم" وهي تكمل ما تفعله:-
-أنا مبسوطة كدة

تنحنح "جمال" بحرج من ردها وهى تتحاشي النظر إليه وما زالت غاضبة من شجارها مع والدته فقال بهدوء:-
-طب هي اتخانقت معاكي ممكن أفهم أنتِ زعلانة مني ليه؟

توقفت عما تفعله ونظرت إليه بصدمة مما سمعته وكيف عرف لتتذمر على أخبار "حنان" له وقالت:-
-حنان اللى قالتلك صح؟

ألتف حول "إيلا" بهدوء شديد حتى وصل أمامها وأخذ منها خرطوم المياه يساعدها فيما تفعله وقال:-
-قالتلي أنك أتقبلتي فى البرنامج

نظرت إليه بسعادة كأنها تذكرت للتو أنها أصبحت إعلامية رسمي وقريبًا ستبدأ عملها لأول مرة فقالت:-
-اه، أصلًا أنا مستحيل أترفض

تبسم بلطف إليها ثم قال:-
-من امتى بقيتي مغرورة كدة، الغرور مش لايق عليكي يا مريم

قهقهت ضاحكة ليقول بجدية:-
-جهزتي حاجاتك للفرح

ألتفت إليه بتذمر شديد ثم قالت:-
-أنا فاكرة اني قولتلك بعد نجاحي نعمل خطوبة لكن أنتِ فجأة قررت أنه فرح

نظر إليها وترك خرطوم المياه من يده وقال بجدية:-
-الخطوبة للتعارف بما أننا مش محتاجين دا مالهش لازمة وبعدين العمر بيعدي أعملك الخطوبة سنة ولا أتنين وتيجي تقوليلي سورى مش هتجوز أربعيني 

ضحكت بعفوية على كلماته سابقًا ونظرت إليه بغرور مُصطنع ووضعت يديها فى خصرها ثم قالت ببراءة:-
-لا خلاص هتجوزك وأكسب فيك ثواب

رفع حاجبه إليها لتتابع بجدية:-
-بهزر أصلًا الفستان جهز ومش ناقص حاجة

أومأ إليها بنعم ليقول ويديه تربت على عنق "إيلا":-
-يبقي أخر الأسبوع نعمل الفرح، هخلي شريف يرتب جدولي 

أومأت إليه بنعم ليتركها تكمل ما تفعله ثم ذهب للداخل وتقابل مع والدته "ولاء" التى على وشك الخروج لكنه استوقفها قائلًا:-
-أمي؟

أستدارت "ولاء" إليه بضيق شديد ثم قالت بسخرية:-
-ايه لحقت تشتكيلك السنيوريتا ، ويا تري هتعاقبني أزاى لأجل عيونها هتحرمني من الفيزا كارت ولا هتأمر رجلك يدفنوني حية أو أقولك أطردني من بيتي وأقطع ليا تذكرة على أول رحلة للندن

تأفف بأختناق شديد وسار نحو والدته ثم قال:-
-لا لكن رجاءًا زى ما أنا محترم قراراتك ووجودك هنا أحترمي وجودي وقراري، جوازي من مريم كافي أنه يثبت لك وللعالم كله أنها إنسانة كويسة لأني جمال المصري مش مختار، لا عمري دخلت كباريه ولا صاحبت واحدة

تأففت بضيق شديد ثم قالت:-
-بس كفاية أنك تتجوز أرملة أخوك، أنت مُتأكد أنك عايزها بجد مش عايز تتجوزها عشان تبقي خدت مراته زى ما هو خد مراتك

أغلق قبضته بغضب سافر من كلماتها محاولًا التحكم فى غضبه أمام والدته قبل أن يلتهمها غضبه، لا يعلم كيف يعاقبها على هذه الكلمات وهى تعيده للماضي بهذه الكلمات الحادة التى شقت صدره لنصفين وقال:-
-أحمدي ربنا أنك أمي لأن لو حد تاني مكنتش فوت له الكلام دا

دلف إلي غرفة المكتب بغضب يتمكن منه، ظلها بها حتى رن هاتفه باسم "عاشور" يقول:-
-وصلت لبيت ياسين؟

أومأ "جمال" بنعم وصعد ليبدل ملابسه بهدوء وأنطلق للخارج....

_______________________ 

خرج "ياسين" من العمارة التى يسكن بها وظهر أمامه "عاشور" ورجل أخر وقال بجدية:-
-ممكن تيجي معانا ؟

نظر "ياسين" له بأندهاش وهو لا يعرف من هذا ولما يريده لكنه ذهب معه فأخذه إلي مطعم وكان "جمال" جالسًا هناك وحده والمطعم فارغ تمامًا ليقول:-
-أقعد

تطلع "ياسين" به بخوف من نظراته وهيبته وأزدرد لعابه فى صمت وجلس أمامه ليقول:-
-مُختار فين؟

أندهش "ياسين" من سؤاله وقال:-
-مريم اللى قالتلك

أرتشف "جمال" قهوته ببرود مُحاولًا كبح غضبه ثم قال بنبرة باردة:-
-أنا مبحبش أكرر كلمتي مرتين

تنحنح "ياسين" بصمت شديد لا يعلم كيف يتخلص من هذا الرجل المُخيف ويهرب من أمامه، أشار "جمال" إلى "عاشور" ليقترب ويضع التابلت على الطاولة وإشار بعينيه إلى التابلت بمعنى ان ينظر، أخذه "ياسين" بخوف وصُدم عندما رأى "حمزة" مُقيدًا ومشوه بشكل مُرعب ليرتعب ذعرًا وألقي بالتابلت بخوف أحتله من أن يُفعل "جمال" به المثل وقال:-
-فى المزرعة، دفناه هناك لكن والله العظيم ما قتلته حمزة هو اللى قتله أنا لما روحت كان جثة

تبسم "جمال" بعد أن وقف من مكانه وأغلق زر بدلته بغرور مُبتسم بسمة ماكرة وقال:-
-هاته يا عاشور

أنطلق "صادق" بسيارته إلى المزرعة وفى السيارة الأخرى كان رجاله يجلسون مع "ياسين" وجميعهم فى طريقهم إلى المزرعة حيث جثة أخاه الذي بحث عنها مُطولًا....

______________________ 

وصلت "سارة" إلى شقتها بغضب أصابها ودلفت لترى "حازم" جالسًا هناك معه لتبتلع لعابها بصدمة الجمتها وقالت:-
-أنت....

_____________________ 

وصل الطبيب إلى المخزن مرة اخرى وفحص جروح "حمزة" الذي فقد كل طاقته وقوته ثم أعطي نتيجة التحليل إلى "حسام" وقال:-
-عنده كانسر

أتسعت عيني "حسام" بصدمة ألجمته ونظر إلى "حمزة" ليخبره الطبيب بأنه فى حالة متأخرة من المرض وحتى الجرحة لن تساعده وربما لا يخرج منها سالمًا أو حيًا وسبب تعاطيه للمخدرات هو أخذها  لتخديره حتى لا يشعر بالألم، عاد "حسام" للقصر بحيرة من هذا الأمر ليقول:-
-جمال بيه موجود

أجابته "نانسي" بجدية قائلة:-
-لا، خرج

نظر للتحاليل بحيرة من أمره وكاد أن يذهب لكن استوقفه صوت "مريم" التى قالت:-
-حسام

أستدار "حسام" إليها بجدية مُلبيًا طلبها فنظرت للأوراق بقلق وقالت:-
-عايز جمال فى أيه؟

تردد كثيرًا فى إخبارها أم لا وهى ابنة هذا الرجل الذي يصارع الموت لطالما أبكت فى سيارتها أمامه من قسوة "حمزة" وكرهته لتعاطيه المخدرات التى تفقده عقله ويبرحها ضربًا لكن الآن يملك سببًا لمعرفة ذلك، رأته ينظر إلى التحاليل مُطولًا بحيرة لتأخذها منه فهرع خلفها بخوف من "جمال" وقال:-
- لحظة..... 

فتحت التحاليل وألقت نظرة عليها لتدمع عينيها بصدمة ألجمتها مما تقرأه وجهشت باكية وهى تقول:-
-جمال عنده كانسر

هز رأسه بالنفي بعد أن جلس يجمع الأوراق التى سقطت منها وقال:-
-لا، لا ، لا مش جمال بيه نهائيًا الله يدي طول العمر دا واحد غلبان أحتاج مساعدة وهو وصاني أعمله التحاليل

حدقت بعينيه وهى تعلم بأنه يكذب عليها فأخذ الأوراق من يدها وهرب من أمامها....

______________________ 

وصل "جمال" للمزرعة وأندهش عندما استقبله العامل بتوتر وأرتبك شديد من ظهوره فجأة ليقول:-
-خدوه البلوة دا لقحوه فى أى داهية

مسكه رجل والبقية ساروا إلي المكان الذي أرشدهم إليه "ياسين" وبدأوا بالحفر بعد أن جلس "جمال" على المقعد واضعًا قدم على الأخري حتى ينتهوا من الحفر ويظهر هذا الهيكل العظامي المُتحلل من جثة أخاه، وقف من مكانه بعد أن رأى السجادة وفتحها "عاشور" بجدية ليُصدم عندما وجدها فارغة لا أثر للجثة ولم يبقي عظمة واحدة بداخلها، ذعر "جمال" مما يراه ونظر إلى "ياسين" الذي تحجر مكانه كالصنم وقال بطريقة هستيرية بعد أن أصابه الخوف وقال:-
-مستحيل، إحنا دفناه هنا والله، كنا لفيونه فى السجادة عشان نعرف نشيل... والله كان هنا

مسكه "جمال" من لياقته بغضب سافر بعد أن جاء كل هذه المسافة وشعر بأن هذا الرجل يسخر منه وقال:-
-أنت قد دا؟

صرخ "ياسين" بصدمة ألجمته هو الأخر من هذا القبر الفارغ وقال:-
-والله دفناه هنا هكدب عليك ليك، ما السجادة أهي وعليها دمه 

تأفف "جمال" بغضب سافر ثم تركه بأغتياظ لا يعلم ماذا يفعل؟ هل يصدق هذا الرجل؟ أم "حمزة" تلاعب بالجثة، ألتف لكي يغادر المكان وأنطلق إلى حيث "حمزة" ومعه "ياسين" ليرى "حمزة" فاقدًا للوعي وأخبره "حسام" بمرضه وقال:-
-أعتقد لازم نوديه مستشفي

تأفف "جمال" وهو يشعر بأن كل شيء يسير عكسه، أقترب "عاشور" منه بهدوء وقال:-
-لازم يروح المستشفى لو مات هنا هيجيبلنا مصيبة وحضرتك مش هتوصل لحاجة منه

أومأ "جمال" له بنعم وأخذه "عاشور" للمستشفى وأخبره الطبيب أنه فى حالة حرجة وقد دخل فى غيبوبة ويحتاج الأن لعملية زرع النخاع مما صدم "عاشور" كليًا فهل يطلب هذا الطبيب أن تقدم "مريم" المساعدة له بعد كل ما ألحقه بها فوحدها من تستطيع التبرع لوالدها، عاد للقصر ولا يعلم كيف يخبر "جمال" بهذا الأمر  وظل صامتًا طويلًا لا يتفوه بكلمة ولم يسأل "جمال" عما حدث بداخل المستشفى بسبب أفكاره الشاردة فى أختفاء الجثة، ترجل من سيارته لكن أستوقفه "حسام" يقول:-
-جمال بيه

نظر "جمال" إليه فأخبره بما حدث قبل أن يعود ليستعد إلى مواجهة "مريم" التى تكاد تكون على وشك الموت من الأنتظار ولم تنم حتى بعد أن أشرقت الشمس، أومأ إليه بنعم ثم دخل فى هدوء واغلق الباب وأستدار ليُصدم  بعد أن أرتطم جسدها به بقوة تعانقه، يشعر بقلقها وخوفها فى نفضة جسدها، أبتعدت عنه تتفحصه من الرأس لأخمص القدم وقالت:-
-أنت كويس؟

أومأ إليها بنعم وقال:-
-اه كويس متقلقيش

نظرت له بقلق ليقول بجدية بينما يدخل للداخل ويأخذ يدها فى راحة يده:-
-كويس والله، أجبلك التحاليل بتاعت الشهر دا بتاعتي، اللى شوفتيها مع حسام مش ليا

جلس على الأريكة وهى بجواره، رفع يده يلمس وجنتها بأنامله مُشتاق إليها فنظرت إلى عينيه التى تحدق بها وقالت:-
-أنت كويس؟

أومأ إليها بنعم فى صمت وقال بنبرة دافئة وعينيه لا تشبع من النظر إليها وقلبه المُرتبك دومًا أمامها:-
-وحشتينى

أتسعت عينيها على مصراعيها من هذه الكلمة التى سمعتها من بين شفتيه ووضعت يديها على وجنتيها وقرصتهم بقوة لتتألم وكأنها لا تصدق ما تفوه به ليقول:-
-براحة يا مريم أنتِ مجنونة بتقرصي نفسك

مسكت وجهه بيديها الأثنين من الصدمة التى لحقت بها وقالت:-
-أنا صاحية مبحلمش، لكن أنت جمال بجد !! 

تنحنح بحرج من أفعالها التى تحرجه أكثر ثم وضع رأسه على كتفها يستكين بحضنها كطفلها الصغير من يومه المشحوم بالصدمات المتتالية فقال بصوت خافت يكتم فى حضنها:-
-أنا هو! أول مرة أحس أنى عجزت يا مريم وكبرت

رفعت يدها الأخري تربت على كتفه بلطف وتغلغل أصابعها بين خصلات شعره ثم قالت:-
-مستحيل أنت لسه شباب يا جمال، يمكن بس محتاج ترتاح شوية من الجري وراء الحياة والشغل

أبتعد عنها بحيرة من كلماتها التى أيقظت عقله ليفكر من جديد وتطلع بوجهها بحب يسكنه ثم قال:-
-أرتاح!!

أومأت إليه ببسمة عفوية تنير وجهها وتقتل ظلمة أيامه وعتمة عقله ليحدق بهذه البسمة الناعمة السحرية التى تبدل حاله وتنتشله من عتمته وقال بنبرة دافئة هائمًا بهذه الفتاة:-
-أنا مش هرتاح غير لو خدتك وهربت من العالم دا كله، أهرب بعيد... تيجي معاه؟

تبسمت وهى تلمس يده بلطف وتضمها بحب شديد ثم قالت:-
-معقول أرفض، أنا مستعدة أسيب كل حاجة والدنيا كلها وأهرب معاك لأخر العالم

تبسم بعفوية إلى هذه الفتاة ومدد جسده على الأريكة بأستسلام لتعبه وبقاءه خارج المنزل طيلة الليل حتى أشرقت الشمس ووضع رأسه على قدمها ليغمض عينيه ويغوص فى نومه وهى تمسح على شعره بحنان وقلبها يشعر الآن بالأمان وقد توقف عن قلقه لرؤيته أمامها وتحت نظرها...

__________________________

صعدت "أصالة" للأعلي بصحبة "نانسي" ولأول مرة يسمح "جمال" بصعود الغرباء للأعلي فقط من أجلها اليوم سمح بكسر قواعده، دخلت للغرفة ورأت "مريم" تقف فى منتصف الغرفة والفتاة تقف خلفها تغلق لها رباط فستانها الأبيض بعد أن أنهت وضع مساحيق التجميل وصففت شعرها جيدًا وعلى رأسها وضعت التاج المرصع بالألماظ، تبسمت "أصالة" على جمال هذه الفتاة التى أصبحت عروس لأول مرة رغم أنه زواجها الثاني، لكنها سعيدة بهذا الفستان الأبيض كأنها طير حلق للتو فى السماء، كان فستانها مصنوع من الحرير ورقيق جدًا غير كل فساتين الزفاف المُرصعة باللولو ويحيط بخصرها بوسع بسيط للأسفل وترتدي كعب عالي أبيض اللون، تبسمت "مريم" بسعادة تغمرها وقالت:-
-شكلي حلو

أومأت إليها بنعم بسعادة تغمرها وبعد أن أنتهت من التجهيزات ترجلت للأسفل معهم لتراه يقف أمام السلم ينتظرها مُرتدي بدلة ببنطلون أسود وسترة بيضاء يصفف شعره للأعلي وحول عنقه رابطته وبجواره "شريف" الذي نظر للأعلي حيث "مريم" بطلتها الجميلة فنظر "جمال" إليها وأتسعت عينيه إعجابًا بها كم جميلة هذه الحورية بالأبيض وتاجها الذي يزين شعرها المسدول مموج على ظهرها، أقترب من السلم حتى وصلت إليه فمد يده إليها ببسمة وتبسمت "مريم" إليه بسعادة تغمرها وهى لا تصدق بأنها بعد قليل ستصبح زوجة لهذا الرجل الذي أنتظرته لسنوات طويلة، متحجر القلب الآن سيصبح ملك لها وستكون زوجته وحبيبته وحده حتى لا يطمع بها أحد غيره، ستنقل خاتمها من اليمين لليسار، قبل "جمال" جبينها بحنان ثم نظر إليها وقال بهمس:-
-حذرتك تحطي قلم روج فى وشك لكني سأتغاطي عنه النهار دا بس

تبسمت بعفوية عليه وقالت:-
-شكرًا على المرة دى بس، بس من حقي أدلع أنا عروسة

وضع يدها فى ذراعه وسار معها نحو المأذون الذي ينتظرهما من فترة بسبب تأخيرها وقال:-
-اتاخرتي كتير والشيخ زهق 

ضحكت بعفوية ثم قالت:-
-عروسة ومن حقي أدلع

ضحك على كلماتها التى ترددها من الأمس تقريبًا كلما طلب منها أحد شيء، جلس مقابلها أمام المأذون ووضع يده فى يدها وعينيه تحدق بوجهها وعينيها ولا يتحمل ضربات قلبه التى على وشك الأنفجار من السعادة وبسمتها لا تفارق وجهها فتبسم لأأجلها وعينيه تعشق هذه السعادة التى تحتلها على عكس "ولاء" الغاضبة من هذا الزواج وما زالت لا تقبل بـ "مريم"، تبسمت "جميلة" وهى تجلس بجوار "مريم" والفرحة تغمرها من جمع هذا الثنائي أخيرًا  وهكذا "حنان" التى وقفت تراقب الأمر من بعيد بسعادة مع "شريف" ولا تصدق أنه يتزوج الفتاة التى طردها فور وصولها وحبسها فى القصر ليجعله زنزانتها، دمعت عينيها بسعادة وهى تسمع المأذون يقول:-
-قول ورايا يا ابني، أني أستخرت الله العظيم وتوكلت عليه.. 

ردد "جمال" كلمته وهو يحدق بهذه الفتاة ولا يرفع نظره عنها نهائيًا ودقات قلبه تهزم للتو ولا يقوي على إيقافها فتابع المأذون قوله:-
-واسألك زواجى من ......

قاطعه صوت رجولي يعرفه الجميع جيدًا يقول:-
-مريم حمزة العاصي 

ألتف الجميع على صوته ووقفت "مريم" بصدمة ألجمتها تمامًا كالجميع من رؤيته يقف أمامه ويتنفس كالميت الذي خرج من تابوته للتو، والجثة التى بحث عنها لسنوات جاءته الأن تسير على أقدامها.... حدق "جمال" بوجه "مختار" الذي يقف أمامه حي يُرزق ومعه "سارة"، أرتجفت "مريم" فزعًا وهكذا جميع الحاضرين  لتبتسم "ولاء" رغم صدمتها فظهور هذا الرجل سيمنع هذا الزواج دون جهدًا منها لأن هذه العروسة زوجة له فكيف لها بأن تتزوج من أخاه بل هذا الحب القائم بينهم سيهدم للتو وإلا سيكون معصية ...... 


 
الفصل الثاني والعشـــرون ( 22 )

وقف "جمال" بصدمة ألجمته للتو  داخل مكتبه مُستشاطًا غضبًا من ظهور أخاه حيًا ويحدق فى وجهه بينما يجلس أمامه وقال:-
-وما دام عايش كل السنين دى كنت فين؟ 

تبسم "مختار" بغرور شديد ثم قال:-
مش المفروض تسأل أنا جيت النهار دا ليه بالذات دونا عن كل الأيام

ألقي بصور فى وجه "جمال" صور جمعها من مراقبة "جمال" و"مريم" خلال كل هذه السنوات ورحلتهم لفرنسا، تأفف "جمال" بضيق شديد من هذه الصور وشعر بأنه كل هذه الفترة كان دمية تحت مراقبة "مختار" يفعل به ما يشاء فنظر إلى "شريف" الواقف هناك يتابعهم بصمت بقلق شديد وما تمني أن يحدث وسعادته لخلق الحب داخل قلب "جمال" دمرت للتو و"مُختار" ظهوره اليوم لا يبشر بالخير نهائيًا فتابع "مختار" بنبرة غليظة:-
-طلبت منك تساعدها تكمل تعليم لكن أنت متأخرتش عليها ومش بس خليتها تكمل تعليمها لا كمان قررت تتجوزها ... تتجوز مراتي

كز "جمال" على أسنانه بغيظ شديد من كلمته وكأن "مختار" يتهمه بالخيانة ويلحق به قذرته ليكون مثله فقال بنبرة حادة:-
-أرملتك!! أنت ميت

وقف "مختار" من مكانه ليقف أمام "جمال" وجهًا لوجه ثم قال:-
-أنت اللي موتني، أنا طلع لي شهادة وفأة بفضلك، لأنك قررت تدفن جثة مُتأكد أنها مش أنا، وزورت تحليل الدي أن أيه عشان تأكد موتي ، أنت اللى زورت موتي...لكن ليه؟ ليه جمال ؟ 

حدق "جمال" بوجه أخاه بغضب سافر لتابع "مختار" بنبرة قوية يهدم الباقي من حصون "جمال" أمامه:-
-ااااااااه يمكن عشان تتجوز مراتي، وترد لي الخيانة وتسرق مراتي

-أنا مسميش مختار
قالها "جمال" بنبرة غاضبة بعد أن رفع سبابته فى وجه "مختار"، قهقه "مختار" ضاحكًا على هذه الكلمات وقال بتهكم شديد ونبرة أستفزازية:-
-ههههه اه صح عشان كدة حتى لما روحت المزرعة وملاقتش جثة برضو عملت الفرح وقررت تتجوزها حتى وأنت بينك وبين نفسك مش واثق من موتي

مسكه "جمال" من لياقته بأنفعال شديد وقد نفدت كل طاقته وصبره فى تحمل هذا الأخ العاق وقال بتهديد واضح:-
-أنا مش زيك، متحاولش مجرد محاولة تشبهني بيك، فكر تكررها مرة تانية وأنا هقتلك بأيدي

رمقه "مختار" بعيني ثاقبة كالصقر وقال:-
-زى ما قتلت ليلي كدة وحتى مشفقتش عليها وهى حامل فى ابنك

دفعه "جمال" بأشمئزاز من هذا الرجل وقال بسخرية:-
-أبني ولا أبنك

صمت "مختار" قليلًا ثم قال:-
-هتفرق؟ اه صحيح ممكن تفرق مع مريم لما تعرف أنها بتحب قاتل

لكمه "جمال" لكمة قوية على وجهه بقوة ثم مسكه من لياقته بأنفعال وقال:-
-جرب تنطق أسمها مرة تانية وأنا هخليك جثة حقيقية المرة دى

هرع "شريف" إليه بقلق وحاول أن يبعده عن "مختار" الذي قهقه ضاحكة بطريقة أستفزازية اكثر وقال:-
-قولت أنك من زي وحتى بعد ما شايفني قصادك لسه بدافع عن مراتي، دا علي أنهي أساس

أبتعد "جمال" عنه بضيق وهو عاجزًا عن فعل شيء للتو فهندم "مختار" ملابسه بغرور بعد أن أعطاه "جمال" ظهره من الغضب ونظر إلى "شريف" الذي يحدق بهما بهدوء وقال:-
-إذا أعتقد أننا أتفقنا ومريم مراتي وأنت ومش بقذارتي 

خرج "مختار" من المكتب فلم يتحمل "جمال" أكثر من ذلك اخرج مسدسه من درج مكتبه وهرع للخارج وخلفه "شريف" مذعورًا مما يراه وما على وشك فعله هذا الرجل العاشق رغم تحجر عقله الصارم وهو مُدركًا الآن أنه عاشق لمرآة متزوجة..
كانت "مريم" جالسة مع "حنان" التى تضمها إليها بصدمة ألجمتها من هذا الميت الذي عاد حيًا، ترمقها "سارة" بنظرة باردة تمامًا كأنها لم تُدهش من معرفتها بعودة زوجها حي فقالت "ولاء" بغضب سافر وترمق "سارة" بأستفزاز:-
-وأنتِ مش كنتي أتجوزتي

تبسمت "سارة" بطريقة مُستفزة ثم وضعت قدم على الأخري  وقالت:-
-وأتطلقت ولما عرفت أن جوزي عايش مماتش زى ما أبنك قال وطلع له شهادة وفاة قال فرحت زى أى واحدة طبيعية لازم تفرح برجوع جوزها

قالتها وعينيها تلتهم "مريم" ثم قالت بلطف:-
-وأهو مختار قرر يتجوزني ولحد ما عدتي تخلص حلف عليا والله يا طنط أقعد معاه وتحت عينه أصله بغير عليا موت

ضحكت "ولاء" بسخرية من هذه المرأة ونظرت إلى "مريم" التى تبكي فى صمت شديد وقالت:-
-أختلاف شاسع

فتح باب المكتب وخرج "مختار" من المكتب لتتشبث "مريم" بخوف في يد "حنان" من خروجه ولا تعلم ماذا سيفعل معها؟ هل سيأخذها من هنا؟..
أقترب "مختار" منها ليأخذ يدها من "حنان" بغضب فصرخت بخوف منه وعقلها لا يتوقف عن النظر فى الماضي بذعر:-
-أبعد عني! أنا مستحيل أجي معاك غير على موتي

جذبها بقوة من بين ذراعي "حنان" وأستدار بينما "مريم" بصرخ بهلع شديد وتضربه على يده بقوتها حتى يترك أسرها وقبل أن يتحرك خطوة أخرى ظهر "جمال" أمامه بعيني يتطاير منها الشر والحقد، نيران الغضب تأكله والغيرة تلتهم قلبه وغير  خوفه عليها لتقول:-
-جمال متخلهوش يأخدني، أنا مش عايزك 

حدق "مختار" بوجه اخاه وترك أسر يدها لتعود إلى "حنان" خائفة وترتجف ثم قال بجدية رغم خوفه من نظرات "جمال":-
-أنت عارف أنها مراتي، شرعًا ودينًا مريم مراتي وأنا لسه حي وإذا عاد المفقود يرد له ماله وزوجته يا جمال بيه

لم يتمالك "جمال" غضبه أكثر أمام هذا الرجل الذي سلبه زوجته سابقًا وعاد اليوم حتى يسرق حبيبته كأنه يعيد الماضي من جديد، وضع المسدس فى رأس "مُختار" بغضب سافر ثم قال بنبرة مُخيفة وعينيه تحدق فى عيني "مُختار" بغضب كأنه لا يبالي لشيء سوى خسارته لـ "مريم":-
-طلقها بدل قسمًا بربي ما أطلقك أنا من الدنيا كلها برصاصة متساويش
 
صرخ الجميع بهلع وحاول" شريف" أخذ المسدس منه، لكنه يحكم قبضته على لياقة قميصه ولا يتحرك له ساكنًا، تبسم "مُختار" بسخرية وقال بلا مبالاة كأنه لا يبالي بهذا التهديد:-
-لو طلقتها تحت التهديد والمسدس فى رأسي هيكون الطلاق صح ولا هيكون شرعًا باطل وقصاد ربنا هتفضل مريم مراتي

تأفف "جمال" بعجز من عودة هذا الرجل الميت حيًا أمامه، أبعده "شريف" عن أخاه ليتابع "مختار" بطريقة أستفزازية قائلًا:-
-أنتِ يا مريم زى سارة بالظبط معندكيش خيار ولازم تقبلي بواقع أنك مراتي

تنهد "جمال" بعجز حتى سمع صراخها فألتف ليراه يأخذها من يدها بقوة فذعرت وهى تصرخ ويعد لها الماضي كأن ظهور "مختار" دمر كل شيء بها وكل ما فعله طبيبها النفسي فى معالجتها، سقطت من يده وهو يجذبها فاقدة للوعي، أنحنى "مختار" كي يحملها فشعر بالمسدس فى رأسه و"جمال" فقد عقله تمامًا عندما رأها فاقدة للوعي أمامه من وهل الصدمة وقال:-
-حتى لو مراتك مؤقتًا جرب تلمسها وأنا اللى هقتلك بأيدي ومش محدش هيلاقي جثتك لأن قصاد الحكومة والعالم كله أنت ميت
 
ابتلع "مختار" لعابه بصدمة ألجمته من الخوف من نبرة غضب أخاه التي أرعبته وأبتعد عن "مريم" بخوف قبل أن يلمسها، حدق "جمال" به بغضب مكبوح ثم قال بتهديد:-
-خديها يا حنان على أوضتي

وضعوها بالفراش ثم غادروا ليرمقها "جمال" بنظرة حزينة وإشفاق، يخاف أن يفقدها ويقتلها خوفها فالخوف إذا تمكن من عقل صاحبه سيأخذه للهلاك، لا يعلم ما تصارع الآن فى أحلامها بسبب عودة "مختار" هل ترى كوابيسها أم ليلتها المؤلمة التى فعلها "مختار" به، مسح على وجهها بيده بلطف لتفتح عينيها وهى تصرخ بذعر حتى مسكها "جمال" من أكتافها وهو يقول:-
-أهدئي يا مريم ... أهدئي 

نظرت إليه وتساقطت الدموع من عينيها بأنهيار تام وتمتمت بتلعثم شديد لجم لسانها:-
-هيأخدني، لا مستحيل، أنا مستحيل أعيش معه حتى لو حكم الأمر وموت نفسي

مسح على رأسها بدفئه وهو يشعر بنفضتها ورجفة كل أنش بها من رأسها لأخمص القدم، تألم قلبه كثيرًا على ما يحدث معها، قال بحنان ونبرة هامسة تحدث إليها ناظرًا إليها:-
-مريم... مريم أهدئي وبص ليا... بصي ليا يا مريم

نظرت إليه بخوف وشفتيها ترتجف من رجفتها وخوفها تخشي أن يأخذها "مختار" ويفعل ما فعله سابقًا بها ويسرقها من حبيبها بعد أن دمر زفافها وكسر قلبها بلا رحمة، تحدث "جمال" بنبرة هادئة:-
-أنا هنا!! ومستحيل لو أنطبقت السماء على الأرض أخليه يلمس منك شعرة، لو الطلاق بالأجبار مش حل يبقي الخلع حل ولو لازم الأمر، والله لأقتله عشانك بس أهدئي وثقي فيا 

أومأت إليه بنعم فتبسم إليها بسمة خافتة يطمئنها وأقترب لكي يقبل جبينها لكنه توقف محله بقلق وتردد من فعل هذا الأمر، غادر الغرفة وأوصد أبوابها كليًا بنظام أمن "جين" حتى يطمئن على وجودها فى غيابه.....  

__________________________________ 

"شـــــركــة الجمــــال جي أند أم"

وصل "راغب" على مكتب "جمال" بقلق شديد مما سمعه عن ظهور "مختار" وقال بنبرة هادئة:-
-اهدأ يا جمال بيه وكله له حل 

تحدث "جمال" بنبرة هادئة مُرعبة أكثر من صراخه قائلًا:-
-أنا عايزاك ترفع قضية طلاق لمريم 

نظر "راغب" إليه بقلق فهو لا يهتم لشيء سوى هذه الفتاة فقال بهدوء:-
-حضر بس قضايا الطلاق والخلع فى المحاكم بالها طويل

تأفف "جمال" بعجز عما يحدث ويشعر بيديه مُقيدة تمامًا وهو عاجزًا عن فعل شيء لأجلها والآن ستعيش أيامها تحت رحمة هذا الرجل، قال بلهجة هادئة:-
-معنديش حل غيره، إجباره على الطلاق مش حل شرعي، يبقي نرفع قضية ومريم تعيش فى مكان تاني تحت حمايتي لحد ما تكسب القضية لكن يا راغب لازم تكسب القضية مهما حصل ومن غير أحتمال واحد فى المليون أنها تخسر القضية

أومأ إليه بنعم وخرج من المكتب هادئًا لكي يلبي طلبه ويرفع قضية الطلاق لأجلها، كان "عاشور" واقفًا أمام المكتب فى أنتظار أن ينتهي من الحديث مع "جمال" ليدخل، ولج للمكتب وكان "جمال" مُستشاطًا غضبًا من الذي حدث ليقول بنبرة هادئة:-
-ممكن اتكلم مع جنابك فى موضوع مهم

تأفف "جمال" باختناق وهو ينهي سيجارته ويشعل الأخري وقال:-
-أنا مش فايق لأي مواضيع يا عاشور أجلها

تنحنح "عاشور" بنبرة خافتة وقال معارضُا أمره:-
-المستشفي أتصلت وبتقول أن حمزة حالته حرجة جدًا ومحتاج نقل نخاع..

قاطع حديثه نظرة "جمال" الذي رفع رأسه للأعلي ناظرًا إليه بدهشة وقد فهم ما سيأتي تاليًا فتابع "عاشور":-
-لما ودينا المستشفي الدكتور رجح دا وأنا تغاطيت عن الأمر لكن النهار دا حالته ساءت أكثر ولازم نعمل العملية وطبعًا حسب كلام الدكتور، مدام مريم هي الوحيدة اللى بتقدر .....

بتر حديثه تنهيدة من "جمال" الذي تسقط الكوارث علي رأسه رويدًا رويدًا وقال:-
-مش كفاية أن جوزها رجع لا كمان عايزني أقولها روحي أتبرعي وأنقذي حياة الرجل اللى عذبك عمرك كله وكان متعته الوحيدة فى الحياة هى وجعك

أبتلع "عاشور" لعابه بخوف من هذا الرجل ثم قال:-
-القرار فى النهاية برجع لحضرتك وليها لكن أنا عبد المأمور وصلت الرسالة عشان متصرفش فى حاجة من دماغي

أومأ "جمال" له بنعم وغادر من أمامه فتمتم بضيق شديد:-
-يا ربي المصايب بتقع عليها زى المطر، أعمل أيه؟ من مين ولا مين أحميها 

نفث دخان سيجارته ثم نظر إلي هاتفه وصورتهما التى وضعتها خلفية لهاتفه وظل يحدق بها، لا يُصدق أن بسمتها الجميلة تلاشت وقد دمر "مختار" ليلة عمرها التى أنتظرتها طويلًا، يؤلمه قلبه على فراقها والآن علاقتهما أصبحت حساسية جدًا بسبب زواجها، كيف سيعشقها وهو يشعر بأنه بهذا العشق سيحولها لخائنة، دلفت "أصالة" للمكتب بحزن وعلى وجهها العبوس بعد أن رأت "مختار" أمامها فى الزفاف وقالت:-
-الشركة الصينية بعتت الرد...

لم يجيب عليها بظل عينيه لا تفارق هاتفه أو تحديدًا لا تفارق وجهها وبسمتها الجميلة ليقول بتمتمة خافتة:-
-أعمل أيه يا أصالة، أبعدها عني لحد ما تكسب القضية ولا أخليها فى حضني ومعايا وتبقي فى نظر الكل ست خاينة؟

نظرت "أصالة" إليه بصمت وحيرة لا تعرف أتحكم عقلها أم قلبها الذي يرفض تفرقة هذان الأثنين وهما يعشقان بعضهما وحتى هذا الرجل الذي يصطنع الصمود والقوى لا يقوى على فراقها أو البُعد عنها، لا يتحمل رؤيتها باكية وحزينة فماذا عن حالتها الآن؟...

_______________________________ 

"قصــــر جمـــال المصــــري"

جلست "سارة" قرب "مختار" بهدوء وما زالت تلتهب كرهًا وغيظًا من "مريم" خصيصًا بعد ان رأت حب "جمال" لها وهي الآن تملك رجل يصوب المسدس فى وجه أخاه وزوجها من أجلها، تحدثت بهدوء تنشر غلها وسواد قلبها فى عقل "مختار":-
-هتسبهاله كدة يا مختار، هتسب مراتك فى أوضة راجل غريب لا وبتحبه كمان

نظر "مختار" لها بنظرة غاضبة ثم قال:-
-أهدئي يا سارة أنتِ مش شيخة، أنتوا الأثنين أزبل من بعض وكل واحدة هتحاسب على عمايلها 

نظرت إليه ببراءة مُصطنعة وقالت:-
-ليه خونتك ولا خونتك، أنا واحدة جوزها مات وفضلت على ذكره أربع سنين وأتجوزت عادي حقي، لكن الدور والباقي على أخوك اللى كان عارف أنك عايش ولف على مراتك عشان يتجوزها ويرد لك اللى عملته قبل كدة

تأفف "مختار" بغضب سافر من هذا الحديث ثم وقف من مكانه مشتعلًا من الغضب كأنه يفعل ما يريد ويسرق زوجة اخاه كما يريد لكن هو لا يجب أن ينال هذا العقاب، وصل إلى جناح نوم "جمال" وحاول فتح الباب ليتحدث الصوت الألي لـ "جين":-
-لقد تم تفعيل نظام الحماية، أدخل كلمة السر

تأفف بضيق شديد من هذا الصوت وركل الباب بقدمه بينما أنتفضت "مريم" ذعرًا مما يحدث فى الخارج وذهبت إلى زاوية الغرفة تختبي منه، ألتف "مختار" على صوت "جمال" الذي يقول:-
-حذرتك تقرب منها

نظر "مختار" إليه بغضب سافر وقال بنبرة هادئة:-
-اللى بتعمله دا مش لصالحك يا جمال

أخذ "جمال" خطوة نحوه ببرود ويضع يديه فى جيوبه بغرور ثم قال:-
-ولا لصالحك!

ربت له على قميصه بسخرية شديدة ليتابع "جمال" بنبرة مُخيفة:-
-أنا لو مكانك ألحق أشوف ليا محامي دا لو عايزها تفضل على ذمتك

نظر "مختار" إليه بصدمة ألجمته وعينيه تحدق بعيني "جمال" فتبسم إليه ببرود وجحود ثم قال:-
-فكرت فى الموضوع فعلًا وأكتشفت أن واحد بقذارتك ووساختك ميجيش بالطلاق الاجبار، لا أنت اللى يليق عليك الخلع تتخلع زى المسمار المصدي 

قالها بسخرية ومر من جابه ليفتح الباب ويدخل الغرفة بينما أستشاط "مختار" غيظًا مما سمعه ولا يصدق بأن "مريم" تلك الطفلة الصغيرة البريئة الآن تصبو للخلع...
دلف "جمال" إلى الغرفة وأندهش عندما رأها تقف فى زاوية الغرفة منكمشة فى ذاتها وتبكي بخوف لكن فور رؤيتها لوجه "جمال" ركضت إليه مُسرعة وأختبأت بين ذراعيه بذعر ثم قالت:-
-أنا خايفة، مشيني من هنا يا جمال، أنا مش هعرف أعيش هنا معه تحت سقف واحد

أبتلع لعابه بتوتر شديد ثم ضم ذراعيه ليطوقها بحنان رغم صرخ عقله الذي يقتله من الداخل فقال "جمال":-
-أهدئي يا مريم أنتِ هنا فى أمان ومستحيل يأذيكي 

أبتعدت عنه بأنهيار تام وعقلها لا يتوقف عن رؤية الماضي لتقول بأرتجاف شديد:-
-لا مش أمان، مفيش أمان هنا، مختار موجود فى كل مكان وحمزة مسابنيش طويل الليل، المكان هنا مرعب 

نظر "جمال" إليها بقلق وحالتها النفسية تسوء أكثر والخوف يتمكن من عقلها وقلبها حتى يأخذها للموت، أخذها معه إلى الخارج إلى عيادة طبيبها النفسية وأخبرته بما حدث وكانت حالتها أسوء من قبل ولأول مرة يراها هكذا، جلس مع "جمال" وحده ثم قال:-
-مريم حالتها بتسوء وبدأت تشوف هلاوس وخيالات ودا مش حاجة كويسة لحالتها، حاول تخليها تمشي على العلاج بانتظام وتكون تحت الرقابة كويس لأن ممكن تأذي نفسها

لا يعلم ماذا يفعل أيقتل "مختار" حقًا لأجلها هذه المرة، ظل ينظر إليها وهى هادئة تمامًا وتنظر إلى الطرقات، لا تشعر بشيء ولا ما يحدث حولها فى هذا العالم، أوقف سيارته وترجل منها ثم فتح باب السيارة لأجلها وقال:-
-أنزلي

أنزلها قهرًا للأسفل وسار قرب النيل ينظر إليها ونسمات الهواء تداعب وجهها ويتطاير شعرها معه، ظلت تسير صامتة ليقطع "جمال" صمتها بحديثه يقول:-
-أنا خليت راغب يجهز نفسه عشان يرفع قضية طلاق

نظرت "مريم" إليه بهدوء ثم قالت:-
-أنا أستكفيت وجع يا جمال، لو بأيدي أختار هختار الموت لأني تعبت، كلهم بيأذوني وأنا لوحدي اللى بتوجع وهم عايشين براحتهم ومستمتعين بحياتهم ، روح شوف مختار وسارة فين ولا حمزة فين....

أجابها بنبرة هادئة ناظرًا إليها بجدية:-
-حمزة خد عقابه يا مريم وقريب مختار

نظرت إليه بأندهاش لحدق بعينيها فى صمت شديد لا يعرف أيخبرها بحالة "حمزة" أم يلتزم الصمت حتى تفارق روحه جسده، ليستسلم فى نهاية الأمر بأخذها إلى المستشفي حتى تقابل هذا الرجل وصُدمت "مريم" عندما دخلت للغرفة ورأته على فراش المرض يقاوم المرض مع كل نفس يدخل ويخرج منه والأجهزة تحيط بجسده، نظرت "مريم" بعينيها المفتوحتين على مصراعيها لتقول:-
-حمزة!! دا انت فعلًا.....

________________________________ 

جلب "عاشور" ورجاله عامل المزرعة وألقي به فى الغرفة حتى يأتي "جمال" ويقرر ماذا يفعل بها؟ قال "عاشور" بنبرة خافتة:-
-أدعي أن ربنا يطول فى عمرك لكن نصيحة مني أتعاون معانا عشان تعيش وتسلم من شرنا

نظر العامل له بخوف شديد ثم قال:-
-أنا من أيدك دي لأيدك دي يا بيه

تبسم "عاشور" إليه بسعادة وسار معه للداخل وهو يقول:-
-جدع! أنا أحب الرجل العاقل اللي يحسبها صح، قولي بقي أيه اللى حصل يومها

أزدرد العامل لعابه بقلق شديد وعينيه تحدق بوجه "عاشور" ونظرته الخبيثة رغم هدوئها وأومأ إليه بنعم موافقًا على التحدث إليه.....

 يتبع 



تعليقات



<>